رئيس أساقفة هنغاريا: أعتقد أنّ المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط وفي لبنان تحديدا، يمتلكون شعوراً قويا بالوحدة هو أقوى من الشّعور الذي يمتلكه مسيحيو باقي المناطق والدّول في العالم

عقد ظهر أمس ، الاربعاء ٢٠ نيسان ٢٠١٦، رئيس اساقفة استراغوم –بودابست، رئيس اساقفة هنغاريا الكاثوليك الكردينال بيتر اردو الذي هو في ضيافة صاحب الغبطة مار بشاره بطرس الراعي، في الصرح البطريركي في بكركي، مؤتمرا صحافيا امل فيه “ايجاد حل للأزمة في […]

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

عقد ظهر أمس ، الاربعاء ٢٠ نيسان ٢٠١٦، رئيس اساقفة استراغوم –بودابست، رئيس اساقفة هنغاريا الكاثوليك الكردينال بيتر اردو الذي هو في ضيافة صاحب الغبطة مار بشاره بطرس الراعي، في الصرح البطريركي في بكركي، مؤتمرا صحافيا امل فيه “ايجاد حل للأزمة في لبنان”، مشددا على “أهمية التحلي بالأمل للخروج من المحن.” وحضر المؤتمر سفير هنغاريا في لبنان لاسلو فارادي، النائب البطريركي العام المطران بولس صياح، النائب البطريركي للشؤون القانونية والمشرف على عمل المحاكم المارونية المطران حنا علوان، امين عام الدوائر البطريركية الأباتي انطوان خليفة ، ومراسلين من الوسائل الإعلامية.
بداية المؤتمر رحب النائب البطريركي العام المطران بولس الصياح بالكردينال اردو والحضور، مقدما لمحة موجزة عن سيرة الكردينال، ومما قاله:” باسم سيّدنا البطريرك أرحّب بكم جميعاً. ان سيادة الكردينال هو رئيس أساقفة هنغاريا ورئيس مجالس المطارنة في أوروبا، ونحن مسرورن أن يكون موجوداً هنا، للتعرف على الكنائس الشرقية، ويقرّب العلاقات أكثر فأكثر بين كنيسة لبنان وبين كنيسة هنغاريا.”
بدوره تحدث الكردينال اردو وقال:” لقد أتيت إلى لبنان بدعوة من البطريركية المارونية وجامعة الرّوح القدس – الكسليك، حيث منحت شهادة دكتوراه فخرية من كليّة اللاّهوت الحبريّة. لقد تشرفت جدّاً بهذا التكريم الذي يعبر عن الصداقة والشركة. وأنا مقتنع بأنّ تبادل المواهب والخبرات بين مختلف الطّوائف الكاثوليكية هي حاضرة جدا في أيّامنا هذه.”
وتابع اردو:” منذ زيارة غبطة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى هنغاريا عام 2012، تأسّست علاقات مؤسّساتية بين الكنيسة الكاثوليكية في هنغاريا والكنيسة المارونية في لبنان، وبخاصّة على المستوى الأكاديمي. من المهم جدا بالنسبة لي ان يعزز المسيحيون في بلداننا تضامنهم وشركتهم الأخويّة في عالم مضطرب ومهدّد بالصراعات العميقة، لذلك من الضروري الحفاظ على الثقة بالعناية الإلهية. الله أحبّ الخليقة، وهو يحب الإنسانية وهو يحب أيضاً الشعوب التي هي جماعات تاريخية ذات حضارة وخبرة عريقة. لا يجب علينا أبداً أن نتخاذل. الشعب الهنغاري عرف أيضاً عبر تاريخه، ظروفاً قاسية وصعبة جدا. ففشل ثورة العام 1956، وسيطرة الشيوعية وقمع الأديان، عوامل اسست للشعور بالإحباط. ومع ذلك فإنّ سيّد التاريخ، يمكنه ان يمنحنا حظاً جديدا. لذلك فان مهمة مدينة بودابيست Budapest والتي حققناها سوية مع الكاثوليك ابناء باريس وفيينا وبروسيل وليزبون، اخترنا كلمات النبي إرميا: “أعطيكم أملاً ومستقبلاً”.
وتمنى الكردينال إردو أن “يتمكن المجتمع الدّولي من إيجاد حل سلمي للصراع العنيف، والحروب في كلّ المنطقة، وأن نشعر بتعاون وتضامن الكاثوليك والشعوب الأورويية بشكل عام. نتمنى ان يتمكن لبنان من إيجاد الشخص المناسب لموقع رئاسة الجمهورية.”
وختم اردو:”  أنا متأثّر جدّاً بجمال هذا البلد لبنان؛ لقد زرت وادي قاديشا ودير مار أنطونيوس – قزحيا وجبيل مع آثاراتها التي تُظهر شعور العَظَمة التاريخية للحضارة الإنسانية. واللّبنايّون يمكنهم أن يفتخروا بغناهم الحضاري والثقافي والروحي، وليبارك الرب لبنان.”
بعدها كان حوار مع الإعلاميين جاء فيه:
س: هل استقبلت هنغاريا لاجئين من العراق أو سوريا؟
ج: هنغاريا كان لها خبرة خاصّة في هذا المجال، لأنّه في أيلول الماضي، اجتاز أكثر من أربعة آلاف نازح ولاجئ الحدود الهنغارية، ولكن أحدا منهم لم يود البقاء فيها، والسبب واضح جدا وهو أنّ متوسط  دخل الفرد في هنغاريا، يصل إلى 20% من متوسط دخل الفرد في ألمانيا. لذلك أراد الجميع الذهاب إلى ألمانيا. ولذلك أكثر من مائة ألف شخص رفضوا ان يتسجلوا رسميا في هنغاريا فلقد وصلوا من دون اية اوراق ثبوتية. وكاريتاس هنغاريا ومنظّمة مالطا الناشطة جدا في هنغاريا، رافقوا العائلات الّتي اجتازت حدود البلاد، كذلك رافقوا شباباً وقاصرين، أمضوا بضعة أيّام في مراكز عناية. لقد  قدمت الكنيسة مختلف أنواع العناية الصحية والنفسيّة.”
س: هل لديكم تخوّفات حول الوضع المسيحي في لبنان والمنطقة؟ وما هي الرّسالة التي توجّهونها إلى مسيحيي لبنان؟
ج: أعتقد أنّ المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط وفي لبنان تحديدا، يمتلكون شعوراً قويا بالوحدة هو أقوى من الشّعور الذي يمتلكه مسيحيو باقي المناطق والدّول في العالم. لأنّه هنا، وفي اطار مختلف، متعدّد الثقافات، لم يعد لدينا حسّ الشّعور بالشراكة الأخوية بين المسيحيين، وهذه شهادة ايجابية بالنسبة للكنيسة الجامعة وللشيوعية ايضا ويكون مثاليا ان يتمكن جميع المسيحيين من الإحتفال معا بعيد الفصح هذه رغبة كنيستنا ولكننا لا نعرف متى يصبح هذا الأمر ممكنا.”
وتابع اردو:” في هنغاريا هناك أيضاً بعض تجارب العيش المشترك والتّعاون مع مختلف الطّوائف المسيحية، حيث يوجد نحو 300 ألف مسيحي ينتمون الى الكنيسة البيزنطية. وممثل هذه الكنيسة الأب جورج موجود معنا اليوم  ولدينا أيضاً جماعة أرمنية كاثوليكية  في بودابسيت تنتمي إلى أبرشيّتنا وتربطنا  ايضا علاقة صداقة مع البطريركية الأرمنية الكاثوليكية ومقرها في لبنان. ولدينا كذلك خمس بطريركيّات أروثوذكسيّة مختلفة وهي ناشطة جدا على الصعيد الوطني وتضم: بطريرك موسكو والقسطنطنية وبلغراد وبوخرست وصوفيا. ويبلغ عدد مؤمنيهم نحو 20000 مؤمن.”
وأردف اردو:” كما انه يوجد في هنغاريا، مختلف الكنائس البروتستانية، والكنيسة الأكبر هي الكنيسة الكلدانية مع مليون ونصف مؤمن. ومن ثمّ الكنائس اللّوثرية والمعمدانية وغيرها. كذلك  لدينا أيضاً طائفة كبيرة من اليهود في بودابسيت وجامعة يهودية تضمّ 100 ألف عضو مع 23 كنيست، ومن بينها كنيست بودابيست وهو الأكبر في أوروبا. كما يعيش في هنغاريا وفي بودابست  وبحسب إحصاءات منذ بضعة سنوات نحو 7000 مسلم.”
س: هنغاريا شددت في مقدمة دستورها على جذورها المسيحية، اليوم ونظرا لإنتشار العلمانية بشكل مذهل  في أوروبا، هل هناك خطر يهدّد هذه الجذور المسيحية في أوروبا؟
ج: “الثقافة أمر رائع جدّاً، والدين موجود أيضاً في الثقافة، لذلك فإنّ الدّين مهدّد دائما وبمختلف الأشكال.  قد يهدده التعصب الديني او العلمانية. ونحن عرفنا نوعا من التهديد تمثل بالشيوعية التي نصت في دستورها على الحرية المطلقة للأديان وفصل الكنيسة عن الدولة، ولكن الواقع كان مغايرا فكان الإلحاد هو دين الدولة.  ومن لم يكن ماركسيا او لينينيا لم يكن باستطاعته ان يأخذ منصبا اداريا في المجتمع وهذا ما  ورد في الدستور نفسه. أمّا اليوم، فالدّستور هو حيادي ولا ينص على هكذا أمور، ولا نجد فيه تمييزاً بين المواطنين على قاعدة الإنتماء الدّيني. والجذورالمسيحية تعني الكثير للثقافة وللهوية الثقافية للأمة وهناك عنصر هام جدا ترتكز عليه ثقافتنا وهي اللغة. هذه اللغة الهنغارية، التي تشكل عاملا مُمَيّزا، ولكنها تجبرنا ايضا على تعلّم لغات اخرى لبناء العلاقات الضرورية مع العالم بأسره. وورد  أيضاً في دستورنا كلام واضح عن الحياة الإنسانية، والتي تشدّد على احترام الحياة الإنسانية، وربّما هذه النّظرة مستوحاة من المعتقدات المسيحية، وهي نظرة أنتروبولوجية.”
وتابع اردو:” ولدينا كذلك في هنغاريا إمكانية دعم مدارس طائفية، فبعد تغيير النّظام، نص القانون على إرجاع المدارس الى الجماعات الدينية، المدارس التي تمّ تأميمها في زمن الشيوعية، ونحن حصلنا ككنائس كاثوليكية على المستوى الوطني على نحو 550 مدرسة، ومن بين هذه المدارس لدينا مدارس ثانوية وأخرى إبتدائية ودور الحضانة. لقد أسّسنا أيضاً جامعة كاثوليكية جديدة وهي وحيدة، لأنّه في هنغاريا من الصّعب انشاء جامعة وخصوصا ان لم يتوفر التّمويل. ولحسن الحظ، وعلى قاعدة الإتفاق مع الكرسي الرسولي وتامين دعم الدولة  لهذه الجامعة الكاثوليكية عندنا، تمكننا من العمل وهذا الصّرح الجامعي يضمّ 8آلاف وخمسماية طالب موزعين على ست كليات.
س: كيف تنظرون إلى دور الكنيسة في لبنان لا سيّما إلى دور البطريركية المارونية والبطريرك الراعي، وكيف يمكن للكنيسة الجامعة أن تساهم في مساعدة لبنان لتخطّي أزماته لا سيّما انتخاب رئيس للجمهورية؟
ج: “نحن نشعر من دون شك بضرورة التّعاون مع مسيحيي لبنان وكافة الشّعب اللّبناني، لأنّ لبنان بالنّسبة لنا هو رمز الإستقرار والسلام والحياة المشتركة في التّسامح والتّعايش بين مختلف الأديان. ومن المهم جدّاً أن يكون هذا التوازن مضموناً، ولذلك نرغب في أن يتمكّن الشعب اللبناني من الحصول على انتخابات رئاسة الجمهورية. ورسالتي للشعب اللبناني هي ان يحافظ على الأمل لأن الهنغاريين لطالما شعروا بالإحباط اقله من الناحية النفسية ولكن مع ذلك فان الله قادر على اجتراح المعجزات ولهذا تمكنا من المقاومة واتمنى ان يتسلح الشعب اللبناني بهذا الإيمان وهذه القوة.”
وردّاً على سؤال حول كيفية مساهمة هنغاريا  من أجل مسيحيي الشرق الأوسط، ختم اردو:”
من الطّبيعي ان يكون عندنا شعور كبير من الوحدة مع مسيحيي الشرق الأوسط، وقد رأينا أيضاً المظاهر القاسية من الإضطهادت الدينية ضدّ المسيحيين. لقد نظّمنا ايّاماً للصلوات على نية المسيحيين المضطهدين في الشرق الأوسط. ونظمنا وقفات إقتصادية تضامنية مع النازحين والذين بقوا في المنطقة وينتظرون الوقت الذي فيه سيعودون إلى بيوتهم. وفيما يخصّ الإضطهادات الدينية، يهمّنا كثيراً ذلك لأنّنا عملنا وتحدّثنا كثيراً في هذا الشأن على صعيد الإتحاد الأوروبي والعالمي باسم مؤتمرات الأساقفة لكافة أوروبا، لأنّ المنظّمات العالمية الكبيرة ذكرت مظاهر الإضطهادات الدّينية ضدّ المسيحيين. وقد كتبنا أيضاً رسالة مشتركة مع كافّة الطوائف الأخرى المسيحية ومع الطائفة اليهودية إلى الأمم المتّحدة، لحماية الطوائف المسيحية.”

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

Staff Reporter

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير