تأمّلات Archives - ZENIT - Arabic https://ar.zenit.org/category/تأمّلات/ The World Seen From Rome Mon, 21 Apr 2025 16:47:55 +0000 en-US hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.7.2 https://ar.zenit.org/wp-content/uploads/sites/5/2020/07/f4ae4282-cropped-02798b16-favicon_1.png تأمّلات Archives - ZENIT - Arabic https://ar.zenit.org/category/تأمّلات/ 32 32 شكرا لقداسة البابا فرنسيس https://ar.zenit.org/2025/04/21/%d8%b4%d9%83%d8%b1%d8%a7-%d9%84%d9%82%d8%af%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d9%81%d8%b1%d9%86%d8%b3%d9%8a%d8%b3/ Mon, 21 Apr 2025 16:47:55 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76877 القيادة الحكيمة

The post شكرا لقداسة البابا فرنسيس appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
– أقدم كل الشكرلله الذي قاد الكنيسة في خادم الله قداسة البابا فرنسيس الذي عاش على خطي القديس فرنسيس الأسيزي. عاش على مثاله في الفقر الأختياري ومحب للفقراء والمهمشين والطبيعة والسلام.

نوجه خالص الشكر والعرفان لقداسة البابا فرنسيس على جهوده في رسالته الإنسانية التي تلامس قلوب الملايين حول العالم.

أقدم كل الشكر والتقدير لقداسة البابا فرنسيس لأنه قدم شهادة حياة  لمعايشة الإنجيل في وسط عالم  فيه تحديات معاصره.

– أقدم كل الشكر لقداسة البابا فرنسيس على إلهامه وقيمه الروحية التي تساهمت في بناء جسور المحبة والسلام بين الشعوب. “لا يسعنا إلا أن نعبر عن عميق امتناننا لقداسة البابا فرنسيس على قيادته الحكيمة ومواقفه الإنسانية التي تذكرنا بقوة الإيمان وقيمة التعاطف”.

– أقدم كل الشكر لقداسة البابا فرنسيس من أعماق قلوبنا على كلماته الملهمة وتوجيهاته التي تزرع الأمل وتشجع على التسامح والوحدة.

– بكل تقدير، نرفع كل  الشكر لقداسة البابا فرنسيس على دوره الرائد في تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، ودعمه المستمر لقضايا العدالة والسلام وحقوق الإنسان. وتعزيز قيم المحبة والسلام وجهوده في نشر رسالة التسامح والوحدة بين الشعوب، ودعوته المستمرة لبناء جسور الحوار بدلاً من الجدران.

– نشكر قداسة البابا فرنسيس على دوره الفعّال في تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، ودعوته إلى التعاون المشترك لتحقيق السلام العالمي.

– نرفع الشكر لقداسته على دفاعه عن البيئة من خلال وثيقته “كُنْ مُسَبَّحًا”، والتي تُعدّ دعوة عالمية لرعاية كوكبنا والحفاظ على موارده للأجيال القادمة.

–  نرفع كل الشكر والعرفان لقداسة البابا نعبر عن امتناننا لخطاباته وكلماته التي تُلهِم الملايين، وتُذكِّرنا بقيم الإيمان والأمل والمحبة في عالم يحتاج إلى هذه القيم أكثر من أي وقت مضى. وختامًا، نرفع أسمى آيات الشكر لقداسة البابا فرنسيس على قيادته الحكيمة وقلبه الكبير الذي يمتلئ بالرحمة والحب للبشرية جمعاء.

The post شكرا لقداسة البابا فرنسيس appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
تجاهل الحق ينتج الموت https://ar.zenit.org/2025/04/19/%d8%aa%d8%ac%d8%a7%d9%87%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%82-%d9%8a%d9%86%d8%aa%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%aa/ Sat, 19 Apr 2025 05:32:47 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76850 الرب عانى من لامبالاتنا امام تجريح الحق و الحب

The post تجاهل الحق ينتج الموت appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
يتحدث كتاب (رجال عاديون) عن وحدة من الشرطة الألمانية، وهي كتيبة الاحتياط 101، كانت مسؤولة عن تنفيذ عمليات القتل الجماعي خلال الهولوكوست. يُظهر الكتاب رؤية معمقة حول الشر وكيف يمكن أن يظهر حتى بين أشخاص عاديين كانوا مدربين على الحماية واذ بهم يصبحون لامبالين بالتمييز و يختارون الانصياع الى الصوت الآمر ان يكونوا السوط الذي ينفذ إبادة.
و اليوم، كما الأمس القريب و ذاك الغابر، لا يزال أناس (عاديون) يرسمون ملامح الشر الهادر… على اصقاع الأرض أنين مثابر، و كم من المرات مررنا جنبه مرور العابر الذي بلامبالاته يكابر!!
و الرب عانى من لامبالاتنا امام تجريح الحق و الحب، ففي لحظة رهيبة من حياة يسوع مشهدٌ غريب وصعب:
الخالق و ديّان العالم، يُقدم كسجين و مجرم في دارة بيلاطس البنطي بعد جلده بشراسة. وفي معرض المحاكمة، قام الحاكم الروماني بتقديم يسوع امام الجموع. اناس عاديين كانوا من اجل الشهادة للحق مدعوين!
ولكن هم ايضاً بأنين الحق لم يكونوا بمبالين و بمنطق القوة كانوا مخدرين فاصبحوا من الصالبين!
أما بيلاطس فخرج يغسل يديه من دم البريء مقدّماً العدل ثمناً لرضى القيصر القوي. خرج ليعلن براءة سيحكم عليها صلباً… هو ايضاً كان من بين اللامبالين بإعلاء الحق المبين!
وبعد المحاكمة بسنين …
يأتي خبر من يوسابيوس، المؤرّخ وأسقف قيصرية، أنّ بيلاطس انتحر أثناء حكم كاليجولا. في هذه النهاية المؤسفة للحاكم الروماني ما يذكر عالمنا اللامبالي أن تجاهل الحق ينتج الموت.
أن تقديم المسيح لصليب لامبالاتنا ومصالحنا الضيقة ينتج الموت.
وها هو المسيح اليوم وهنا: خارج “المدينة”، وعارٍ من عباءات أفكارنا التي نسقطها عليه وسيبقى ذاك المصلوب القائم من قبورٍ جديدة ومتجددة نحاول أن ندفنه فيها!
ها هو اليوم: يدعونا أن نعيش ملء إنسانيتنا كما إبتدعها يوم الخلق ذاك!
رجال ونساء عاديون لكن بحلة قلوب بيضاء لا تعرف سواد الظلم ولا إحمرار إراقة الدماء ولا هي في نصرة الحق رمادية!
ولكن كعادته يقدس الحرية…
فهل سنسلم دعوته للصمم؟
أم ندع قيامته تتبلور خلقاً جديداً يداوي كل كَلَم؟

The post تجاهل الحق ينتج الموت appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
أين نحن من الجلجلة؟ هل نحن تحت الصَّليب؟ أم بَعِيدِين بعضَ الشَّيء؟ https://ar.zenit.org/2025/04/18/%d8%a3%d9%8a%d9%86-%d9%86%d8%ad%d9%86-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%84%d8%ac%d9%84%d8%a9%d8%9f-%d9%87%d9%84-%d9%86%d8%ad%d9%86-%d8%aa%d8%ad%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%8e%d9%91%d9%84%d9%8a%d8%a8/ Fri, 18 Apr 2025 14:59:11 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76843 النصّ الكامل لصلاة درب الصَّليب
يوم الجمعة العظيمة 18 نيسان 2025
مدرَّج الكولوسّيوم في روما

The post أين نحن من الجلجلة؟ هل نحن تحت الصَّليب؟ أم بَعِيدِين بعضَ الشَّيء؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

صلاة الافتِتاح

الطَّريقُ إلى الجُلجَلَة تَمُرُّ في شَوارِعِنا كلَّ يَوْم. لكنَّا، نحن يا رب، نَسِيرُ عادَةً في الِاتِّجاهِ المعاكِسِ لِاتَّجاهِكَ. وقد يَتَّفِقُ أن نَلتَقِيَ بِوَجهِكَ، وأن تَلتَقيَ نَظَراتُنا. نَحنُ نتقَدَّمُ دائِمًا بِحَسَبِ الحال، وأَنتَ تَأْتي نَحوَنا. عَيناك تَقرَآنِ قُلوبَنا. ونحن، نَتَرَدَّدُ ثم َّ نُتابِعُ سَيرَنا كأنَّ شيئًا لم يَحدُثْ. قد نَلتَفِتُ، فنَنظُرُ إليك، وقد نَتبَعُكَ. ويُمكِنُ أن نَجعَلَ مَسيرتَكَ مسيرَتَنا، ونَفهَمَ أنّه من الأفضلِ أن نغيِّر اتَّجاهَنا.

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس مرقس (10، 21).

حَدَّقَ إِليهِ يسوع فأَحبَّه فقالَ له: «واحِدَةٌ تَنقُصُكَ: اذْهَبْ فَبِعْ ما تَملِك وأَعطِهِ لِلفُقَراء، فَيَكونَ لَكَ كَنزٌ في السَّماء، وتَعالَ فَاتبَعْني.

اسمُكَ يسوع، وبِكَ حقًا ”الله يخَلِّص“. الله إلهُ إبراهيم الذي يدعو، وإلهُ إسحق الذي يَرى لِمَا يَلزَم، وإلهُ يعقوب الذي يُبارِك، وإلهُ إسرائيل الذي يُحَرِّر: في نَظْرتِكَ، يا ربّ، وأَنتَ تجتازُ أورشليم، وَحيٌ كامِل. وخُطُواتُكَ عندما تُغادِرُ المدينَة، هي خروجُنا إلى أَرضٍ جدِيدَة. جِئْتَ لِتُغَيِّرَ العالم: هذا يَعنِي لنا أن نُغَيِّرَ اتِّجاهَنا، أن نرى الصَّلاحَ في اتِّباعِنا لِخُطُواتِكَ، وأَن نسمَحَ لذِكرَى نَظْرَتِكَ أن تَترُكَ أثَرًا في قلوبِنا.

دَربُ الصَّليب هي صلاةُ الذين يتحَرَّكُون. إنَّها تتَقاطَعُ مع مساراتِنا المـُعتادَة، فنُغَيِّرُ وِجهَتَنا من التَّعَبِ إلى الفرَح. صحيحٌ أنَّ طريقَ يسوع تَقتَضي جَهدًا: في هذا العالم الذي يَحسِبُ حِسابًا لكلّ شَيْء. المجَّانِيَّةُ فيهِ ثَمَنُها باهِظ. لكِنْ مع العَطاء، يعودُ كُلُّ شَيءٍ فَيُزهِر: المدينةُ المقَسَّمَةُ بينَ الفَصائِلِ والتي تُمَزِّقُها الصِّراعات، تَسِيرُ نحو المـُصالحَة، والتَدَيُّنَ الذي جَفَّ ويَبِسَ يَكتَشِفُ الحياةَ في خُصوبَةِ وُعودِ الله، حتّى قلبُ الحجر يمكِنُ أن يصيرَ قلبًا من لحم. عليكَ فقط أن تُصغِي إلى الدَّعوَة: «تعالَ! اتبَعْني!»، وأن تَثِقَ بِتِلكَ النَّظرَةِ التي أحَبَّتْكَ.

المرحلة الأولى

يسوع يُحكَمُ عليه بالموت

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس لوقا (23، 13-16)

فدَعا بيلاطُسُ عُظَماءَ الكَهَنَةِ والرُّؤَساءَ والشَّعب، وقالَ لَهم: «أَحضَرتُم لَدَيَّ هذا الرَّجُلَ على أَنَّهُ يَفتِنُ الشَّعْب. وها قد حَقَّقتُ في الأَمرِ بِمَحضَرٍ مِنكُم، فلَم أَجِدْ على هذا الرَّجُلِ شيئًا مِمَّا تَتَّهِمونَه بِه، ولا هيرودُس، لأَنَّه رَدَّهُ إِلَينا. فهُوَ إِذًا لم يَفعَلْ ما يَستَوجِبُ بِه المَوت فسأُعاقِبُه ثُمَّ أُطلِقُه».

لم يَعمَلْ بما قال. ولم يُعِدْ إليك حُرَّيَتَك. كانَ من الممكنِ أن تسيرَ الأمورُ بشكلٍ مختلِف. لكن، هذه لعبةُ حرِّيّاتِنا وهذِه المأساةُ. مِن أجلِها كانَ تَقدِيرُكَ لنا كَبِيرًا. وَثِقْتَ بهيرودس وبيلاطس وبالأصدقاء والأعداء. أنتَ لا يمكنُ أن تتحوَّلَ عن هذه الثِّقةِ التي جعَلَتْكَ تضَعُ نفسَكَ بينَ أيدِينا. ويمكِنُنا أن نصنَعَ بها العجائب: فنحرِّرُ المتَّهَمِين ظُلمًا، ونتَرَيَّثُ ونتعمَّقُ في المواقف المعقَّدة، ونُعارِضَ الأحكامَ بالقتل. حتّى هيرودُس كانَ بإمكانِهِ أن يَتبَعَ القَلَقَ المقدَّسَ الذي كانَ يَسكُنُهُ ويَجذِبُهُ إليك: لكنّه لم يَفعَلْ، ولا حتّى عندَّما وجَدَ نفسَهُ أخيرًا أمامَكَ. وكانَ بإمكانِ بيلاطس أن يُحَرِّرَكَ: وقد أعلَنَ بَراءَتَكَ بالفِعل. لكنَّهُ لم يَفعَلْ. يا يسوع، دَربُ الصَّلِيب، هو إمكانِيَّةٌ تركناها تَمُرُّ بنا مرارًا كثيرةً جِدًّا. إنَّنا نعترفُ بذلك: نحن أَسرَى أدوارٍ نقومُ بها ولا نُريدُ أن نخرَجَ منها، خوفًا من المتاعِبِ في تَغيِيرِ وِجهَتِنا. وأنتَ ما زِلْتَ أمامَنا صامتًا: في كلِّ أُختٍ وأَخٍ معرَّضِين للأحكامِ والأحكامِ المـُسْبَقة. وتعودُ الحُجَجُ الدِّينيَّة، والحِيَلُ القانونيَّة، وما يَظهَرُ كـأَنّه الحِسُّ السَّلِيم، لكنَّه لا يهتَمُّ لمصيرِ الآخَر: ألفُ سبَبٍ يَجذِبُنا إلى موقِفِ هيرودس والكهنةِ وبيلاطس والجموع. ومع ذلك، يمكن أن تَسيرَ الأُمورُ بشَكلٍ مختلف. أنتَ، يا يسوع، لا تَغسِلُ يدَيْكَ. ما زِلْتَ تُحِبُّ في صَمْت. اختَرْتَ ونَفَّذْتَ اختيارَكَ. والآن جاءَ دَورُنا لِنَعمَل.

لِنُصَلِّ وَلْنَقُلْ: افتَحْ قلبي، يا يسوع.

عندما أرى أمامي إنسانًا محكومًا عليه: افتَحْ قلبي، يا يسوع.

عندما يكونُ رأيِي الأَكِيدَ حُكمًا مُسْبَقًا: افتَحْ قلبي، يا يسوع.

عندما يَحكُمُني التَّزَمُتُ في الدِّين: افتَحْ قلبي، يا يسوع.

عندما يَجذِبُني الخَيرُ بِصُورَةٍ خَفِيَّة: افتَحْ قلبي، يا يسوع.

عندما أُريدُ أن أعمَلَ، ثمَّ أخافُ من المغامرة: افتَحْ قلبي، يا يسوع.

المرحلة الثَّانية

يسوع يَحمِلُ الصَّليب

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس لوقا (9، 43-45).

فدَهِشوا جَميعًا مِن عَظَمَةِ الله. يسوع ينبِّئ مرّة ثانية بموته، وبَينما هُم بِأَجمَعِهم مُعجَبونَ بِكُلِّ ما كانَ يَصنَع، قال لِتَلاميذِه: «اجعَلوا أَنتُم هذا الكَلامَ في مَسامِعِكم: إِنَّ ابنَ الإِنسانِ سيُسلَمُ إِلى أَيدي النَّاس». فلم يَفهَموا هذا الكلام وكانَ مُغلَقًا علَيهم، فما أَدركوا مَعناه وخافوا أَن يَسأَلوهُ عن ذلك الأَمر.

يا يسوع، منذُ عِدَةِ أشهر، وربما منذُ سنَوات، كانَ ثِقَلُ الصَّليبِ على مَنكِبَيْكَ. ولمـَّا كُنْتَ تَتكلَّمُ فيه، لم يَكُنْ أحدٌ يَسمَعُ لَكَ: كانَتْ المقاوَمَةُ شدِيدة، حتَّى مُجَّردُ التَّفكيرِ فيه. أنت لم تطلُبْهُ، لكنَّكَ شعَرْتَ بالصَّليبِ قادِمًا إلَيكَ، كُلَّ يَومٍ بصورةٍ أَوضَح. وقَبِلْتَ الصَّليبَ، لأنَّكَ لم تَشعُرْ فقط بثِقَلِهِ، بل لأنَّكَ أَدرَكْتَ المـَسؤُوليَّةَ التي فيه. ودَربُ صليبِكَ، يا يسوع، ليسَ فقط دَربًا صاعِدًا، بل هو نزولُكَ إلى مَن أحبَبْتَ، إلى العالَمِ الذي أَحبَّهُ الله. إنَّه جوَابٌ، وتحمُّلُ مسؤوليَّة. وحِملُهُ ثَقِيل، مِثلَ كلِّ الرُّبُطِ الصَّادِقة، ومِثلَ أجمَلِ رُبُطِ الحُبّ. الثِّقَلُ الذي تَحمِلُهُ يَحكِي الدَّافِعَ الذي يَدفَعُكَ، الرُّوحُ ”الذي هُوَ الرَّبُّ المـُحيِي“. مَن يَدرِي لماذا نخافُ حتّى أن نَسأَلَكَ عن هذا؟ في الواقع، نحن يَضِيقُ نَفَسُنا، بقَدْرِ ما نتهَرَّبُ من المسؤولِيَّة. كانَ يَكفِي ألَّا نَهرُبَ وأن نَبقَى: بينَ الذين أعطَيْتَنا إيَّاهم، وفي الأَوضاعِ التي وَضَعْتَنا فيها. فنَرتَبِطُ، وهكذا نَشعُرُ أنَّنا، بهذهِ الطّريقةِ فقط، يُمكِنُنا أن نَكُفَّ عن أن نكونَ سُجَناءَ أنفُسِنا. الأنانيةُ أثقلُ من الصَّليب. واللامبالاةُ أثقلُ من المشاركة. وقد سَبَقَ النَّبي وأنبأ بذلك: “الفِتْيانُ يَتعَبونَ ويُعيَون. والشُّبَّانُ يَعثُرونَ عِثارًا. أَمَّا الرَّاجونَ لِلرَّبّ فيَتَجَدَّدونَ قُوَّةً، يَرتَفِعونَ بِأَجنِحَةٍ كالعِقْبان، يَعْدونَ ولا يُعْيَون، يَسيرونَ ولا يَتعَبون (أشعيا 40، 30–31).

لِنُصَلِّ وَلْنَقُلْ: خلِّصْنا، مِنَ التَّعَب، يا رَبّ.

إذا تلكَّأْنا مُهتَمِّينَ فقط بأَنفُسِنا: خلِّصْنا، مِنَ التَّعَب، يا رَبّ.

إذَا تَوَهَّمْنا أنْ ليسَ لنا القُوَّةُ لِنَبذِلَ أنفُسَنا في سبيلِ غَيرِنا: خلِّصْنا، مِنَ التَّعَب، يا رَبّ.

إذا طَلَبْنا الأَعذارَ لِنَتَهَرَّبَ مِنَ المسؤُولِيَّة: خلِّصْنا، مِنَ التَّعَب، يا رَبّ.

إنْ كانَ لَنَا مَواهِبُ وكَفاءَاتٌ يَجِبُ أن نَستَثمِرَها: خلِّصْنا، مِنَ التَّعَب، يا رَبّ.

إنْ كانَ قَلبُنا ما زالَ يَنتَفِضُ أمامَ الظُّلْم: خلِّصْنا، مِنَ التَّعَب، يا رَبّ.

المرحلة الثَّالثة

يسوع يَقَعُ تحتَ الصَّليب للمرَّة الأولى

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس لوقا (10، 13-15)

الوَيلُ لَكِ يا كُورَزِين! الوَيلُ لكِ يا بَيتَ صَيدا! فلَو جَرى في صورَ وصَيدا ما جَرى فيكُما مِنَ المُعجِزات، لَأَظهَرتا التَّوبَةَ مِن زَمَنٍ بَعيد، فلَبِستا المُسوحَ وقَعَدتا على الرَّماد. ولكِنَّ صورَ وصَيدا سَيَكونُ مصيرُهما يومَ الدَّينونةِ أَخفَّ وَطأَةً مِن مصيرِكما. وأَنتِ يا كَفَرناحوم، أَتُراكِ تُرفَعينَ إِلى السَّماء؟ سَيُهبَطُ بِكِ إِلى مَثْوى الأَمْوات.

كأنَّكَ رأَيْتَ حَدَّ النِّهايَةِ، يا يسوع، فَخَرَجَتْ مِنكَ كَلِماتٌ قاسِيَةٌ لِتَلكَ الأماكِنِ التي كانَتْ عزيزَةً جِدًّا علَيْكَ. بَدا لكَ أنَّ بِذرَةَ كَلِمتِكَ قد وَقَعَتْ في الفَرَاغ، وكذَلِكَ كلُّ أَعمَالِكَ من أجلِ التَّحرِير. كُلُّ نَبِيٍّ شَعَرَ بأنَّهُ وقَعَ في الفَراغِ وَالفَشَل، ثم استَمَرَّ في تَقَدُّمِهِ في طُرُقِ الله. حياتُكَ، يا يسوع، هي مَثَلٌ: أنتَ لا تَقَعُ أبدًا عَبَثًا في أرضِنا. حتِّى في تلكَ المرَّةِ الأولى، سُرعانَ ما تَوَقَّفَتْ الخَيْبَةُ بفَرَحِ تلامِيذِكَ الذين أرسَلْتَهُم: فرَجِعوا إليكَ من رسالتِهِم، وأخبَرُوك بآياتِ ملَكوتِ الله، فابتَهَجْتَ بفَرَحٍ عَفَوِيٍّ مُتًدفِّق، جعَلَ الأقدامَ تَشتَدّ وتهتَزُّ بِقُوَّةٍ مُعْدِيَةٍ. فبارَكْتَ الآبَ الذي أخفَى تَدبِيرَهُ على العُلَمَاءِ وَالأَذكِيَاءِ وكَشَفَهُ لِلصِّغار. دَربُ الصَّلِيبِ أيضًا مَحفُورٌ بعُمقٍ في الأَرْض: الكبارُ يبتعدون عنه، لأنّهم يريدون أن يُمسِكُوا بِالسَّماء. مع أنَّ السماءَ هنا، انخفَضَتْ، ويُمكِنُ بُلُوغُها حتَّى لمـَن يَقَعُ، مع بَقائِه على الأَرض. بناةُ بابِل يقولون لَنَا إنَّه لا يجوزُ أن يَقَعَ الخَطَأُ، ومَن وَقَعَ هَلَك، تلك مواقِعُ الجَحِيم. أمَّا تدبيرُ الله فلا يَقتُلُ أحَدًا، ولا يُبعِدُ أحَدَا، ولا يَسحَقُ أحَدًا. تَدبِيرُ الله متواضِعٌ وأمينٌ للأرض. ودَربُكَ، يا يسوع، هو دَربُ التَّطويبات: لا يُدَمِّر ولا يُهلِك، بل يَزرَعُ ويُنمِي ويُصلِحُ ويَحمِي.

لِنُصَلِّ وَلْنَقُلْ: لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ.

للَّذينَ يشعُرون بأنَّهم أَخفَقُوا: لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ.

من أجلِ معارَضةِ اقتصاد يَقتُل: لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ.

من أجل إحياءِ القُوَّةِ في مَن وَقَع: لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ.

من أجل المجتَمعاتِ التَّنَافُسِيَّةِ والذين يَطمَعون في المـَحَلَّاتِ الأُولَى: لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ.

من أجلِ الجاثِمِين علَى الحُدودِ ويَشعُرون أنَّهم بلَغُوا نِهايَةَ رِحلَتِهِم: لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ.

المرحلة الرَّابعة

يسوع يَلتقي أُمَّهُ الحَزينَة

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس لوقا (8، 19-21)

وجاءَت إِلَيهِ أُمُّه وإِخوَتُه، فلَم يَستَطيعوا الوُصُولَ إِلَيه لِكَثرَةِ الزِّحام. فقيلَ له: «إِنَّ أُمَّكَ وإِخوتَكَ واقِفونَ في خارِجِ الدَّارِ يُريدونَ أَن يَروكَ». فأَجابَهم: «إِنَّ أُمِّي وإِخوَتي هُمُ الَّذينَ يَسمَعونَ كَلِمَةَ اللهِ ويَعمَلونَ بِها».

أُمُّكَ هُنا، على دَربِ الصَّليب: هِيَ تِلميذَتُكَ الأُولى. أمُّكَ هنا، بإصرارِها الوالدِيّ، وبِفِكرِها الذي يَحفَظ في القَلْبِ ويتَأمَّل. منذُ اللحظةِ التي طُلِبَ مِنهَا فيها أن تُرَحِّبَ بِكَ في أَحشَائِها، استدَارَتْ وَاهتَدَتْ إليكَ، ووَحَّدَتْ طرِيقَها معَ طَريقِكَ. لم يَكُنْ ذلكَ تَبَدُّلًا فيها، بل كانَ اكتِشافًا مُتَواصِلًا، حتّى الجُلجُلَة: تَبِعَتْكَ أي تَرَكَتْكَ تَذهَبُ. انتَبَهَتْ إليكَ أي أَفسَحَتْ فِي المجالِ لِلجديدِ الذي جِئْتَ به. كلُّ أُمٍّ تَعرِفُ ذلك: الِابنُ يُفاجِئُ. أيُّها الابنُ الحبيب، أنتَ تُدرِكُ أنَّ أُمَّكَ وإخوَتَكَ هم الذين يستَمِعون لكَ ويُغَيِّرُون أنفُسَهُم. إنَّهم لا يَتَكَلَّمُونَ، لكنَّهم يَفعَلُون. في الله، الكلِماتُ هي أَفعَالٌ، والوُعودُ هي وَاقِع: على دَربِ الصَّليبِ، يَا أُمُّ، أنتِ مِنَ القلائلِ الذين يَذكُرُونَ ذَلك. والآن، ابنُكِ هو الذي يَحتَاجُ إلَيكِ: وهُوَ يَشعُرُ أنَّكِ لا تَيأَسِين. إنَّه يَشعُرُ أنَّكِ ما زِلْتِ تَلِدِين الكَلِمَةَ في أحشَائِكِ. نحن أيضًا، يا يَسوع، نَقدِرُ أن نَتبَعَكَ، إذ تَلِدُنا أُمُّكَ التي تَبِعَتْكَ. نحن أيضًا أُرجِعْنا إلى إيمـَانِ أُمِّكَ، وإلى عدَدٍ لا يُحصَى من الشُّهودِ الذين يَلِدُون حتَّى حيث كُلُّ شَيءٍ يَتَكَلَّمُ على المـوْت. في تلكَ المـَرَّة، في الجليل، كانوا هم الذين أرادُوا أن يَرَوْكَ. الآن، وأنتَ صاعِدٌ إلى الجُلجُلَة، أنتَ نفسُكَ تَبحَثُ عن أنظارِ الذين يستَمِعون لكَ ويَحفَظون كَلِمَتَك. إنَّه تَفاهُمٌ بينَكُم لا يُوصَف، وتَحَالُفٌ غيرُ قابِلٍ لِلحَلّ.

لِنُصَلِّ وَلْنَقُلْ: هذِهِ هِيَ أُمِّي.

مريَم تُصغِي وتَتَكَلَّم: هذِهِ هِيَ أُمِّي.

مريم تَبحَثُ وتُفَكِّر: هذِهِ هِيَ أُمِّي.

مريم خَرَجَتْ منَ بَيتِها وحَزَمَتْ أمرَها وسافرَتْ: هذِهِ هِيَ أُمِّي.

مريم تَفرَحُ وتُعَزِّي: هذِهِ هِيَ أُمِّي.

مريم تَستَقبِلُ وتَعتَني: هذِهِ هِيَ أُمِّي.

مريم تُغامِرُ وتَحمِي: هذِهِ هِيَ أُمِّي.

مريم لا تخافُ الأَحكامَ ولا التَّلميحات: هذِهِ هِيَ أُمِّي.

مريم تأتي وتَبقَى: هذِهِ هِيَ أُمِّي.

مريم تُوَجِّهُ وتُرافِقُ: هذِهِ هِيَ أُمِّي.

مريم لا تُسَلِّمُ شَيئًا لِلمَوْت: هذِهِ هِيَ أُمِّي.

المرحلة الخامسة

سمعان القَيْرَوانِيّ يُعين يسوع على حَملِ الصَّليب

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس لوقا (23، 26)

وبَينما هم ذاهبونَ بِه، أَمسكوا سِمعان، وهو رَجُلٌ قِيرينيٌّ كانَ آتِيًا مِنَ الرِّيف، فجَعَلوا علَيهِ الصَّليبَ لِيَحمِلَه خَلْفَ يَسوع.

لم يَقَدِّمْ نفسَهُ، بل أَوقَفُوه. كانَ سمعان عائِدًا من عَمَلِهِ ووَضعُوا علَيهِ صلِيبَ المحكومِ عليه. ربَّما كانَ جَسَدُهُ ملائِمًا لِذَلك، لكنَّ اتِّجاهَهُ كانَ مختلفًا، وبَرنامَجُهُ مختلفًا. هكذا يُمكِنُ أن نلتَقِيَ الله. مَن يَدرِي، يا يسوع، لماذا صارَ هذا الِاسمُ بسُرعَة – سمعان القَيْرَوانِيّ – لا يُنسَى بينَ تلاميذِكَ. على دَربِ الصَّليبِ تَلاميذُكَ لم يكونوا، ولا نحن، بل كانَ سمعان. وما زالَ هذا يَحدُثُ حتَّى اليوم: شَخصٌ يَكَرِّسُ كلّ ذَاتِه لَكَ، يَمكِنُ أن يكونَ في مَكانٍ آخَر، أو حتّى هاربًا، أو يُمكِنُ أن يكونَ حاضرًا. نحن نؤمن، يا يسوع، ونَذكُرُ اسمَ سمعان لأنَّ هذِهِ المفاجَأَةَ لَهُ غَيَّرَتْهُ إلى الأبد. ولم يكُفَّ بعدَ ذلك عن التَّفكيرِ فيك. صارَ جُزءًا من جسَدِكَ، وشاهِدَ عَيَانٍ أنَّكَ مُختَلِفٌ عن كُلِّ محكومٍ آخَر. وجَدَ سمعانُ القَيْرَوانِيّ نفسَهُ يَحمِلُ صليبَكَ دون أن يَطلُبَ ذلك، حمَلَهُ مِثلَ النِّيرِ الذي ذكَرْتَهُ مرَّةً: “نِيرِي لَطِيفٌ وحِملِي خَفِيفٌ” (متَّى 11، 30). الحيواناتُ أيضًا تَعمَلُ بصُورَةٍ أفضَلَ إذا سارَتْ معًا إلى الأَمَام. وأنتَ، يا يسوع، تُحِبُّ أن تُشرِكَنا في عَمَلِكَ، الذي يَحرُثُ الأرضَ لكي تُزرَعَ من جديد. نحن بحاجة إلى هذه البساطَةِ المـُدهِشَة. نحتاجُ أحيانًا إلى مَن يُوقِفُنا، ويَضَعُ قِطعَةً من الواقِعِ على أكتافِنا، فنَحمِلُها بِبَساطَة. يُمكِنُ أن نعمَلَ كُلَّ النَّهار، لَكِنْ بدونِكَ نحن نُبَدِّدُ. عبثًا يَتعَبُ البنَّاؤُونَ، ويَحرَسُ الحارِسُ، إنْ لم يَبنِ اللهُ المدينة (راجع مزمور 127). إذًا: على دَربِ الصَّليبِ تَقومُ أورشليمُ الجديدة. ونحن، مِثلَ سمعانَ القَيْرَوانِيّ، نُغَيِّرُ طريقَنا ونَعمَلُ مَعَكَ.

لِنُصَلِّ وَلْنَقُلْ: أَوقِفْنا فِي سُرعَتِنا، يا رَبّ.

عندما نسيرُ في طرِيقِنا غيرَ مُبَالِين بأَحَد: أَوقِفْنا فِي سُرعَتِنا، يا رَبّ.

عندما لا نُبالِي بِما يَحدُثُ: أَوقِفْنا فِي سُرعَتِنا، يا رَبّ.

عندما يصيرُ النَّاسُ لنا أَرقامًا: أَوقِفْنا فِي سُرعَتِنا، يا رَبّ.

عندما لا نَجِدُ وَقتًا لِلإصغَاء: أَوقِفْنا فِي سُرعَتِنا، يا رَبّ.

عندما نتسَرَّعُ في اتِّخاذِ القَرَار: أَوقِفْنا فِي سُرعَتِنا، يا رَبّ.

عندما لا نَقبَلُ التَّغيِيرَ في بَرامِجِنا: أَوقِفْنا فِي سُرعَتِنا، يا رَبّ.

المرحلة السَّادسة

فيرونكا تَمسَحُ وَجهَ يَسُوع بالمنديل

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس لوقا (9، 29-31)

وبَينَما هو يُصَلِّي، تَبَدَّلَ مَنظَرُ وَجهه، وصارَت ثِيابُه بِيضًا تَتَلألأُ كَالبَرْق. وإِذا رَجُلانِ يُكَلِّمانِه، وهُما مُوسى وإِيلِيَّا، قد تَراءَيا في المــَجد، وأَخَذا يَتَكَلَّمانِ على رَحيلِه الَّذي سَيتِمُّ في أُورَشَليم.

قراءَةٌ مِن سِفرِ المزامير (مزمور 27، 8-9)

فيكَ قالَ قلبي: «اِلتَمِسْ وَجهَه»، وَجهَكَ يا رَبِّ أَلتَمِس. لا تَحجُبْ وَجهَكَ عنِّي.

في وَجهِكَ، يا يسُوع، نرَى قلبَكَ. وفي عَينَيْكَ نَقرَأُ قرارَكَ، مَحفُورًا في وَجهِك، ويَملَأُ كَلَّ سِماتِكَ بانتباهٍ فرَيِد. رَأَيْتَ فيرونِكا، كما رأَيْتَني. أنا أَبحَثُ عن وَجهِكَ الذي يَحكِي لنا قَرارَ حُبِّكَ لنا حتّى النَّفَسِ الأخير: وبعدَ ذلك أيضًا، لأنَّ الحُبَّ قَوِيٌّ مِثلُ المـَوْت (راجع نشيد الأناشيد 8، 6). وجهُكَ هُوَ الذي يُغَيِّرُ قَلبَنا، وأوَدُّ أن أحَدِّقَ إلَيهِ وأَحتَفِظَ بِه. إنَّكَ تُعطِينا ذاتَكَ، يومًا بعدَ يَوم، في وَجهِ كلِّ إنسان، ذِكرَى حَيَّةً لِتَجَسُّدِكَ. في كلِّ مرَّةٍ نُولِي انتباهَنا إلى الأصغَرِ فينا، فإنَّا نُولِي انتباهَنا إلى أعضائِك، وأنتَ تَبقَى مَعَنا. هكذا تُنِيرُ قَلبَنا وتَعبِيرَ وَجهِنا. وبدلًا من الرَّفْض، نحن نُرَحِّب. على دَربِ الصَّلِيب، يَصِيرُ وَجهُنا، مِثلَ وَجهِكَ، مُشِعًّا ويَنشُرُ البركة. طَبَعْتَ ذِكراها فينا، إيذَانًا بِعَودتِكَ، إذَّاك ستَعرِفُنا مِنَ النَّظرَةِ الأُولى، واحِدًا واحِدًا. ثمَّ رَبَّما سنَكُونُ مِثلَكَ. وسنَكونُ وَجهًا لِوجْه، في حوارٍ لا نِهايَةَ له، سنَكُونُ عائِلَة الله، في عَلاقَةٍ حَمِيمَة لَن نَكِلَّ منها أبدًا.

لِنُصَلِّ وَلْنَقُلْ: اطبَعْ فِينا ذِكرَاكَ، يا يَسُوع.

إذا كانَ وَجهُنا لا يُبالِي بِشَيءٍ: اطبَعْ فِينا ذِكرَاكَ، يا يَسُوع.

إذا كانَ قَلبُنا غَيرَ مُبَالٍ بأَحَد: اطبَعْ فِينا ذِكرَاكَ، يا يَسُوع.

إذا كانَتْ أَعمالُنَا تَبعَثُ على الِانقِسَام: اطبَعْ فِينا ذِكرَاكَ، يا يَسُوع.

إذا كانَتْ خِيارَاتُنا جارِحَة: اطبَعْ فِينا ذِكرَاكَ، يا يَسُوع.

إذا كانَتْ مشارِيعُنَا تَستَثنِي البَعْض: اطبَعْ فِينا ذِكرَاكَ، يا يَسُوع.

المرحلة السَّابعة

يسوع يَقَعُ تحتَ الصَّليب للمرَّة الثَّانية

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس لوقا (15، 2-6)

فكانَ الفِرِّيسِيُّونَ والكَتَبَةُ يَتَذَمَّرونَ فيَقولون: «هذا الرَّجُلُ يَستَقبِلُ الخاطِئينَ ويَأكُلُ مَعَهم!» فضَرَبَ لَهم هذا المـَثَلَ قال: «أَيُّ امرِئٍ مِنكُم إِذا كانَ لَه مائةُ خروف فأَضاعَ واحِدًا مِنها، لا يَترُكُ التِّسعَةَ والتِّسعينَ في البَرِّيَّة، ويَسْعى إِلى الضَّالِ حتَّى يَجِدَه؟ فإِذا وَجدَه حَمَله على كَتِفَيهِ فَرِحًا، ورجَعَ بِه إِلى البَيت ودَعا الأَصدِقاءَ والجيرانَ وقالَ لَهم: افرَحوا معي، فَقد وَجَدتُ خَروفيَ الضَّالّ.

نقَعُ ثمَّ نَقُوم. ونَقَعُ مرَّةً أُخرى ثمَّ نَقُوم. هكذا علَّمْتَنا أن نَفهَمَ، يا يسوع، مغامَرَةَ الحياةِ البشَرِيّة. الإنسَانُ قابِلٌ لِلخَطَإ. نحن لا نَسمَحُ للآلاتِ بأَن تَخطَأ: بل نُرِيدُ منها أن تكونَ دَقِيقَة. أمَّا النَّاسُ، فيَترَدَّدُون، ويُبعِدُون، ويَضِيعُون. ومع ذلك، فهم يَعرِفُونَ الفَرَحَ أيضًا: فَرَحَ البِدايَاتِ الجَديدَة، فرَحَ المِيلادِ الجَدِيد. الإنسَانُ لا يُولَدُ بصُورَةٍ آلِيَّة، بل بِالعَمَلِ وَالسَّعِي: نَحنُ نَوعٌ فَرِيد، مَزِيجٌ مِنَ النِّعمَةِ وَالمـَسؤُوليَّة. يا يسوع، صِرْتَ واحِدًا مِنَّا، ولَم تَخَفْ أن تَعثُرَ وتَقَع. الذين يَشعُرونَ بِالحَرَجِ من أَخطائِهِم، الذين يَتَبَاهَوْنَ بعَدَمِ الخَطَإ، الَّذِين يُخفُونَ سَقَطَاتِهم ولا يَغفِرُونَ سَقَطَاتِ الآخَرِين، يُنكِرُون الطَّريقَ الذي اختَرْتَهُ. أنتَ، يا يسوع، رَبُّ الفَرَح. فيكَ التَقَيْنا وأرجَعْتَنا إلى البَيْت، مِثلَ الخَرُوفِ الواحِدِ الضَّالّ. الاقتصادُ الذي نعيشُ فيهِ اقتصادٌ غيرُ إنسانِيّ، لأنَّ قيمةَ التِّسعةِ والتِّسعِين فيه هي أكثرُ وأهَمُّ من الواحِدِ الضّالّ. ومع ذلك، بَنَيْنَا عالَمًا يَرَى ويَعمَلُ هكذا. هو عالَمٌ من الحساباتِ والخَوارِزمِيَّات، عالَمٌ من المـَنطِقِ البارِدِ وَالمـَصالِحِ الَّتي لا تَرحَم. أمَّا قانونُ بيتِكَ يا رَبّ، تَدبيرُكَ الإلَهِيّ، فهُوَ شَيْءٌ آخَر. فَالِالتِجاءُ إليك، أنتَ الذي تَقَعُ وتَقُوم، يَعنِي تَغيِيرَ وِجهَتِنا ومَفَاهيمِنا ومَسَارِنا. إنَّه تَغيِيرٌ يُعِيدُ إلينا الفَرَح، ويَعودُ بِنا إلى البَيْت.

لِنُصَلِّ وَلْنَقُلْ: أنهِضْنا، يا رَبّ، يا خَلاصَنا.

نحن أطفالٌ يَبكُون أحيَانًا: أنهِضْنا، يا رَبّ، يا خَلاصَنا.

نحن مُرِاهِقون نَشعُرُ بأنَّنا لَسْنا في أَمَان: أنهِضْنا، يا رَبّ، يا خَلاصَنا.

نحن شبابٌ، وكثيرٌ من البالِغينَ يَستَخِفُّون بنا: أنهِضْنا، يا رَبّ، يا خَلاصَنا.

نحن بالِغون أخطَأْنا: أنهِضْنا، يا رَبّ، يا خَلاصَنا.

نحن كِبارٌ تقَدَّمْنا في العُمْر، وما زالَتْ لنا أَحلَام: أنهِضْنا، يا رَبّ، يا خَلاصَنا.

المرحلة الثَّامنة

يسوع يَلتَقِي نِساءَ أورشليم

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس لوقا (23، 27-31)

وتَبِعَه جَمعٌ كثيرٌ مِنَ الشَّعب، ومِن نِساءٍ كُنَّ يَضرِبنَ الصُّدورَ ويَنُحنَ علَيه. فالتَفَتَ يَسوعُ إِليهِنَّ فقال: «يا بَناتِ أُورَشَليمَ، لا تَبكِينَ عَليَّ، بلِ ابكِينَ على أَنفُسِكُنَّ وعلى أَولادِكُنَّ. فها هي ذي أَيَّامٌ تَأتي يقولُ النَّاسُ فيها: طوبى للعواقِرِ والبُطونِ الَّتي لم تَلِدْ، والثُّدِيِّ الَّتي لم تُرضِعْ. وعِندَئِذٍ يأخُذُ النَّاسُ يَقولونَ لِلجِبال: أُسقُطي علَينا، ولِلتِّلالِ: غَطِّينا. فإِذا كانَ يُفعَلُ ذلك بِالشَّجَرَةِ الخَضْراء، فأَيًّا يَكونُ مَصيرُ الشَّجَرَةِ اليابِسة؟».

في النِّسَاءِ، يا يسوع، رَأَيْتَ دائِمًا تَوَافُقًا خاصًّا مع قلبِ الله. ولهذا السَّبَب، معَ العدَدِ الكبيرِ من الأَشخاصِ الذين غَيَّرُوا اتِّجاهَهم في ذلك اليَومِ وتَبِعُوكَ، رَأَيْتَ النِّساءَ على الفَوْر، ومَرَّةً أخرى، انتَبَهْتَ إليهِنَّ انتِباهًا خاصًّا. تَختَلِفُ المـَدينَةُ عندما يُحمَلُ سُكَّانُها في الأحشَاء، وعَندَما يُرضَعُ أَطفالُها: بِاختِصار، لا يُعرَفُ فقط مَن هُوَ المالِك، بل تُختَبَرُ الأُمورُ مِنَ الدَّاخِل. النِّساءُ اللواتي يَقُمْنَ بِواجِبِهِنَّ، واجِبِ الرَّحمَةِ، لَمَسْتَ قلوبَهُنَّ. وفي الواقع، في القَلبِ ترتَبِطُ الأحداثُ وتُولَدُ الأفكارُ وَالقرارَات. “لا تَبكِينَ عَليَّ”. قَلبُ الله يَخفُقُ من أجلِ شَعبِهِ، ويَلِدُ مَدينَةً جَدِيدَة: “ابكِينَ على أَنفُسِكُنَّ وعلى أَولادِكُنَّ”. هناكَ بُكاءٌ يُولَدُ فيهِ كُلُّ شَيءٍ من جَدِيد. ومع ذلك، نحن بِحَاجَةٍ إلى دمُوعٍ تُفَكِّرُ وتُعيدُ الفِكر، لا نَخجَلُ منها، دُموعِ لا تُحبَسُ في الفَرْد. عَيشُنا معًا جَرِيحٌ، يا رَبّ، في هذا العالَمِ المـُمَزِّقِ قِطَعًا. إنِّه يحتاجُ إلى دُموعٍ صَادِقَة، لا إلى دموعِ مجامَلَة. وإلَّا تحقَّقَ ما تَنَبَّأَ بهِ الرّاؤُون: لَن نَلِدَ شَيئًا وكلُّ شَيءٍ يَنهَار. أمَّا الإيمانُ فَيُحَرِّكُ الجبال. الجِبالُ والتِّلالُ لا تَسقُطُ علينا، بل يَنفَتِحُ بينَها طَريق. إنَّه طَرِيقُكَ، يا يسوع: طَريقٌ صاعِد، تَرَكَكَ الرُّسُل فيه، لكنْ تِلمِيذَاتُكَ، أُمَّهاتُ الكَنيسَة، تَبِعْنَكَ.

لِنُصَلِّ وَلْنَقُلْ: يا يسوع، أعطِنا قَلبًا مِثلَ قَلبِ الأُمّ.

إنَّكَ مَلَأْتَ الكَنيسَةَ بِالنِّساءِ القِدِّيسَات: يا يسوع، أعطِنا قَلبًا مِثلَ قَلبِ الأُمّ.

إنَّك نَدَّدْتَ بِالِاستبدَادِ وَالتَّسَلُّط: يا يسوع، أعطِنا قَلبًا مِثلَ قَلبِ الأُمّ.

إنَّك جمَعْتَ وعَزَّيْتَ دُموعَ الأُمَّهات: يا يسوع، أعطِنا قَلبًا مِثلَ قَلبِ الأُمّ.

إنَّكَ وَكَلْتَ إلى النِّساءِ بُشرَى القِيامَة: يا يسوع، أعطِنا قَلبًا مِثلَ قَلبِ الأُمّ.

إنَّكَ أَقَمْتَ في الكَنيسَةِ مَوَاهِبَ وَمَشاعِرَ جَديدَة: يا يسوع، أعطِنا قَلبًا مِثلَ قَلبِ الأُمّ.

المرحلة التَّاسعة

يسوع يَقَعُ تحتَ الصَّليب للمرَّة الثَّالثة

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس لوقا (7، 44-49)

ثُمَّ التَفَتَ [يسوع] إِلى المـَرأَةِ وقالَ لِسِمعان: «أَتَرى هذهِ المـَرأَة؟ إِنِّي دَخَلتُ بَيتَكَ فما سَكَبتَ على قَدَمَيَّ ماءً. وأَمَّا هِيَ فَبِالدُّموعِ بَلَّت قَدَمَيَّ وبِشَعرِها مَسَحَتهُما. أَنتَ ما قَبَّلتَني قُبلَةً، وأَمَّا هي فلَم تَكُفَّ مُذ دَخَلَت عَن تَقبيلِ قَدَمَيَّ. أَنتَ ما دَهَنتَ رأسي بِزَيتٍ مُعَطَّر، أَمَّا هِيَ فَبِالطِّيبِ دَهَنَتْ قَدَمَيَّ. فإِذا قُلتُ لَكَ إِنَّ خَطاياها الكَثيرَةَ غُفِرَت لَها، فلِأَنَّها أَظهَرَت حُبًّا كثيرًا. وأَمَّا الَّذي يُغفَرُ له القَليل، فإِنَّه يُظهِرُ حُبًّا قَليلًا»، ثُمَّ قالَ لَها: «غُفِرَت لَكِ خَطاياكِ». فأَخَذَ جُلَساؤُه على الطَّعامِ يَقولونَ في أَنفُسِهم: «مَن هذا حَتَّى يَغفِرَ الخَطايا؟».

لا مرَّةً ولا مرَّتَيْن، يا يسوع: بل تقَعُ مرَّةً أُخرَى. كُنْتَ تقَعُ لمـَّا كُنتَ طِفلًا، مِثلَ كُلِّ طِفل. هكذا فَهِمْتَ وقَبِلْتَ إنسانيَّتَنا التي تَقَعُ وتَقَعُ من جديد. إنْ كانَتْ الخطِيئَةُ تُبعِدُنا، فَكَونُكَ أنتَ بِلا خَطِيئَة يُقَرِّبُكَ مِن كُلِّ خاطِئ، وتصيرُ واحدًا معَنا في وَقَعَاتِنا بصورَةٍ ثابِتَة. وهذا يَحمِلُنا عَلى التَّوبةِ. وهذا أيضًا عَثْرَةٌ للذِين يَنْأَوْنَ بأَنفُسِهِم عَن الآخَرِين وعن أَنفُسِهم. عَثْرَةٌ للَّذِين يَحيَوْنَ حياةً مُزدَوِجَة، بينَ ما ينبغي أن يكونوا وبينَ ما هُم في الواقع. بِرَحمَتِكَ، يا يسوع، تَسقُطُ كلُّ مراءَاة. الأقنِعَةُ والواجِهاتُ الجميلة، لا حاجَةَ لَها بَعدُ. الله يرَى القَلْب. يُحِبُّ القَلْب. وَيَبعَثُ الدِّفْءَ في القَلْب. وهكَذا تُنهِضُني وتُسَيِّرُني في طُرُقٍ لم أَسلُكْها قَط، طُرُقِ جُرأَةٍ وسَخَاء. مَن أنتَ، يا يسوع، الذي تَغفِرُ الخطايا أيضًا؟ وَقَعْتَ مِن جَديدٍ على الأَرْض، في دَربِ الصَّلِيب، أَنتَ مُخَلِّصُ أَرضِنا هَذِه. نحن لا نَسكُنُها فقط، بل نحن مَجبُولُونَ بتُرابِها. وأَنتَ، واقِعٌ علَى الأرض، لا تَزالُ تَجبِلُنا، مِثلَ الخَزَّافِ المـَاهِر.

لِنُصَلِّ وَلْنَقُلْ: إنَّنا خَزَفٌ بينَ يَدَيْكَ.

عندما يَبدُو أنَّه لا يُمكِنُ أَن نُغَيِّرَ الأَوضَاع: ذكِّرْنا أنَّنا خَزَفٌ بينَ يَدَيْكَ.

عندما لا نَرَى نِهَايَةَ الصِّراعاتِ: ذكِّرْنا أنَّنا خَزَفٌ بينَ يَدَيْكَ.

عندما تُوَهِّمُنا التِّكنولوجيا بأنَّنا نَقدِرُ كُلَّ شَيء: ذكِّرْنا أنَّنا خَزَفٌ بينَ يَدَيْكَ.

عندما يُبعِدُنا النَّجاحُ عن واقِعِ الأَرض: ذكِّرْنا أنَّنا خَزَفٌ بينَ يَدَيْكَ.

عندما تَهُمُّنا الظَّواهِرُ أكثرَ مِنَ القَلب: ذكِّرْنا أنَّنا خَزَفٌ بينَ يَدَيْكَ.

المرحلة العاشرة

يسوع يُعَرَّى من ثِيابِهِ

قراءةٌ مِن سِفرِ أيوب (1، 20-22)

فقامَ أَيُّوبُ وشَقَّ رِداءَه وحَلَقَ شَعرَ رَأسِه وارتَمى إِلى الأَرضِ وسَجَدَ، وقال: «عُرْيانًا خَرَجتُ مِن جَوفِ أُمّي، وعُرْيانًا أَعودُ إِلَيه. الرَّبُّ أَعْطى والرَّبُّ أَخَذَ، فلْيَكُنِ اسمُ الرَّبِّ مُبارَكًا». في هذا كُلِّه لم يَخطَأْ أَيُّوب ولم يَقُلْ في اللهِ غَباوَة.

أنتَ لا تَخلَعُ ثِيَابَكَ، بل جَرَّدُوكَ منها. وَالفَرقُ واضِحٌ لَنا جميعًا، يا يسوع. الَّذي يُحِبُّنا فقط هو الذي يَقدِرُ أن يَقبَلَ عُريَنا بين يدَيْه وفي عَينَيْهِ. لكنَّا نخافُ نَظَراتِ الذي لا يَعرِفُنا، وَلا يَعرِفُ إلَّا أن يَتَسَلَّطَ علَيْنا. أنتَ جَرَّدوكَ من ثِيَابِكَ أمامَ الجميع، لكِنَّكَ أنتَ تُحَوِّلُ حتَّى المــَذَلّةَ إلى أُلفَة. تُريدُ أن تُظهِرَ نفسَكَ صَدِيقًا حتَّى للَّذِين يُدَمِّرونَكَ، وتَنظُرُ إلى الَّذين يُجَرِّدونَكَ وتَرَى فيهم أشخاصًا أحِبّاءَ أعطاكَ إياهم الآب. هذا أكثَرُ من صَبرِ أيوب، بل أكثَرُ مِن إيمانِهِ. هذا العَرِيس الذي يَسمَحُ لهم بأن يَلمِسُوهُ ويُحَوّلُ كلَّ شَيءٍ إلى الخَيْرِ. تَترُكُ لنا ثيابَكَ ذَخائِرَ حُبٍّ شامِل. إنَّها في أَيدِينا، لأنَّكَ كُنْتَ عندَنا، كُنْتَ معَنا. وَاحتَفَظْنا بثِيابِكَ، والآن نُلقِي علَيْها القُرعَة، لكِنَّ النَّصيبَ هنا ليسَ لِواحِد، بل للجَميع. أنتَ تَعرِفُنا واحِدًا واحِدًا، لِتُخَلِّصَنا جميعًا، جميعًا، جميعًا. وإن كانَتْ الكنيسةُ تَبدُو لكَ اليومَ مِثلَ ثَوبٍ مُمـَزَّق، عَلِّمْنا أن نَنسِجَ من جديدٍ أُخُوَّتَنا المـَبنِيَّةَ على عَطَائِكَ. نَحنُ جَسَدُكَ، وثَوبُكَ الذي لا يَتَجَزَّأ، نحنُ عَروسُكَ. كلُّنا معًا. وقَعَ النَّصيبُ لنا على أماكِنِ نَعِيمٍ، وهي لنا مِيرَاثٌ جَليل (راجع مزمور 16، 6).

لِنُصَلِّ وَلْنَقُلْ: أَعطِ كَنيسَتَكَ الوَحدَةَ وَالسَّلَام.

أيُّها الرَّبُّ يسوعُ إنَّك تَرى تلامِيذَكَ مُنقَسِمِين: أَعطِ كَنيسَتَكَ الوَحدَةَ وَالسَّلَام.

أيُّها الرَّبُّ يسوعُ إنَّكَ تَحمِلُ جِراحاتِ تارِيخِنا: أَعطِ كَنيسَتَكَ الوَحدَةَ وَالسَّلَام.

أيُّها الرَّبُّ يسوعُ إنَّكَ تَعرِفَ ضُعفَ حُبِّنا: أَعطِ كَنيسَتَكَ الوَحدَةَ وَالسَّلَام.

أيُّها الرَّبُّ يسوعُ إنَّكَ تُريدُ أن نَكونَ أعضاءً لِجسدِكَ: أَعطِ كَنيسَتَكَ الوَحدَةَ وَالسَّلَام.

أيُّها الرَّبُّ يسوعُ إنَّكَ لَبِسْتَ رِداءَ الرَّحمَة: أَعطِ كَنيسَتَكَ الوَحدَةَ وَالسَّلَام.

المرحلة الحاديةَ عَشْرَة

يسوع يُسَمَّرُ على الصَّليب

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس لوقا (23، 32-34)

ولمَّا وَصَلوا إِلى المَكانِ المَعروفِ بالجُمجُمة، صَلَبوهُ فيهِ والمُجرِمَيْن، أَحَدُهما عنِ اليَمينِ والآخَرُ عَنِ الشِّمال. فقالَ يسوع: «يا أَبَتِ اغفِرْ لَهم، لِأَنَّهُم لا يَعلَمونَ ما يَفعَلون».

لا شَيْءَ يُخِيفُنا أكثَرَ من الجمود. وأنتَ مُسَمَّرٌ، مَشلُولٌ، مَمنُوعُ الحَرَكَة. أنتَ كذَلِكَ مع آخَرِين: لَسْتَ أبَدًا وحدَكَ. أنتَ صاحِبُ القَرار، حتَّى على الصَّلِيب، أنتَ تُظهِرَ نَفسَكَ الله معَنا. الوَحْيُ لا يتَوَقَّفُ، ولا يُسَمَّرُ. أنتَ، يا يسوع، تُبَيِّنُ لنا في كلِّ الظُّروفِ أنَّه يَجِبَ أن نَختَار. هَذِهِ هي قِمَّةُ الحُرِّيَّةِ المــُذهِلَة. حتَّى على الصَّلِيبِ لا أَحَدَ يَقدِرُ أن يَمنَعَكَ: أنتَ تُقَرِّرُ مِن أجلِ مَن أنتَ هناك. وَانتَبَهْتَ لِكلا المـَصلوبَيْنِ معَك: وتَرَكْتَ إهَاناتِ أَحَدِهما تَمُرّ، ورَحَّبْتَ بِابتِهالِ الآخَر. وَانتَبَهْتَ إلى الذين يَصلِبُونَكَ، وعَرَفْتَ أن تَقرَأَ قَلبَ الذي لا يَعرِفُ ماذَا يَعمَلُ. وَانتَبَهْتَ إلى السَّماء: وَدَدْتَ لَو كانَت أكثَرَ صَفاءً، لكنَّكَ مَزَّقْتَ حاجِزَ الظُّلُماتِ بِنُورِ الشَّفاعة. أنتَ مُسَمَّرٌ، وتَشفَعُ: إنكَ تَضَعُ نَفسَكَ بينَ الطَّرفَيْنِ، بَينَ الأَضْدَاد. وتَحمِلُهم إلى الله، لأنَّ صليبَكَ يَهدِمُ الجُدران، ويَمحُو الدُّيُون، ويُلغِي الأَحكَام، ويُقِيمَ المــُصالَحَة. أنتَ اليُوبِيلُ الحقِيقِيّ. رُدَّنا إلَيْك، يا يسوع، أَنتَ، ولَوْ مُسَمَّرًا، تَقدِرُ كُلَّ شَيْء.

لِنُصَلِّ وَلْنَقُلْ: عَلِّمْنا أَن نُحِبّ.

عندَما نكونُ أقوِيَاء، وعندَما يَبدُو لَنا أَنْ لَم تَبقَ فينا أيَّةُ قُوّة: عَلِّمْنا أَن نُحِبّ.

عندَما تُقَيِّدُنا القوانينُ وَالقراراتُ الظَّالِمَة: عَلِّمْنا أَن نُحِبّ.

عندَما يُعارِضُنا مَن لا يُريدُ الحقِيقَةَ وَالعَدْلَ: عَلِّمْنا أَن نُحِبّ.

عندَما نَقرُبُ مِنَ اليَأْس: عَلِّمْنا أَن نُحِبّ.

عندَما يقولون: ”لا يُمكِنُ أن نَعمَلَ شَيْئًا بَعد“: عَلِّمْنا أَن نُحِبّ.

المرحلة الثَّانِيَةَ عَشْرَة

يسوع يَمُوتُ على الصَّليب

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس لوقا (23، 45-49)

الشَّمسُ قدِ احتَجَبَت. وانشَقَّ حِجابُ المــَقدِسِ مِنَ الوَسَط. فصاحَ يسوعُ بِأَعلى صَوتِه قال: «يا أَبَتِ، في يَدَيكَ أَجعَلُ رُوحي!» قالَ هذا ولَفَظَ الرُّوح. فَلَمَّا رأَى قائِدُ المائَةِ ما حَدَثَ، مَجَّدَ اللهَ وقال: «حَقًّا هذا الرَّجُلُ كانَ بارًّا!» وكذلِكَ الجَماهيرُ الَّتي احتَشَدَت، لِترى ذلكَ المَشهَد فعايَنَت ما حَدَث، رَجَعَت جَميعًا وهي تَقرَعُ الصُّدور. ووَقَفَ عن بُعدٍ جميعُ أَصدِقائِه والنِّسوَةُ اللَّواتي تَبِعنَهُ مِنَ الجَليل، وكانوا يَنظُرونَ إِلى تِلكَ الأُمور.

أين نحن من الجلجلة؟ هل نحن تحت الصَّليب؟ أم بَعِيدِين بعضَ الشَّيء؟ أم بَعِيدِين؟ أو ربما، مثل الرُّسل، لم نعد هنا. أنت تتَنَفَّس، النَّفَسَ الأخيرَ والأَوَّل، يَطلُب مِنَّا فقط أن نَقبَلَهُ. أيُّها الرَّبّ يسوع، وجِّهْ طُرُقَنا نحوَ عَطِيَّتِكَ. لا تَسمَحْ بأن يَذهَبَ نَفَسُ حياتِكَ في الفَضاءِ سُدًى. ظلامُنا يَبحَثُ عن النُّور. مَعابِدُنا تُرِيدَ أن تَظَلَّ مفتوحَةً دائمًا. الآن لم يَعُدْ المــَقدِسُ وراءَ الحِجَاب: صارَ سِرُّهُ مَكشُوفًا لِلجَميع. فَهِمَ الجُندِيَّ ذلِك، رأَى عَن كَثَبٍ كيفَ كانَ مَوتُكَ، فعَرَفَ نوعًا جديدًا من القُوَّة. وفَهِمَ ذلك الجمهورُ الذي صَرَخَ ضِدَّكَ قَبلَ قلَيل: كانَ بَعيدًا، ثمَّ وَجَدَ نفسَهُ أمامَ مَشهَدِ حُبٍّ لم يَرَهُ مِن قَبل، وَأَمامَ جَمالٍ جَعَلَهُ يُؤمِنُ مرَّةً أُخرَى. مَــن يُشاهِدُكَ تموتُ، يا رَبّ، إنَّكَ تُعطِيهِ الوَقتَ لِيَعُودَ تائِبًا يَضرِبُ صَدرَهُ: يَضرِبُ قَلبَهُ فتَتَحَطَّمُ صَلابَتُهُ. ونحنُ، يا يسوع، الذينَ نَنظُرُ إليكَ مرارًا مِن بَعِيد، امنَحْنا أن نَحيَا في ذِكرَاك، حتَّى يَجِدَنا المـَوتُ نَفسُهُ أحيَاءً، عندَما تأتي.

لِنُصَلِّ وَلْنَقُلْ: تَعالَ، أَيُّها الرُّوحُ القُدُس.

مَكَثْنا بَعِيدِينَ عَن جِراحِ الرَّبّ: تَعالَ، أَيُّها الرُّوحُ القُدُس.

لمــَّا رَأَيْنا أخانا وَاقِعًا، أَدَرْنا وَجهَنا إلى الجِهَةِ الأُخرَى: تَعالَ، أَيُّها الرُّوحُ القُدُس.

يَبدُو أَنَّ الرُّحَماءَ وَالفُقَراءَ بِالرُّوحِ هُم مِنَ الخاسِرِين: تَعالَ، أَيُّها الرُّوحُ القُدُس.

المـُؤمِنونَ وغَيرُ المـُؤمِنينَ يَقِفُونَ أمامَ المـَصلُوب: تَعالَ، أَيُّها الرُّوحُ القُدُس.

العالَمُ كُلُّهُ يَبحَثُ عَن بِدايَةٍ جَدِيدَة: تَعالَ، أَيُّها الرُّوحُ القُدُس.

المرحلة الثَّالِثَةَ عَشْرَة

يسوع يُنزَلُ عَنِ الصَّلِيب

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس لوقا (23، 50-53)

وجاءَ رَجُلٌ اسمُه يوسُف، وهو عُضْوٌ في المَجلِس، وامرُؤٌ صالِحٌ بارٌّ لم يُوافِقْهم على قَصْدِهِم ولا عَمَلِهم، وكانَ مِنَ الرَّامَة وهي مَدينةٌ لِليَهود، وكانَ يَنتَظِرُ مَلَكوتَ الله، فذَهَبَ إِلى بيلاطُس وطلَبَ جُثْمانَ يسوع. ثُمَّ أَنزَلَه عنَ الصَّليبِ.

جَسَدُكَ أخِيرًا يَستَقِرُّ بينَ يدَيْ رَجُلٍ صالحٍ بارّ. أنتَ في رُقادِ المـَوْت، يا يسوع، لكنَّ الذي تَوَلَّى أمرَك هو قَلبٌ حَيٌّ قرَّرَ وَاختَار. لم يَكُنْ يوسف مِنَ الذين يقولون ولا يَفعَلون. يَقولُ الإنجيل: “لم يُوافِقْهم على قَصْدِهِم ولا عَمَلِهم”. وهذَا خَبَرٌ سَارّ: إنَّهُ يُعانِقُكَ، يا يسوع، ولا يَعانِقُ الرَّأْيَ العَامّ. اهتَّمّ بِكَ إنسَانٌ يَعرِفُ أَن يتَحَمَّلَ مَسؤُولِيَّاتِهِ. أنتَ في مَكَانِكَ، يا يسوع، في حِضنِ يوسُف الذي مِنَ الرَّامة، الذي “كانَ يَنتَظِرُ مَلَكوتَ الله”. أنتَ في مكانِكَ اليَومَ بَينَ الذين ما زالوا يَرجُونَ، بينَ الذين لم يَستَسلِمُوا وَلا يُفَكِّرُون أنَّ الظُّلمَ أَمرٌ مَحتُومٌ لا مَفَرَّ مِنهُ. أَنتَ تُحَطِّمُ قُيودَ المــَحتُوم، يا يسوع. إنَّكَ تُحَطِّمُ الآلِيَّاتِ التي تُدَمِّرُ البَيتَ المــُشتَرَكَ وَالأُخُوَّة. وَالذين يَنتَظِرون مَلَكُوتَكَ، أَنتَ تَمنَحُهُم الشَّجاعَةَ لِيَذهَبُوا إلى أَصحَابِ السُّلطان: مِثلَ مُوسَى أمامَ فِرعَون، ومِثلَ يوسف الرِّامِيّ أمامَ بيلاطس. أنتَ تُؤَهِّلُنا لِتَحَمُّلِ مَسؤُولِيَّاتٍ كَبِيرَة، وتَمنَحُنا الجُرأَة. أَنتَ مَيْتٌ ومَا زِلْتَ تَملِك. ولنا نحن، يا يسوع، أَن نَخدِمَكَ هُوَ أَن نَملِك.

لِنُصَلِّ وَلْنَقُلْ: أَن نَخدِمَكَ هُوَ أَن نَملِك.

إذا أطعَمْنا الجائِعِين: أَن نَخدِمَكَ هُوَ أَن نَملِك.

إذا أَسقَيْنا العَطشانِين: أَن نَخدِمَكَ هُوَ أَن نَملِك.

إذا أَلبَسْنا العُريان: أَن نَخدِمَكَ هُوَ أَن نَملِك.

إذا استَضَفْنا الغُرَباء: أَن نَخدِمَكَ هُوَ أَن نَملِك.

إذا زُرْنا المـَرضَى: أَن نَخدِمَكَ هُوَ أَن نَملِك.

إذا زُرْنا المـَساجِين: أَن نَخدِمَكَ هُوَ أَن نَملِك.

إذا دَفَنَّا المـَوتَى: أَن نَخدِمَكَ هُوَ أَن نَملِك.

المرحلة الرَّابِعَةَ عَشْرَة

يسوع يُدفَنُ في القَبْر

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس لوقا (23، 53-56)

ولَفَّ [يوسفُ الرِّامِيّ يسوعَ] في كَتَّان، ووَضَعَهُ في قَبرٍ حُفِرَ في الصَّخرِ لم يَكُنْ قد وُضِعَ فيهِ أَحَد. وكانَ اليَومُ يَومَ التَّهْيِئَة وقد بَدَت أَضواءُ السَّبْت. وكانَ النِّسوَةُ اللَّواتي جِئنَ مِنَ الجَليلِ مَعَ يسوع يَتبَعنَ يوسُف، فأَبصَرنَ القَبْرَ وكَيفَ وُضِعَ فيهِ جُثمانُه. ثُمَّ رَجَعنَ وأَعدَدنَ طِيبًا وحَنوطًا، واستَرَحنَ راحةَ السَّبْتِ على ما تَقْضي بِه الوَصِيَّة.

في نِظَامٍ لا يَتَوَقَّفُ أبَدًا، يا يسوع، أَنتَ تَحيَا في يَومِ السَّبْت. وَالنِّساءُ أيضًا يَحيَوْن في هَذا السَّبْت، والأَطيَابُ والعُطورٌ تُنبِئُ منذُ الآنِ بالقِيامَة. عَلِّمْنا ألَّا نَعمَلَ شَيئًا، عندَما يُطلَبُ مِنَّا فقَط أَن نَنتَظِرَ. عَلِّمْنا أن نَنسَجِمَ معَ أوقاتِ الأَرض، وليسَ معَ أوقاتٍ مُصطَنَعَة. يا يسوع، وُضِعْتَ في القبر، فشَارَكْتَنا في حالَةِ النَّاسِ العامَّة التي تُوَحِّدُنا جمِيعًا، ووَصَلْتَ إلى الهاوِيَةِ التي تُرعِبُنا. انظُرْ كيفَ نَهرُبُ منها، فنُكثِرُ مِن نشَاطاتِنا. وكثِيرًا ما نَدورُ في الفَرَاغ، لكِنْ يومُ السَّبْت يُشرِقُ علَيْنا بِنُورِهِ: فهو يُهَذِّبُنا ويَطلُبُ منّا الرَّاحَة. الحيَاةُ الإلَهِيَّة، والحياةُ على قِياسِ الإنسَان، التي تَعرِفُ سلامَ السَّبْت. قالَ النبِيُّ مِيخَا: “ويُقيمُ كُلُّ واحِدٍ تَحتَ كَرمَتِه، وتَحتَ تينَتِه ولا أَحَدَ يُقلِقُه” (ميخا 4، 4). ورَدَّدَ كَلامَه النَّبِيُّ زكريا: “في ذلك اليَوم، يَقولُ رَبُّ القُوَّات، يَدْعو كُلُّ واحِدٍ قَريبَه إِلى تَحتِ الكَرمَةِ وإِلى تَحتِ التِّينة” (زكريا 3، 10). يا يسوع، تَبدُو كأَنَّكَ نائِمٌ في عالَمِنا الذي تَهُزُّهُ العاصِفَة، أَدخِلْنا جمِيعًا في سلامِ السَّبْت، فتَظهَرَ لنا الخَلِيقَةُ كُلُّها بكُلِّ جَمالِهَا وصَلاحِهَا، تَسِيرُ نَحوَ القيامة. وسَيَكُونُ سلامٌ لِشَعبِكَ ولِجَمِيعِ الشُّعُوبِ.

لِنُصَلِّ وَلْنَقُلْ: لِيَأْتِ سَلامُكَ.

في الأَرضِ والهَوَاءِ وَالماء: لِيَأْتِ سَلامُكَ.

للأبرارِ وَالأشرارِ: لِيَأْتِ سَلامُكَ.

للَّذِين لا يَراهُمُ النَّاسُ وَلا صَوتَ لهم: لِيَأْتِ سَلامُكَ.

لِلَّذين لا سُلطَةَ لَهُم وَلا مَال: لِيَأْتِ سَلامُكَ.

لِلَّذين يَنتَظِرُون ثَمَرًا صالِحًا: لِيَأْتِ سَلامُكَ.

صلاة ختاميَّة

أَنشَدَ القدِّيس فرنسيس الأسيزي: ”كُنْ مُسبَّحًا يا رَبِّي، وذَكَّرَنا بهذا النَّشيدِ الجَميِل بأَنَّ بَيتَنا المــُشتَرَكَ، الأَرضَ، هِيَ أيضًا مِثلَ أُختٍ لنا […]. وهذِهِ الأُختُ تَحتَجُّ على الإسَاءَةِ التي نُسَبِّبُها لها“ (راجع رسالة بابويّة عامّة، كُنْ مُسَبَّحًا، 1-2).

وكتبَ القدِّيس فرنسيس أيضًا: “”كلُّنا إخوَة – Fratelli tutti“ مخاطِبًا جميعَ الإخوَةِ والأَخَواتِ ومَقتَرِحًا عليهم طريقةَ حياةٍ بحَسَبِ الإنجيل” (رسالة بابويّة عامّة،كلُّنا إخوَة – Fratelli tutti، 1). وقال القدِّيس بولسمشيرًا إلى المسيح: ”لقد أحَبَّنا، وأرادَ أن يَجعَلَنا نَكتَشِفُ أنَّ لا شيءَ يَقدِرُ أنْ يَفصِلَنا عَن هَذِهِ المــَحَبَّة“ (راجع رسالة بابويّة عامّة، لقد أحَبَّنا، 1).

سِرْنا في دَربِ الصَّليب، وتأَمَّلْنا في الحُبِّ الذي لا يَقدِرُ شَيءٌ أن يَفصِلَنا عنه. والآن، بينَما المــَلِكُ في رُقَاد، وقد حَلَّ صَمْتٌ كَبيرٌ على الأَرضِ كُلِّها، نَجعَلُ كَلِماتِ القدِّيس فرنسيس كَلِماتنا، ونَطلُبُ هِبَةَ ارتِدادِ القَلْب.

أيُّها الإلَهُ العَلِيُّ المـُمَجَّد،

أَضِئْ ظُلُماتِ قَلبِي.

أعطِني إيمانًا قَوِيمًا،

ورَجَاءً مَتِينًا،

ومحَبَّةً كامِلَةً

وتَواضُعًا عَمِيقًا.

أعطِني رَبِّي الحِكمَةَ وَالتَّميِيز

لِأُتَمِّمَ مَشِيئَتَكَ الحَقيقِيَّةَ المـُقَدَّسَة. آمين.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2025


The post أين نحن من الجلجلة؟ هل نحن تحت الصَّليب؟ أم بَعِيدِين بعضَ الشَّيء؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
السماء والوعاء. الله عند أقدام الإنسان https://ar.zenit.org/2025/04/17/%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%85%d8%a7%d8%a1-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b9%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%b9%d9%86%d8%af-%d8%a3%d9%82%d8%af%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%86%d8%b3%d8%a7%d9%86/ Thu, 17 Apr 2025 13:26:19 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76825 تأمّل في خميس الغسل

The post السماء والوعاء. الله عند أقدام الإنسان appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
تتلخص تعاليم يسوع في وصية المحبة المزدوجة:أن تُحِّبُّ الرَّبَّ إِّلهَكَ مِّنْ كُلِّّ قَلْبِّكَ، وَمِّنْ كُلِّّ نَفْسِّكَ، وَمِّنْ كُلِّّ قُوَّتِّكَ، وَمِّنْ كُلِّّ فِّكْرِّكَ، وَقَرِّيبَكَ كَنَفْسِّكَ” (ارجع متى 22: 37-40؛ مرقس 12: 29 -31؛ لوقا 10: 27؛ تث 6: 5). ولكن ما هو مقياس هذه المحبة؟ المقياس هو محبة يسوع نفسه التي لاحدود لها: “وصية جدیدة أعطيكم إياها: “وصية جدیدة أعطيكم إياها أن تحبوا بعضكم بعضًا. كَمَا أحْبَبْتُكُمْ أَنَا، فَأَحِّبُّوا أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا” (یو 13: 34).

يأخذ المسيح “الوصية القديمة” (1یوحنا 2: 7) ولكنه يملأها بمقياس جدید. مقياس المحبة بالنسبة له هو أن تكون بلا حدود. لقد فهم القدّيس أوغسطينوس والقديس برنار هذه الثورة جيدًا عندما فهموا في مدرسة يسوع أن مقياس المحبة هو أن تكون بلا قياس.

لم يكتف يسوع بالعبارات الجميلة عن الحب بل ربطها بمبادرات ملموسة، فكان إنجيله ربطًا وثيقًا بين الإيماءات والكلمات (راجع دستور كلمة الله للمجمع الفاتكياني الثاني، عدد 2). إذا كان یوحنا يحثنا على المحبة “لا بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق” (1 یو 3: 18)، فلأن هذا هو المثال الذي أعطته حياة يسوع بشكل مستمر وواضح.

أود أن أتأمل معكم في هذه الأيام بثلاث إيماءات للمسيح تفسر بعضها البعض. كل واحدة منها تسلط الضوء على الاثنتين الأخريين من خلال إظهار الفروق الدقيقة التي لولاها لبقيت في الظل: غسل الأرجل، هبة القربان المقدس والموت على الصليب.

إنجيل یوحنا یدهشنا. في الفصل السادس يقدم لنا خطابًا رائعًا ليسوع عن خبز الحياة. لذلك نتوقّع أن نجد العشاء الرباني لاحقاً كما هو الحال في الأناجيل الأخرى، ولكن، إذا تقدمنا في إنجيل يوحنا صوب أحداث الآلام، لا نجد نصًا يتحدث عن العشاء الأخير وتأسيس الافخارستيا. يفتتح الفصل الثالث عشر من إنجيل يوحنا ما يسميه الباحثون “كتاب المجد” بإعلانين عن يسوع يبينان عم معرفته بما سيحدث له وعن محبته لتلاميذه.

يعلم يسوع أن ساعته قد حانت لانتقاله من هذا العالم إلى الآب، ويعلم من سيخونه، ويعلم أن الآب قد أعطاه كل شيء بين یديه وأنه من الله خرج وإلى الله يعود.

ويسوع يحب خاصّته الذين في العالم “إلى المنتهى”. إن كلمة eis télos باليونانية تدل على المحبة التي لا نهاية لها، الأبحدية وتدل أيضًا على المحبة التي وصلت بل إلى أقصى حد. ولأن التعبير البليغ عن هذه المحبة في آخر لحظة حميمية مع تلاميذه هو غسل الأرجل.

يسلط یوحنا الضوء على هذا الحدث بالذات ليكشف المعنى العميق للإفخارستيا. يشرح رايموند براون وهو أحد كبار اللاهوتييين وشارحي إنجيل يوحنا أنه في الوقت الذي كُتب فيه إنجيل التلميذ الحبيب، كانت هناك انقسامات في الجماعات فيما یتعلق بالاحتفال بعشاء الرب. وقد أراد یوحنا أن یؤكد على المعنى العميق لعطية جسد الرب ودمه وأن يبين للجماعة أن المعنى العميق لعشاء الرب ليس الولائم التي يتبارى بها المؤمنون، بل تواضع الرب العميق.

يجب أن نعلم أنه لم يمكن مسموحًا لسيد یهودي أن يطلب من عبده الیهودي غسل رجليه. فغسل الأرجل عمل مهين، ولا يجوز ليهودي أن يطلبه من يهودي آخر، حتى لو كان عبدًا، لأنه ابن لإبراهيم. وإذ بيسوع يقوم بعمل مهين للغاية بالنسبة لثقافة ذلك الوقت. يفرغ نفسه، وينزل إلى أقدام تلاميذه. يخبرنا النص أن يسوع يخلع ثيابه، وهي علامة على حياته كلها التي تخلى عنها وضعها من أجلنا، وينحني عند أقدام الرسل.

ويصل يسوع إلى أقدام سمعان بطرس الذي یرفض، هذه البادرة لا تليق بالسيد. رفض بطرس يفتح لنا بصيصًا أوليًا لمعنى ما يفعله يسوع! الرب يصير خادمًا ويقوم بعمل مجنون!

لكن يسوع لا يصغي لرفض بطرس ويقول لبطرس الذي لا يفهم معنى البادرة: “إن لم أغسلك فلن يكون لك نصيب معي”.إذا لا تسمح لله أن ینزل إلى جحيمك، فلن تختبر سماء وجهه ورحمته. ستظل محبوسًا في فكرة تجارية عن إله يعطيك لأنك تعطي، ويحبك لأنك تفعل. هذا ليس إله الإنجيل. الآب لا يحبنا لأننا نستحق، بل يجعلنا مستحقين لأنه يحبنا. إذا لم تقبل تواضعه فلن ترَ وجه الله الحقيقي.

من المهم جداً في لوحة غسل القدمين” التي رسمها سيغر كودر أن يسوع يظهر في اللوحة منحنياً بعمق منغمساً في فعل الخدمة. إذا أمعنّا النظر، لا نرى وجهه مباشرةً، بل نراه فقط في انعكاس الماء القذر، حيث قدمي بطرس.

نبحث عن الله في ما هو سامٍ، في الفلسفة والعظمة والغطرسة، لكن الله هو هاهنا، عند أقدامنا، يتواضع ويغسلها. يقول الأب فرنسوا فاريون بهذا الصدد: “عندما غسل يسوع أرجل الرسل، نظر إليهم من أسفل إلى أعلى، وفي تلك اللحظة أخبرنا من هو الله. نحن نبحث عن الله في المريخ، بينما هو يغسل أرجلنا”.

هذا الإنجيل يخضنا ويحضنا إلى عمل كبير على الصورة التي لدینا عن الله، يجب أن “نبشر” فكرتنا عن الله، أن نحولها على ضوء الإنجيل، وهذا التبشير يمر من خلال وجه يسوع المنعكس في الماء القذر. يقول اللاهوتي السويسري الكبير هانس أورس فون بالتازار: “إن الله يكشف عن نفسه في ما يشكل أعمق جوانب ألوهيته ويظهر مجده بالتحدید من خلال جعل نفسه خادمًا لنا، وغسل أرجل مخلوقاته”. هذا التواضع الإلهي هو جنون بنظر فلسفات البشر ودياناتهم، ولكن جنون الله أحكم من كل حِكم البشر.

ليس من السهل الاعتياد على هذا الإله المحرج وغير المريح، الذي لم يُخلق على مقاس حجم الإنسان. كم هي صحيحة أبيات الشاعر ويليام بليك الذي كتب: “لقد وُضعنا على الأرض لفترة قصيرة، لكي نتعلّم أن نتحمّل أشعة المحبة”. إن رحلة الحياة المسيحية كلها تتلخص في هذه التلمذة المتناقضة: أن نتعلم أن نرحب بالمفاجأة، إنجيل محبة الله لنا.

ليس من السهل أن نقبل أن نكون محبوبين بلا حدود، وبلا شروط وبلا مقابل. وهذا ما أدركه أيضًا الكاتب الكبير جورج برنانوس الذي یلخّص في نهاية روايته “یوميات كاهن في الأرياف ” لحظة إدراك النعمة على أنها تصالح الإنسان مع فقره:

إن الاحتقار الذي كنت أعيشه نحو ذاتي قد ولّ، قد تلاشى إلى الأبد. لقد انتهى هذا الصراع. لم أعد أفهمه. أنا متصالح مع نفسي، مع ذاتي العارية المسكينة هذه.

يختم الكاهن فكرته بهذه الكلمات العميقة:

من السهل أن يكره المرء نفسه، أسهل مما يظن. النعمة هي نسيان الذات. ولكن عندما تموت فينا كل كبرياء، فإن نعمة النعم هي أن نحب أنفسنا بتواضع، كواحد من أعضاء يسوع المسيح المتألمين.

فالنظر إلى الذات بعيون المسيح هو الذي يُصلح مسار الإنسان وحقيقته في مواجهة تناقضاته، لأنه إن “كانت قلوبنا توبخنا فالله أعظم من قلوبنا” (1یوحنا 20:3).

نحن الآن مستعدون بشكل أفضل لفهم القربان المقدس، ولكن دعونا نختتم تأملنا اليوم بقصيدة منسوبة إلى مادلين دیلبرل تذكّرنا بأننا نفهم إيماءة يسوع بشكل أفضل عندما نعيشها. ألم يعطنا الرب والسيد مثالاً لكي نفعل نحن أيضًا كما فعل هو لنا؟ إليكم القصيدة:

إذا كان عليّ أنا أختار تذكارًا من بقايا آلامك

سآخذ هذا الوعاء المليء بالمياه القذرة.

أود السفر حول العالم بهذا الوعاء

وعند كل قدم، سأّتزر بالمنشفة

وانحني للأسفل.

لن أرفع رأسي فوق ربلة الساق أبدًا

كي لا أميز بين الأعداء والأصدقاء

سأغسل قدمي المتشرد، الملحد،

مدمن المخدارت والسجين والقاتل،

أقدام أولئك الذین لم يعودوا يحيونني

ذلك الرفيق الذي لا أصلي من أجله.

بصمت

حتى يفهم الجميع،

في حبي، حبَّك.

The post السماء والوعاء. الله عند أقدام الإنسان appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
الإنجيل فسحة لقاء شخصي مع يسوع https://ar.zenit.org/2025/04/16/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%86%d8%ac%d9%8a%d9%84-%d9%81%d8%b3%d8%ad%d8%a9-%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%a1-%d8%b4%d8%ae%d8%b5%d9%8a-%d9%85%d8%b9-%d9%8a%d8%b3%d9%88%d8%b9/ Wed, 16 Apr 2025 16:47:54 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76811 واجب الحبّ

The post الإنجيل فسحة لقاء شخصي مع يسوع appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
الإنجيل هو المكان الذي يصبح فيه يسوع معاصرًا لي وأصير أنا معاصرًا له. كل لقاء هو دعوة وفرصة لكي تصبح كلمة الله كلمة موجهة إلي شخصيًا ولكي تصبح جسدًا فيَّ، لحمًا ودمًا وحياة فيّ. الإنجيل فسحة لقاء لكيما يصير ذاك الذي جاء “ليُبشِّّر المساكين وينادي للمساكين بالإطلاق للأسرى وشفاء العميان” (لوقا 4: 18؛ أش 61: 1) فرحًا حقيقيًّا وخلاصًا عميقًا ورؤية واضحة لي شخصيًا.

إنّ فن قراءة الإنجيل یتمثل في رؤية ذواتنا بين صفحات الإنجيل. على ضوء هذا المبدأ سنقرأ لقاء يسوع مع المرأة السامرية (یو 4، 1 – 42). من المؤكد أنّ يسوع يخاطب تلك المرأة، ولكنه في الوقت نفسه يخاطب كل شخص لم يكتشف بعد عمق عطشه. تبرز ترنيمة Dies Irae التي تعود إلى القرون الوسطى هذا العنصر. يتحدث النشيد عن جلوس يسوع على البئر، ليقول فجأة: “Quaerens me sedisti lassus” – “لقد جلست على البئر، متعبًا، وأنت تبحث عني أنا!”.

واجب الحب

ولكن دعونا نسير مع النص منذ البداية. یريد يسوع أن یذهب من اليهودية إلى الجليل، ولهذا – كما يخبرنا النص – ” وَكَانَ لاَ بُدَّ لَهُ أَنْ يَجْتَازَ السَّامِرَةَ”. هذا الواجب ليس واجبًا جغرافيًا، نحن أمام ما يمكن أن نعتبره واجبًا لاهوتيًا تمليه المحبة وليس الضرورة. إنه یذكّرنا بقول يسوع لزكا: “يجب عليّ أن أتوقف عندك” (راجع لوقا 19: 5). من أين يأتي هذا الواجب؟ سببه الوحيد هو حب الرب!

في سيكار، يجلس يسوع منهكًا عند بئر يعقوب. لا يجب أن نتشكك البتة من هذا التعب. فهذا التعب بالتحديد وهذا الضعف الذي اختار الكلي القدرة أن يلبسه سيُظهر قوة خلاص الرب التي لا تتعب من البحث عمّن تاه. يكتب القديس أوغسطينوس بهذا الصدد:

قوة المسيح خلقتك، وضعف المسيح أعاد خلقك. قوة المسيح أعطت الوجود لما لم يكن، وضعف المسيح منع ما كان موجودًا من الضياع. بقوته خلقنا، وبضعفه جاء ليبحث عنا.

إنّ ضعف المسيح الجسدي يظهر نزوله وإفراغ ذاته لملاقاة الإنسان، ونزوله لرفع الإنسان. ولقد تغنى المسيحيون الأوائل بهذا النزول، بإفراغ الذات هذا في نشيد نقله لنا القديس بولس في رسالته إلى أهل فيليبي (ارجع فل 2: 7) .

إنها مفارقات، والمفارقة ليست مسكن العبث، بل هي الأرض الخصبة لإدراك عظمة الله. عظمة الله ليست الأبهة، بل هي تنازل الله، قدرته على رفع البشرية، قدرته على تحويل السقوط إلى نهوض. عظمة حب الله هي عظمة وكلية قدرة حبه الذي لا يتردد بعض الآباء بوصفه بالحب المجنون (éros manikón).

كَانَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ”

هذه هي الساعة نفسها التي صُلب فيها يسوع. والصليب هو المكان بامتياز حيث يصبح ضعف يسوع قوتنا، والحكم عليه فداءً لنا، وجراحه شفاءً لنا (ارجع أش 53: 5). إن الترنيمة التي استشهدت بها أعلاه توازي بين البئر والصليب: “Quaerens me sedisti lassus; redemisti crucem passus” (لقد جلست على البئر، متعبًا، وأنت تبحث عني أنا، فدیتني بمعاناة الصليب). كلا المكانين هما موضعان ورمزان للزواج.

في الذاكرة التوراتية، الآبار هي أماكن لقاء الحب، أماكن زوجية حيث التقى البطاركة بزوجاتهم. فخادم إبراهيم يجد رفقة زوجة إسحق المستقبلية عند بئر (تك 24)؛ ويعقوب أيضًا یلتقي بحبيبته راحيل بالقرب من بئر؛ وموسى كان أول لقاء له مع زبورة عند البئر (خر 2). لذا، لا يجب أن يغيب عن القارئ اللبيب أن یوحنّا یلمّح إلى قراءة زواجيّة لنص المرأة السامريّة. أين العجب، واللقاء بين الله والبشريّة في التجسّد هو لقاء زوجي روحي وصوفي. الكلمة صار جسدًا ليتزوج من إنسانيتنا، ليتحد بنا. لنتذكر أنّ المرأة السامرية تمثل رمزيًا لقاء يسوع مع الوثنيين، بعد أن قدم یوحنا الفصل الثالث لقاء يسوع مع نيقوديموس كرمز للقاء يسوع مع اليهود.

سنتأمل في الأيام المقبلة ببعض أحداث آلام المسيح انطلاقًا من هذه البوابة الزوجية، لأن عمق سر التجسد وسر الآلام هو اللقاء والاتحاد بالختن الإلهي، الذي خلقنا له وتجسد لكي يتحد بنا في عمق التاريخ.

The post الإنجيل فسحة لقاء شخصي مع يسوع appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
ملكنا آتٍ ليمنحنا الخلاص https://ar.zenit.org/2025/04/14/%d9%85%d9%84%d9%83%d9%86%d8%a7-%d8%a2%d8%aa%d9%8d-%d9%84%d9%8a%d9%85%d9%86%d8%ad%d9%86%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%84%d8%a7%d8%b5/ Mon, 14 Apr 2025 18:13:18 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76773 يسوع يدخل أورشليم

The post ملكنا آتٍ ليمنحنا الخلاص appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
” فرُصُُوا المواكب والاغصان في أيديكم ” ( مزمور ١١٨ (١١٧) : ٢٧)
مَا عَسَىٰ يَكُونُ عيد دخول الرب يسوع ملك السلام إلى اورشليم ، ٱلَّذِي هو بنفسه  يَدْعُونَا إِلَيْهِ ، وَمجيئه يأتي  فِي كُلِّ وَقْتٍ؟
إِنَّهُ ٱلْعِيدُ ٱلْأَكْثَرُ شعبيةً ،  وَٱلْأَكْثَرُ صِدْقاً ، ٱلْعِيدُ ٱلْأَكْبَرُ إستعداداً لعِيد القيامة ، عيدالحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ ،  عِيدُ ٱلْغِبْطَةِ والسعادة ٱلْأَبَدِيَّةِ ، عِنْدَمَا نَلْتَقِي حَقًّا مَعَ ٱللّٰهِ وَجْهًا لِوَجْهٍ في ملكوته السماوي .
لَيْسَ بِوُسْعِنَا إستقبال يسوع مع ابناء اورشليم و ٱلتَّنَعُّمُ بِهٰذَا ٱلْعِيدِ عَلَىٰ هٰذِهِ ٱلْأَرْضِ ، وَلٰكِنْ مَا يُمْكِنُنَا ٱلْحُصُولُ عَلَيْهِ هُوَ تَذَوُّقٌ مُسْبَقٌ لِذَاكَ ٱلْعِيدِ ، وهو ٱخْتِبَارٌ لِحُضُورِ رُوحِ ٱللّٰهِ مِنْ خِلَالِ ٱلْفَرَحِ ٱلدَّاخِلِيِّ ٱلَّذِي يَهَبُنَا إِيَّاهُ ، وَيَنْتُجُ عَنْهُ شُعُورٌ حَمِيمٌ لِلْغَايَةِ .
اليوم ، أكثر من أي يوم ، علينا ٱلْبَحْثُ ٱلدَّائِمُ عَنْ ٱللّٰهِ ، فِي وَقْتِنَا ٱلَّذِي يُمْكِنُنَا دَائِمًا ٱلتَّحَكُّمُ بِهِ ، وَٱتِّبَاعُ ٱلشُّعُورِ بِحُضُورِهِ فِي جَمِيعِ أَعْمَالِنَا ،  وَحَيَاتِنَا ،  وَإِرَادَتِنَا ، وَحُبِّنَا .
 ليقُول المُتَّقون للرب : ” تَباركَ الآتي باسم الرَّب هُوشَعْنا في العُلى ” ( متى ٢١ : ١١ )
بهذا النشيد رحبَّ الأطفال والمساكين والضعفاء بيسوع ملك السلام وهو داخل إلى اورشليم . بهذه الحفاوة استقبل الناس الغير متفرجين دخول موكب المخلِّص المنتظر ليسيروا وراءه ويقتدوا به ويدعموا رسالته وتعاليمهِ .
كثيرون خرجوا ليروا موكب الملك السماويّ الذي يجول شوارع اورشليم بدون حرسٍ ولا جنود يحملون الأسلحة ولا دبابات ولا مدرعات ولا أي نوع من انواع الأسلحة القاتلة .
موكب الملوك ورؤساء الجمهوريات مُخيف ، تُغلَق الطرقات هنا وهناك ، ويَفترِشُ الجيش أسطحة المباني وزوايا الساحات والميادين لئلاّ يغتال احد المارين معارضين كانو أمّ أعداء الرئيس أو المسؤول.
  امّا موكب يسوع فكان موكباً لا يُخيف ، موكباً يشّعُ منه السلام والأمان والطمأنينة ، ويزرع في القلوب المحبّة والفرح والثقة المتبادلة بينه وبين الذين أتى من أجلهم لِتكونَ عندهم الحياة أفضل ” أُمّاً أنا فقد أتيتُ لِتكونَ الحياة للناس ، و تَفيضَ فيهم ” ( يوحنا ١٠ : ١٠ ) . هذا الملك قال علانيةً وصراحةً أمام بيلاطس : ” ليست مملكتي من هذا العالم ” ( يوحنا ١٨ : ٣٦ ) .
الجميع يخاف من الملوك والرؤساء ، لأنهم حُكام يتسلطون بحزم وعنف وقساوة على البشر، وكثيراً ما يعذبونهم ويضطهدونهم ظلماً . ولا يهتمون إذا نام الناس جائعين وليس عندهم خُبزاً للعيش . لكن ملكنا يختلف كُل الإختلاف عن هؤلاء ، فهو محب ، رحومٌ ، صبورٌ ، غَفُورٌ ولا يَطلُبُ مِنّا شيئاً ، بل ياتينا متواضعاً ليهتم بنا ويحمل أوجاعنا ومخاوفنا ويغفر لنا خطايانا ويدعونا إلى السعادة والكمال .
موكب يسوع يأتينا برأفةٍ وحنانٍ وبطيبة قلبٍ ، رحوم ورؤوف وحنون . موكب يسوع اليوم هو موكب يحمِلُ بين ثناياه الخلاص . من خلاله يدخل الله إلى قلب كُلِّ إنسان بمودةٍ وبساطة .
يسوع هو ملك ، ” ملك السلام ” ، يدخل اليوم إلى اورشليم ، ” مدينة السلام ” ، المدينة التي لم تعرف السلام إلى اليوم . يدخلُ المدينة المقدسة على حمارٍ ، والشعب يستقبله بأغصان الزيتون وسعف النخيل التي ترمز للسلام والفرح والسعادة . هذه هي علامات الملك المتواضع الذي يُريد رسُلاً مبشرين بالسّلام والمحبّة ” طوبى للسَّاعين إلى السلام ” ( متى ٥ : ١٠ ) يسوع يُريد في موكبه كُلّ الذين شفاهم : العميان والكسحان والبكم والبرص … يُريد العشارون وكل الخطأة .
كثيرون كانوا على الطريق المؤدي إلى اروشليم ينظرون إلى يسوع ، وكثيرون رفعوا أغصان الزيتون وهتفوا للملك : ” هوشَعْنا لابن داود ! تَباركَ الآتي باسمِ الرَّب هُوشَعْنا في العُلى !” ( متى ٢١ : ٩) . ولكن ومع الأسف الشديد ، هؤلاء كُلّهم تراجعوا ليتركوا يسوع في ساعة الألم والعذاب وحيداً وبلا مُعين . آخرون رفعوا أصواتهم قائلين : ” ليُصلَب، ليُصلَب ” ( يوحنا ٢٣ : ٢١ ) ، ” دَمُهُ علينا وعلى أولادِنا ” ( متى ٢٧ : ٢٥ ) ، وبطرس نَكَرَهُ ، ويهوذا أسلمه إلى الأعداءِ ولم يبقَ معه إلاّ أُمّه مريـم العذراء القدّيسة المتألمة ، والقديس يوحنا الحبيب ، وبعض النسوة الضعيفات اللواتي لا تقوى إلا على البكاء والبكاء بصمت .
 اليوم يدعونا يسوع لنسير معه في موكب الشعانين ، ونحن ندعوهُ ونرجوهُ ونطلب منهُ قبل أن يدخل إلى اورشليم الأرضية ، يدخُل إلى قلوبنا المليئة بالبُغض والحقد والكراهية والأنانية والنميمة والكبرياء والحسد والبخل ، ويشفي جروحاتنا وعاهاتنا وأمراضنا الروحيّة والجسديّة .
نعم ، لكل واحدٍ منّا أورشليم خاصة به ، وهي قلبه . يسوع ، لا يزال إلى اليوم راكباً الحمار ينتظر الدخول إلى أورشليم كل واحدٍ منا، إلى قلوبِنا ليجّدِّدها ويُبدِّلها ويُغيّرها ويُلبسها حُلّة جديدة نقية طاهرة ولا عيب فيها .
” وهذا خلاصنا آتٍ ” ( أشعيا ٦٢ : ١١ )
اليوم ، يسوع يدخل اورشليم وكُلُّ الأنظار متجهةً إليه .
في إستقبال يسوع الملك إلى جانب من سنقف ؟ :
إلى جانب الأطفال المبتهجين والمنشدين والهاتفين : ” تَباركَ الآتي ، الْمَلِكُ ، باسم الرّبّ ! السَّلامُ في السَّماء ! والمَجدُ في العُلى ! ” ( لوقا ١٩ : ٣٨ ) ، أم إلى جانب الفريسيين الغاضبين ؟ . لنتذكّر جيداً ، إن لم نستقبل يسوع بالمحبة والصلوات والترانيم والأعمال الصالِحة ، فستتكلّم الحِجَارَة ، ” أقولُ لكم : لو سَكَتَ هؤلاء ، لهتفت الحِجَارَة ! ” . ( لوقا ١٩ : ٤٠ ) لتعلن ملكوت الله ” حان الوقتُ واقْتَربَ مَلكوتُ الله ، فتوبوا وآمنوا بالبِشارة ” ( مرقس ١ : ١٥ ) .
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك

The post ملكنا آتٍ ليمنحنا الخلاص appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
المحبّة أساس إيماننا https://ar.zenit.org/2025/04/07/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ad%d8%a8%d9%91%d8%a9-%d8%a3%d8%b3%d8%a7%d8%b3-%d8%a5%d9%8a%d9%85%d8%a7%d9%86%d9%86%d8%a7/ Mon, 07 Apr 2025 10:52:00 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76679 " أحبب الرّبّ إلهكَ بكُلِّ قلبِكَ، وأحبب قريبكَ حُبّكَ لنفسِكَ " ( متى ٢٠ : ٣٧ )

The post المحبّة أساس إيماننا appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
ونحن نقترب من نهاية الصوم الأربعيني الكبير، ونستعدُّ لاستقبال السيد المسيح يوم أحد الشعانين، والدخول معه في الاسبوع العظيم المقدس لنشاركه ألآمه وصلبه وموته لتستحق أن نقوم معه ونمّجده في يوم قيامته .
نستعرض متأملين معاً هذه الوصية : ” أحبب الرّبّ إلهكَ بكُلِّ قلبِكَ  وكل نفسك وكل ذهنك . تلك هي الوصية الكبرى والاولى .
والثانية مثلها : أحبب قريبكَ حُبّكَ لنفسِكَ. بهاتين الوصيتين  ترتبط بها الشريعة كُلِّها والأنبياء ” ( متى ٢٢ : ٣٧ – ٤٠ ) .
أهم أسباب محبة الله والقريب :
وهي ثلاثة: الله والمسيح والكنيسة ، نسأله تعالى أن يوطّد في قلوبنا حب بعضنا البعض، حتى إذا أتممنا هذه الوصية نكون قد أتممنا الناموس كله ، عملاً بقول القديس بولس الرسول : ” فالمحبةُ لا تُنزِلُ بالقريب شراً ، فالمحبة إذاً كمالُ الشريعة ”
( رومة ١٣ : ١٠ ) .
١ – نحب القريب حباً بالله :
يقول القديس توما الأكويني ، المعلم الملائكي، أن مبعث المحبة، محبة الله ومحبة القريب ومحرّكها الأول إنما هو كمالات الله. نحن نحب الله لأجل كمالاته، ونحب كل ما تتجلَّى فيه كمالاته. وتتجلّى كمالات الله في مخلوقاته، ولاسيما في الإنسان الذي جعله على صورته ومثاله وأقرب المخلوقات إليه تعالى. فعندما نحبّ الله يتوجب علينا أن نحب القريب الذي تظهر فيه كمالات الله. وقد فهم الآباء القديسون هذه الحقيقة فقالوا إنه لا يمكن الفصل بين محبة الله ومحبة القريب ، لأنهما محبّتان متلازمتان متلاصقتان. وقد يصعب علينا بسبب ضعفنا البشري أن نعرف حقيقةً إذا كنا نحب الله من كل قلبنا وعقلنا أو لا نحبه! ولكن نسعى جاهدين للتوصل إلى محبته بالذهاب إلى اعماق قلوبنا وفحص ضميرنا سائلين انفسنا كيف نبادل محبة الله بالمحبة التي بادلنا اياها ونعمل بوصية يسوع : “ أحبب الرب إلهك من كل قلبك وكل ذهنك ”.
أما محبة القريب فلا مجال إلى الخطأ حولها. وهذا ما عبَّر عنه القديس أوغسطينوس عندما قال : ” إذا كنت تريد أن تعرف إذا كان فيك روح الله، فاسأل قلبك . فإذا كنت تحب أخاك فكن في اطمئنان، لأنه “ لا محبة حقيقية إذا لم تتوطّد في الله ”. ومن الطبيعي أن من لم يسعى بمحبة قريبه للوصول إلى الله ، ضلّ الطريق وأوقع نفسه في الظلمات و الهلاك .
وما كان القديسون إلا أصداء للسيد المسيح الناطق بلسان يوحنا الإنجيلي الذي اتّهم بالكذب من ادّعى أنه يُحبّ الله في حين لا يحب أخاه ولا القريب ، فعبّر عن ذلك في رسالته الأولى قائلاً : “ اذا قال أحَد: إني أّحبُّ الله وهو يُبغضُ أخاه كان كاذباً ، لإن الذي لا يُحبُّ أخاه وهو يراه ، لا يستطيع أن يُحب الله وهو لا يراه. إليكُم الوصية التي أخذناها عنه : من أحبّ الله فليُحب أخاه أيضاً ” ( يوحنا الأولى ٤ : ٢٠ – ٢١ ) .
ولذلك جعل السيد المسيح “ المحبة ” علامة تلاميذه الفارقة لذلك قال : “ إذا أحبّ بعضُكُم بعضاً عرف الناس أنكُم تلاميذي ”     ( يوحنا ١٣ : ٣٥ ) .
2 – نحب القريب حباً بالمسيح :
عندما تجسّد السيد المسيح واتّحد بالطبيعة البشرية ، اتّحد بجميع الناس ، لأنه عانى في جسده ما يعانيه جميع الناس – ما عدا الخطيئة – من شقاء ، وشعر بما يشعرون به من أفراح وأحزان والآم  . فأصبح جميع الناس يؤلفون معه جسداً واحداً لأنهم جميعاً مدعوون إلى الانضمام إليه واعتناق عقيدته والإستفادة من استحقاقات آلامه وموته وقيامته. ويؤلّف المسيح مع الذين يحيون بحياته ، بواسطة النعمة الإلهية ، جسده السرّي . فهو رأس هذا الجسد والمؤمنون به أعضاءه . فمن أحبّ المسيح وجب عليه أن يُحب أعضاءه ويحترمهم ويعتني بهم ومن سلّم بتجسد المسيح وجب عليه أن يسلّم بنتائج هذا التجسّد الذي جعل جميع المؤمنين جسداً واحداً.
ومن إحتقر أعضاء المسيح إحتقر المسيح عينه ، وهذا ما أشار إليه السيد المسيح عندما أنّب بولس – شاول يومذاك – على اضطهاده للمسيحيين وكان يتبعهم حتى في دمشق . فقال له : ” شاول ، شاول ، لماذا تضطهدني ” ؟ ( أعمال الرسل ٩ : ٥ ) ، ولم يقل لماذا تضطهد أتباعي والمؤمنين بتعاليمي . ومن المعلوم أن بولس لم يكن قد رأى المسيح من قبل ، ولم يتعرّف عليه ، ولكن المسيح يسوع أفهمه بقوله هذا أن من يضطهد المسيحيين يضطهد المسيح ايضاً، وهو وهم يؤلفون جسداً واحداً.
وعبّر السيد المسيح عن هذه الحقيقة بصورة جليّة مرّة ثانية عندما رسم لوحة عن الدينونة الأخيرة ، فمثل الله جالساً على عرشه للقضاء الأخير والناس حوله ، فراح يمّيز بين الأخيار والأشرار ، بين الخراف والذئاب ، وجعل الخراف عن يمينه ودعاهم إلى دخول ملكوته لأنهم عادوه مريضاُ ، وزاروه سجيناً ، وأطعموه جائعاً ، وسقوه عطشاناً وكسوه عرياناً.
وعندما أبدى هؤلاء دهشتهم لقوله لأنهم لم يروه كما وصف لهم ، أجابهم قائلاً : ” الحق اقول لكم : كلّما صنعتم شيئاً من ذلك لواحد من إخوتي هؤلاء الصغار فلي قد صنعتموه ” (متى ٢٥ : ٤٠ ) فالمسيح وإخوته كل الناس يؤلفون جسداً واحداً ، ولأنهم كلهم وبدون استثناء مدعوين ليؤلّفوا معه جسده السري.
٣ – نحب القريب حباً بالكنيسة :
بعد أن تجسّد السيد المسيح أصبح للإنسان المقام الأول في مساعدة أخيه الإنسان على تحقيق عمل خلاصه وقد جُعل أداة للنعمة . فلنأخذ مثلاً الأسرار المقدسة التي تركها لنا يسوع عربوناً للقداسة والخلاص ، فلا يقبل الإنسان نعمة السر إلا من يد أخيه الإنسان الذي أقامه الله خادماً وموزعاً لأسراره بواسطة سر الكهنوت . فالمسيح هو الذي يُعمّد ، ولكن يعمّد بواسطة الكاهن الإنسان الذي اختاره ، والمسيح هو الذي يغفر الخطايا ولكنه يغفرها بواسطة الكاهن الإنسان ، وهكذا يعمل الكاهن بمسحة الروح القدس التي نالها في الكهنوت خدمة سائر الأسرار المقدّسة . وكذلك القول عن العقيدة المسيحية . فنحن عندما نريد الاطلاع على هذه العقيدة لا نتوجه مباشرةً إلى الله ولا نكتفي بتصفّح الكتاب المقدس ثم نفسره ونؤوله على ذوقنا وهوانا ومصالحنا شأن بعض الناس الذين يستغلون تفسيره رغبةً لمكاسب شخصية ، ولكننا نطّلع على هذه العقيدة لدى القيّمين عليها ، وهم رؤساء الكنيسة من بطاركة و أساقفة ومن يتخذونهم معاونين لهم من الرهبان و الكهنة . فلا سبيل إلى نيل النعمة والإطلاع على العقيدة إلا بواسطة القريب المدعو من الله أي الكاهن ، وكذلك لا سبيل إلى محبة الله إلا بواسطة القريب .
فالقريب هو طريقنا إلى الله . وكما نعامله يعاملنا الله الذي قال : ” لا تدينوا لئلا تداموا ، فكما تدينونَ تُدانون ، ويُكال لكم بما تكيلون ” ( متى ٧ : ١ – ٢ ). وذهب السيد المسيح إلى أبعد من ذلك ، فوضع شرطاً لنيل الغفران منه ، وهذا الشرط هو أن نمنح نحن ايضاً الغفران للقريب فقال : ” فإن تغفروا للناس زلاتِهم يغفِرُ لكم ابوكم السماوي ، وإن لم تغفِروا للناس لا يغفِرُ لكم ابوكم زلاتِكُم ” (متى ٦ : ١٤ – ١٥) .
هذه هي وصية السيد المسيح الأخيرة والجديدة ، محبة القريب حباً بالله ، والمسيح والكنيسة ، وهي موجز للدين المسيحي بكامله .
اللهم ، استأصل من قلوبنا ومن قلوب جميع المؤمنين بك الحقد والبغض والنميمة  ، والشك والشراسة والظلم ، ووطّد فيها محبة القريب ليعيشوا على الأرض إخوة واخوات متحابين وينعموا برؤية وجهك في الآخرة ، فيلتّفوا حولك التفاف الأبناء المخلصين .
المطران كريكور أوغسطينوس كوسا
أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك

The post المحبّة أساس إيماننا appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
من يفصلنا عن محبة المسيح؟ https://ar.zenit.org/2025/03/31/%d9%85%d9%86-%d9%8a%d9%81%d8%b5%d9%84%d9%86%d8%a7-%d8%b9%d9%86-%d9%85%d8%ad%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%8a%d8%ad%d8%9f/ Mon, 31 Mar 2025 11:52:42 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76578 ذكرى الأربعين شهيدًا

The post من يفصلنا عن محبة المسيح؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
” نزلنا اربعين الى الماء ، سنذهب اربعين إلى السماء “
كان هؤلاء الابطال من الكبدوك قواداً في فرقة رومانية، تحت قيادة ليسياس الوثني . ولما اجتمع الجيش في سيبسطية بارمينيا لتقدمة الذبائح للاوثان ، امتنع هؤلاء الاربعون عن الاشتراك في تلك الذبائح. فاستدعاهم الوالي اغركولا وأخذ يحقق معهم فاعترفوا بانهم  يؤمنون بالسيد المسيح . فأمرهم بان يقدموا  السجود والذبائح للآلهة. فرفضوا معلينين ثانيةً وعلانيةً بأنهم يؤمنون بالمسيح . فقال لهم: ”  ضحوا للآلهة فيُعظَّم شأنكم ،  وإلاّ تجردون من مناطق جنديتكم “. فأجابوا : ” خير لنا ان نخسر مناطق جنديتنا ولا نخسر يسوع المسيح ربنا والهنا “.
فارسلهم إلى السجن ،  فقضوا الليل بالصلاة ” أقيموا كل وقت أنواع الصلاة والدعاء في الروح … ليوهب لنا أن نتكلّم ونبلّغ بجرأة سر البشارة ” ( الرسالة إلى العبرانيين ٦ : ١٨ – ١٩ ) . فظهر لهم الرب بغتة يُشجعهم ويقويهم على الثبات حتى النهاية لنيل اكليل الشهادة ” والذي يثبت إلى النهاية فذاك الذي  يَخلص ” ( متى ٢٤ : ١٣ )
وفي اليوم الثاني، اخذ الوالي يُهددّهم فلم ينل منهم مأرباً . فأمر بإعادتهم إلى السجن حيث كانوا .
وجاء قائدهم ليسياس يكلمهم  ويسعى في إقناعهم بعيادة الألهة والسجود لها ، فلم ينجح . فهدّدهم بنزع ثيابهم وتعريتهم .
فأجابه احدهم ويدعى  كتديوس : ” انتزع مناطقنا ، ولكنك لا تستطيع ان تزحزحنا عن محبة المسيح “. فتعصب وإغتاظ من كلامه ،  وأمر على الفور بتعذيبهم ،  فضربوهم بالحجارة على وجوههم ، فكانت الحجارة تعود إلى وجوه الراجمين .
فأمر الوالي بان يطرحوهم في بحيرة قد تجلد ماؤها . فبدأ الأربعون بطلاً يشجعون بعضهم بعضاً قائلين : ” نزلنا اربعين الى الماء ، سنذهب اربعين إلى السماء “. وكان لسان حالهم يقول : ” وستسلمون عندئذٍ إلى الضيق وتقتلون ، ويبغضكم جميع الوثنيين من أجل إسمي ” ( متى ٢٤ : ٩ ) ، متذكرين كلام يسوع القاتل : ” وما غلب هذا العالم هذه الغلبة هو إيماننا “
(رسالة يوحنا الاولى ٥ : ٤ )
غير انه، لشدة البرد فرغ صبر أحدهم ، فخرج من الماء ودخل حماماً ،  فخارت قواه ومات . فحزن الشهداء لكنهم تشددوا بالصلاة والعون الإلهي. وبغتةً رأى أحد الحراس نوراً ساطعاً وإذا بملائكة يحملون اكاليل المجد ليضعوها على  رؤوس التسعة والثلاثين شهيداً ،  فدهش من هذا المشهد العجيب وحركت النعمة قلبه ، فصرخ برفاقه وأعلن إيمانه قاتلاً : انا مسيحي ! أنا مسيحي ” بالإيمان قوام الأمور التي تُرجى وبرهان الحقائق التي لا تُرى ” ( الرسالة إلى العبرانيين ١١ : ١ ) .
 ورمى ذاته في الماء . فنال الإكليل الذي خسره ذاك الجبان المسكين . فاصبح الشهداء ، كما تمنَّوا ، اربعين شهيداً .
وكان ذلك في التاسع من شهر مارس / آذار سنة ٣٢٠  –
الكنيسة الأرمنية بشقيها الكاثوليكية والارثوذكسية ، تحتفل بذكرى إستشهادهم في يوم السبت من الاسبوع الرابع للصيام الأربعيني الكبير .
كنائسنا الشرقية والغربية ، تفاخر بهؤلاء الشهداء الأبطال ، أبطال الإيمان ، ” لأنهم تلقوا شهادة حسنة بفضل إيمانهم ”                ( الرسالة إلى العبرانيين ١١ : ٣٩ ) وتقدّمهم خير مثال لأبنائها الروحيين ، ولا سيما للشبان اقتداءً لآثارهم في بطولة الايمان والمحبة والتضحية في سبيل المحافظة على التعاليم المسيحية ، والمبادئ القويمة ، والآداب السليمة.
طوبى لكم، أيّها الأختام المجيدة الأربعون، لقد رُصّعتم مثل الحجارة الكريمة في تاج الملك السماويّ .
السلام لكم ، أيها الشهداء القديسين ،  الذين تشرفوا وتكلٌلوا بالمجد .
السلام لكم ،  يا محبيّ المسيح الذين قدمتم حياتكم لنيل الخلاص .
السلام لكم ، يا أجواق الشهداء ، المضطهدين من أجل المسيح سيدكم وٱلهنا وإلهكم .
السلام لكم ، لأنكم أصبحتم قرابين حب وذبيحة رضى للمسيح ربنا .
إليكم نلجأ متوسلين أن ترفعوا صلواتنا إلى الرب يسوع ، المنتصر على الشر والموت ، والقائم من بين الأموات ، ليثبتنا على الإيمان والرجاء والمحبة ، ويجعلنا شهوداً حقيقيين لبشارته ، فنؤهل بأعمال البٌر والتقوى لدخول الملكوت الموعود به لجميع الذين عملوا مشيئته ، آمين .
+ المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك

The post من يفصلنا عن محبة المسيح؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البشارة مسيرةُ رجاء، ووعد بالإنتصار على الخطيئة https://ar.zenit.org/2025/03/25/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%b4%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d9%85%d8%b3%d9%8a%d8%b1%d8%a9%d9%8f-%d8%b1%d8%ac%d8%a7%d8%a1%d8%8c-%d9%88%d9%88%d8%b9%d8%af-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%86%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%b1-%d8%b9/ Tue, 25 Mar 2025 09:10:50 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76477 عيد بشارة الملاك للعذراء مريم

The post البشارة مسيرةُ رجاء، ووعد بالإنتصار على الخطيئة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
” السلام عليكِ يا مريم ، أيّتُها المُمتَلئةُ نعمةً … لا تخافي ! لقد نِلتِ حُظوةً عند الله ، ستحملين ابناً وتسميه يسوع  “
 ( لوقا ١ : ٢٦ – ٣٨ )
في الخامس والعشرين من شهر مارس / آذار من كل عام ، تحتفل الكنيسة المقدسة بعيد البشارة . نتأمل في هذا اليوم بفرح بشارة العذراء مريم ، التي استجابت لبشارة الملاك جبرائيل و قالت ” نعم ” لتكون أُمّاً للمخلص يسوع ، واضعينا كامل ثقتنا بين يديها لأنها رجاء خلاصنا ، و تفتقدنا في جميع ظروف أيام حياتنا ، كما افتقدت الحضور في عرس قانا الجليل ، وبشفاعتها  استجاب يسوع إبنها طلبها وحوّل الماء إلى خمر فأدخلت إلى قلوب أبناء العهد الجديد رجاء الخلاص .
” الكلمة صار جسداً وسكنَ بيننا ” ( يوحنا ١ : )
في بشارة الملاك لمريم العذراء ، إتَّخذَ الله ، بفيضٍ من محبته ، مبادرةَ الدخول في شركة إتحاد مع الجنس البشري بشخص مريم البتول المخطوبة ليوسف من الناصرة ( متى ١ : ١٨ ) . فكان ” سلامُ الملاك لها ” تهنئةً بامتلائها من النعمة الإلهية . وقد كشفت الكنيسة هذا الإمتلاء ومعانيه بإعلانها عقيدة الحبل بلا دنس على لسان القديس البابا بيوس التاسع في ٨ ديسمبر / كانون الأول ١٨٥٤. فكانت التهيئة لهذه الشركة بالإعلان العقائدي : ” إنّ العذراء مريم الكلّية القداسة، في اللحظة الأولى من الحبل بها في أحشاء أمها، حُفظتْ معصومة من دنس الخطيئة الأصلية، بنعمةٍ خاصّة وامتيازٍ من الله الكلّي القدرة ، إستباقاً لاستحقاقات يسوع المسيح ، مخلِّص الجنس البشري ” ( الدستور الرسولي : “ Ineffabilis Deus ” ٨ ديسمبر / كانون الأول ١٨٥٤ ) .
” الحظوة التي وجدتها العذراء مريم عند الله ” ( لوقا ١ : ٣٠ ) هي :
أنّ ابن الله يدخل أحشاء العذراء مريـم جنيناً بقوة الروح القدس ، فيصبح اتحادُها الروحيُّ بالله إتحاداً عضوياً . هكذا تصبح مريم لكلّ إنسان مؤمن ولكلّ مؤمنة النموذج والمثال لهذا الإتحاد . إنّ مبادرة الله الأولى بعصمة مريم من خطيئة آدم الأصلية ، والثانية بدعوتها لتكونَ أمَّ ابنه المتجسِّد ، فعلا ًًحبّ كبير ، ومريم بدورها بادلت الحبّ بالحبّ عندما أجابت الملاك : ” أنا أمة الرب ، فليكُن لي بحسب قولِكَ ” ( لوقا ١ : ٣٨ ) . فتقبّلت بكلّ قلبها إرادة الله الخلاصية ، وكرّست ذاتها بكلّيتها لشخص ابنها ورسالته ، وأضحت بنعمة الله القدير شريكة الفداء . ذلك أنّها حافظت على الإتحاد بابنها حتى الصليب ، حيث وقفت منتصبة ، متألّمة مع ابنها الوحيد آلاماً مبرّحة ، مشتركة بذبيحته بقلبٍ والدي ، حتى سلّمها مِن على الصليب الأمومة لكلّ إنسان، بل للكنيسة وللبشرية جمعاء بشخص يوحنا الرسول : ” يا امرأة هذا ابنُكِ! ويا يوحنّا هذه أمك ” ( يوحنا ١٩ : ٢٦ – ٢٧ ) . هكذا اتّضح سرُّ الألم البشري الذي تُولد منه ثمارٌ جديدة ، فيبقى على كلّ واحد منا ، كما يقول القديس البابا يوحنا بولس الثاني : ” أن يكتب صفحة خاصّة به في إنجيل الألم الخلاصي ” .
من ألآم المسيح وموته وُلدت الكنيسة المقدسة :
كما تُولد السنبلة من حبّة القمح التي تقع في الأرض وتموت ” إنَّ حبّة الحنطة التي تقع في الأرض إن لم تَمُتْ تَبقَ وحدها . وإذا ماتت أخرجت ثَمراً كثيراً ” ( يوحنا ١٢ : ٢٤ ) . هكذا وُلدتِ الكنيسة عندما جرى دمٌ وماء من صدر يسوع المطعون بالحربة ، وهو ميتٌ على الصليب . فكان الماء رمز المعمودية التي بها نولد ونصبح أبناءً لله وأخوةً بعضنا لبعض ، والخمر رمز دم المسيح الذي يشير إلى محبته العظمى . ففي ذبيحة القداس يغسل الربُّ يسوع بدمه خطايا التائبين ، وفي وليمة جسده ودمه يعطي الحياة للعالم . الكنيسة هي أداة الشركة وعلامتها : فهي من جهة جماعة المؤمنين المتّحدين بالله ، ومن جهة ثانية جماعة المتّحدين بعضهم ببعض وبكلّ الناس . إلى هذه الكنيسة ننتمي ، لنكون جماعة المحبة .
مريم الأمّ البتول ليسوع التاريخي ، أصبحت بآلامها على أقدام الصليب ، أمّاً بتولاً للمسيح الكلّي الذي هو الكنيسة ، وأصبحت صورتها ومثالها . فالكنيسة أمّ وبتول تلدنا بالكلمة والمعمودية أبناءً لله ، بالإبن الوحيد وإخوة بعضنا لبعض . الكلّ بفيضٍ من محبة الله لنا بالمسيح ، وبجوابِ الحبّ منّا الذي نعيشه مع الله وجميع الناس .
البشارة مسيرةُ رجاء ، ووعد بالإنتصار على الخطيئة :
ويُعلِّمنا حدثُ البشارة لمريم ” فلمّا تمَّ الزمان ، أُرسلُ الله ابنَهُ مَولوداً لإمرأةٍ ، مَولوداً في حُكمْمِ الشريعة ، ليفتدي الذين هم في حُكْمِ الشريعة ” ( غلاطية ٤ : ٤ – ٥ ) أنّ الله هو سيدُ تاريخ البشر، يسهرُ عليه ويقودُه بحبِّه وحكمته ، لكي يكونَ تاريخَ خلاصٍ للبشرية جمعاء . البشارة لمريم تُشكّل فيه نقطة وصول وإنطلاق . أما نقطة الوصول فهي بعد مسيرة الوعد بالإنتصار على الخطيئة والشرّ ، طيلة العهدِ القديم . وهو وعدٌ قطعه الله لحواء المرأة الأولى بعد سقطتها وإغواء الحيّة ” الشيطان ” لها ، إذ قال للحيّة : ” أجعل عداوة بينكِ وبين المرأة، وبين نسلكِ ونسلها، فهو يسحق رأسكِ، وأنت ترصدين عقبه ” ( تكوين ٣ : ١٥ ) . فتحقَّق الوعدُ بالبشارة لمريم التي هي المرأة الجديدة البريئة من خطيئة آدم وحواء ، ومن أي خطيئة شخصية . ونسلها هو يسوع المسيح فادي الإنسان والمفتدون به . والحيّة هي الشيطان ” ابو الكذب ” ” أنتم أولادُ أَبِيكُم إبليس ، تُرِيدُون إتمامَ أَبِيكُم إبليس ” ( يوحنا ٨ : ٤٤ ) وكلّ الذين أغواهم وساروا في طريق الخطيئة والشرّ، وينهجون نهجه باعتماد الكذب والتضليل .
أما نقطة الإنطلاق فهي العهد المسيحاني الجديد، عهد النعمة والإنتصار على الخطيئة والموت الذي بدأه يسوع المسيح ، ابن مريم بالجسد وابن الله منذ الأزل ، مذ تَكوَّن في أحشاءِ مريم يوم البشارة . وهكذا دخل الله ، بالمسيح وعمل الروح القدس ، في قلب الأسرة البشرية وتاريخها ، جاعلاً من هذا التاريخ تحقيقاً لتصميمه الخلاصي ، بالتعاون مع كلِّ إنسان ، ولاسيما الذين أصبحوا بالمعمودية أعضاءً في جسده السرّيِّ الذي هو الكنيسة . إنّ الكنيسة ، بعنصرَيها الإلهي والبشري ، كما يُسمّيها القديس أغسطينوس ” المسيح الكلّي ” ، مؤتمنة على تحقيقِ تصميمِ الخلاص بواسطة كلِّ واحدٍ من أعضائها، لخيرِ جميع الشعوبِ والأمم ، مُدركةً أنّ طريقَها شاقٌ إذ ” تسيرُ على حدِّ قول القديس أوغسطينوس : بين اضطهاداتِ العالم وتعزياتِ الله ” .
من كلِّ ذلك أنَّ نُدرِكُ أن حدثَ البشارة لا ينتهي في الماضي ، بل يستمرُّ كتحقيقٍ متواصلٍ لتصميم الله الخلاصي ، عِبرَ كلِّ إنسان ، ولاسيما المسيحيين أعضاءِ جسدِ المسيح . فيتغيَّر فقط الزمانُ والمكانُ والأشخاص . ويبقى على كلِّ إنسان أن يكتشفَ ، بالصلاة والتأمّل وإلهامات الروح القدس ، دورَه في تصميم الخلاص الذي ينتظرُه اللهُ منه .
+ المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
 اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك

The post البشارة مسيرةُ رجاء، ووعد بالإنتصار على الخطيئة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
أكثر من نجّار https://ar.zenit.org/2025/03/19/%d8%a3%d9%83%d8%ab%d8%b1-%d9%85%d9%86-%d9%86%d8%ac%d9%91%d8%a7%d8%b1-2/ Wed, 19 Mar 2025 08:09:44 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76427 العائلة والقديس يوسف

The post أكثر من نجّار appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
يقول البابا فرنسيس عن العائلة: “العائلة هي أول مكان نتعلم فيه الحب!”. العائلة هي نواة المجتمع وأكثر دعائمه الأساسية ولا من وجود له من دونها. فالعائلة هي رئة المجتمع وهوائه في آن. فهي خزّانه البشري. ومن مثل القديس يوسف لنسلمه عائلاتنا. الآب اختاره ليكون حارس ووالد ابنه على الأرض. فهو الذي تخلى عن ابوته الجسدية ليكون أبا لطفل ليس من صلبه. القديس يوسف أب المسيح والكنيسة جمعاء حيث أعلنه البابا بيوس التاسع سنة 1870 شفيعا للكنيسة الكاثوليكية. تأتينا حياته مختصرة جدًا إذ أننا لا نعلم عنه إلاّ اليسير سوى ما ذكره الكتاب المقدس العهد الجديد. ذكره كالتالي: ولد في بيت لحم وينتمي إلى سلالة ملكية تعود به إلى الملك داوود. امتهن النجارة وعلّمها ليسوع. أرسل الرب الملاك جبرائيل إلى مدينة الناصرة ليبشر مريم بمولود وقد كانت مخطوبة ليوسف هذا وقتها. وتعجبت مريم من كلام الملاك قائلت: “كيف يكون هذا وأنا لست اعرف رجلًا”. حسب الروايات الشعبيّة، فَكَّر يوسف في فسخ الخطوبة من مريم وأخذها إلى بيته. بعد ولادة يسوع، أخذ يوسف عائلته إلى مصر هرباً من هيرودوس، بعد أن ظهر له الملاك. وأشار يسوع إلى يوسف بكلمة “أبي” وكذلك فعلت أمه مريم. ولا يوجد ذكر ليوسف عند صلب يسوع ولم يكن موجوداً حينها، لأنه حسب المعتقد المسيحي كان قد انتقل إلى ديار الآب.
يقول البابا فرنسيس في تعليمه حول القديس يوسف (19 آذار 2014): “القديس يوسف لم يكن أب يسوع، لأن أب يسوع هو الله، لكن يوسف قام بمهام الأب حيال يسوع وساعده على النمو. فكان يسوع ينمو في القامة وهذا يعني أنه كان يكبر من الناحية الجسدية والنفسية، إذ قدم له يوسف ومريم ما يلزم لينمو نموا سليما ويجب ألا ننسى أن العائلة المقدسة لجأت إلى مصر وذاقت طعم اللجوء. فيسوع كان لاجئا مع مريم ويوسف هربا من تهديدات الملك هيرودس. بعدها عادت العائلة إلى وطنها واستقرت في مدينة الناصرة. وخلال تلك السنوات علّم يوسف يسوع مهنته، فأصبح نجارا!”. وفي مكان آخر من نفس التعليم يقول: “كان بالنسبة ليسوع مثالا ومعلما في الحكمة، التي تتغذى من كلمة الله. يمكننا أن نفكر كيف ربّى يوسف يسوع على الاستماع للكتابات المقدسة، لاسيما من خلال مرافقته يوم السبت إلى المجمع في الناصرة. وكان يفعل ذلك ليتمكن يسوع من الإصغاء لكلمة الله”. من خلال هذه القراءة المجتزئة من تعليم البابا فرنسيس نكتشف بأن يوسف كان محاميًا للمسيح وكان مثال الأب الصالح له.

حسب التقليد فإن القديس يوسف هو مثال الأب وهو نور للآباء، وحارس العذارى وتعزية للبؤساء ومحاميا للعائلات وخاصة المتفكّكة منها. وتضع الكنيسة القديس يوسف سندًا للعائلة في هذه الظروف الصعبة التي يمّر بها الشرق المنازع. كان يوسف هو المطيع للمشروع الخلاصي يقول البابا فرنسيس في رسالته “بقلب أبوي”، العدد الثالث بمعرض حديثه عن طاعة القديس يوسف: “لقد عرف يوسف، في كلّ ظروف حياته، كيف يقول “ليَكُن”، على غرار مريم يوم البشارة، ويسوع في جتسماني. وعلّم يوسفُ يسوعَ، بصفته ربّ العائلة، أن يكون خاضعًا لوالديه (را. لو 2، 51)، وفقًا لمشيئة الآب (خر 20، 12). وتعلّم يسوع، متتلمذًا على يد يوسف في خفية الناصرة، أن يتمّم مشيئة الآب. وأصبحت هذه المشيئة طعامه اليومي (را. يو 4، 34). وفضّل، حتى في أصعب لحظات حياته، التي عاشها في جتسماني، أن يتمّم مشيئة الآب لا مشيئته، و”أطاع حتى الموت […] موت الصليب” (في 2، 8). ولذا يستنتج كاتب الرسالة إلى العبرانيين أن يسوع قد “تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ، […] بما عانى مِنَ الأَلَم” (في 5: 8). نستنتج من كلّ هذه الأحداث أن الله قد دعا يوسف “لكي يخدم بشكل مباشر شخص يسوع ورسالته من خلال ممارسة أبوّته: فيتعاون بهذه الطريقة في سرّ الفداء العظيم في ملء الزمان، وهو حقًا خادم الخلاص”. القديس يوسف هو نموذج للعائلة، بالعديد من الأوجه كما ذكرنا سابقًا بالطاعة لله، والتضحية والمحبّة.

The post أكثر من نجّار appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>