عظات Archives - ZENIT - Arabic https://ar.zenit.org/category/عظات/ The World Seen From Rome Mon, 18 Nov 2024 09:25:12 +0000 en-US hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.6.2 https://ar.zenit.org/wp-content/uploads/sites/5/2020/07/f4ae4282-cropped-02798b16-favicon_1.png عظات Archives - ZENIT - Arabic https://ar.zenit.org/category/عظات/ 32 32 البابا: الرّجاء الذي يريد يسوع أن يعطينا إيّاه https://ar.zenit.org/2024/11/18/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%91%d8%ac%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%b0%d9%8a-%d9%8a%d8%b1%d9%8a%d8%af-%d9%8a%d8%b3%d9%88%d8%b9-%d8%a3%d9%86-%d9%8a%d8%b9%d8%b7%d9%8a%d9%86/ Mon, 18 Nov 2024 09:25:12 +0000 https://ar.zenit.org/?p=74955 النصّ الكامل لعظة قداسة البابا فرنسيس
في القدّاس الإلهيّ في يوم الفقير العالميّ
في 17 تشرين الثّاني 2024 - بازيليكا القدّيس بطرس

The post البابا: الرّجاء الذي يريد يسوع أن يعطينا إيّاه appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

الكلام الذي أصغينا إليه قبل قليل يمكنه أن يبعثَ فينا مشاعر القلق، لكنّه في الحقيقة إعلان كبير للرّجاء. في الواقع، إن كان يسوع من جهة قد يبدو أنّه يصف الحالة النّفسيّة لِمَن رأى دمار أورشليم ويعتقد أنّ النّهاية قد حانت، فهو في الوقت نفسه يُعلن عن شيء استثنائيّ: في ساعة الظّلام واليأس بالتّحديد، وحين يبدو أنّ كلّ شيء قد انهار، الله يأتي، ويقترب، ويجمعنا ليخلّصنا.

يسوع يدعونا إلى أن يكون لنا نظر حادٌّ، وأن تكون لنا عينَان قادرتان على ”القراءة في داخل“ أحداث التّاريخ، لنكتشف أنّ فيها رجاءً ثابتًا يلمع، حتّى في وسط القلق في قلبنا وفي زمننا. في يوم الفقير العالميّ هذا، لنتوقّف عند هاتَين الحقيقتَين: القلق والرّجاء، اللذين يتحَدّيَاننا ويتصارعان في ميدان قلبنا.

أوّلًا، القلق. إنّه شعور منتشر في عصرنا، حيث تُضخِّم وسائلُ الإعلام المشاكلَ والجراح، فتجعل العالم أقلّ أمانًا، والمستقبل أكثر غموضًا. إنجيل اليوم أيضًا يبدأ بصورة تصف الضّيق الذي يعيشه الشّعب في العالم، ويستخدم لغة رؤيوية: “تُظلِمُ الشَّمسُ والقَمَرُ لا يُرسِلُ ضَوءَه، وتَتَساقَطُ النُّجومُ مِنَ السَّماء، وتَتَزَعْزَعُ القُوَّاتُ في السَّمٰوات” (مرقس 13، 24-25).

إن توقَّفَ نظرنا عند الوقائع الظّاهرة، سيسيطر علينا القلق. اليوم أيضًا، نرى الشّمس تُظلم، والقمر يَنطفئ، ونرى الجوع والمجاعة التي تَظلِمُ الإخوة والأخوات الكثيرين، ونرى ويلات الحرب وقتلَ الأبرياء. وأمام هذا المشهد، نوشك أن نغرق في اليأس، ولا نرى حضور الله في مأساة التاريخ. فنحكم على أنفسنا بالعجز: ونرى ازدياد الظّلم الذي يسبّب ألم الفقراء، وننضمّ إلى تيّار المستسلمين الذين يفكّرون، إمّا لراحتهم وإمّا لكسلهم، في أنّ ”العالم يسير هكذا“ و ”أنا لا أستطيع أن أصنع شيئًا“. إذّاك إيماننا المسيحيّ نفسه أيضًا ينحصر في تقوى لا تضرّ ولا تنفع، ولا تُزعج قِوَى هذا العالم، ولا تولّد التزامًا عمليًّا في المحبّة. وبينما حُكم على جزء من العالم بأن يعيش في الأحياء الفقيرة في التّاريخ، وبينما تزداد عدم المساواة والاقتصاد يعاقب الضّعفاء، وبينما يكرّس المجتمع ذاته لعبادة المال والاستهلاك، يحدث أنّ الفقراء والمُستبعدين لا يمكنهم إلّا أن يستمرّوا في الانتظار (راجع الإرشاد الرّسولي، فرح الإنجيل، 54).

وها هو يسوع، في وسط هذا المشهد الرّؤيوي، يُشعل الرّجاء. ويفتح الأفق ويوسّع نظرنا لنتعلّم أن نقبل، حتّى في عدم الأمان في هذا العالم وفي أوجاعه، حضور محبّة الله الذي يقترب، ولا يتركنا، ويعمل لخلاصنا. في الواقع، عندما تُظلم الشّمس، ويتوقّف ضوء القمر، وتتساقط النّجوم من السّماء، يقول الإنجيل: “يَرى النَّاسُ ابنَ الإِنسانِ آتِيًا في الغَمام في تَمامِ العِزَّةِ والجَلال. وحينَئذٍ يُرسِلُ مَلائِكَتَه ويَجمَعُ الَّذينَ اختارَهم مِن جِهاتِ الرِّياحِ الأَربَع، مِن أَقْصى الأَرضِ إِلى أَقصى السَّماء” (الآيات 26-27).

بهذا الكلام، يسوع يُشير أوّلًا إلى موته الذي سيحدث بعد وقت قليل. على الجُلجُلة، ستُظلم الشّمس، وستحلّ الظّلمة على العالم، وفي تلك اللحظة بالتّحديد، سيأتي ابن الإنسان على السّحاب، لأنّ قوّة قيامته من بين الأموات ستكسر قيود الموت، وتقوم حياة الله الأبديّة من الظّلام، ويولد عالم جديد من بين أنقاض تاريخٍ جرحه الشّرّ.

أيّها الإخوة والأخوات، هذا هو الرّجاء الذي يريد يسوع أن يعطينا إيّاه. ويقوم بذلك أيضًا من خلال صورة جميلة، قال: انظروا إلى شجرة التّين، لأنّه “إِذا لانَت أَغْصانُها ونَبَتَت أَوراقُها، عَلِمتُم أَنَّ الصَّيفَ قَريب” (الآية 28). وبالطّريقة نفسها، نحن أيضًا مدعوّون إلى أن نقرأ أوضاع حياتنا الأرضيّة: حيث يبدو أنّ هناك فقط ظلم وألم وفقر، في تلك اللحظة المأساويّة بالتّحديد، يقترب الرّبّ يسوع ليحرّرنا من العبوديّة ويضيء حياتنا (راجع الآية 29). ويصير قريبًا منّا بقربنا المسيحيّ، وبإخوّتنا المسيحيّة. ليس الأمر برمي عملة معدنيّة في يد المحتاج. أسأل المتصدّق شيئَين: هل تلمس يد المحتاج أم ترمي العملة دون أن تلمسها؟ هل تنظر في عينَي الشّخص الذي تساعده أم تنظر بعيدًا؟

ونحن، تلاميذه، وبقوّة الرّوح القدس، يمكننا أن نزرع هذا الرّجاء في العالم. نحن الذين يمكننا ويجب علينا أن نشعل أنوار العدل والتّضامن بينما تزداد الظّلال في العالم المُنغلق (راجع رسالة بابويّة عامّة، كلّنا إخوة، 9-55). نحن الذين نشعّ بنعمته، وحياتنا المجبولة بالرّأفة والمحبّة تصير علامة على حضور الرّبّ يسوع، القريب دائمًا من ألم الفقراء، ليخفّف جراحهم ويغيّر مصيرهم.

أيّها الإخوة والأخوات، لا ننسَ: الرّجاء المسيحيّ، الذي تمَّ في يسوع ويتحقّق في ملكوته، هو بحاجة إلينا وإلى التزامنا، وإلى إيمانٍ عاملٍ في المحبّة، وإلى مسيحيّين لا يلتفتون إلى الجانب الآخر. كنت أنظر إلى صورة التقطها مصوِّر من روما: زوجان بالغان، كبار السّنّ تقريبًا، غادرا مطعمًا في الشّتاء. السّيّدة مغطاة جيِّدًا بمعطف والرّجل أيضًا. عند الباب، كانت هناك سيِّدة فقيرة، مستلقية على الأرض، تتسوّل، وكلاهما نظرا إلى الاتجاه الآخر… هذا يحدث كل يوم. لنسأل أنفسنا: هل أنظر إلى الاتجاه الآخر عندما أرى فقر الآخرين واحتياجاتهم وآلامهم؟ قال لاهوتيٌّ من القرن العشرين إنّ الإيمان المسيحيّ يجب أن يولِّد فينا ”خبرة صوفيّة أعينها مفتوحة“، ليس روحانيّة تهرب من العالم، بل العكس، إيمانًا يفتح أعيننا على آلام العالم وعلى شقاء الفقراء، لكي نمارس رحمة المسيح نفسها. هل أشعر بنفس الرّحمة التي يشعر بها الرّبّ يسوع تجاه الفقراء، والذين ليس لديهم عمل، والذين ليس لديهم ما يأكلونه، والذين يهمّشهم المجتمع؟ ويجب ألّا ننظر فقط إلى مشاكل الفقر العالميّة الكبيرة، بل إلى القليل الذي يمكننا كلّنا أن نصنعه كلّ يوم: بأسلوب حياتنا، وباهتمامنا وعنايتنا بالبيئة التي نعيش فيها، وببحثنا الدّؤوب عن العدل، وبمشاركتنا خيراتنا مع من هو أفقر منّا، وبالتزامنا الاجتماعيّ والسّياسيّ لتحسين الواقع المحيط بنا. قد يبدو لنا ذلك قليلًا، لكن القليل الذي نقدّمه سيكون مثل الأوراق الأولى التي تنبت على شجرة التّين التي هي استباق للصّيف القريب.

أيّها الأعزّاء، في يوم الفقير العالميّ هذا، أحبّ أن أذكّر بالتّحذير الذي قاله الكاردينال مارتيني. قال إنّه يجب علينا أن ننتبه ونفكّر في أنّ الكنيسة تأتي أوّلًا، وهي راسخة في ذاتها، ومن ثمّ الفقراء الذين نختار أن نهتمّ بهم. في الحقيقة، نصير كنيسة يسوع بقدر ما نخدم الفقراء، لأنّه بهذه الطّريقة فقط “الكنيسة تصير ما هي عليه، أي بيتًا مفتوحًا للجميع، ومكانًا لرحمة الله من أجل حياة كلّ إنسان” (كارلو ماريّا مارتيني، مدينة من دون أسوار. رسائل وكلمات إلى الأبرشيّة 1984، بولونيا 1985، 350).

أقول ما يلي للكنيسة، ولحكومات الدّول، والمنظّمات الدّوليّة، وأقوله لكلّ واحد وللجميع: من فضلكم، لا ننسَ الفقراء.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post البابا: الرّجاء الذي يريد يسوع أن يعطينا إيّاه appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا: الربّ يسوع يمرّ كلّ يوم ويتوقّف ليهتمّ بِعمانا https://ar.zenit.org/2024/10/28/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a8%d9%91-%d9%8a%d8%b3%d9%88%d8%b9-%d9%8a%d9%85%d8%b1%d9%91-%d9%83%d9%84%d9%91-%d9%8a%d9%88%d9%85-%d9%88%d9%8a%d8%aa%d9%88%d9%82%d9%91%d9%81/ Mon, 28 Oct 2024 03:07:35 +0000 https://ar.zenit.org/?p=74655 النصّ الكامل لعظة قداسة البابا فرنسيس
في القدّاس الإلهيّ
في ختام الجمعيّة العامّة العاديّة لسينودس الأساقفة
(الأحد الثّلاثون من زمن السّنة)
في 27 تشرين الأوّل 2024

The post البابا: الربّ يسوع يمرّ كلّ يوم ويتوقّف ليهتمّ بِعمانا appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

يقدِّم لنا الإنجيل بَرطيماوُس، وهو رجل أعمى أُجبِرَ على التَّسوُّل على جانب الطّريق، وشخص منبوذ بلا أمل. ولكنّه، عندما سمع أنّ يسوع كان مارًّا، بدأ يصرخ إليه. كلّ ما تبقى له هو أن يصرخ بألمه ويُبدي ليسوع رغبته في استعادة بصره. كان الجميع يوبّخونه لأنّهم انزعجوا من صوته، لكن يسوع توقّف. لأنّ الله يصغي دائمًا إلى صراخ الفقراء، فلا تبقى أيّ صرخة ألَم غير مسموعة أمامه.

اليوم، في ختام الجمعيّة العامّة العاديّة لسينودس الأساقفة، وقلوبنا مملوءة بالشّكر والامتنان لما تمكّنا من المشاركة فيه، لنتوقّف عند ما حدث لهذا الرّجل: في البداية، كان “شَحَّاذًا أَعْمًى، جالِسًا على جانِبِ الطَّريق” (مرقس 10، 46)، لكن في النّهاية، بعد أن دعاه يسوع واستعاد بصره، “تَبِعَه في الطَّريق” (الآية 52).

أوّل شيء يقوله لنا الإنجيل عن بَرطيماوُس هو أنّه كان جالسًا يتسوَّل. كان وضعه مثالًا للشّخص المنغلق على نفسه في ألمه، جالسًا على حافة الطّريق كما لو لم يكن هناك شيء آخر يمكن أن يعمله سوى تلقي شيءٍ من الحجّاج المارّين الكثيرين بمدينة أريحا في مناسبة الفصح. لكن، كما نعلَم، لكي نعيش حقًا، لا يمكنّنا أن نبقى جالسين: الحياة تعني دائمًا أن نضع أنفسنا في حركة، وأن نضع أنفسنا على الطّريق ونسير، ونحلم، ونخطّط، ونفتح أنفسنا على المستقبل. بَرطيماوُس الأعمى يمثّل أيضًا العمى الدّاخلي الذي يعيقنا، ويبقينا جالسين بلا حراك على حافة الحياة، بلا أمل.

وهذا يمكن أن يجعلنا نفكّر، ليس فقط في حياتنا الشّخصيّة، بل أيضًا في كوننا كنيسة الله. أمور كثيرة على طول الطّريق يمكن أن تجعلنا عميانًا، غير قادرين على أن نتعرّف على حضور الرّبّ يسوع، وغير مستعدّين لمواجهة تحديّات الواقع، وأحيانًا غير مؤهلِّين لكي نعرف أن نجيب على الأسئلة العديدة التي تصرخ نحونا، كما فعل بَرطيماوُس مع يسوع. ومع ذلك، أمام أسئلة الرّجال والنّساء اليوم، وتحديّات زمننا، والاحتياجات الضّروريّة للبشارة بالإنجيل، والجِراح العديدة التي تعاني منها البشريّة، لا يمكننا أن نبقى جالسين. كنيسة جالسة، تنسحب تدريجيًّا من الحياة وتعزل نفسها على هامش الواقع بدون أن تنتبه إلى ذلك، هي كنيسة توشك أن تبقى في العمى وأن تستريح في سوء حالها. وإن بقينا جالسين في عمانا، سنستمرّ في عدم رؤية احتياجاتنا الرّعويّة الضّروريّة ومشاكل العالم العديدة التي نعيش فيها. من فضلكم، لنطلب من الرّبّ يسوع أن يهبنا الرّوح القُدُس حتّى لا نبقى جالسين في عمانا، العمى الذي يمكن أن نسمّيه حياة الدّنيا، والرّاحة، والقلب المُنغلق. لا نَبقَ جالسين في عمانا.

لكن لنتذكّر هذا: الرّبّ يسوع يمرّ، الرّبّ يسوع يمرّ كلّ يوم، الرّبّ يسوع يمرّ دائمًا، ويتوقّف ليهتمّ بعمانا. وأنا، هل أشعر بمروره؟ هل لديّ القدرة على أن أشعر بخطوات الرّبّ يسوع؟ هل لديّ القدرة على أن أميّز عندما يمرّ الرّبّ يسوع؟ ومن الجميل أن يدفعنا السّينودس لنكون كنيسة مثل بَرطيماوُس: جماعة تلاميذ تشعر بالحاجة إلى الخلاص عندما تشعر بمرور الرّبّ يسوع، وتستيقظ بقدرة الإنجيل وتبدأ بالصّراخ إليه. وهي تفعل ذلك فتستقبل صراخ جميع النّساء والرّجال على الأرض: صراخ الذين يريدون أن يكتشفوا فرح الإنجيل وصراخ الذين ابتعدوا؛ والصّراخ الصّامت لغير المبالين. وصراخ المتألّمين، والفقراء، والمهمّشين، والأطفال المستعبدين في العمل، والمستعبدين في أماكن كثيرة من العالم في العمل؛ وصوت المنسحقين الذين لم يعودوا حتّى قادرين على الصّراخ إلى الله، لأنّهم بلا صوت أو لأنّهم استسلموا. نحن لا نحتاج إلى كنيسة جالسة ومستسلمة، بل إلى كنيسة تستقبل صرخة العالم وتضع يدها على المحراث لخدمة الرّبّ يسوع.

وهكذا نأتي إلى الجانب الثّاني: إن كان بَرطيماوُس جالسًا في البداية، نراه في النّهاية يتبع يسوع على الطّريق. إنّه تعبيرٌ خاصّ بالإنجيل ويعني: أنّه صار تلميذ يسوع، وسار على خُطاه. في الواقع، بعد أن صرخ إليه، توقّف يسوع ودعاه. بَرطيماوُس، الذي كان جالسًا، قفز واقفًا، وبعدها مباشرة استعاد بصره. الآن، يمكنه أن يرى الرّبّ يسوع، ويمكنه أن يعترف بعمل الله في حياته، ويمكنه أخيرًا أن يسير وراءه. وهكذا نحن أيضًا، أيّها الإخوة والأخوات: عندما نكون جالسين ومستريحين، وعندما لا نجد، ككنيسة، القوّة والشّجاعة والجُرأة اللازمة لننهض ونستأنف مسيرتنا، من فضلكم، لنتذكّر دائمًا أن نعود إلى الرّبّ يسوع وإلى الإنجيل. عندما يمرُّ أمامنا، يجب علينا دائمًا ومن جديد، أن نصغي إلى دعوته التي تُنهضنا وتخرجنا من عمانا. ثمَّ نستأنف من جديد اتّباعنا له، ونسير معه على الطّريق.

أودّ أن أكرّر ذلك: الإنجيل يقول عن بَرطيماوُس إنّه “تَبِعَه في الطَّريق”. هذه صورة للكنيسة السّينوديّة: الرّبّ يسوع يدعونا، ويُنهضنا عندما نكون جالسين أو واقعين، ويُعيد إلينا بصرًا جديدًا، حتّى نتمكّن، على ضوء الإنجيل، أن نرى اضطرابات العالم وآلامه، وهكذا، عندما يُنهضنا الرّبّ يسوع، نشعر بالفرح في اتّباعه والسّير معه على الطّريق. نحن نتبع الرّبّ يسوع في الطّريق، ولا نتبعه ونحن منغلقون على أنفسنا في راحتنا، وفي متاهات أفكارنا، بل نتبعه في الطّريق. ولنتذكّر ذلك دائمًا: لا نَسِر وحدنا أو بحسب معايير العالم، بل لِنَسِر على الطّريق، معًا، خلف يسوع ومعه.

أيّها الإخوة والأخوات: لا نريد كنيسة جالسة، بل كنيسة واقفة. لا نريد كنيسة صامتة، بل كنيسة تسمع صرخة الإنسانيّة. لا نريد كنيسة عمياء، بل كنيسة مُشعّة بنور المسيح وتحمل نور الإنجيل إلى الآخرين. لا نريد كنيسة ثابتة في مكانها، بل كنيسة مُرسَلَة، تسير مع الرّبّ يسوع في طُرُقات العالم.

واليوم، ونحن نشكر الرّبّ يسوع على المسيرة التي قطعناها معًا، يمكننا أن نرى ونكرّم ذخيرة كرسيَّ القدّيس بطرس القديم، الذي تمّ ترميمه بعناية. وبينما نتأمّل فيه باندهاش وإيمان، لنتذكّر أنّه كرسيُّ المحبّة والوَحدة والرّحمة، بحسب الوصيّة التي أعطاها يسوع لبطرس الرّسول، وهي ألّا يتسلَّط على الآخرين، بل أن يخدمهم في المحبّة. وعندما نُنعِم النّظر بتعجّب في مِظَلَّة برنيني المهيبة ونراها في جمالها أكثر من أيّ وقت مضى، نكتشف أنّها تحيط المحور الحقيقيّ للبازيليكا كلّها، أي مجد الرّوح القدس. هذه هي الكنيسة السّينوديّة: جماعة مؤمنين أوّل شيء فيها هو عطيّة الرّوح القدس، الذي يجعلنا كلّنا إخوة في المسيح ويرفعنا إليه.

أيّها الإخوة والأخوات، لنواصل إذن مسيرتنا معًا وبثقة. اليوم، كلمة الله تقول لنا أيضًا، كما قالت لبَرطيماوُس: ”تشجّع، انهض، إنّه يدعوك“. هل أشعرُ بأنّي مدعوّ؟ هذا هو السّؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا. هل أشعرُ بأنّي مدعوّ؟ هل أشعرُ بأنّي ضعيف ولا أستطيع أن أنهض وأستمرّ؟ هل أطلبُ المساعدة؟ من فضلكم، لنضع جانبًا رداء الاستسلام، ولنُوكِل عمانا إلى الرّبّ يسوع، ولننهض ونحمل فرح الإنجيل إلى طرقات العالم.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post البابا: الربّ يسوع يمرّ كلّ يوم ويتوقّف ليهتمّ بِعمانا appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا خلال إعلان قداسة الإخوة المسابكيين: الخدمة تنبع من المحبّة، والمحبّة لا تعرف حدودًا https://ar.zenit.org/2024/10/21/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d8%ae%d9%84%d8%a7%d9%84-%d8%a5%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%86-%d9%82%d8%af%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%ae%d9%88%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%a7%d8%a8/ Mon, 21 Oct 2024 03:08:15 +0000 https://ar.zenit.org/?p=74560 النصّ الكامل لعظة قداسة البابا فرنسيس
في القدّاس الإلهيّ وفي إعلان قداسة
الأخ مانويل رويز لوبيز ورفاقه الرّهبان الفرنسيسكان، والإخوة المسابكيين الموارنة (شهداء دمشق)
والأب جوزيبي ألّامانو، والأخت باراديس ماري ليوني، والأخت إيلينا جويرا
(الأحد التّاسع والعشرون من زمن السّنة)
يوم الأحد 20 تشرين الأوّل 2024 - ساحة القدّيس بطرس

The post البابا خلال إعلان قداسة الإخوة المسابكيين: الخدمة تنبع من المحبّة، والمحبّة لا تعرف حدودًا appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

سأل يسوع يعقوب ويوحنّا: “ماذا تُريدانِ أَن أَصنَعَ لَكما؟” (مرقس 10، 36). وسألهما بعد ذلك مباشرة: “أَتَستَطيعانِ أَن تَشرَبا الكأسَ الَّتي سَأَشرَبُها، أَو تَقبَلا المَعمودِيَّةَ الَّتي سَأَقبَلُها؟” (مرقس 10، 38). يسوع يطرح الأسئلة، وبهذه الطّريقة يساعدنا لنميّز، لأنّ الأسئلة تجعلنا نكشف ما في داخلنا وتنير ما نحمله في قلوبنا.

لندَعْ كلمة الله تسألنا. لنتخيّل أنّ الله يسألنا، يسأل كلّ واحدٍ منّا: ”ماذا تريد أن أصنع لك؟“، والسّؤال الثّاني: ”أتستطيع أن تشرب الكأس نفسها التي أشربها أنا؟“.

بهذه الأسئلة، يسوع يبيّن العلاقة والتّوقّعات التي في التّلميذَين تجاهه، بما في ذلك الجوانب الإيجابيّة والسّلبيّة لكلّ علاقة. في الواقع، كان يعقوب ويوحنّا مرتبطَيْن بيسوع، ولكن كان لهما ادِّعاءات. عبّرا عن رغبتهما في أن يكونا قريبَين منه، ولكن فقط ليشغلَا مكان شرف، وتكون لهما أهمّيّة، لكي ”يجلسا في مجده، واحدٌ عن يمينه والآخر عن يساره“ (راجع مرقس 10، 37). بالتّأكيد كانا يفكّران في يسوع أنّه المسيح المنتصر والممجّد، وينتظران منه أن يشاركهما مجده. كانا يريان في يسوع، المسيح، لكنّهما كانا يتخيّلانه بحسب منطق القدرة.

لم يتوقّف يسوع عند كلام التّلميذين، بل ذهب إلى العمق، وأصغى إلى قلبيهما وقرأ ما فيهما. وفي حواره معهما، حاول من خلال سؤالَين، أن يبيّن الرّغبة الكامنة فيهما وراء هذه الطّلبات.

سألهما في البداية: “ماذا تُريدانِ أَن أَصنَعَ لَكما؟”، وكشف هذا السّؤال أفكار قلبيهما، وسلّط الضّوء على التّوقّعات المخفيّة وأحلام المجد التي كان يحلم بها التّلميذان سِرًّا. وكأنّ يسوع يسأل: ”من تريد أن أكون أنا بالنّسبة لك؟“ وهكذا، كشف عمّا كانا يرغبان فيه حقًّا: مسيحًا مقتدرًا ومنتصرًا يمنحهما مكان شرف.

ثمّ، من خلال السّؤال الثّاني، فنّد يسوع صورة المسيح هذه، وبهذه الطّريقة ساعدهما على أن يغيّرا نظرتهما، أي أن يتوبا: “أَتَستَطيعانِ أَن تَشرَبا الكأسَ الَّتي سَأَشرَبُها، أَو تَقبَلا المَعمودِيَّةَ الَّتي سَأَقبَلُها؟”. بهذه الطّريقة، كشف لهما أنّه ليس المسيح الذي يفكّران فيه، بل هو إله المحبّة، الذي ينحني ليصل إلى من هم في الأسفل، والذي يصير ضعيفًا ليُنهض الضّعفاء، والذي يعمل من أجل السّلام وليس الحرب، والذي جاء ليَخدُم وليس ليُخدَم. الكأس التي سيشربها الرّبّ يسوع، هي تقدمة حياته، التي بذلها لنا بمحبّة، حتّى الموت، الموت على الصّليب.

وبالتّالي، عن يمينه وعن يساره سيكون لصّان، معلّقان مثله على الصّليب، لا جالسَين في أماكن السّلطان. لصّان مسمّران مع المسيح في الألم، وليسا جالسَين في المجد. الملك المصلوب، والبارّ المحكوم عليه، صار عبدًا للجميع: كان هذا ابن الله حقًّا! (راجع مرقس 15، 39). لا ينتصر من يسيطر، بل من يَخدُم بمحبّة. ذكّرتنا بذلك أيضًا الرّسالة إلى العبرانيّين: “فلَيسَ لَنا عَظيمُ كَهَنَةٍ لا يَستَطيعُ أَن يَرثِيَ لِضُعفِنا: لَقَدِ امتُحِنَ في كُلِّ شَيءٍ مِثْلَنا ما عَدا الخَطِيئَة” (العبرانيّين 4، 15).

هنا، يمكن ليسوع أن يساعد التّلاميذ على التّوبة، وتغيّير طريقة تفكيرهم: “تَعلَمونَ أَنَّ الَّذينَ يُعَدُّونَ رُؤَساءَ الأُمَمِ يَسودونَها، وأَنَّ أَكابِرَها يَتَسَلَّطونَ علَيها” (مرقس 10، 42). وليست هذه حال من يتبع إلهًا صار خادمًا ليصل إلى الجميع بمحبّته. من يتبع المسيح، إن أراد أن يكون كبيرًا، عليه أن يَخدُم، ويتعلَّم ذلك منه.

أيّها الإخوة والأخوات، يسوع يكشف أفكارنا ورغباتنا وأوهام قلوبنا، ويزيل القناع أحيانًا عن تطلعاتنا إلى المجد، والسّيطرة، والسّلطة. يساعدنا لنفكّر ليس بحسب معايير العالم، بل بحسب أسلوب الله، الذي صار الأخير لكي يرفع الأخيرين فيصيرون أوّلين. وهذه الأسئلة التي يطرحها يسوع، وتعليمه عن الخدمة، تكون مرارًا غير مفهومة بالنّسبة لنا، كما كانت للتّلاميذ. لكن باتّباعه، والسّير في خطاه، وقبول عطيّة محبّته التي تحوِّل طريقة تفكيرنا، يمكننا نحن أيضًا أن نتعلَّم أسلوب الله: الخدمة.

هذا ما يجب أن نتطلّع إليه: ليس السّلطة، بل الخدمة. الخدمة هي أسلوب الحياة المسيحيّة. لا تعني قائمة من الأمور التي يجب أن نقوم بها، وكأنّنا بمجرّد القيام بها نكون قد أنجزنا دورنا. من يخدم بمحبّة لا يقول: ”الآن حان دور شخص آخر غيري“. هذا هو تفكير الموظّفين، وليس شهود الإيمان. الخدمة تنبع من المحبّة، والمحبّة لا تعرف حدودًا، ولا تجري حسابات، بل تبذل نفسها وتعطي. إنّها لا تكتفي بالإنتاج من أجل تحقيق النّتائج، وهي ليست إنجازًا عرضيًّا، بل هي شيء ينبع من القلب، من قلب متجدّد بالمحبّة وفي المحبّة.

عندما نتعلَّم أن نخدم، يصير كلّ عملِ عنايةٍ فينا، وكلُّ اهتمام، وكلّ تعبير حنان، وكلّ عمل من أعمال الرّحمة شعاعًا يعكس محبة الله. وإذّاك كلّنا نُكَمِّلُ عمل يسوع في العالم.

في هذا النّور يمكن أن نحيِي ذكرى تلاميذ الإنجيل، الذين ستُعلَن قداستهم اليوم. على مرّ تاريخ البشريّة المعذّبة، كانوا خدّامًا أمناء، رجالًا ونساءً، خدموا في الاستشهاد والفرح، مثل الأخ مانويل رويز لوبيز (Manuel Ruiz Lopez) ورفاقه. هم كهنة ومكرَّسون ومكرَّسات، مندفعون إلى الرّسالة، مثل الأب جوزيبي ألّامانو (Giuseppe Allamano)، والأخت باراديس ماري ليوني (Paradis Marie Leonie)، والأخت إيلينا جويرا (Elena Guerra). هؤلاء القدّيسون الجدُد عاشوا أسلوب يسوع: الخدمة. الإيمان والرّسالة التي قدّموها لم تغذّي فيهم رغبات دنيويّة وتَوقًا إلى السّلطة، بل العكس، جعلوا أنفسهم خدامًا لإخوتهم، وخلّاقين في عمل الخير، وثابتين في المصاعب، وأسخياء حتّى النّهاية.

لنطلب شفاعتهم بثقة، لكي نستطيع نحن أيضًا أن نتبع المسيح، أن نتبعه في الخدمة، ونصير شهود رجاء للعالم.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post البابا خلال إعلان قداسة الإخوة المسابكيين: الخدمة تنبع من المحبّة، والمحبّة لا تعرف حدودًا appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا: لنركّز على الأرض المشتركة لمعموديّتنا المشتركة https://ar.zenit.org/2024/10/14/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d9%84%d9%86%d8%b1%d9%83%d9%91%d8%b2-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b1%d8%b6-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b4%d8%aa%d8%b1%d9%83%d8%a9-%d9%84%d9%85%d8%b9%d9%85/ Mon, 14 Oct 2024 04:27:59 +0000 https://ar.zenit.org/?p=74458 عظة قداسة البابا فرنسيس في عشيّة الصّلاة المسكونيّة
الجمعة 11 تشرين الأوّل 2024

The post البابا: لنركّز على الأرض المشتركة لمعموديّتنا المشتركة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

“أَنا وَهَبتُ لَهم ما وَهَبْتَ لي مِنَ المَجْد” (يوحنّا 17، 22). هذا الكلام من صلاة يسوع قبل آلامه، يمكن أن يُنسب بطريقة سامية إلى الشّهداء، الذين نالوا مجد الشّهادة للمسيح. في هذا المكان، نذكر شهداء الكنيسة الأوّلين في روما: بُنيت هذه البازيليكا على دمائهم، وتأسّست الكنيسة على دمائهم. ليكن هؤلاء الشّهداء قوّة ليقيننا أنّنا، إذا اقتربنا من المسيح، فإنّنا نقترب بعضنا من بعض، وتسندنا صلاة جميع القدّيسين في كنائسنا، والمتّحدين الآن بمشاركتهم في السّرّ الفصحيّ. وكما يؤكّد القرار المجمعيّ، الحركة المسكونيّة، الذي نحتفل بذكراه السّتّين: كلّما اقترب المسيحيّون من المسيح، اقتربوا بعضهم من بعض (راجع الفقرة 7).

في هذا اليوم الذي نذكر فيه افتتاح المجمع الفاتيكانيّ الثّاني، الذي شهد دخول الكنيسة الكاثوليكيّة الرّسميّ في الحركة المسكونيّة، نحن مجتمعون معًا مع الإخوة المندوبين، ومع إخوتنا وأخواتنا من الكنائس الأخرى. لذلك، سأستخدم الكلام نفسه الذي وجّهه القدّيس البابا يوحنّا الثّالث والعشرون للمراقبين عند افتتاح المجمع: “حضوركم الجليل هنا، والتّأثّر الذي يغمر قلبي ككاهن، وأسقف في كنيسة الله […] يدعوني إلى أن أشارككم تطلّعات قلبي، وشوقي الشّديدِ إلى العمل وتحمّل الآلام من أجل اقتراب السّاعة التي فيها تتحقّق للجميع صلاة المسيح في العشاء الأخير” (13 تشرين الأوّل/أكتوبر 1962). لندخل في صلاة يسوع هذه، ولنجعلها صلاتنا في الرّوح القدس، ولترافقها صلاة الشّهداء.

وَحدة المسيحيّين والسّينوديّة مرتبطتان. في الواقع، إن كانت “المسيرة السينوديّة هي المسيرة التي ينتظرها الله من الكنيسة في الألفيّة الثّالثة” (كلمة في الذّكرى الخمسين لتأسيس مجمع الأساقفة، 17 تشرين الأوّل/أكتوبر 2015)، فعلينا أن نسيرها مع جميع المسيحيّين. “المسيرة السينوديّة […] هي ويجب أن تكون مسكونيّة، كما أنّ المسيرة المسكونيّة هي سينوديّة” (كلمة إلى صاحب القداسة مار آوا الثّالث، 19 تشرين الثّاني/نوفمبر 2022). في كِلا المسيرَتَين، ليس المطلوب أن نبني شيئًا، بل أن نقبل ونستثمر العطيّة التي قبلناها. وكيف تبدو عطيّة الوَحدة؟ الخبرة السّينوديّة تساعدنا لنكتشف بعض جوانبها.

الوَحدة هي نعمة، وعطيّة خارج إطار توقعاتنا. العامل الرّئيسيّ ليس نحن، بل الرّوح القدس الذي يقودنا إلى شركة أكبر. وكما أنّنا لا نعرف مسبقًا ما ستكون نتيجة السّينودس، كذلك لا نعرف بالضّبط كيف ستكون الوَحدة التي نحن مدعّوون إليها. الإنجيل يقول لنا إنّ يسوع، في صلاته الكبرى، ”رفع عينيه إلى السّماء“: قبل كلّ شيء الوَحدة ليست ثمرة من الأرض، بل من السّماء. إنّها عطيّة لا يمكننا أن نتنبّأ بأوقاتها ووسائلها، بل علينا أن نتقبّلها “من دون أن نضع عوائق أمام العناية الإلهيّة، ومن دون أن نستبق بأحكامنا إلهامات الرّوح القدس في المستقبل” كما يقول أيضًا القرار المجمعيّ (الحركة المسكونيّة، 24).  كان الأب بول كوتورييه (Paul Couturier) يقول إنّ وَحدة المسيحيّين يجب أن نطلبها ”كما يريد المسيح“ و ”بالوسائل التي يريدها“.

تعليمٌ آخر يأتي من المسيرة السّينوديّة هو أنّ الوَحدة هي مسيرة: تنضج في الحركة، أثناء سيرها. وتنمو في الخدمة المتبادلة، وفي حوار الحياة، وفي التّعاون بين جميع المسيحيّين الذي “يُظهِرُ وجه المسيح الذي جاء ليَخدُم” (القرار المجمعيّ، الحركة المسكونيّة، 12). ولكن يجب علينا أن نسير بحسب الرّوح القدس (راجع غلاطية 5، 16-25)، أو كما قال القدّيس إيريناوس، مثل ”قافلةِ إخوة“ (tôn adelphôn synodía). الوَحدة بين المسيحيّين تنمو وتزدهر في رحلة حجّ مشتركة بحسب ”إيقاع الله“، مثل حجّاج عِموَاس اللذين رافقهما يسوع القائم من بين الأموات.

التّعليم الثّالث هو أنّ الوَحدة هي انسجام. السّينودس يساعدنا لنكتشف من جديد جمال الكنيسة في تنوّع وجوهها. وهكذا، فإنّ الوَحدة ليست تسوية، وليست ثمرة تسويات أو توازنات. وَحدة المسيحيّين هي انسجام في تنوّع المواهب التي يهبها الرّوح القدس لبناء جميع المسيحيّين (راجع القرار المجمعيّ الحركة المسكونيّة، 4). الانسجام هو طريق الرّوح القدس، لأنّه هو نفسه انسجام، كما قال القدّيس باسيليوس (راجع في المزمور 29، 1). نحن بحاجة لأن نسير على طريق الوَحدة بقوّة محبّتنا ليسوع المسيح ولكلّ الأشخاص الذين نحن مدعوّون إلى أن نخدمهم. على طول الطّريق هذا، لا ندع الصّعاب توقفنا أبدًا! لنثق بالرّوح القدس، الذي يدفع إلى الوَحدة في انسجام الألوان المختلفة والمتعدّدة.

وأخيرًا، مثل السّينوديّة، وَحدة المسيحيّين ضروريّة لشهادتهم: الوَحدة هي من أجل الرّسالة. “فَلْيكونوا بِأَجمَعِهم واحِدًا… لِيُؤمِنَ العالَمُ” (يوحنّا 17، 21). كانت هذه قناعة آباء المجمع عندما أكّدوا أنّ انقسامنا “هو للعالم حجر عثرة، وعقبة في طريق أقدس الغايات، أيّ الدّعوة إلى الإنجيل في الخليقة كلّها” (القرار المجمعيّ، الحركة المسكونيّة، 1). نشأت الحركة المسكونيّة من الرّغبة في الشّهادة معًا، مع الآخرين، وليس بعيدين الواحد عن الآخر، أو ما هو أسوأ من ذلك، لا نكُنْ بعضُنا ضدّ بعض. في هذا المكان، يذكّرنا الشّهداء الأوّلون بأنّ اليوم، وفي أماكن كثيرة من العالم، يقدّم المسيحيّون من تقاليد مختلفة حياتهم معًا من أجل الإيمان بيسوع المسيح، ويعيشون الرّوح المسكونيّة في الدّمّ. شهادتهم أقوى من أيّ كلمة، لأنّ الوَحدة تأتي من صليب الرّبّ يسوع.

قبل أن نبدأ هذه الجمعيّة، احتفلنا بصلاة التّوبة. اليوم نعبِّر أيضًا عن خجلنا بسبب معثرة وشكّ انقسام المسيحيّين، وهي معثرة وشكّ لأنّنا لا نؤدّي معًا الشّهادة للرّبّ يسوع. هذا السّينودس هو فرصة لأن نعمل من أجل الأفضل، ونتجاوز الجدران التي ما تزال قائمة بيننا. لنركّز على الأرض المشتركة لمعموديّتنا المشتركة، التي تدفعنا إلى أن نصير تلاميذَ مُرسَلِين للمسيح، نحمل رسالة مشتركة. العالم بحاجة إلى شهادة مشتركة، وإلى أن نكون أمناء لرسالتنا المشتركة.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أمام المصلوب، نال القدّيس فرنسيس الأسيزي الدّعوة إلى أن يرمّم الكنيسة. لِيَقُدْنا صليب المسيح نحن أيضًا، كلّ يوم، في مسيرتنا نحو الوَحدة الكاملة، وفي الانسجام بيننا ومع الخليقة كلّها، “فقَد حَسُنَ لَدى اللهِ أَن يَحِلَّ بِه الكَمالُ كُلُّه. وأَن يُصالِحَ بِه ومِن أَجلِه كُلَّ مَوجود، مِمَّا في الأَرْضِ ومِمَّا في السَّمَوات، وقَد حَقَّقَ السَّلامَ بِدَمِ صَليبِه” (قولوسي 1، 19-20).

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

DEUXIÈME SESSION DE LA XVIe ASSEMBLÉE GÉNÉRALE ORDINAIRE DU SYNODE DES ÉVÊQUES, VEILLÉE DE PRIÈRE ŒCUMÉNIQUE @ Vatican Media

The post البابا: لنركّز على الأرض المشتركة لمعموديّتنا المشتركة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا يتأمّل بثلاث صُوَر: الصّوت، والملجأ، والطّفل https://ar.zenit.org/2024/10/02/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d9%8a%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%91%d9%84-%d8%a8%d8%ab%d9%84%d8%a7%d8%ab-%d8%b5%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%91%d9%88%d8%aa%d8%8c-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%84/ Wed, 02 Oct 2024 14:12:05 +0000 https://ar.zenit.org/?p=74281 عظة القداس الإلهي في افتتاح الجمعيّة العامّة العاديّة لسينودس الأساقفة

The post البابا يتأمّل بثلاث صُوَر: الصّوت، والملجأ، والطّفل appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

نحتفل اليوم بالتّذكار الليتورجيّ للملائكة الحرّاس القدّيسين، ونفتح من جديد الاجتماع العام لسينودس الأساقفة. وبالإصغاء إلى ما تقدِّمُه لنا كلمة الله، يمكنُنا أن نستلهم ثلاث صُوَر لتأمُّلنا: الصّوت، والملجأ، والطّفل.

أوّلًا، الصّوت. في المسيرة نحو أرض الميعاد، أوصى الله الشّعب بأن يصغي إلى ”صوت الملاك“ الذي أرسله (راجع خروج 23، 20-22). إنّها صورة تمسُّنا من قريب، لأنّ السّينودس هو أيضًا مسيرة، حيث يضع الله في أيدينا تاريخ وأحلام وآمال شعب كبير: أخوات وإخوة منتشرين في كلّ أنحاء العالم، يحرّكهم إيماننا نفسه ورغبتهم في القدّاسة، حتّى نحاول معهم ومن أجلهم أن نفهم الطّريق الذي يجب أن نسلكه لنصل إلى حيث يريدنا الله أن نكون. لكن كيف يمكننا أن نصغي إلى ”صوت الملاك“؟

إحدى الطّرق هي بالتّأكيد أن نقترب باحترام وانتباه، وفي الصّلاة وعلى ضوء كلمة الله، من جميع المساهمات التي تمّ جمعها خلال هذه السّنوات الثّلاث من العمل، والمشاركة، والنّقاش، والمجهود الصّابر لتنقية العقل والقلب. إنّها، بمساعدة الرّوح القدس، الإصغاء وفهم الأصوات، أي الأفكار والتوقعات والمقترحات، لنميِّز معًا صوت الله الذي يتكلّم إلى الكنيسة (cfr Renato Corti, Quale prete?, Appunti inediti). كما ذكرنا مرارًا، نحن لسنا برلمانًا، بل نحن مكان للإصغاء في الشّركة والوَحدة، وكما يقول القدّيس غريغوريوس الكبير، ما يملكه الواحد منّا جزئيًا، يملكه الآخر كاملًا، وعلى الرّغم من أنّ البعض لديهم مواهب خاصّة، إلّا أنّ كلّ شيء هو ملك الإخوة في ”محبّة الرّوح“ (راجع عظات في الأناجيل، XXXXIV).

لكي يحدث هذا، هناك شرط، وهو أن نتحرّر من ما يمكن أن يمنع، فينا وبيننا، ”محبّة الرّوح“ من خلق التّناغم في التّنوع. الذين لا يستطيعون أن يسمعوا صوت الله هم الذين يتصرّفون بتعالٍ ويدّعون أنّ لديهم امتيازًا خاصًّا بهم دون غيرهم (راجع مرقس 9، 38-39). يجب أن نَقبَلَ كلّ كلمة بشكر وبساطة، لتكون صدىً لما منحه الله لخير الإخوة (راجع متّى 10، 7-8). عمليًّا، لنتجنَّب تحويل مساهماتنا إلى نقاط عناد ندافع عنها أو أجندات نفرضها، بل لنقدِّمها عطايا للمشاركة، ولنكُنْ مستعدّين أيضًا أن نضحّي بما هو خاصّ بنا، إن كان ذلك يساعد على أن نَلِدَ شيئًا جديدًا معًا حسب مخطّط الله. وإلّا سننتهي بحوارات بين الصّمّ، حيث يحاول كلّ واحد أن ”يسحب الماء إلى طاحونته“ دون أن يصغي إلى الآخرين، ودون أن يصغي بشكل خاصّ إلى صوت الله.

الحلول للمشاكل التي نواجهها ليست لدينا نحن، بل لديه هو (راجع يوحنا 14، 6)، ولنتذكّر أنّ السّير في البرّيّة لا مزاح فيه: إن لم ننتبه إلى الدّليل، واعتمدنا على أنفسنا، فقد نموت جوعًا وعطشًا، وقد نجرّ معنا الآخرين. لنصغِ إذن إلى صوت الله وملاكه، إن أردنا حقًّا أن نواصل مسيرتنا بأمان، بالرّغم من الحدود والصّعاب (راجع مزمور 23، 4).

وهذا يقودنا إلى الصّورة الثّانية: الملجأ. الرّمز هنا هو الأجنحة التي تحمي: “يُظَلِّلُكَ بِريشِه” (مزمور 91، 4). الأجنحة هي أدوات لها قدرة، تقدر أن ترفع الجسد عن الأرض بقوّة حركتها. ومع ذلك، ومع قوّتها، يمكن أن تنزل وتنضمّ فتصير درعًا وعشًّا دافئًا للصّغار، المحتاجين إلى الدّفء والحماية.

هذا رمز لما يصنعه الله لنا، لكنّه أيضًا مثال علينا أن نتبعه، وخصوصًا في هذا الوقت المجمعيّ. أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، يوجد بيننا أشخاص كثيرون أقوياء، ومؤهّلون، وقادرون على أن يرتفعوا إلى فوق بحركات تأمّلاتهم النّشطة وحدسهم العبقري. كلّ ذلك هو غِنى يحفّزنا، ويدفعنا، ويجبرنا أحيانًا على أن نفكّر بطريقة أكثر انفتاحًا وأن نستمرّ في التّقدّم بحزم، ويساعدنا أيضًا على أن نبقى ثابتين راسخين في الإيمان أمام التّحدّيات والصّعاب. ولكنّها عطيّة يجب أن ننخفض بها، في الوقت المناسب، فنُرخي عضلاتنا وننحني، لكي نقدّم بعضنا لبعض مثل عناق دافئٍ ومكان للحماية، لنكون، كما قال القدّيس بولس السّادس، “بيتًا […] للإخوة، وورشة عمل مكثّفة، وعلّيّة متَّقدة بالرّوحانيّة” (كلمة إلى مجلس رئاسة مجلس الأساقفة الإيطاليّ، 9 أيّار/مايو 1974).

كلّ واحد منّا، هنا، سيشعر بأنّه حرّ في التّعبير عن نفسه بشكل عفويّ وبحرّيّة، بقدر ما يشعر بوجود أصدقاء حوله يحبّونه ويحترمونه ويقدّرونه ويرغبون في سماع ما يقول.

وبالنّسبة لنا، هذا الأمر ليس مجرّد تقنيّة ”لتسهيل“ الحوار أو ديناميكيّة التّواصل الجماعيّ: فالعناق والحماية والرّعاية هم في الواقع جزء من طبيعة الكنيسة نفسها. الكنيسة بحكم دعوتها هي مكان يستقبل ويجمع، حيث “المحبّة الجماعيّة تتطلّب انسجامًا تامًّا، ومنه تنبثق قوّتها الأخلاقيّة، وجمالها الرّوحي، وطبيعتها المثاليّة” (المرجع نفسه). هذه الكلمة مهمّة جدًّا، ”الانسجام“. لا توجد أغلبيّة ولا أقلّيّة. يمكن أن تكون هذه خطوة أولى. ما يهمّ، وما هو أساسيّ هو الانسجام، الانسجام الذي لا يمكن أن يصنعه إلّا الرّوح القدس. إنّه المعلّم في الانسجام، الذي باختلافات كثيرة، يقدر أن يخلق صوتًا واحدًا، بأصوات مختلفة كثيرة. لنفكّر في صباح يوم العنصرة، كيف أنشأ الرّوح القدس ذلك الانسجام في الاختلافات. الكنيسة بحاجة إلى ”أماكن مسالمة ومنفتحة“، يجب خلقها في القلوب أوّلًا، حيث يشعر كلّ واحد بأنّه مقبول مثل الابن بين ذراعي أمّه (راجع أشعيا 49، 15. ​​66، 13) ومثل الطّفل الذي ​​يرفعه والده إلى وجنته (راجع هوشع 11، 4. مزمور 103، 13).

ونصل هكذا إلى الصّورة الثّالثة: الطّفل. يسوع نفسه، في الإنجيل، ”وضع الطّفل في الوسط“، وأظهره للتّلاميذ، ودعاهم إلى أن يتوبوا ويصيروا صغارًا مثله. سأله التّلاميذ من تُراه الأكبر في ملكوت السّموات: فأجابهم وشجّعهم على أن يصيروا صغارًا مثل الأطفال. ليس ذلك فقط: أضاف أيضًا أنّ من قبل طفلًا باسمه، فقد قبله هو (راجع متّى 18، 1-5).

وبالنّسبة لنا، هذا التّناقض أساسيّ. فالسّينودس، بسبب أهمّيّته، يطلب منّا بمعنى ما أن نكون ”كبارًا“ – في عقلنا، وفي قلبنا، وفي رؤيتنا – لأنّ القضايا التي نتناولها ”كبيرة“ وحسّاسة، والسّياقات المدرجة فيها واسعة وشاملة. ولهذا السّبب بالتّحديد، لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بأن نُبعد نظرنا عن الطّفل، الذي يضعه يسوع باستمرار في وسط لقاءاتنا وعلى طاولات عملنا، ليذكّرنا بأنّ الطّريقة الوحيدة لنكون ”على مُستوى“ المهمّة التي أوكلها إلينا، هي أن ننحني ونصير صغارًا وأن نقبل بعضنا بعضًا مثل الأطفال، وبتواضع.

لنتذكّر أنّ الله عندما صار صغيرًا “أظهر لنا ما هو الكبر الحقيقيّ، وما معنى أن يكون الله” (البابا بنديكتس السّادس عشر، عظة في عمّاد الرّبّ يسوع، 11 كانون الثّاني/يناير 2009). وليس من قبيل الصّدفة أنّ يسوع قال إنّ ملائكة الأطفال ” يُشاهِدونَ أَبَدًا وَجهَ أَبي الَّذي في السَّمَوات” (متّى 18، 10): أي أنّهم بمثابة ”تلسكوب“ يشاهدون محبّة الآب.

أيّها الإخوة والأخوات، لنستأنف هذه المسيرة الكنسيّة بنظرة موجّهة نحو العالم، لأنّ الجماعة المسيحيّة هي دائمًا في خدمة الإنسانيّة، لإعلان فرح الإنجيل للجميع. نحن بحاجة إلى ذلك، خاصّة في هذا الوقت المأساوي من تاريخنا، حيث تستمرّ رياح الحرب ونيران العنف في زعزعة شعوب وأمم بأكملها.

لطلب شفاعة سيِّدتنا مريم العذراء كلّية القداسة من أجل عطيّة السّلام، سأتوجَّه الأحد المقبل إلى بازيليكا القدّيسة مريم الكبرى، حيث سأتلو صلاة المسبحة الورديّة المقدّسة وأوجّه لمريم العذراء نداءً من قلبي، وإن أمكن، أطلب منكم أيضًا، أنتم أعضاء السّينودس، أن تنضمّوا إليّ في تلك المناسبة.

وفي اليوم التّالي، 7 تشرين الأوّل/أكتوبر، أطلب من الجميع أن يعيشوا يومًا من الصّلاة والصّوم من أجل السّلام في العالم.

لِنَسِرْ معًا. ولنُصغِ إلى الرّبّ يسوع. ولنَسمَحْ لنسمة الرّوح القدس بأن تقودنا.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post البابا يتأمّل بثلاث صُوَر: الصّوت، والملجأ، والطّفل appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا من سنغافورة: أفضل الاستثمارات في عينَي الله هو نحن https://ar.zenit.org/2024/09/13/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d9%85%d9%86-%d8%b3%d9%86%d8%ba%d8%a7%d9%81%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d8%a3%d9%81%d8%b6%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%ab%d9%85%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%81/ Fri, 13 Sep 2024 04:23:29 +0000 https://ar.zenit.org/?p=74016 النصّ الكامل لعظة قداسة البابا فرنسيس
في القداس الإلهيّ في المدرّج الوطني
الثاني عشر من أيلول 2024

The post البابا من سنغافورة: أفضل الاستثمارات في عينَي الله هو نحن appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

“إِنَّ المَعرِفةَ تَنفُخ، أَمَّا المَحبَّةُ فَتَبْني” (1 قورنتس 8، 1). وجّه القدّيس بولس هذا الكلام إلى الإخوة والأخوات في الجماعة المسيحيّة في قورنتس: وهي جماعة غنيّة بمواهب كثيرة (راجع 1 قورنتس 1، 4-5)، وقد أوصاها الرّسول مرارًا، في رسائله، أن تنمّي فيها الشّركة في المحبّة.

نصغي إلى هذا الكلام ونحن نشكر الله معًا من أجل كنيسة سنغافورة، الغنيّة أيضًا بالمواهب، والحيّة، والنّامية وهي في حوارٍ بنّاء مع مختلف الطّوائف والأديان الأخرى التي تتقاسم معها هذه الأرض الرّائعة.

لهذا، أريد أن أعلّق على هذا الكلام نفسه، منطلقًا من جمال هذه المدينة، ومن الهندسة المعماريّة الجميلة والجريئة التي تساهم في شهرتها وروعتها، بدءًا من مجمّع المدرّج الوطني المدهش، الذي نحن فيه. وأودّ أن أقول ذلك وأذكر أنّ في أصل هذه الإنشاءات المهيبة، ومثل أيّ مشروع آخر يترك علامة إيجابيّة في هذا العالم، لو نظرنا وحلّلنا في كلّ هذا الواقع، لوجدنا أنْ ليس المال، كما يفكر الكثيرون، ولا التّكنولوجيا، ولا حتّى الهندسة هي في المقام الأوّل – وكلّها وسائل مفيدة جدًّا -، بل المحبّة: ”المحبّة التي تبني“.

قد يظنّ البعض أنّ هذا كلام ساذج، لكن إن فكّرنا جيِّدًا، الأمر ليس كذلك. في الواقع، لا يوجد عمل جيّد لا يكون خلفه أشخاص عباقرة، وأقوياء، وأغنياء، ومبدعين، لكنّهم دائمًا رجال ونساء ضعفاء، مثلنا، ولهم، بدون المحبّة، لا توجد حياة، ولا انطلاق، ولا سبب للعمل، ولا قوّة للبناء.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، إن كان هناك شيء صالح وباقٍ في هذا العالم، فذلك فقط لأنّه، في حالات متنوّعة لا تُعَد ولا تُحصَى، هيمن الحبّ على الكراهية، والتّضامن على اللامبالاة، والكرم على الأنانيّة. من دون ذلك، لما استطاع أحد، هنا أيضًا، أن ينمّي مدينة كبيرة مثل هذه، ولما استطاع المهندسون المعماريّون أن يصمّموا، ولا العمّال أن يعملوا، ولما أمكن تحقيق شيء.

إذًا، ما نراه هو علامة، ووراء كلّ عمل من الأعمال التي أمامنا هناك قصص حبّ كثيرة يجب اكتشافها: قصص رجال ونساء اتّحدوا بعضهم مع بعض في جماعة مؤمنين، ومواطنين مخلصين لوطنهم، وأمّهات وآباء مهتمّين لعائلاتهم، ومُحترفين وعمّال على اختلاف أنواعهم ومستوياتهم، التزموا بأمانة في أدوارهم ومهامهم المختلفة. حسنٌ لنا أن نتعلّم أن نقرأ هذه القصص، المكتوبة على واجهات بيوتنا وعلى مخططات طرقاتنا، ونتناقل الذّكرى، لنتذكّر أنّ لا شيء يدوم إن وُلِدَ ونَمَا من غير محبّة.

أحيانًا، يحدث أنّ كِبَر وفخامة مشاريعنا تجعلنا ننسى هذا، وتخدعنا بأنّنا يمكننا وحدنا أن نكون صانعي أنفسنا، وثرواتنا، ورفاهنا، وسعادتنا، لكن في النّهاية الحياة تعيدنا دائمًا إلى الحقيقة الوحيدة: من دون المحبّة نحن لا شيء.

ثمّ، الإيمان يؤكّد لنا ويمنحنا نورًا أكبر حول هذه الحقيقة، لأنّه يقول لنا إنّ الله نفسه هو في أصل قدرتنا على أن نحبّ وعلى أن نكون محبوبين، الذي أرادنا بقلبه الأبويّ وأتى بنا إلى الوجود بطريقة مجّانيّة تمامًا (راجع 1 قورنتس 8، 6) وبالطّريقة المجّانيّة نفسها أيضًا افتدانا وحرّرنا من الخطيئة ومن الموت، بموت وقيامة ابنه الوحيد من بين الأموات. فيه، في يسوع، أصلُ وكمالُ كلّ ما نحن عليه وما يمكن أن نصير.

وهكذا، نرى في محبّتنا انعكاسًا لحبّ الله، كما قال القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني في مناسبة زيارته لهذه الأرض (راجع القدّيس يوحنّا بولس الثّاني، عظة القدّاس الإلهي في المدرّج الوطني في سنغافورة، 20 تشرين الثّاني/نوفمبر 1986)، وأضاف جملة مهمّة، وهي أنّه “لهذا السّبب، تتميَّز المحبّة بالاحترام العميق للبشر كلّهم، بغضّ النّظر عن عِرقِهِم أو عقيدتهم أو أيّ شيء يجعلهم مختلفين عنّا” (المرجع نفسه).

أيّها الإخوة والأخوات، إنّها كلمة مهمّة بالنّسبة لنا، لأنّها، ما بعد الدّهشة التي نشعر بها أمام الأعمال التي صنعها الإنسان، تذكّرنا بأنّ هناك أعجوبة أكبر نعانقها باندهاش واحترام أكبر: وهي الإخوة والأخوات الذين نلتقيهم كلّ يوم في مسيرتنا، ودون أفضليّات ودون اختلافات، كما يشهد لذلك المجتمع والكنيسة في سنغافورة، وهما متنوّعان كثيرًا عرقيًّا وفي الوقت نفسه متّحدان ومتضامنان كثيرًا!

البناء الأجمل، والكنز الأثمن، وأفضل الاستثمارات في عينَي الله هو نحن، كلّنا: الأبناء المحبوبون لدى الآب نفسه (راجع لوقا 6، 36)، والمدعوّون بدورنا إلى نشر المحبّة. قراءات هذا القدّاس الإلهي تكلّمنا عنها بطرق مختلفة، إنّها تصف الواقع نفسه من وجهات نظر مختلفة: المحبّة، التي هي رقيقة وتحترم ضعف الضّعفاء (راجع 1 قورنتس 8، 13)، وتهتمّ لمعرفة ومرافقة المتعثّرين في مسيرة الحياة (راجع المزمور 138)، وتصبر وتُحسن في مغفرتها بشكلٍ يتجاوز كلّ حساب وقياس (راجع لوقا 6، 27-38).

المحبّة التي يظهرها الله لنا، والتي يدعونا بدورنا إلى أن نمارسها، هي هكذا: ”تُجيب بسخاء على احتياجات الفقراء، […] وتمتاز بشفقتها على المتألّمين […] وهي مستعدّة لتقديم الضّيافة […] وأمينة في الأوقات الصّعبة […] ومستعدّة دائمًا للمغفرة والرّجاء”، لدرجة أنّها “تردّ على التّجديف بالبركة […] هذه قمّة الإنجيل“ (راجع القدّيس يوحنّا بولس الثّاني، عظة القداس الإلهي في مدرّج الوطني في سنغافورة، 20 تشرين الثّاني/نوفمبر 1986).

يمكننا أن نراها في شخصيّات قدّيسين كثيرين: رجال ونساء جذبهم إله الرّحمة إليه، لدرجة أنّهم أصبحوا انعكاسًا له، وصدًى، وصورةً حيّة له. وأودّ في الختام أن أذكر اثنَين.

الأولى هي مريم، التي نحتفل اليوم باسمها المقدّس. كم من الأشخاص أحيت وما زالت تحيي فيهم الرّجاء بسندها وحضورها، وكم من الشّفاه تلّفظت باسمها في لحظات الفرح والألم أيضًا! وذلك لأنّنا نرى فيها محبّة الآب تتجلّى في أجمل وأكمل وجه: حنان الأمّ – لا ننسَ الحنان! -، التي تفهم وتغفر كلّ شيء ولا تتركنا أبدًا. لهذا نلجأ إليها!

الثّاني هو قدّيس عزيز على هذه الأرض، الذي وجد هنا الضّيافة مرّات عديدة في أثناء رحلاته الإرساليّة. هو القدّيس فرنسيس كسفاريوس، الذي استقبلوه في هذه الأرض في مناسبات عديدة، آخرها في 21 تمّوز/يوليو 1552.

بقي لدينا منه رسالة جميلة موجّهة إلى القدّيس أغناطيوس ورفاقه الأوائل، فيها بيّن رغبته في الذّهاب إلى جامعات عصره كلّها “ليصرخ في كلّ مكان مثل المجنون ويهزّ الذين لديهم عِلم أكثر من المحبّة”، حتّى يشعروا بأنّهم مدفوعون لأن يصيروا مرسلين من أجل محبّة الإخوة، “فيقولوا من أعماق قلوبهم: ها أنا ذا يا ربّ، ماذا تريدني أن أصنع؟” (رسالة من كوشين، كانون الثّاني/يناير 1544).

نحن أيضًا يمكننا أن نجعل هذا الكلام كلامنا، على مثاله وعلى مثال مريم: ”ها أنا ذا يا ربّ، ماذا تريدني أن أصنع؟“، حتّى ترافقنا ليس فقط في هذه الأيّام، بل دائمًا، مثل التزامٍ دائم للإصغاء والإجابة السّريعة على دعوات المحبّة والعدل التي لا تزال تصلنا اليوم أيضًا من محبّة الله اللامتناهية.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

Singapour – Sainte Messe @ Vatican Media

The post البابا من سنغافورة: أفضل الاستثمارات في عينَي الله هو نحن appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
لا نخَف من أن نصير صغارًا أمام الله https://ar.zenit.org/2024/09/11/%d9%84%d8%a7-%d9%86%d8%ae%d9%8e%d9%81-%d9%85%d9%86-%d8%a3%d9%86-%d9%86%d8%b5%d9%8a%d8%b1-%d8%b5%d8%ba%d8%a7%d8%b1%d9%8b%d8%a7-%d8%a3%d9%85%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87/ Wed, 11 Sep 2024 10:35:30 +0000 https://ar.zenit.org/?p=73981 النصّ الكامل لعظة قداسة البابا فرنسيس
في القداس الإلهيّ في ساحة تاسي تول - ديلي
العاشر من أيلول 2024

The post لا نخَف من أن نصير صغارًا أمام الله appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

“وُلِدَ لَنا وَلَدٌ وأُعطِيَ لَنا ابنٌ” (أشعيا 9، 5).

بهذا الكلام يخاطب أشعيا النّبيّ سكّان أورشليم، في القراءة الأولى، في لحظة ازدهارٍ للمدينة، ولكن، للأسف، في لحظة انحطاطٍ أخلاقيّ كبير أيضًا.

كان هناك غِنًى كثير، لكن الرّفاهية أعمت الأقوياء، وأوهمتهم أنّهم يمكنهم أن يكفوا أنفسهم، وأنّهم لا يحتاجون إلى الله، وقادهم غرورهم إلى أن يكونوا أنانيّين وظالمين. لهذا، ولو كان الخير كثيرًا، هناك أيضًا فقراء متروكون، يتضوَّرون جوعًا، وتفشّت الخيانة، وصارت الممارسة الدّينيّة مجرّد شكليّات. واجهة مخادعة لعالم يبدو لأوّل وهلة أنّه مثاليّ، لكنه يُخفي واقعًا مُظلمًا، وقاسيًا، يحتاج إلى كثير من التّوبة والرّحمة والشّفاء.

لذلك أعلن النّبيّ لمواطنيه عن أفقٍ جديدٍ سيفتحه الله لهم: مستقبل رجاء وفرح، حيث يُطرد الظّلم والحرب إلى الأبد. (راجع أشعيا 9، 1-4). وسيُشرقُ لهم نور عظيم (راجع الآية 1) يحرّرهم من ظلام الخطيئة التي تظلمهم، وسيقوم بذلك لا بقوّة الجيوش والأسلحة أو الغِنَى، بل بواسطة الابن الذي يعطيهم إياه (راجع الآيات 5-6).

لنتوقّف ولنتأمّل في هذه الصّورة: الله يُشعّ نوره الذي يخلّص بالابن الذي يعطيه.

في كلّ مكان، تُعتبر ولادة الابن لحظة مشرقة من الفرح والاحتفال، وتثير فينا أيضًا أحيانًا الرّغبات الصّالحة، وتجدّدنا في الخير، والعودة إلى النّقاء والبساطة. أمام المولود الجديد، حتّى القلب القاسي يشعر بالدّفء ويمتلئ بالحنان. الطّفل الضّعيف يحمل دائمًا رسالة تبلغ درجة من القوّة تحرِّك أقسى النّفوس، وتُعيد معها حركات ومقاصد التّناغم والهدوء. إنّه أمر عجيب ما يحدث عندما يولد طفل!

قرب الله منّا يكون من خلال طفل. صار الله طفلًا. ليست فقط لنندهش ونتأثّر، بل أيضًا لننفتح على محبّة الآب ولنتركه يصوغنا، حتّى يقدر أن يشفي جراحنا ويعيدنا إلى الوفاق، وينظّم حياتنا.

الحياة جميلة في تيمور الشّرقيّة، لأنّ فيها أطفالًا كثيرين: أنتم بلد شابٌّ، يُسمَع فيه خفقان الحياة، تتفجَّر في كلّ زاوية. وهذه هديّة، وعطيّة كبيرة: في الواقع، وجود شباب كثيرين وأطفال كثيرين، يجدّد باستمرار طاقتنا وحياتنا. وأكثر من ذلك، هذه علامة، لأنّ إعطاء المجال للأطفال، وللصّغار، وقبولهم، والاعتناء بهم، وأن نصير نحن أيضًا صغارًا أمام الله وأمام بعضنا البعض، هو التّصرّف الذي يجعلنا ننفتح على عمل الله. إن صِرنا أطفالًا، نسمح لله أن يعمل فينا.

اليوم نكرّم سيِّدتنا مريم العذراء الملكة، أي أمّ الملك يسوع، الذي أراد أن يولد صغيرًا ويصير أخًا لنا، وطلب كلمة ”نعم“ التي قالتها شابّة وضعيفة (راجع لوقا 1، 38).

فهمت مريم ذلك، واختارت أن تبقى صغيرة في حياتها كلّها، وجعلت نفسها أصغر من غيرها، فخدمت، وصلّت، واختفت لتفسح المجال أمام يسوع، حتّى عندما كان ذلك يكلّفها كثيرًا.

لذلك، أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، لا نخَف من أن نصير صغارًا أمام الله، وأمام بعضنا البعض، وأن نخسر حياتنا، وأن نعطي وقتنا لغيرنا، وأن نراجع برامجنا، وأن نقلّص حجم مشاريعنا أيضًا عند الضّرورة، وذلك لا لنقلّل من قيمتها، بل لنزيدها جمالًا بعطاء أنفسنا واستقبالنا للآخرين.

كلّ ذلك يُرمز إليه جيّدًا بحُليتَيْن جميلتَيْن في تقليد هذه الأرض: كايبوك وبيلاك (Kaibauk-Belak). كلتاهما من المعدن الثّمين. هذا يعني أنّ لهما أهميّة كبيرة!

الأوّلى ترمز إلى قرون الجاموس ونور الشّمس، وتُوضع عاليًا، لتزيّن الجَبِين، وتُوضَع أيضًا في أعلى البيوت. إنّها تعبِّر عن القوّة والطّاقة والحرارة، ويمكن أن تشير إلى قدرة الله الذي يعطي الحياة. وليس هذا فقط: في الواقع، عندما تُوضَع على مستوى الرّأس، وفي أعلى البيوت، تذكّرنا أنّها بنور كلمة الله وبقوّة نعمته، يمكننا نحن أيضًا أن نتعاون، بخياراتنا وأعمالنا، في خطّة الفداء الكبرى.

والثّانية، البيلاك (Belak)، تُوضَع على الصّدر، وهي مكمّلة للأولى. تذكّرنا بنور القمر الرّفيق، الذي يعكس بتواضع نور الشّمس في الليل، ويُحيط كلّ شيء بوميض خفيف. إنّه يشير إلى السّلام والخصوبة والعذوبة، ويرمز إلى حنان الأمّ، التي تجعل، بانعكاسات محبّتها الرّقيقة، ما تلمسه مُشرقًا بالنّور نفسه الذي تقبله من الله.

كايبوك وبيلاك، قوّة وحنان الأب والأمّ: هكذا يبيِّن الرّبّ يسوع ملوكيّته، القائمة على المحبّة والرّحمة.

لنطلب معًا، إذًا، في هذه الإفخارستيّا، كلّ واحدٍ منّا، رجالًا ونساء، وكنيسة ومجتمعًا، أن نعرف أن نعكس في العالم نور إله المحبّة القويّ والحنون، هذا الإله، كما صلّينا في مزمور الرّدّة، الذي “يُنهِضُ المِسْكينَ مِنَ التُّراب، ويُقيمُ الفَقيرَ مِنَ الأَقْذار، لِيُجلِسَه مع العُظَماء، عُظَماءِ شَعبِه” (مزمور 113، 7-8).

***

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء!

فكّرت كثيرًا: ما هو أفضل شيء في تيمور الشّرقيّة؟ هل هو خشب الصّندل؟ هل هو صيد السّمك؟ كلا. الأفضل هو شعبها. لا أستطيع أن أنسى النّاس على جانبَيْ الطّريق، مع الأطفال. كم من الأطفال لديكم في هذا البلد! وأفضل شيء في شعبٍ هو ابتسامة أطفاله. والشّعب الذي يعلِّم الأطفال أن يبتسموا، هو شعب له مستقبل.

ولكن تنبّهوا! لأنّهم قالوا لِي إنّ التّماسيح تأتي إلى بعض الشّواطئ. التّماسيح تأتي سباحة وعضّتها أقوى ممّا يمكننا أن نقاومها. تنبّهوا! من هذه التّماسيح التي تريد أن تغيّر ثقافتكم وتاريخكم. ابقوا أمناء. ولا تقتربوا من هذه التّماسيح لأنّها تعضّ، كثيرًا.

أتمنّى لكم السّلام. وأتمنّى لكم أن تستمرّوا في أن تنجِبوا أبناءً كثيرين: وأن يكون الأطفال هُم ابتسامة هذا الشّعب! اعتنوا بأطفالكم، واعتنوا أيضًا بكبار السّنّ، الذين هم ذاكرة هذه الأرض.

شكرًا، شكرًا جزيلًا على محبّتكم، وعلى إيمانكم. استمرّوا في الرّجاء!

والآن لنطلب من الرّبّ يسوع أن يباركنا كلّنا، وبعد ذلك سنرنّم ترنيمة لسيِّدتنا مريم العذراء.

***

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post لا نخَف من أن نصير صغارًا أمام الله appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا مِن بابوا غينيا الجديدة: لا يبقَ أحدٌ منّا أصمّ ومعقود اللّسان https://ar.zenit.org/2024/09/09/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d9%85%d9%90%d9%86-%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d9%88%d8%a7-%d8%ba%d9%8a%d9%86%d9%8a%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af%d8%a9-%d9%84%d8%a7-%d9%8a%d8%a8%d9%82%d9%8e/ Mon, 09 Sep 2024 05:21:47 +0000 https://ar.zenit.org/?p=73936 النصّ الكامل لعظة قداسة البابا فرنسيس
في القداس الإلهيّ
في مدرج ”Sir John Guise“ - بورت مورسبي
الثامن من أيلول 2024

The post البابا مِن بابوا غينيا الجديدة: لا يبقَ أحدٌ منّا أصمّ ومعقود اللّسان appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

الكلمة الأولى التي يوجّهها الرّبّ يسوع إلينا اليوم هي: “تَقَوَّوا ولا تَخافوا!” (أشعيا 35، 4). يقول أشعيا النّبي هذا الكلام لكلّ الذين تاهت قلوبهم. ويشجّع بهذه الطّريقة شعبه، فيدعوه إلى أن يرفع نظره إلى العُلَى، إلى أفق الرّجاء والمستقبل، ولو في وسط الصّعوبات والآلام: الله يأتي ليخلّصنا، هو سيأتي، وفي ذلك اليوم، “تَتَفَتَّحُ عُيونُ العُمْيان، وآذانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّح” (أشعيا 35، 5).

تحقّقت هذه النّبوءة في يسوع. رواية القدّيس مرقس، تركِّز خصّوصًا على أمرَين: بُعد الأصمّ معقود اللّسان وقُرب يسوع.

بُعد الأصمّ معقود اللّسان. كان هذا الرّجل يعيش في منطقة جغرافيّة نسمّيها بلغة اليوم ”الضّواحي“ أو الأطراف. تقع منطقة ”المدن العشر“ ما وراء نهر الأردن، وبعيدة عن المركز الدّيني أي أورشليم. كان هذا الرّجل الأصمّ معقود اللّسان يعيش أيضًا نوعًا آخر من البُعد، فقد كان بعيدًا عن الله وعن النّاس لأنّه لم يكن باستطاعته أن يتواصل: كان أصمّ، فلم يكن باستطاعته أن يسمع الآخرين، وكان أخرس، فلم يكن باستطاعته أن يتكلّم مع الآخرين. كان هذا الرّجل مقطوعًا عن العالم، ومعزولًا، أسيرَ صممِه وعقدةِ لسانه، لذلك، لم يكن باستطاعته أن ينفتح على الآخرين للتّواصل.

لهذا، يمكننا أن ننظر إلى حالة الأصّم الأخرس، بمعنى آخر أيضًا، لأنّه يمكن أن يحدث لنا أن نكون مقطوعين عن التّواصل والصّداقة مع الله ومع إخوتنا عندما يكون قلبنا هو الأصمّ، أكثر من آذاننا ولساننا. هناك صممّ داخليّ وبُكمٌ في القلب ناجمان عن كلّ ما يجعلنا ننغلق على أنفسنا، وعلى الله وعلى الآخرين: الأنانيّة، واللامبالاة، والخوف من المخاطرة والمجازفة، والاستياء، والكراهية، والقائمة تطول. كلّ هذا يبعدنا عن الله، وعن إخوتنا، وأيضًا عن أنفسنا، ويبعدنا عن فرح الحياة.

على هذا البُعد، أيّها الإخوة والأخوات، أجاب الله بقرب يسوع. الله يريد أن يبيِّن لنا بابنه قبل كلّ شيء، ما يلي: أنّ يسوع هو الله القريب والرّؤوف، الذي يعتني بحياتنا، ويتجاوز كلّ المسافات. في الواقع، في مقطع الإنجيل، نرى يسوع يذهب إلى هذه الضّواحي، ويخرج من اليهوديّة ليلتقي بالوثنيّين (راجع مرقس 7، 31).

شفى يسوع بقربه صمّم الإنسان وعقدة لسانه: في الواقع، عندما نشعر بأنّنا بعيدون، أو نختار أن نكون بعيدين – بعيدين عن الله، وعن إخوتنا، وعن الذين يختلفون عنّا – فإنّنا ننغلق على أنفسنا، ونتحصّن في أنفسنا وينتهي بنا الأمر إلى أن ندور فقط حول أنفسنا، صُمًّا عن كلمة الله وعن صراخ القريب، وغير قادرين على الكلام مع الله ومع القريب.

وأنتم، أيّها الإخوة والأخوات، الذين تعيشون في هذه الأرض البعيدة، ربّما شعرتم بأنّكم منفصلون، منفصلّون عن الرّبّ، ومنفصلّون عن النّاس، وهذا ليس صحيحًا، لا: أنتم متّحدون، متّحدون في الرّوح القدس وفي الله. والرّبّ يسوع يقول لكلّ واحد منكم: ”إنفتح!“. هذا هو الأمر الأهمّ: أن نفتح أنفسنا على الله، وعلى الإخوة، وعلى الإنجيل ونجعله بوصلة حياتنا.

لكم أيضًا يقول الرّبّ يسوع اليوم: ”تقوَّ، لا تخف، يا شعب بابوا! انفتح! انفتح على فرح الإنجيل، وعلى اللقاء مع الله، وعلى محبّة الإخوة“. لا يبقَ أحدٌ منّا أصمّ ومعقود اللّسان أمام هذه الدّعوة. وليرافقكم في هذه المسيرة الطّوباوي جيوفانّي ماتزوكّوني: فإنّه حمل المسيح إليكم وسط صعوباتٍ وعداواتٍ كثيرة، حتّى لا يبقى أحدٌ أصمّ أمام رسالة الخلاص وفرحها، ويستطيع الجميع أن يحرّروا ألسنتهم ويترنّموا بمحبّة الله. ليكن ذلك لكم أيضًا، اليوم!

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post البابا مِن بابوا غينيا الجديدة: لا يبقَ أحدٌ منّا أصمّ ومعقود اللّسان appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا: لنفتح باب حياتنا للرّبّ يسوع https://ar.zenit.org/2024/07/01/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d9%84%d9%86%d9%81%d8%aa%d8%ad-%d8%a8%d8%a7%d8%a8-%d8%ad%d9%8a%d8%a7%d8%aa%d9%86%d8%a7-%d9%84%d9%84%d8%b1%d9%91%d8%a8%d9%91-%d9%8a%d8%b3%d9%88%d8%b9/ Mon, 01 Jul 2024 04:46:00 +0000 https://ar.zenit.org/?p=73149 النصّ الكامل لعظة قداسة البابا فرنسيس
في القدّاس الإلهيّ في عيد القدّيسَين بطرس وبولس
السّبت 29 حزيران 2024 - بازيليكا القدّيس بطرس

The post البابا: لنفتح باب حياتنا للرّبّ يسوع appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

لننظر إلى الرّسولَين بطرس وبولس: صيّاد الجليل الذي جعله يسوع صيادًا للبشر، والفريسيّ مضطهد الكنيسة الذي غيّرته النّعمة وصار مبشّرًا للأمم. وفي ضوء كلمة الله، لنستلهم قصّتهما، وغيرتهما الرّسوليّة التي ميّزت مسيرة حياتهما. بلقائهما بالرّبّ يسوع، عاشا خبرة فصحيّة حقيقيّة، فتحرّرا، وانفتحت أمامهما أبواب حياة جديدة.

أيّها الإخوة والأخوات، في عشيّة سنة اليوبيل، لنتوقّف عند صورة الباب. في الواقع، سيكون اليوبيل زمن نعمة نفتح فيه الباب المقدّس، حتّى يتمكّن الجميع من عبور عتبة المَقدِس الحيّ الذي هو يسوع، وفيه، سيعيشون خبرة محبّة الله التي تحيِي الرّجاء وتجدّد الفرح. وفي قصة بطرس وبولس أيضًا أبواب تنفتح.

رَوَت لنا القراءة الأولى قصّة تحرير بطرس من السّجن. نجد في هذه القصّة صورًا كثيرة تذكّرنا بخبرة الفصح: حدثت هذه الحادثة خلال عيد الفطير. ويذكّرنا هيرودس بشخصيّة فرعون مصر. وقد تمّ التّحرير ليلًا كما حدث لبني إسرائيل. وأعطى الملاك بطرس نفس التّعليمات التي أُعطيت لبني إسرائيل: قُمْ على عجل، واشدُدْ وسطك بالزنّار، واربُطْ نَعلَيك (راجع أعمال الرّسل 12، 8؛ خروج 12، 11). ما يُروى لنا إذن هو قصة خروج جديد: الله يحرّر كنيسته، وشعبه المقيَّد، ويُظهِرُ مرّة أخرى نفسه أنّه إله الرّحمة الذي يسند مسيرة شعبه.

وفي تلك الليلة، ليلة تحرير بطرس، انفتحت أبواب السّجن أوّلًا بأعجوبة. ثمّ يقال عن بطرس والملاك الذي رافقه إنّهما وجدا نفسيهما أمام “البابِ الحَديدِ الَّذي يَنفُذُ إِلى المَدينَة، فانفَتَحَ لَهما مِن نَفْسِه” (أعمال الرّسل 12، 10). لم يفتحا هما الباب، بل انفتح لهما مِن نفسِه. الله هو الذي يفتح الأبواب، وهو الذي يحرّر ويمهّد الطّريق. وكما سمعنا من الإنجيل، أعطى يسوع مفاتيح الملكوت إلى بطرس، لكنّ بطرس اختبر أنّ الله هو الذي يفتح الأبواب أوّلًا، وهو يسبقنا دائمًا.

وكذلك مسيرة الرّسول بولس هي أوّلًا خبرة فصحيّة. في الواقع، لقد غيّره أوّلًا وبدّله الرّبّ القائم من بين الأموات على طريق دمشق. ومن ثمّ، في تأمّله المستمرّ في المسيح المصلوب، اكتشف نعمة ضعفه. قال: عندما نكون ضعفاء فإنّنا في الواقع نكون أقوياء، لأنّنا لم نعد متعلّقين بأنفسنا، بل بالمسيح (راجع 2 قورنتس 12، 10). وقال بولس، الذي أمسك به الرّبّ يسوع ومعه صُلِب: “فما أَنا أَحْيا بَعدَ ذلِك، بلِ المسيحُ يَحْيا فِيَّ” (غلاطية 2، 20). والهدف من كلّ هذا ليس تديّنًا شخصيًّا وتعزية خاصّة، بل العكس، فإنّ اللقاء مع الرّبّ يسوع أشعل غَيرة البشارة بالإنجيل في حياة بولس. وكما سمعنا في القراءة الثّانية، قال في نهاية حياته: “كانَ الرَّبَّ معي وَقَوَّاني لِتُعلَنَ البِشارةُ عن يَدي على أَحسَنِ وَجهٍ ويَسمَعَها جَميعُ الوَثَنِيِّين” (2 طيموتاوس 4، 17).

وعندما يروي كيف منحه الرّبّ يسوع الإمكانيات الكثيرة ليُعلن البشارة، استخدم بولس صورة الأبواب المفتوحة. فقال عن وصوله إلى أنطاكية مع برنابا إنّه “جَمَعا الكَنيسَةَ عِندَ وُصولِهما، وأَخبرا بِكُلِّ ما أَجرى اللهُ مَعَهُما وكَيفَ فَتَحَ بابَ الإِيمانِ لِلوَثَنِيِّين” (أعمال الرّسل 14، 27). وبنفس الأسلوب، قال مخاطبًا جماعة قورنتس: “فقدِ انفَتَحَ لي فيها بابٌ لِلعَمَلِ كَبير” (1 قورنتس 16، 9). وكتب إلى أهل قولسي وحثّهم قائلًا: “صَلُّوا مِن أَجلِنا أَيضًا كَيما يَفتَحَ اللهُ لَنا بابًا لِلكَلام فنُبَشِّرَ بِسِرِّ المسيح” (قولسي 4، 3).

أيّها الإخوة والأخوات، عرف الرّسولان بطرس وبولس خبرة النّعمة هذه. لقد لمسا لمس اليّد عمل الله الذي فتح لهما أبواب سجنهما الدّاخلي وأيضًا السّجون الحقيقيّة التي سُجِنوا فيها بسبب الإنجيل. علاوة على ذلك، فتح لهما أبواب البشارة بالإنجيل ليختبرا فرح اللقاء مع الإخوة والأخوات في الجماعات المؤمنة النّاشئة ويحملا رجاء الإنجيل إلى الجميع. ونحن أيضًا نستعد هذ السّنة لفتح الباب المقدّس.

أيّها الإخوة والأخوات، اليوم يَتَسَلَّمُ رؤساء الأساقفة الذين تمّ تعيّينهم في السّنة الماضيّة ”الباليوم“. في الشّركة والوَحدة مع بطرس وعلى مثال المسيح، باب الخراف (راجع يوحنّا 10، 7)، فإنّهم مدعوُّون إلى أن يكونوا رعاةً غيّورين يفتحون أبواب الإنجيل ويساهمون بخدمتهم في بناء كنيسة ومجتمع أبوابهما مفتوحة.

أحيّي بمودة أخويّة وفد البطريركيّة المسكونيّة: شكرًا لحضوركم للتعبير عن الرّغبة المشتركة في الشّركة والوَحدة الكاملة بين كنائسنا. وأوجّه تحياتي الحارّة إلى أخي، أخي العزيز قداسة البطريرك برثلماوس.

ليساعدنا القدّيسان بطرس وبولس لنفتح باب حياتنا للرّبّ يسوع، وليشفعا لنا، ولمدينة روما، وللعالم أجمع. آمين.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post البابا: لنفتح باب حياتنا للرّبّ يسوع appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
الشّكر والذكرى والحضور https://ar.zenit.org/2024/06/03/%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%91%d9%83%d8%b1-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b0%d9%83%d8%b1%d9%89-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b6%d9%88%d8%b1/ Mon, 03 Jun 2024 18:23:45 +0000 https://ar.zenit.org/?p=72800 النص الكامل لعظة البابا يوم الأحد 2 حزيران 2024 في عيد جسد الرب ودمه

The post الشّكر والذكرى والحضور appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

“أخذَ خُبزًا وبارَكَ” (مرقس 14، 22). إنّها العلامة التي تَفتَتِحُ حادثة تأسيس سرّ الإفخارستيا في إنجيل القدّيس مرقس. ويمكننا أن نبدأ من علامة يسوع هذه – مباركة الخبز – للتأمّل في الأبعاد الثّلاثة للسّرّ الذي نحتفل به: الشّكر والذكرى والحضور.

أوّلًا: الشّكر. كلمة ”إفخارستيا“ تعني ”شكر“: ”أن نشكر“ الله على عطاياه، وبهذا المعنى فإنّ علامة الخبز مهمّة. إنّه طعام كلّ يوم، وبه نحمل إلى المذبح كلّ ما نحن وما لنا: الحياة، والأعمال، والنّجاحات، وحتّى الفشل، كما ترمز إليه العادة الجميلة لبعض الثّقافات المتمثّلة في جمع الخبز وتقبيله عندما يقع على الأرض: لكي نتذكّر أنّه أثمن من أن يُرمى، حتّى بعد وقوعه. الإفخارستيا تعلِّمنا إذًا أن نبارك عطايا الله ونقبلها ونعانقها دائمًا، كشكر، وهذا ليس فقط في الاحتفال، بل في الحياة أيضًا.

مثلًا، بألّا نبذِّر الأشياء والمواهب التي يعطينا إياها الله. وأيضًا أن نغفر ونقيم الذين يخطئون ويسقطون بسبب ضعفهم أو أخطائهم: لأنّ كلّ شيء هو عطيّة ولا شيء يمكن أن يضيع، ولأنّه لا يمكن لأحد أن يبقى واقعًا على الأرض، ويجب أن يُعطى للجميع فرصة للنّهوض واستئناف المسيرة. ويمكننا أيضًا أن نقوم بذلك في الحياة اليومية، فنقوم بعملنا بمحبّة، وبدقّة، وباهتمام، ونقوم به على أنّه عطيّة ورسالة. وأن نساعد دائمًا الذين سقطوا: مرّة واحدة فقط في الحياة يمكن أن ننظر إلى شخص من أعلى إلى أسفل: لمساعدته على النّهوض من جديد. وهذه هي رسالتنا.

لنقدّم الشّكر يمكننا بالتّأكيد إضافة طرق أخرى. إنّها مواقف ”إفخارستيّا” مهمّة، لأنّها تعلِّمنا أن نفهم قيمة ما نقوم به، وما نقدّمه.

ثانيًا: ”مباركة الخبز“ تعني أن نتذكّر. ماذا نتذكّر؟ بالنّسبة لشعب إسرائيل القديم، أن يتذكّر تحرّره من العبوديّة في مصر وبداية خروجه نحو أرض الميعاد. وبالنّسبة لنا هو أن نعيش من جديد فصح المسيح، وآلامه وقيامته من بين الأموات، التي بها حرّرنا من الخطيئة والموت. أن نتذكّر حياتنا، ونتذكّر نجاحاتنا، ونتذكّر أخطاءنا، ونتذكّر يدّ الرّبّ يسوع الممدودة التي تساعدنا دائمًا لننهض، ونتذكّر حضوره في حياتنا.

قد يقول البعض إنّ الإنسان الحرّ هو الذي يفكّر في نفسه فقط، والذي يستمتع بالحياة والذي يصنع، بلا مبالاة وربما بغطرسة، كلّ ما يريد من غير أن يهتمّ للآخرين. هذه ليست حرّيّة: إنّها عبوديّة مخفية، عبوديّة تجعلنا أكثر عبيدًا.

لا توجد الحرّيّة في الخزائن التي نكدّس فيها المال لأنفسنا، ولا على الكنبات التي نسترخي عليها كسالى أفرادًا منعزلين عن النّاس: الحرّيّة توجد في العليّة حيث ينحني الإنسان، دون أيّ سبّب آخر غير الحبّ، أمام الإخوة ليقدّم لهم خدمته وحياته، لأنّهم ”مخلَّصُون“.

وأخيرًا، الخبز الإفخارستيّ هو حضور المسيح الحقيقيّ. الخبز الإفخارستيّ يكلّمنا على إله ليس بعيدًا وغيّورًا، بل على إله قريب ومتضامن مع الإنسان؛ والذي لا يتركنا، بل يبحث عنا، وينتظرنا ويرافقنا دائمًا، إلى حدّ أن يضع نفسه بين أيدينا، بلا حمى.

وحضوره يدعونا أيضًا إلى أن نكون قريبين من إخوتنا حيث تدعونا المحبّة.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، كم يحتاج عالمنا إلى هذا الخبز، إلى شذاه وعطره التي تفوح منه رائحة الشّكر والحرّيّة والقرب! كلّ يوم نرى الشّوارع الكثيرة، التي ربما كانت تفوح منها رائحة الخبز المخبوز، لكنّها تحوّلت إلى أكوام من الرّكام بسبب الحرب والأنانيّة واللامبالاة! من الملِّح أن نعيد إلى العالم رائحة خبز المحبّة الطّيبّة والطّازجة، لكي نستمرّ في الرّجاء وإعادة البناء دون كلل لما تدمّره الكراهية.

وهذا أيضًا هو معنى العلامة التي سنقوم بها قريبًا، مع دورة القربان: سنبدأ من المذبح، وسنحمل الرّبّ يسوع الموجود في القربان المقدس بين بيوت مدينتنا. نحن لا نقوم بذلك لإظهارِ أنفسنا ولا لنفتخر بإيماننا، بل لندعو الجميع إلى المشاركة، في خبز الإفخارستيّا، وفي الحياة الجديدة التي أعطانا إياها يسوع. فلنقم بدورة القربان بهذه الرّوح.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post الشّكر والذكرى والحضور appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>