ZENIT Staff, Author at ZENIT - Arabic https://ar.zenit.org/author/staffreporter/ The World Seen From Rome Mon, 23 Dec 2024 09:25:53 +0000 en-US hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.7.1 https://ar.zenit.org/wp-content/uploads/sites/5/2020/07/f4ae4282-cropped-02798b16-favicon_1.png ZENIT Staff, Author at ZENIT - Arabic https://ar.zenit.org/author/staffreporter/ 32 32 عناوين نشرة الاثنين 23 كانون الأوّل 2024: بارِكوا ولا تلعنوا https://ar.zenit.org/2024/12/23/%d8%b9%d9%86%d8%a7%d9%88%d9%8a%d9%86-%d9%86%d8%b4%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ab%d9%86%d9%8a%d9%86-23-%d9%83%d8%a7%d9%86%d9%88%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d9%91%d9%84-2024/ Mon, 23 Dec 2024 09:25:41 +0000 https://ar.zenit.org/?p=75444 ذخائر القدّيسة تريزا الطفل يسوع في روما

The post عناوين نشرة الاثنين 23 كانون الأوّل 2024: بارِكوا ولا تلعنوا appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

المغفرة فضيلة

من سيبحث عن رحمة الله وحقّه؟

يوبيل الرجاء: ذخائر القديسة تريز الطفل يسوع في روما

حجاج الرجاء

البابا: تكلّموا بالخير ولا تتكلّموا بالسّوء على الآخرين

باركوا ولا تلعنوا

البابا بارك تماثيل الطّفل يسوع وتكلّم عن عطيّة الأمومة

هل أشكر الرّبّ يسوع لأنّه صار إنسانًا مثلنا، ليشاركنا في كلّ شيء في حياتنا، ما عدا الخطيئة؟

The post عناوين نشرة الاثنين 23 كانون الأوّل 2024: بارِكوا ولا تلعنوا appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا بارك تماثيل الطّفل يسوع وتكلّم عن عطيّة الأمومة https://ar.zenit.org/2024/12/23/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d8%a8%d8%a7%d8%b1%d9%83-%d8%aa%d9%85%d8%a7%d8%ab%d9%8a%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d9%91%d9%81%d9%84-%d9%8a%d8%b3%d9%88%d8%b9-%d9%88%d8%aa%d9%83%d9%84%d9%91%d9%85/ Mon, 23 Dec 2024 09:13:05 +0000 https://ar.zenit.org/?p=75461 النصّ الكامل لكلمة قداسة البابا فرنسيس
صلاة الملاك
يوم الأحد 22 كانون الأوّل 2024

The post البابا بارك تماثيل الطّفل يسوع وتكلّم عن عطيّة الأمومة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!

         أنا آسف لعدم وجودي معكم في السّاحة، ولكن حالتي تتحسّن ويجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

اليوم الإنجيل يقدِّم لنا مريم، بعد أن بشّرها الملاك، تذهب لزيارة أليصابات، قريبتها المتقدّمة في السّنّ، (راجع لوقا 1، 39-45)، التي كانت هي أيضًا تنتظر مولودًا. لقاؤهما هو لقاء امرأتَين سعيدتَين بعطيّة الأمومة غير العاديّة: فمريم كانت حاملًا بيسوع، مخلِّص العالم (راجع لوقا 1، 31-35)، وأليصابات، رغم تقدّمها في السّنّ، كانت تحمل في أحشائها يوحنّا، الذي سيُعِدُّ الطّريق أمام المسيح (راجع لوقا 1، 13-17).

الأسباب كثيرة لفرحهما، وقد نشعر أنّهما بعيدتان عنّا، ففيهما حدثت معجزات كبيرة لا تحدث في خبرة حياتنا العاديّة. لكن الرّسالة التي يريد الإنجيليّ أن يقدّمها لنا، أيّامًا قليلة قبل عيد الميلاد، هي رسالة مختلفة. في الواقع، التّأمّل في العلامات العجيبة لعمل الله الخلاصيّ يجب ألّا يجعلنا نشعر أبدًا بأنّنا بعيدون عنه، بل يجب أن يساعدنا لندرك حضوره ومحبّته القريبة منّا، مثلًا في عطيّة كلّ حياة، وكلّ طفل وأمّه. عطيّة الحياة. قرأت في برنامج ”على صورته“ شيئًا جميلًا حيث كُتب: لا طفلَ يأتي خطأً. بل هو عطيّة الحياة.

في السّاحة يوجد أيضًا أمّهات مع أطفالهنّ، وربّما هناك أيضًا بعض الأمّهات اللّواتي ينتظرن مولودًا. من فضلكم، لا نبقَ غير مبالين بحضورهنَّ، ولنتعلّم أن نندهش بجمالهنَّ، كما عملَتْ أليصابات ومريم. لنبارك الأمّهات ولنمجّد الله على معجزة الحياة! يعجبني – أعجبني، لأنّني الآن لا أستطيع أن أفعل ذلك – عندما كنت أذهب بالحافلة في الأبرشيّة الأخرى، كنت أرى أنّه عندما كانت امرأة حامل تنتظر طفلًا تصعد إلى الحافلة، كانوا يعطونها فورًا مكانًا للجلوس: إنها لفتة أمل واحترام!

أيّها الإخوة والأخوات، في هذه الأيّام نحن نحبُّ أن نوجِد جوًّا احتفاليًّا بالأضواء والزّينة والموسيقى الميلاديّة. لكن، لنتذكّر أن نعبِّر عن مشاعر الفرح كلّما قابلنا أُمًّا تحمل طفلها بين ذراعيها أو في أحشائها. وعندما يحدث معنا ذلك، لنصلِّ في قلوبنا ولنقُل نحن أيضًا، كما قالت أليصابات: “مُبارَكَةٌ أَنتِ في النِّساء! وَمُبارَكَةٌ ثَمَرَةُ بَطنِكِ!” (لوقا 1، 42)، ولنرنِّم مثل مريم: “تُعَظِّمُ الرَّبَّ نَفْسي” (لوقا 1، 46)، لكي تتبارك كلّ أمومة، وفي كلّ أمٍ في العالم لنشكر ولنمجَّد اسم الله، الذي يُوكل إلى الرّجال والنّساء القدرة على إعطاء الحياة للأطفال!

سنُبارك بعد قليل ”تماثيل الطّفل يسوع الصّغيرة“ – أحضرت أنا أيضًا تمثالي الصّغير. أهداني إياه رئيس أساقفة سانتا فيه (Santa Fé)، وقد صنعه السّكان الأصليون في الإكوادور -. سنُبارك هذه التماثيل التي أحضرتموها. ويمكننا أن نتساءل: هل أشكر الرّبّ يسوع لأنّه صار إنسانًا مثلنا، ليشاركنا في كلّ شيء في حياتنا، ما عدا الخطيئة؟ هل أمجّد الرّبّ يسوع وأباركه على كلّ طفل يُولَد؟ عندما ألتقي أمًّا حاملًا، هل أكون لطيفًا معها؟ هل أساند وأدافع عن قيمة حياة الصِّغار المقدّسة منذ لحظة تكوينهم في أحشاء أمّهاتهم؟

سيِّدتنا مريم العذراء، المباركة بين جميع النّساء، لتجعلنا قادرين على الاندهاش والشّكر أمام سِرِّ الحياة التي ستُولد.

صلاة الملاك

بعد صلاة الملاك

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء!

لا تزال أوكرانيا المعذّبة تتعرّض لهجمات على المدن، ما يؤدّي أحيانًا إلى دمار المدارس والمستشفيات والكنائس. لتصمت الأسلحة ولتصدح ترانيم عيد الميلاد! لنصلِّ من أجل أن يكون هناك، في عيد الميلاد، وقف لإطلاق النّار على جميع جبهات الحرب، في أوكرانيا، وفي الأرض المقدّسة، وفي جميع أنحاء الشّرق الأوسط وفي جميع أنحاء العالم. وبألم أفكّر في غزّة، وفي هذه القسوة. أفكّر في إطلاق النّار على الأطفال، وقصف المدارس والمستشفيات… كم من القسوة!

والآن سأبارك ”تماثيل الطّفل يسوع الصّغيرة“، أنا أيضًا أحضرت تمثالي الصّغير. سأبارك تماثيل الطّفل يسوع التي أحضرتموها إلى هنا، أيّها الأطفال والفتيان الأعزّاء، والتي ستضعونها بعد ذلك في مغارة الميلاد عند عودتكم إلى بيوتكم. أشكركم على هذه اللفتة البسيطة، لكنّها مهمّة. أبارككم جميعًا من كلّ قلبي، وأبارك والديكم، وأجدادكم، وعائلاتكم! ومن فضلكم، لا تنسَوْا أجدادكم! حتّى لا يبقى أحد وحيدًا في هذه الأيام.

وأتمنّى لكم جميعًا أحدًا مباركًا. ومن فضلكم، لا تنسَوْا أن تصلّوا من أجلي. ليبارككم الله. غداءً هنيئًا وإلى اللقاء!

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post البابا بارك تماثيل الطّفل يسوع وتكلّم عن عطيّة الأمومة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا: تكلّموا بالخير ولا تتكلّموا بالسّوء على الآخرين https://ar.zenit.org/2024/12/23/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d8%aa%d9%83%d9%84%d9%91%d9%85%d9%88%d8%a7-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%8a%d8%b1-%d9%88%d9%84%d8%a7-%d8%aa%d8%aa%d9%83%d9%84%d9%91%d9%85%d9%88%d8%a7-%d8%a8%d8%a7/ Mon, 23 Dec 2024 04:30:40 +0000 https://ar.zenit.org/?p=75447 النصّ الكامل لكلمة قداسة البابا فرنسيس
إلى الكوريا الرّومانيّة
في مناسبة عيد الميلاد المجيد
في 21 كانون الأوّل 2024

The post البابا: تكلّموا بالخير ولا تتكلّموا بالسّوء على الآخرين appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

“بارِكوا ولا تَلعَنوا”

أيّها الإخوة والأخوات الأعزاء!

أشكر من كلّ قلبي الكاردينال ري (Re) على كلامه وأمنياته. شكرًا، يا صاحب النّيافة، على مثالك في الاستعداد للخدمة ومحبّة الكنيسة.

تكلّم الكاردينال ري (Re) على الحرب. بالأمس، لم يسمحوا للبطريرك [بطريرك القدس للاتين] أن يدخل إلى غزّة كما وعدوه، وبالأمس تمّ قصف الأطفال. هذه قسوة. وهذه ليست حربًا. أردت أن أقول ذلك لأنّه يمسّ قلبي. شكرًا لك على هذه الإشارة، نيافة الكاردينال، شكرًا!

عنوان هذه الكلمة هو بارِكوا ولا تَلعَنوا”.

فكّرت هذه السّنة في موضوع لتأمّلنا يمكن أن يُفيد الحياة الجماعيّة في الكوريا وفي أقسامها المختلفة، فاخترتُ موضوعًا ينسجم جيِّدًا مع سرّ التّجسّد، وسيتّضح ذلك فورًا.

فكّرتُ في التّكلّم جيِّدًا على الآخرين وعدم التّكلّم بالسّوء عليهم. وهذا يهُمُّنا جميعًا، والبابا أيضًا – أساقفة وكهنة ومكرّسين وعلمانيين – ونحن كلّنا متساوون في هذا الأمر. لماذا؟ لأنّه يَمَسُّ إنسانيتنا.

هذا الموقف، أي التّكلّم بالخير وعدم التّكلّم بالسّوء، هو تعبير عن التّواضع. والتّواضع هو السّمة الأساسيّة للتّجسّد، ولا سيِّما في سرّ ميلاد ربّنا يسوع المسيح، الذي نستعدّ للاحتفال به. الجماعة الكنسيّة تعيش في فرح وانسجام أخويّ بقدر ما يسير أعضاؤها في طريق التّواضع، ويتخلّون عن التّفكير بالسّوء أو التّكلّم بالسّوء على الآخرين.

يقول القدّيس بولس في رسالته إلى أهل روما: “بارِكوا ولا تَلعَنوا” (رومة 12، 14). يمكننا أن نفهم هذه الدّعوة أيضًا بهذه الصّورة: “تكلّموا بالخير ولا تتكلّموا بالسّوء على الآخرين، وفي حالتنا، على الأشخاص الذين يعملون معنا في المكتب، وعلى الرّؤساء والزّملاء والجميع.

 

طريق التّواضع: شكوى الذّات

كما فعلتُ قبل نحو عشرين سنة، في مناسبة انعقاد الجمعيّة العامّة للأبرشيّة في بوينس آيرس، أقترح اليوم علينا جميعًا من أجل ممارسة طريق التّواضع هذه، أن نتدرّب على أن نشكو ذاتنا، وفقًا لتعاليم المعلِّمين الرّوحيّين القدّماء، وبشكل خاصّ دوروثيُوس (Doroteo) من غزّة. نَعم، من غزّة تحديدًا، ذلك المكان الذي صار الآن مرادفًا للموت والدّمار، ولكنّه كان مدينة قديمة جدًّا حيث ازدهرت ونمت فيه في القرون الأولى للمسيحيّة أديرة وشخصيّات لامعة من القدّيسين والمعلِّمين. كان دوروثيُوس واحدًا من هؤلاء. وعلى خطى الآباء الكبار مثل باسيليوس وإفاغريوس، شَيَّدَ دوروثيُوس الكنيسة بتعاليم ورسائل مليئة بروح الإنجيل. واليوم أيضًا، إن وضعنا أنفسنا في مدرسته، يمكننا أن نتعلّم التّواضع فنشكو أنفسنا ولا نتكلّم بالسّوء على القريب.

يقول دوروثيُوس في إحدى تعاليمه: “إن أصاب المتواضع سوء ما، رجع فورًا إلى ذاته، وحكم أنّه مستحقّ لذلك السّوء. ولا يسمح لنفسه بأن يلوم الآخرين ولا أن يلقي اللّوم على أحد مهما حصل. ببساطة يتحمّل، بدون اضطراب أو قلق، وفي هدوء تام. فالتّواضع لا يَغضَب ولا يُغضِب أحدًا” (دوروثيُوس من غزّة، أعمال روحيّة، باريس 1963، رقم 30).

ويُضيف أيضًا: “لا تسعَ لمعرفة شرّ قريبك، ولا تُغذِّ الشّكوك تجاهه. وإن أثارت شرورنا هذه الشّكوك، فحاول أن تحوِّلها إلى أفكار صالحة” (المرجع نفسه، رقم 187).

شكوى الذّات وسيلة، لكنّها ضروريّة: فهي موقف أساسيّ يمكن أن يتجذّر فيه الخيار في قول ”لا“ للفرديّة و”نعم“ للرّوح الجماعيّة، الكنسيّة. في الواقع، من يُمارس فضيلة شكوى الذّات بانتظام يصير حرًّا من الشّكوك والرّيبة، ويفسح المجال لعمل الله، الوحيد القادر على توحيد القلوب. وهكذا، إن تقدّم كلّ واحد في هذا الطّريق، يمكن أن تنشأ وتنمو جماعة فيها الجميع حُرّاس بعضهم لبعض ويسيرون معًا في التّواضع والمحبّة. عندما يرى أحدٌ عيبًا في شخص، فهو يمكنه أن يتكلّم عليه مع ثلاثة أشخاص فقط: مع الله، ومع الشّخص نفسه، وإن لم يستطع مع الشّخص نفسه، فمع مَن يمكن أن يهتمّ به في جماعة المؤمنين. وليس أكثر من ذلك.

إذًا لنتساءل: ما هو أساس هذا الأسلوب الرّوحيّ في شكوى الذّات؟ في الأساس يوجد التّنازل الدّاخلي، المتأصّل في حركة كلمة الله، (synkatabasis)، أي التّنازل. القلب المتواضع يتنازل مثل قلب يسوع، الذي نتأمّل فيه في هذه الأيام في المغارة.

أمام مأساة البشريّة التي يُثقِلُها الشّرّ كثيرًا، ماذا يفعل الله؟ هل يقف شامخًا في عدله وينزل الإدانة من فوق؟ هكذا، نوعًا ما، كان ينتظره الأنبياء حتّى يوحنّا المعمدان. لكنّ الله هو الله، وأفكاره ليست أفكارنا، وطرقه ليست طرقنا (راجع أشعيا 55، 8). قداسته إلهيّة، ولذلك يبدو لنا أنَّ فيها تناقضًا. فحركة الله العليّ هي أن يتنازل، أن يصير صغيرًا، مثل حبّة الخردل، ومثل بذرة إنسان في أحشاء امرأة. أن يصير غير مرئي. هكذا يبدأ في أن يأخذ على عاتقه الكتلة الكبيرة وغير المحتملة من خطيئة العالم.

ويقابل حركة الله هذه، في الإنسان، شكوى الذّات. وهذا ليس أوّلًا حقيقة أخلاقيّة، بل هو حدث إلهيّ، كما هو الحال دائمًا، وكما هو في الحياة المسيحيّة. إنّه عطيّة من الله، وعمل الرّوح القدس، ومن جهتنا، هو فعل تنازل مع الله، أن نجعل موقف الله موقفنا، فنجعله جزءًا منّا، ونقبله. هذا ما صنعته مريم العذراء، التي لم يكن فيها أيّ شيء تشكو به نفسها، فتركت نفسها كاملة في تنازل الله، وتجرّد الابن، ونزول الرّوح القدس. بهذا المعنى، يمكننا أن نسمّي التّواضع فضيلة إلهيّة.

شكوى الذّات يساعدنا، لكي نتنازل ونَتَّضِع، ونذهب إلى سِرِّ المصالحة. يمكن لكّل واحد أن يفكّر: متى كانت آخر مرّة اعترفت فيها عن خطاياي؟

 

نحن مبارَكون فنُبارِك

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، إنّ تجسّد الكلمة يُثبت لنا أنّ الله لم يلعنّا بل باركنا. وأكثر من ذلك، يُبيّن لنا أنّ في الله لا توجد لعنة، بل بركة فقط ودائمًا.

نتذكّر بعض التّعابير من رسائل القدّيسة كاترينا من سيينا، مثل هذا التّعبير: “يبدو أنّه لا يريد أن يتذكّر الإساءات التي نوجّهها إليه، ولا يريد أن يُديننا إلى الأبد، بل يصنع رحمة دائمًا” (الرّسالة 15).

لكنّا نشير قبل كلّ شيء إلى القدّيس بولس، في الافتتاح المدهش لنشيد رسالته إلى أهل أفسس:

“تَبارَكَ اللهُ أَبو رَبِّنا يسوعَ المسيح. فقَد بارَكَنا كُلَّ بَرَكَةٍ روحِيَّةٍ في السَّمَواتِ في المَسيح” (أفسس 1، 3).

هذا هو الأساس في قولنا للخير، في مباركتنا للغير: نحن مبارَكون، ولأنّنا مبارَكون يمكننا أن نُبارِك.

كلّنا بحاجة لأن نغمر أنفسنا في هذا السِّرّ، وإلّا فنحن نوشك أن نجفَّ، فنصير مثل القنوات الجافّة واليابسة التي لا يبقى فيها حتّى قطرة ماء. والعمل في المكاتب هنا في الكوريا يكون مرارًا جافًّا، ومع مرور الوقت يجعلنا جافّين، إن لم نُنشِّط أنفسنا بخبرات رعويّة، أو بلحظات لقاء، أو بعلاقات ودّيَّة، وبمجّانيّة. وفي ما يخصّ الخبرات الرّعويّة، أسأل خصوصًا الشّباب إن كان لهم خبرات رعويّة: إنّه أمرُ مهمّ جدًّا. ولهذا السّبب، خصوصًا، نحن بحاجة لأن نقوم بالرّياضة الرّوحيّة كلّ سنة: لكي نغمر أنفسنا في نعمة الله، بصورة كاملة. ونتشبّع من الرّوح القدس، ومن الماء الحيّ الذي فيه كلّ واحدٍ منّا، يجد الله يحبه ويريده ”منذ البداية“. عندها نعم، إن كان قلبنا مغمورًا في هذه البركة الأصليّة، إذّاك نصير قادرين أن نُبارك الجميع، حتّى الذين لا نطمئنَّ إليهم، وحتّى الذين أساءوا إلينا.

النّموذج الذي علينا أن ننظر إليه، كالعادة، هي أمّنا، سيِّدتنا مريم العذراء. إنّها المُباركَة بامتياز. هكذا حَيَّتها أليصابات عندما استقبلتها في بيتها: “مُبارَكَةٌ أَنتِ في النِّساء! وَمُبارَكَةٌ ثَمَرَةُ بَطنِكِ!” (لوقا 1، 42). وهكذا نتوجّه نحن إليها في صلاة ”السّلام عليكِ يا مريم“. فيها تحقّقت ”البركة الرّوحيّة في المسيح“، قبل الزّمن بالتّأكيد ”في السّماوات“، وعلى الأرض أيضًا، في التّاريخ، عندما ”امتلأ“ الزّمن بحضور الكلمة المتجسِّد (راجع غلاطية 4، 4). هو البركة. وهو الثّمرة التي تُبارِك الأحشاء، الابن الذي يُبارِك الأمّ: “ابنَةُ ابنِكِ”، كما كتب دانتي. وهكذا، حملت مريم، المباركة، إلى العالم البركة التي هي يسوع.

يوجد لوحة، في مكتبي، وهي التّنازل (synkatabasis). في اللوحة، يَدَي سيّدتنا مريم العذراء تبدو كأنّها سلّمٌ صغيرٌ، والطّفل يسوع ينزل من على السّلم. الطّفل يحمل بيده الشّريعة، وباليدِ الأخرى يُمسك بأمّه حتّى لا يسقط. هذه هي مهمّة سيّدتنا مريم العذراء: أن تحمل الابن. وهذا ما تصنعه في قلوبنا.

 

صُنَّاع البركة

أيّها الإخوة والأخوات، ونحن ننظر إلى مريم، صورة الكنيسة ومثالها، نُدرِك البُعد الكنسي للبَرَكَة. وفي سياقنا هذا، أودّ أن ألخّصها بهذه الطّريقة: في الكنيسة، التي هي علامة وأداة بركة الله للبشريّة، نحن كلّنا مدعوّون إلى أن نصير صُنَّاع بركة. ليس فقط مُباركين، بل صُنَّاع بركة: نُعلّم، ونعيش كصُنَّاع لكي نُبارك.

يمكننا أن نتخيّل الكنيسة كأنّها نهر كبير يتفرّع إلى آلاف وآلاف الجداول والسّيول والرّوافد – على غرار حوض الأمازون – لتروي العالم كلّه ببركة الله، التي تنبع من سِرِّ المسيح الفصحيّ.

الكنيسة تبدو لنا وكأنّها تتميمٌ لمشيئة الله التي أعلنها لإبراهيم منذ اللحظة الأولى التي فيها دعاه إلى أن يغادر أرض آبائه. قال له: “وأنا أَجعَلُكَ أُمَّةً كَبيرة وأُبارِكُكَ […] ويَتَبارَكُ بِكَ جَميعُ عَشائِرِ الأَرض” (تكوين 12، 2-3). هذه المشيئة تقوم على تدبير الخلاص كلّه في العهد بين الله وشعبه، الذي هو ”مُختَار“ ليس بمعنى الاستبعاد، بل العكس، بالمعنى الذي نسمّيه كاثوليكيًّا وقد نقول مثل عمل ”الأسرار“ المحيي: أي أن نجعل العطيّة لنا تصل إلى الجميع بعطاء مثالي، بل عن طريق الشّهادة، أو الاستشهاد.

وهكذا، في سِرِّ التّجسّد، بارك الله كلّ رجل وامرأة يأتون إلى هذا العالم، ليس بمرسوم نازل من أعالي السّموات، بل بواسطة جسد يسوع، الحمل المبارك والمولود من مريم المباركة (راجع القدّيس أنسيلمس، خطاب 52).

أُحبّ أن أفكّر في الكوريا الرّومانيّة كأنّها ورشة عمل كبيرة فيها مهام كثيرة مختلفة، والكلّ يعملون لهدف واحد، وهو البركة، ونشر بركة الله وبركة الكنيسة الأمّ في العالم.

أفكّر خصوصًا في عمل ”الكاتب“ المخفيّ، المسمّى “minutante” – أرى البعض منهم هُنا وهم جيّدون، شكرًا! – الذي يُعِدّ في غرفته رسالةً، حتّى تصل صلاة وبركة البابا إلى شخص مريض، أو إلى أمّ، أو إلى أب، أو إلى سجين، أو إلى مُسنّ، أو إلى طفل. وما هو هذا العمل؟ أليس هو أن نكون صنَّاعًا للبركة؟ ”الكاتب“ “minutante” هو صانع البركة. قالوا لِي إن كاهنًا قدّيسًا كان يعمل منذ سنوات في أمانة سرّ الدّولة، قد علَّق على باب غرفته من الدّاخل ورقة كتب عليها: ”عملي مُتواضع، ومُهان، ومُذلّ“. إنّها رؤية سلبيّة بعض الشّيء، لكن فيها شيئًا من الحقيقة والصّلاح. أقول إنّها تُعبّر عن أسلوب العمل الأصيل في الكوريا، الذي يجب أن نفهمه بشكل إيجابيّ: التّواضع كطريق للبركة. طريق الله الذي تنازل في يسوع وجاء ليسكن حالتنا البشريّة، وهكذا باركنا.

أيّها الأعزّاء، جميلٌ أن نفكّر في أنّه من خلال العمل اليوميّ، وخاصةً المخفيّ، يمكن لكلّ واحدٍ منّا أن يُساهم في حمل بركة الله إلى العالم. لكن علينا أن نكون منطقيّين: إذ لا يمكننا أن نكتب بركات ثمّ نتكلّم بالسّوء على أخينا أو أختنا، فهذا يُفسِد البركة. وهذه هي أمنيتي لكم: ليساعدنا الرّبّ يسوع، الذي وُلِدَ من أجلنا في التّواضع، لنكون دائمًا رجالًا ونساءً يُبارِكون.

عيد ميلاد مجيد للجميع!

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post البابا: تكلّموا بالخير ولا تتكلّموا بالسّوء على الآخرين appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
عناوين نشرة الجمعة 20 كانون الأوّل 2024: وجه القديس نيكولاوس https://ar.zenit.org/2024/12/20/%d8%b9%d9%86%d8%a7%d9%88%d9%8a%d9%86-%d9%86%d8%b4%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%85%d8%b9%d8%a9-20-%d9%83%d8%a7%d9%86%d9%88%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d9%91%d9%84-2024/ Fri, 20 Dec 2024 19:20:48 +0000 https://ar.zenit.org/?p=75430 شجرة عيد الميلاد

The post عناوين نشرة الجمعة 20 كانون الأوّل 2024: وجه القديس نيكولاوس appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

إكليل شوك يسوع يعود إلى كاتدرائيّة نوتردام

الصِلة بين الآلام والخلاص

لنكتشف كيف كان وجه القدّيس نيكولاوس أو سانتا كلوز

وجه لنُكرّمه وليس لنعبده

الأب الأقدس يرسل من جديد ممثّله إلى أوكرانيا في عيد الميلاد

الصلاة على نية السلام

شجرة عيد الميلاد رمز الأمل

دعوة مفتوحة للجميع

 

 

The post عناوين نشرة الجمعة 20 كانون الأوّل 2024: وجه القديس نيكولاوس appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
عناوين نشرة الخميس 19 كانون الأوّل 2024: المغارة في كل بيت https://ar.zenit.org/2024/12/19/%d8%b9%d9%86%d8%a7%d9%88%d9%8a%d9%86-%d9%86%d8%b4%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%85%d9%8a%d8%b3-19-%d9%83%d8%a7%d9%86%d9%88%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d9%91%d9%84-2024/ Thu, 19 Dec 2024 20:20:22 +0000 https://ar.zenit.org/?p=75407 ملك السلام

The post عناوين نشرة الخميس 19 كانون الأوّل 2024: المغارة في كل بيت appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

البابا يتوسّل ملك السّلام

المغارة في كلّ بيت

تعميق الشّراكة مع بعضنا البعض

خدمة ملكوت الله

فرنسيون” نحو المذابح”

دعاوى القديسين

البابا ينجو من عمليتي اغتيال في العراق

الذهاب إلى أرض ابراهيم

 

The post عناوين نشرة الخميس 19 كانون الأوّل 2024: المغارة في كل بيت appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
عناوين نشرة يوم الأربعاء 18 كانون الأوّل 2024: مغارات العالم https://ar.zenit.org/2024/12/18/%d8%b9%d9%86%d8%a7%d9%88%d9%8a%d9%86-%d9%86%d8%b4%d8%b1%d8%a9-%d9%8a%d9%88%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b1%d8%a8%d8%b9%d8%a7%d8%a1-18-%d9%83%d8%a7%d9%86%d9%88%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d9%91%d9%84/ Wed, 18 Dec 2024 16:20:11 +0000 https://ar.zenit.org/?p=75387 القدّيسة لوسيا في سيراكيوز

The post عناوين نشرة يوم الأربعاء 18 كانون الأوّل 2024: مغارات العالم appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

الفاتيكان يعرض 125 مغارة من العالم أجمع

إحياء إيماننا

ما دلالة رداء الكاهن الزهريّ اللون؟

الألوان الليتورجية

السلام والرّجاء

ثقافة الأخوّة والمصالحة

البابا يُبارك النّقل المؤقّت لبقايا القدّيسة لوسيا من البندقيّة إلى سيراكيوز

الخطوة الأولى

 

The post عناوين نشرة يوم الأربعاء 18 كانون الأوّل 2024: مغارات العالم appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
عناوين نشرة الثلاثاء 17 كانون الأوّل 2024: ماذا أعمل؟ https://ar.zenit.org/2024/12/17/%d8%b9%d9%86%d8%a7%d9%88%d9%8a%d9%86-%d9%86%d8%b4%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%84%d8%a7%d8%ab%d8%a7%d8%a1-17-%d9%83%d8%a7%d9%86%d9%88%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d9%91%d9%84-2024/ Tue, 17 Dec 2024 10:58:07 +0000 https://ar.zenit.org/?p=75363 قصة الخلاص

The post عناوين نشرة الثلاثاء 17 كانون الأوّل 2024: ماذا أعمل؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

أيقونات الرّجاء: معرض مُكرَّس لأيقونات الشّرق

الأيقونة كتابة يمكن أن نقرأ فيها قصّة الخلاص

البابا من أجاكسيو: لنجد الشّجاعة لأن نسأل، ودون خوف: ماذا أَعمَل؟

مجيء الربّ يسوع

إنّ موضوع رجائنا هو المسيح، وسبب رجائنا هو المسيح، وعيد رجائنا هو عيد الميلاد

يفرحُ البارُّ بيومٍ ينال فيه الأجر، والثّواب

تعيين امرأتين في مجلس سينودس الأساقفة

أعضاء جدد

 

The post عناوين نشرة الثلاثاء 17 كانون الأوّل 2024: ماذا أعمل؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا من أجاكسيو: لنجد الشّجاعة لأن نسأل، ودون خوف: ماذا أَعمَل؟ https://ar.zenit.org/2024/12/17/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d9%85%d9%86-%d8%a3%d8%ac%d8%a7%d9%83%d8%b3%d9%8a%d9%88-%d9%84%d9%86%d8%ac%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%91%d8%ac%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d9%84%d8%a3%d9%86-%d9%86%d8%b3/ Tue, 17 Dec 2024 07:04:57 +0000 https://ar.zenit.org/?p=75366 النصّ الكامل لعظة قداسة البابا فرنسيس
في القدّاس الإلهيّ في ساحة أوسترليتز
في 15 كانون الأوّل 2024

The post البابا من أجاكسيو: لنجد الشّجاعة لأن نسأل، ودون خوف: ماذا أَعمَل؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

سأل النّاس يوحنّا المعمدان: “ماذا نَعمَل؟” (لوقا 3، 10). إنّه سؤال علينا أن نُصغي إليه بانتباه، لأنّه يعبّر عن الرّغبة في تجديد الحياة وتحسينها. كان يوحنّا المعمدان يُعلن عن مجيء المسيح المُنتظر: وأراد المستمعون إلى كرازته أن يستعدّوا لهذا اللقاء، اللقاء مع المسيح، اللقاء مع يسوع.

يشهد إنجيل لوقا بأنّ الذين كانوا يعبّرون عن هذه الرّغبة في التّوبة هم البعيدون: لا الذين يبدون قريبين اجتماعيًّا، ولا الفرّيسيّون وعلماء الشّريعة، بل البعيدون، العشّارون الذين كانوا يُعتبرون خطأة، والجنود هم الذين سألوا: “يا مُعَلِّم، ماذا نَعمَل؟” (لوقا 3، 12). إنّه سؤالٌ جميل، ربّما يمكن لكلّ واحدٍ منّا اليوم أن يردّده مثل صلاة، قبل أن يذهب للنوم: ”يا ربّ، ماذا عليّ أن أعمل لكي أهيّئ قلبي لعيد الميلاد؟“. فالذين يعتبرون أنفسهم أبرارًا لا تتجدّد حياتهم. أمّا الذين كانوا يُعتبرون خطأة معروفين، فقد أرادوا أن ينتقلوا من سلوك غير نزيه وعنيف إلى حياة جديدة. البعيدون يصيرون قريبين عندما يقترب المسيح منّا. لذلك، أجاب يوحنّا المعمدان على العشّارين والجنود وقال: ”مارسوا العدل، وكونوا مستقيمين ونزيهين“ (راجع لوقا 3، 13-14). أيقظ إعلان بشارة الرّبّ يسوع الضّمائر، عندما أشرك خصوصًا الأخيرين والمُبعدين، لأنّه جاء ليخلِّص لا ليدين الضّائعين (راجع لوقا 15، 4-32). وأفضل ما يمكننا أن نعمل لكي يخلّصنا يسوع ويبحث عنّا، هو أن نقول الحقيقة عن أنفسنا: ”يا ربّ، أنا خاطئ“. كلّنا خطأة، هنا، كلّنا. ”يا ربّ، أنا خاطئ“. وهكذا نقترب من يسوع بالحقيقة، لا بأن نتنكّر بعدلٍ غير صحيح. لأنّه يأتي ليخلّص الخطأة بالتّحديد.

لذلك، لنوجّه اليوم إلى أنفسنا أيضًا السّؤال الذي وجّهته الجموع إلى يوحنّا المعمدان. في زمن المجيء هذا، لنجد الشّجاعة لأن نسأل، ودون خوف: ”ماذا أَعمَل؟“، ”ماذا نَعمَل؟“، ولنسأله بصدق، لكي نهيّئ قلبًا متواضعًا وواثقًا بالرّبّ يسوع الآتي.

قراءات الكتاب المقدّس التي أصغينا إليها، تقدِّم لنا طريقتَين لانتظار المسيح: الانتظار المشكّك القلق والانتظار الفَرِح. لنتأمّل في هذَين الموقفَين الرّوحيَّين.

طريقة الانتظار الأولى، هي الانتظار المشكّك، وهي مليئة بعدم الثّقة والقلق. من كان عقله مشغولًا بأفكار أنانيّة، يفقد بهجة الرّوح: فبدل أن يسهر راجيًا، يشكّ في المستقبل. وهو منشغلٌ بمشاريع دنيويّة، ولا ينتظر عمل العناية الإلهيّة. لا يعرف أن ينتظر بالرّجاء الذي أعطانا إيّاه الرّوح القدس. وهنا يأتي الشّفاء في كلام القدّيس بولس، يهُزُّنا من هذا السُّبات: “لا تَكونوا في هَمٍّ مِن أَيِّ شَيءٍ كان” (فيلبي 4، 6). عندما يسيطر علينا الهمّ، فإنّه يدمّرنا دائمًا. الألم شيء، الألم الجسديّ، والألم المعنويّ بسبب كارثة ما في العائلة…، والهمّ شيء آخر. على المسيحيّين ألّا يعيشوا في همّ. لا تكونوا في همّ، ومحبطين، وحزانى. كَم هي شائعة هذه الأمراض الرّوحيّة اليوم، وخاصّة في الأماكن الغارقة في النّزعة الاستهلاكيّة! مجتمعٌ كهذا يَهرَم ويبقى غيرَ راضٍ، لأنّه لا يعرف أن يُعطي: فمن يعيش لنفسه لن يكون سعيدًا أبدًا. ومن يعيش وهو مُنغلق على نفسه وغير مُنفتح على الآخرين، لن يكون سعيدًا. مَن كانت يده فقط للأخذ لا للعطاء والمساعدة والمشاركة، لن يكون سعيدًا أبدًا. وهذا شرٌّ يمكن أن يكون لنا كلّنا، وللمسيحيّين كلّهم، ونحن أيضًا الكهنة والأساقفة والكرادلة، كلّنا والبابا أيضًا.

والرّسول يقدِّم لنا علاجًا ناجعًا عندما كتب: “بل في كُلِّ شَيءٍ لِتُرفَعْ طَلِباتُكم إِلى اللهِ بِالصَّلاةِ والدُّعاءِ مع الشُّكْر” (فيلبي 4، 6). الإيمان بالله يُعطي الرّجاء! في هذه الأيّام بالتّحديد، وخلال المؤتمر الذي انعقد هنا في أجاكسيو، تمّ التّأكيد على أهمّيّة تنمية الإيمان، وتقدير دور التّقوى الشّعبيّة. لنفكّر في صلاة المسبحة الورديّة: إن اكتشفناها من جديد ومارسناها جيّدًا، فإنّها تعلِّمنا أن نركِّزَ قلبنا على يسوع المسيح، فيما ننظر متأمّلين في مريم العذراء. ولنفكّر في الأخويّات التي يمكنها أن تربّي على الخدمة المجّانيّة للآخرين، سواء كانت روحيّة أم جسديّة. جماعات المؤمنين هذه، والغنيّة بتاريخها، تشارك بفعَاليّة في الليتورجيّا وفي الصّلوات في الكنيسة، التي يزيّنونها بالتّرانيم وبالعبادات الشّعبيّة. وأوصي أعضاء الأخويّات أن يكونوا دائمًا مستعدّين للخدمة، وقريبين من أشدّ النّاس حاجة، ويجعلوا الإيمان يعمل في المحبّة.

وهنا نصل إلى الموقف الثّاني: الانتظار الفَرِح. وليس سهلًا أن نفرح. الفرح المسيحيّ ليس فرحًا غير مبالٍ أو سطحيًّا. بل هو فرح القلب، المبنِيّ على أساس متين، وقد عبّر عنه النّبي صفنيا، عندما خاطب الشّعب وقال: “في وَسَطِكِ الرَّبُّ إِلهُكِ، الجَبَّارُ الَّذي يُخَلِّص” (صفنيا 3، 17). مجيء الرّبّ يسوع يحمل لنا الخلاص: ولذلك فهو سبب للفرح. الله ”قدير“، يقول الكتاب المقدّس: هو قادرٌ أن يفتدي حياتنا لأنّه يستطيع أن يحقّق ما يقوله! لذلك، فإنّ فرحنا ليس تعزية وهميّة، لتَجعلنا ننسى أحزان الحياة. بل هو ثمر الرّوح القدس لأنّنا نؤمن بالمسيح المخلّص، الذي يقرع على باب قلبنا، ليحرّره من الحزن والملل. وهكذا يصير مجيء الرّبّ يسوع عيدًا مليئًا بالمستقبل للشّعوب كلّها: فبرفقة يسوع نكتشف الفرح الحقيقيّ في أن نعيش ونُعطي علامات الرّجاء التي ينتظرها العالم.

أُولَى هذه العلامات هو السّلام. الآتي هو عمّانوئيل، الله معنا، الذي يُعطي السّلام للبشر الذين أحبّهم الرّبّ يسوع (راجع لوقا 2، 14). وبينما نستعدّ لاستقباله، في زمن المجيء هذا، لتنمو جماعاتنا في قدرتها على مرافقة الجميع، وخاصّة الشباب الذين يسيرون نحو المعموديّة والأسرار، وأيضًا المسنّين. المسنّون هم حكمة الشّعب. لا ننسَ ذلك! ويمكن لكلّ واحد منّا أن يفكّر: كيف أتصّرف أمام كبار السّن؟ هل أذهب للقائهم؟ هل أقضي وقتي معهم؟ هل أستمع إليهم؟ هل أهملهم؟ كم من الأبناء يهملون والديهم في دور الرّعاية؟ كثيرون يتركون كبار السّن لوحدهم. يتبادلون التّهاني في عيد الميلاد أو عيد الفصح عبر الهاتف! اعتنوا بكبار السّن، فهُم حكمة الشّعب!

ولنفكّر بالشباب الذين يسيرون نحو المعموديّة والأسرار. في كورسيكا، والشّكر لله، هناك شبابٌ كثيرون! تهانينا! لم أرَ قطّ أطفالًا كثيرين كما رأيت هنا! إنّها نعمة من الله! أيّها الإخوة الأعزاء، أنجبوا أطفالًا، فهم سيكونون فرحكم وتعزيتكم في المستقبل. هذه هي الحقيقة: لم أرَ قطّ أطفالًا كثيرين. فقط في تيمور الشّرقيّة كانوا كثيرين هكذا، ولكن في المدن الأخرى لم يكونوا كذلك. هذا هو فرحكم ومجدكم.

أيّها الإخوة والأخوات، للأسف نحن نعلَم جيّدًا أنّ هناك أسبابًا كبيرة للألم بين الأمم: الويلات والحروب والفساد والعنف. سأقول لكم أمرًا: أحيانًا يأتي إلى المقابلة العامّة أطفالًا أوكرانيّين، تمّ إحضارهم إلى هنا بسبب الحرب. هل تعلمون أمرًا؟ هؤلاء الأطفال لا يبتسمون! لقد نسوا الابتسامة. من فضلكم، لنفكّر في هؤلاء الأطفال في أراضي الحرب، وفي ألم الأطفال الكثيرين.

لكن كلمة الله تشجّعنا دائمًا. أمام الدّمار الذي يَظلِمُ الشّعوب، الكنيسة تُعلن رجاءً أكيدًا لا يخيب، لأنّ الرّبّ يسوع يأتي ليسكن بيننا. لذلك، التزامنا من أجل السّلام والعدل يجد في مجيئه قوّة لا تنتهي.

أيّها الإخوة والأخوات، في كلّ زمان وفي كلّ مِحنة، المسيح حاضرٌ، هو ينبوع فرحنا. هو معنا في محنتنا ليحملنا ويُعطينا الفرح. لنحتفظ بهذا الفرح دائمًا في قلبنا، وفي هذه الحقيقة أنّ يسوع معنا. لا ننسَ ذلك! ومع هذا الفرح وهذه الحقيقة أنّ يسوع معنا، سنكون سعداء وسنُسعد الآخرين. هذه يجب أن تكون شهادتنا.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024

_________________________________________________________________

الزيارة الرّسوليّة إلى أجاكسيو (جزيرة كورسيكا)

تحيّة قداسة البابا فرنسيس

في ختام القدّاس الإلهيّ

في ”ساحة أوسترليتز“(Place d’Austerlitz)

15 كانون الأوّل/ديسمبر 2024

أشكر الكاردينال بوستييو (Bustillo) على كلامه وعلى هذا اليوم بأكمله الذي شعرت فيه أنّي في بيتي! شكرًا لجميع الذين شاركوا بطرق مختلفة وأعدّوا هذه الزيارة، والشّكر الموصول للجماعة الكنسيّة والمجتمع المدني. استمرّوا في انسجام ووئام، وتميّزوا بعضكم عن بعض، لكن لا تنفصلوا، وتعاونوا دائمًا من أجل الخير العام.

أحيِّي وأبارك المرضى، والكبار في السّنّ الوحيدين، والسّجناء. لتمنح سيِّدتنا مريم العذراء العزاء والرّجاء للمتألّمين. كونوا قريبين من كبار السّنّ والمرضى والوحيدين. قريبين بالقلب، والأعمال، والمساعدة.

أيّها الإخوة والأخوات، ليساعدكم إنجيل ربِّنا يسوع المسيح حتّى يبقى قلبكم منفتحًا على العالم: تقاليدكم هي غنًى يجب أن تحافظوا عليها وتنمّوها، ولكن ليس لتنعزلوا فيها. استمرّوا في تقاليدكم لتلتقوا دائمًا بالآخرين وتتشاركوا معهم.

شكرًا للجميع! أتمنّى لكم مسيرة مباركة نحو عيد الميلاد المجيد! شكرًا.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post البابا من أجاكسيو: لنجد الشّجاعة لأن نسأل، ودون خوف: ماذا أَعمَل؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
عناوين نشرة الاثنين 16 كانون الأوّل 2024: نعمة الله أساس الإيمان https://ar.zenit.org/2024/12/16/%d8%b9%d9%86%d8%a7%d9%88%d9%8a%d9%86-%d9%86%d8%b4%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ab%d9%86%d9%8a%d9%86-16-%d9%83%d8%a7%d9%86%d9%88%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d9%91%d9%84-2024/ Mon, 16 Dec 2024 19:44:03 +0000 https://ar.zenit.org/?p=75345 الاستعداد لعيد الميلاد

The post عناوين نشرة الاثنين 16 كانون الأوّل 2024: نعمة الله أساس الإيمان appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

الزيارة الرسوليّة إلى أجاكسيو: جمال وأهمّيّة التّقوى الشّعبيّة

جذور الإيمان

هل يوجد فرح من دون يسوع؟

وأقول إفرحوا

كيف أعيش تلمذتي؟

نعمة الله هي أساس الإيمان المسيحي

عيد الميلاد هو وقت لتجديد المحبة

الاستعداد لعيد الميلاد

 

The post عناوين نشرة الاثنين 16 كانون الأوّل 2024: نعمة الله أساس الإيمان appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
كيف أعيش تلمذتي؟ https://ar.zenit.org/2024/12/16/%d9%83%d9%8a%d9%81-%d8%a3%d8%b9%d9%8a%d8%b4-%d8%aa%d9%84%d9%85%d8%b0%d8%aa%d9%8a%d8%9f/ Mon, 16 Dec 2024 11:56:14 +0000 https://ar.zenit.org/?p=75347 في صلاة الملاك مع الأساقفة والكهنة والمكرَّسين والمكرَّسات والإكليركيّين في كاتدرائية مريم سيدة الانتقال

The post كيف أعيش تلمذتي؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

الإخوة الأساقفة الأعزّاء،
الكهنة والشّمامسة والمكرَّسين والمكرَّسات والإكليريكيّين الأعزّاء!

أنا هنا على هذه الأرض الجميلة ليوم واحد فقط، ولكنّي رغبتُ في تخصيص ولو لحظة قصيرة، لكي ألتقي بكم وأحيّيكم. فهي فرصة لي قبل كلّ شيء لأقول لكم شكرًا: شكرًا لوجودكم، لحياتكم التي تقدّمونها، وشكرًا لعملكم، ولالتزامكم اليوميّ، وشكرًا لأنّكم علامة لحبّ الله الرّحيم ولأنّكم شهود للإنجيل. سُرِرتُ عندما تمكّنت من أن أسلّم على واحدٍ منكم: يبلغ من العمر خمسة وتسعين سنة، وهو كاهنٌ منذ سبعين سنة! هذا هو أن نستمرّ في حمل هذه الدّعوة الجميلة. شكرًا لك يا أخي على شهادتك! شكرًا جزيلًا!

ومن كلمة ”شكرًا“ أنتقل مباشرة إلى نعمة الله، التي هي أساس الإيمان المسيحيّ وكلّ شكلٍ من أشكال التّكريس في الكنيسة. في السّياق الأوروبيّ الذي نحن فيه، لا تغيب المشاكل والتّحدّيات فيما يختصّ بنقل الإيمان، وأنتم تواجهون ذلك يوميًّا، وتكتشفون أنّكم صغار وضعفاء: فعددكم ليس كبيرًا، ولا تملكون وسائل فعّالة، والبيئة التي تعملون فيها لا تبدو مستعدّة دائمًا لأن تقبل إعلان بشارة الإنجيل. ومع ذلك، فإنّ هذا الفَقر هو بَرَكَة! إذ هو يُجرّدنا من وهمنا بأنّنا قادرون أن نعمل كلّ شيء وحدنا، ويعلِّمنا أن ننظر إلى الرّسالة المسيحيّة على أنّها أمر لا يعتمد على القِوى البشريّة، بل قبل كلّ شيء على عمل الرّبّ يسوع، الذي يعمل ويتصرّف دائمًا بالقليل الذي يمكننا أن نقدّمه له.

لا ننسَ ذلك: في مركز كلّ شيء يوجد الرّبّ يسوع. لست أنا في المركز، بل الله. هذا الأمر ربّما ينبغي على كلّ راعٍ وكلّ مكرَّس أن يكرّره في صلاته كلّ صباح: اليوم أيضًا، في خدمتي، لست أنا في المركز، بل الله. وأقول هذا لأنّ هناك خطرًا في حياة الدّنيا، وهو الغرور. التّصرّف بتباهي، والنّظر إلى أنفسنا كثيرًا. الغرور رذيلة سيّئة، ورائحتها كريهة.

أولويّة النّعمة الإلهيّة لا تعني أنّنا يمكننا أن ننام بهدوء ودون أن نتحمّل مسؤوليّاتنا. بل العكس، علينا أن نفكّر في أنّنا ”عاملون معًا في نعمة الله“ (راجع 1 قورنتس 3، 9). إذّاك، ونحن نسير مع الرّبّ يسوع، نعود كلّ يوم إلى السّؤال الجوهريّ: كيف أعيش كهنوتي، وتكريسي، وتَلمَذَتِي؟ هل أنا قريب من يسوع؟ لا تَنسوا الرّبّ يسوع! هو في بداية ووسط ونهاية يومنا. هو سيّدنا، وهو يعمل أكثر منّا!

وأطرح عليكم هذا السّؤال: كيف أعيش تَلمَذَتِي؟ ضعوا هذا السّؤال في قلبكم، ولا تستخفّوا به ولا بضرورة هذا التّمييز، وهذه النّظرة في داخلكم، حتّى لا يحدث أن تسحقكم الإيقاعات والأنشطة الخارجيّة، فلا يبقى لكم ثبات في داخلكم. من جانبي، أودّ أن أدعوكم إلى أمرَين: أن تهتمّوا بأنفسكم، وأن تهتمّوا بالآخرين.

الأوّل: أن تهتمّوا بأنفسكم. لأنّ الحياة الكهنوتيّة أو المكرَّسة ليست كلمة ”نعم“ قلناها مرّة واحدة وإلى الأبد. مع الرّبّ يسوع، لا يمكننا أن نعيش على توفيراتنا. بل العكس، يجب أن نجدّد كلّ يوم فرح اللقاء به، ويجب في كلّ لحظة أن نُصغي إلى صوته من جديد وأن نقرّر أن نتبعه، حتّى في لحظات سقوطنا. انهض، وانظر إلى الرّبّ يسوع، وقُل له: ”سامحني، وساعدني لكي أستمرّ“. هذا هو القُرب الأخويّ والبنويّ.

لنتذكّر هذا الأمر: حياتنا هي أن نعطي أنفسنا، لكن، كلّما أعطى الكاهن نفسه، أو الرَّاهب أو الرَّاهبة، وكلّما عمل من أجل ملكوت السّموات، صار ضروريًّا له أن يهتمّ بنفسه أيضًا. الكاهن أو الرّاهبة أو الشّماس الذي يهمل نفسه، ينتهي به الأمر أيضًا أن يُهمل الذين أُوكلوا إلى عنايته. لذلك، نحن بحاجة إلى ”قاعدة حياة“ صغيرة – الرّهبان لديهم هذه القاعدة – تتضمّن الموعد اليوميّ مع الصّلاة والإفخارستيّا، والحوار مع الرّبّ يسوع، كلٌّ بحسب روحانيّته وأسلوبه. وأودّ أيضًا أن أُضيف: لنحتفظ ببعض لحظات من الوَحدة، وليكن لنا أخ أو أخت نشاركه/ها ما نحمله في قلوبنا بحرّيّة، ولِننَمِّيَ فينا شيئًا نحبّه كثيرًا، لا لنمضي وقت فراغنا، بل لنستريح بطريقة سليمة من متاعب الخِدمَة. علينا أن نخاف من الأشخاص النّشيطين دائمًا، والذين هُم دائمًا في قلب الأمور، والذين ربّما بدافع الغَيرَة الزّائدة لا يستريحون أبدًا، ولا يأخذون فترة استراحة من أجل أنفسهم. أيّها الإخوة، هذا ليس جيّدًا، إذ يجب أن تكون هناك أماكن وأوقات فيها يهتمّ كلّ كاهن وكلّ شخص مكرَّس بنفسه. لا ليحسّن من مظهره ويبدوا أجمل، بل لكي يتكلّم مع الصّديق والرّبّ يسوع، وقبل كلّ شيء، مع الأمّ – من فضلكم لا تتركوا سيّدتنا مريم العذراء – ليتكلّم على حياته وكيف تسير الأمور. ومن أجل ذلك، ليكن لكم دائمًا إمّا معرِّفًا لسماع خطاياكم أو صديقًا يعرفكم جيّدًا، يمكنكم أن تتكلّموا معه وتقوموا بالتّمييز.

وفي هذه العناية يدخل شيء آخر: الأخوّة بينكم. لنتعلَّم أن نتشارك ليس فقط المشقّات والتّحدّيات، بل أيضًا الفرح والصّداقة في ما بيننا. قال أسقفكم شيئًا أعجبني كثيرًا، وهو إنّه من المهمّ أن ننتقل من ”سفر المراثي“ إلى ”سفر نشيد الأناشيد“. هذا الأمر مهمّ، ويقوله أيضًا أحد المزامير: “إِلى رَقصٍ حَوَّلتَ نَدْبي” (المزمور 30، 12). لنتشارك فرح أن نكون رسلًا وتلاميذَ للرّبّ يسوع! يجب أن نتشارك الفرح، وإلّا ستحلّ مكانه المرارة. من السيّئ أن نجد كاهنًا في قلبه مرارة. من فضلكم، توقّفوا عن الاستياء والحسد. لنطلب إلى الرّبّ يسوع أن يحوّل استيائنا إلى بهجة، ويُعطينا حسّ الفكاهة والبساطة الإنجيليّة.

الأمر الثّاني: أن تهتمّوا بالآخرين. الرّسالة التي تلقّاها كلّ واحدٍ منكم لها دائمًا هدف واحد: وهو أن نحمل يسوع إلى الآخرين، وأن نَهَبَ القلوب تعزية الإنجيل. أحبّ أن أذكر هنا ما قاله بولس الرّسول في لحظة عودته إلى قورنتس، حيث كتب ما يلي: “وإِنِّي بِحُسنِ الرِّضا أَبذُلُ المال، بل أَبذُلُ نَفْسي عن نُفوسِكُم” (2 قورنتس 12، 15). أن نبذل أنفسنا من أجل نفوس الآخرين، وأن نبذل أنفسنا ونقدِّم نفسنا من أجل الذين أُوكلوا إلى عنايتنا. أتذكّر كاهنًا شابًّا قدّيسًا مات بمرض السّرطان منذ فترة قصيرة. كان يعيش في إحدى الأحياء الفقيرة مع النّاس الأشدِّ فقرًا. قال: ”أحيانًا أرغب في أن أغلق النّافذة بالطُّوب، لأنّ النّاس يأتون إليَّ في أيّ ساعة، وإن لم أفتح الباب، فهُم يطرقون على النّافذة“. يجب على الكاهن أن يكون قلبه مفتوحًا للجميع، ودون تمييز.

الاستماع والقُرب من النّاس، هذه أيضًا دعوة، أن نبحث، في طيلة اليوم، عن الطّرق الرّعويّة الفعّالة بشكل أكبر من أجل إعلان بشارة الإنجيل. لا تخافوا من أن تغيّروا، وأن تراجعوا أنماطكم القديمة، وأن تجدّدوا لغات الإيمان، وأن تتعلّموا أنّ الرّسالة ليست مسألة استراتيجيّات بشريّة، بل هي قبل كلّ شيء مسألة إيمان. أن تهتمّوا بالآخرين: بالذين ينتظرون كلمة يسوع، والذين ابتعدوا عنه، والذين يحتاجون إلى توجيه أو إلى تعزية في آلامهم. الاهتمام بالجميع، في التّنشئة وقبل كلّ شيء في اللقاء. نلتقي بالأشخاص، حيث يعيشون ويعملون، وهذا أمرٌ مهمّ.

ثمَّ، أمرٌ مهمّ جدًّا: من فضلكم، اغفروا دائمًا. واغفروا كلّ شيء. اغفروا كلّ شيء ودائمًا. أقول للكهنة، في سرّ المصالحة، ألّا يطرحوا أسئلة كثيرة. اسمعوا واغفروا. قال أحد الكرادلة – وهو مُحافظٌ بعض الشّيء، وملتزم بعض الشّيء، لكنّه كاهن كبير – أثناء حديثه في مؤتمر للكهنة: ”إذا بدأ شخص ما [خلال الاعتراف] في التّلعثم لأنّه يشعر بالخَجَل، أقول له: حسنًا، لقد فهمت، انتقل إلى شيء آخر. في الحقيقة لم أفهم شيئًا، لكن هو [الرّبّ يسوع] فهم“. من فضلكم لا تعذّبوا النّاس في كرسي الاعتراف: أين، كيف، متى، مع من… اغفروا دائمًا، اغفروا دائمًا! هناك راهب كبّوشيّ جيّد في بوينس آيرس، عيّنته كاردينالًا ويبلغ من العمر ستّة وتسعين سنة. كان لديه دائمًا صفًّا طويلًا من النّاس، لأنّه معّرِف جيّد، أنا أيضًا كنت أذهب إليه. قال لِي مرَّة هذا المعرِّف: ”اسمع، أحيانًا أشعر بالشّكّ في أنّي أغفر كثيرًا جدًّا“ – قلت له: ”وماذا تفعل في هذه الحالة؟“ – أجابني: ”أذهب لأصلّي وأقول: يا ربّ، سامحني، لقد غفرت كثيرًا جدًّا. ومباشرة أفكّر في أن أقول له: ولكنّك أنت الذي أعطيتني المثال السّيّئ!“. اغفروا دائمًا. واغفروا كلّ شيء. وأقول ذلك أيضًا للرّاهبات والرّهبان: اغفروا، وانسوا، عندما يصنعون بنا شيئًا سيّئًا، وعند صراعات الجماعات الطّموحة… اغفروا. أعطانا الرّبّ يسوع المثال: أن نغفر كلّ شيء ودائمًا! وسأقول لكم أمرًا خاصًّا: لقد أكملت خمسة وخمسين سنة من الكهنوت، نعم، قبل يوم أمس أكملت خمسة وخمسين سنة، وما رفضت إطلاقًا أن أعطي الحلّة لأحد. أحبّ أن أعرِّف كثيرًا. كنت أبحث دائمًا عن الطّريقة للمغفرة. لا أعلم إن كان هذا جميلًا، وإن كان الرّبّ يسوع سيعطيني… ولكن هذه هي شهادتي.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أشكركم من قلبي وأتمنّى لكم خدمة مليئة بالرّجاء والفرح. لا تستسلموا حتّى في لحظات التّعب أو الإحباط. أعيدوا قلبكم إلى الرّبّ يسوع. فهو يُظهر نفسه وهو موجود بينكم إذا اهتمَمْتم بأنفسكم وبالآخرين. بهذه الطّريقة، هو يقدِّم التّعزية للذين دعاهم وأرسلهم. استمرّوا بشجاعة، وهو سيملأكم بالفرح.

والآن لنوجّه صلاتنا إلى سيِّدتنا مريم العذراء. في هذه الكاتدرائيّة المكرّسة لها هي سيِّدة الانتقال، التي يكرّمها الشّعب المؤمن شفيعةً وأمَّ الرّحمة، والمعروفة باسم ”Madunnuccia“. من هذه الجزيرة في البحر الأبيض المتوسّط، لنرفع إليها تضرّعاتنا من أجل السّلام: السّلام لكلّ الأراضي المطلّة على هذا البحر، وخاصّة من أجل الأرض المقدّسة حيث وَلدَت مريم ابنها يسوع. السّلام لفلسطين ولإسرائيل وللبنان ولسوريا، ولكلّ الشّرق الأوسط! السّلام في الميانمار المعذّب. ولتحقِّق والدة الإله القدّيسة السّلام المنشود للشّعب الأوكرانيّ والشّعب الرّوسي. السّلام، أيّها الإخوة والأخوات، فالحرب دائمًا هزيمة. والحرب في الجماعات الرّهبانيّة، وفي الرّعايا هي دائمًا هزيمة، دائمًا! ليمنح الرّبّ يسوع السّلام للجميع.

ولنصلِّ من أجل ضحايا الإعصار الذي ضرب أرخبيل مايوت في السّاعات الماضيّة. أنا قريبٌ روحيًّا من الذين تأثّروا من هذه المأساة.

والآن، لنصلِّ كلّنا معًا صلاة الملاك.

صلاة الملاك…

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post كيف أعيش تلمذتي؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>