عدي توما, Author at ZENIT - Arabic https://ar.zenit.org/author/udaytoma/ The World Seen From Rome Tue, 25 Sep 2018 03:36:03 +0000 en-US hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.5.2 https://ar.zenit.org/wp-content/uploads/sites/5/2020/07/f4ae4282-cropped-02798b16-favicon_1.png عدي توما, Author at ZENIT - Arabic https://ar.zenit.org/author/udaytoma/ 32 32 ويستمرُّ التشويه … وتظلّ الحقيقة غير ذلك https://ar.zenit.org/2018/09/25/%d9%88%d9%8a%d8%b3%d8%aa%d9%85%d8%b1%d9%91%d9%8f-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b4%d9%88%d9%8a%d9%87-%d9%88%d8%aa%d8%b8%d9%84%d9%91-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%82%d9%8a%d9%82%d8%a9-%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d8%b0/ Tue, 25 Sep 2018 03:36:03 +0000 https://ar.zenit.org/?p=38468 بين قولبـــة الكلام، وشفافيّة الطرح النقيّ

The post ويستمرُّ التشويه … وتظلّ الحقيقة غير ذلك appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
لقد تعوّدنا وتعوّد الجميع من أن نسمعَ، في بعض المواقع ( غير الواضحة – بلا هويّة)، أكاذيبًا وتضليلات ٍ كثيرة لصورة الرموز المسيحيّة المهمّة في الكنيسة الكاثوليكية، وأخصّ بالذكر هنا، البابا فرنسيس. ففي الأونة الأخيرة، أظهرت مواقع معيّنة ونُشرت أيضا على مواقع التواصل الإجتماعيّ، خبرًا يخصّ قداسة البابا فرنسيس، والموضوع كان حول : الجنس.

ليسَ غريبًا أبدًا عن الكنيسة الكاثوليكيّة في تعاليمها وفي أحاديث ورسائل الباباوات، من أن يتحدّثوا علنـــًا حول مواضيع الحبّ والجنس والعائلة. لا بل إنّ البابا نشرَ إرشادا رسوليّا حول الموضوع ألا وهو فرح الحبّ! . قبلَ الردّ على الأكاذيب والإشاعات والتلفيقات التي وضعت على لسانه مِنْ مَن لهم النيّة السيّئة جدّا لتشويه صورة البابا والكنيسة الجامعة حصرًا! . ونحن نقولُ: إنّ الكنيسة الكاثوليكيّة رأسها الأكبر والأعظمُ هو شخص يسوع المسيح، الذي وضعَ بطرسَ النائب لها، ومِن مَن سيكون خَلَفَه. فهي محميّة من ربّ المجد، وأبوابُ الجحيم لن تقوى عليها.

لا بدّ لنا هنا، قبل الردّ، أن نقولَ أمرًا مهمّا:  إنّ البابا لا يستحي أبدًا من الكلام عن موضوع الجنس والعلاقات الجنسية.  ولا يخجلُ أبدًا إنْ إعتذر من بعض الممارسات  والإعتداءات الجنسية التي حصلت وتحصلُ دائمًا، ويقول البابا فورًا بطلب الإعتذار عن هذا الأمر.

لماذا هذه الأكاذيب والتشويهات لصورة البابا، وخصوصًا بأن يوضَع على لسانه أمرًا لم يقله بهذه الطريقة ؟ ما هي هذه الطريقة قيلَت؟؟

موقع arabic.sputniknews.com مثلا قال :

أعلن بابا الفاتيكان فرنسيس أن الحب والجنس والجاذبية الجنسية بين الزوجين هي هدية من الرب، واعتبر البابا أن الجنس هو المفتاح الأساس إلى الجنة . و الحب لدى الزوجين لا يعرف المحظور وبالتالي يجب أن تكون العلاقة مفتوحة وصريحة إلى أبعد الحدود، لأن ذلك سيقرب الرجل والمرأة أكثر ويجعلهما كتلة واحدة”.

لنرى بعض التعليقات التي نُشِرتْ حول هذا الأمر : تعليم الشيطان – آخر قال، المفتاح الأساسيّ لأيّ جنّة يقصد؟ – البابا أصبحَ مفتي مثل شيوخ الإسلام ، آخر يعلّق بطريقة فكاهيّة ويقول: يا أفلاطون زمانك، ليس بالجنس وحده يحيا الإنسان . ..الخ

هدفنا الآن هو أن نردّ على هذا الأمر بكلّ منطقيّة وعقلانيّة :

سؤالنا هو: هل فعلا قال البابا هذا الكلام، وبهذه الطريقة؟

الجواب هو كلاّ: لم يقل كذلك. فليس مذكورًا أينَ ومتى وكيفْ ولِمَن؟ للأسف، الكثير يطلق الشائعات يمنة ويسرة على البابا . وهذا أمرٌ مخزي فعلا.

هناكَ قولبةٌ للخبرْ. وتشويهٌ.

الخبرُ الحقيقيّ موجودٌ باللغة الإيطاليّة على موقع الفاتيكان، وسأضعه في نهاية المقال …

لنرى الآن أينَ ومتى وكيف ولمَن ؟

البابا إلتقى شبّانا وشابّات من أبرشيّة غرونوبل فيين الفرنسيّة، وطرحت من قبلهم أسئلة إلى البابا وكان من ضمنها موضوعًا حول الحبّ والجنس. لن أعطيَ الآن كلّ ما قيل، فستجدونَ الخبرَ كاملا في الموقع باللغة الإيطاليّة أدناه:

يذكرُ الموقع الأصليّ والخبرَ الحقيقيّ هذا: – وردّا على سؤال بشأن الجنس، أكّد البابا فرنسيس أهميّة ألا يُفصَل الجنس عن الحب. ولفت إلى أنه إلتقى بشخصين متزوّجين منذ ستّين سنة، وما يزالان يعيشان الحبّ المتبادل.  وقال فرنسيس، إنّ الجنس هو عطيّة من الله، ويهدف إلى التعبير عن الحبّ وإنجاب البنين. كما أنّ الحبّ يحمل الإنسان إلى وهب حياته مع بكاملها ، نفسا وجسدًا، للشريك الآخر. وذكّر البابا بكلمات مع الربّ القائل إنّ الرجل والمرأة يتركان والديهما ويتّحدان مع بعضهما البعض، ويصيران جسدًا واحدًا، وهذه هي عظمةُ الجنس. ولا بدّ من الحديث عن الموضوع من هذا  المنظار.    ويقولُ أيضا : وحذّر البابا من المخاطر التي تترتّب على الجنس الذي يعاش خارج إطار الحبّ، ويهدفُ إلى التسلية وحسب، وتطرّق أيضا إلى خطورة صناعة الجنس، المواد الإباحيّة التي تحقق أرباحا طائلة. (موقع فاتيكان نيوز) https://www.vaticannews.va/ar/pope/news/2018-09/pope-meeting-group-young-people-grenoble-diocese.html

لنرى ما قاله البابا ، في إرشاده الرسوليّ فرح الحبّ، عن الحب والجنس

الفقرة 150 : كلّ هذا يقودنا إلى الحديث عن الحياة الجنسيّة بين الزوجين. لقد خلق الله نفسه الجنس، الذي هو هدية رائعة لمخلوقاته. عندما نعتني به، ونتفادى خروجه عن المألوف نمنعُ حدوث ” إفــقار لقيمة أصيلة “(يوحنا بولس الثاني، اللقاءالعامّ 22 أكتوبر 1980)

رفض القديس البابا يوحنا بولس الثاني فكرة أنّ تعليم الكنيسة يقودُ إلى إنكار لقيمة الجنس لدى الإنسان، أو أن يتمّ قبوله لمجرد الحاجة للإنجاب بحد  ذاتها.

الفقرة 151 : الجنس ليس وسيلة إشباع أو ترفيه، بما أنّه لغة تواصل بين شخصين، حيث يتمّ أخذ الآخر على محمل الجدّ مع قدسيّة قيمته وحرمتها.

الفقرة 154 : ليسَ من المفرط التذكير بأنّ الحياة الجنسيّة يمكن أن تصبحَ مصدرَ معاناة ٍ وتلاعبٍ ضمن الزواج. لذا، فلا بدّ  أن نؤكّد بوضوح بأنّ فعلاً زواجيّا مفروضًا على أحد الزوجين دون إعتبار أوضاعه ورغباته الشرعيّة، ليس فعلَ حبّ حقيقيّ، يتنافى بالتالي ومقتضى النظامَ الأدبيّ الصحيح في العلاقات بين الزوجين.

هذه بعض من فقرات الإرشاد الرسوليّ : فرح الحبّ، وللإستزادة يمكنهم الإطّلاع عليه أكثر.

الموقع الأصلي باللغة الإيطاليّة :

http://w2.vatican.va/content/francesco/it/speeches/2018/september/documents/papa-francesco_20180917_giovani-francia.html
___
Manon:
Io mi chiamo Manon e ho 16 anni. Improvvisamente, questi argomenti diventano complicati; si sente di tutto, da chiunque, si vedono tante cose, ci sono opinioni diverse… In generale, ci si sente persi. Dove ci si deve “posizionare” in una società in cui il corpo è dissacrato?
Papa Francesco:
La sessualità, il sesso, è un dono di Dio. Niente tabù. È un dono di Dio, un dono che il Signore ci dà. Ha due scopi: amarsi e generare vita. È una passione, è l’amore appassionato. Il vero amore è appassionato. L’amore fra un uomo e una donna, quando è appassionato, ti porta a dare la vita per sempre. Sempre. E a darla con il corpo e l’anima. Quando Dio ha creato l’uomo e la donna, la Bibbia dice che tutt’e due sono immagine e somiglianza di Dio. Tutti e due, non solo Adamo o solo Eva, ma tutt’e due – ensemble – tutt’e due. E Gesù va oltre, e dice: per questo l’uomo, e anche la donna, lascerà suo padre e sua madre e si uniranno e saranno… una sola persona?…, una sola identità?…, una sola fede di matrimonio?… Una sola carne: questa è la grandezza della sessualità. E si deve parlare della sessualità così. E si deve vivere la sessualità così, in questa dimensione: dell’amore tra uomo e donna per tutta la vita. È vero che le nostre debolezze, le nostre cadute spirituali, ci portano a usare la sessualità al di fuori di questa strada tanto bella, dell’amore tra l’uomo e la donna. Ma sono cadute, come tutti i peccati. La bugia, l’ira, la gola… Sono peccati: peccati capitali. Ma questa non è la sessualità dell’amore: è la sessualità “cosificata”, staccata dall’amore e usata per divertimento. È interessante come la sessualità sia il punto più bello della creazione, nel senso che l’uomo e la donna sono stati creati a immagine e somiglianza di Dio, e la sessualità è la più attaccata dalla mondanità, dallo spirito del male. Dimmi: tu hai visto, per esempio – non so se a Grenoble c’è – ma tu hai visto una industria della bugia, per esempio? No. Ma un’industria della sessualità staccata dall’amore, l’hai vista? Sì! Tanti soldi si guadagnano con l’industria della pornografia, per esempio. E’ una degenerazione rispetto al livello dove Dio l’ha posta. E con questo commercio si fanno tanti soldi. Ma la sessualità è grande: custodite la vostra dimensione sessuale, la vostra identità sessuale. Custoditela bene. E preparatela per l’amore, per inserirla in quell’amore che vi accompagnerà tutta la vita. Io vi racconterò una cosa, e poi ve ne dirò un’altra. Nella Piazza [San Pietro] una volta – io saluto la gente nella Piazza – c’erano due persone grandi, anziane, che celebravano il sessantesimo di matrimonio. Erano luminosi! E io ho chiesto: “Avete litigato tanto?” – “Mah, alle volte…” – “E vale la pena questo, il matrimonio?” – E questi due, che mi guardavano, si sono guardati tra loro e poi sono tornati a guardare me, e avevano gli occhi bagnati, e mi hanno detto: “Siamo innamorati”. Dopo 60 anni! E poi volevo dirvi: una volta un anziano – molto anziano, con la moglie anziana – mi ha detto: “Noi ci amiamo tanto, tanto e a volte ci abbracciamo. Noi non possiamo fare l’amore alla nostra età, ma ci abbracciamo, ci baciamo… Questa è la sessualità vera. Mai staccarla dal posto tanto bello dell’amore. Bisogna parlare così della sessualità. Ça va?
 
 

The post ويستمرُّ التشويه … وتظلّ الحقيقة غير ذلك appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
هل إيماننا اليوم هو أخرس (صامت) ثقافيّا … أم إنه حيٌّ وفعّال؟! https://ar.zenit.org/2018/09/05/%d9%87%d9%84-%d8%a5%d9%8a%d9%85%d8%a7%d9%86%d9%86%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%88%d9%85-%d9%87%d9%88-%d8%a3%d8%ae%d8%b1%d8%b3-%d8%b5%d8%a7%d9%85%d8%aa-%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d9%8a%d9%91%d8%a7/ Wed, 05 Sep 2018 09:56:17 +0000 https://ar.zenit.org/?p=38219 القسم الثامن والأخير من سلسلة الموسيقى والليتورجيّا

The post هل إيماننا اليوم هو أخرس (صامت) ثقافيّا … أم إنه حيٌّ وفعّال؟! appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
نأتي إلى القسم الأخير من سلسلة مقالاتنا حول الموسيقى والليتورجيّا، وهي فصلٌ من كتاب ” روح الليتورجيّا ” للبابا بنديكتوس السادس عشر.

إنّ المفهوم الكونيّ للموسيقى بقيَ حيّا، مع بعض التغيير، إلى فجر الأزمنة العَصريّة. أمـــــا القرن التاسع عشر، فإذ حكم أنّ الميتافيزيقا قد أجتيزَت، أبعدَها لصالح مفهوم الموسيقى المحدودة على تعبير الفاعل وعلى الذاتيّة  فحسب. إنّ هذا التأويل (وقد طوّره هيغل بنوع خاصّ)، كان ما يزال ينضمّ إلى الفكرة الأساسيّة للقعل كإنطلاق وهدف لكلّ شيء. أما شوبنهور، فكان في الأصل من عودة ثقيلة النتائج. وفي نظامه للتأويل، لم يكن بعد أساسَ العالم في العقل،  بل في  ” الإرادة والتمثيل ” . إلاّ أنّ الإرادة، حسب شوبنهور، تسبق العقل والموسيقى التي هي التعبير الأكثر أصالة عن الإنسانيّ، هي هكذا تعبير محض عن الإرادة التي تخلقُ العالم، قبل كلّ عقل.

لذا، يقول البابا، لا ينبغي أن تــــــكون الموسيقى مرتبطة وخاضعة للكلمة، إلاّ في حالة إستثنائيّة. وبما أنها ليست الموسيقى سوى إرادة، فإنها، وهي الأكثر أصالة من العقل، تُعيدنا إلى اساس الواقع (الحقيقة).

إنّ هذا العكس (القلب) يذكّر بالنقل الذي أجراه ” غيث ” لمقدّمة إنجيل يوحنّا : فليس من بعد : ” في البدء كان الكلمة “، بل ” في البدء كان الفعل “. إنه نقل  نــــجده في عصرنا في المحاولة التي ترمي إلى تغيير الأرثوذوكسيّة إلى ” الأرثوبراكسيّة “. بما أنّ الحقيقة لا يمكن البلوغ إليها، كما يبدو، فإنّ الممارسة المشتركة تقومُ مقامَ الإيمان المشترك. إلاّ أنّ الإيمان المسيحيّ قد أكّــــد دومًا أوليـــّة اللوغوس على الأيثوس، كما أظهرَ ذلك جيّدا غوارديني في كتابه ” روح الليتورجيّا “. فحينما تُقــــلَب هذه العلاقة، فالمسيحيّة لا توجد من بعد كمسيحيّة.  وضدّ هذا الإنزلاق المزدوج للأزمنة العصريّة – الموسيقى بصفتها التعبير عن الذاتيّة المحضة أو الإرادة المحضة – ينتصبُ الطابع الكونيّ للموسيقى الليتورجيّة التي تجعلنا ننشد مع الملائكة. إلاّ أنّ هذا الطابع الكونيّ لا يستطيعُ أن ينشرَ قوّته كلّها ما لم تكن العبادة المسيحيّة كلّها في علاقة ٍ حيّة مع اللوغوس.

اليوم، والصيغ الجديدة للذاتانيّة (عقيدة المعرفة كلّها ناشئة عن الخبرة الذاتيّة)، قادت إلى إنحلال الفاعل، والنظريّات الفوضويّة للفنّ تنهي عملها التخريبيّ. قد يساعدنا هذا، يقول البابا، لنتجاوَز مزايدة الذاتيّة هذه، وهذا تضخّم للأنا. لكي نعترف من جديد أن العلاقة باللوغوس وحدها يسعها أن تخلّص الإنسان، أي الشخص، من عزلته وتجعله يستعيد مكانه الصحيح في شركة البشر. في علاقة مؤسّسة، في نهاية المطاف، على محبّة الثالوث.

السياقُ الحاليّ هذا يمثّل، دون شكّ، تحدّيا خطرًا للكنيسة وللثقافة الليتورجيّة. ويُطمئننا بنديكتس إلى عدم الإستسلام للإحباط.  فمن جهة يحتوي التقليد الثقافيّ الكبير للإيمان قوّة عظيمة من الحياة. وهذا الماضي الذي نتأمّل آثاره في المتاحف بدهشة ممزوجة بالحنين، تجعله الليتورجيّا حاضرًا لنا في طراوته النقيّة. ثمّ إن الإيمان ليس اليوم صامتا (أخرس) ثقافيّا، معاذ الله ! ، فإن عصرنا أنشأ أعمالا فنيّة عظيمة مستلهَمة  من الإيمان في مجالات الرسم والموسيقى والأدب. واليوم أيضا، فرحُ الإيمان بالله وخبرة حضوره في الليتورجيّا، هما مصدرَ لإلهام ٍ قويّ لا ينضَب. ولا ينبغي أن يعتبر الفنانون المسيحيّون ذواتهم في مؤخّرة الركب الثقافيّ: فالحريّة الفوضويّة والفارغة التي يتركونها وراءهم هي تعبة  من ذاتها. فالخضوع المتواضع للوغوس هو وحده يعفي الحريّة الحقيقيّة ، ويفتحُ لنا الأبعاد الحقيقيّة لدعوتـــــــــــــنا الإنسانــــــــــيّة.

The post هل إيماننا اليوم هو أخرس (صامت) ثقافيّا … أم إنه حيٌّ وفعّال؟! appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
اللوغوس الفنان! هو مَن يعطي الفن الليتورجيّ قياسه الحقيقيّ وعظمة منظوره ، كيف؟ https://ar.zenit.org/2018/08/31/%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%88%d8%ba%d9%88%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%86%d8%a7%d9%86-%d9%87%d9%88-%d9%85%d9%8e%d9%86-%d9%8a%d8%b9%d8%b7%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%8a%d8%aa%d9%88/ Fri, 31 Aug 2018 09:43:54 +0000 https://ar.zenit.org/?p=38168 القسم السابع من الموسيقى والليتورجيّا

The post اللوغوس الفنان! هو مَن يعطي الفن الليتورجيّ قياسه الحقيقيّ وعظمة منظوره ، كيف؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
نبدأ من حيثُ أنهينا القسم السادس من الموضوع، ألا وهي النقطة الثالثة. كنّا نتكلّم عن أن الموسيقى في العبادة المسيحية تعود إلى اللوغوس بأشكال ٍ ثلاثة:

3 –  إنّ الكلمة المتجسّد (اللوغوس)، يقولُ البابا بنديكتوس، لا يُـــحدَّد بالمعنى الذي يُعطيه لتاريخنا الفرديّ، أو حتى للتاريخ بنوع عامّ . إنه معنى الحدث نفسه المنعكس في تنـــظيم الكون، الذي ينتشِلُنا من عزلتنا ليُدخلنا إلى شركة القدّيسين. هناك يضعنا الربّ في سعة في فضاء من الحريّة بأبعاد الخليقة كلّها. هذا البُعد الكونيّ لليتورجيّا المسيحيّة، يأتي التعبير عنه في المقدمة، حيث نشيد التقاديس يوحّدنا مع الكاروبيم والسرافيم ومجموعة الأجواق السماويّة. وهذا يشكّل أيضا المرجعيّة لصوت التسبحة للسرافيم الذي سَمِعَه اشعيا يرنّ في قدس الأقداس لهيكل أورشليم: “قدّوس، قدّوس، قدّوس هو الإله الذي مجده يملأ الأرض كلّها ” (اشعيا 6 : 3). إنّما في هذه الليتورجيّا الملائكــــيّة، نكون مدمَجين عند الإحتفال بالقداس الإلهيّ، وبأناشيدنا وصلواتنا، نتّحد بالليتورجيّا الكبيرة التي تضمّ الخلق كلّه.

لقد بيّـــن الآباءُ، القدّيس أوغسطينوس هو الذي، بصورة أخصّ، توخّى ربط البعد الكونيّ لليتورجيّا المسيحيّة برؤية العالم القديم الإغريقيّ – الرومانيّ.  ففي أحد مؤلّفاته الآولى في الموسيقى، ما يزالُ متمسّكا تمامًا بنظريّة الموسيقى الفيـــثاغوريّة. ففي نظر فيثاغورس، الكونُ هو تركــــيبة رياضيّة (ماتيماتيك) كبيرة ( العلم العصريّ، ولا سيّما كيبلر وغاليلي ونيوتن، عاد جزئيّا إلى هذه الرؤية، وبالترجمة الماتيماتيكيّة للكون، جعلَ من الممكن استخدام قواه تقنيّا). فإنّ الفيثاغوريّين يشبّهون النظامَ الماتيماتيكيّ للكون (والكون هنا يعني: النظام) بمـــاهيّة (جوهر) الجمال. فإنّ ا الجمال ينشأ من نظام باطنيّ. ولكونــــه نظامًا، فهو يحملُ معنى. وهذا الجمالُ، كما يرى البابا بندكتس، لم يكن لهم من الطبيعة المرئيّة فحسب، بل الموسيقيّة أيضا.

في مسرحية (راوية) فاوست، يرجع ” غيث” مباشرة إلى المفهوم الفيثاغوريّ حينما يذكرُ ” نشيد الفضاءات الأخويّة“. والنظام الماتيماتيكيّ الذي يتحكم بالكواكب السيّارة ومسيرتها، يجعلُ كلّا منها يرنّ نغمة خفيّة تكون الطبيعة الأصليّة للموسيقى، والمسارات تمثّل النغمات (الأنغام)، والصفوف الرقميّة تمثّل (الوتيرة)، ومجموعة المدارات تمثّل (التناغم). فكان على الإنسان أن يستلهِم الموسيقى الباطنــــيّة للكون وتنظيمها، وان يجعل موسيقاه ترنّ بالنشيد الأخويّ للفضاءات السماويّة. وبما أنّ جمالَ الموسيقى ينتجُ من تناسبها مع الشرائع الوتيريّة والهرمونية للكون، فإنّ الموسيقى الإنسانيّة ستكونُ أجملَ بمقدار ما تشتركُ إشتراكـــًا حميمًا أكثر في الشرائع الموسيقيّة للكون.

يرى بنديكتس، إنّ نقلَ هذه النظرة إلى عالم الإيمان المسيحيّ، أدّى إلى سياق من الشخصنة بالتأكيد. إنّ ماتيماتيك الكون، كما فهمها الفيثاغوريون، لم تكن نظريّة محضة للأقدمين. عقل وحده كان في وسعه أن يكون في الاصل من الظواهر المُجهّزة بإحساس، مثل تلك التي كانوا يلاحظونها في الكون. إنّ حركات الكواكب العاقلة ماتيماتيكيّا لم تكن قابلة ً للشرح بصورة ٍ ميكانيكيّة محضة، بل كانت تقتضي، لكي تصبح مفهومة، أن  تكون الكواكب مزوّدة بنفس و ” بعـــقل “. فكان من الطبيعيّ أن يمثّل المسيحيّون هذه الالوهات النجوميّة بالملائكة الذي هم أيضا ينيرونَ العالم. ومن ثمّة فإنّ إستيعابَ ” الموسيقى الكونيّة ” كان يعني سماعَ جوق الملائكة، وقد لقيَ هذا التقريبُ تشجيعًا برؤيا إشعيا.

إلى هذه الشخصنة الملائـــــكيّة للكواكب، أضيفت تلك التي ينسبها الإيمان الثالوثيّ إلى الآب واللوغوس وبنوما (الروح). ففهموا أنّ ماثيماتيك الكون لم تكن ظاهرة في حدّ ذاتها ولا من شأن الألوهات النجوميّة. أساسها كان العقلُ الخالق (للوغوس)، الذي فيه متضمّنة النماذج العليا لنظام العالم، التي بموجبها اللوغوس الخالق، بعمل الروح، يعطي العالمَ شكلــــــــــه. وبالنظر إلى مهمّته الخلاّقة، دُعي اللوغوس أيضا ” فــــنّ الله“. فاللوغس هو بالفعل الفنان الكبير، الذي فيه جميع الأعمال الفنيّة – وجمال الكون – محتواة منذ البدايات. فالإنشادُ بإتّفاق النغم مع الكون، يعني السيرَ في إثر اللوغوس والدنوّ منه. فكلّ فن إنسانيّ حقيقيّ، هو إذن مشاركة في فنّ الفنان بإمتيــــاز : المسيح! ، ورؤية الموسيقى هذه تعيدنا إلى العلاقات بين الفنّ واللوغوس.

يقولُ راتسنجر، إنّ هذا المكوّن الكونيّ والملائكيّ والفنّ الكبير للوغوس، يعطي الفن الليتورجيّ قياسه الحقيقيّ وعظمة منظوره أيضا: فإنّ إبداعا ذاتيّا محضـــًا لن يسعه أبدًا أن يبلغ إلى سعة الكون، ولا أن ينقلَ رسالة الجمال، فالإيمان إذن، لا ينقص من حريّة الفنان، بل بالعكس، يوسّع أفقه إلى اللامتناهي. يتبع

The post اللوغوس الفنان! هو مَن يعطي الفن الليتورجيّ قياسه الحقيقيّ وعظمة منظوره ، كيف؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
إنثقافٌ في الموسيقى لأجل صون هوية الواقع المسيحيّ ونموّها .. بين الموسيقى الروحيّة والموسيقى الحسيّة (الشَبَقيّة)! https://ar.zenit.org/2018/08/21/%d8%a5%d9%86%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d9%8c-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%b3%d9%8a%d9%82%d9%89-%d9%84%d8%a3%d8%ac%d9%84-%d8%b5%d9%88%d9%86-%d9%87%d9%88%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%a7/ Tue, 21 Aug 2018 11:51:42 +0000 https://ar.zenit.org/?p=38021 القسم السادس من الموسيقى والليتورجيّا

The post إنثقافٌ في الموسيقى لأجل صون هوية الواقع المسيحيّ ونموّها .. بين الموسيقى الروحيّة والموسيقى الحسيّة (الشَبَقيّة)! appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
إنّ الثورة الثقافيّة في هذه السنوات الثلاثين الأخيرة، تضع أمام الكنيسة تحديًا ليس أقلّ خطورة من التحدّيات التي لقيتها قبل الآن. فبعد تجربة الغنوص (المعرفة)، وعلمنة الموسيقى المقدسة في عصر النهضة، ثم في القرن التاسع عشر، فإنّ المسألة التي على الكنيسة أن تجابهها، يقول البابا بنديكتس، في ما يخصّ الموسيقى الليتورجيّة، هي متعدّدة. فالأمر يتوقف، أوّلا، على تجاوز  حدود الروح الاوربيّ لايصال الكنيسة إلى ثقـــافة شامـــــلة حقّا. فما هي الأوضاعُ والمعايير لإنثقاف، في مضمار الموسيقى المقدّسة، التي في آن واحد تصونُ هويــــــّة الواقع المسيحيّ، وتتيح لشموليّتها أن تنمو؟ هذا هو، بحسب البابا، التحدّي الذي يجب مجابهته.

إنّ الكنيسة، في هذا البحث، معنيّة مباشرة بتطوير هذين النموذجين من الموسيقى اللذين نشآ في الغرب، واللذين منذ عقود ٍ عديدة يكيّفان الثقافة على نطاق الكوكب. فمن جهة، هناك موسيقى ” تجاريّة ” مخصّصة للشعب، ولكنّها لم يعُد لها شيءٌ من الشعبيّ بمعنى الكلمة التقليديّ.  فإنها تـــُنتَج صناعيّا وهي تعود إلى ظاهرة الجمهور وليس شيئا آخر، في نهاية ا لأمر، سوى عبادة تافهة. وثمّة، من جهة أخرى، موسيقى ” روك ” ومشتقاتها، ولا سيّما اليوم ” تكنو ” التي هي اليوم إتجاهات الأهواء البدائيّة، والتي في الإحتفالات الكبيرة تنشر طابــــعا ثقافيّــــا، وحتى إنها تقوم بدور ضدّ العبادة بالنسبة إلى العبادة المسيحية. فالمشارِكون، وقد أُخِذوا في حركة الحشد، وخضعوا لحركة الوتيرة والضجــــّة وتاثيرات الضوء، يشعرونَ وكأنّهم تحرّروا من ذواتهم. وفي الإنخطاف الذي أثيرَ بإنعدام كلّ حاجز وسقوط كل منع، يطلقون نوعًا ما القوى البدائيّة للكون التي فيها يختفون في نهاية الأمر. فلكي يكونَ لموسيقى ” ألسُكر المُعتَدِل ” للروح القدس حظّ لتؤثر في هؤلاء الأفراد السُجناء، وهذه الأفكار المأسورة الذين يبدو لهم أن التهرّب في هذه الخبرة الجماعيّة، مهما كان قصيرًا، يكونُ لهم الوعد الوحيد بالنجاة؟

ما العملُ أمام هذا كلّه؟

إنّ الحلول النظريّة تبدو أقلّ تطابقا في المضمار الموسيقيّ ممّا هي في الفنون التشكيليّة. ومرّة أخرى أيضا، إن تجديدًا باطنيّا وحده، ونوعيّة عميقة من شأنهما أن يكونا ناجعين.

بعد أن قال البابا هذا، يُعطينا  جوابًا، بإستعادة النقاط الرئيسيّة التي أظهرها في بحثه عن الموسيقى المقدّسة المسيحية….

يقولُ البابا، إنّ موسيقى العبادة المسيحيّة تعود إلى اللوغوس بثلاثة أشكال :

1- إنها ترجعُ إلى تدخّلات الله المذكورة في الكتاب المقدّس، والمتداخلة في تاريخ الكنيسة والمؤوّنة في الليتورجيّا. وهذا العمل الإلهيّ ينــبثقُ من مركز لا يتغيّر: فصح يسوع المسيح – الصلب، والقيامة، والصعود – وهو يحتوي ويؤوّل ويؤدّي إلى نهاية تاريخ الخلاص للعهد القديم، وكذلك خبرات فداء البشـــرية ورجائها. فالموسيقى الليتورجيّة الموضوعة على قاعدة الإيمان البيبلي، تقيّم الكلمة والإعلان. وهذا النشيد الرابع من المحبّة يُجيب على محبّة الله الذي إذ تجسّد في المسيح، وأحبّنا حتى إنه ماتَ لأجلنا. وواقع القيــــــــامة لا يُقصي الصليب في الماضين ونشيدُ المحبّة الذي يرتفعُ يبقى موسومًا بالألم المحفور بصمت الله، في الألم الذي يحتفظُ بصدى الصرخة الآتية من أعماق الشدّة. فالتضرّع والرجاء يتلاقيان في كلمة ” كيرياليسون “، إلا أنّ هذه المحنة تستطيعُ أيضا، باستباق، أن تجري خبرة حقيقة القيامة، وهي تحتوي أيضا على فرح الإنسان بأن يكونَ محبوبًا هذا الفرح الذي كان (هايدن) يقولُ عنه إنه كان يغمره، إذ كان يضعُ موسيقى النصوص الليتورجية.

فالعلاقة باللوغوس تعني إذا أوّلا علاقة بالكلمة. ومن ثمّ أوليّة النشيد، دون إستثناء، على الموسيقى الآلية في الليتورجيّا. فإنّ النصوص البيبليّة والليتورجيّة، إذا ظلّت نقاط إرساء للموسيقى الليتورجيّة، فهي لا تمنع أبدًا خلق أناشيد جديدة. فعلى النقيض من ذلك، إنها تزوّدنا بمصدر إلهام، تضمنُ أساسًا متينا بهذه الإبداعات الجديدة: محبّة الله التي لا تتزعزع، وهي منظورة في عمل الفداء.

2- يذكّرنا القديس بولس بأننا لا نعرف أن نصلّي كما ينبغي، ” لكن الروح يشفع لنا بأنّات لا توصَف ” روما 8 : 26. أن نعرف أن نصلّي، والأكثر من ذلك أيضا، أن نعرف أن ننشد ونعزف بالموسيقى أمام الله، فهذه هبةٌ من الروح القدس. فالروح محبّة، ولذلك فهو يثيرُ فينا المحبـــــة، محرّك الشوف إلى الإنشــــــاد. وبما أنّ الروح يأتي من المسيح، فالمسيح يقول عنه: ” إنه يأخذ ممّا لي ويُخبركَم به” يوحنا 16 : 14. فإنّ هبة الروح التي تتجاوَز كلّ كلام، تعود دومـــــــًا إلى الكلمة، المعنى الذي يخلق ويحمل الحياة. ولذا، يمكن أن يجتاز النشيد الكلمات، فإنّ الإلهام الآتي من الكلمة، من اللوغوس، لا يُـــتجاوَز أبدًا. هذا النوع، يقول البابا، هو النوع الثاني والأعمق الذي به تعود الموسيقى الليتورجيّة إلى ” اللوغوس” وإليها يشيرُ تقليد الكنيسة حينما يتكلّم عن ” السُكر المعتدل” الذي يُثيره الروح القدس.

السكر المعتدل “، يقدّم لنا تاريخ الموسيقى مثلا للقناعــــة، وللعقلانيــــــــة المتفوّقة، وهما قادرتان أن تضعا كابحًا للإنغماس في عدم العقلانيّة وتجاوز المقياس. وحسب كتابات أفلاطون وآرسطو في الموسيقى،كما يرى بنديكتس، وجدَ العالم الإغريقيّ نفسه في المُجابَهة مع الإختيار بين شكلين من العبادة ومفهومين لله وللإنسان. وقد أعربَ عن ذلك بنوع ٍ واقعيّ جدّا بالإختيار بين نموذجين أساسيّين مو الموسيقى. فكان هناك من جهة واحدة الموسيقى التي ينسبها أفلاطون إلى أبولون، إله ” النور والعقل“. إنها موسيقى، دون أن تلغي الحواسّ، ترفعها وتخلطها بالروح، في إتحاد يقود الإنسان إلى كيانه الكليّ. وبإقامة هذه العلاقة للحواسّ مع الروح، يؤشر هذا  النموذج من الموسيقى تأشيرًا واضحًا جدا إلى المكان الخاصّ بالإنسان في النظام العامّ للوجود.  ومن جهة أخرى، كان الإغريق يعرفون الموسيقى التي ينسبها أفلاطون إلى مرسياس، والتي، من وجهة نظر التاريخ الثقافيّ، يمكننا أن نصفها بـــ” الديونيسيّة “. وبعكس سابقتها، تأخذ الإنسان كلّه إلى سكر الحواسّ، وتلاشي كلّ عقلانيّة، لكي، في نهاية الأمر، تـــُخضِع الروحَ للحواسّ.

كان أفلاطون (وبنوع أكثر إعتدالا أرسطو) ينسبُ إلى كلّ موسيقى ألات وأنغاما نفسيّة خاصّة، يمكن أن تبدو لنا اليوم هذه الأنساب غريبـــــــــة من نواح ٍ عديدة، وحتى متـــجاوَزَة. إلاّ أنه من المهمّ أن نشاهد أن التناوب بين الموسيقى “الروحيّة” والموسيقى ” الحسيّة “(الشبقيّة) يجتازُ تاريخ الديانة كلّه، ويطرح نفسه علينا مرّة أخرى بنوع واقعيّ جدا.

 ليس من المعقول، يقول البابا، أن يكون لأيّ موسيقى كانت مكانها في العبادة المسيحيّة. لأنّ هذه العبادة تحدّد سلّما للقيم مقياسها هو اللوغوس. وإذا أردنا أن نميّز بين الروح القدس وروح شريرة، فإننا سنعرفُ الأوّل (أي الروح القدس) حسب القديس بولس، بأنه يجعلنا نقول ” يسوع ربّ ! ” ( 1 كورنتوس 12 : 3). فالروح القدس الذي يقودُ إلى اللوغوس يثيرُ موسيقى ترفع القلب ” ارفعوا أفكاركم إلى العُلى ” ! كما يرد في الليتورجيّا المقدّسة. فبعيدًا عن الإنحلال في سُكر ٍ غامض، أو في محض شبق ، فكمالُ الإنسان كلّه يتوقّف على ما يرفعه والذي يكوّن معيار موسيقى بحسب اللوغوس.

يتبع النقطة 3

The post إنثقافٌ في الموسيقى لأجل صون هوية الواقع المسيحيّ ونموّها .. بين الموسيقى الروحيّة والموسيقى الحسيّة (الشَبَقيّة)! appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
ما هي الموسيقى الدنيويّة والموسيقى المقدسة؟ https://ar.zenit.org/2018/08/17/%d9%85%d8%a7-%d9%87%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%b3%d9%8a%d9%82%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%86%d9%8a%d9%88%d9%8a%d9%91%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%b3%d9%8a%d9%82%d9%89-%d8%a7%d9%84/ Fri, 17 Aug 2018 11:56:05 +0000 https://ar.zenit.org/?p=38006 القسم الخامس من سلسلة الموسيقى والليتورجيّا

The post ما هي الموسيقى الدنيويّة والموسيقى المقدسة؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
تطرّقنا في القسم الرابع لجذور كلمة ” أنشد ” في المزامير. ورأينا أيضا قضيّة ” حدود ” الإنثقاف في المسيحيّة الآولى. وكيف مارست الغنوصيّة أيضا تأثيرها على الإيمان الجديد.

نتطرّق في هذا القسم الخامس حول تاريخ الموسيقى الليتورجيّــة. فهذا التاريخ، يقول البابا، يقدّم توازنــــــًا واضحا مع تاريخ الصورة المقدّسة. فبينما في الشرق كانت المسيحيّة البيزنطيّة تظلّ أمينة ً لتقليد الموسيقى الصوتيّة المنفردة، ففي المناطق السلافيّة، لا شك تحت تأثير الغرب، قد إزداد النشيد الإنفراديّ، حتى أصبح عديد الأنغـــام، وأعطى مجالا لنشأة تقليد من أجواق الرجال الذين، بالكرامة القدسيّة لنشيدهم، وقدرتخم المعتدلة يؤثرون في قلوب الناس، ويجعلونَ الإفخارستيّا عيدًا أصيلا للإيمان.

في الغرب، بلغ ترتيل المزامير التقليديّ درجة كبيرة من الكمال في النشيد الغريغوريّ، حتى أصبح هذا نموذج المرجعيّة الدائمة للموسيقى المقدّسة. وقد طوّر العصرُ الوسيط المتأخر طريقة تعدّد النغمات، وأدخل الآلات ( الموسيقيّة) مرّة أخرى في العبادة. وجرى الأمر بكامل المعرفة، بما أنّ الكنيسة لم تنبثقُ من المجمع حصرًا. ولكنّها تدمج أيضا حقيقة الهيكل، على ضوء ” فصح المسيح “.

يرى راتسنجر (بنديكتس السادس عشر)، أنه في نهاية القرون الوسطى، ظهرَ عاملٌ جديد كان سيَسِم بعمق موسيقى الكنيسة: الحريــــــة الفنيّة التي مارست تاثيرها حتى في العبادة. فتداخلت الموسيقى الكنسيّة والموسيقى العلمانيّة، فأنتجا هذه ” القداديس الساخرة ” حيث كان يُنشد نصّ القدّاس على نغم ” دنيــويّ ” حسب الموضة.

إن السماح بإبداع فنيّ وتبنّي مواضيع دنيويّة، لم يكونا بغير أخطار. فالموسيقى لم تكفّ عن البحث عن مصدرها في الصلاة فحسب، بل بتأثير هذا المقتضى الجديد للإستقلال الفنيّ، تركت قضايا الليتورجيّة. وإذ طوّرت احساسا ووعيًا جديدين ومختلفين فأدّى بها الأمر إلى أن تصبح غاية في حدّ ذاتها. وهذا الخطر.

 يرى بنديكتس، إنّ هذا الخطر الذي كان يهدّد بأن يحيد الليتورجيّا عن ماهيّتها الحقيقيّة، أدّى إلى ردّة فعل المجمع التريدنتينيّ. فإنّ هذا المجمعَ أيضا أعطى الأولويّة للصوت الإنسانيّ في الموسيقى الليتورجيّة، وقلّص كثيرًا إستخدام الآلات. وبالإضافة إلى ذلك، وضع حدّا بصورة واضحة بين الموسيقى الدنيويّة والموسيقى المقدّسة، وهذا ما كان البابا القدّيس بيوس العاشر سيفعله بدوره، في مطلع القرن العشرين.

إن كان الأمر قد جرى بصورة مختلفة عند الكاثوليك وعند البروتستانت، فقد أفلح الفنّ الباروكيّ في تحقيق توحيد رائع بين الموسيقى الدنيويّة والموسيقى الليتورجيّة، إذ ركّـــز القدرة للموسيقى – وقد بلغت حدّا خارقا من الـكمال – على تمجيد الله. فسواءٌ سمعنا باخ أو موزرات في إحدى الكنائس، فنحنُ نشعر بنوع مدهش بما تعنيه عبارة ” مجد الله “. فإنّ سرّ الجمال اللامتناهي يتسرّب إلى أعماقنا ويجعلنا نحسّ بحضور الله بنوع ملموس أكثر مما بوسع عشر مواعظ أن تفعله. لكن، يتأسّف بنديكتس بإن هذا الإتزان غير المستقرّ بين الدنيويّ والمقدّس لم يستطع البقاء طويلا، حتى إذا كانت الذاتيّة والألم يُحترَمان مدة أخرى بتنظيم من كون موسيقيّ كان يعكس نوعًا ما نظام الخلق الإلهيّ نفسه.

كان ذوق البـــراعة يهدد من الآن، والتقنيّة التي وُضعت تدريجيّا في المقدمة، كفّت عن الإسهام في تناغُم المجموع. وفي القرن التاسع عشر، وهو قرنُ التحرّر من الذاتيّة، تفاقم هذا الميل، ورأى الناسُ أنّ اسلوب الأوبرا قد إجتاحَ الموسيقى الخاصّة. والخطر الذي كان المجمع التريدنتينيّ قد حاول إبعاده، ظهرَ من جديد، والبابا بيوس العاشر بدوره قاوَمه وحاول تحرير الليتورجيّا من هذا التيّار.    والإنشاد الغريغرويّ وتعدد الأصوات الكبير في عصر التجدد الكاثوليكيّ (وفيه برز بالسترينا كشخصيّة عظيمة) أصبحا، من جديد، قاعدة الموسيقى الليتورجيّة في الغرب.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ بيوس العاشر تبّث بوضوح الإختلاف بين الفنّ الليتورجيّ والفنّ الديني بالعموم، ذلك في مضمار الموسيقى، كما في الفن التشكيليّ. فإنّ الفن الليتورجيّ يخضعُ بالفعل إلى معايير تحدّدها رسالته الخاصة، وهذا ما يتيح له أن يكون في مصدر ثقافة، في نهاية الأمر،        هي مدينة ليتورجيا بوجودها.

يتبع

The post ما هي الموسيقى الدنيويّة والموسيقى المقدسة؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
ما هي تجربة الغنوصيّة القوية التي مورست على الإيمان الجديد؟ https://ar.zenit.org/2018/08/09/%d9%85%d8%a7-%d9%87%d9%8a-%d8%aa%d8%ac%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d9%86%d9%88%d8%b5%d9%8a%d9%91%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%88%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%8a-%d9%85%d9%88%d8%b1%d8%b3/ Thu, 09 Aug 2018 10:03:58 +0000 https://ar.zenit.org/?p=37941 القسم الرابع من سلسلة الموسيقى والليتورجيّا

The post ما هي تجربة الغنوصيّة القوية التي مورست على الإيمان الجديد؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
يلتفتُ البابا بنديكتوس هنا نحو القضايا الأكثر عمليّــة.  ويعطينا هنا الجذور اللغوية لكلمة ” أنشد ” في المزامير. يقولُ البابا، إنّ الكلمة تستمدّ جذورها اللغويّة من الجذع المشترك للغات الشرقيّة القديمة. وتشيرُ إلى نشيد ترافقه آلة (لربما هي وَتَريّة). وكان يرافقُ النشيد نصّ مزوّد بموضوع، ويُرتّل دون تغيير في الأنغام، ما عدا البداية والنهاية. وقد تَرجَم الكتاب المقدّس حسب الترجمة السبعينيّة الكلمة العبريّة ” زمير ” بكلمة ” رتّل” اليونانيّة” بينسر “، وهي تشيرُ إلى آلة ذات أوتار. ومن ثمّة فقد أشارت هذه اللفظة إلى العزف الموسيقيّ الخاص بالعبادة اليهوديّة، ثمّ إلى نشيد الكنيسة. نجدُ ذكره في بداية كلّ مزمور ٍ، وغالبًا ما تتبعه إشارة تعيد إلى طريقة تنفيذ دقيق جدّا، إلاّ أن معناه يبقى غامضا لنا.  الإيمان البيبليّ طوّر هكذا، بالتناغم مع ماهيّته، شكلا من الثقافة الموسيقيّة ستُستخدم كنموذج ٍ لجميع الصيغ اللاحقة في الإنثقاف.

طُرِحَت سريعًا حدود هذا الإنثقاف على المسيحيّة الآولى، بنوع ٍ واقعيّ جدا ومع  كتاب المزامير، كانت الجماعات المسيحيّة الآتية من المجمع قد تبنّت طريقة إنشاد إسرائيل. ولكن بعد ذلك بقليل، ظهرت ترانيم جديدة وأناشيد جديدة من أصل  مسيحيّ. أوّلا: نشيد ” مبارك ” لزكريا، و ” تعظّم ” وكانا ما يزالان متّسمين بطابَع العهد القديم، ثمّ نصوص مركّزة كلّها على المسيح، ولا سيّما مقدمة إنجيل يوحنا (1 : 1 – 18)، ونشيد الرسالة إلى أهل فيلبّي (2 : 6 – 11)، والنشيد الوارد في الرسالة الآولى إلى طيموثاوس (3 : 16). وتزوّدنا الرسالة الآولى إلى الكورنثيين بمعلومات ٍ مهمّة حول سير الليتورجيّا المسيحيّة الآولى : ” أيها الأخوة، إذا اجتمعتم، قد يأتي كلّ منكم بمزمور أو تعليم أو وحي ٍ أو كلام لغات ٍ أو ترجمة، فليكن كلّ شيء ٍمن أجل البنيان”(14 : 26). بفضل ” بلينس ” والأخبار التي كان ينقلها إلى الإمبراطور، نعلمُ أنّ ” المجد ” كان في مطلع القرن الثاني يعود إلى نواة الليتورجيّا المسيحيّة.

هذه الأناشيد المسيحيّة، يقول بنديكتس، شجّعت تكوين أناشيد جديدة ومعها أنغام جديدة للنشيد. وإنّ إزدياد الإيمان المسيحيّ يعربُ عن ذاته أيضا بظهور أناشيد جديدة ” للروح القدس “، اعتبرتها الكنيسة مثل مواهب الروح. هذا الحماس عرّض الكنيسة الفتيّة لبعض الأخطار. ففي الحركة المزدوجة التي قادتها إلى الإنفـــصال عن جذورها الســـاميّة والإقتراب إلى العالم اليونانـــيّ، انفتحت المسيحيّة للتصوّف اليونانيّ للوغوس، ولشعره ولموسيقاه. وفي زاوية الأناشيد بالأخصّ، مارست الغـــنوصية تجربة قويــة على الإيـــمان الجديد، تحت طائلة ” إذابته ” في تصوّف غير محدّد. ونفهمُ أنّ هذه التجربة المميــــتة، التي كانت تهدّد بتدمير المسيحيّة من الداخل، أرغمت السلطات الكنسيّة على إتخاذ قرار جذريّ لإعادة التأكيد على الإيمان الجديد وتجذّره في الشخص التاريخيّ ليسوع المسيح.

القانون 59 من مجمع اللاذقيّة، يُبعد عن العبادة التجمّعات الشخصيّة والكتابات غير القانونيّـــة، والقانون 15 ، احتفظ بإنشاد المزامير لجوقة المزمّرين حصرًا. وهكذا فإنّ الأناشيد التي وضعها المسيحيّون الأوّلون، فــقِدَت بكاملها تقريبًا، واكتفوا من جديد بالنشيد الصوفيّ المحض، المستعاد من المجمع اليهوديّ.

يأسَفُ البابا هنا بسبب الإختيار هذا، الذي جعله الدفاع عن خير أعظم ضروريّا. والفقر الثقافيّ الظاهر، الذي أدّى إليه هذا الإختيار، أنقذ في الواقع هويّة الإيمان البيبليّ. في الوقت نفسه، فتح حقــلا ثفافيّا واسعا كان سيظلّ مغلقا أمام المسيحيّة لو أنها لم تعرف أن تنبذ إنثــقافا مزيّفــا. يتبع

The post ما هي تجربة الغنوصيّة القوية التي مورست على الإيمان الجديد؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
ما علاقة سرّ الزواج بسرّ التناول المقدّس بحسب بنديكتوس السادس عشر؟ https://ar.zenit.org/2018/08/06/%d9%85%d8%a7-%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%a9-%d8%b3%d8%b1%d9%91-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d9%88%d8%a7%d8%ac-%d8%a8%d8%b3%d8%b1%d9%91-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d8%a7%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%af/ Mon, 06 Aug 2018 04:11:35 +0000 https://ar.zenit.org/?p=37884 القسم الثالث من الموسيقى والليتورجيّا

The post ما علاقة سرّ الزواج بسرّ التناول المقدّس بحسب بنديكتوس السادس عشر؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
رأينا في القسم السابق، الأساس اللاهوتيّ لنشيد الكنيسة الليتورجيّ في بعده الواقعيّ.  يُكمِل البابا ويقول: إنّ نشيد الكنيسة هذا،  بين الإستمراريّة والتجدّد، يتبعُ تصميم التطـــوّر نفسه مثل صيغة الليتورجيّا وبناية الكنيسة، وفن الإيقونة المقدّس. ويصبحُ كتاب المزامير كتاب صلوات الكنيسة الناشئة،  كنيسة ترتفع صلواتها نحو الله في الأناشيد.

من البديهيّ أنّ الناس يصــلّون الآن المزامير مع المسيح. كان إسرائيل، في قانونه، قد نسبَ بعض المزامير إلى الملك داود، وأعطاها هكذا أساسًا لاهوتيّا وموضعًا في التاريخ المقدّس. أمّا المسيحيون، فإنهم ينظرون إلى المسيح مثل داود الحقيقيّ، فمن الطبيعيّ أن داود، في الروح القدس، قد صّلى بذاك ومع ذاك الذي سيصيرُ ابنه، وفي الوقت نفسه ابن الله. وبفضل هذا المفتاح، وظّف المسيحيّون صلاة إسرائيل مع الوعي بأن يجعلوا منها نشيدًا جديدًا. هكذا، أعطيَ تأوينٌ ثالوثيّ للمزامير (يقول البابا): فإنّ الروح القدس، ملهِم النشيد وصلاة داود، كان قد جعله يتكلّم عن المسيح بفم المسيح نفسه. وهذا يُتيح لنا، من خلال المزامير، أن نتكلّم مع الآب بالمسيح، في الروح القدس. وتأويل المزامير هذا، في الوقت نفسه هو ” بنوماتولوجيوكرستيولوجيّ،  ينطبقُ على النصّ مثلما ينطبق على العنصر الموسيقي: الروح القدس هو الذي يعلم داود أن ينشد، ويعّلم إسرائيل، ثمّ الكنيسة. لأنّ النشيد الذي يتجاوز الكلام الإعتياديّ، هو حدثٌ بـــنوماتيكيّ.  وموسيقى الكنيسة، في الأصل، هي موهبة (كاريزم). موهبة من الروح القدس، إنها موهبة الألسن الحقيقيّة، اللغة الجديدة الآتية من الروح القدس. وهي التي تعطي المجال لـــلسُكُر المعتدل للإيمان. إنه ” سُكر ” لأنّ جميع إمكانات العقلانيّة المحضة قد أجتيزت.  إلاّ سُكرٌ معتدل لأنّ المسيح والروح القدس يسيران معًا. وإن هذه اللغة السكرى، تظلّ تحت إشراف اللـــوغوس، في عقلانـــيّة جديدة هي، ما وراء كلّ قول، في خدمة الكلمة الأوليّة، أساس كلّ عقل.

يرى بنديكتوس أنّ الكتاب المقدّس لاسرائيل يعرف دافعَين رئيسّين إلى الإنشاد أمام الله:

الشدّة والفرح، الظلم والخلاص. وعلاقة الإنسان بالله من المحتمل أنها تتّسم بإفراط بمخافة الإجلال، ولا تتيح لكلّ إنسان أن يعتبر هذه الأناشيد مثل أناشيد حبّ. صحيحٌ أنّ الثقة بالله، التي تسم هذه النصوص بعمق، تحمل الحبّ في أعماقها، إلا أنّ الأمر يتوقّف  على حبّ قاس ٍ وخفيّ. ويرى أيضا، إنّ جمعَ الحب والنشيد ظهرَ في العهد القديم بصورة غريبة نسبيّا، من زاوية سفر نشيد الأناشيد، الذي هو في ذاته مجموعة من أناشيد حبّ بشريّ جدا.  وإختيار دمجه في القانون، يوحي بأنهم في عهد مبكّر أعطوه تأويلات أوسع. وإذ استطاعوا أن يعتبروا قصائد الحبّ هذه، وهي أجمل القصائد في إسرائيل، مثل أقوال ملهمة من الكتاب المقدّس، فذلك لأنهم كانوا يرون فيها، بين السطور، سرّ محبّة الله وإسرائيل.

في لـغة الأنبياء، كانت عبادة الآلهة الغريبة تُمثّل بـ ” زنى ” ( بالمعنى الواقعيّ جدّا، كما أنّ رتب الخصوبة كانت تتضمّن البغاء المقدّس). وبالعكس، فإنّ انتخاب إسرائيل يظهر لهم مثل قصّة حب بين الله وشعبه وقد ختمت بميثاق (عهد). إنّما، يقول البابا، من خلال المفردات الخاصّة بهذه  القصّة – الخطوبة، والزواج .. الخ – تسنّى للحبّ البشريّ مثل إستعارة لأفعال الله في إسرائيل.  ويستعيد يسوع هذا التقليد في أحد أمثاله الأولى، حيث يقدّم ذاته مثل العريس. فحينما يسألونه لماذا تلاميذه لا يصومون، بخلاف تلاميذ يوحنا والفريسيين، يجيب: ” أيستطيعُ أهلُ العرس أن يصوموا والعريس بينهم؟ فما دامَ العريس بينهم، لا يستطيعون أن يصوموا، ولكن ستأتي أيّامٌ فيها يُرفع العريس من بينهم، فعندئذ يصومون في ذلك اليوم؟ (مرقس 2 : 19 – 20)، وهذه نبوءةٌ عن الآلام، ولكنها ايضا إعلان العرس، وهو موضوع واردٌ في أمثال يسوع. فمن خلال الآلام، كلّ شيء يتوجّه نحو أعراس الحمل التي تكوّن محورَ سفر الرؤيا.

يرى البابا بنديكتوس، في هذه الأعراس، شكل ليتورجيّا سماويّة تبدو وكأنها دائمًا قد استيقت الليتورجيّا الأرضيّة، فقد رأى  المسيحيّون في الإفخارستيّا مجيء العريس واستباق أعراس الله مع الإنسان. والتناول الأسراريّ يتناسبُ مع اتحاد الرجل والمرأة في الزواج. وكما أنّهما لم يكونا  سوى ” جسدٌ واحد “، كذلك نحنُ جميعًا، في التـــناول نصبحُ ” بنوما ” (روحا واحدًا) ولا نكونُ إلاّ واحدًا مع يسوع.

يرى بنديتكوس أيضا، في سرّ الزواج الذي هو إتحاد الله بالإنسان، كما كان العهد القديم يعلن عنه، يتحقق في ” سر ” جسد المسيح ودمه بصورة ٍ واقعية جدّا، من خلال آلامه ( أفسس 5 : 29 – 32 / غلاطية 3 : 28). وإنّ نشيد الكنيسة يخرجُ من اعماق المحبّة لله. ويقولُ أغسطينوس أنّ الإنشادَ هو خاصّة ذلك الذي يُحب. ولهذا، ” الإنشاد ” يعدّ ثالوثيّ أيضا: لأنّ الروح القدس، في الثالوث، هو المحبّة، فهو في الأصل من النشيد. فإنّ روح المسيح، إذ يســـحبنا في محبة المسيح، يقودنا إلى الآب. يتبع

The post ما علاقة سرّ الزواج بسرّ التناول المقدّس بحسب بنديكتوس السادس عشر؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
ما هو الأساس اللاهوتيّ للنشيد الليتورجيّ؟ https://ar.zenit.org/2018/07/27/%d9%85%d8%a7-%d9%87%d9%88-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d8%a7%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%a7%d9%87%d9%88%d8%aa%d9%8a%d9%91-%d9%84%d9%84%d9%86%d8%b4%d9%8a%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%8a%d8%aa%d9%88%d8%b1/ Fri, 27 Jul 2018 09:25:19 +0000 https://ar.zenit.org/?p=37871 الموسيقى والليتورجيّا ... قراءة في كتاب "روح الليتورجيّا " - القسم الثاني

The post ما هو الأساس اللاهوتيّ للنشيد الليتورجيّ؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
في لقاء الإنسان بالله، لا تكفي الكلمة، بل جزء من ذات الإنسان يستيقظ ويبدأ الإنشاد. رأينا في القسم الأوّل من قراءتنا لكتاب البابا بنديكتوس السادس عشر” روح الليتورجيّا”، بأنّ الموضع الذي تشغله الموسيقى الديانة البيبليّة يُقاس على أنّ الألفاظَ ” أنشدَ” أو ” النشيد” تظهرُ مرّات عديدة في العهدين. نُكمِل من حيث انتهينا…

في سياق التوتر التاريخيّ الكبير، نشأ نشيد إسرائيل الليتورجيّ، الذي سيظلّ عبور البحر الأحمر موضوعه الأساسيّ لمدحه الله. وللمسيحيّين، الخروج الحقيقيّ  هو ” قيــــامة المسيح“: فقد اجتاز بالفعل ” البحر الأحمر” للموت، وانحدر إلى عالم الظلال، وحطّم أبواب الجحيم.  ومعنى الخروج الحقيقيّ يوجد من جديد في العماد الذي يوحّدنا مع المسيح في انحداره إلى الجحيم وفي صعوده إلى السماء، ويُدخلنا إلى جماعة الحياة الجديدة.

محنة ثمّ تحرير : هذا هو الواقع المزدوج للخروج. وفي غداة تفجّر الفرح الذي تبع نجاة إسرائيل، اكتشف الشعبُ البريــــّة وتهديداتها (أخطارها)، التي ترافقهم مدّة طويلة بعد دخولهم إلى أرض الميعاد. وهذه المخاوف يليها التدخّل المتجدّد دومًا لقدرة الله التي بدورها تفسحُ المجال أمام نشيد موسى، وهذا برهان على أنّ الله ليس إلهـــًا للماضي، بل هو إله الحاضر والمستقبل.

 يقول بنديكتوس، بالفعل، في كلّ نشيد يرتفعُ، يرنّ الوعيَ بعرضيّة هذا الخلاص، موقظا الشوق إلى نشيد جديد ونهائيّ، وخلاص لا تتبعه أيّ شدّة، ويرافقه التمجيد وحده. وفي الواقع الذي افتتحته قيامة المسيح، المسيحيّون، وهم مجتمعونَ في حضن ” الميثاق الجديد ” يعرفونَ الخلاص النهائيّ وينشدونَ الآن النشيد النهائيّ، ولو أنّ “بين الاثنين”،  “الصورة” التي حلّت محلّ الظلّ، لكنها لم تصبح ملء الحقيقة بعد، هو ما يميّز أيضا المسيحيةـ  إنّ النشيد النهائيّ لا شكّ قد أنشِد. إلاّ أنّ هذا لا يمنعنا من أن نحتملَ آلام التاريخ المتعددة، وأن نلقى كلّ ألمها، وأن نضعه تقدمة ، وقد تغيّر إلى نشيد الحمد.

هنا، قد وضِعَ الأساس اللاهوتيّ للنشيد الليتورجيّ (يقول بنديكتوس). ويعطينا الآن، البابا، بعده الواقعيّ (أي: النشيد الليتورجيّ).

بالإضافة إلى مختلف الشهادات التي يزوّدنا بها الكتاب المقدّس عن النشيد الفرديّ، فإنّ نشيد شعب إسرائيل، وموسيقى الهيكل، سيكون سفر المزامير مصدر اطلاعنا الرئيسيّ. وبغيــاب كلّ تأشيرة موسيقيّة، لا يمكننا أن نُعيد بناء ” الموسيقى المقدّسة” لاسرائيـــل. مع ذلك، يعطينا سفر المزامير فكرة عن غنى الآلات، وعن تنوّع أشكال الموسيقى الصوتيّة الممارَسة في إسرائيل. أناشيد كانت أم صلوات، فالمزامير تعرضُ كلّ جدول الخبرة البشريّة: الحزن، التشكّي، الإتّهام، والقلق، والرجاء، والثقة، والشكر، والفرح. إنّ الحيـــاة كلّها تنعكسُ في هذا الحوار مع الله. وإنّ هذه الأناشيد تنفجرُ إمّا من شقاء ليس ثمّ ما يبدو قادرًا أن يُنقذنا منه. فالله وحده يضحي الملجأ الوحيد، وإمّــا من ثقة تدري أنه حتى في أعماق الظلمات، يكونُ حدث البحر الأحمر وعدًا نهائيّا.

من المؤثّر  أن نلاحظَ من التشكّي الذي تثيره شدّة لا مخرجَ منها، ينتهي تقريبًا ودائمًا في الثقة، وكأنه يستبقُ فعل الله المخلص. والمزامير التي غالبًا جاءت من خبرات شخصيّة جدّا من الألم أو من الإستجابة، فهي أيضا تستمدّ جوهرها من التربة المشتركة للأفعال التي حققها الله لشعبه، وهي تؤدي دائما إلى صلاة مشتركة لإسرائيل.  ويعتبرُ البابا أن الأناشيد الجديدة هذه، هي مثل إختلافات عديدة لنشيد موسى الوحيد.

يتبع

The post ما هو الأساس اللاهوتيّ للنشيد الليتورجيّ؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
الموسيقى والليتورجيّا كما يراها البابا بنديكتوس السادس عشر https://ar.zenit.org/2018/07/26/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%b3%d9%8a%d9%82%d9%89-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%8a%d8%aa%d9%88%d8%b1%d8%ac%d9%8a%d9%91%d8%a7-%d9%83%d9%85%d8%a7-%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%87%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7/ Thu, 26 Jul 2018 09:18:19 +0000 https://ar.zenit.org/?p=37852 قراءة في كتاب "روح الليتورجيّا" - القسم الأول

The post الموسيقى والليتورجيّا كما يراها البابا بنديكتوس السادس عشر appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
بسبب شغفي وحبّي وتقديري الكبير لهذا البابا الرائع، إرتأيتُ أن أقومَ بوضع سلسلة حلقات لأحد فصول كتابه الجميل لما يحتويه من تعليم رصين ومعلومات لاهوتيّ وليتورجيّة نفيسة. فقد ظهرت الطبعة الآولى من كتاب “روح الليتورجيّا” سنة 200 في المانيا، وباللغة الألمانيّة، وهي لغة مؤلف الكتاب الكردينال جوزيف راتسنجر(البابا بنديكتوس السادس عشر). ولقد تُرجم الكتاب لعدة لغات ٍ عديدة، وانتشر في مختلف بلدان العالم.

يقول راتسنجر، في مقدّمته: ” في بدء دراساتي اللاهوتيّة، سنة 1946، اكتشفت الكتاب الأوّل لرومانو غوارديني، وهو ” روح الليتورجيّا”، وقد ظهرَ في فصح سنة 1918، وهو أوّل كتاب في سلسلة ” الكنيسة المصلية” تحت إدارة الأب ايلدوفونس هرويغن، وقد أعيدَ نشره بانتظام لاحقا، ويمكن أن نعتبره نقطة إنطلاق للحـــركة الليتورجيّة في المانيا، وقد أسهمَ بصورة أساسيّة في إعادة إكتشاف الليتورجيّا، في جمالها وغناها الخفيّ وعظمتها  خلال القرون، كمركز مُنعِش للكنيسة وللحياة المسيحيّة. وقد فتحَ الطريق أمام إحتفال ٍ ليتورجيّ ” أكثرَ جوهريّة” حسب تعبير محبّذ لدى غوارديني. وبفضل إستيعاب أفضل لصيغتها الداخليّة ومتطلّباتها، تعلم الناس من جديد ليروا صلاة الكنيسة في الليتورجيّا، كما يحرّكها ويقودها الروح القدس نفسه، الصلاة التي فيها يحضر لنا المسيح حضورًا مستمّـــرا ومتجدّدا، وبها يدخلُ إلى حياتنا”.

وبيّن أيضا البابا بنديكتوس، في مقدّمة الكتاب، حول ماذا كانت تشبه  الليتورجيا في سنة 1918 ! وقدّم تشبيهًا وقال عنه انه ككلّ التشابيه : ناقصٌ، ولكنّه يُنير كلامي. ” كان لليتورجيّا في ذلك الزمان، مظهر جداريّة محفوظة بصورة كاملة، ولكنّها مغطّاة كلّــــها بطبقات متتالية. وفي كتاب رتبة القدّاس الذي كان الكاهن يستعمله للإحتفال بالقدّاس، كانت الليتورجيّا تظهر كما كانت قد تطوّرت منذ أصولها، بينما كان معظمها مخفيّا عن المؤمنين في كثير من الملاحظات الليتورجيّة والصلوات الخاصّة. وبفضل الحركة الليتورجيّة، ثمّ بنوع أوضح منذ المجمع الفاتيكانيّ الثاني، أُزيلَت الطبقات المتراكمة على الجداريّة. اعترانا الإنذهالُ فترة أمام روعة ألوانها ومواضيعها. وإذ أضحتْ الجداريّة منذ ذلك الوقت معروضة للظروف المناخيّة، ومختلف محاولات الترميم والتجديد، قد تتعرّض لخطر التلف، إذا لم تُـــتّخذ سريعًا إجراءات لوضع حدّ لهذه التأثيرات المضرّة. لا شكّ أنّ الأمرَ لن يتوقف على تغطيتها من جديد بطبقة أخرى، بل على إثارة إحترام جديد نحو كلّ ما يتعلّق بها، وإستيعاب متجدّد لرسالتها ولحقيقتها، لكي نتجنّب أن يصبح هذا لإكتشاف الخطوة الآولى التي تؤدّي إلى فقدانها النهائيّ”.

الموسيقى والليتورجيّا

الموضع الذي تشغله الموسيقى في الديانة البيبليّة يُقاس، بكلّ بساطة، على أنّ الألفاظ ” أنشَد “، أو ” النشيد “، تظهرُ 309 مرّات في العهد القديم، و 36 مرّة في العهد الجديد. وهي بين الألفاظ الأكثرَ إستخدامًا في الكتاب المقدّس. يقولُ راتسنجر: في لقاء الإنسان بالله، لا تكفي الكلمة، بل جزء من ذات الإنسان يستيقظُ ويبدأ الإنشاد. فعالمه الشخصيّ يظهرُ بغتة بإفراط لما يودّ أن يعبّر عنه. فإذا به يدعو الخليقة كلّها لتنشد معه:
” استيقظ يا مجدي استيقظ أيّها العود والكنّارة، سأوقظ السحرَ، أحمدكَ أيّها السيّد في الشعوب وأعزفُ لك في الأمم، فقد عظُمَت رحمتك إلى السموات، وحقّك إلى الغيوم” (مزمور 57 : 8 – 10).

ويظهرُ النشيد للمرّة الآولى في الكتاب المقدّس في نهار عبور البحر الأحمر. فإنّ إسرائيل، وقد تحرّر نهائيّا من العبوديّة، اختبرَ الآن قدرة الله إختبارًا مثيرًا. وكما أنّ موسى تلقّى هبة الحياة في اللحظة التي فيها انتُشِلَ من المياه، كذلك إسرائيل أيضا، وقد نجا من المياه، يحيا حياة ً جديدة، تلقّاها مباشرة من يد  الله. ” فآمنَ إسرائيلُ بالربّ وبموسى عبده” (خروج  14 : 31).

ردّة فعل  تتبعها ردّة فعل أخرى تتصاعدُ في تفجّر لا يُقاوَم :” حينئذ أنشدَ موسى وبنو اسرائيل هذا النشيد للربّ ” (خروج 15 : 1). وكلّ سنة يُعيد المسيحيّون هذا النشيد في السهرة الفصحية، وقد أصبح هذا النشيد نشيدهم. إنهم يعلمون أنهم هم أيضا : قد خُلّصوا من المياه ، وحُرّروا بقدرة الله.

في رؤيا يوحنا، يرتبط التحرير بنشيد الحمد أيضا، في حين أنّ أعداء شعب الله الأخيرين دخلوا إلى مشهد التاريخ ( الثالوث الشيطانيّ الوحش وصورته ورقم اسمه)، وفي حين أنّ كلّ شيء يبدو وكأنه قد ضاعَ لإسرائيل المقدّس لله أمامَ تفوّق الخصم بالعدد، تظهر للنبيّ رؤية النصر: ” ورأيتُ (….) الذين غلبوا (…) ورأيتُ مثل بحر ٍ من بلّور مختلط بالنار، يحملونَ كنّارات الله ويرتّلون نشيدَ عبد الله موسى، ونشيد الحمل ( رؤيا 15 ك 2 – 3). إنّ هذه المفارقة تتعدّى سابقتها، إزاء هذه المسوخ العملاقة، وهم مجهّزون اليوم بسلطتهم الأوسطيّة وبقدرتهم التقنيّة. إنّما الحمل المذبوح هو الذي ينتصر. هكذا يرنّ أيضا، للمرّة الأخيرة، نشيد موسى، وقد أصبحَ الآن نشيدَ الحمل.

يتبع….

The post الموسيقى والليتورجيّا كما يراها البابا بنديكتوس السادس عشر appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
كيف أوفّق بين سلطة الله المطلقة وبين حرية الإنسان الكاملة؟ https://ar.zenit.org/2018/06/28/%d9%83%d9%8a%d9%81-%d8%a3%d9%88%d9%81%d9%91%d9%82-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%b3%d9%84%d8%b7%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b7%d9%84%d9%82%d8%a9-%d9%88%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%ad%d8%b1/ Thu, 28 Jun 2018 06:50:29 +0000 https://ar.zenit.org/?p=37402 الحلقة التاسعة من القسم الثاني/ الحريّة

The post كيف أوفّق بين سلطة الله المطلقة وبين حرية الإنسان الكاملة؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
حبيبي السائل الكريم، أتصوّر هذا السؤال يدخلُ في قضيّة مهمّة ألا وهي : إرادة الله وإرادة الإنسان ! أو مشيئة الله ومشيئة الإنسان، وهل هناكَ من تعارض أو تناقض بين الإرادتين؟!

لا بدَ لنا من معرفة ماذا نعني عندما نقولُ  ” سلطة ” الله المطلقة؟ والشقّ الثاني فيه شيئٌ من الخطورة؛ فالإنسان ليس حرّا بطريقة كاملة، أو جاهزة وكأنّ الأمرَ منتهيٌ ! كلاّ، ذكرنا سابقا بأنّ الإنسان هو في سيرورة نحو إكتماله، والحرية ليس قالبًا جاهزا، بل هي محنة وإمتحان وعلى الإنسان أن يسيرَ في طريقه كي يجدَ حريّته ويقوّيها، ليس من دون الله، بل مع الله ومن خلاله.

 نرجعُ إلى معنى : سلطة الله المطلقة. وهل فعلا هذا التعبيرُ، عندما نطرحهُ بهذا الشكل وبهذه الطريقة، هو صحيحٌ؟!  عندما يتكلّم الكتاب المقدّس، والتعليم المسيحيّ واللاهوت ككلّ عن سيادة الله أو ” سلطته “، فهو لا يعني، كما عند بعض المذاهب، ” القدرة الكليّة – التعسّفية، القاهرة، القادرة … الخ؛ بل يعني ” ملكوت الله – مُلك الله – ملكه في المحبّة والرحمة.  فسلطة الله المطلقة، ليست سلطة تُجــــيز أن يفعلَ كلّ شيء بالإنسان وبالعالم من دون أيّة عقلانيّة أو موضوعيّة، وكأنه كائنٌ فوقيّ ينظرُ إلينا من علياء ِ سمائه، مزاجيّ! كلّا، وألفُ كلّا، فهذا ليس إله الكتاب المقدّس، ولا إله الآباء؛ إلهنا هو إلهُ  الأشخاص، إله المحبّة والعدل والرحمة والحنان، ومُلكه هو في سيادة محبّته وليست في مساحة كونيّة أو زمنيّة. إنه ملكٌ وسلطة خلاصيّة تخلّص التاريخ البشريّ من عماهُ ومن مرضه وشلله. وهذا كان لبّ رسالة يسوع المسيح الخلاصيّة للعالم.

سلطة الله المطلقة، هي مجيئه إلينا في شخص الكلمة – الإبن يسوع المسيح. لإنه يومُ ” يهوه“، اليوم الذي حدّده الله وحقّقه، اليوم الذي فيه يصيرُ ” كلّا في الكلّ”، وفيه الوجود.

يقول اللاهوتيّ كاسبر: ” إنّ فكرة قربَ الله تبلغ في كرازة يسوع، عمقا يتجاوُز كثيرًا ما يقوله العهد القديم عن الخلق. فيسوع يفسّر، بنوع ٍ ما، تفسيرًا جديدا سيادة الله وسلطته وربوبيّته. تقوم سيادته وربوبيّته على سيادة المحبّة”. ( فالتر كاسبر، يسوع المسيح ص138 – 139).

والآن، ربّما يتوضّح الجواب الآن للسؤال أعلاه: بما أنّ سلطة الله هي سلطة المحبّة والرحمة، وبما أنّ إرادة وحريّة الإنسان ليستا كاملتين تمامًا، بل هما يجدان، في الله، نموّهما وتجديدهما وثباتهما، بنعمة المسيح الذي، من خلاله، فتحَ لنا بابًا وبصيصَ نور ٍ جديد للدخول في سرّ الحياة الإلهيّة – والشركة مع الله. إنّ يسوع أعطانا نظرة  جديدة لله، مختلفة ً كلّ الإختلاف عن باقي نظرات الديانات الآخرى. فهو، وهذا ما نراه من خلال الإنجيل، صوّر لنا الله بشكل ٍ جدّ عفويّ وبسيط وسلس، من خلال الأمثال والأقوال والأفعال. ومن خلال، أخيرًا، آلامه وموته وقيامته.

لي أنا ولله مخطّطٌ واحد شامل للخلاص، ولا يعملُ الله من فوق رأس الإنسان كضابط محقّق. بل هو ضابطُ الكلّ بكلمته. يضبطنا على منطق وإيقاع يسوع المسيح لكي، من خلاله، نجدُ حقيقة كوننا أحرارًا بحريّة الله للخير وللسلام في العالم.

فعندما أنفصلُ عن مخطط الله الخلاصيّ لحياتي ولحياة العالم، أجدُ نفسي في تعارض ٍ وتنافر ٍ وموقع نشاز معهُ ومع العالم ومع ذاتي أيضا. فتُراني أتنهّدُ كثيرًا على أمور ٍ تحصلُ لي، وألقيها على الله. وأقومُ بفتح باب التصوّرات المغلوطة عنه، فيتشوّه وجهه، وأصابُ بالدوار. ولكن، بالعكس، إن ضبطّتُ نغمتي على نغمته، وإيقاعي على إيقاعه، فسأجدُ مدخلا فرحًا للدخول في سرّ الله وسرّ الحياة وسرّي أنا ايضا.

The post كيف أوفّق بين سلطة الله المطلقة وبين حرية الإنسان الكاملة؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>