L'Osservatore Romano

الباباوان يرسمان أيقونة تجسد المحبّة الأخويّة

أليست هذه هي المحبة الحقيقية؟ أليست هذه هي الشجاعة؟

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

العالم كله يتحدث عن زيارة قداسة البابا فرنسيس لمصر، ويتم تحليل الزيارة سياسيًا ودينيًا وإعلاميًا، ولكني سأتحدث عن زيارة قداسة البابا فرنسيس من الناحية الروحية فقط.

توقيت الزيارة

إذا تأملنا في زيارة قداسة البابا فرنسيس لمصر والتي جاءت بعد عيد القيامة الذي احتفلت به جميع الكنائس هذا العام وتتزامن الزيارة مع الخماسين المقدسة، في مصر التي قدستها العائلة المقدسة بزيارتها، في مصر القبطية التي يعيش على أرضها أكبر تجمع مسيحي في الشرق الأوسط. ولا أبالغ إذا قلت ان كنيسة مصر هي أكبر كنيسة قدمت شهداء للمسيح على مدى العصور. وبالرغم من الأحداث الإرهابية الاخيرة التي استهدفت المسيحيين في كنائسهم إلا أن قداسة البابا فرنسيس لم يتردد في زيارة مصر.

أسباب الزيارة

يمكن أن نفهم الأسباب من الناحية الروحية على أبعاد لقاء قداسة البابا فرنسيس مع قداسة البابا تواضروس في الفاتيكان، و بعد مقتل ال 21 شهيدًا قبطي في ليبيا، فقال البابا فرنسيس حينئذٍ أنني أؤمن “بمسكونية الدم” إذ البابا فرنسيس أعلن وحدة المسيحيين في الدم والوحدة في جسد المسيح السري. ربما نختلف في بعض العقائد ولكننا متحدين في الدم والجسد والروح.

السبب الثاني في رأيي الشخصي، هو مجيء الأخ في الأوقات الصعبة ليقول لأخوه أنا بجوارك، ولن أتركك لأننا إخوة ولن أسمح أن يفرقنا أي شيء بعد الآن. كم جميل هذا الشعور عندما نفهم البعد الروحي لهذه الزيارة وسط التحضيرات والإجراءات الأمنية والتسارع الإعلامي في نقل الحدث. هناك معنى روحي وإنساني عميق لهذه الزيارة التاريخية.

البعد الكتابي للزيارة

يجسد قداسة البابا فرنسيس أعمال الرسل الإصحاح الثاني الذي يقول” كَانَ الْجَمِيعُ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَجَمِيعُ الَّذِينَ آمَنُوا كَانُوا مَعًا، وَكَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا. وَالأَمْلاَكُ وَالْمُقْتَنَيَاتُ كَانُوا يَبِيعُونَهَا وَيَقْسِمُونَهَا بَيْنَ الْجَمِيعِ، كَمَا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ احْتِيَاجٌ”.

وفي هذا العصر المادي الذي تحدث عنه قداسة البابا فرنسيس أثناء لقائه المصور والأول من نوعه في مؤتمر “The Future You” على تيدTED”سيكون رائعاً لو أن التضامن، هذه الكلمة الجميلة، وفي نفس الوقت غير المريحة تساعدنا على التغلّب على “ثقافة الهدر”، والتي لا تتعلق فقط بالأطعمة والبضائع بل، أولاً وقبل كل شيء بالإنسان، فالحب يتطلب سلوكاً مبدعاً ومتماسكاً وذكياً. دعونا نساعد بعضنا البعض سويّةً لنتذكّر أن الآخر ليس إحصائيةً أو رقمًا. أن للآخر وجه. أن الـ”أنت” هي وجود حقيقيّ، أنها شخصٌ علينا الاهتمام به”

وبالفعل يجسد قداسته هذا الإهتمام الأخوي الحقيقي تجاه الكنيسة المصرية ويشاركهم أحزانهم، بل تمتد مساعدة لمصر كبلد ليقول للعالم أن مصر بلد أمنة. ويقول لمسيحيي الشرق لا تخافوا أن تبقوا في الشرق فأنا هنا وأنتم محطّ إهتمامي الكبير.

أليست هذه…

أليست هذه هي المحبة الحقيقية؟ أليست هذه هي الشجاعة؟

 أليست هذه هي أعمل وتصرفات الرجال الحقيقيين؟

 أليست هذه هي تعاليم السيد المسيح؟ أليست هذه هي الوحدة في الإيمان؟

 أليست هذه هي الوحدة التي ينتظرها السيد المسيح؟

نعم هذه هي الوحدة وحدة المحبة، وحدة القلوب، وحدة المشاعر، وحدة الروابط البشرية والإنسانية، بكل صراحة أنا لن أنتظر أن تحدث وحدة للكنائس لأنها لن تحدث، لن تصير المسيحية كلها كنيسة وطقس واحد، ولن أنتظر وحدة العقائد لأنها لن تحدث، لإننا مختلفين وأفكارنا عن الله مختلفة ، وهذا الاختلاف هو الغنى الذي ميزننا به الله.

بنظرة روحية أرى أن ما يحدث الآن هو بالفعل الوحدة التي أنتظرتها وأعتقد هذه الوحدة التي يرغب بها الروحيين. ما أجمل أن أجد شخص بجواري وقت الآلالم والأحزان يقول لي أنا جئت من أجلك وأنا معك، آلامك هي آلامي، وأحزانك هي أحزاني، وأفراحك هي أفراحي وسروري. ولا أخشى الموت لأجلك لإنك أخي.

لن تستطيع كاميرات العالم رصد…

ما أروع هذا اللقاء الذي يجسد هذه المحبة الحقيقة والأخوة المسيحية، ربما لن تستطيع كاميرات العالم رصد هذه المشاعر التي تكمن في القلوب من فرح ومحبة وتضامن، ولكن عين الله – الكاميرات الإلهية-ترى هذه الأحاسيس الجميلة، والرغبة الحقيقية في تجسيد تعليم السيد المسيح.

وكما وقف العالم مندهشًا من قوة إيمان الشخصية القبطية وتسامحه غير المعقول، هكذا سيندهش العالم من هذه المحبة الأخوية، والأخوة الحقيقية التي كادت أن تُمحى من القواميس الإلكترونية الحديثة. أؤمن بأنّ مسؤولي الكنائس الآن يرسمون أيقونة جميلة تجسد هذه المحبة للتاريخ وللأجيال القادمة. وكما حل الروح القدس على التلاميذ لما حضر يوم الخمسين سيحل على المسيحيين المجتمعين حول المذبح ليرفعون الصلاة بقلب واحد.

نصلي للروح القدس أن يلمس قلوب الجميع بمحبتك الغير محدودة،

نتضرع لك يا الله أن تساعد أبنائك على تجسيد حب حقيقي كادت تختفي في عالمنا المادي،

تعال أيها الروح القدس وقدس هذه اللقاءات ليتمجد اسمك على الأرض كما في السموات.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

مايكل عادل أمين

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير