عظات Archives - ZENIT - Arabic https://ar.zenit.org/category/عظات/ The World Seen From Rome Sun, 20 Apr 2025 13:56:07 +0000 en-US hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.7.2 https://ar.zenit.org/wp-content/uploads/sites/5/2020/07/f4ae4282-cropped-02798b16-favicon_1.png عظات Archives - ZENIT - Arabic https://ar.zenit.org/category/عظات/ 32 32 بخطى سريعة مثل مريم المجدليّة وبطرس ويوحنّا، فلنذهب للقاء المسيح https://ar.zenit.org/2025/04/20/%d8%a8%d8%ae%d8%b7%d9%89-%d8%b3%d8%b1%d9%8a%d8%b9%d8%a9-%d9%85%d8%ab%d9%84-%d9%85%d8%b1%d9%8a%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ac%d8%af%d9%84%d9%8a%d9%91%d8%a9-%d9%88%d8%a8%d8%b7%d8%b1%d8%b3-%d9%88%d9%8a/ Sun, 20 Apr 2025 13:56:07 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76859 النصّ الكامل لعظة قداسة البابا فرنسيس
ألقاها الكاردينال أنجيلو كوماستري
في القدّاس الإلهيّ في يوم عيد الفصح المجيد
في 20 نيسان 2025 - ساحة القدّيس بطرس

The post بخطى سريعة مثل مريم المجدليّة وبطرس ويوحنّا، فلنذهب للقاء المسيح appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

رأت مريم المجدليّة أنّ حجر القبر قد دُحرج، فذهبت راكضة لتُعلِم بطرس ويوحنّا. فخرج التّلميذان أيضًا، بعد أن سمعا الخبر المذهل، “يُسرِعانِ السَّيْرَ مَعًا” (يوحنّا 20، 4)، كما يقول الإنجيل. كان جميع الأشخاص في أحداث الفصح يُسرعون! هذه ”السّرعة“ تُعَبِّر، من جهة، عن قلقهم، قد يكون أحدٌ ما أخذ جسد الرّبّ يسوع، ومن جهة أخرى، إسراع مريم المجدليّة وبطرس ويوحنّا يعبّر عن الشّوق، واندفاع القلب، والموقف الدّاخلي في الذين انطلقوا يبحثون عن يسوع. في الواقع، قام يسوع من بين الأموات، ولم يَعُدْ موجودًا في القبر. لذلك يجب أن نبحث عنه في مكان آخر.

هذه هي بُشرَى الفصح: يجب أن نبحث عنه في مكان آخر. المسيح قام، إنّه حَيّ! لم يبقَ أسير الموت، ولم يَعُدْ ملفوفًا بالأكفان، وبالتّالي لا يمكننا أن نضعه في قصّة جميلة نرويها، ولا يمكننا أن نصنع منه بطلًا من الماضي أو أن نفكّر فيه كأنّه تمثال موضوع في قاعة في متحف! بل العكس، يجب علينا أن نبحث عنه، ولهذا لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي. يجب أن نتحرّك، ونخرج لنبحث عنه: في حياتنا، وفي وجوه إخوتنا، وفي حياتنا اليوميّة، وفي كلّ مكان، ما عدا في ذلك القبر.

يجب أن نبحث عنه دائمًا. لأنّه إن كان قد قام من بين الأموات، فهو إذًا حاضرٌ في كلّ مكان، ويسكن بيننا، يختفي ويكشف عن نفسه اليوم أيضًا في الأخوات والإخوة الذين نلتقي بهم في مسيرتنا، وفي أكثر الظّروف المجهولة وغير المتوقّعة في حياتنا. إنّه حيٌّ ويبقى معنا دائمًا، يبكي بدموع المتألّمين ويضاعف جمال الحياة في أعمال المحبّة الصّغيرة لكلّ واحد منّا.

لذلك، الإيمان الفصحيّ، الذي يفتح نفسنا على اللقاء مع الرّبّ يسوع القائم من بين الأموات ويجعلنا نستقبله في حياتنا، هو أكثر من مجرّد ترتيب أو تنظيم لبعض الأمور، أو تكيُّفٍ مع حالة تمنحنا بعض الطّمأـنينة الدّينيّة، بل العكس، الفصح يضعنا في حركة، ويدفعنا لنركض، مثل مريم المجدليّة ومثل التّلاميذ، ويدعونا لكي تكون لنا عيون تقدر أن ”ترى ما هو أبعد“، لكي نرى يسوع، الحَيّ، الإله الذي يكشف عن نفسه، وهو حاضر اليوم أيضًا، ويكلِّمنا، ويسبقنا، ويفاجئنا. مثل مريم المجدليّة، يمكننا كلّ يوم أن نعرف هذه الخبرة، أن نفقد الرّبّ يسوع، ولكن يمكننا كلّ يوم أيضًا أن نسرع لنبحث عنه مرّة أخرى، ونحن نعلَم أكيدين أنّه سيأتي للقائنا وسينيرنا بنور قيامته.

أيّها الإخوة والأخوات، هذا هو الرّجاء الأكبر في حياتنا: يمكننا أن نعيش هذه الحياة الفقيرة والضّعيفة والمجروحة ونحن متمسّكون بالمسيح، لأنّه غلب الموت، ويغلب ظلامنا وسيغلب ظلمات العالم، ليجعلنا نحيا معه في الفرح، إلى الأبد. وكما يقول بولس الرّسول، لِنُسرِعْ نحن أيضًا نحو هذا الهدف، فننسى ما وراءنا ونحيا مندفعين نحو ما هو أمامنا (راجع فيلبي 3، 12-14). إذًا، لِنُسرِعْ للذهاب للقاء المسيح، بخطى سريعة مثل مريم المجدليّة وبطرس ويوحنّا.

اليوبيل يدعونا إلى أن نجدّد في أنفسنا عطيّة هذا الرّجاء، ونغمر فيه آلامنا وهمومنا، وننقله إلى الذين نلتقي بهم في الطّريق، ونُوكل إلى هذا الرّجاء مستقبل حياتنا ومصير البشريّة. ولذلك لا يمكننا أن نوقف قلوبنا في أوهام هذا العالم أو نغلق عليها في الحزن. يجب أن نُسرِعَ ممتلئين فرحًا. لِنُسرِعْ إلى لقاء يسوع، ولْنَكتَشِفْ من جديد هذه النّعمة التي لا تُثَمَّن، أن نكون أصدقاء. لنترك كلمته، كلمة الحياة والحقّ، تنير مسيرتنا. كما قال اللاهوتيّ الكبير هنري دي لوباك: “يجب أن يكفينا أن نفهم هذا: المسيحيّة هي المسيح. لا، حقًّا، لا يوجد شيء آخر غير ذلك. في المسيح لنا كلّ شيء” (مسؤوليّات الكاثوليك العقائديّة في عالم اليوم، باريس 2010، 276).

و”كلّ شيء“ هذا الذي هو المسيح القائم من بين الأموات، يفتح حياتنا على الرّجاء. إنّه حَيّ، ويريد اليوم أيضًا أن يجدّد حياتنا. ونريد أن نقول له، هو الذي غلب الخطيئة والموت:

“أيّها الرّبّ يسوع، في هذا العيد، نطلب منك هذا الطّلب: أن نكون نحن أيضًا جُدُدًا، لنحيا في هذا الجديد الأبديّ. انزع عنّا يا الله غبار العادة الحزين والتّعب والفتور، وأعطنا الفرح لنستيقظ، في كلّ صباح، بعيون تندهش برؤية ألوان هذا الصّباح الجديدة والفريدة والمختلفة عن كلّ صباح آخر. […] كلّ شيء جديد، أيّها الرّبّ يسوع، ولا شيء يتكرّر، ولا شيء قديم” (أدريانا زاري، تقريبًا صلاة).

أيّها الإخوة والأخوات، في دهشة الإيمان الفصحيّ، ونحن نحمل في قلبنا كلّ انتظار للسّلام والتّحرّر، يمكننا أن نقول: معك، أيّها الرّبّ يسوع كلّ شيء جديد. معك، كلّ شيء يبدأ من جديد.

 

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2025


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post بخطى سريعة مثل مريم المجدليّة وبطرس ويوحنّا، فلنذهب للقاء المسيح appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
نقطة التّحول في الظّلمة https://ar.zenit.org/2025/04/20/%d9%86%d9%82%d8%b7%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%91%d8%ad%d9%88%d9%84-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b8%d9%91%d9%84%d9%85%d8%a9/ Sun, 20 Apr 2025 13:30:44 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76856 النصّ الكامل لعظة قداسة البابا فرنسيس
ألقاها الكاردينال جوفاني باتيستا ري
في القدّاس الإلهيّ عشيّة عيد القيامة المجيدة
في 19 نيسان 2025 - بازيليكا القدّيس بطرس

The post نقطة التّحول في الظّلمة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

الظّلام مخيِّم، عندما تتقدَّم شمعة الفصح ببطء إلى المذبح. ما زال الظّلام مخيِّمًا عندما يفتح النّشيد الفصحيّ قلوبنا ويدعونا إلى الابتهاج، لأنّ الأرض ”أضاءت بهذه الأنوار السّاطعة، ونور الملك الأزلي بدَّد ظلام العالم“ (راجع النّشيد الفِصحي). وفي نهاية الليل، جرت الأحداث التي رواها الإنجيل الذي أُعلن قبل قليل (راجع لوقا 24، 1-12): اشتعل نور القيامة الإلهيّ، وحدث فصح الرّبّ عندما كانت الشّمس على وشك الشّروق. وعند أوّل أضواء الفجر الحجر الكبير الذي وُضع على قبر يسوع قد دُحرِج، ووصلت إلى هناك بعض النّساء يَرْتَدِينَ ثياب الحِداد. والظّلامُ ما زال مخيِّمًا على انذهال التّلاميذ وخوفهم. حدث كلّ شيء في الليل.

تُذَكِّرُنا العشيّة الفصحيّة بأنّ نور القيامة يضيء الطّريق خطوة خطوة، ويفيض في ظلمة التّاريخ بدون ضجيج، ويشّع في قلوبنا بطريقة خفيَّة. ويقابلُ النّورَ إيمانٌ متواضع، خالٍ من مظاهر الانتصار. ففصح الرّبّ ليس حدثًا للفرجة والاندهاش، به يفرض الله عظمته، ويُلزِمُنا بالإيمان به. وليس هدفًا يصل إليه يسوع بطريق سهل، محاولًا السّير حول الجلجلة. ولا نحن يمكننا أن نعيشه بطريقة لامبالية وبدون تردّد في داخلنا. بل العكس، قيامة الرّبّ يسوع من بين الأموات تشبه براعم نور صغيرة تشقّ طريقها شيئًا فشيئًا، دون ضجيج، يهدّدها الليل أحيانًا وعدم الإيمان.

”أسلوب“ الله هذا يحرّرنا من تديِّن تجريديّ، يوهِّمُنا أنّ قيامة الرّبّ يسوع تحلّ كلّ شيء بطريقة سحريّة. بل العكس، لا يمكننا أن نحتفل بعيد الفصح بدون أن نبقى متنبِّهين ونحسب الحساب لليالي التي نحملها في قلوبنا، ولظلال الموت الذي يخيِّم مرارًا على العالم. انتصر المسيح على الخطيئة وداس الموت، ولكن في تاريخنا الأرضيّ، ما زالت قدرة قيامته تتحقّق. وهذا التّحقُّق، مثل برعم نور صغير، أُودِعَ بين أيدينا لكي نحرسه ونجعله ينمو.

أيّها الإخوة والأخوات، هذه هي الدّعوة التي يجب أن نسمعها مدويّة في داخلنا، خاصّة في سنة اليوبيل: لنجعل رجاء الفصح ينمو في حياتنا وفي العالم!

عندما لا نزال نشعر بثقل الموت في قلوبنا، وعندما نرى ظلال الشرّ مستمرًّا في مسيرته الصّاخبة في العالم، وعندما نشعر بجراح الأنانية والعنف تحترق في جسدنا وفي مجتمعنا، لا نَفقِدْ الأمل، بل لنَعُدْ إلى نبإِ هذه الليلة: النّور يضيء ببطء ولو كنّا في الظّلام، وينتظرنا رجاء حياة جديدة وعالمٌ محرّر أخيرًا، ويمكن لبداية جديدة أن تفاجئنا، ولو بدت لنا أحيانًا مستحيلة، لأنّ المسيح قهر الموت.

هذا النّبأ يوسّع القلب، ويملأنا بالرّجاء. ففي يسوع القائم من بين الأموات، نحن واثقون بأنّ تاريخنا الشّخصيّ ومسيرة البشريّة، مع أنّنا لا نزال غارقين في ليلٍ تبدو الأنوار فيه خافتة، إنّما نحن في يد الله، وهو، في حبّه الكبير، لن يتركنا نتزعزع، ولن يسمح للشّرّ بأن تكون له الكلمة الأخيرة. في الوقت نفسه، هذا الرّجاء، الذي تَمَّمَهُ المسيح، يبقى لنا هدفًا يجب أن نصل إليه: هو وديعة بين يدينا لكي نصير شهودًا صادقين، ولكي يشقّ ملكوت الله طريقه إلى قلوب نساء ورجال اليوم.

يذكّرنا القدّيس أغسطينس: “بأنَّ قيامة ربّنا يسوع المسيح من بين الأموات هي علامة الحياة الجديدة للذين يؤمنون به، وسرّ موته وقيامته من بين الأموات هذا، يجب عليكم أن تعرفوه معرفة عميقة وتعيشوه في حياتكم” (الخطاب 231، 2). لِنُعِدْ الفصح في حياتنا ولْنَكُنْ رُسُلَ رجاء، وبناة رجاء، بينما رياح الموت الشّديدة ما زالت تعصف بنا.

يمكننا أن نعمل ذلك بكلامنا، وبأعمالنا اليوميّة الصّغيرة، وبخياراتنا المُستلهمة من الإنجيل. كلّ حياتنا يمكن أن تكون حضورَ رجاء. نريد أن نكون كذلك للذين لا يؤمنون بالرّبّ يسوع، ولكلّ الذين ضلّوا الطّريق ويعيشون في حالة ضياع، ولكلّ الذين استسلموا أو انحنى ظهرهم تحت أعباء الحياة، والذين هم وحيدون أو منغلقون في آلامهم، وكلّ الفقراء والمضطهدين على الأرض، ومن أجل النّساء اللواتي يتعرَّضْنَ للإهانة أو القتل، ومن أجل الأطفال الذين لم يولدوا بعد والأطفال الذين تعرّضوا للإساءة، ومن أجل ضحايا الحرب. إلى كلّ واحد منهم نحمل رجاء عيد الفصح!

أحبّ أن أتذكّر متصوّفة من القرن الثّالث عشر، هي هيدويخ من أنتويرب (Hadewijch di Anversa)، التي استلهمت من نشيد الأناشيد ووصفت آلام غياب حبيبها، فطلبت عودة الحبّ حتّى “يكون هناك نقطة تحوّل لظلمتي”، كما تقول. (هادويخ، أشعار ورؤى ورسائل، جينوفا 2000، 23).

المسيح القائم من بين الأموات هو نقطة تحوّل في تاريخ البشريّة الحاسم. هو الرّجاء الذي لا يغيب. وهو الحُبّ الذي يرافقنا ويسندنا. وهو مستقبل التّاريخ، والوجهة النّهائيّة التي نسير نحوها، لكي ندخل في الحياة الجديدة التي فيها يمسح الرّبّ يسوع نفسه كلّ دمعة من عيوننا “ولِلمَوت لن يَبْقى وُجودٌ بَعدَ الآن، ولا لِلحُزنِ ولا لِلصُّراخِ ولا لِلأَلَمِ لن يَبْقى وُجودٌ بَعدَ الآن” (رؤيا يوحنّا 21، 4). ورجاء الفصح هذا، ”نقطة التّحول في الظّلمة“، يجب علينا أن نعلنه للجميع.

أيّها الإخوة والأخوات، زمن الفصح هو فصل الرّجاء. “لا يزال هناك خوف، ولا يزال هناك وعي مؤلم بالخطيئة، ولكن هناك أيضًا نور يسطع. […] عيد الفصح يحمل إلينا البشرى السّارّة وهي أنّ يسوع القائم من بين الأموات قد غلب الشّرّ، ولو أنّه يبدو أنّ الأمور في العالم تسير من سيّء إلى أسوأ. عيد الفصح يسمح لنا بأن نؤكّد أنّ الله يسير معنا في الطّريق، ولو بدا لنا أنّه بعيد جدًّا عنّا، ونحن غارقون في أمور كثيرة صغيرة حولنا. […] هناك أشعّة رجاء كثيرة تُلقي الضّوء على مسيرة حياتنا” (هنري نوين، صلوات من الصّمت. طريق الرّجاء، بريشّا 2000، 55-56).

لِنُفسِحْ مجالًا لنور الرّبّ القائم من بين الأموات! ولْنَصِرْ بُناة رجاء للعالم.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2025


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post نقطة التّحول في الظّلمة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
الله يفتح في تاريخ كلّ واحدٍ منّا يوبيلًا https://ar.zenit.org/2025/04/18/%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d9%8a%d9%81%d8%aa%d8%ad-%d9%81%d9%8a-%d8%aa%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae-%d9%83%d9%84%d9%91-%d9%88%d8%a7%d8%ad%d8%af%d9%8d-%d9%85%d9%86%d9%91%d8%a7-%d9%8a%d9%88%d8%a8%d9%8a%d9%84/ Fri, 18 Apr 2025 11:29:34 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76840 عظة قداسة البابا فرنسيس
ألقاها الكاردينال دومينيكو كالكانيّو
في قدّاس الميرون المقدّس

The post الله يفتح في تاريخ كلّ واحدٍ منّا يوبيلًا appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

الأساقفة والكهنة الأعزّاء،

الإخوة والأخوات الأعزّاء!

“الأَلِفُ والياء، الَّذي هو كائِنٌ وكانَ وسيَأتي، وهو القَدير” (رؤيا يوحنّا 1، 8) هو يسوع. هو يسوع الذي وصفه لنا لوقا في مجمع النّاصرة، بين الذين يعرفونه منذ طفولته، وكانوا مندهشين أمامه. الوحي – الرّؤيا – أُعطي لنا في حدود الزّمان والمكان: والجسد هو المحور الذي يحمل الرّجاء. جسد يسوع وجسدنا. آخر سِفر في الكتاب المقدّس يروي لنا هذا الرّجاء. ويرويه بطريقة فريدة، ويُزيل كلّ المخاوف النّاجمة عن الرّؤيا في ضوء شمس محبّة المصلوب. في يسوع ينفتح سِفر التّاريخ ويمكن أن نقرأه.

نحن الكهنة أيضًا لنا تاريخ: عندما نجدّد في خميس الأسرار الوعود التي تعّهدنا بها في رسامتنا، فإنّنا نَعترف بأنّه لا يمكننا أن نفهمها إلّا في يسوع النّاصريّ. “ذاكَ الَّذي أَحَبَّنا فحَلَّنا مِن خَطايانا بِدَمِه” (رؤيا يوحنّا 1، 5) يفتح أيضًا سِفرَ حياتنا ويعلّمنا أن نكتشف المقاطع التي تبيّن معناها ورسالتها. عندما نسمح له هو الله أن يعلّمنا، تصير خدمتنا خدمة رجاء، لأنّ الله يفتح في تاريخ كلّ واحدٍ منّا يوبيلًا، أي زمنًا وواحة للنّعمة. لنسأل أنفسنا: هل أتعلّم أن أقرأ حياتي؟ أم أخاف أن أقوم بذلك؟

عندما يبدأ اليوبيل في حياتنا، الشّعب بأكمله يجد الرّاحة: ليس مرّة كلّ خمس وعشرين سنة، بل أمَلِي أن يكون بقُرب الكاهن اليوميّ من شعبه، الذي فيه تتحقّق نبوءات العدل والسّلام. “وجَعَلَ مِنَّا مَملَكَةً مِنَ الكَهَنَةِ لِإِلهِه وأَبيه” (رؤيا يوحنّا 1، 6): هذا هو شعب الله. ومملكة الكهنة هذه ليست الإكليروس فقط. فالضّمير ”نحن“ الذي يتكلَّم عليه يسوع هو شعب لا حدود له، فيه تنهار الجدران والحواجز. هو الذي قال: “هاءَنَذا أَجعَلُ كُلَّ شَيءٍ جَديدًا” (رؤيا يوحنّا 21، 5) مزّق حجاب الهيكل، وحَفِظَ للبشريّة مدينة – فردوس، هي أورشليم الجديدة، مُشرَعَةٌ أبوابُها دائمًا (رؤيا يوحنّا 21، 25). هكذا فهم يسوع وعلَّمنا أن نفهم كهنوت الخدمة، خدمةً خالصةً للشّعب الكهنوتيّ، الذي سيسكن قريبًا في مدينة لا تحتاج إلى هيكل.

سنة اليوبيل هي لنا نحن الكهنة، دعوة محدّدة لأن نبدأ من جديد بروح التّوبة. حجّاج رجاء، لكي نخرج من روح التّسلّط الإكليريكيّ ونصير ننادي بالرّجاء. بالطّبع، إن كان يسوع هو الألف والياء في حياتنا، نحن أيضًا يمكننا أن نُلاقي الرّفض الذي اختبره هو في النّاصرة. الرّاعي الذي يحبّ شعبه لا يعيش وهو يبحث عن قبول ورضى الآخرين بأيّ ثمن. مع ذلك، فإنّ الأمانة في الحبّ تُبدّل الشّخص، ويعترف بذلك الفقراء أوّلًا، لكنّه يسير بقلق، وشيئًا فشيئًا يجذب الآخرين إليه. “هاهُوَذا، […] ستَراه كُلُّ عَينٍ حَتَّى الَّذينَ طَعَنوه، وتَنتَحِبُ علَيه جَميعُ قَبائِلِ الأَرض. أَجَل، آمين” (رؤيا يوحنّا 1، 7).

أيّها الأعزّاء، نحن مجتمعون هنا، لنقول ونكرّر كلمة “أَجَل، آمين”. إنّه اعتراف شعب الله بالإيمان: ”نعم، إنّه هكذا، ثابت مثل الصّخر!“. آلام يسوع، وموته، وقيامته من بين الأموات، التي نستعدّ لأن نعيشها من جديد، هي الأرض التي تقف عليها الكنيسة بثبات، وخدمتنا الكهنوتيّة فيها. وما هي هذه الأرض؟ وما هي التُّربة التي يمكننا فيها لا أن نثبُت فقط، بل أن نُزهر؟ لكي نفهم ذلك، يجب علينا أن نرجع إلى النّاصرة، كما فهم جيّدًا القدّيس شارل دي فوكو.

“وأَتى النَّاصِرَةَ حَيثُ نَشَأَ، ودخَلَ المَجْمَعَ يَومَ السَّبتِ على عادَتِه، وقامَ لِيَقرأ” (لوقا 4، 16). ذكرنا هنا عادتَين على الأقلّ: عادة التّردّد إلى المجمع، وعادة القراءة. حياتنا تقوم على العادات الصّالحة. ويمكن لهذه العادات أن تجفّ، لكنّها تبيِّن لنا أين هو قلبنا. قلب يسوع هو قلب مُحبّ لكلمة الله: كان ذلك واضحًا وهو في الثّانية عشرة من عمره، والآن عندما صار بالغًا، صارت الكتب المقدّسة بيته. هذه هي الأرض، والتّربة الحيّة التي نجدها عندما نصير تلاميذه. “فدُفِعَ إِلَيه سِفْرُ النَّبِيِّ أَشَعْيا، فَفَتَحَ السِّفْرَ فوَجَدَ المَكانَ” (لوقا 4، 17). يسوع يعرف ما الذي يبحث عنه. طقوس المجمع كانت تساعده على ذلك: بعد قراءة التّوراة، كان يمكن لأيّ معلّم أن يختار صفحات من كتب الأنبياء لكي يطبّق معناها على الواقع المعاش. لكن هنا يوجد أكثر من ذلك: يوجد صفحة من حياته. أراد لوقا أن يقول هذا: اختار يسوع النّبوءة التي يريد أن يحقّقها من بين النّبوءات الكثيرة.

أيّها الكهنة الأعزّاء، كلّ واحدٍ منّا له كلمة يجب عليه أن يتمِّمها. وكلّ واحدٍ منّا له علاقة مع كلمة الله التي تأتي من بعيد. ونحن نضعها في خدمة الجميع فقط عندما يصير الكتاب المقدّس بيتنا الأوّل. لكلّ واحدٍ منّا صفحات عزيزة في داخله. هذا أمر جميل ومهمّ! لنساعد الآخرين أيضًا أن يجدوا صفحات حياتهم: ربّما الأزواج عندما يختارون القراءات في يوم زواجهم، أو الذين هم في حالة حزن وحِدَاد فيبحثون عن مقاطع من الكتاب المقدّس لِيُوكلوا الشّخص المتوفّى إلى رحمة الله وإلى صلاة جماعة المؤمنين. عمومًا، هناك صفحة لدعوتنا، في بداية مسيرة كلّ واحدٍ منّا. وبها، الله لا يزال يدعونا، إن حافظنا عليها، حتّى لا تفتر المحبّة.

مع ذلك، الصّفحة التي اختارها يسوع مهمّة لكلّ واحدٍ منّا أيضًا، وبصورة خاصّة. نحن نتبعه، ولهذا السّبب نفسه رسالته تخُصُّنا ونحن جزء منها. “فَفَتَحَ السِّفْرَ فوَجَدَ المَكانَ المَكتوبَ فيه:

“رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ،

لأَنَّه مَسَحَني لأُبَشِّرَ الفُقَراء،

وأَرسَلَني لأُعلِنَ لِلمَأسورينَ

تَخلِيَةَ سَبيلِهم،

ولِلعُميانِ عَودَةَ البَصَرِ إِلَيهِم،

وأُفَرِّجَ عنِ المَظلومين،

وأُعلِنَ سَنَةَ رِضًا عِندَ الرَّبّ.

ثُمَّ طَوَى السِّفرَ فَأَعادَه إِلى الخادِمِ وجَلَسَ”. (لوقا 4، 17-20).

كلّنا الآن عيوننا شاخصة إليه. لقد أعلن قبل قليل عن يوبيل. ولم يُعلنه كمن يتكلّم على آخرين. بل قال: “رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ” كمن يعرف الرّوح الذي يتكلّم عليه. وأضاف: “اليَومَ تَمَّت هذه الآيَةُ بِمَسمَعٍ مِنكُم”. هذا أمر إلهيّ: أن تصير الكلمة واقعًا. الأحداث الآن تتكلّم، والكلمات تتحقّق. هذا الأمر جديد، وقويّ. “هاءَنَذا أَجعَلُ كُلَّ شَيءٍ جَديدًا”. لا توجد نعمة، ولا يوجد مسيح، إن بقيت الوعود وعودًا، ولم تَصِرْ على الأرض هنا حقيقة. وبها كلّ شيء يتبدّل.

هذا هو الرّوح الذي نطلبه من أجل كهنوتنا: لقد مُسحنا به، وروح يسوع يبقى الرّفيقَ والسَّنَدَ الصّامتَ لخدمتنا. الشّعب يشعر بنفحة الرّوح عندما يصير الكلام فينا واقعًا، الفقراء، قبل غيرهم والأطفال، والمراهقون، والنّساء، وأيضًا الذين جُرحوا في علاقتهم مع الكنيسة، فيهم ”نفخة“ من الرّوح القدس: يميّزونه عن أرواح الدّنيا الأخرى، ويتعرّفون عليه في الانسجام بين الكلام والحياة. يمكننا أن نصير نبوءة تمَّتْ، وهذا جميل! الميرون المقدّس، الذي نكرّسه اليوم، يختم هذا السّرّ الذي يبدِّل الحياة المسيحيّة في مراحلها المختلفة. ولنتنبّه: لا نيأس أبدًا، لأنّ العمل هو عمل الله. أن نؤمن، نعم! نؤمن أنّ الله لا يُخفِق! الله لا يفشل أبدًا. لنتذكّر هذه الكلمة في الرّسامة: “ليتمِّمْ الله العمل الذي بدأه فيك”. وهو يتمّمه.

إنّه عمل الله، وليس عملنا: أن نحمل رسالة البُشرى للفقراء، وتَخلِيَة سَبيل للأسرى، والبصر للعميان، والحريّة للمظلومين. إن كان يسوع قد وجد هذه الآية في السّفر، فهو اليوم لا يزال يقرأها في سيرة حياة كلّ واحدٍ منّا. أوّلًا لأنّه هو الذي يُبشّرنا دائمًا، حتّى اليوم الأخير، ويحرّرنا من السّجون، ويفتح عيوننا، ويخفّف الأثقال عن كواهلنا. ثمّ لأنّه دعانا إلى رسالته، وأدخلنا بواسطة الأسرار المقدّسة في حياته، هو يحرّر أيضًا الآخرين بواسطتنا. عادةً، ودون أن ندرك ذلك، يصير كهنوتنا خدمة في سنة اليوبيل، مثل كهنوته، ودون أن ننفخ في البوق أو أن ندقّ الطّبول: فيكون تكريس أنفسنا بدون ضوضاء، لكنه جذريّ ومجّانيّ. إنّه ملكوت الله، الذي تروي عنه الأمثال، ملكوت فعّال وهادئ مثل الخميرة، وصامت مثل البذرة. كم مرّة تعرّف عليه الصّغار فينا؟ وهل نحن قادرون على أن نقول شكرًا؟

الله وحده يعلَم كم الحصاد وفير. نحن العاملين نعرف التّعب وجمال الحصاد. نعيش بعد المسيح، في الزّمن المسيحانيّ. كفى يأسًا! لنُرجِعْ ما هو للآخرين، وَلْنَعفُ عن المدينين، ولنُعِدْ توزيع المسؤوليّات والموارد: هذا ما ينتظره شعب الله. يريد أن يشارك، وبقوّة سرّ المعموديّة، هو شعب كهنوتيّ كبير. والزّيت الذي نكرّسه في هذا الاحتفال الكبير هو من أجل تعزيته ومن أجل الفرح المسيحانيّ.

الحقل هو العالم. بيتنا المشترك، الجريح جدًّا، والأخوّة الإنسانيّة، المرذولة جدًّا، لكن لا يمكن إلغاؤها، يدعواننا إلى أن نتّخذ قرارات حاسمة. حصاد الله هو للجميع: حقل حيّ، فيه ينمو الزّرع ويعطي مئة ضعف. ليمنَحْنا فرحُ الملكوت الحياةَ في الرّسالة، وهو يعوِّضنا عن كلّ تعب. في الواقع، كلّ فلاح يعرف المواسم التي لا ينتج فيها شيء. وهذه المواسم توجد أيضًا في حياتنا. لكن الله هو الذي يجعل الزّرع ينمو وهو الذي يمسح خدّامه بزيت الابتهاج.

أيّها المؤمنون الأعزّاء، ويا شعبَ الرّجاء، صلّوا اليوم من أجل فرح الكهنة. ليمنحكم الله التّحرير الذي وعدَتْ به الكتب المقدّس، والذي تغذّيه الأسرار المقدّسة. مخاوف كثيرة تسكننا، وظلم مقلق يحيط بنا، لكن عالمًا جديدًا قد أشرق. لقد أحبّ الله العالم حتّى أنّه أعطانا ابنه، يسوع. وهو يمسح جراحنا ويجفّف دموعنا. “هاهُوَذا آتٍ في الغَمام” (رؤيا يوحنّا 1، 7). له الملك والمجد إلى دهر الدّهور. آمين.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2025


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post الله يفتح في تاريخ كلّ واحدٍ منّا يوبيلًا appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
قداس خميس الأسرار: الحبّ هو الكهنوت الوحيد https://ar.zenit.org/2025/04/17/%d9%82%d8%af%d8%a7%d8%b3-%d8%ae%d9%85%d9%8a%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%a8%d9%91-%d9%87%d9%88-%d8%a7%d9%84%d9%83%d9%87%d9%86%d9%88%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%88/ Thu, 17 Apr 2025 19:06:09 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76831 في بازيليك القديس بطرس يوم خميس الأسرار في 17 نيسان 2025

The post قداس خميس الأسرار: الحبّ هو الكهنوت الوحيد appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
ترأّس الكاردينال ماورو غامبيتي قدّاس خميس الأسرار أو المعروف “بعشاء الربّ” في بازيليك القديس بطرس مفتتحًا الثلاثيّة الفصحيّة.

البشريّة ممثَّلة بتلاميذ المسيح

في بداية عظته، استوحى ممثّل البابا من نص من العهد القديم حين أصبح شعب إسرائيل عبدًا في مصر. وشدّد الكاردينال ماورو غامبيتي بأنّ هذا الفصح الأوّل تمّ “ضمن سياق من القمع”. دُهن دم الحمل المقدّس على أبواب بيوت الشعب المؤمن بالربّ حتى يُبعَد الموت عنهم.

عندما احتفل يسوع بالعشاء الفصحيّ، في العليّة، في أخوّة الجماعة الكنسيّة، بدا السياق صعبًا. فالعشاء الذي يتناوله يسوع يجسّد إنسانيّته الكبيرة وهو يريد أن “يشارك الخبز والدم مع كلّ من أوكلهم إليه الآب”. في خلال العشاء، يعكس التلاميذ الاثنا عشر البشريّة، مندفعين وعاطفيين، عقلانيين وعميقين، طموحين ومتهوّرين، صادقين ومتواضعين”.

واليوم أيضًا، نحن نجتاز محنة صعبة. يعلم عالمنا “يهوذا الذي- أخذ المال من الصندوق وباع معلّمه من أجل الربح الاقتصادي والسلطة”، منتقدًا قدرة المال والسلطة على العلاقات الإنسانية. إنها ديناميكية تدفعنا إلى الحرب من دون هوادة: “والحروب ليست سوى ذروة الانحدار، وتجسيد الصراع والشرّ في العالم”.

أن نصبح إفخارستيا

اليوم هو كالأمس، “يسوع يحبّ”، لأنه الأمر الوحيد الذي يثير اهتمامه ألا وهو الحبّ. إنه الكهنوت الوحيد. ولهذا السبب، يقوم يسوع بلفتة بسيطة جدًا وهي غسل أرجل تلاميذه”.

بالنسبة إلى الكاردينال، يسوع هو مثال الكهنوت الذي يجب أن يُلهم كلّ المؤمنين وبالأخصّ الكهنة منهم، المدعوّين إلى المشاركة في المقياس الشامل للمحبّة. كهنوت يصل إلى حدّ بذل الذات كما فعل الأب جوزيبيه بيرارديللي، كاهن في بيرغامو، الذي تخلّى عن أجهزة التنفّس في فترة كورونا ليتيح إمكانية شفاء شخص آخر.

“أعتقد أنه حان الوقت للكنيسة أن تنفتح إلى زمن جديد، الكشف عن طبيعتها كشعب كهنوتي. والحداثة تأتي من الإفخارستيا، عندما نصبح نحن بأنفسنا إفخارستيا. أنا أشكرك يا ربّ على نعمة الإفخارستيا! إجعل منّا إفخارستيا أخرى!”

The post قداس خميس الأسرار: الحبّ هو الكهنوت الوحيد appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
أحد الشعانين: فليُصبح كلُّ واحد منّا للآخر سِمعان القَيرَوانيّ https://ar.zenit.org/2025/04/14/%d8%a3%d8%ad%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b9%d8%a7%d9%86%d9%8a%d9%86-%d9%81%d9%84%d9%8a%d9%8f%d8%b5%d8%a8%d8%ad-%d9%83%d9%84%d9%8f%d9%91-%d9%88%d8%a7%d8%ad%d8%af-%d9%85%d9%86%d9%91%d8%a7-%d9%84%d9%84/ Mon, 14 Apr 2025 03:17:10 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76761 النصّ الكامل لعظة قداسة البابا فرنسيس
ألقاها الكاردينال ليوناردو ساندري في القدّاس الإلهيّ
في أحد الشّعانين بتاريخ 13 نيسان 2025
ساحة القدّيس بطرس

The post أحد الشعانين: فليُصبح كلُّ واحد منّا للآخر سِمعان القَيرَوانيّ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

صباح الأحد 13 نيسان 2025، وعند العاشرة، احتفل الكاردينال ليوناردو ساندري بقدّاس أحد الشعانين من ساحة القدّيس بطرس، وتلا العظة التي حضّرها البابا فرنسيس، بحسب أحداث إنجيل القدّيس لوقا، هذا نصّها الكامل:

“تَبارَكَ المَلِكُ الآتي بِاسمِ الرَّبّ!” (لوقا 19، 38). هكذا هتفت الجموع ليسوع عند دخوله إلى أورشليم. دخل المسيح المنتَظَر من باب المدينة المقدّسة، الباب الذي فُتِحَ على مصراعيه لاستقبال من سيخرج منه بعد أيام قليلة ملعونًا ومُدانًا، وحاملًا صليبه.

نحن أيضًا اليوم تبعنا يسوع، أوّلًا في موكب احتفاليّ، ثمّ على طريق الآلام، لنفتتح الأسبوع المقدّس الذي يُعدّنا لنحتفل بآلام ربّنا يسوع وموته وقيامته من بين الأموات.

وفيما ننظر إلى وجوه الجنود ودموع النّساء وسط الجموع، يلفت انتباهنا شخص غريب، يظهر اسمه فجأة في الإنجيل: سِمعان القَيرَوانيّ. هذا الرّجل أمسكه الجنود “فجَعَلوا علَيهِ الصَّليبَ لِيَحمِلَه خَلْفَ يَسوع” (لوقا 23، 26). كان قادمًا في تلك اللحظة من الرِّيف، ومرّ في الطّريق نفسه، فصادف حدثًا أذهله، مثل خشبة الصّليب الثّقيلة التي حملها على كتفيه.

وفيما نسير نحن أيضًا نحو الجلجلة، لنتأمّل للحظة في ما قام به سِمعان القَيرَوانيّ عندما ساعد يسوع على حَملِ الصّليب، ولنبحث في قلبه، ولنتبع خطواته بجانب يسوع.

أوّلًا، في عمله وجهان. فمن جهة، أَجبَرَ الجنود القَيرَوانيّ على حمل الصّليب: لم يُساعد يسوع طوعًا بل مُكرَهًا. ومن جهة أخرى، وجد نفسه مشاركًا في شخصه في آلام الرّبّ يسوع. فصليب يسوع صار صليب سِمعان القَيرَوانيّ. لكن ليس ذاك ”السِّمعان“ الذي يُدعى بطرس، والذي وعد بأن يتبع معلِّمه دائمًا. فقد اختفى ذلك ”السِّمعان“ في ليلة الخيانة، بعد أن كان قد أعلن: “يا رَبّ، إِنِّي لَعازِمٌ أَن أَمضِيَ مَعَكَ إِلى السِّجْنِ وإِلى المَوت” (لوقا 22، 33). لم يَعُدْ التّلميذ هو الذي يسير خلف يسوع، بل سِمعان القَيرَوانيّ. ولكنّ المعلِّم قال بوضوح: “مَن أَرادَ أَن يَتبَعَني، فَلْيَزْهَدْ في نَفسِه ويَحمِلْ صَليبَه كُلَّ يَومٍ ويَتبَعْني” (لوقا 9، 23). سمعان الجليلي كان يتكلَّم ويَعِد، لكنّه لم يفعل. بينما سِمعان القَيرَوانيّ فَعَل، ولم يتكلَّم: لم يكن أيّ حوار بينه وبين يسوع، ولم تُنطق أيّة كلمة. بينه وبين يسوع توجَد خشبة الصّليب فقط.

لكي نعرف هل ساعد سِمعان القَيرَوانيّ يسوع المُنهَك أم كَرِهَهُ، لأنّه كان عليه أن يشاركه في آلامه، ولكي نفهم هل حمل الصّليب أم كان مُكرَهًا على حمله، يجب أن ننظر إلى قلبه. كان قلب الله على وشك أن ينفتح، مطعونًا بالألم الذي يكشف عن رحمته، أمّا قلب الإنسان فكان مغلقًا. لا نعرف ماذا يوجد في قلب القَيرَوانيّ. لنضع أنفسنا في مكانه: هل نشعر بالغضب أم بالشّفقة، بالحزن أم بالتململ؟ وإذا تذكّرنا ما الذي صنعه سِمعان القَيرَوانيّ من أجل يسوع، لنتذكّر أيضًا ما الذي صنعه يسوع من أجله، ومن أجلي، ومن أجلك، ومن أجل كلّ واحد منّا: لقد فدى العالم. صليب الخشب الذي تحمّله سِمعان القَيرَوانيّ، هو صليب المسيح، الذي حمل خطايا البشر جميعهم. وحمَلها لأنّه يحبّنا، وطاعةً للآب (راجع لوقا 22، 42)، تألّم معنا ومن أجلنا. هذه هي الطّريقة المفاجئة والمذهلة التي وجد سِمعان القَيرَوانيّ نفسه فيها في تاريخ الخلاص، حيث لا أحد غريب، لا أحد في الخارج.

لنتبع إذًا خُطى سِمعان القَيرَوانيّ، لأنّه يعلِّمنا أنّ يسوع يسير للقاء الجميع، وفي كلّ الظّرف. عندما نرى جموع الرّجال والنّساء الذين يُلقون الكراهية والعنف على طريق الجلجلة، لنتذكّر أنّ الله حوّل هذه الطّريق إلى مكان فداء، لأنّه سلكها وبذل حياته من أجلنا. كم من أشخاص على مثال سِمعان القَيرَوانيّ يحملون صليب المسيح! هل نعرفهم؟ هل نرى الرّبّ يسوع في وجوههم، التي مزقتها الحرب والبؤس؟ أمام ظُلم الشّرّ الكبير، أن نحملَ صليب المسيح ليس أبدًا أمرًا عبَثًا، بل هو الطّريقة الحقيقيّة لكي نشارك في محبّته الخلاصيّة.

آلام يسوع تصير شفقة عندما نمدّ يدنا للذين صاروا غير قادرين على متابعة حياتهم، وعندما نُنهض الذي وقع، وعندما نُعانق اليائس. أيّها الإخوة والأخوات، لكي نختبر معجزة الرّحمة الكبيرة هذه، لنختر كيف نحمل الصّليب في أثناء الأسبوع المقدّس: لا نحمله على أكتافنا، بل في قلبنا. ولا نحمل صليبنا فقط، بل أيضًا صليب المتألِّم القريب منّا، وربّما صليب إنسان لا نعرفه ساقته الصّدفة – وهل هي صدفة حقًّا؟ – إلى طريقنا لنلتقي به. لِنُعِدَّ أنفسنا لعيد فصح الرّبّ بأن نصير كلُّ واحد منّا للآخر سِمعان القَيرَوانيّ.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2025


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post أحد الشعانين: فليُصبح كلُّ واحد منّا للآخر سِمعان القَيرَوانيّ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
المشاركة في الألم هو مرحلة مهمّة في كلّ مسيرة نحو القداسة https://ar.zenit.org/2025/04/07/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b4%d8%a7%d8%b1%d9%83%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%84%d9%85-%d9%87%d9%88-%d9%85%d8%b1%d8%ad%d9%84%d8%a9-%d9%85%d9%87%d9%85%d9%91%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%83%d9%84%d9%91/ Mon, 07 Apr 2025 03:24:01 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76666 النصّ الكامل لعظة قداسة البابا فرنسيس
ألقاها المطران سلفاتوري فيسيكيلا
في القدّاس الإلهيّ في سنة اليوبيل
للمرضى والعامِلين في مجال الصِّحَّة
يوم الأحد 6 نيسان 2025 (الأحد الخامس من الزَّمن الأربعينيّ)
ساحة القدّيس بطرس

The post المشاركة في الألم هو مرحلة مهمّة في كلّ مسيرة نحو القداسة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

“هاءَنَذا آتي بالجَديد، ولقَد نَبَتَ الآنَ أفَلا تَعرِفونَه؟” (أشعيا 43، 19). هذا هو الكلام الذي وجَّهه الله، على لسان النّبي أشعيا، إلى شعب إسرائيل في المنفى في بابل. كان وقتًا صعبًا لبني إسرائيل، وبدا لهم أنّ كلّ شيء قد انتهى. فقد تمّ احتلال أورشليم وتدميرها من قبل جنود الملك نبوخذ نصّر الثّاني، ولم يبقَ أيّ شيء للشّعب الذي تمّ ترحيله. بدا الأفق مغلقًا، والمستقبل مظلمًا، وتبدّد كلّ رجاء. كلّ شيء يدفع المنفيّين إلى الاستسلام بمرارة، وإلى الشّعور بأنّ الله خذلهم وزالت عنهم بركته.

ومع ذلك، في هذا السّياق نفسه، دعاهم الله إلى أن ينظروا إلى شيءٍ جديدٍ ينمو. ليس شيئًا سيحدث في المستقبل، بل هو حادث منذ الآن، إنّه ينمو مثل برعم جديد. ما هو هذا الشّيء؟ ماذا يمكن أن ينمو، بل ماذا يمكن أن يكون قد نما من قبل في بيئة كلّها خراب ويأس مثل هذه؟

الذي كان ينمو هو شعب جديد. شعبٌ، بعد أن انهارت أمامه ضمانات الماضي الكاذبة، اكتشف ما هو جوهري وأساسي: الاتّحاد والسّير معًا في نور الله (راجع أشعيا 2، 5). إنّه شعب سيقدر أن يبني من جديد أورشليم لأنّه تعلَّم، وهو بعيد عن المدينة المقدّسة، وقد دُمِّرَ الهيكل ولم يعد قادرًا على إقامة الاحتفالات الليتورجيّة فيه، تعلَّم أن يلتقي بالله بطريقة أخرى: بتوبة القلب (راجع إرميا 4، 4)، وممارسة العدل والحقّ، والاهتمام بالفقراء والمحتاجين (راجع إرميا 22، 3)، وأعمال الرّحمة.

وهي الرّسالة نفسها التي يمكن أن نقرأها أيضًا، بطريقة مختلفة، في نصّ الإنجيل (راجع يوحنّا 8، 1-11). هنا أيضًا نجد شخصًا، امرأة، دُمِّرَت حياتها: ليس بسبب المنفى الجغرافيّ، بل بسبب الإدانة الأخلاقيّة. إنّها امرأة خاطئة، كانت بعيدة عن الشّريعة وكان محكومًا عليها بالإقصاء والموت. ويبدو لها أيضًا أنّه لم يَبقَ لها أيّ رجاء. لكن الله لا يتركها. بل، في اللحظة نفسها التي فيها أمسك معذّبوها الحجارة بأيديهم، إذّاك دخل يسوع حياتها، ودافع عنها، وأنقذها من عنفهم، ومنحها فرصة لتبدأ حياة جديدة. قال لها: “إِذهَبي”، ”أنت حرَّة“، ”وقد نِلتِ الخلاص“ (راجع يوحنّا 8، 11).

بهذه القصص المأساويّة والمؤثِّرة، تدعونا الليتورجيا اليوم، في مسيرة الزّمن الأربعينيّ، إلى أن نجدّد ثقتنا بالله، الذي هو دائمًا قريب منّا ليخلِّصنا. لا يوجد منفى، ولا عنف، ولا خطيئة، ولا أيّ واقع آخر في الحياة يمكن أن يمنعه من أن يكون واقفًا على بابنا يقرع، ومستعدًّا ليدخل بمجرّد أن نسمح له بذلك (راجع رؤيا يوحنّا 3، 20). بل، عندما تشتَدُّ المِحَن، وإذّاك بصورة خاصّة، تشتَدُّ نعمته ومحبتّه وتزداد لينهضنا من جديد.

الإخوة والأخوات، نحن نقرأ هذه النّصوص بينما نحتفل بيوبيل المرضى وكلّ العامِلين في مجال الصِّحَّة، ومن المؤكَّد أنّ المرض هو أحد أصعب وأقسى المِحَن في الحياة، حيث نلمس لمس اليد كم نحن ضعفاء. وقد يجعلنا نشعر مثل الشّعب في المنفى، أو مثل المرأة في الإنجيل: بلا رجاء في المستقبل. لكن الواقع ليس كذلك. حتّى في هذه اللحظات، الله لا يتركنا وحدنا، وإن سلَّمنا أنفسنا له، فإنّه يمكننا، وفي الوقت الذي تخور فيه قوانا، أن نختبر عزاء حضوره. هو نفسه، الذي صار على مثال البَشَر، أراد أن يشاركنا ضعفنا في كلّ شيء (راجع فيلبي 2، 6-8)، وهو يعرف جيِّدًا ما معنى الألم (راجع أشعيا 53، 3). لذلك، يمكننا أن نقول له وأن نوكل إليه ألمنا واثقين بأنّنا سنجد لديه الشّفقة والقرب والحنان.

وليس هذا فقط. بل إنّ الله، في محبّته الواثقة، يهتمّ لنا لكي نصير بدورنا، بعضنا لبعض، ”ملائكة“، رسلًا لحضوره، إلى حدّ أنّه أحيانًا، سواء لمن يتألّم أو لمن يعتني به، يمكن أن يتحوّل سرير المريض إلى ”مكان مقدس“ للخلاص والفداء.

أيّها الأطّباء والممرضون وأفراد الطّاقم الصّحّي الأعزّاء، بينما تهتمّون بمرضاكم، وخاصّة بالأضعفين، الرّبّ يسوع يمنحكم الفرصة لتجدّدوا حياتكم باستمرار، فتغذّوها بالشّكر والرّحمة والرّجاء (راجع مرسوم الدّعوة إلى اليوبيل العادي، الرَّجاءُ لا يُخَيِّبُ، 11). إنّه يدعوكم إلى أن تنيروها بتواضع واعين أنّ لا شيء ميؤوس منه، وأنّ كلّ شيء هو عطيّة من الله، ويدعوكم إلى أن تضيئوا الحياة بتلك الإنسانيّة التي تختبرونها عندما تتركون المظاهر، ويبقى ما هو الأهمّ: أعمال المحبّة الصّغيرة والكبيرة. اسمحوا أن يدخل حضور المرضى في حياتكم ويكون لكم عطيّة، ليشفي قلوبكم، فينقِّيها من كلّ ما ليس بمحبّة، ويبعث فيها الدِّفءَ بنار الشّفقة العذبة والمتَّقِدة.

ومعكم أيضًا، أيّها الإخوة والأخوات المرضى الأعزّاء، أشارككم كثيرًا في هذه اللحظة من حياتي: خبرة المرض، والشّعور بالضّعف، والاعتماد على الآخرين في أمور كثيرة، والحاجة إلى الدّعم والسّند. ليس الأمر سهلًا دائمًا، لكنّه مدرسة نتعلَّم فيها كلّ يوم أن نُحِبّ ونترك غيرنا يُحِبُّنا، بدون أن نطلب أو أن نرفض، وبدون أن نشكو أو أن نيأس، بل شاكرين الله والإخوة على الخير الذي نقبله منهم، ومستسلمين وواثقين لما سيأتي بعد. غرفة المستشفى وسرير المرض يمكن أن تكون أماكن نسمع فيها صوت الله يقول لنا أيضًا: “هاءَنَذا آتي بالجَديد، ولقَد نَبَتَ الآنَ أفَلا تَعرِفونَه؟” (أشعيا 43، 19). وهكذا، نجدِّد إيماننا ونقوّيه.

البابا بنديكتس السّادس عشر، الذي ترك لنا شهادة بليغة على الطُّمأنينة في أثناء مرضه، قال: “مقياس الإنسانيّة يتحدّد جوهريًّا في علاقتها مع الألم”، و”المجتمع الذي لا يستطيع أن يقبل المتألِّمين […] هو مجتمع قاسٍ ولاإنسانيّ” (رسالة بابويّة عامّة، بالرجاء مخلَّصون، 38). هذا صحيح: مواجهة الألم معًا يجعلنا أكثر إنسانيّة، والمشاركة في الألم هو مرحلة مهمّة في كلّ مسيرة نحو القداسة.

أيّها الأعزّاء، لا نبعد الضّعفاء عن حياتنا، كما تفعل اليوم للأسف بعض العقليّات المعاصرة في بعض الأحيان، ولا نُقْصِ الألم من بيئتنا. بل لنجعل الألم والمرض فرصة لكي ننموّ معًا، ونزرع الرّجاء بقوّة المحبّة التي أفاضها الله أوّلًا في قلوبنا (راجع رومة 5، 5)، والتي تبقى إلى الأبد، بالرّغم من كلّ شيء (راجع 1 قورنتس 13، 8-10. 13).

 

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2025


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post المشاركة في الألم هو مرحلة مهمّة في كلّ مسيرة نحو القداسة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
عظات الصوم: الحياة ليست فيلمًا فارغ المعنى https://ar.zenit.org/2025/03/14/%d8%b9%d8%b8%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%88%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%8a%d8%a7%d8%a9-%d9%84%d9%8a%d8%b3%d8%aa-%d9%81%d9%8a%d9%84%d9%85%d9%8b%d8%a7-%d9%81%d8%a7%d8%b1%d8%ba-%d8%a7%d9%84%d9%85/ Fri, 14 Mar 2025 18:17:48 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76376 تأمّل لواعظ الدار الرسولية الأب الكبوشي بازوليني

The post عظات الصوم: الحياة ليست فيلمًا فارغ المعنى appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
تأمّل واعظ الدار الرسولية الأب الكبوشي روبيرتو بازوليني بالتحوّل الدائم للحياة، وذلك في عظته اليوم الجمعة 14 آذار في زمن الصوم الكبير، مشيرًا إلى أنّ الحياة أشبه ببذرة تنمو من خلال الأفراح والآلام والانتصارات والهزائم.

تضعنا الحياة، بجمالها وصعوباتها، أمام مسألة أساسية: ماذا ينفع حجّنا في هذا العالم عندما يكاد ينتهي كلّ شيء؟ من دون الرجاء في الأبديّة، يمكن لثقل الواقع أن يسحقنا ويدفعنا إلى الاستسلام. يقترح علينا القديس بولس أن نركّز نظرنا على الأمور غير المرئيّة، ألا وهي أبديّة.

إنّ الإنسانية موسومة بالتراجع الجسديّ إنما التجدد الداخليّ يحدث يومًا بعد يوم. كلّ ما يبدو بأنه زائل له في الواقع مصير أعظم: لقد خلقنا الله من أجل القيامة وهذا ليس حلمًا نموذجيًا بل منطقًا طبيعيًا لوجود مدعوّ إلى الكمال.

وفي سرّ الصليب وقيامة المسيح، حقّق الله مخطّط حبّه. في الواقع، إنّ هزيمة المصلوب كما تبدو في الظاهر تكشف عن أب لا يستسلم عن أبنائه. وهذا يعني أنّ حياتنا ليست وليدة الصدفة بل هي تنتمي إلى مشروع التبنّي والفداء الذي يجعل منا أبناء محبوبين ومصيرنا الحياة الأبديّة. كلّ ما نعيشه، من أفراح وآلام ونجاحات وإخفاقات هو جزء من التحوّل المستمرّ الذي يشبه البذرة التي عندما تموت تعطي حياة جديدة. والأمر سيّان في حالتنا، إذ عندما نجتاز عتبة الموت، ننفتح إلى حياة جديدة ممجَّدَة.

هذا التحوّل لا يتحقّق في المستقبل فحسب، بل يبدأ منذ الآن. في الواقع، يحدث في الإفخارستيا تبادلاً غامضًا: نحن نقدّم إلى الله حياتنا ونتلقّى في المقابل المسيح بحدّ ذاته، الذي يحوّلنا بمحبّته. في كلّ قداس نحتفل به، نقدّم ذواتنا إلى المسيح وهو بدوره يحملنا إلى الآب. إنه ليس طقسًا رمزيًا، بل هي عمليّة حقيقيّة لتحويل شخصنا، تجعلنا مشاركين في الحياة الأبدية في الوقت الحاضر.

نحن لا نعلم تحديدًا كيف ستنتهي الأمور في النهاية، لكننا نعلم أنّ ما سنكون عليه بدأ ينمو في داخلنا. مصيرنا ليس العدم، بل مستقبلاً مفعمًا بالرجاء.

إنّ هذا اليقين يغيّر كلّ شيء: حياتنا ليست فيلمًا يفتقر إلى المعنى، بل هو عمل كتبه وأخرجه مخرج استثنائيّ يدعونا إلى تثبيت نظرنا على الأبديّة والسير معه بثقة. إنه واقع حقيقي: لقد خلق الله أبناء، ونحن من بينهم. المستقبل هو أمامنا كمشروع حبّ مكشوف جزئيًا. ولكن ما نراه اليوم هو بالفعل رائع: نحن أولاد محبوبون، مواطنو السماء، نعيش من أجل الله، وإلى الأبد.

The post عظات الصوم: الحياة ليست فيلمًا فارغ المعنى appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
يجب أن نختار بين صوتَين متناقضَين تمامًا. فإلى مَن نُصغي؟ https://ar.zenit.org/2025/03/10/%d9%8a%d8%ac%d8%a8-%d8%a3%d9%86-%d9%86%d8%ae%d8%aa%d8%a7%d8%b1-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%b5%d9%88%d8%aa%d9%8e%d9%8a%d9%86-%d9%85%d8%aa%d9%86%d8%a7%d9%82%d8%b6%d9%8e%d9%8a%d9%86-%d8%aa%d9%85%d8%a7%d9%85/ Mon, 10 Mar 2025 08:32:51 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76294 النصّ الكامل لعظة قداسة البابا فرنسيس
ألقاها الكاردينال مايكل تشيرني
في القدّاس الإلهيّ في سنة اليوبيل لعالم المتطوِّعين
يوم الأحد 9 آذار 2025 - (الأحد الأوَّل من الزَّمن الأربعينيّ)
ساحة القدّيس بطرس

The post يجب أن نختار بين صوتَين متناقضَين تمامًا. فإلى مَن نُصغي؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
قاد الرُّوح يسوع في البَرِّيَّة (راجع لوقا 4، 1). كلّ سنة، تبدأ مسيرتنا، مسيرة الزّمن الأربعينيّ، باتّباع الرّبّ يسوع في هذا المكان، الذي مرّ به وغيَّرَ معناه من أجلنا. عندما دخل يسوع البَرِّيَّة، حدث في الواقع تغيير حاسم: مكان الصّمت صار مكان إصغاء. ووُضِعَ الإصغاء تحت الاختبار، لأنّه يجب أن نختار بين صوتَين متناقضَين تمامًا، فإلى مَن نصغي. يقدِّم لنا الإنجيل هذا التّدريب، ويشهد أنّ مسيرة يسوع بدأت بفعل طاعة: فالرّوح القدس، وهو قوّة الله، هو الذي قاده إلى حيث لا ينبت شيء جيِّد من الأرض والسّماء لا تمطر. في البَرِّيَّة، الإنسان يختبر فقره الماديّ والرّوحي، وحاجته إلى الخبز والكلمة.

يسوع أيضًا، الإنسان الحقّ، أحسَّ بالجوع (راجع الآية 2)، ومدّةَ أربعين يومًا يُجَرَّبُ بكلمة ليست مِن الرُّوح القدس، بل من الشّرير، من إِبليس. مع دخولنا في الأربعين يومًا من الزّمن الأربعينيّ، لنفكّر في أنّنا نحن أيضًا معرَّضون للتّجربة، ولكنّنا لسنا وحدنا: يسوع معنا، وهو الذي يفتح لنا الطّريق في البَرِّيَّة. ابن الله الذي صار بشرًا لم يكتفِ بأن يعطينا نموذجًا في الجهاد ضدّ الشّر. بل أكثر من ذلك، إنّه يمنحنا القوّة لنقاوم هجماته ونَثبُت في المسيرة.

لنتأمّل في ثلاثة أمور في تجربة يسوع وتجربتنا أيضًا: البداية، والطّريقة، والنّتيجة. ونقارن بين هاتَين الخبرتَين، لِنجد سندًا لمسيرة توبتنا.

أوّلًا، البّداية، كان يسوع قاصدًا هذه التّجربة: ذهب إلى البَرِّيَّة لا للاستعراض، ولإظهار قوّته، بل لأنّه كان ابنًا مستعدًّا لطاعة روح الآب، فاستجاب لإرشاده بسرعة. أمّا تجربتنا فتُفرَضُ علينا: الشّرّ يسبق حرّيتنا، ويفسدها في العمق مثل ظلٍّ في الدّاخل وشَرَكٍ خبيث. وبينما نطلب من الله ألّا يتركنا في التّجربة (راجع متّى 6، 13)، فلنتذكّر أنّه قد استجاب أصلًا لهذه الصّلاة بيسوع، الكلمة الذي تجَسَّد ليبقى معنا دائمًا. الرّبّ يسوع قريب منّا ويهتمّ بنا خاصّةً في مكان المحنة والشّكّ، أي عندما يرفع المُجرِّب صوته. المُجرِّب هو أبو الكَذِب (راجع يوحنّا 8، 44)، وفاسد ومُفسِد، لأنّه يعرف كلمة الله لكنّه لا يفهمها، بل يحرِّفها: كما فعل منذ زمَنِ آدم في جنة عدن (راجع تكوين 3، 1-5)، وكما يفعل الآن مع آدم الجديد، يسوع، في البَرِّيَّة.

هنا نرى الطّريقة الفريدة التي بها تعرَّض المسيح للتّجربة، أي في علاقته مع الله، أبيه. الشّيطان هو الذي يَفصِل، وهو المُفرِّق، بينما يسوع هو الذي يجمع ويوحِّد بين الله والإنسان، وهو الوسيط. أراد الشّيطان الفاسد أن يدمّر هذه العلاقة، فجعل يسوع كائنًا مميّزًا: “إِنْ كُنتَ ابنَ الله، فَمُر هذا الحَجَرَ أَن يَصيرَ رَغيفًا” (الآية 3). وأيضًا: “إِن كُنتَ ابنَ الله، فأَلْقِ بِنَفْسِكَ مِن ههُنا إِلى الأَسفَل” (الآية 9) من شُرفَةِ الهَيكَلِ. أمام هذه التّجارب، يسوع، ابن الله، قرَّر هو كيف يكون ابنًا. بالرّوح الذي يقوده، بيَّن اختياره كيف يريد أن يعيش علاقته البنويّة مع الآب. وهذا ما قرّره الرّبّ يسوع: هذه العلاقة الفريدة والحصريّة مع الله، أنّه ابنه الوحيد، صارت علاقة تشمل الجميع دون استثناء. العلاقة مع الآب هي العطيّة التي يُشرِكُنا فيها يسوع في العالم لخلاصنا، وهي ليست كنزًا يغار عليه (راجع فيلبي 2، 6) ليتباهى به وليحقّق نجاحًا ويجذب أتباعًا له.

نحن أيضًا نتعرَّض للتّجربة في علاقتنا مع الله، ولكن باتجاه معكوس. في الواقع، الشّيطان يهمس في آذاننا أنّ الله ليس أبانا حقًا، بل هو في الحقيقة تخلّى عنّا. يريد الشّيطان أن يُقنعنا بأنّه لا يوجد خبز للجياع، ولا حتّى من الحجارة، ولا الملائكة يساعدوننا في المصائب. بل إنّ العالم في قبضة قِوى شرّيرة، تسحق الشّعوب بغطرسة حساباتها وعنف الحرب. لكن، في اللحظة التي فيها يحاول الشّيطان أن يجعلنا نعتقد أنّ الرّبّ يسوع بعيدٌ عنّا، ويجعلنا نشعر بخيبة الأمل، الله يزداد قربًا منا، ويقدّم حياته لفداءِ العالم.

ونصل إلى الوجه الثّالث: نتيجة التّجارب. يسوع، مسيح الله، ينتصر على الشّرّ. ويطرد الشّيطان، الذي سيعود ليُجرّبه “عندما يَحينُ الوَقت” (الآية 13). هكذا يقول الإنجيل، وسنتذكّر ذلك عندما سنسمع على الجلجلة مَن يطلب من جديد من يسوع ويقول له: “إِن كُنتَ ابنَ الله، فَانزِلْ عَنِ الصَّليب” (متّى 27، 40؛ راجع لوقا 23، 35). هُزِم المُجرِّب في البَرِّيَّة، لكن انتصار المسيح لم يكن نهائيًّا بعد: سيكون نهائيًّا في فِصحِه بموته وقيامته من بين الأموات.

بينما نستعدّ للاحتفال بسرّ الإيمان الأساسيّ، لنعترف أنّ نتيجة تجربتنا مختلفة. نحن نقع أحيانًا أمام التّجربة: لأنّنا كلّنا خطأة. لكن الهزيمة ليست نهائيّة، لأنّ الله يُنهضنا من كلّ سقطة بمغفرته، التي لا حدود لها في المحبّة. لذلك، تجربتنا لا تنتهي بالفشل، لأنّ المسيح فدانا من الشّرّ. وعندما نعبر البَرِّيَّة معه، فإنّنا نسير في طريق لم يكن موجودًا من قبل: يسوع نفسه يفتح لنا هذا الطّريق الجديد، طريق التّحرّر والفداء. وعندما نتبع الرّبّ يسوع بإيمان، نصير حجّاجًا بعد أن كنّا تائهين.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أدعوكم إلى أن تبدؤوا مسيرتكم، مسيرة الزّمن الأربعينيّ بهذه الطّريقة. وبما أنّنا نحتاج على طول الطّريق إلى تلك الإرادة الصّالحة التي يسندها ويعزّزها دائمًا الرّوح القدس، يسرّني أن أحيِّي جميع المتطوّعين الموجودين اليوم في روما من أجل حجِّكم في سنة اليوبيل. أشكركم كثيرًا، أيّها الأعزّاء، لأنّكم على مثال يسوع، تخدمون القريب دون أن تستغلّوا القريب. أنتم على الطّرقات وبين البيوت، وبجانب المرضى، والمتألّمين، والمسجونين، ومع الشّباب وكبار السّنّ، وتفانيكم هذا يُفيض الرّجاء في كلّ المجتمع. في صحاري الفقر والوِحدة، تؤدي أعمال الخدمة المجّانيّة الصّغيرة الكثيرة إلى أن تُزهر براعم إنسانيّة جديدة: هذه الحديقة كانت حُلمَ الله، ولا يزال الله يحلم بها لنا جميعًا.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2025

Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post يجب أن نختار بين صوتَين متناقضَين تمامًا. فإلى مَن نُصغي؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
بالرّغم من هشاشتنا وفي نهاية رحلتنا الأرضيّة ينتظرنا أبٌ بذراعَين مفتوحتَين https://ar.zenit.org/2025/03/06/%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%91%d8%ba%d9%85-%d9%85%d9%86-%d9%87%d8%b4%d8%a7%d8%b4%d8%aa%d9%86%d8%a7-%d9%88%d9%81%d9%8a-%d9%86%d9%87%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%b1%d8%ad%d9%84%d8%aa%d9%86%d8%a7-%d8%a7%d9%84/ Thu, 06 Mar 2025 07:35:07 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76274 النصّ الكامل لعظة قداسة البابا فرنسيس
ألقاها الكاردينال أنجيلو دي دوناتيس
في القدّاس الإلهي في أربعاء الرّماد
في 5 آذار/مارس 2025 - بازيليكا القدّيسة سابينا

The post بالرّغم من هشاشتنا وفي نهاية رحلتنا الأرضيّة ينتظرنا أبٌ بذراعَين مفتوحتَين appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

هذا المساء، يُنثَرُ الرّماد المقدّس على رؤوسنا. إنّه يحيي فينا ذكرى ما نحن، ويحيي أيضًا فينا الرّجاء في ما سنكون. يذكّرنا بأنّنا تراب، لكنّه يوجِّهنا نحو الرّجاء الذي نحن مدعوّون إليه، لأنّ يسوع نزل إلى تراب الأرض وبقيامته جذبنا معه إلى قلب الآب.

هكذا تمتد مسيرة الزّمن الأربعينيّ نحو الفصح، بين ذكرى ضعفنا وهشاشتنا والرّجاء في أنّ الرّبّ القائم من بين الأموات ينتظرنا في نهاية الطّريق.

لنتذكّر أوّلًا. نقبل الرّماد ونحني رؤوسنا إلى الأسفل، كما لو كنا ننظر إلى أنفسنا، لنفحص ما في داخلنا. في الواقع، الرّماد يساعدنا لنتذكّر هشاشة حياتنا وأيامها المعدودة: نحن تراب، ومن التّراب خُلِقنا وإلى التّراب نعود. هناك لحظات كثيرة فيها ندرك، عندما ننظر إلى حياتنا الشّخصية أو إلى الواقع من حولنا، أنّ “ما الإِنسانُ السَّائِرُ إِلاَّ ظِلّ، وما الخَيراتُ الَّتي يُكَدِّسُها إِلاَّ هَباء، ولا يَدْري مَن يَجمَعُها” (مزمور 39، 7).

تُعلِّمنا هذا بصورة خاصّة خبرة الهشاشة التي نشعر بها إذا تعبنا، وضُعفُنا الذي علينا مواجهته، والمخاوف التي تسكننا، والفشل الذي يُحرِقُنا من الدّاخل، وتَحَطُّمُ أحلامنا، وعندما نرى زوال الأشياء التي نملكها. خُلِقنا من رماد وتراب، ونلمس لمس اليد هشاشتنا في خبرة المرض، وفي الفقر، وفي الآلام التي تهبط أحيانًا فجأة علينا وعلى عائلاتنا. ونشعر أيضًا بضعفنا عندما نجد أنفسنا معرَّضين، في الحياة الاجتماعيّة والسّياسيّة في زمننا هذا، لـ”لغبار الدّقيق“ الذي يلوِّث العالم: تعارُضُ الإيديولوجيّات، ومنطق التّسلّط، وعودة أيديولوجيّات الهويّة القديمة التي تفكّر في إقصاء الآخرين، واستغلال موارد الأرض، والعنف بجميع أشكاله والحرب بين الشّعوب. كلّ ذلك ”غبار سامّ“ يسمِّم هواء كوكبنا، ويمنع العيش معًا في سلام، فينمو في داخلنا كلّ يوم عدم اليقين والخوف من المستقبل.

أخيرًا، تذكِّرنا حالة الهشاشة هذه بمأساة الموت، التي نحاول في مجتمعاتنا المهتمّة بالمظاهر أن نتحرّر منها بطرق عديدة، وأن ”نهمّشها“ حتّى في لغاتنا، لكنّها تفرض نفسها كواقع علينا أن نواجهه، علامة على عدم الاستقرار والزّوال في حياتنا.

لذا، على الرّغم من الأقنعة التي نرتديها والحِيَل التي نبتكرها غالبًا ببراعة لنشتت انتباهنا، الرّماد يذكّرنا من نحن. وهذا مفيد لنا. إنّه يعيدنا إلى المنظور الصّحيح، ويُظهِرُ احتدادَ نرجسيتنا، ويعيدنا إلى الواقع، ويزيدنا تواضعًا واستعدادًا لنخدم بعضنا بعضًا: لا أحد منّا هو الله، نحن جميعًا في مسيرة.

والزّمن الأربعينيّ هو أيضًا دعوة إلى أن نحيي الرّجاء فينا. إن كنّا نقبل الرّماد برؤوس منحنية لنتذكّر ما نحن، فإنّ الزّمن الأربعينيّ لا يريد أن يتركنا ورؤوسنا منحنية، بل يدعونا إلى أن نرفع رؤوسنا نحو من قام من أعماق الموت، ليجذبنا نحن أيضًا معه من رماد الخطيئة والموت إلى مجد الحياة الأبديّة.

الرّماد يذكِّرنا إذًا بالرّجاء الذي نحن مدعوّون إليه، لأنّ يسوع، ابن الله، قد اختلط بتراب الأرض، ورفعه إلى السّماء. وفي أعماق التّراب نزل، ومات من أجلنا وصالحنا مع الآب، كما سمعنا من الرّسول بولس: “ذاكَ الَّذي لم يَعرِفِ الخَطيئَة جَعَلَه اللهُ خَطيئَةً مِن أَجْلِنا” (2 قورنتس 5، 21).

أيّها الإخوة والأخوات، هذا هو الرّجاء الذي يحيي الرّماد الذي هو نحن. بدون هذا الرّجاء، نستسلم لقدرنا فنعاني بصورة سلبيّة هشاشة حالتنا البشريّة، وخاصّة أمام خبرة الموت، فنغرق في الحزن واليأس، وننتهي إلى التّفكير مثل الجهال فنقول: “قَصيرَةٌ حَزينَةٌ حَياتُنا ولَيسَ لِنِهايةِ الإِنسانِ مِن دَواء […] إِنَّنا وُلِدْنا اتِّفاقًا وسنَكونُ مِن بَعدُ كأَنَّنا لم نَكُنْ قَطّ، لأَنَّ النَّسمَةَ في مَناخيرِنا دُخان، والنُّطقَ شَرارَةٌ مِن خَفَقانِ قُلوبِنا. فإِذا انطَفَأَت عادَ الجِسْمُ رَمادًا، وتَبَدَّدَ الرُّوحُ كالهَواءِ المائع” (الحكمة 2، 1-3). أمّا رجاء الفصح الذي نتجه نحوه، فهو يسندنا في ضعفنا، ويُطَمْئِنُنا أنَّ الله يغفر لنا، وحتّى ونحن محاطون برماد الخطيئة، يفتح أنفسنا إلى اعتراف فرح بالحياة: “فادِيَّ حَيٌّ وسَيَقومُ الأَخيرَ على التُّراب” (أيوب 19، 25). لنتذكّر هذا: “الإنسان هو تراب وإلى التّراب يعود، لكنّه تراب عزيز في عينَي الله، لأنّ الله خلق الإنسان ليكون مقدَّرًا له الخلود” (البابا بنديكتس السّادس عشر، دروس في التّعليم المسيحي في المقابلة العامّة، 17 شباط/فبراير 2010).

أيّها الإخوة والأخوات، مع الرّماد على رؤوسنا، نسير نحو رجاء الفصح. لِنَعُدْ إلى الله، ولْنَعُدْ إليه بكلّ قلوبنا (راجع يوئيل 2، 12)، ولنضعه في مركز حياتنا، لكي ينير أخيرًا رجاء الرّبّ القائم من بين الأموات ذكرى حقيقتنا، ما نحن – هشاشة وفناء مثل الرّماد المتناثر في الرّياح. لنوجّه حياتنا نحوه، فنصير علامة رجاء للعالم: لنتعلِّم من الصّدقة أن نخرج من ذواتنا لنتشارك في احتياجاتنا بعضنا مع بعض ونغذي رجاء عالم فيه المزيد من العدل. ولنتعلِّم من الصّلاة أن نكتشف أنّنا بحاجة إلى الله، أو كما قال جاك ماريتان إنّنا ”متسوِّلو السّماء“، لكي نغذي الرّجاء، أنّه، بالرّغم من هشاشتنا وفي نهاية رحلتنا الأرضيّة ينتظرنا أبٌ بذراعَين مفتوحتَين. ولنتعلَّم من الصّوم أنّنا لا نعيش فقط لإشباع احتياجاتنا، بل نحن جائعون إلى الحبّ والحقيقة، وفقط حبّ الله وحبّ بعضنا بعضًا يمكنه أن يشبعنا حقًّا ويجعلنا نرجو مستقبلًا أفضل.

ليرافقنا دائمًا هذا اليقين أنّه منذ أن جاء الرّبّ يسوع إلى رماد العالم، “صارت قصة الأرض قصة السّماء. الله والإنسان مرتبطان بمصير واحد” (كارلو كارّيتّو، الصّحراء في المدينة، روما 1986، 55). والله سيزيل إلى الأبد رماد الموت ليجعلنا نتألّق بحياة جديدة.

بهذا الرّجاء في قلوبنا، لنتقدَّم في المسيرة. ولنترك أنفسنا تتصالح مع الله.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2025


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post بالرّغم من هشاشتنا وفي نهاية رحلتنا الأرضيّة ينتظرنا أبٌ بذراعَين مفتوحتَين appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا للشّمامسة: كونوا رُسلًا للمغفرة https://ar.zenit.org/2025/02/24/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d9%84%d9%84%d8%b4%d9%91%d9%85%d8%a7%d9%85%d8%b3%d8%a9-%d9%83%d9%88%d9%86%d9%88%d8%a7-%d8%b1%d9%8f%d8%b3%d9%84%d9%8b%d8%a7-%d9%84%d9%84%d9%85%d8%ba%d9%81%d8%b1/ Mon, 24 Feb 2025 10:00:20 +0000 https://ar.zenit.org/?p=76118 النصّ الكامل لعظة قداسة البابا فرنسيس
في القدّاس الإلهيّ ورسامة الشّمامسة (23 شمّاساً)
في سنة اليوبيل للشّمامسة
كما تلاها المونسنيور رينو فيسيكيلا
يوم الأحد 23 شباط 2025 - بازيليكا القدّيس بطرس

The post البابا للشّمامسة: كونوا رُسلًا للمغفرة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

الرّسالة التي أصغينا إليها في القراءات يمكن تلخيصها بكلمة واحدة: المجانيّة. وهي كلمة عزيزة عليكم أنتم الشّمامسة، الذين اجتمعتم هنا للاحتفال باليوبيل. لنتأمّل في هذا البعد الأساسيّ في الحياة المسيحيّة وفي خدمتكم، خاصّة في الأوجه الثّلاثة: المغفرة، والخدمة المجانيّة، والشّركة.

أوّلًا: المغفرة. إعلان المغفرة هو مهمّة الشّماس الأساسيّة. إنّها عنصر لا غِنَى عنه في كلّ مسيرة كنسيّة وشرط أساسيّ لكلّ عيش مشترك بين النّاس. بَيَّن لنا يسوع ضرورتها ومدى أهمّيّتها عندما قال: “أَحِبُّوا أَعداءَكم” (لوقا 6، 27). وهذا صحيح بالفعل: لكي ننمو معًا، ونتشارك النّور والظّلال، والنّجاحات والفشل، يجب أن نعرف أن نغفر ونطلب المغفرة، ونعيد بناء العلاقات، ولا نستثني من محبّتنا حتّى من يضربنا ويخوننا. العالم الذي لا يرى فيه الخصوم سوى الكراهية هو عالم بلا رجاء، وبلا مستقبل، ومقدَّر له أن تمزِّقَه الحروب والانقسامات والانتقامات التي لا تنتهي، كما نرى اليوم للأسف على عدة مستويّات وفي أماكن مختلفة من العالم. لذا، فإنّ المغفرة تعني أن نعدّ للمستقبل بيتًا مضيافًا وآمنًا، في داخلنا وداخل جماعاتنا. والشّماس، المدعوّ شخصيًّا إلى خدمة تقوده إلى الأطراف والمهمَّشِين في العالم، يلتزم بأن يرى – ويعلِّم الآخرين أن يروا – في الجميع، حتّى في الذين يخطئون وهم سببٌ في آلام غيرهم، أخًا وأختًا جرحى في نفوسهم، ومن ثَمَّ هم بحاجة أكثر من أيّ شخص آخر إلى المصالحة والإرشاد والمساعدة.

القراءة الأولى تكلِّمنا على هذا الانفتاح في القلب، وتقدِّم لنا الحبّ الأمين والسّخي الذي أظهره داود أمام شاول، ملكه ولكن أيضًا مضطهده (راجع 1 صموئيل 26، 2. 7-9. 12-13. 22-23). ونجد ذلك أيضًا في سياق آخر، وهو موت الشّماس إسطفانس المثاليّ، الذي وقع تحت ضرب الحجارة وهو يغفر لراجميه (راجع أعمال الرّسل 7، 60). ونرى ذلك قبل كلّ شيء في يسوع، نموذج كلّ خدمة شمَّاسيّة، الذي”تَجَرَّدَ مِن ذاتِه“ على الصّليب،  حتّى بذل حياته لأجلنا (راجع فيلبي 2، 7)، وصلّى من أجل صالبيه وفتح للص اليمين أبواب الفردوس (راجع لوقا 23، 34. 43).

والوجه الثّاني: الخدمة المجّانيّة. يصفها الرّبّ يسوع في الإنجيل بعبارة بسيطة ولكنّها واضحة: “أَحسِنوا وأَقرِضوا غَيرَ راجينَ عِوَضًا” (لوقا 6، 35). كلمات قليلة تحمل في طياتها عطر الصّداقة الجميل. أوّلًا، صداقة الله لنا، ثمّ صداقتنا بعضنا لبعض. ليس هذا الموقف، للشّماس، وجهًا ثانويًّا في عمله، بل هو بُعد جوهري في كيانه. فهو يكرِّس نفسه ليكون، في خدمته، ”نحاتًا“ و”رسامًا“ لوجه الآب الرّحيم، وشاهدًا لسرّ الله – الثّالوث.

في أماكن عديدة في الإنجيل، يتكلّم يسوع في هذه الإضاءة. تكلّم كذلك مع فيلبس في العشاء الأخير، بعد أن غسل أرجل التّلاميذ الاثني عشر، إذ قال له: “مَن رآني رأَى الآب” (يوحنّا 14، 9). وكذلك عندما أسّس الإفخارستيا، قال: “أَنا بَينَكم كالَّذي يَخدُم” (لوقا 22، 27). وقبل ذلك أيضًا، في طريقه إلى أورشليم، عندما كان تلاميذه يتجادلون فيما بينهم في من هو الأكبر، فأوضح لهم أنّ “ابنَ الإِنسانِ لم يَأتِ لِيُخدَم، بل لِيَخدُمَ ويَفدِيَ بِنَفْسِه جَماعةَ النَّاس” (مرقس 10، 45).

أيّها الإخوة الشّمامسة، العمل المجاني الذي تقومون به، تعبيرًا عن تكريس أنفسكم لمحبّة المسيح، هو لكم أوّل بشارة لكلمة الله، ومصدر للثّقة والفرح لمن يلتقي بكم. رافقوه قدر الإمكان بابتسامة، دون أن تتذمّروا ودون أن تسعوا إلى اعتراف الآخرين بكم، وكونوا داعمين بعضكم لبعض، حتّى في علاقتكم مع الأساقفة والكهنة، “كتعبير عن كنيسة ملتزمة بأن تنمو في خدمة الملكوت بتعزيز جميع درجات الخدمة المقدّسة” (مجلس الأساقفة في إيطاليّة، الشّمامسة الدّائمون في الكنيسة في إيطاليا، توجيهات وقواعد، 1993، 55). سيكون عملكم المنسجم والسّخي جسرًا يربط المذبح بالشّارع، والإفخارستيا بحياة النّاس اليوميّة. وستكون المحبّة هي أجمل ليتورجيا لكم، والليتورجيا هي أسمى خدمة تقدّمونها بتواضع.

وأخيرًا الوجه الثّالث: المجانيّة مصدر للوَحدة والشّركة. العطاء دون طلب أيّ مقابل يوحِّد، ويخلق روابط، لأنّه يعبِّر عن روح المشاركة ويغذّيها، ولا يكون له هدف سوى بذل الذّات وخير الآخرين. عندما طُلب من القدّيس لاورنسيوس، شفيعكم، أن يسلِّم كنوز الكنيسة إلى مضطهديه، أشار إلى الفقراء وقال: “هؤلاء هم كنوزنا!”. هكذا تُبنى الوَحدة والشّركة، عندما نقول للأخ والأخت، بالكلام ولكن قبل كلّ شيء بالأعمال، أفرادًا وجماعة: ”أنت مهمّ بالنّسبة لنا“، ”نحن نحبّك“، ”نحن نريدك أن تشاركنا مسيرتنا وحياتنا“. وهذا ما تفعلونه أنتم: أزواج، وآباء، وأجداد، حين تكونون مستعدّين في خدمتكم لتوسيع عائلاتكم لتشمل المحتاجين، حيثما كنتم تعيشون.

وهكذا، فإنّ رسالتكم، التي تأخذكم من المجتمع لتعيدكم إليه من جديد وتجعل منه مكانًا منفتحًا مُرَحِّبًا بالجميع، هي إحدى أجمل التّعابير للكنيسة السّينودسيّة، والتي هي ”في حالة انطلاق دائم إلى الغير“.

بعد قليل، بعد أن ينال بعضكم سرّ الرّسامة الشّماسيّة، ”سينزلون“ درجات الخدمة. أقول قاصدًا ”سينزلون“، وليس ”سيصعدون“، لأنّنا مع السّيامة لا نصعد، بل ننزل، ونصير صغارًا، ونتواضع، ونتجرَّد. وبكلمات القدّيس بولس نقول: في الخدمة نترك ”الإنسان الأرضي“، ونلبس، في المحبّة، ”الإنسان السّماوي“ (راجع 1 قورنتس 15، 45-49).

لِنتأمَّلْ جميعًا في ما نريد القيام به الآن، ولنُوكِلْ أنفسنا إلى سيِّدتنا مريم العذراء، خادمة الرّبّ، وإلى القدّيس لاورنسيوس، شفيعكم. ليساعدانا لنعيش كلّ خدمتنا بقلب متواضع ومليء بالمحبّة، ولنكون، في المجانيّة، رسلًا للمغفرة، وخدامًا للإخوة، وبُناةً للوَحدة والشّركة.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2025


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post البابا للشّمامسة: كونوا رُسلًا للمغفرة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>