A drop of water

Pixabay CC0

لا للمستنقعات الروحية، نعم للبحيرات الروحية

ما الفرق بين المستنقع والبحيرة؟ وما هي المجاري الروحية؟

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الحياة الروحية، هي همّ كل إنسان يبحث عن إقامة علاقة حبّ مع الله، وكثيراً ما يمضي الإنسان وقته في العمل على بناء حياة روحية متينة يستطيع من خلالها أن يواجه العالم وتحدياته وتكون هذه الحياة الروحية ركيزة أساسية من أجل السلام الداخلي. من أجل ذلك تتنوع الأسئلة: لماذا هناك صعوبة دائماً في بناء الحياة الروحية؟ لماذا لا نشعر بها؟ لماذا لا نستطيع الثبات في حياتنا الروحية؟ أو بالأحرى كيف نكوّن “الحياة الروحية”؟

من أجل الإجابة على هذه الأسئلة الكثيرة، لنتأمل معاً بالفرق بين البحيرة والمستنقع!

البحيرة هي عربون عن حفرة كبيرة جداً وعميقة جداً يعيش فيها الأسماك ويرتوي منها الحيوانات والناس وتستعمل للريّ وإلخ. لماذا؟ لأن البحيرة لديها بعض المجاري، إن لإدخال مياه جديدة أو لتصريف المياه منها وعملية الدخول والإخراج تساعد على تجديد المياه أي تجديد الحياة في قلب هذه المياه والتجدد يعني إستمرارية.

أما المستنقع هو أيضاً حفرة كبيرة جداً وعميقة يعيش فيها الأسماك ولكن لبعض الوقت، يرتوي منها الحيوانات والناس ولكن ليس لمدة طويلة، مدّة من الوقت وتتحول هذه المياه إلى لون وطعم غريب جداً، ويكثر فيها الحشرات وينبعث من المياه رائحة كريهة، رائحة الموت. لماذا؟ لأنّ المستنقع ليس لديه مجاري إن لإدخال المياه أو لإخراجها، أو قد يكون لديه ولكن للأسف أصبحت “مسدودة” من جراء عدّة عوامل طبيعية أو إنسانية مما أدى ذلك إلى عدم وصول مياه جديدة.

ما علاقة ذلك بعيش وتكوين “الحياة الروحية”؟

الحياة الروحية هي تلك البحيرة العميقة والكبيرة جداً التي هي موجودة من الأساس في داخل كل إنسان (صورة الله، حضور الله)، قد زرعت فيه منذ اللحظة الأولى لتكوينه داخل بطن أمك. وهذه البحيرة “الحياة الروحية” هي ليرتوي هو وكل من يرغب من الناس من حوله. مثلاً كالقديسين الذين كانت حياتهم الروحية كمصدر إلهام للبشرية، ترتوي من روحانيتهم وصلواتهم وسيرتهم الروحية والإنسانية.

لكن للأسف كثيراً ما تتحوّل “الحياة الروحية” إلى “مستنقع روحي” وذلك لسببين أساسيين: إما لم يُحفَر مجاري لكي يكون هناك تجدّد، أي يكتفي الإنسان بما تعلمه لفترة معينة ولا يعمل عل تجديد حياته الروحية فتنضب وتشيخ مع الوقت وفجأة ينبعث منها رائحة الموت. أو قد حُفِرَت المجاري ولكن للأسف مع نموّ الإنسان في الحياة وتقدّمه أهمل هذه المجاري فتراكم فيها رواسب وحجار كثيرة أدت إلى  إنقطاعها.

والسؤال الآخير المطروح، ما هي المجاري الروحية؟

  • الكتاب المقدس: هو قلب كل حياة روحية منه ينبع كل شيء، من خلاله يكتشف الإنسان حبّ الله الأمين والمجّاني الذي يدعوه دائماً للنهوض، من خلاله يتعرف الإنسان إلى ذاته، وإلخ.
  • الإفخارستيا: هي قمة الحياة الروحية، هي إتحاد حبّ مع الحبيب، علاقة حب حميمية جداً مع الرب يسوع، حيث يدخل الربّ إلى أعماق وجسد الإنسان ويجري بعروق دمه. هي أروع وأجمل لحظة في الحياة الروحية، هي مصدر كل النعم، هي مصدر كل الفرح، هي أقدس عمل في الحياة الروحية.
  • الصلاة الشخصية والجماعية: التي هي لقاء وجه لوجه مع الحبيب، أي بعد ما كشف لنا الحبيب عن ذاته في الكتاب المقدس، يكشف الإنسان ذاته أيضاً لله، فيقوم بجلسات عديدة ويمضي ساعات وساعات بالمخاطبة معه والتأمل به. فتجعله الصلاة على تواصل دائم مع الحبيب فيشعر وكأنه قائم معه كل يوم أينما كان.
  • سرّ التوبة: هو تجديد المسيرة مع الرب، هو الدافع الأساسي لكي يقوم الإنسان من جديد، هو الإعتراف العلني بحبّ الرب، وإعتراف الإنسان هو أيضاً بحبّه له. هو تجديد الوعد مع الرب، الوعد بأنه هو إلهه وحبيبه فقط ولا يريد آلهة أخرى مزيفة، لأنه هو الإله الحقيقي.
  • الحياة الجماعية الروحية: من خلالها يشارك الإنسان الآخر بإختباراته مع حبيبه يسوع، من خلالها يتكلم دائماً عن حبيبه يسوع، تكون له السند في وقت الضعف، تحضنه بأوقات الجفاف الروحي و الحزن وإلخ.
  • أعمال المحبة: من خلالها يزرع الفرح والأمان بوجوه الآخرين، ومع فرحهم ينطبع نوع من السلام على وجهه، من خلالها يكتشف عطايا الله في حياته اليومية، من خلالها يكتشف حضور المسيح في حياة الآخرين والخاصة الأكثر حاجة، من خلالها يقوم بثورة على ذاته.
  • المرشد الروحي: من أجل المحافظة على هذه المجاري، ومن أجل إستمرارية الحياة الروحية، الإنسان بحاحة إلى مرشد روحي، معه يكتشف حضور الله في حياته، معه يكتشف دعوة الله في حياته، معه يميز صوت الله من أصوات العالم، معه يميز بين ملاك النور والشيطان المتنكر كملاك النور وإلخ.

        التحدّي الأول الذي أمامه كل إنسان، هو تحديد إذا هذه المجاري موجودة في حياته الروحية اليومية. المجاري غير الموجودة يبدأ بإمدادها والحفر لها.

        التحدّي الثاني، إذا موجودة وهي عقيمة، فهذا يعني هناك كثير من “الحجارة والعوائق” التي “تسدّ” هذه المجاري والتي يجب إزالتها لتضخّ من جديد. من “الحجارة والعوائق” على سبيل المثال وليس الحصر: “ليس هناك وقت، قد حفظته، واعرفه كلّه، إنه كتاب قديم جداً، لا أفهم شيء، أنا خاطئ لا أستحقه، لا أحبّ الكاهن، الجوقة ليست جيدة، يزعجني الناس بأصواتهم، إنها مجرد كلمات أرددها، الشرود، لا أشعر بشيء، يكفي أن أرسم إشارة الصليب، مرة أبانا ومرة سلام تكفي، المهمّ هو الأعمال، الكاهن إنسان مثلي، أعترف بيني وبين الربّ، الخجل من قول الخطيئة، لماذا التوبة طالما سأقوم بهذه الخطيئة من الجديد، لا أعرفهم ولا يعرفونني، الإلتزام متطلبّ، لا أحب أحد أن يكون مسؤول عنّي أو أن يتفلسف عليّ، أنا محتاج لمن يساعدني مادياً، أنا شو بدو يطلع منّي، كل الناس كذابين وممثلين”، وإلخ.

        ورشة مباركة.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الخوري سامر الياس

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير