المقابلة العامة Archives - ZENIT - Arabic https://ar.zenit.org/category/pope-francis/general-audience/ The World Seen From Rome Thu, 02 May 2024 04:43:02 +0000 en-US hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.5.2 https://ar.zenit.org/wp-content/uploads/sites/5/2020/07/f4ae4282-cropped-02798b16-favicon_1.png المقابلة العامة Archives - ZENIT - Arabic https://ar.zenit.org/category/pope-francis/general-audience/ 32 32 البابا: عدوّ الإيمان الأكبر هو الخوف https://ar.zenit.org/2024/05/02/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d8%b9%d8%af%d9%88%d9%91-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%8a%d9%85%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%83%d8%a8%d8%b1-%d9%87%d9%88-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%88%d9%81/ Thu, 02 May 2024 04:40:08 +0000 https://ar.zenit.org/?p=72351 النصّ الكامل لتعليم قداسة البابا فرنسيس خلال المقابلة العامة
الأربعاء 1 أيّار 2024‏ - ساحة القدّيس بطرس

The post البابا: عدوّ الإيمان الأكبر هو الخوف appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
تعليم في الرّذائل والفضائل

17. الإيمان

يتضمّن النّصّ التّالي أيضًا فقرات لم تُقرأ، والتي نقدّمها كما لو أنّها قُرِأت.

 

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!

أودّ اليوم أن أتكلّم على فضيلة الإيمان. تُسمّى هذه الفضيلة، مع فضيلَتَي المحبَّة والرَّجاء، بالفضائل ”الإلهيّة“. الفضائل الإلهيّة ثلاث وهي: الإيمان والرّجاء والمحبّة. لماذا هي إلهيّة؟ لأنّه لا يمكن أن نعيشها إلّا بعطيّة من الله. الفضائل الإلهيّة الثّلاث هي العطايا الكبرى التي يمنحها الله لقدرتنا الأدبيّة. بدونها يمكننا أن نكون حكماء وعادلين وأقوياء وقانعين، ولكن لن تكون لنا عيون ترى حتّى في الظّلام. ولن يكون لنا قلب يحبّ حتّى عندما لا نكون محبوبين، ولن يكون لنا رجاء فنرجو ولو غاب كلّ رجاء.

ما هو الإيمان؟ التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة يشرح لنا أنّ الإيمان هو العمل الذي به يسلِّم الإنسان نفسه بحرّيّة لله (راجع رقم 1814). وبهذا الإيمان كان إبراهيم أبا المؤمنين. عندما وافق على أن يترك أرض أجداده ليتوجّه نحو الأرض التي سيريه الله إياها. قد يُحكَمُ عليه بالجنون: كيف يترك ما هو معلوم من أجل ما هو مجهول، وما هو أكيد من أجل ما هو غامض؟ لكن إبراهيم انطلق كأنّه كان يرى ما لا يُرى. وبالقوّة نفسها، بقوّة ما لا يُرى، سيصعد الجبل مع ابنه إسحق، ابن الوعد الوحيد، الذي نجا من الذّبيحة في اللحظة الأخيرة فقط. بهذا الإيمان، صار إبراهيم أبًا لأجيال طويلة من الأبناء.

موسى أيضًا رجل الإيمان، الذي سمع وقَبِلَ صوت الله حتّى مع الشّكوك الكثيرة التي كانت تهزّه، استمرّ ثابتًا وراسخًا في ايمانه وواثقًا بالله، وحتّى في دفاعه عن شعبه الذي فقد ايمانه مرارًا كثيرة.

ومريم العذراء أيضًا هي المرأة التي آمنت. لمَّا استقبلت بشارة الملاك، والتي قد يرفضها الكثيرون لما فيها من الالتزام والمخاطر، أجابت: “أَنا أَمَةُ الرَّبّ، فَليَكُنْ لي بِحَسَبِ قَوْلِكَ” (لوقا 1، 38). وبقلب مملوء بإيمان وثقة بالله، انطلقت مريم في طريق لا تعرف وِجهته ولا مخاطره.

الإيمان هو الفضيلة التي تصنع المسيحيّ. لأنّه، أن نكون مسيحيّين لا يعني أوّلًا وقبل كلّ شيء أن نقبل ثقافة ما، والقِيَم التي ترافقها، بل أن نقبل علاقة ونحافظ عليها: أنا والله، أنا، شخصيًّا، ووجه يسوع المحبوب. هذه هي العلاقة التي تجعلنا مسيحيّين.

وبالكلام على الإيمان، أتذكّر حادثة من الإنجيل. كان تلاميذ يسوع يعبرون البحيرة وفاجأتهم العاصفة. فكّروا في أنّهم يقدرون أن ينجوا بقوّة سواعدهم، وبخبرتهم، لكن السّفينة بدأت تمتلئ بالماء وأخذهم الرّعب (راجع مرقس 4، 35–41). لم يدركوا أنّ الحلَّ كان قريبًا منهم: كان يسوع معهم على متن السّفينة، في وسط العاصفة، وكان نائمًا، يقول الإنجيل. وعندما أيقظوه في النّهاية، وكانوا خائفين وغاضبين أيضًا لأنّه كان يتركهم يهلكون، وبّخهم يسوع قال: “ما لَكم خائفينَ هذا الخَوف؟ أَإِلى الآنَ لا إِيمانَ لَكم؟” (مرقس 4، 40).

هذا هو عدوّ الإيمان الأكبر: ليس الذّكاء، وليس العقل، كما يكرّر البعض بهوس، للأسف، بل عدوّ الإيمان الأكبر هو الخوف. لهذا السّبب، الإيمان هو أوّل عطيّة نقبلها في الحياة المسيحيّة: عطيّة علينا أن نقبلها ونطلبها يوميًا، حتّى تتجدّد فينا. قد تبدو عطيّة صغيرة، لكنّها العطيّة الأساسيّة. عندما حملنا والدَانا إلى جرن المعموديّة، وبعد أن أعلنوا الاسم الذي اختاروه لنا، سألهم الكاهن: “ماذا تطلبون من كنيسة الله؟”. فأجابوا: “الإيمان، والمعموديّة!”.

للوالِدَين المسيحيَّيَن، اللذين يدركان النّعمة (نعمة المعموديَّة والإيمان) التي أعطيت لهما، فإنّ العطيّة التي يجب أن يطلباها من أجل ابنهما هي أيضًا: الإيمان. مع الإيمان يعرف الوالِدَان أنّ ابنهما لن يغرق في الخوف، حتّى في وسط مِحَن الحياة. ويعرفان أيضًا أنّه عندما يموتان، سيبقى له الله الآب في السّماء، الذي لن يتخلّى عنه أبدًا. محبّتنا نحن ضعيفة جدًّا، ومحبّة الله فقط هي التي تنتصر على الموت.

بالتّأكيد، كما قال الرّسول، الإيمان ليس من نصيب جميع النّاس (راجع 2 تسالونيقي 3، 2)، ونحن أيضًا، المؤمنين، نشعر مرارًا أنّ عدد المؤمنين معنا قليل. يسوع يوبّخنا مرارًا، كما عمل مع تلاميذه، لأنّنا ”قليلو الإيمان“. لكنّ الإيمان هو العطيّة السّعيدة، والفضيلة الوحيدة التي يُسمَح لنا أن نَحسد الآخرين عليها. لأنّ الذي عنده إيمان تسكنه قوّة ليست فقط قوّة بشريّة. في الواقع، الإيمان ”يبعث“ النّعمة فينا ويفتح العقل على سرّ الله. كما قال يسوع ذات مرّة: “إِذا كانَ لَكم إِيمانٌ بِمِقْدارِ حَبَّةِ خَردَل، قُلتُم لِهذِه التُّوتَة: انقَلِعي وَانغَرِسي في البَحر، فَأَطاعَتْكم” (لوقا 17، 6). لذلك نحن أيضًا، مثل التّلاميذ، لنردّد له ونقول: أيّها الرّبّ يسوع، زِدنا إيمانًا! (راجع لوقا 17، 5). إنّها صلاة جميلة. شكرًا.

 

*******

مِن إنجيلِ ربِّنا يسوعَ المسيحِ للقِدِّيس يوحنَّا (9، 35-38)

فَسَمِعَ يسوعُ أَنَّهم طَردوا [الأعمَى الَّذي أعادَ إليهِ بَصَرَهُ]، فلَقِيَه وقالَ له: «أَتُؤمِنُ أَنتَ بِابنِ الإِنسان؟» أَجاب: «ومَن هو، يا ربّ، فأُومِنَ بِه؟» قالَ له يسوع: «قد رَأَيتَه، هو الَّذي يُكَلِّمُكَ». فقال: «آمنتُ، يا ربّ» وسَجَدَ له.

كلامُ الرَّبّ

 

*******

Speaker:

تَكَلَّمَ قَداسَةُ البابا اليَومَ علَى فضيلةِ الإيمانِ في إطارِ تعليمِهِ في موضوعِ الرَّذائِلِ والفضائِل، وقال: الإيمانُ هو العملُ الَّذي بِهِ يُسَلِّمُ الإنسانُ ذاتَهُ بِحُرِّيَّةٍ لله. كانَ إبراهيمُ أبا المؤمنين. فقد وَثَقَ باللهِ عندما طَلَبَ مِنهُ أنْ يَترُكَ أرضَ أجدادِهِ ويَتَوَجَّهَ إلى أرضٍ لا يَعرِفُها، وعندما طَلَبَ مِنهُ أنْ يُقَدِّمَ ابنَهُ الوحيدَ ذبيحةً. لكنَّ اللهَ بعدَ أنْ امتَحَنَ ايمانَهُ، مَنَعَهُ مِن أنْ يُقَدِّمَ ابنَهُ ذبيحةً له. وكانَ موسى رجلَ إيمان. كان ثابِتًا وراسِخًا في ايمانِهِ وواثِقًا بالله. وكانت مريمُ العذراء أيضًا مُؤمِنَة، عَمِلَت دائمًا بحسبِ مشيئةِ الله. الإيمانُ هو العَلاقةُ بينَ الإنسانِ والله. وقالَ قداسَتُهُ: الخوفُ هو عدُو الإيمانِ الأكبر كما حَدَثَ معَ التَّلاميذِ عندما هَبَّتْ علَيهِم العاصِفَةُ في البُحَيرَة. فخافوا معَ أنَّ يسوعَ كانَ مَعَهُم. لِذَلِكَ أوَّلُ عَطِيَّةٍ يجبُ أنْ يَطلُبَها الوالدانِ لأبنائِهِم هي عَطِيَّةُ الإيمان. لأنَّ الإيمانَ يُبعِدُ الخوفَ عنهم، حتَّى في وسطِ مِحَنِ الحياة، ويُساعِدُهُم أنْ تَزدادَ ثِقَتُهُم بالله الَّذي لنْ يَتَخَلَّى عنهم أبدًا. الإيمانُ هو العَطِيَّةُ السَّعيدة، والفضيلةُ الوحيدةُ الَّتي يُسمَحُ لنا أنْ نَحسِدَ الآخرينَ عليها. لأنَّ الَّذي عِندَهُ إيمانٌ تَسكُنُهُ قوَّة، فوقَ قوَّةِ البشر. لِذَلِكَ لِنَطلُبْ إلى الرَّبِّ يسوع، مِثلَ التَّلاميذ، بأنْ يَزِيدَنا إيمانًا.

 

*******

Speaker:

أُحَيِّي المُؤمِنينَ النَّاطِقينَ باللغَةِ العربِيَّة. المَسِيحِيُّ مَدعُوٌ إلى أنْ يَثِقَ باللهِ وأنْ يُسَلِّمَ نفسَهُ له بِحُرِّيَّة، لأنَّنا مَعَهُ نحن في سلامٍ وأمان. باركَكُم الرّبُّ جَميعًا وحَماكُم دائِمًا مِن كُلِّ شَرّ!

 

*******

جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post البابا: عدوّ الإيمان الأكبر هو الخوف appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
حياة النعمة بحسب الروح القدس https://ar.zenit.org/2024/04/24/%d8%ad%d9%8a%d8%a7%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b9%d9%85%d8%a9-%d8%a8%d8%ad%d8%b3%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%af%d8%b3/ Wed, 24 Apr 2024 18:00:59 +0000 https://ar.zenit.org/?p=72258 النص الكامل للمقابلة العامة مع المؤمنين يوم الأربعاء 24 نيسان 2024

The post حياة النعمة بحسب الروح القدس appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!

تأمّلنا في الأسابيع الأخيرة في الفضائل الرّئيسيّة: الفطنة والعدل والقوّة والقناعة. وكما أكّدنا عدة مرّات، فإنّ هذه الفضائل الأربع هي من تراث الحكمة القديمة جدًّا، قبل المسيحيَّة. قبل المسيح أيضًا، كانوا يعظون بالاستقامة كواجب مدنيّ، وبالحكمة كقاعدة عمل، وبالشّجاعة كمُكَوِّن أساسيّ لحياة تسعى إلى الخير، وبالقناعة كموقف ضروري لتجنّب الوقوع في المبالغات. هذا التّراث الإنسانيّ القديم جدًّا لم تستبدله الدّيانة المسيحيّة، بل أيّدته وعملت على تقديره وتنقيته وإدماجه في تعاليمها الإيمانيّة.

يوجد إذًا في قلب كلّ رجل وامرأة القدرة على السّعي إلى الخير. ويوهَب لنا الرّوح القدس لكي يتمكّن الذين يقبلونه من التّمييز بوضوح بين الخير والشر، ويكون لديهم القوّة للالتزام بالخير وتجنّب الشّرّ، فيبلغوا تحقيق الذّات بصورة كاملة.

وفي الطّريق إلى ملء الحياة الذي نسير فيه، وهذا مصير كلّ إنسان، يجد المسيحيّ عونًا خاصًّا من الرّوح القدس، روح يسوع. هذا العون يتحقّق بثلاث فضائل أخرى، مسيحيّة، وقد ورد ذكرها مرارًا معًا في كتابات العهد الجديد. هذه المواقف الأساسيّة التي تميّز حياة المسيحيّ هي الإيمان والرّجاء والمحبّة. وسرعان ما أطلق عليها الكتاب المسيحيّون اسم ”الفضائل الإلهيّة الثّلاث“، لأنّنا نستقبلها ونعيشها في علاقة مع الله، لتمييزها عن الفضائل الأربع الأخرى التي يُطلق عليها اسم ”الفضائل الرّئيسيّة“، باعتبارها  تشكّل ”محور“ الحياة الصّالحة. الفضائل الإلهيّة الثّلاث نلناها في المعموديّة وقد وهبها لنا الرّوح القدس. الفضائل الإلهيّة الثّلاث والفضائل الرّئيسيّة الأربع، كانت كلّها موضوع دراسات منهجيّة عديدة، كوَّنت مجموعة سباعية رائعة، تعارض قائمة الخطايا السّبع الرّئيسيّة. التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة يعرّف عمل الفضائل الإلهيّة كما يلي: “إنّها تُكَّوِن وتحرِّك وتميِّز العمل الأخلاقي المسيحيّ. وتُعطي الفضائل الأدبيّة صورتها وتحييها. والله يفيضها في نفس المؤمنين ليجعلهم قادرين على أن يسلكوا كأبنائه، ويستحقوا الحياة الأبديّة. إنّها عربون حضور الرّوح القدس وعمله في قدرات الإنسان” (رقم 1813).

خطر الفضائل الرّئيسيّة هو تكوين رجالٍ ونساءٍ أبطال يصنعون الخير، لكنّهم يبقون وحدهم، ومُنعزلين، أمّا عطيّة الفضائل الإلهيّة الكبرى فهي الحياة التي نحياها في الرّوح القدس. فالإنسان المسيحيّ لا يوجد أبدًا وحده. وهو يعمل الخير ولا يَلزمه لذلك جهود جبارة في التزامِه الشّخصيّ، بل يسير تلميذًا متواضعًا خلف معلّمه يسوع. الفضائل الإلهيّة هي المضادّ الحيوي الكبير ضد الاكتفاء الذّاتي. كم من المرّات يتعرّض بعض الرّجال والنّساء، الذين لا تشوبهم شائبة من حيث الأخلاق، لخطر أن يصيروا في نظر من يعرفونهم، متغطرسين ومتكبّرين! وهو خطر يحذّرنا منه الإنجيل بوضوح، عندما أوصى يسوع تلاميذه وقال: “وهكذا أَنتُم، إِذا فَعَلتُم جميعَ ما أُمِرتُم بِه فقولوا: نَحنُ خَدَمٌ لا خَيرَ فيهِم، وما كانَ يَجِبُ علَينا أَن نَفعَلَه فَعَلْناه” (لوقا 17، 10). الكبرياء سُمٌّ قاتل: قطرةٌ واحدةٌ منه تكفي لأن تدمِّر حياة صالحة بأكملها. قد يقوم شخصٌ بكثير من الأعمال الصّالحة، وقد يحصد اعتراف الآخرين به والإشادة به، لكن إن عمل كلّ ذلك من أجل نفسه فقط، وليرفع من شأن نفسه، فهل يمكنه أن يقول مع ذلك إنّه إنسانٌ فاضلٌ؟ لا!

الخير ليس فقط غاية، بل هو أسلوب في العمل أيضًا. الخير يحتاج إلى تكتُّم كثير، ولُطف كثير. الخير يحتاج خاصّة إلى أن نجرّد أنفسنا من ذلك الحضور المزعج أحيانًا وهو ”الأنا“. عندما يكون ”الأنا“ محور كلّ شيء، فهو يؤدّي إلى خراب كلّ شيء. إن كان كلّ عملٍ نقوم به في حياتنا نقوم به من أجل أنفسنا فقط، فهل يستحق فعلًا أن نسعى إلى عمله؟ ”الأنا“ البائس يتسلّط على كلّ شيء، وهكذا تتكوَّن فينا الكبرياء.

حتّى نصحّح كلّ هذه الأوضاع التي تصير أحيانًا متعبة لنا، الفضائل الإلهيّة هي العَون الكبير لنا. إنّها عونٌ خصوصًا في لحظات السّقوط، لأنّه حتّى الذين لديهم نوايا أخلاقيّة صالحة يسقطون أحيانًا. كلّنا نَسقُط في الحياة، لأنّنا كلّنا خَطَأة. كذلك أيضًا الذين يمارسون الفضيلة يوميًّا يخطئون أحيانًا: ليس العقل دائمًا بصيرًا، وليست الإرادة دائمًا ثابتة، ولا الأهواء دائمًا منضبطة، ولا الشّجاعة تتغلّب دائمًا على الخوف. لكن إن فتحنا قلبنا للرّوح القدس – المعلِّم في داخلنا -، فإنّه يحيي فينا الفضائل الإلهيّة: فإذا فقدنا الثّقة، فتح الله قلبنا للإيمان من جديد – بقوّة الرّوح القدس -، وإذا أصابنا اليأس، بعث فينا الرّجاء من جديد، وإذا تصلَّبَ قلبنا، ليّنه الله بمحبّته. شكرًا.

*******

قِراءَةٌ مِن رسالَةِ القِدِّيسِ بولس الرَّسولِ إلى أهلِ قولُسي (1، 3-5)

[أيُّها الإخوَة،] نَشكُرُ اللهَ أَبا رَبِّنا يسوعَ المسيح دائِمًا، ونَحنُ نُصَلِّي مِن أَجلِكُم، بَعدَ أَنْ سَمِعْنا بإِيمانِكم في المسيحِ يسوع، وبِمَحَبَّتِكم لِجَميعِ القِدِّيسينَ مِن أَجلِ الرَّجاءِ المَحْفوظِ لَكُم في السَّمَوات.

كلامُ الرَّبّ

*******

Speaker:

تَكَلَّمَ قَداسَةُ البابا اليَومَ علَى حياةِ النِّعمَةِ بحسبِ الرُّوحِ القُدُسِ في إطارِ تعليمِهِ في موضوعِ الرَّذائِلِ والفضائِل، وقال: الرُّوحُ القُدُس يُساعِدُنا لِنُمَيِّزَ بينَ الخيرِ والشَّرّ، ويُعطِينا القوَّةَ للالتِزامِ بالخيرِ وتَجَنُّبِ الشَّرّ، حتَّى نُحَقِّقَ ذاتَنا بصورةٍ كامِلَة. في الطَّريقِ إلى مِلءِ الحياة، الرُّوحُ القُدُس يَمنَحُنا عَونًا خاصًّا بالفضائِلِ الإلهيَّةِ الثَّلاث، وهي مِن التُّراثِ المَسِيحيّ فقط، وذَكَرَها العهدُ الجديدُ معًا مِرارًا، وهي الإيمانُ والرَّجاءُ والمَحَبَّة، ونُسَمِّيها إلهيَّةً لأنَّها تُحَدِّدُ عَلاقَتَنا معَ الله. فهي تُكَّوِنُ وتُحَرِّكُ وتُمَيِّزُ العملَ الأخلاقيَّ المَسِيحيّ، وتُعطي الفضائِلَ الأَدَبِيَّةَ صورَتَها وتُحيِيها. ويُفيضُها اللهُ في نفوسِنا لِيَجعَلَنا قادِرينَ على أنْ نَسلُكَ كأبناءٍ له، ونَستَحِقَ الحياةَ الأبديَّة. الفضائِلُ الإلهيَّةُ هي المُضادُّ الحَيَويُّ الكبيرُ ضدَّ الاكتفاءِ الذَّاتي والكِبرياء، الَّتي يُمكِنُ أنْ تُضَيِّعَ كلَّ خيرٍ صَنَعناه. الكِبرياءُ سُمٌّ قاتِلٌ يُمكِنُ أنْ يُدَمِّرَ حياةً صالِحَةً بأكمَلِها. الفضائِلُ الإلهيَّةُ هي عَونٌ كبيرٌ تُساعِدُنا لِعَمَلِ الخير، وتُقيمُنا إذا ضَعِفنا وسَقَطنا، فتُحيِي فينا الحياةَ الصَّالِحَةَ في كلِّ أوجُهِها.

*******

Speaker:

أُحَيِّي المُؤمِنينَ النَّاطِقينَ باللغَةِ العربِيَّة. الفضائِلُ الإلهِيَّة، الإيمانُ والرَّجاءُ والمَحَبَّة، هي نِعَمٌ تَشفِينا وتَجعَلُنا نَشفي الآخرين، وهي نِعَمٌ تَفتَحُ أمامَنا آفاقًا جديدة، حتَّى عندما نُبحِرُ في مياهِ زَمَنِنا الصَّعبَة. باركَكُم الرّبُّ جَميعًا وحَماكُم دائِمًا مِن كُلِّ شَرّ!

*******

جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post حياة النعمة بحسب الروح القدس appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
القناعة تجعلنا نستمتع بخيرات الحياة بشكل أفضل https://ar.zenit.org/2024/04/17/%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%86%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d8%aa%d8%ac%d8%b9%d9%84%d9%86%d8%a7-%d9%86%d8%b3%d8%aa%d9%85%d8%aa%d8%b9-%d8%a8%d8%ae%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%8a%d8%a7%d8%a9-%d8%a8/ Wed, 17 Apr 2024 10:50:11 +0000 https://ar.zenit.org/?p=72176 النص الكامل للمقابلة العامة مع المؤمنين يوم الأربعاء 17 نيسان 2024

The post القناعة تجعلنا نستمتع بخيرات الحياة بشكل أفضل appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

يتضمّن النّصّ التّالي أيضًا فقرات لم تُقرأ، والتي نقدّمها كما لو أنّها قُرِأت.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!

سأتكلّم اليوم على الفضيلة الرّئيسيّة الرّابعة والأخيرة: القناعة. مع الفضائل الثّلاث الأخرى، هذه الفضيلة لها تاريخ طويل يعود إلى زمن بعيد، ولا يخصّ المسيحيّين وحدهم. بالنّسبة لليونانيّين، الهدف من ممارسة الفضائل هو السّعادة. كتب الفيلسوف أرسطو أهمّ مؤلفاته في الأخلاق، ووجّهها إلى ابنه نيقوماخوس، ليعلّمه فن الحياة. لماذا نسعى جميعًا إلى السّعادة، والقليلون فقط يجدونها؟ هذا هو السّؤال. وللإجابة عليه، تناول أرسطو موضوع الفضائل، ومن بينها خصَّص مكانًا كبيرًا للقناعة (enkráteia). اللفظة اليونانيّة تعني حرفيًّا ”القدرة على الذّات“. وبالتّالي فإنّ هذه الفضيلة هي القدرة على ضبط النّفس، وفن عدم الانجراف وراء المشاعر المتمرّدة، ووضع التّرتيب في ما يسمّيه مانتسوني ”خليط القلب البشري“.

التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة يقول لنا إنّ “القناعة هي الفضيلة الأدبيّة التي تسيطر على جاذبيّة الملذّات وتضمن التّوازن في استعمال الخيرات المخلوقة”. ويتابع التّعليم ويقول: “وهي تؤمّن سيطرة الإرادة على الغرائز، وتحفظ الرّغبات في حدود الاستقامة. فالإنسان القنوع يوجّه شهواته الحسيّة نحو الخير، ويحافظ على اعتدال سليم، ولا يتبع الغريزة وقوّتها فيسير بحسب رغبات قلبه” (رقم 1809).

لذلك، القناعة، كما تقول الكلمة الإيطاليّة، هي فضيلة التّوازن الصحيح. تتصرّف بحكمة في كلّ المواقف، لأنّ الأشخاص الذين يتصرّفون دائمًا انطلاقًا من الاندفاع أو الهيجان لا يمكن الاعتماد عليهم في النّهاية. في عالم يفتخر فيه الكثيرون بأنّهم يقولون ما يفكّرون، فإنّ الشّخص القنوع يفضل أن يفكّر فيما يقوله. فهو لا يقدّم وعودًا فارغة، بل يأخذ التزامات بقدر ما يستطيع أن يفي.

حتّى مع الملذّات، يتصرف الإنسان القنوع بحكمة. إطلاق الحرّيّة للغرائز والسّير بصورة كاملة مع الملذات تنقلب في نهاية المطاف علينا، فتغرقنا في حالة من الملل. أناس كثيرون أرادوا بشراهة أن يجرّبوا كلّ شيء، ثمّ وجدوا أنفسهم وقد فقدوا طعم ومذاق كلّ شيء! من الأفضل إذن أن نبحث عن التّوازن الصحيح: مثلًا، من أجل تذوُّق خمرة جيّدة، تذوُّقُها برشفات قليلة أفضل من ازدرادها جرعة واحدة.

الإنسان القنوع يعرف أن يوزن ويقيس كلامه جيّدًا. يُفكّر فيما يقول. لا يسمح للحظة غضب أن تدمّر له علاقات وصداقات لا يمكن إعادة بنائها إلّا بصعوبة. خاصّة في الحياة العائليّة، حيث يقلّ كبت المشاعر، نوشك كلّنا في ألّا نسيطر على التّوتّرات والحساسيات والغضب. يوجد وقت للكلام ووقت للسّكُوت، وكلاهما يتطلّب التّوازن الصحيح. وهذا الأمر ينطبق على أمور كثيرة، مثلًا عندما نكون مع الآخرين وعندما نكون وحدنا.

إن كان الإنسان القنوع يعرف أن يتحكّم بعصبيّته، فهذا لا يعني أنّنا سنراه دائمًا بوجهٍ مُسالمٍ ومُبتسم. في الواقع، من الضّروري أحيانًا أن نَغضب، ولكن دائمًا بالطّريقة الصّحيحة. أحيانًا كلمة عِتَاب أصحُّ من الصّمت الفظّ والحاقد. القنوع يعرف أنّ لا شيء أصعب من إصلاح الآخر، ويعرف أيضًا أنّ ذلك ضروريّ: وإلّا تُطلَق الحرّيّة للشّرّ. في بعض الحالات، يستطيع القنوع أن يحافظ على النّقيضَين معًا: يؤكّد على المبادئ المُطلقة، ويتمسّك بالقِيَم غير القابلة للتّفاوض، ولكنّه يعرف أيضًا أن يفهم الأشخاص ويُبدي تعاطفًا معهم.

لذلك، عطيّة القناعة هي التّوازن، وهي صفة ثمينة بقدر ما هي نادرة. في الواقع، كلّ شيء في عالمنا يدفعنا نحو المبالغة. بينما القناعة تتفق جيّدًا مع المواقف الإنجيليّة كما أن تكون صغيرًا، ومتحفِّظًا، ومختفيًا، ووديعًا. القنوع يقدّر تقدير الآخرين له، لكنه لا يجعل ذلك المعيار الوحيد لكلّ عمل يقوم به وكلّ كلمة يقولها. إنّه شديد الحساسية، يعرف أن يبكي ولا يخجل من ذلك، لكنّه لا يترك غيره يستسخفُّون به. إن هُزِمَ، نهض من جديد، وإن انتصر، فهو قادر على أن يرجع إلى حياته الخفيّة المعتادة. لا يسعى إلى تصفيق النّاس له، لكنّه يعرف أنّه بحاجة إلى الآخرين.

أيّها الإخوة والأخوات، ليس صحيحًا أنّ القناعة تجعلنا رماديّين ومحرومين كلّ فرح. بل تجعلنا نستمتع بخيرات الحياة بشكل أفضل: مثلًا أن نكون معًا على المائدة، والحنان في بعض الصّداقات، والثّقة بالأشخاص الحكماء، والاندهاش أمام جمال الخليقة. السّعادة مع القناعة هي فرح يُزهر في قلب الذين يعرفون ويقدّرون ما هو الأهمّ في الحياة.

*******

 

قِراءَةٌ مِن سِفرِ يشوع بِن سيراخ (5، 2؛ 6، 4؛ 14، 14)

لا تتَبعْ هَواكَ وقُوَّتَكَ، لِتَسيرَ في شَهَواتِ قَلبِكَ. […]

النَّفسُ الشِّرِّيرةُ تُهلِكُ صاحِبَها، وتَجعَلُه شَماتَةً لأَعْدائِه. […]

لا تَحرِمْ نَفسَكَ مِن يَومٍ صالِحٍ، ولا يَفُتْكَ نَصيبُكَ مِن رَغبَةٍ صالِحة.

كلامُ الرَّبّ

*******

Speaker:

تَكَلَّمَ قَداسَةُ البابا اليَومَ علَى فضيلةِ القناعةِ في إطارِ تعليمِهِ في موضوعِ الرَّذائلِ والفضائل، وقال: فضيلةُ القناعةِ هي مِن الفضائِلِ الأدبيَّةِ الرَّئيسيَّةِ الَّتي تُسَيطِرُ على جاذبيَّةِ المَلَذَّاتِ وتَضمَنُ التَّوازُنَ في استعمالِ الخيرات. وهي تُؤَمِّنُ سَيطَرَةَ الإرادَةِ على الغرائِز، وتَحفَظُ الرَّغَباتِ في حدودِ الاستِقامَة. وهي تَقتَضِي الحِكمَةَ في كلِّ المواقف. فالإنسانُ القنوعُ يفكِّرُ بحكمةٍ فيما يقولُه، ويَتَصَرَّفُ بحكمةٍ أمامَ المَلَذّات. ويَعرِفُ أنْ يُوزِنَ وأنْ يقِيسَ كلامَهُ جيِّدًا. ويَتَحَكَّمُ بِعَصَبِيَّتِهِ لكنَّه أحيانًا يَغضَبُ بالطَّريقَةِ الصَّحِيحة، ولِخَيرِ الآخر. وهو يُقَدِّرُ احترامَ الآخرينَ له، لكنَّه لا يَجعَلُ ذلك المعيارَ الوحيدَ لحياتِهِ. إنْ هُزِمَ، نَهَضَ مِن جديد، وإنْ انتَصَرَ، فهو قادِرٌ على أنْ يَرجِعَ إلى حياتِهِ الخَفِيَّةِ المُعتادَة. لا يَسعَى إلى تصفيقِ النَّاسِ له، لكنَّه يَعرِفُ أنَّه بحاجةٍ إلى الآخرين. الإنسانُ القنوعُ يُوَجِّهُ شهواتِهِ نحوَ الخير، ويُحافِظُ على اعتدالٍ سليم، ولا يَتبَعُ هواهُ لِيَسِيرَ بحسبِ شهواتِ قلبِهِ. القناعةُ تُوَصِّلُ إلى السَّعادة، وإلى الفرحِ الَّذي يُزهِرُ في قلبِ الَّذين يَعرِفونَ ويُقَدِّرونَ ما هو الأَهَمُّ في الحياة.

*******

Speaker:

أُحَيِّي المُؤمِنينَ النَّاطِقينَ باللغَةِ العربِيَّة. السَّعادَةُ معَ القناعَةِ هي فَرَحٌ يُزهِرُ في قلبِ الَّذين يَعرِفونَ ويُقَدِّرونَ ما هو الأهَمُّ في الحياة، حتَّى يَستَمتِعُوا بها بشكلٍ أفضل. باركَكُم الرّبُّ جَميعًا وحَماكُم دائِمًا مِن كُلِّ شَرّ!

*******

جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post القناعة تجعلنا نستمتع بخيرات الحياة بشكل أفضل appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا: ”لا“ للشّر و”لا“ للّامبالاة https://ar.zenit.org/2024/04/10/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d9%84%d8%a7-%d9%84%d9%84%d8%b4%d9%91%d8%b1-%d9%88%d9%84%d8%a7-%d9%84%d9%84%d9%91%d8%a7%d9%85%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%a9/ Wed, 10 Apr 2024 15:18:36 +0000 https://ar.zenit.org/?p=72077 النصّ الكامل لتعليم قداسة البابا فرنسيس خلال المقابلة العامّة
الأربعاء 10 نيسان 2024‏ - ساحة القدّيس بطرس

The post البابا: ”لا“ للشّر و”لا“ للّامبالاة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

يتضمّن النّصّ التّالي أيضًا فقرات لم تُقرأ، والتي نقدّمها كما لو أنّها قُرِأت.

تعليم في الرّذائل والفضائل

14. القوّة

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!

درسُنا اليوم مكرّس للفضيلة الثّالثة من الفضائل الأدبيّة، وهي القوّة. ونبدأ بما وصفها التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكية: “القوّة هي الفضيلة الأدبيّة التي تضمن، في الصّعاب، الثّبات والصّمود في السّعي إلى الخير. إنّها تُقويّ العزم على مقاومة التّجارب، والسّيطرة على العقبات في الحياة الأخلاقيّة. فضيلة القوّة تجعلنا قادرين على التّغلّب على الخوف، حتّى من الموت، وعلى مواجهة المحن والاضطهادات” (رقم 1808). هكذا يقول التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة على فضيلة القوّة.

فضيلة القوّة، إذًا، هي أكثر الفضائل ”قتاليّة“. الفضيلة الأولى الرّئيسيّة، أي الحكمة، مرتبطة قبل كلّ شيء بعقل الإنسان، وفضيلة العدل بالإرادة. وهذه الفضيلة الثّالثة، القوّة، يربطها المؤلّفون المدرسيّون مرارًا بما أسماه القدّماء ”النّزعة إلى الغضب“. لم يتصوَّر الفكر القديم إنسانًا بلا أهواء: وإلَّا كان حجرًا. وليس من المحتَّم أنّ تكون الأهواء بقايا خطيئة. بل يجب تربيتها وتوجيهها وتطهيرها بماء المعموديّة، أو بالأحرى بنار الرّوح القدس. المسيحيّ بلا شجاعة، والذي لا يُخضِع قوّته للخير، والذي لا يُزعج أحدًا، هو مسيحيّ لا فائدة منه. لنفكّر في هذا الأمر! يسوع لم يكن إلهًا لا لون له ولا فِعْل، ولا يعرف المشاعر البشريّة. بل نراه، عكس ذلك، ينفجر بالبكاء أمام موت صديقه لعازر. وظهر الاندفاع في بعض تعابيره، كما عندما قال: “لَقَدْ جِئتُ لِأُشعِلَ نَارًا عَلَى الأرْضِ. وَكَمْ أتَمَنَّى لَوْ أنَّهَا أُشعِلَتْ بِالفِعْلِ!” (لوقا 12، 49). ولمَّا واجه التُّجَّار في الهيكل، واجههم بقوّة (راجع متّى 21، 12-13).

لنبحث الآن عن وصف واقعي لهذه الفضيلة المهمّة جدًّا، والتي تساعدنا على أن نؤتي ثمرًا في الحياة. رأى القدماء – الفلاسفة اليونان واللاهوتيّون المسيحيّون على السّواء – اتجاهًا مزدوجًا في فضيلة القوّة، الأوّل منفعل والثّاني فاعل.

الأوّل يخص انفعالاتنا، في داخلنا. لنا أعداء داخليّون علينا أن نهزمهم، ونعرفهم باسم: الاضطراب والقلق والخوف والشعور بالذّنب: كلّها قِوَى تتعارك في داخلنا وفي بعض الحالات تَشُلُّ حركتنا. كَم مِنَ المقاتلين استسلموا حتّى قبل أن يبدأ التّحدّي! لأنّهم لم يُدركوا أعداءهم في داخلهم. القوَّة هي انتصارٌ على أنفسنا أوّلًا. مُعظم المخاوف التي تُولَدُ فينا غير واقعيّة، ولا تتحقّق على الإطلاق. لذلك، من الأفضل أن نبتهل إلى الرّوح القدس ونواجه كلّ شيء بقوَّة صابرة: ونواجه كلّ مشكلة وحدها، على قدر استطاعتنا، لكن ليس وحدنا! الرّبّ يسوع معنا، إن وثقنا بِه وطلبنا الخير بصدق. إذّاك، يمكننا، في كلّ حالة، أن نتَّكِل على عِناية الله، وسيكون هو درعنا وترسنا.

ثمّ هناك الحركة الثّانية لفضيلة القوَّة، وهذه المرّة تقتضي مزيدًا من العمل. بالإضافة إلى المحن الدّاخليّة، لنا أعداء خارجيّون، وهي شدائد الحياة، والاضطهادات، والصّعاب التي لا نتوقّعها والتي تفاجئنا. في الواقع، يمكننا أن نحاول التّنبّؤ بما سيحدث لنا، لكن جزءًا كبيرًا من الواقع هو أحداث لا يمكن أن نتصوّرها، وفي هذا البَحر تتقاذف الأمواج أحيانًا قاربنا. وفي هذه الحالة، تجعلنا القوَّة نصير بَحَّارة مُقاومين، لا يخافون ولا يصابون بالإحباط.

القوَّة فضيلة رئيسيّة لأنّها تأخذ على محمل الجدّ تحدّي الشّرّ في العالم. قد يتظاهر البعض بأنّ الشّرّ لا وجود له، وأنّ كلّ شيء على ما يرام، وأنّ الإرادة الإنسانيّة ليست عمياء، وأنّ التاريخ ليس فيه قوى ظّلام تحمل الموت وتتصارع. لكن يكفي أن نتصفّح كتابًا من كُتب التّاريخ، أو حتّى الصّحف للأسف، لكي نكتشف الويلات لتي نحن ضحاياها أو صانعوها بعض الشيء: الحروب، والعنف، والعبوديّة، وظلم الفقراء، والجراح التي لم تلتئم قط ولا تزال تنزف. فضيلة القوَّة تجعلنا نتفاعل ونصرخ بحزم ”لا“، أمام هذا كلّه. في غربنا الهادئ والمُريح، الذي بدَّل وأزال القِيَم، وحوّل مسيرة الكمال إلى تطوّر مجتمعيّ بسيط، ولا يحتاج إلى صراعات لأنّ كلّ شيء يبدو له متساويًا، نشعر أحيانًا بحنينٍ صِحِّيّ إلى الأنبياء. لكن الأنبياء الرائين والمزعجين نادرون جدًّا. نحن بحاجة إلى مَن يزعجنا في المكان النّاعم الذي وجدنا فيه استقرارنا، ويجعلنا نكرّر بحزم قولنا ”لا“ للشّرّ ولكلّ ما يؤدّي إلى اللامبالاة. ”لا“ للشّر و ”لا“ للامبالاة. ”نعم“ للمسيرة التي تجعلنا نتقدّم، ولهذا السّبب علينا أن نجاهد.

لنكتشف إذن من جديد قوَّة يسوع في الإنجيل، ولنتعلّمها من شهادة القدّيسين والقدّيسات. شكرًا!

*******

 

قِراءَةٌ مِن سِفرِ المزامير (31، 2. 4. 25)

بِكَ اعتَصَمتُ يا رَبّ فلا أَخزَ لِلأبَد […].

فإِنَّكَ أَنتَ صَخرَتي وحِصْني ولأَجلِ اسمِكَ أَرشِدْني واهدِني. […]

تَشَدَّدوا ولتَتَشَجَّعْ قُلوبُكم يا جَميعَ الَّذينَ يَرْجونَ الرَّبّ.

كلامُ الرَّبّ

*******

Speaker:

تَكَلَّمَ قَداسَةُ البابا اليَومَ علَى فضيلةِ القُوَّةِ في إطارِ تعليمِهِ في موضوعِ الرَّذائلِ والفضائل، وقال: فضيلةُ القُوَّةِ هي مِن الفضائِلِ الأدَبِيَّةِ الرَّئيسِيَّة، وهي الَّتي تَضمَن، في الصِّعاب، الثَّباتَ والصُّمودَ في السَّعي إلى الخير. إنَّها تُقَوِّي العَزمَ على مُقاوَمَةِ التَّجارب، وتَجعَلُنا قادرين علَى التَّغَلُّبِ علَى الخَوف، حتَّى مِن الموت، وعلَى مُواجَهَةِ المِحنِ والاضطِهادات. وقد رأَى القُدَماءُ وَجهَيْنِ في فضيلةِ القُوَّة. الأوَّل، يُجاهِدُ في داخلِ الإنسان، والثَّاني في الخارج. إذ هناكَ نِزَعاتٌ تَتَصارَعُ في داخِلِنا وفي بعضِ الحالاتِ تَشُلُّ حرَكَتَنا، مثلَ الاضطرابِ والقلقِ والخَوفِ والشُّعورِ بالذَّنب. وفضيلةُ القُوَّةِ تُساعِدُنا علَى أنْ نَنتَصِرَ عليها. وفي جهادِنا نَبتَهِلُ إلى الرُّوحِ القُدُس ونُواجِهُ كلَّ شيءٍ بِقُوَّةٍ صابِرة، لكن ليسَ وَحدَنا، بل معَ الرَّبِّ يسوعَ الَّذي يَحمِينا دائمًا. والوَجهُ الثَّاني هو مُواجَهَةُ الشَّدائِدِ الخارِجِيَّة، وهي مِحَنُ الحياة، والاضطهادات، والصِّعابُ الَّتي لا نَتَوَقَّعُها والَّتي تُفاجِئُنا. وهنا أيضًا فضيلةُ القُوَّةِ تُساعِدُنا علَى ألَّا نخافَ ولا نَيأَس. وأمامَ الشَّرِّ في العالم، فضيلةُ القُوَّةِ تَجعَلُنا نَصرُخُ بِحَزمٍ ”لا“ لِلشَّرِّ ولِكُلِّ ما يُؤَدِّي إلى اللامُبالاة.

*******

Speaker:

أُحَيِّي المُؤمِنينَ النَّاطِقينَ باللغَةِ العربِيَّة. بِقيامَةِ يسوعَ مِن بينِ الأموات، لمْ يَعُدْ للشَّرِّ سُلطان، ولا يستطيعُ الفشلُ أنْ يَمنَعَنا مِن أنْ نَبدأَ مِن جديد، والموتُ أصبحَ مَعبَرًا لبدايةِ حياةٍ جديدة. باركَكُم الرّبُّ جَميعًا وحَماكُم دائِمًا مِن كُلِّ شَرّ!

*******

جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post البابا: ”لا“ للشّر و”لا“ للّامبالاة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
الإنسان العادل مستقيم وبسيط وصريح، لا يرتدي أقنعة https://ar.zenit.org/2024/04/03/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%86%d8%b3%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d8%af%d9%84-%d9%85%d8%b3%d8%aa%d9%82%d9%8a%d9%85-%d9%88%d8%a8%d8%b3%d9%8a%d8%b7-%d9%88%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%ad%d8%8c-%d9%84%d8%a7/ Wed, 03 Apr 2024 12:02:57 +0000 https://ar.zenit.org/?p=71958 النص الكامل للمقابلة العامة مع المؤمنين يوم الأربعاء 3 نيسان 2024

The post الإنسان العادل مستقيم وبسيط وصريح، لا يرتدي أقنعة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

يتضمّن النّصّ التّالي أيضًا فقرات لم تُقرأ، والتي نقدّمها كما لو أنّها قُرِأت.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير وفصح مجيد!

وصلنا إلى الفضيلة الثّانية من الفضائل الرّئيسيّة: سنتكلّم اليوم على العدل. إنّها الفضيلة الاجتماعيّة بامتياز. التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة يُعرِّفُها كما يلي: “فضيلة أدبيّة، وقوامها إرادة ثابتة وراسخة، لإعطاء الله والقريب ما يحقّ لهما: (رقم 1807). هذا هو العدل. عندما نتكلّم على فضيلة العدل، نذكر أيضًا هذا الشّعار الخاص بها: “unicuique suum – لكلّ ذي حقٍّ حقُّه”. إنّها فضيلة الحقّ، التي تسعى إلى تنظيم العلاقات بين النّاس بالتّساوي.

وتُمثَّل مجازًا بصورة الميزان لأنّها تهدف إلى ”المساواة في الحسابات“ بين البشر، خاصّة عندما يكون هناك خطر بوقوع خطإٍ بسبب خلل في التّوازن. هدفها هو أن يُعامَل كلّ فرد في المجتمع وفقًا لكرامته. والمعلّمون القدّماء علّموا من قبل أنّ هذا يتطلّب أيضًا مواقف وفضائل أخرى، مثل الرّأفة والاحترام والشّكر والتّقدير واللطف والصّدق: كلّها فضائل تساهم في العيش معًا بين النّاس.

نحن جميعًا ندرك أنّ العدل أساسيٌّ للعيش معًا في سلام في المجتمع: فالعالم بدون قوانين هو عالم من المستحيل العيش فيه، ويشبه قانون الغاب. بدون العدل لا يوجد سلام. في الواقع، إن لم يُحترَم العدل، وُلِدَت الصّراعات. وبدون العدل يسود قانون استبداد القويّ بالضّعيف، وهذا الأمر لا يصحّ.

والعدل فضيلة لازمة في الأمور الكبيرة والصّغيرة: ليس فقط  في قاعات المحاكم، بل أيضًا في الأخلاقيّات التي تميِّز حياتنا اليومية. تقيم علاقات صادقة مع الآخرين: وتعمل بحسب وصيّة الإنجيل: يجب أن يكون الكلام المسيحيّ: “نعم نعم، ولا لا. فما زادَ على ذٰلك كانَ مِنَ الشِّرِّير” (متّى 5، 37). أنصاف الحقائق، والخطابات الخفية التي تريد خداع الآخرين، والتّكتم الذي يخفي المقاصد الحقيقيّة، ليست مواقف تتماشى مع العدل. الإنسان العادل مستقيم وبسيط وصريح، لا يرتدي أقنعة، ويقدّم نفسه كما هو، ويتكلّم بصدق. ونجد على شفتيه مرارًا كلمة ”شكرًا“: فهو يعلَم أنّه مهما سعَينا لأن نكون أسخياء، فإنّنا نبقى دائمًا مدينين للآخرين. وإن أحبّبنا، فهذا أيضًا لأنّه هناك من أحبّنا أوّلًا.

يمكن أن نجد في التّقليد أوصافًا كثيرة للإنسان العادل والمستقيم. لنرَ بعضًا منها. الإنسان العادل يُجِلّ القوانين ويحترمها، ويعرف أنّها حاجز يحمي العُزَّل من غطرسة الأقوياء. والإنسان العادل لا يهتمّ فقط برفاهيته الفرديّة، بل يريد خير المجتمع بأكمله. ولذلك فهو لا يقع في تجربة التّفكير في نفسه فقط والاهتمام بشؤونه الخاصّة، مهما كانت مشروعة، كما لو كانت الشّيء الوحيد الموجود في العالم. فضيلة العدل توضّح، أنّه لا يمكن أن يكون هناك خير حقيقيّ لي وحدي إن لم يكن هناك أيضًا خير للجميع، وتبيِّن ضرورة العمل من أجل الجميع.

ولذلك الإنسان العادل ينتبه إلى سلوكه حتّى لا يسيء إلى الآخرين: فإذا أخطأ، يعتذر. الإنسان العادل يعتذر دائمًا. وفي بعض المواقف، يذهب إلى حد التّضحيّة بما يملك شخصيًّا فيضعه لخدمة الجماعة. ويعمل من أجل مجتمع منظّم، حيث الشّخص هو الذي يصنع المنصب، لا المنصب الذي يصنع الشّخص. ولا يحبّ التّوصيات ولا يتاجر بالمحاباة. يحبّ المسؤوليّة وهو مثاليّ في طاعة القانون وتعزيزه. هذا هو، في الواقع، الطّريق إلى العدل، وهو المضادّ الحيوي ضد الفساد: كم هو مهمّ تربية النّاس، وخاصّة الشّباب، على ثقافة احترام القانون! إنّه الطّريق للوقاية من سرطان الفساد ولاستئصال الجريمة وإزالة كلّ مواقعها.

وأيضًا، الإنسان العادل المستقيم يتجنَّب التّصرفات المسيئة مثل الافتراء، وشهادة الزور، والاحتيال، والربا، والاستهزاء، والغدر. ويحافظ على كلمته، ويسدّد ما اقترضه، ويدفع للعمال كلّهم الأجور العادلة – الإنسان الذي لا يدفع الأجور العادلة للعمّال، ليس إنسانًا عادلًا، بل غير عادل – ويحرص على عدم إصدار أحكام متهورة على الآخرين، ويدافع عن شهرة الآخرين وسمعتهم..

لا أحد منّا يعرف هل الأشخاص العادلون في عالمنا كثيرون أم هم نادرون كاللؤلؤ النّفيس. هناك أناسًا يستمطرون النّعمة والبركات على أنفسهم، وعلى العالم الذي يعيشون فيه. إنّهم ليسوا خاسرين مقارنة بالذين هم ”ماكرون ومحتالون“، لأنّه، كما يقول الكتاب المقدس، “مَن سَعى إِلى العَدْلِ والرَّحمَة يَجدُ الحَياةَ والعَدلَ والمَجْد” (أمثال 21، 21). العادلون ليسوا واعظين في الأخلاق مندِّدين مراقبين، بل أناس مستقيمون “جياع وعِطاش إِلى البِرّ” (متّى 5، 6)، ويحلمون أحلامًا ويحتفظون في قلوبهم بالرّغبة في الأخوّة الشّاملة. ونحن جميعًا في حاجة ماسة إلى هذا الحلم، وخاصّة اليوم. نحن بحاجة لأن نكون رجالًا ونساءً عادلين، وهذا الأمر يجعلنا سعداء.

*******

قِراءَةٌ مِن سِفرِ الأمثال (21، 3. 7. 21)

إِجْراءُ العَدلِ والحَقّ، أَفضَلُ عِندَ الرَّبِّ مِنَ الذَّبيحَة. […]

عُنفُ الأَشْرارِ يَجرُفُهم، لأنَّهم أَبَوا إِجْراءَ الحَقّ. […]

مَن سَعى إِلى العَدْلِ والرَّحمَةِ، يَجدُ الحَياةَ والعَدلَ والمَجْد.

كلامُ الرَّبّ

*******

Speaker:

تَكَلَّمَ قَداسَةُ البابا اليَومَ علَى فضيلةِ العَدلِ في إطارِ تعليمِهِ في موضوعِ الرَّذائلِ والفضائل، وقال: فضيلةُ العدلِ هي مِن الفضائِلِ الأدَبِيَّةِ الرَّئِيسِيَّةِ وهي الَّتي تُدافِعُ عَن الحَقّ، فتَسعَى إلى تنظيمِ العَلاقاتِ بينَ النَّاسِ بالتَّساوي. هَدَفُها هو أنْ يُعامَلَ كلَّ فردٍ في المجتمعِ وِفقًا لِكَرامَتِه. وهي أساسِيَّةٌ للعيشِ معًا في سلامٍ في المجتمع. فبدونِ العَدلِ لا يوجدُ سلامٌ وبدونِ العَدلِ يُسَيطِرُ التَّعَسُفُ واستِبدادُ الأقوياءِ بالضُّعفاء. الإنسانُ العادِلُ يُجِلُّ القوانينَ ويَحتَرِمُها، ويَعرِفُ أنَّها حاجِزٌ يَحمِي العُزَّلَ مِن غَطرَسَةِ الأقوياء. ولا يَهتَمُّ فقط برفاهِيَتِهِ الفردِيَّة، بل يُريدُ خَيرَ المُجتَمَعِ بأكمَلِه. ويَنتَبِهُ إلى سلوكِهِ حتَّى لا يُسيءَ إلى الآخرين: فإذا أخطأ، يَعتَذِر. ويَتَجَنَّبُ التَّصَرُفاتِ المُسِيئَةَ مِثلَ الافتراء، وشهادَةِ الزُّور، والاحتِيال، والرِّبا، والاستِهزاء، والغَدر. ويُحافِظُ على كَلِمَتِهِ، ويُسَدِّدُ ما اقتَرَضَهُ، ويَدفَعُ للعُمَّالِ الأجورَ العادِلَة، ويَحرِصُ علَى عدمِ إصدارِ أحكامٍ مُتَهَوِّرَةٍ علَى الآخرين، ويُدافِعُ عَن سُمعَتِهِم. الإنسانُ العادِلُ مستقيمٌ ويَسعَى إلى الخيرِ العام وإلى المُساواةِ بينَ الجميع، ويَعمَلُ في سبيلِ الأُخَوَّةِ الشَّامِلَة.

Speaker:

أُحَيِّي المُؤمِنينَ النَّاطِقينَ باللغَةِ العربِيَّة. رجاؤُنا يُدعَى يسوع. هو دَخَلَ في قبرِ خَطايانا، ومِن أحلَكِ أعماقِ مَوتِنا، أَيقَظَنا ومَنَحَنا حياةً جديدةً. أتمنَّى لكُم جميعًا فِصحًا مجيدًا.

*******

جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024

 


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post الإنسان العادل مستقيم وبسيط وصريح، لا يرتدي أقنعة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
لنبحث عن الأشخاص في وجوههم وفي قلوبهم، لا في أخطائهم https://ar.zenit.org/2024/03/28/%d9%84%d9%86%d8%a8%d8%ad%d8%ab-%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b4%d8%ae%d8%a7%d8%b5-%d9%81%d9%8a-%d9%88%d8%ac%d9%88%d9%87%d9%87%d9%85-%d9%88%d9%81%d9%8a-%d9%82%d9%84%d9%88%d8%a8%d9%87%d9%85%d8%8c/ Thu, 28 Mar 2024 05:22:49 +0000 https://ar.zenit.org/?p=71834 المقابلة العامة مع المؤمنين يوم الأربعاء 27 آذار 2024

The post لنبحث عن الأشخاص في وجوههم وفي قلوبهم، لا في أخطائهم appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!

استمعنا يوم الأحد الماضي إلى رواية آلام الرّبّ يسوع. وعلى الآلام التي عاناها، أجاب يسوع بفضيلة مهمّة جدًّا، على الرّغم من أنّها ليست من بين الفضائل التّقليديّة، وهي: فضيلة الصّبر. وهي تعني الصّبر على ما نتحمّل. (واللفظة في اللغة اللاتينيّة patientia تأتي من الفعل تألّمpatire  والاسم passione أي الآلام). وفي الآلام ظهر صبر المسيح، الذي قَبِلَ بوداعة أن يقبِضوا عليه، ويصفعوه، ويحكموا عليه ظلمًا. وأمام بيلاطس لم يَشتَكِ، بل تحمّل الشّتائم والبُصاق والجَلد من الجنود، وحمل ثقل الصّليب، وغفر لمن سمّروه على الخشبة، وعلى الصّليب لم يُجِبْ على الاستفزازات، بل قدّم رحمته. هذا هو صَبر يسوع. كلّ هذا يقول لنا إنّ صبر يسوع ليس موقفًا رواقيًّا مقاومًا للألم، بل هو ثمرة حبّ أكبر.

بولس الرّسول، في ما يسمّى ”بنشيد المحبّة“ (راجع 1 قورنتس 13، 4–7)، يربط بين المحبّة والصّبر بشكل وثيق. في الواقع، في أوّل صفه للمحبّة، استخدم كلمة ”صبر“ قال: المحبّة تصبر. إنّها تعبّر عن مفهوم مُدهش، يَرِدُ مرارًا في الكتاب المقدّس: الله، أمام عدم أمانتنا، يظهر أنّه “طَويلُ الأَناةِ” (راجع خروج 34، 6؛ راجع عدد 14، 18): فبدل أن يُبدي اشمئزازه للشّرّ وخطيئة الإنسان، يظهر بأنّه أكبر من شرِّنا، وهو مستعدّ في كلّ مرّة لأن يبدأ من جديد ومن البداية، بصبر لا نهاية له. بالنّسبة لبولس، هذه هي السّمة الأولى لمحبّة الله، التي تقدّم المغفرة للخطيئة. وليس هذا فقط: بل إنّها السّمة الأولى لكلّ محبّة كبيرة، التي تعرف أن تردّ على الشّرّ بالخير، والتي لا تنغلق في الغضب والاستياء، بل تثابر وتنطلق من جديد. الصّبر الذي يبدأ من جديد. لذلك، في أصل الصّبر توجد المحبّة، كما يقول القدّيس أغسطينس: “تزداد قوّة الإنسان على تحمّل الشرّ، بقدر ما تزداد محبّة الله فيه” (في الصّبر، 17).

إذًا، يمكننا أن نقول إنّه لا توجد شهادة أفضل لمحبّة يسوع من أن نلتقي مع مسيحيّ صابر. لكن، لنفكّر أيضًا في الكثيرين من الأمّهات والآباء، والعمّال، والأطبّاء والممرّضين، والمرضى الذين يزيّنون العالم في الخفاء كلّ يوم بصبر مقدّس! كما يؤكّد الكتاب المقدّس: “الطَّويلُ الأَناةِ خَيرٌ مِنَ الجبَّار” (أمثال 16، 32). مع ذلك، علينا أن نكون صادقين: نحن نفتقر مرارًا إلى الصّبر. في حياتنا اليوميّة نحن لا نصبر، كلّنا. نحن بحاجة إليه كما نحتاج إلى ”الفيتامين الأساسيّ“ لكي نستمرّ في الحياة، لكن نفقد صبرنا لا إراديًّا ونردّ على الشّرّ بالشّرّ: من الصّعب أن نبقى هادئين، وأن نتحكّم بغرائزنا، ونكبح الرّدود المستاءة، وننزع فتيل المواجهات والصّراعات في العائلة، وفي العمل، أو في الجماعة المسيحيّة. جوابنا يأتينا على الفور، نحن لا نقدر أن نصبر.

لكن، لنتذكّر أنّ الصّبر ليس مجرّد ضرورة، بل هو دعوة: إن كان المسيح صابرًا، فالمسيحيّ مدعو إلى أن يكون صابرًا. وهذا يتطلّب منّا أن نسير عكس التّيار مقارنة مع العقليّة السّائدة اليوم، التي فيها تُهَيمِنُ السُّرعة و”أريد كلّ شيء وفورًا“، وبدل أن ننتظر أن تنضج المواقف، نضغط الأشخاص، وننتظر منهم أن يتغيّروا على الفور. لا ننسَ أنّ التّسرّع وعدم الصّبر هما أعداء الحياة الروحيّة. لماذا؟ الله محبّة، ومن يحبّ لا يتعب، ولا يغضب، ولا يوجِّه الإنذارات. الله صبور، ويعرف أن ينتظر. لنفكّر في رواية الأب الرّحيم، الذي كان ينتظر ابنه الذي غادر البيت: كان يتألّم بصبر، وكان غير صابر فقط عندما عانقه منذ أن رآه عائدًا (راجع لوقا 15، 21)، أو في مَثَل الحنطة والزّوان، مع السّيّد الذي لم يكن متسرِّعًا في استئصال الشّرّ قبل الأوان، حتّى لا يضيع شيء (راجع متّى 13، 29-30).

أيّها الإخوة والأخوات، كيف نُنمّي صبرنا؟ يعلّمنا القدّيس بولس أنّه ثمرة الرّوح القدس، (راجع غلاطية 5، 22)، فيجب أن نطلبه من روح المسيح. فهو يعطينا قوّة الصّبر الوديعة، لأنّ “الفضيلة المسيحيّة هي ليس فقط أن نعمل الخير، بل أيضًا أن نقدر أن نتحمّل الشّرّ” (القدّيس أغسطينس، أحاديث، 46، 13). وخصوصًا في هذه الأيّام، حسنٌ لنا أن نتأمّل في المصلوب لنقتدي بصبره. وهو تدريب جيّد أيضًا أن نحمل إلى يسوع الأشخاص المزعجين جدًّا، ونطلب النّعمة لكي نعمل معهم أعمال الرّحمة المعروفة جدًّا والمهملة جدًّا: أن نتحمّل الأشخاص المزعجين بصبر. وهذا الأمر ليس سهلًا. لنفكّر إن قُمنا نحن بذلك: أن نتحمّل الأشخاص المزعجين بصبر. نبدأ فننظر إليهم برأفة، وبنظرة الله، ونعرف كيف نميّز وجوههم من أخطائهم. اعتَدنَا أن نُصنِّف الأشخاص بحسب الأخطاء التي ارتكبوها. لا، هذا الأمر ليس جيّدًا. لنبحث عن الأشخاص في وجوههم وفي قلوبهم، لا في أخطائهم!

أخيرًا، لكي ننمّي الصّبر، الفضيلة التي تُعطي الحياة نفَسًا ورحابة، من الجيّد أن نوسِّع نظرنا. مثلًا، لا نحصر العالم في مصائبنا، كما يقول لنا كتاب ”الاقتداء بالمسيح“: “عليك أن تعيد إلى ذهنك شدائد الآخرين الكبيرة، ليسهل عليك احتمال شدائدك اليسيرة” وتذكّر أنّ “كلّ ضيق مهما كان يسيرًا، إن احتمل لأجل الله، لا يمكن أن يذهب عنده بغير أجر” (السّفر الثّالث، الفصل التّاسع عشر). وأيضًا، عندما نشعر بأنّنا في قبضة المحنة، كما يعلّمنا النّبي أيّوب، حسنٌ لنا أن نفتح أنفسنا برجاء على كلّ ما هو جديد في الله، ونحن واثقون ثقة ثابتة بأنّه لن يخيِّب رجاءنا. الصّبر هو أن نعرف أن نتحمّل الشّرور.

وهنا اليوم، في هذه المقابلة، يوجد شخصان، والدان: إسرائيليّ وعربيّ. فَقَدَ كلاهما ابنتيهما في هذه الحرب وكلاهما صديقان. لا ينظران إلى عداوة الحرب، بل ينظران إلى صداقة رجلَين يريدان الخير بعضهما لبعض، وقد مَرَّا بآلام الصَّلب نفسها. لنفكّر في شهادة هذَين الشّخصَين الجميلة جدًّا اللذَين تألّما في موت ابنتيهما من الحرب في الأرض المقدّسة. الأخوان العزيزان، أشكركما على شهادتكما!

*******

قِراءَةٌ مِن رسالةِ القِدِّيسِ بولس الرَّسولِ الأُولَى إلى أهلِ قورنتس (13، 4أ-5ب. 7)

المَحَبَّةُ تَصبِر، المَحَبَّةُ تَخدُم، […] ولا تَحنَقُ ولا تُبالي بِالسُّوء […] وهي تَعذِرُ كُلَّ شَيء وتُصَدِّقُ كُلَّ شَيء وتَرْجو كُلَّ شَيء وتَتَحَمَّلُ كُلَّ شَيء.

كلامُ الرَّبّ

*******

Speaker:

تَكَلَّمَ قَداسَةُ البابا اليَومَ علَى فضيلةِ الصَّبر، وقال: فضيلةُ الصَّبرِ هي أنْ نَتَحَمَّلَ ما يأتينا مِن متاعِب. نرَى ذلك في آلامِ المسيحِ عندما أظهرَ صَبرَهُ أمامَ صالِبِيه. قالَ بولسُ الرَّسول إنَّ الصَّبرَ هو السِّمَةُ الأولَى لمِحَبَّةِ الله، الَّذي يَتَخِذُ مِوقِفَ المَغفِرَةِ أمامِ خطيئةِ الإنسان. بل هي السِّمَةُ الأولَى لكلِّ مَحَبَّةٍ كبيرةٍ تَعرِفُ أنْ تَرُدَّ على الشَّرِّ بالخَير. لكن أحيانًا نَفتَقِرُ إلى الصَّبرِ في حياتِنا، ونَفقِدُهُ لا إراديًّا فَنَرُدَّ على الشَّرِّ بالشَّرّ. الصَّبرُ هو دَعوَة: إنْ كانَ المسيحُ صابرًا، فالمسِيحيُّ مَدعُوٌ إلى أنْ يكونَ صابِرًا أمامَ العقليَّةِ السَّائِدَةِ اليوم، الَّتي فيها تُهَيمِنُ السُّرعة. علَينا ألَّا نَنسَى أنَّ التَّسَرُّعَ وعدمَ الصَّبرِ هما أعداءُ الحياةِ الرُّوحيَّة: فالله محبَّة، ومَن يُحِبُّ لا يَتعَب، ولا يَغضَب، ولا يُوَجِّهُ الإنذارات، بل يَعرِفُ أنْ يَنتَظِر. لكي نُنَمِّي صَبرَنا، علَينا أنْ نَطلُبَ ذلك مِن روحِ المسيح، الَّذي يُعطينا قوَّةَ الصَّبرِ الودِيعة. وأنْ نَتَأَمَّلَ في المصلوبِ لِنَقتَدِي بَصَبرِهِ فَنَصبِرَ على الآخرين. وأخيرًا أنْ نُوَسِّعَ نَظَرَنا، فلا نَحصُرَ العالمَ في مصائِبِنا، بل نَفتَحُ أنفُسَنا برجاءٍ على كلِّ ما هو جديدٍ في الله، ونحن واثقون ثقةً ثابِتَةً بأنَّهُ لنْ يُخَيِّبَ رجاءَنا.

*******

Speaker:

أُحيِّي المُؤمِنِينَ النَّاطِقِينَ بِاللُّغَةِ العَرَبِيَّة. باقتِرابِ عيدِ الفِصح، لِنَحمِلْ فِي أذهانِنا وفِي قُلوبِنا آلامَ المرضَى والفُقراءِ والمُهَمَّشِين، ولْنَتَذَكَّرْ ضحايا الحروبِ الأبرِياء، حتَّى يَمنَحَهُم المسيحُ جميعًا، بقِيامَتِهِ مِن بَينِ الأموات، السَّلامَ والتَّعزِيَة. إِلَى جَمِيعِ النَّاطِقِينَ بِاللُّغَةِ العَرَبِيَّة، أَرَى الكَثِير مِنَ اللُبنَانِيِّين هُنَا، باركَكُم الرّبُّ جَميعًا وحَماكُم دائِمًا مِن كُلِّ شَرّ!

*******

جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post لنبحث عن الأشخاص في وجوههم وفي قلوبهم، لا في أخطائهم appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا: دعونا لا ننسى أنّ الحرب هزيمة https://ar.zenit.org/2024/03/21/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d8%af%d8%b9%d9%88%d9%86%d8%a7-%d9%84%d8%a7-%d9%86%d9%86%d8%b3%d9%89-%d8%a3%d9%86%d9%91-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d9%87%d8%b2%d9%8a%d9%85%d8%a9/ Thu, 21 Mar 2024 09:18:55 +0000 https://ar.zenit.org/?p=71734 التحيّات خلال المقابلة العامّة

The post البابا: دعونا لا ننسى أنّ الحرب هزيمة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
بعد تلاوته تعليم الأربعاء، وكما جرت العادة، ألقى البابا فرنسيس تحيّته على الحجّاج الناطقين بالفرنسيّة، وخصّ بالذكر مَن أتوا مِن مدرسة القدّيس يوسف قائلاً: “فلنتعلّم إعادة اكتشاف قِيم الشجاعة والفطنة، كي نتمّم رسالتنا كمُعمَّدين في مجتمعنا، وبشكل فعّال. فليُبارككم الرب”.

أمّا بالنسبة إلى التحيّة التي وجّهها للشباب والمرضى والمُسنّين والمتزوّجين حديثاً، فقد قال البابا، كما أورد الخبر القسم الفرنسي من زينيت: “البارحة، احتفلنا بعيد القدّيس يوسف البارّ، شفيع الكنيسة الجامعة. معكم، أودّ أن أعهد بالكنيسة وبالعالم أجمع لشفاعته، خاصّة الآباء الذين يتّخذونه مِثالاً يُحتَذى به. ونعهد أيضاً للقدّيس يوسف بشعوب أوكرانيا والأرض المقدّسة، الذين يُعانون مِن هَول الحرب. دعونا لا ننسى أنّ الحرب هزيمة. لا يمكننا أن نتابع المحاربة. علينا تطبيق كلّ شيء للتفاوض ووضع حدّ للحرب. فلنُصلِّ على هذه النيّة”.

The post البابا: دعونا لا ننسى أنّ الحرب هزيمة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا: الإنسان بين الفطنة والحرية https://ar.zenit.org/2024/03/20/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%86%d8%b3%d8%a7%d9%86-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b7%d9%86%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d9%8a%d8%a9/ Wed, 20 Mar 2024 16:10:25 +0000 https://ar.zenit.org/?p=71728 النصّ الكامل لتعليم البابا فرنسيس خلال المقابلة العامّة
الأربعاء 20 آذار 2024 - ساحة القدّيس بطرس

The post البابا: الإنسان بين الفطنة والحرية appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
تعليم في الرّذائل والفضائل

12. الفطنة

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!

درسُ التّعليم المسيحيّ اليوم نكرِّسه لفضيلة الفطنة. وهي وفضيلة العدل والقوّة والقناعة، تشكّل ما يسمّى بالفضائل الرّئيسيّة. وليست صفات وامتيازات خاصّة بالمسيحيّين، بل هي تراث الحكمة القديمة، ولا سيّما الفلاسفة اليونانيّين. لذلك، كان موضوع الفضائل هو المجال الأهمّ في لقاء الثقافات وعمل الانثقاف.

في كتابات العصور الوسطى، لم يكن تقديم الفضائل عبارة عن قائمة بسيطة من الصّفات الإيجابيّة في النّفس. رجع اللاهتيّون إلى المؤلّفين الكلاسيكيّين، ووضعوا، في ضوء الوحيّ المسيحيّ، نظام الفضائل السّبع – الفضائل الثّلاث اللاهوتيّة والفضائل الأربع الرّئيسيّة – مثل نوع من جسم حيّ، حيث تجد كلّ فضيلة مكانها المنسجم مع الكلّ. بعض الفضائل رئيسيّة وبعضها ثانويّة، مثل الرّكائز والأعمدة وتيجان الأعمدة. وربما لا شيء يُظهِر هذا الانسجام الذي يعبِّر عن ميل الإنسان الدّائم إلى الخير، مثل الهندسة وفن العمارة في كاتدرائيّة العصور الوسطى.

لنبدأ إذًا بفضيلة الفطنة. وأوّلًا، ليست فضيلة الشّخص المتخوِّف، المتردِّد دائمًا في العمل الذي يجب أن يبدأ به. كلا، هذا تفسير خاطئ. وليست فضيلة الحذر أيضًا. أولويّة الفطنة تعني أنّ عمل الإنسان هو في يد العقل والحرّيّة. الإنسان الفَطِن هو خلّاق: يفكّر، ويقيِّم الأمور، ويحاول أن يفهم تعقيد الواقع ولا يترك الأحاسيس والكسل والضّغوطات والأوهام تسيطر عليه.

في عالم تُسيطر عليه المظاهر، والأفكار السّطحيّة، وصار فيه الخير والشّر أمرًا مبتذلًا، لا بد من أن نستعيد ونتعلَّم درس الفطنة القديمة.

القدّيس توما، على خطى أرسطو، سمَّى فضيلة الفطنة ”نظام العمل الصّحيح“ (recta ratio agibilium). فهي القدرة على التّحكّم بالأفعال لتوجيهها نحو الخير. ولهذا السّبب تُلَقَّب بـ ”مرشدة الفضائل“. الإنسان الفَطِن هو القادر على أن يختار: طالما بقيت الأمور في الكتب، الحياة سهلة دائمًا، ولكن يختلف الأمر في وسط رياح الحياة اليوميّة وأمواجها، وقد نكون مرارًا غير متأكّدين ولا نعرف أيّ طريق نذهب. الإنسان الفَطِن لا يختار عشوائيًا: فهو يعرف أوّلًا ماذا يريد، ويقيِّم المواقف، ويستشير، وبرؤية واسعة وحرّيّة داخليّة، يختار الطّريق الذي يسلكه. هذا لا يعني أنّه لا يمكن أن يخطأ، في الواقع، يبقى دائمًا إنسانًا. ولكن على الأقل سيتجنَّب الانزلاقات الكبيرة. للأسف، يوجد في كلّ بيئة من يميلون إلى إزالة القضايا بنكات سطحيّة أو بإثارة النّقاشات. لكن الفطنة هي صفة في من يُدعَى إلى الحكم: فهو يعرف أنّ الإدارة صعبة، وأنّ وجهات النّظر عديدة ويجب السّعي للتّوفيق بينها، وأنّه يجب أن يصنع الخير للجميع، وليس للبعض فقط.

الفِطنَة تُعَلِّمنا أيضًا، كما يقول المَثَل، أنّ ”الأفضل هو عدوّ الحسن“. في الواقع، الغَيرَة الزائدة، يمكنها أن تؤدّي إلى كوارث في بعض المواقف: يمكنها أن تدمّر بناء كان يتطلَّبَ بِناؤه تدريجًا في العمل، ويمكن أن تولّد الصّراعات وسوء الفَهم، لا بل يمكنها أن تؤدّي إلى انفلات العُنف.

الإنسان الفَطِن يعرف كيف يحافظ على ذاكرة الماضيّ، لا لأنّه يخاف من المستقبل، بل لأنّه يعرف أنّ التّقليد هو إرث من الحكمة. فالحياة مكوّنة من تكامل مستمرّ بين أمور قديمة وأمور جديدة، ومن غير الجيّد أن نفكّر دائمًا أنّ العالم يبدأ بنا، وأنّنا علينا أن نبدأ من الصِّفر لنواجه المشاكل. الإنسان الفَطِن بعيد النّظر. وبمجرّد أن يحدّد الهدف الذي يسعى إليه، عليه أن يؤمّن الوسائل كلّها للوصول إليه.

مقاطع كثيرة من الإنجيل تساعدنا لأن نربّي فينا الفطنة. مثلًا: الذي بنى بيته على الصّخر كان فطنًا، أمّا الذي بنى بيته على الرّمل لم يكن فطنًا بل متهوِّرًا (راجع متّى 7، 24-27). العذارى اللواتي أخذنَ معهنّ زيتًا لمصابيحهنَّ كُنَّ عاقلات، واللواتي لم يأخذنَ معهنَّ زيتًا كُنَّ جاهلات (راجع متّى 25، 1-13). الحياة المسيحيّة هي تزاوُج بين البَساطة والنّباهة. عندما أعدَّ يسوع تلاميذه من أجل الرّسالة، أوصاهم قائلًا: “هاءَنذا أُرسِلُكم كالخِرافِ بَينَ الذِّئاب: فكونوا كالحَيَّاتِ حاذِقين وكالحَمامِ ساذَجين” (متّى 10، 16). كأنّنا نقول: إنّ الله لا يريدنا أن نكون قدّيسين فقط، بل يريدنا أن نكون قدّيسين عاقلين، لأنّه من دون الفطنة يمكننا أن نُخطئ الطّريق في لَحظَة واحدة!

 

*******

 

قِراءَةٌ مِن سِفرِ الأَمثال (15، 14. 21-22. 33)

القَلْبُ الفَطِنُ يَلتَمِسُ العِلْم، وأَفْواهُ الجُهَّالِ تَرْعَى الغَباوَة. […]

الغَباوَةُ فَرَحٌ لِفاقِدِ الرُّشْد، والإِنْسانُ الفَطِنُ يَستَقيمُ في سَيرِه.

بِعَدَمِ المُشاوَرَةِ تَفشَلُ المَقاصِد، وبِكَثرَةِ المُشيرينَ تُحَقَّق. […]

مَخافَةُ الرَّبِّ تَأديبُ حِكمَة، وقَبْلَ المَجْدِ التَّواضُع.

 

كلامُ الرَّبّ

 

*******

 

Speaker:

تَكَلَّمَ قَداسَةُ البابا اليَومَ علَى فضيلةِ الفِطنَةِ في إطارِ تعليمِهِ في موضوعِ الرَّذائلِ والفضائل، وقال: فضيلةُ الفِطنَة، وفضيلةُ العدلِ والقوَّةِ والقناعة، تُشَكِّلُ مجموعةَ الفضائلِ الرَّئيسيَّة. وهي فضائلُ إنسانيَّةٌ عامَّة وليست فقط فضائلَ مسيحيَّة. والفِطنَةُ لا تَعنِي التَّخَوُّفَ والتَّرَدُّدَ في العمل، بل تدعُو إلى التَّفكيرِ وتَقييمِ الأمورِ ومُحاوَلَةِ فَهمِ الواقعِ المُعَقَّد. والفِطنُةُ لا تَترُكُ الأحاسيسَ والضُّغوطاتِ والأوهامَ تُسَيطِرُ علينا. ومِن ثَمَّ فالإنسانُ الفَطِنُ هو الَّذي يَقدِرُ ويَعرِفُ أنْ يَختار: فهو يَعرِفُ أوّلًا ماذا يريد، ويُقَيِّمُ المواقِف، ويَستَشِير، وبرؤيةٍ واسعةٍ وحرِّيَّةٍ داخليَّة، يختارُ الطَّريقَ الَّذي يجبُ أنْ يَسلُكَهُ مُتَجَنِّبًا قدرَ الإمكانِ الأخطاء. والفِطنَةُ صفةٌ ضروريَّةٌ لِلحُكْم: فالحاكمُ يَعرِفُ أنَّ الإدارةَ صعبة، وأنَّ الآراءَ كثيرةٌ وعليه أنْ يُوَفِّقَ بينها، وهو يَعرِفُ أنَّه يَعمَلُ للخيرِ العام، وهذا يَعني الخيرَ للجميعِ وليس فقط للبعض. والإنسانُ الفَطِنُ يَعرِفُ كيفَ يُحافِظُ على ذاكرةِ الماضي، لا يخافُ الماضي ولا يخافُ المُستَقبَل، ويَعرِفُ أنَّ إرثَ الماضي هو الحكمةُ لبناءِ المُستَقبَل. والإنسانُ الفَطِنُ هو أخيرًا بعيدُ النَّظَر، ويَعرِفُ أنْ يُوَفِّرَ كلَّ الوسائِلِ اللازَمَةِ لِلبِناء.

 

*******

Speaker:

أُحيِّي المُؤمِنِينَ النَّاطِقِينَ باللُغَةِ العَرَبِيَّة. اللهُ لا يُريدُنا أنْ نكون قِدِّيسينَ فقط، بل يُريدُنا أنْ نكون قِدِّيسينَ عاقِلِين، لأنَّهُ مِن دونِ الفِطنَةِ يُمكِنُنا أنْ نُخطِئَ الطَّريقَ في لَحظَةٍ واحدة! بارَكَكُم الرَّبُّ جَميعًا وَحَماكُم دائِمًا مِن كُلِّ شَرّ!

 

*******

جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post البابا: الإنسان بين الفطنة والحرية appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
الفضيلةُ هي أنْ تصيرَ الحُرِّيَّةُ فينا مَلَكَةً وعادَة https://ar.zenit.org/2024/03/13/%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b6%d9%8a%d9%84%d8%a9%d9%8f-%d9%87%d9%8a-%d8%a3%d9%86%d9%92-%d8%aa%d8%b5%d9%8a%d8%b1%d9%8e-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%8f%d8%b1%d9%90%d9%91%d9%8a%d9%8e%d9%91%d8%a9%d9%8f-%d9%81%d9%8a/ Wed, 13 Mar 2024 19:35:08 +0000 https://ar.zenit.org/?p=71639 النص الكامل للمقابلة العامة مع المؤمنين يوم الأربعاء 13 آذار 2024

The post الفضيلةُ هي أنْ تصيرَ الحُرِّيَّةُ فينا مَلَكَةً وعادَة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!

بعد أن انتهينا من عرض مجموعة الرّذائل، حان الوقت لنوجّه نظرنا إلى الإطار المقابل الذي يعارض خبرة الشّرّ. يمكن لقلب الانسان أن يغذِّيَ الأهواء الشّريرة، ويمكن أن ينساق مع التّجارب المفسدة، المقَنَّعَة بمظاهر مُضلِّلَة، ولكن يمكنه أيضًا أن يقاوم كلّ هذا. خُلِقَ الإنسان لعمل الخير، ولو اقتضى ذلك منه جهدًا مُضنٍيًا، وهو قادر على عمله، ويمكن أيضًا أن يمارس هذا الفن، حتّى يصير فيه عوائد ثابتة. التّفكير في هذه المقدرة العجيبة فينا، هو فصل رسميّ من الفلسفة الأدبيّة: فصل الفضائل.

الفلاسفة الرّومان يسمّون الفضيلة بلفظة ”“virtus،… والفلاسفة اليونانّيون باسم ”“aretè… اللفظة اللاتينيّة تدلّ على أنّ الإنسان الفاضل هو إنسان قويّ وشجاع وقادر على الانضباط والزّهد. فممارسة الفضائل هي ثمرة تنضيج طويل يتطلّب جهدًا وتعبًا. واللفظة اليونانية ”“aretè تشير إلى معنى التفوّق، والعلو، وما يثير الإعجاب. الإنسان الفاضل هو الذي لا يشوِّه نفسه، بل هو أمين لدعوته ويحقّق ذاته كاملة.

نخطئ إن اعتقدنا أنّ القدّيسين هم استثناء في البشريّة، أنّهم نوع من الفئة المحدودة من الأبطال الذين يعيشون بطريقة تتجاوز حدود جنسنا البشريّ. القدّيسون الذين نذكرهم في كلامنا على الفضائل، هم الذين يحقّقون أنفسهم بصورة كاملة، ويحقّقون دعوة كلّ إنسان. أيَّ عالم سعيد يكون عالمنا، لو كان فيه العدل والاحترام والإحسان المتبادل وسَعَة الصّدر والرّجاء هي الحالة العاديّة للجميع، وليست حالة استثنائيّة! لهذا السّبب، يجب على الجميع أن يكتشف من جديد ممارسة الفضيلة، في هذه الأوقات المأساويّة التي نعيشها والتي نتعامل فيها مرارًا مع أسوأ ما في البشريّة. في عالم مشوَّه، يجب علينا أن نتذكّر الصّورة التي وضعها الله فينا، صورته المطبوعة فينا إلى الأبد.

وكيف يمكننا أن نُعَرِّفَ مفهوم الفضيلة؟ التّعلِيم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة يقدّم لنا تعريفًا دقيقًا وموجزًا: “الفضيلة هي استعداد عاديّ وثابت لعمل الخير” (رقم 1803). ولذلك فهي ليست عمل خير نعمله بصورة مرتجلة أو طارئة، يهبط علينا من السّماء من حين إلى آخر. التّاريخ يقول لنا إنّ المجرمين أنفسهم، في لحظة وعْيٍ، قاموا بأعمال صالحة. بالتّأكيد هذه الأعمال مكتوبة في ”كتاب الله“، ولكن الفضيلة شيء آخر. هي خير ينشأ من نضج بطيء في الإنسان، إلى أن يصير ميزة داخليّة فيه. الفضيلة هي مَلَكَةُ أو عادةُ ممارسة الحرّيّة. فإن كنّا أحرارًا في كلّ عمل، وفي كلّ مرة نحن مدعوّون إلى أن نختار بين الخير والشّرّ، فالفضيلة هي التي تخلق فينا عادة تختار العمل الصّالح.

إن كانت الفضيلة عطيّة جميلة، فالسّؤال الذي يُطرَحُ فورًا هو: كيف يمكن أن نكتسبها؟ الجواب على هذا السّؤال ليس بسيطًا، بل هو معقَّد.

العَون الأوّل للمسيحي هو نعمة الله. في الواقع، الرّوح القدس يعمل فينا نحن المعمّدين، ويعمل في نفوسنا ليقودها إلى حياة فاضلة. كم من المسيحيّين وصلوا إلى القداسة بالدّموع، وأدركوا أنّهم غير قادرين على التّغلّب على بعض نقاط ضعفهم! لكنّهم اختبروا أنّ الله أكمل فيهم عمل الخير الذي كان لهم مجرّد مخطّط. فالنّعمة تسبق دائمًا التزامنا الأدبيّ.

 وكذلك، يجب ألّا ننسى أبدًا الدّرس الغنيّ جدًّا الذي وصل إلينا من حكمة القدّماء، والذي يقول لنا إنّ الفضيلة تنمو ويمكن أن نربِّيَها فينا. وليتمّ هذا، فإنّ أوّل عطيّة علينا أن نطلبها من الرّوح القدس هي الحكمة. فالإنسان ليس أرضًا مفتوحة تغزوها الملّذات والعواطف والغرائز والأهواء، دون أن يكون قادرًا على فعل أيّ شيء ضدّ هذه القِوَى، الفوضويّة أحيانًا، التي تسكنه. العطيّة التي لا تُقَدَّر بثمن التي نمتلكها هي انفتاح العقل، إنّها الحكمة التي تعرف أن تتعلَّم من الأخطاء لتوجيه الحياة بشكل جيِّد. ثمّ نحتاج إلى الإرادة الصّالحة: القدرة على أن نختار الخير، وتكوين أنفسنا بممارسة أعمال زهد، وتجنُّب المبالغات.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، نبدأ هكذا رحلتنا في الفضائل، في صفاء هذا العالم (عالم الفضائل) الذي يبدو صعبًا، ولكنّه حاسم لسعادتنا.

*******

 

قِراءَةٌ مِن رسالةِ القِدِّيسِ بولس الرَّسول إلى أهلِ فيلبي (4، 8-9)

أَيُّها الإِخوَة، فكُلُّ ما كانَ حَقًّا وشَريفًا وعَادِلًا وخالِصًا ومُستَحَبًّا وطَيِّبَ الذِّكْر وما كانَ فَضيلةً وأَهْلًا لِلمَدْح، كُلُّ ذلِك قَدِّرُوهُ حَقَّ قَدرِه. […] وإِلهُ السَّلامِ يَكونُ مَعكم.

كلامُ الرَّبّ

*******

Speaker:

تَكَلَّمَ قَداسَةُ البابا اليَومَ علَى مُمارَسَةِ الفضيلةِ في إطارِ تعليمِهِ في موضوعِ الرَّذائلِ والفضائل، وقال: خَلَقَ اللهُ الإنسانَ لِيَعمَلَ الخيرَ ويُمارِسَ الفضيلة. الفضيلةُ هي استعدادٌ عاديٌّ وثابتٌ لعملِ الخير. ليست أمرًا مُرتَجَلًا أو طارِئًا يَهبِطُ علينا مِن حيثُ لا نَدري. بل هي خيرٌ ينشأُ مِن نُضجٍ بطيءٍ في الإنسان، ويَقتَضِي جُهدًا وتَعَبًا، إلى أنْ يصيرَ ميزةً داخليَّةً فينا. الفضيلةُ هي أنْ تصيرَ الحُرِّيَّةُ فينا مَلَكَةً وعادَة. فتصيرُ كلُّ أعمالِنا حرَّة، وكلُّها قادرةٌ على اختيارِ الخير. كيف يُمكِنُ أنْ نَكتَسِبَ الفضيلة؟ العَونُ الأوَّلُ للمسِيحِيّ يأتي مِن نعمةِ الله. فاللهُ بروحِهِ القدوس يُكمِلُ فينا عملَ الخيرِ ليصيرَ فينا عادةً أي فضيلة. ثانيًّا، علَينا أنْ نَطلُبَ عطيَّةَ الحكمةِ مِن الرُّوح ِالقدس لأنَّها تُساعِدُنا أنْ نَتَعَلَّمَ مِن أخطائِنا. وأخيرًا، نحتاجُ إلى الإرادَةِ الصَّالِحَة: القدرةُ على أنْ نَختارَ الخير، وتَكوينُ أنفُسِنا بمُمارَسَةِ أعمالِ زُهد، وتَجَنُّبِ المبالغات.

 

*******

Speaker:

أُحيِّي المُؤمِنِينَ النَّاطِقِينَ باللُغَةِ العَرَبِيَّة. المسيحيُّ مَدعُوٌّ إلى أنْ يُنَمِّيَ الفضيلةَ في حياتِهِ، لأنَّها تَسمَحُ له ليسَ فقط بأنْ يَعمَلَ أعمالًا صالِحَة، بل لأنْ يُعطِيَ أفضلَ ما فيهِ. بارَكَكُم الرَّبُّ جَميعًا وَحَماكُم دائِمًا مِن كُلِّ شَرّ!

 

*******

جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post الفضيلةُ هي أنْ تصيرَ الحُرِّيَّةُ فينا مَلَكَةً وعادَة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
التواضع هو العلاج الحقيقي لكلّ عمل كبرياء https://ar.zenit.org/2024/03/06/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%88%d8%a7%d8%b6%d8%b9-%d9%87%d9%88-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d8%a7%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%82%d9%8a%d9%82%d9%8a-%d9%84%d9%83%d9%84%d9%91-%d8%b9%d9%85%d9%84-%d9%83%d8%a8%d8%b1/ Wed, 06 Mar 2024 18:56:24 +0000 https://ar.zenit.org/?p=71540 النص الكامل للمقابلة العامة مع المؤمنين يوم الأربعاء 6 آذار 2024

The post التواضع هو العلاج الحقيقي لكلّ عمل كبرياء appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!

في مسارنا في التّعليم المسيحيّ في الرّذائل والفضائل، نصل اليوم إلى آخر رذيلة من الرّذائل: الكبرياء. وقد عرّفها اليونايّون القدّماء بكلمة يمكن ترجمتها على أنّها ”تألّق مفرط“. في الواقع، الكبرياء هي تمجيد الذّات، والغرور، والمجد الباطل. كلمة كبرياء تظهر أيضًا في سلسلة الرّذائل التي ذكرها يسوع ليوضح أنّ الشّرّ يأتي دائمًا من قلب الإنسان (راجع مرقس 7، 22). المتكبّر هو الشّخص الذي يظن أنّه أكثر بكثير مما هو عليه أصلًا، هو الشّخص الذي يغلي في داخله حتى يظهر أنّه أكبر من الآخرين، ويريد دائمًا أن يشيد الآخرون باستحقاقاته، ويحتقر الآخرين، ويعتبرهم أقل شأنًا منه.

ومن هذا الوصف الأوّل، نرى أنّ رذيلة الكبرياء قريبة جدًّا من رذيلة المجد الباطل التي ذكرناها في المرّة السّابقة. ومع ذلك، إن كان المجد الباطل مرضًا في ”الأنا البشريّة“، فهو لا يزال مرضًا طفوليًّا مقارنة بالخراب الذي تستطيع الكبرياء أن تحدثه. عندما حلّل رهبان العصور القديمة حماقات الإنسان، أدركوا نظامًا معيّنًا في تسلسل الشّرور: يبدأ من الخطايا المبتذلة، مثل الشّراهة، للوصول إلى الخطايا الأكثر خطورة. من بين كلّ الرّذائل، الكبرياء هي ”الملكة الكبيرة“. وليس من قبيل الصّدفة أنّ يضعها دانتي، في الكوميديا ​​الإلهيّة، في الطّبقة الأولى في المطهر: من يستسلم لهذه الرّذيلة فهو بعيد عن الله، وعلاجها يتطلّب وقتًا وجهدًا، أكثر من كلّ معركة أخرى يُدعى إليها المسيحيّ.

في الواقع، داخل هذا الشّرّ تكمُن الخطيئة الرّئيسيّة، الادّعاء الأهوج بأنّنا مثل الله. خطيئة أبوينا الأوّلَين، التي يرويها سفر التكوين، هي في كلّ الأحوال خطيئة كبرياء. قال لهم المجرِّب: “في يَومِ تأكُلانِ مِنه تَنفَتِحُ أَعيُنُكُما وتَصيرانِ كآلِهَةٍ تَعرِفانِ الخَيرَ والشَّرّ” (تكوين 3، 5). كُتَّابُ الحياة الرّوحانيّة يركِّزون انتباههم على وصف تداعيات الكبرياء في الحياة اليوميّة، فيبيِّنون كيف تدمّر العلاقات بين النّاس، وتسمّم مشاعر الأخوّة التي يجب أن توحِّد البشر.

هذه هي، إذن، القائمة الطّويلة بالأعراض، التي تُبيّن استسلام الشّخص لرذيلة الكبرياء. هي شرّ ذو جانبٍ جسديّ واضح: فالمتكبِّر مُتَعَالٍ، و ”قاسي الرّقبة“، عنقه متصلّب لا ينحني. إنّه إنسان يُطلق الأحكام بسهولة ويستخف بغيره: من أجل لا شيء، يصدر أحكامًا غير قابلة للنّقض تجاه الآخرين، الذين يبدون له أنّهم غير مناسبين وأنّهم عاجزون وميؤوس منهم. في تكبُّرِه، ينسى أنّ يسوع أعطانا وصايا أخلاقيّة قليلة جدًّا في الأناجيل، لكنّه ركّز على وصيّة ولا يتساهل فيها، قال: لا تحكموا على أحد. نعرف أنّنا نتعامل مع شخص متكبِّر عندما نوجّه إليه انتقادًا بسيطًا بنّاءً، أو ملاحظة لا ضرّر فيها مطلقًا، فيتفاعل بطريقة مبالغ فيها، كما لو أنّ أحدًا أساءَ إلى جلالته: فيشتد غضبه، ويصرخ، ويقطع علاقاته مع الآخرين بطريقة عنيفة.

لا نقدر أن نعمل شيئًا كثيرًا مع شخص مصاب بمرض الكبرياء. من المستحيل أن نتكلّم معه، ولا أن نُصلحه، لأنّه هو نفسه لم يعد حاضرًا في نفسه. علينا فقط أن نتحلّى بالصّبر معه، لأنّ صَرحَهُ سينهار في يوم من الأيّام. يقول المثل الإيطاليّ: ”الكبرياء تذهب راكبة على الحصان، وترجع سيرًا على الأقدام“. في الأناجيل، تعامل يسوع مع أناسٍ كثيرين متكبّرين، وفي كثيرٍ من الأحيان كشف هذه الرّذيلة حتّى في الأشخاص الذين أخفوها جيّدًا. أظهر بطرس أمانته التّامة: ”إن تخلّى عنك الجميع، أنا لن أتخلّى!“ (راجع متّى 26، 33). لكنّه سيعرف قريبًا بخبرته أنّه مثل الآخرين، وسيخاف هو أيضًا أمام الموت الذي لم يتخيّل أنّه يمكن أن يكون قريبًا جدًّا. وهكذا، فإنّ بطرس الثّاني، الذي لم يعد يرفع رأسه، بل كان يبكي بدموع حارقة، سيشفيه يسوع وسيكون أخيرًا، أهلًا لأن يحمل ثقل الكنيسة. أوّلًا، أبدى تكبّرًا كان من الأفضل ألّا يظهره، أمّا الآن، فهو تلميذٌ أمين، يستطيع السّيّد أن “يُقيمُه على جَميعِ أَموالِه” (لوقا 12، 44)، كما يقول المَثَل في الإنجيل.

الخلاص يأتي مع التّواضع، الذي هو العلاج الحقيقيّ لكلّ عمل كبرياء. في نشيد ”تعظّم نفسي الرّبّ“، أنشدت مريم لله الذي بقوّته يبدّد المتكبّرين في أفكار قلوبهم المريضة. لا فائدة من أن نسرق شيئًا من الله، كما يظن المتكبِّر أنّه يقدر على ذلك، لأنّه في النّهاية، الله نفسه يريد أن يعطينا كلّ شيء. لهذا السّبب، كتب يعقوب الرّسول، إلى جماعته التي جرحتها الصّراعات الدّاخليّة النّاجمة عن الكبرياء، ما يلي: “اللهَ يُكابِرُ المُتَكَبِّرين ويُنعِمُ على المُتَواضِعين” (يعقوب 4، 6).

إذًا، أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، لننتهز زمن الصّوم الأربعينيّ هذا حتّى نقاوم كبرياءنا.

*******

 

قِراءَةٌ مِن سِفرِ يشوع بِن سيراخ (10، 7. 9. 12. 14)

الكِبرِياءُ مَمْقوتَةٌ عِندَ الرَّبِّ والنَّاس […].

لِماذا يَتَكبَّرُ مَن هو تُرابٌ ورَماد؟ […]

أَوَّلُ كِبرِياءِ الإِنسانِ ارتدادُه عنِ الرَّبِّ حينَ يَبتَعِدُ قَلبُه عنِ الَّذي صَنَعَهُ. […]

قوَّضَ الرَّبُّ عُروشَ السَّلاطين، وأَجلَسَ الوُدَعاءَ مَكانَهم.

كلامُ الرَّبّ

*******

Speaker:

تَكَلَّمَ قَداسَةُ البابا اليَومَ علَى رذيلةِ الكِبرياءِ في إطارِ تعليمِهِ في موضوعِ الرَّذائلِ والفضائل، وقال: رذيلةُ الكِبرياءِ هي تمجيدُ الذَّات، والغرور، والمجدُ الباطل. وقد ذَكَرَها يسوع عندما تَكلَّمَ على سِلسِلَةِ الرَّذائلِ لِيُوَضِّحَ أنَّ الشَّرَّ يأتي دائمًا من قلبِ الإنسان. المُتَكَبِّرُ يَظِّنُ أنَّهُ أكثرُ بكثيرٍ مما هو عليهِ أصلًا، وَيَغلِي في داخِلِه حتَّى يَظهَرَ أنَّه أكبرُ مِن الآخرين، ويريدُ دائمًا أنْ يُشِيدَ الآخرونَ باستَحقاقاتِهِ، ويَحتَقِرُ الآخرين، ويَعتَبِرُهم أقلَّ شأنًا منه. رذيلةُ الكبرياءِ هي أخطرُ الرَّذائل، وهي خطيئةُ أبَوَينا الأوَّلَين، إذ أرادا أن يصيرا مِثلَ الله. هناكَ أعراضٌ جَسَدِيَّةٌ تُبَيِّنُ استِسلامَ الشَّخصِ لرذيلةِ الكبرياء. فالمُتَكَبِّرُ مُتَعَالٍ، عُنقُهُ مُتَصَلِّبٌ لا يَنحَني. ثمَّ إنَّه يُطلِقُ الأحكامَ بسهولةٍ ويَستَخِفُّ بِغَيرِه. وإذا أبدَى له أحدٌ ملاحظةً بسيطةً فإنَّه يَغضَبُ بسرعة، ويَصرُخ، ويَقطَعُ عَلاقاتِه معَ الآخرين بطريقةٍ عنيفة. لا يُمكِنُ أنْ نَعمَلَ الشَّيءَ الكثيرَ معَ المُتَكَبِّرِ ولا أنْ نُصلِحَهُ. لكنَّ كِبرِياءَهُ ستَنهارُ وَحدَها. مَوقِفُنا معَهُ هو أنْ نَصبِرَ حتَّى تَنهارَ كِبرِياؤُه، وتَفتَحَ الأحداثُ عَينَيه، ويعودَ بنفسِهِ إلى شيءٍ مِن التَّواضُع، وهذا هو بَدءُ العِلاجِ لَهُ.

Speaker:

أُحيِّي المُؤمِنِينَ النَّاطِقِينَ باللُغَةِ العَرَبِيَّة، وخاصَّةً شبيبةَ كاريتاس لبنان. في مسيرةِ الزَّمنِ الأربعينيّ، المَسِيحيُّ مَدعُوٌ إلى أنْ يُقاوِمَ الكِبرِياءَ بالتَّواضُع، الَّذي هو العِلاجُ الحَقِيقيُّ لكلِّ شكلٍ مِن أشكالِ تمجيدِ الذَّات، والغرور، والمجدِ الباطل. بارَكَكُم الرَّبُّ جَميعًا وَحَماكُم دائِمًا مِن كُلِّ شَرّ!

*******

جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post التواضع هو العلاج الحقيقي لكلّ عمل كبرياء appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>