Monks Guides and Spiritul Direction

Hans - Pixabay - CC0

الحياة أعظم مرشد روحي للإنسان

كل إنسان، بمرحلة معيّنة من حياته، بحاجة إلى “مرشد روحي” بقربه يساعده للتقرّب مِنَ الله وإكتشاف مشروع الله بحياته، والتأمل بأسلوب الله وطرق عمله مع الإنسان. إذا لم تسمح له الحياة بتواجد “مرشد روحي” بقربه فلا يخف، بل ليتأمل بالحياة وسيرى بأنها […]

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

كل إنسان، بمرحلة معيّنة من حياته، بحاجة إلى “مرشد روحي” بقربه يساعده للتقرّب مِنَ الله وإكتشاف مشروع الله بحياته، والتأمل بأسلوب الله وطرق عمله مع الإنسان. إذا لم تسمح له الحياة بتواجد “مرشد روحي” بقربه فلا يخف، بل ليتأمل بالحياة وسيرى بأنها “مرشد روحي” رائع جداً من خلالها يغوص أكثر وأكثر في سرّ الله وعظمته.
أولاً: ليتأمل الإنسان بالصخرة التي على شاطىء البحر، مهما كانت قوة الموجة، ففي النهاية ستتكسر عند أقدام الصخرة، حتى لو كانت الموجة قوية جداً، وطمرت الصخرة، لحظات والموجة تتراجع إلى الخلف أما الصخرة فتبقة ثابتة، لماذا؟ لأن أساسها ثابت.
وهكذا الإنسان، إذا كان أساسه متين، أي أساسه قائم على الله، أي بناء حياته كله يرتكز على الإيمان المتين، الإيمان المشبّع من الله. فلا يخف من “الأمواج” التي تحملها له الحياة أي الصعوبات والتحديات والمشاكل اليومية، مهما عظمت فهي ستتكسر عند أقدامه، حتى لو طمرته يوماً من الأيام، فلا يخف بل ليتشجع لأنها هي سترجع إلى الوراء وهو سيتقدم إلى الأمام.
ثانياً: ليتأمل الإنسان بالصخرة والنحات. كثير من الناس نظروا إلى الصخرة فتجاهلوها لأنها مجرد حجر قاس، ليس لديها صورة أو قيمة أو معنى. أما النحات فنظر إليها، نظرة عميقة، نظر إلى عمقها فرأى من خلالها لوحة رائعة سينذهل العقل البشري أمامها. فقال لها ما رأيك أن أنحتك، فوافقت، وبدأ عمله. لم تشعر الصخرة إلا بالوجع، لم تشعر إلا بضربات الإزميل الموجعة، لم تشعر إلا بأقسام منها تتطاير شمال ويمين. مع كل هذا الوجع بقيت صامتة وأسلمت ذاتها بكليتها للنحات. الذي كان يألمها أكثر هو وجه النحات العابس والنظرات القاسية، ويوم من الأيام إستيقظت لترى إبتسامة رائعة على وجه النحات، إبتسامة لم تر مثلها من قبل، فشعرت براحة كبيرة جداً، وما أذهلها هو الحشود الغفيرة التي تدافع للتكلم معها، الحشود الغفيرة التي تتدافع لتنظر ولو للحظة لها، فأصبح الجميع من خلالها يسبح الله.
وهكذا الإنسان، مرات كثيرة يشعر بأنه مثل هذه الصخرة، يشعر بأن الناس لا ترى فيه أي شيء، يشعر بأن ليس له قيمة أو وجود بأعين الناس. يشعر بأن لا قيمة له. فجأة يحضر الله في حياته، فيقول له: “يا ابني في داخلك تحفة رائعة، تحفة على صورتي ومثالي، هل تسمح لي بأن أعيد نحتك”. إذا وافق، هنيئاً له. ولكن أرجوه بأن لا يستسلم أبداً، لأن بمرحلة النحت سيشعر بأن الله ظالم، بأن الله قاس جداً لا يريد سوى الآلام له، إله يستلذّ بتعذيبه، إنه من الطبيعي جداّ بهذه المرحلة بأن لا يشعر سوى بضربات الإزميل، لأن أمام ألم التخلي والتشحيل لن يشعر إلا بالألم، سيكون جداً متشائم، ومع ذلك لا  يجب أن يستسلم، لأنه سيستيقظ يوماً ما، ويرى ذاته لوحة فنية رائعة، يقصدها الناس لتمجيد الله من خلالها، يتكلم الناس عنها بإنذهال،سيكتشف حقيقة الله، بأنه إله حب لا يرغب إلا بتمجيد أحبائه. ليتأمل الإنسان بالقديسين فيكتشف حقيقة ما أقول.
ثالثاً: ليتأمل الإنسان برجل ما ذهب إلى رسام شهير وطلب منه أن يرسمه بشكل رائع جداً، فوافق الرسام على ذلك وطلب منه الجلوس ليبدأ بعملية الرسم. ذلك الرجل لم يكن صبوراً أبداً، كل خمس دقائق يقوم من مكانه ليرى عمل الرسام، وكل مرة يصرخ بوجه الرسام ما هذا العمل الشنيع لماذا هذه البشاعة؟ لماذا هذه الألوان؟ لماذا يوجد هذا؟ وفي كل مرة يقول له الرسام، “إصبر” وفجأة يصرخ الرسام: “إنتهيت”، فنهض الرجل من مكانه ووقف منذهلاً صامتاً، عاجزاً عن التعبير، لم يصدق بأن هذه الرسمة الرائعة هي وجهه هو.
هكذا الإنسان، عندما يقصد الله ليرسم صورته فيه، أرجوه أن لا يستعجل الله، وليس من اليوم الثاني يحاسبه قائلاً: ” أرأيت لن تنجح برسمي”، “كلا، لا أحب هذه الرسمة”، “لا لم أحب رسمة الله لي” وكلمات وكلمات يتذمر بها دائماً. عليه أن يصبر إلى أن ينتهي الرب من رسمه، ان يصبر لأن الوقت مهم جداً، أن يصبر لأن العمل السريع ينتهي بسرعة أما العمل الذي نعطيه وقته لينضج يبقى للأبد.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الخوري سامر الياس

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير