Nativity - Pixabay - Mccartyv - CC0

عظيم أنت أيها الطفل الإلهي

تأمّلات ميلاديّة

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

“الطفل الإله

حملت مريم الطفل الصامت الذي فيه تختفي كل الألسن!

حمل يوسف من فيه تختفي الطبيعة وهي أقدم من الزمن!

صار العالي طفلاً، وفيه يختفي كنز الحكمة الذي يُغني الكلّ!

مع أنه “العالي جدًا” إلّا أنه رضع اللبن من مريم، هذا الذي كلّ الخليقة ترضع من صلاحه!

عندما كان يرضع اللبن من أمّه، كان يُرضع الكلّ بالحياة!

بينما كان يرتمي على صدر أمّه، كانت الخليقة كلّها ترتمي في أحضانه.

كرضيعٍ كان صامتاً، لكن كانت الخليقة كلّها تنفّذ أوامره!

بينما الحمل بالابن يتمّ في الأحشاء، كان يكوِّن الأجناء في الرحم!

مع أنّ جسده كان ضعيفاً في الأحشاء، إلّا أنّ قوّته لم تكن ضعيفة!…

تعالوا أيها الإخوة اسمعوا بخصوص ابن الواحد السرّي، الذي ظهر في الجسد، بينما قوّته كانت مخفاة!

لأنّ سلطان الابن مطلق. الرحم لا يحدّه، والجسد لا يقف قدامه…

أحضر له المجوس مُرّاً ولباناً وذهباً، بينما تختفي فيه كلّ كنوز الغنى.

المرّ واللبان والذهب الذي خلقه وأوجده، أحضره له المجوس، فمِمّا له أحضروه له!

بقوّة منه استطاعت مريم أن تحمله في حضنها، هذا الذي يحمل كلّ الأشياء!…

أرضعته لبناً هو هيّأه فيها، وطعاماً هو صنعه. كإله أعطى مريم لبناً، ثمّ عاد فرضعه منها كابن الإنسان!

يداها كانت تعرّيانه، إذ أخلى هو نفسه… ذراعاها احتضنتاه، من حيث كونه قد صار صغيراً!

 البحر سكن وهدأ عندما حمله، فكيف استطاع حضن يوسف أن يحمله؟!

 أحشاء الجحيم أدركته، فانفجرت أبوابه، فكيف احتوته أحشاء مريم؟!

 الحجر الذي على القبر تدحرج بقوة، فكيف اشتملته ذراعا مريم؟!

 لقد تنازلت لترفع الكلّ إلى الحياة…

من يقدر أن يتكلّم عن ابن الواحد السرّي، الذي جاء لابساً الجسد من الرحم؟

جاء ورضع اللبن كطفلٍ، وبين الأطفال ابن الله كان يزحف. رأوه كطفلٍ صغيرٍ في الطريق، بينما يسكن فيه حبّ الجميع! كان الأطفال المرئيون يحيطون به في الطريق، وكان الملائكة غير المرئيين يحيطون به في خوف!

كان بشوشاً مع الصغار كطفلٍ، مخوفاً لدى الملائكة كآمرٍ!

الملائكة كملائكة رأوه، وكلّ إنسان حسب قياس معرفته أدركه…

لكن هو والآب لهما المقياس الكامل للمعرفة، فالآب وحده هو الذي يعرفه كما هو!…

لأنّ كل الخليقة علوية أو سفلية تنال قياسها في المعرفة (وإن أدركته كإله لكن لا تدركه كما هو… )

أمّا رب الكلّ فهو الذي يهب كلّ شيء لنا…”

من كتاب “تسبيحات الميلاد” للقديس مار أفرام السرياني، عن موقع سلطانة الحبل بلا دنس الإلكتروني.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ندى بطرس

مترجمة في القسم العربي في وكالة زينيت، حائزة على شهادة في اللغات، وماجستير في الترجمة من جامعة الروح القدس، الكسليك. مترجمة محلّفة لدى المحاكم

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير