متى نصلي وأين نصلي ؟

في حميمية الله. دراسة حول الصلاة (3)

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

بما أن الله حاضر دوماً لسماعنا ولقائنا[1]، فنحن نستطيع في أي وقت التوجه إليه. لكن علينا الإنتباه أنه في حال حدّدنا ساعة ما للتحدث فيها مع الله، وجب علينا الإلتزام بتلك الساعة أي إحترام موعد اللقاء هذا، لأنه من غير اللائق جعل الله ينتظر.

كثيرون يعلّلون عدم ممارستهم للصلاة بأنه ليس لديهم الوقت وآخرون يلجأون إلى الصلاة متى شعروا بحاجة ما، وغيرهم يقولون أنهم لا يجدون السكينة التي تتيح لهم أن يصلّوا كل يوم. ليس هناك من سبب يمكن أن يمنعنا من ممارسة الصلاة، وإلا تلاشت شيئاً فشيئاً ولا تلبث أن تختفي كلّياً من حياتنا إن لم نكرّس لها حيّزاً محدداً. إن واجب الصلاة لا ينجم عن شريعة خارجية تفرض فرضاً، بل ينتج من طبيعة الإنسان نفسها في علاقتها مع الله. لهذا يمكننا دوماً إيجاد الوقت لمارسة الصلاة ومخاطبة الله. يجب أن لا ننتظر حتى يكون لنا مي للصلاة حتى نصلي وإلا إنقطعنا سريعاً عنها.

إن الشوق للصلاة هو من ثمار الصلاة نفسها. لهذا كلما صلّينا كلّما خلقنا فينا هذا الشوق للمتابعة، وكلّما قلّلنا صلاتنا كلّما قلّ فينا شوقنا إليها وبالتالي إختفت من حياتنا. إن الإدّعاء بعدم وجود الوقت لممارسة الصلاة هو في الحقيقة عجز نفسي في تحديد هذا الوقت، وهذا العجز ناتج عن رفض إرادي في تحديد هذا الوقت. في كلّ مرّة نشعر فيها بعد إنتهائنا من الصلاة بأننا وفينا الله حقّه، يكون هذا دليل على أننا لسنا متأهبين بعد للصلاة ولا نحيا حياة التأمل أي ليس لنا بعد نفس تأملية. من أهم صفات النفس التأملية – المصلّية: الشعور بالتمزق ما بين حب الله وحب البشر. الشعور بالغربة وسط أقرب الناس إليها.

نخاطب الله في أي مكان نستطيع أن نجده فيه، وبما أنه موجود في كل مكان فهذا يعني أنه ليس هناك من مكان محدد للقائه. غير أنه من الأفضل أن نختار مكاناً هادئاً يخيّم عليه السكون، لأنه في أماكن كهذه بعيدة عن ضجيج العالم نستطيع اللقاء بالله والإصغاء إليه بشكل أفضل. ولنا في لقاء النبي إيليا بالله من خلال النسيم العليل مثال واضح[2].

[1] على مثال والد الإبن الشاطر

[2] قال الله لإيليا: “أخرج وقف على الجبل أمام الرب. وإذا بالرب عابر وريح شديدة وعظيمة قد شقّت الجبال وكسرت الصخور أمام الرب ولم يكن الرب في الريح. وبعد الريح زلزلة ولم يكن الرب في الزلزلة. وبعد الزلزلة نار ولم يكن الرب في النار. وبعد النار صوت منخفض خفيف. فلمّا سمع إيليا لف وجهه بردائه وخرج ووقف في باب المغارة …” (1 ملوك 19/11-13)

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

Assaf Reaidy

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير