Robert Cheaib - theologhia.com - CC BY-NC

بوابة الأبدية

يروى أنه في التقاليد الرومانية القديمة، و حين كان يدخل القائد المنتصر شوارع المدينة، كان يلزمه أحد الخدام: يقف وراءه في مسيرة الإنتصار، و فيما كانت الحشود تمجده بالهتاف كان هذا الخادم يهمس في أذنه: ” أنظر إلى اسلافك ! تذكر أنك […]

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

يروى أنه في التقاليد الرومانية القديمة، و حين كان يدخل القائد المنتصر شوارع المدينة، كان يلزمه أحد الخدام: يقف وراءه في مسيرة الإنتصار، و فيما كانت الحشود تمجده بالهتاف كان هذا الخادم يهمس في أذنه:
” أنظر إلى اسلافك ! تذكر أنك إنسان لا أكثر و تذكر انك ستموت يوماً ” … يُقال أن هذا التقليد هو وراء العبارة اللاتنية الشهيرة :” ميمنتو موري” (memento mori) أي ” تذكر أنك ستموت.”
كثيراً ما إستُخدم مفهوم ” ميمنتو موري” من قبل النساك القديسين و ظهر في الفن المسيحي، خصوصاً بعدما إستشرى الطاعون الأسود في أوروبا- القرون الوسطى… و من رموزه الجمجمة التي تم وضعها نصب الأعين: ليس لأن الموضوع الرئيسي للمسيحية قد تحول من الإنتصار على الموت، إلى انتصار الموت نفسه إنما كحافز للتذكير بضرورة التوبة و التواضع و إعادة التفكير في طريقة العيش كي تكون الطريق للقاء الله. ففي المقابل لطالما غرقت بشريتنا في فلسفة ” اغتنام اليوم” أو ما يعرف بعبارة لاتينية أخرى (كاربي ديام= carpe diem):
فيها يغوص الكثيرون في “عبادة الجسد” و يفرطون في شتى الملذات الدنيوية معتقدين أنهم بهذه الطريقة ينسون أو يتناسون الحقيقة التي لا مفر منها: الموت!!
إنما هل الموت هو مصيرنا النهائي؟؟؟
إن جواب الإيمان واضح: أن الشخص البشري مُنح روحاً خالدة، و عقلاً و إرادة حرّة تعده للسعادة الأبدية مع الله و بهذا تكمن كرامته! مع رجاء القيامة في المسيح أصبح الموت ليس أكثر من رحم يولدنا الى الحياة الأبدية… وأحباءنا الذين رحلوا إنما هم أحياء عند الله سيُبعثون من جديد بنعمة المسيح بكر القائمين.
في هذا الشهر، شهر تشرين الثاني، تصلي كنيستنا من أجل الأحباء الذين رحلوا الى النور… في صلاتنا شراكة أحياء في الله، وفي صلاتنا بركة الغوص أعمق في رغبة الله و محبته لنا أجمعين! فوق يأس و هروب و عويل العالم أمام الموت. لنذكر أن صلاتنا لأمواتنا يبقى دلالة إيمانٍ بالمسيح القائم وعمل رحمةٍ ووقفة وفاءٍ وأيضاً رسالة رجاءٍ تعلن و تعلي حقيقة : أن إالهنا إله الأحياء و أن الموت هو بوابة الأبدية.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أنطوانيت نمّور

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير