سينودس Archives - ZENIT - Arabic https://ar.zenit.org/category/temporary-sections/synods/ The World Seen From Rome Sun, 27 Oct 2024 12:15:04 +0000 en-US hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.6.2 https://ar.zenit.org/wp-content/uploads/sites/5/2020/07/f4ae4282-cropped-02798b16-favicon_1.png سينودس Archives - ZENIT - Arabic https://ar.zenit.org/category/temporary-sections/synods/ 32 32 البابا: الربّ يسوع يمرّ كلّ يوم ويتوقّف ليهتمّ بِعمانا https://ar.zenit.org/2024/10/28/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a8%d9%91-%d9%8a%d8%b3%d9%88%d8%b9-%d9%8a%d9%85%d8%b1%d9%91-%d9%83%d9%84%d9%91-%d9%8a%d9%88%d9%85-%d9%88%d9%8a%d8%aa%d9%88%d9%82%d9%91%d9%81/ Mon, 28 Oct 2024 03:07:35 +0000 https://ar.zenit.org/?p=74655 النصّ الكامل لعظة قداسة البابا فرنسيس
في القدّاس الإلهيّ
في ختام الجمعيّة العامّة العاديّة لسينودس الأساقفة
(الأحد الثّلاثون من زمن السّنة)
في 27 تشرين الأوّل 2024

The post البابا: الربّ يسوع يمرّ كلّ يوم ويتوقّف ليهتمّ بِعمانا appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

يقدِّم لنا الإنجيل بَرطيماوُس، وهو رجل أعمى أُجبِرَ على التَّسوُّل على جانب الطّريق، وشخص منبوذ بلا أمل. ولكنّه، عندما سمع أنّ يسوع كان مارًّا، بدأ يصرخ إليه. كلّ ما تبقى له هو أن يصرخ بألمه ويُبدي ليسوع رغبته في استعادة بصره. كان الجميع يوبّخونه لأنّهم انزعجوا من صوته، لكن يسوع توقّف. لأنّ الله يصغي دائمًا إلى صراخ الفقراء، فلا تبقى أيّ صرخة ألَم غير مسموعة أمامه.

اليوم، في ختام الجمعيّة العامّة العاديّة لسينودس الأساقفة، وقلوبنا مملوءة بالشّكر والامتنان لما تمكّنا من المشاركة فيه، لنتوقّف عند ما حدث لهذا الرّجل: في البداية، كان “شَحَّاذًا أَعْمًى، جالِسًا على جانِبِ الطَّريق” (مرقس 10، 46)، لكن في النّهاية، بعد أن دعاه يسوع واستعاد بصره، “تَبِعَه في الطَّريق” (الآية 52).

أوّل شيء يقوله لنا الإنجيل عن بَرطيماوُس هو أنّه كان جالسًا يتسوَّل. كان وضعه مثالًا للشّخص المنغلق على نفسه في ألمه، جالسًا على حافة الطّريق كما لو لم يكن هناك شيء آخر يمكن أن يعمله سوى تلقي شيءٍ من الحجّاج المارّين الكثيرين بمدينة أريحا في مناسبة الفصح. لكن، كما نعلَم، لكي نعيش حقًا، لا يمكنّنا أن نبقى جالسين: الحياة تعني دائمًا أن نضع أنفسنا في حركة، وأن نضع أنفسنا على الطّريق ونسير، ونحلم، ونخطّط، ونفتح أنفسنا على المستقبل. بَرطيماوُس الأعمى يمثّل أيضًا العمى الدّاخلي الذي يعيقنا، ويبقينا جالسين بلا حراك على حافة الحياة، بلا أمل.

وهذا يمكن أن يجعلنا نفكّر، ليس فقط في حياتنا الشّخصيّة، بل أيضًا في كوننا كنيسة الله. أمور كثيرة على طول الطّريق يمكن أن تجعلنا عميانًا، غير قادرين على أن نتعرّف على حضور الرّبّ يسوع، وغير مستعدّين لمواجهة تحديّات الواقع، وأحيانًا غير مؤهلِّين لكي نعرف أن نجيب على الأسئلة العديدة التي تصرخ نحونا، كما فعل بَرطيماوُس مع يسوع. ومع ذلك، أمام أسئلة الرّجال والنّساء اليوم، وتحديّات زمننا، والاحتياجات الضّروريّة للبشارة بالإنجيل، والجِراح العديدة التي تعاني منها البشريّة، لا يمكننا أن نبقى جالسين. كنيسة جالسة، تنسحب تدريجيًّا من الحياة وتعزل نفسها على هامش الواقع بدون أن تنتبه إلى ذلك، هي كنيسة توشك أن تبقى في العمى وأن تستريح في سوء حالها. وإن بقينا جالسين في عمانا، سنستمرّ في عدم رؤية احتياجاتنا الرّعويّة الضّروريّة ومشاكل العالم العديدة التي نعيش فيها. من فضلكم، لنطلب من الرّبّ يسوع أن يهبنا الرّوح القُدُس حتّى لا نبقى جالسين في عمانا، العمى الذي يمكن أن نسمّيه حياة الدّنيا، والرّاحة، والقلب المُنغلق. لا نَبقَ جالسين في عمانا.

لكن لنتذكّر هذا: الرّبّ يسوع يمرّ، الرّبّ يسوع يمرّ كلّ يوم، الرّبّ يسوع يمرّ دائمًا، ويتوقّف ليهتمّ بعمانا. وأنا، هل أشعر بمروره؟ هل لديّ القدرة على أن أشعر بخطوات الرّبّ يسوع؟ هل لديّ القدرة على أن أميّز عندما يمرّ الرّبّ يسوع؟ ومن الجميل أن يدفعنا السّينودس لنكون كنيسة مثل بَرطيماوُس: جماعة تلاميذ تشعر بالحاجة إلى الخلاص عندما تشعر بمرور الرّبّ يسوع، وتستيقظ بقدرة الإنجيل وتبدأ بالصّراخ إليه. وهي تفعل ذلك فتستقبل صراخ جميع النّساء والرّجال على الأرض: صراخ الذين يريدون أن يكتشفوا فرح الإنجيل وصراخ الذين ابتعدوا؛ والصّراخ الصّامت لغير المبالين. وصراخ المتألّمين، والفقراء، والمهمّشين، والأطفال المستعبدين في العمل، والمستعبدين في أماكن كثيرة من العالم في العمل؛ وصوت المنسحقين الذين لم يعودوا حتّى قادرين على الصّراخ إلى الله، لأنّهم بلا صوت أو لأنّهم استسلموا. نحن لا نحتاج إلى كنيسة جالسة ومستسلمة، بل إلى كنيسة تستقبل صرخة العالم وتضع يدها على المحراث لخدمة الرّبّ يسوع.

وهكذا نأتي إلى الجانب الثّاني: إن كان بَرطيماوُس جالسًا في البداية، نراه في النّهاية يتبع يسوع على الطّريق. إنّه تعبيرٌ خاصّ بالإنجيل ويعني: أنّه صار تلميذ يسوع، وسار على خُطاه. في الواقع، بعد أن صرخ إليه، توقّف يسوع ودعاه. بَرطيماوُس، الذي كان جالسًا، قفز واقفًا، وبعدها مباشرة استعاد بصره. الآن، يمكنه أن يرى الرّبّ يسوع، ويمكنه أن يعترف بعمل الله في حياته، ويمكنه أخيرًا أن يسير وراءه. وهكذا نحن أيضًا، أيّها الإخوة والأخوات: عندما نكون جالسين ومستريحين، وعندما لا نجد، ككنيسة، القوّة والشّجاعة والجُرأة اللازمة لننهض ونستأنف مسيرتنا، من فضلكم، لنتذكّر دائمًا أن نعود إلى الرّبّ يسوع وإلى الإنجيل. عندما يمرُّ أمامنا، يجب علينا دائمًا ومن جديد، أن نصغي إلى دعوته التي تُنهضنا وتخرجنا من عمانا. ثمَّ نستأنف من جديد اتّباعنا له، ونسير معه على الطّريق.

أودّ أن أكرّر ذلك: الإنجيل يقول عن بَرطيماوُس إنّه “تَبِعَه في الطَّريق”. هذه صورة للكنيسة السّينوديّة: الرّبّ يسوع يدعونا، ويُنهضنا عندما نكون جالسين أو واقعين، ويُعيد إلينا بصرًا جديدًا، حتّى نتمكّن، على ضوء الإنجيل، أن نرى اضطرابات العالم وآلامه، وهكذا، عندما يُنهضنا الرّبّ يسوع، نشعر بالفرح في اتّباعه والسّير معه على الطّريق. نحن نتبع الرّبّ يسوع في الطّريق، ولا نتبعه ونحن منغلقون على أنفسنا في راحتنا، وفي متاهات أفكارنا، بل نتبعه في الطّريق. ولنتذكّر ذلك دائمًا: لا نَسِر وحدنا أو بحسب معايير العالم، بل لِنَسِر على الطّريق، معًا، خلف يسوع ومعه.

أيّها الإخوة والأخوات: لا نريد كنيسة جالسة، بل كنيسة واقفة. لا نريد كنيسة صامتة، بل كنيسة تسمع صرخة الإنسانيّة. لا نريد كنيسة عمياء، بل كنيسة مُشعّة بنور المسيح وتحمل نور الإنجيل إلى الآخرين. لا نريد كنيسة ثابتة في مكانها، بل كنيسة مُرسَلَة، تسير مع الرّبّ يسوع في طُرُقات العالم.

واليوم، ونحن نشكر الرّبّ يسوع على المسيرة التي قطعناها معًا، يمكننا أن نرى ونكرّم ذخيرة كرسيَّ القدّيس بطرس القديم، الذي تمّ ترميمه بعناية. وبينما نتأمّل فيه باندهاش وإيمان، لنتذكّر أنّه كرسيُّ المحبّة والوَحدة والرّحمة، بحسب الوصيّة التي أعطاها يسوع لبطرس الرّسول، وهي ألّا يتسلَّط على الآخرين، بل أن يخدمهم في المحبّة. وعندما نُنعِم النّظر بتعجّب في مِظَلَّة برنيني المهيبة ونراها في جمالها أكثر من أيّ وقت مضى، نكتشف أنّها تحيط المحور الحقيقيّ للبازيليكا كلّها، أي مجد الرّوح القدس. هذه هي الكنيسة السّينوديّة: جماعة مؤمنين أوّل شيء فيها هو عطيّة الرّوح القدس، الذي يجعلنا كلّنا إخوة في المسيح ويرفعنا إليه.

أيّها الإخوة والأخوات، لنواصل إذن مسيرتنا معًا وبثقة. اليوم، كلمة الله تقول لنا أيضًا، كما قالت لبَرطيماوُس: ”تشجّع، انهض، إنّه يدعوك“. هل أشعرُ بأنّي مدعوّ؟ هذا هو السّؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا. هل أشعرُ بأنّي مدعوّ؟ هل أشعرُ بأنّي ضعيف ولا أستطيع أن أنهض وأستمرّ؟ هل أطلبُ المساعدة؟ من فضلكم، لنضع جانبًا رداء الاستسلام، ولنُوكِل عمانا إلى الرّبّ يسوع، ولننهض ونحمل فرح الإنجيل إلى طرقات العالم.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post البابا: الربّ يسوع يمرّ كلّ يوم ويتوقّف ليهتمّ بِعمانا appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
السينودس: أكثر من 1000 تعديل على الوثيقة النهائيّة https://ar.zenit.org/2024/10/25/%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d9%86%d9%88%d8%af%d8%b3-%d8%a3%d9%83%d8%ab%d8%b1-%d9%85%d9%86-1000-%d8%aa%d8%b9%d8%af%d9%8a%d9%84-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%ab%d9%8a%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84/ Fri, 25 Oct 2024 17:37:42 +0000 https://ar.zenit.org/?p=74647 سيتمّ تقديم النص النهائي والتصويت عليه يعد ظهر يوم السبت 26 تشرين الأوّل

The post السينودس: أكثر من 1000 تعديل على الوثيقة النهائيّة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
انعقد المؤتمر الصحفي قبل الأخير للسينودس يوم الأربعاء 23 تشرين الأوّل 2024 في الفاتيكان. ومن بين المواضيع التي تمت مناقشتها، من بين أمور أخرى، دور الأساقفة وسلطتهم، والسلطة العقائدية للمجالس الأسقفية والكنائس الكاثوليكية الشرقية.

وفي اليوم نفسه، تم تجديد انعقاد المجلس العادي للمجمع مع انتخاب أعضاء جدد. وأجرى البابا فرنسيس تعديلا بزيادة العدد الإجمالي للأعضاء إلى 17. تم انتخاب 12 منهم من أساقفة الأبرشية أو الأبرشيات، وسيتم تعيين أربعة من قِبَل البابا لاحقًا.

لكنّ المعلومات الأبرز التي وردت يوم الأربعاء تتعلق بمقترح الوثيقة النهائية، التي تم توزيع مسودة أولية منها على المشاركين يوم الاثنين الماضي. وكان أمامهم حتى ظهر الأربعاء لإرسال تعليقاتهم إلى الأمانة العامة للسينودس: تم إجراء أكثر من 1000 تصحيح، بما في ذلك 951 موقعة من قبل مجموعات من الأشخاص. وستؤخذ هذه التعديلات بعين الاعتبار وتدمج في الوثيقة النهائية التي سيتم عرضها والتصويت عليها يوم السبت المقبل.

سلطة الأساقفة تقوم على “الخدمة”

تحدث الكاردينال روبرت بريفوست، عميد دائرة الأساقفة، عن دور وسلطة الأساقفة والمجالس الأسقفية، وخاصة عملية اختيار الأساقفة. ثم أصرّ على أنّ الأساقفة ليسوا “مدراء أعمال”، بل يجب عليهم قبل كل شيء أن يكونوا رعاة يرافقون شعب الله الموكَل إليهم.

شدّد الكاردينال على أنّ سلطة الأسقف مبنية على “الخدمة”. وفي هذا السياق، أشار إلى ضرورة أن يتشاور الأساقفة ويعملوا مع الكهنة والرهبان والعلمانيين، وكذلك مع مختلف الهياكل المجمعية المعترف بها في القانون الكنسي.

المؤتمرات الأسقفية: العمل في شركة مع الكنيسة جمعاء

هذا وتمت الإشارة أيضًا إلى الحاجة إلى اجتماعات أسقفية وكنسية يشارك فيها الشعب بأكمله، وتحدث على جميع مستويات الكنيسة، وكذلك أهمية تعزيز المجالس الرعوية.

تناول الأب جيل روثييه، لاهوتي من كيبيك وخبير في علم الكنيسة وتاريخ الكنيسة، مسألة السلطة العقائدية للمؤتمرات الأسقفية. وأشار إلى أنّ هذه القضية ليست جديدة، إذ تم تناولها في العديد من الوثائق القضائية منذ المجمع الفاتيكاني الثاني. وشدد أيضًا على أنّ المجالس الأسقفية لا تملك سلطة اقتراح عقائد جديدة، بل يجب أن تعمل في شركة مع الكنيسة جمعاء ومع البابا.

الكنائس الشرقية الكاثوليكية: غنى وحدة الكنيسة

أخيراً، ذكّر الكاهن اللبناني الماروني خليل علوان، الأمين العام لمجلس بطاركة المشرق الكاثوليك، أنّ الكنائس الشرقية الكاثوليكية ليست مجرد كنائس محلية، إنما كنائس رسولية وبطريركية تتحلّى بتقاليدها الخاصة وإرثها.

وقال الكاهن إن الكاثوليك الشرقيين اختبروا خلال هذا السينودس غنى وحدة الكنيسة المتنوعة. وقال: “من خلال التمييز في الروح، وجدنا الرحمة والتفهم والرجاء في الآخرين (…). الصليب ليس الكلمة الأخيرة. لقد أعد الله طريقًا للحياة حتى في المعاناة”.

The post السينودس: أكثر من 1000 تعديل على الوثيقة النهائيّة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
ما هو السينودس؟ https://ar.zenit.org/2024/10/24/%d9%85%d8%a7-%d9%87%d9%88-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d9%86%d9%88%d8%af%d8%b3%d8%9f/ Thu, 24 Oct 2024 03:49:14 +0000 https://ar.zenit.org/?p=74610 كلمتان يونانيّتان

The post ما هو السينودس؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
خلال شهر تشرين الأوّل 2024، يستضيف الفاتيكان الدورة الثانية من السينودس حول السينودسيّة تحت عنوان “من أجل كنيسة سينودسيّة: الشركة والمشاركة والرسالة”. وقد دعا البابا فرنسيس ما يقارب 400 ممثل لشعب الله بأكمله إلى تمييز رسالة الكنيسة بشكل جماعي، كما ورد في مقال نشره القسم الإنكليزي من زينيت، نقلاً عن شرح للكاردينال مايكل تشيرني (عميد دائرة التنمية البشريّة المُستدامة).

تأتي كلمة “سينودس” من كلمتين يونانيّتين تعنيان “معاً” و”طريق”، لذا فإنّ جمعهما ينقل فكرة “السَّير معاً”.

هناك تاريخ غنيّ للسينودسيّة في الكنائس الشرقيّة، فيما تستخدم بعض الطوائف البروتستانتيّة الكلمة كمرادف لـ”المجمع”. لكن اليوم في الكنيسة الكاثوليكيّة، تدلّ كلمة “السينودس” على المزيد. فوفقاً لتعاليم البابا فرنسيس (الذي يستند إلى المجمع الفاتيكاني الثاني)، تُشير السينودسيّة إلى المشاركة الفعّالة لجميع المؤمنين في حياة الكنيسة ورسالتها. إنّه عمل من 4 أقطار العالم امتدّ من عام 2021 إلى عام 2024 لتحضير السينودس حول السينودسيّة وإدارته. وهذا يسمح للكنيسة الكاثوليكيّة بالتعرّف على السينودسيّة من خلال ممارستها (بدلاً من معالجتها من خلال التعاليم والوثائق)، علاوة على اختبارها وتحسينها. غالباً ما ينظر الناس إلى الكنيسة على أنها عمودية – حيث تتدفّق السلطة إلى الأسفل من الأعلى، والمستوى الأدنى، فالعلمانيّين، لتصل إلى مَن ليس لديهم أيّ سُلطة على الإطلاق. إلّا أنّ السينودسيّة تمكّن جميع أعضاء الكنيسة – الرجال والنساء، الشباب والكبار، رجال الدين، الأساقفة والبابا، كل بحسب دعوته وكلّهم تحت إرشاد الله. الجميع مدعوّون للمساهمة في تحديد المسار وتحديد الخيارات، إيجاد الطريق إلى الأمام، لتتّخذ في النهاية السُلطة المناسبة القرار النهائي.

في قلب العمليّة السينودسيّة، هناك لقاء الآخرين والاستماع إليهم، وتجاوز الاختلافات التي تسبّب الانقسام. هذا الحوار الصّادق هو ما تحتاجه الكنيسة الآن، والمجتمعات بعد أكثر من الكنيسة. من عام 2025 فصاعداً، ستصبح السينودسيّة بشكل متزايد الطريقة المعتادة التي تنفّذ بها الكنيسة رسالتها وتدير شؤونها.

The post ما هو السينودس؟ appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا: لنركّز على الأرض المشتركة لمعموديّتنا المشتركة https://ar.zenit.org/2024/10/14/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d9%84%d9%86%d8%b1%d9%83%d9%91%d8%b2-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b1%d8%b6-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b4%d8%aa%d8%b1%d9%83%d8%a9-%d9%84%d9%85%d8%b9%d9%85/ Mon, 14 Oct 2024 04:27:59 +0000 https://ar.zenit.org/?p=74458 عظة قداسة البابا فرنسيس في عشيّة الصّلاة المسكونيّة
الجمعة 11 تشرين الأوّل 2024

The post البابا: لنركّز على الأرض المشتركة لمعموديّتنا المشتركة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

“أَنا وَهَبتُ لَهم ما وَهَبْتَ لي مِنَ المَجْد” (يوحنّا 17، 22). هذا الكلام من صلاة يسوع قبل آلامه، يمكن أن يُنسب بطريقة سامية إلى الشّهداء، الذين نالوا مجد الشّهادة للمسيح. في هذا المكان، نذكر شهداء الكنيسة الأوّلين في روما: بُنيت هذه البازيليكا على دمائهم، وتأسّست الكنيسة على دمائهم. ليكن هؤلاء الشّهداء قوّة ليقيننا أنّنا، إذا اقتربنا من المسيح، فإنّنا نقترب بعضنا من بعض، وتسندنا صلاة جميع القدّيسين في كنائسنا، والمتّحدين الآن بمشاركتهم في السّرّ الفصحيّ. وكما يؤكّد القرار المجمعيّ، الحركة المسكونيّة، الذي نحتفل بذكراه السّتّين: كلّما اقترب المسيحيّون من المسيح، اقتربوا بعضهم من بعض (راجع الفقرة 7).

في هذا اليوم الذي نذكر فيه افتتاح المجمع الفاتيكانيّ الثّاني، الذي شهد دخول الكنيسة الكاثوليكيّة الرّسميّ في الحركة المسكونيّة، نحن مجتمعون معًا مع الإخوة المندوبين، ومع إخوتنا وأخواتنا من الكنائس الأخرى. لذلك، سأستخدم الكلام نفسه الذي وجّهه القدّيس البابا يوحنّا الثّالث والعشرون للمراقبين عند افتتاح المجمع: “حضوركم الجليل هنا، والتّأثّر الذي يغمر قلبي ككاهن، وأسقف في كنيسة الله […] يدعوني إلى أن أشارككم تطلّعات قلبي، وشوقي الشّديدِ إلى العمل وتحمّل الآلام من أجل اقتراب السّاعة التي فيها تتحقّق للجميع صلاة المسيح في العشاء الأخير” (13 تشرين الأوّل/أكتوبر 1962). لندخل في صلاة يسوع هذه، ولنجعلها صلاتنا في الرّوح القدس، ولترافقها صلاة الشّهداء.

وَحدة المسيحيّين والسّينوديّة مرتبطتان. في الواقع، إن كانت “المسيرة السينوديّة هي المسيرة التي ينتظرها الله من الكنيسة في الألفيّة الثّالثة” (كلمة في الذّكرى الخمسين لتأسيس مجمع الأساقفة، 17 تشرين الأوّل/أكتوبر 2015)، فعلينا أن نسيرها مع جميع المسيحيّين. “المسيرة السينوديّة […] هي ويجب أن تكون مسكونيّة، كما أنّ المسيرة المسكونيّة هي سينوديّة” (كلمة إلى صاحب القداسة مار آوا الثّالث، 19 تشرين الثّاني/نوفمبر 2022). في كِلا المسيرَتَين، ليس المطلوب أن نبني شيئًا، بل أن نقبل ونستثمر العطيّة التي قبلناها. وكيف تبدو عطيّة الوَحدة؟ الخبرة السّينوديّة تساعدنا لنكتشف بعض جوانبها.

الوَحدة هي نعمة، وعطيّة خارج إطار توقعاتنا. العامل الرّئيسيّ ليس نحن، بل الرّوح القدس الذي يقودنا إلى شركة أكبر. وكما أنّنا لا نعرف مسبقًا ما ستكون نتيجة السّينودس، كذلك لا نعرف بالضّبط كيف ستكون الوَحدة التي نحن مدعّوون إليها. الإنجيل يقول لنا إنّ يسوع، في صلاته الكبرى، ”رفع عينيه إلى السّماء“: قبل كلّ شيء الوَحدة ليست ثمرة من الأرض، بل من السّماء. إنّها عطيّة لا يمكننا أن نتنبّأ بأوقاتها ووسائلها، بل علينا أن نتقبّلها “من دون أن نضع عوائق أمام العناية الإلهيّة، ومن دون أن نستبق بأحكامنا إلهامات الرّوح القدس في المستقبل” كما يقول أيضًا القرار المجمعيّ (الحركة المسكونيّة، 24).  كان الأب بول كوتورييه (Paul Couturier) يقول إنّ وَحدة المسيحيّين يجب أن نطلبها ”كما يريد المسيح“ و ”بالوسائل التي يريدها“.

تعليمٌ آخر يأتي من المسيرة السّينوديّة هو أنّ الوَحدة هي مسيرة: تنضج في الحركة، أثناء سيرها. وتنمو في الخدمة المتبادلة، وفي حوار الحياة، وفي التّعاون بين جميع المسيحيّين الذي “يُظهِرُ وجه المسيح الذي جاء ليَخدُم” (القرار المجمعيّ، الحركة المسكونيّة، 12). ولكن يجب علينا أن نسير بحسب الرّوح القدس (راجع غلاطية 5، 16-25)، أو كما قال القدّيس إيريناوس، مثل ”قافلةِ إخوة“ (tôn adelphôn synodía). الوَحدة بين المسيحيّين تنمو وتزدهر في رحلة حجّ مشتركة بحسب ”إيقاع الله“، مثل حجّاج عِموَاس اللذين رافقهما يسوع القائم من بين الأموات.

التّعليم الثّالث هو أنّ الوَحدة هي انسجام. السّينودس يساعدنا لنكتشف من جديد جمال الكنيسة في تنوّع وجوهها. وهكذا، فإنّ الوَحدة ليست تسوية، وليست ثمرة تسويات أو توازنات. وَحدة المسيحيّين هي انسجام في تنوّع المواهب التي يهبها الرّوح القدس لبناء جميع المسيحيّين (راجع القرار المجمعيّ الحركة المسكونيّة، 4). الانسجام هو طريق الرّوح القدس، لأنّه هو نفسه انسجام، كما قال القدّيس باسيليوس (راجع في المزمور 29، 1). نحن بحاجة لأن نسير على طريق الوَحدة بقوّة محبّتنا ليسوع المسيح ولكلّ الأشخاص الذين نحن مدعوّون إلى أن نخدمهم. على طول الطّريق هذا، لا ندع الصّعاب توقفنا أبدًا! لنثق بالرّوح القدس، الذي يدفع إلى الوَحدة في انسجام الألوان المختلفة والمتعدّدة.

وأخيرًا، مثل السّينوديّة، وَحدة المسيحيّين ضروريّة لشهادتهم: الوَحدة هي من أجل الرّسالة. “فَلْيكونوا بِأَجمَعِهم واحِدًا… لِيُؤمِنَ العالَمُ” (يوحنّا 17، 21). كانت هذه قناعة آباء المجمع عندما أكّدوا أنّ انقسامنا “هو للعالم حجر عثرة، وعقبة في طريق أقدس الغايات، أيّ الدّعوة إلى الإنجيل في الخليقة كلّها” (القرار المجمعيّ، الحركة المسكونيّة، 1). نشأت الحركة المسكونيّة من الرّغبة في الشّهادة معًا، مع الآخرين، وليس بعيدين الواحد عن الآخر، أو ما هو أسوأ من ذلك، لا نكُنْ بعضُنا ضدّ بعض. في هذا المكان، يذكّرنا الشّهداء الأوّلون بأنّ اليوم، وفي أماكن كثيرة من العالم، يقدّم المسيحيّون من تقاليد مختلفة حياتهم معًا من أجل الإيمان بيسوع المسيح، ويعيشون الرّوح المسكونيّة في الدّمّ. شهادتهم أقوى من أيّ كلمة، لأنّ الوَحدة تأتي من صليب الرّبّ يسوع.

قبل أن نبدأ هذه الجمعيّة، احتفلنا بصلاة التّوبة. اليوم نعبِّر أيضًا عن خجلنا بسبب معثرة وشكّ انقسام المسيحيّين، وهي معثرة وشكّ لأنّنا لا نؤدّي معًا الشّهادة للرّبّ يسوع. هذا السّينودس هو فرصة لأن نعمل من أجل الأفضل، ونتجاوز الجدران التي ما تزال قائمة بيننا. لنركّز على الأرض المشتركة لمعموديّتنا المشتركة، التي تدفعنا إلى أن نصير تلاميذَ مُرسَلِين للمسيح، نحمل رسالة مشتركة. العالم بحاجة إلى شهادة مشتركة، وإلى أن نكون أمناء لرسالتنا المشتركة.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أمام المصلوب، نال القدّيس فرنسيس الأسيزي الدّعوة إلى أن يرمّم الكنيسة. لِيَقُدْنا صليب المسيح نحن أيضًا، كلّ يوم، في مسيرتنا نحو الوَحدة الكاملة، وفي الانسجام بيننا ومع الخليقة كلّها، “فقَد حَسُنَ لَدى اللهِ أَن يَحِلَّ بِه الكَمالُ كُلُّه. وأَن يُصالِحَ بِه ومِن أَجلِه كُلَّ مَوجود، مِمَّا في الأَرْضِ ومِمَّا في السَّمَوات، وقَد حَقَّقَ السَّلامَ بِدَمِ صَليبِه” (قولوسي 1، 19-20).

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

DEUXIÈME SESSION DE LA XVIe ASSEMBLÉE GÉNÉRALE ORDINAIRE DU SYNODE DES ÉVÊQUES, VEILLÉE DE PRIÈRE ŒCUMÉNIQUE @ Vatican Media

The post البابا: لنركّز على الأرض المشتركة لمعموديّتنا المشتركة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
أمسية صلاة مسكونية في الفاتيكان https://ar.zenit.org/2024/10/11/%d8%a3%d9%85%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%a9-%d9%85%d8%b3%d9%83%d9%88%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%a7%d8%aa%d9%8a%d9%83%d8%a7%d9%86/ Fri, 11 Oct 2024 19:14:51 +0000 https://ar.zenit.org/?p=74449 الصلاة معًا من أجل وحدة المسيحيين

The post أمسية صلاة مسكونية في الفاتيكان appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
يوم الجمعة 11 تشرين الأوّل 2024، وفي وقت مبكر من المساء، أقيمت صلاة مسكونية في ساحة الشهداء الأوائل في مدينة الفاتيكان في روما. وشارك في هذا الوقت المميّز البابا فرنسيس، بالإضافة إلى أعضاء السينودس وممثلي الطوائف المسيحية المختلفة.

أحيت الجماعة المسكونية تيزيه أمسية الصلاة “معًا” Together ونظّمتها الأمانة العامة لسينودس الأساقفة، بالتعاون مع دائرة تعزيز الوحدة بين المسيحيين. إنها مناسبة شكر على المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني وقد جرت أمسية مماثلة في العام 2023، وافتتحت فيها الجلسة الأولى للسينودس حول السينودسيّة. وقد جمعت هذه المناسبة 18.000 شخص في ساحة القديس بطرس وأكثر من 20 زعيمًا من كنائس مختلفة، وعززت الروابط بين الطوائف المسيحية. كذلك، أُقيمت 220 أمسية صلاة في الوقت نفسه في جميع أنحاء العالم.

هذه السنة، لم يتم اختيار تاريخ 11 تشرين الأول من باب الصدفة إذ يذكّرنا بافتتاح المجمع الفاتيكاني الثاني في العام 1962 في عيد القديس يوحنا الثالث والعشرون، الذي يُحتفل به في 11 تشرين الأوّل.

إن لحظة الوحدة والمشاركة هذه هي فرصة لتقديم الشكر على كل الثمار المسكونية التي تم نشرها في زخم المجمع، وكذلك للاحتفال بالذكرى الستين لنشر الدستور العقائدي الخاص بالكنيسة نور الأمم والمرسوم حول الحركة المسكونية Unitatis Redintegratio (21 تشرين الثاني 1964).

تناول أعضاء السينودس موضوع الوحدة بين المسيحيين وتمّ إعطاء ملخّص من منظّمي السينودس حول الأفكار التي تمّ التداول فيها.

The post أمسية صلاة مسكونية في الفاتيكان appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا: الله لا يتعب، لأنّ حبَّه لا يتعب https://ar.zenit.org/2024/10/03/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d9%84%d8%a7-%d9%8a%d8%aa%d8%b9%d8%a8%d8%8c-%d9%84%d8%a3%d9%86%d9%91-%d8%ad%d8%a8%d9%8e%d9%91%d9%87-%d9%84%d8%a7-%d9%8a%d8%aa%d8%b9%d8%a8/ Thu, 03 Oct 2024 09:09:39 +0000 https://ar.zenit.org/?p=74301 النصّ الكامل لكلمة قداسة البابا فرنسيس في افتتاح الجلسة الثّانية
للجمعيّة العامّة العاديّة السّادسة عشرة لسينودس الأساقفة (2-27 تشرين الأوّل/أكتوبر 2024)
الثاني من تشرين الأوّل 2024 - قاعة بولس السّادس

The post البابا: الله لا يتعب، لأنّ حبَّه لا يتعب appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء!

منذ أن تم ”استدعاء كنيسة الله إلى السّينودس“ في تشرين الأوّل/أكتوبر 2021، قطعنا معًا جزءًا من المسيرة الطويلة التي يدعو الله الآب إليها شعبه دائمًا، وهو يرسلها بين جميع الأمم لتُعلن البشرى السّارة بأنّ يسوع المسيح “هو سلامنا” (أفسس 2، 14)، ويثبّتها في رسالتها بروحه القدوس.

هذه الجمعيّة، التي يقودها الرّوح القدس، الذي ”يليِّن ما هو صلب، ويدفئ ما هو بارد، ويقوِّم ما هو معوَج“، يجب أن تقدِّم مساهمتها حتّى تكون كنيسة سينوديّة تحمل الرّسالة، فتعرف أن تخرج من ذاتها وتسكن في الأطراف، أطراف الجغرافيا والحياة، وتحرص على إقامة روابط مع الجميع في المسيح أخينا وربِّنا.

يوجد نص لكاتب روحيّ من القرن الرّابع [1] قد يلخِّص ما يحدث عندما نسمح للرّوح القدس أن يعمل انطلاقًا من المعموديّة التي تَلِدُ الجميع في كرامة متساويّة. الخبرات التي يصفها تسمح لنا بأن نعرف ما حدث في هذه السّنوات الثّلاث، وما قد يحدث في المستقبل.

تأمّلات هذا الكاتب الرّوحيّ تساعدنا لنفهم أنّ الرّوح القدس هو مرشد أمين، وأوّل واجب لنا هو أن نتعلَّم أن نميِّز صوته، لأنّه يتكلّم في كلّ شيء وفي الجميع. والمسيرة السّينوديّة هذه تجعلنا نختبر ذلك؟

الرّوح القدس يرافقنا دائمًا. إنّه تعزية في الحزن والبكاء، خاصّة – بسبب الحبّ الذي نحمله للبشريّة – عندما نقف أمام الأمور التي لا تسير على ما يرام، والظّلم الذي يسود، والإصرار الذي نواجه به الخير أمام الشّرّ، وصعوبة المغفرة، وغياب الشّجاعة في السّعي لتحقيق السّلام، فنجد أنفسنا يائسين، ويبدو لنا أنّنا صرنا لا نقدر أن نعمل شيئًا، فنستسلم لليأس.

الرّوح القدس يجفِّف الدّموع ويعزّي لأنه يحمل إلينا رجاء الله. الله لا يتعب، لأنّ حبَّه لا يتعب.

الرّوح القدس يخترق ذلك الجزء منّا الذي يشبه غالبًا قاعات المحاكم، حيث نضع المتهمّين في موقف المحاكمة ونصدر أحكامنا، وتكون غالبًا أحكام إدانة. هذا الكاتب يقول لنا، في عظته، إنّ الرّوح القدس يشعل نارًا في الذين يقبلونه، “نار فرح وحبّ كبيرين، لدرجة أنّه، لو كان ذلك ممكنًا، لملأ بهما قلوب الجميع، الصّالحين والأشرار، دون أي تمييز”. هذا لأن الله يقبل الجميع دائمًا، ويمنحهم جميعًا فرص حياة جديدة حتّى اللحظة الأخيرة. ولهذا يجب علينا نحن أيضًا أن نغفر للجميع دائمًا، ونحن ندرك أنّ الاستعداد للمغفرة ينبع من خبرتنا: نحن أيضًا غفر الله لنا.

أمس، خلال عشيّة صلاة التّوبة، عشنا هذه الخبرة. طلبنا المغفرة، واعترفنا بأنّنا خطأة. وضعنا الكبرياء جانبًا، وتخلّينا عن الغرور الذي يجعلنا نشعر بأنّنا أفضل من الآخرين. هل صرنا أكثر تواضعًا؟

التّواضع هو أيضًا عطيّة من الرّوح القدس. التّواضع، كما تقول أصل الكلمة (باللاتينيّة humus أي تراب)، يعيدنا إلى الأرض، إلى ”التراب“، ويذكّرنا بالأصل، حيث لولا نفخة الخالق، لبقينا ترابًا بلا حياة. التّواضع يسمح لنا بأن ننظر إلى العالم ونعترف بأنّنا لسنا أفضل من الآخرين. كما يقول القدّيس بولس: “لا تَطمَعوا في المَعالي” (رومة 12، 16). ولا يمكن أن نكون متواضعين بدون محبّة. يجب أن يكون المسيحيّون مثل النّساء اللواتي وصفهنّ دانتي أليغييري في إحدى قصائده، النّساء اللواتي يحملن الحزن في قلوبهنّ لفقدان والد صديقتهنّ بياتريس: “أنتنّ اللواتي تحملن صورة التواضع، بعيون منخفضة، وتُظهِرن الحزن” (الحياة الجديدة XXII، 9).

هذا هو التّواضع المتضامن والرّحيم، للذين يشعرون بأنّهم إخوة وأخوات للجميع، ويتألّمون بالألم نفسه، ويعترفون في جراح كلّ واحد، بأنّها جراح ربّنا يسوع المسيح.

أدعوكم إلى أن تتأمّلوا في هذا النّص الرّوحيّ الجميل، وأن تعترفوا بأنّ الكنيسة – التي يجب دائمًا إصلاحها – لا يمكنها أن تسير وتتجدّد بدون الرّوح القدس ومفاجآته، وبدون أن تدع نفسها تتكوَّن بأيدي الله الخالق، والابن، يسوع المسيح، والرّوح القدس، كما يعلِّمنا القدّيس إيريناوس أسقف ليون (في الرّد على الهرطقات، IV، 20، 1).

في الواقع، منذ أن خلق الله الرّجل والمرأة من التراب، ومنذ أن دعا الله إبراهيم ليكون بركة لجميع شعوب الأرض، ودعا موسى ليقود شعبًا محررًا من العبوديّة عبر الصّحراء، ومنذ أن قبلت مريم العذراء الكلمة التي جعلتها أمًّا لابن الله بحسب الجسد وأمًّا لكلّ تلميذ وتلميذة لابنها، ومنذ أن أفاض الرّب يسوع، المصلوب والقائم من بين الأموات، روحه القدوس في يوم العنصرة، منذ ذلك الوقت ونحن في مسيرة، كأشخاص ”نلنا الرّحمة“، نحو تحقيق محبّة الآب.

نحن نعرف جمال وصعوبة هذه المسيرة. نسير معًا، شعبًا واحدًا، هو، حتّى في هذا الوقت، علامة وأداة للاتّحاد الحميم مع الله وللوَحدة بين جميع البشر (دستور عقائدي في الكنيسة، نور الأمم 1). نسير مع كلّ رجل وامرأة ذوي الإرادة الصّالحة، والذين تعمل النّعمة في كلّ واحد منهم بشكل غير مرئي (فرح ورجاء 22). نسير ونحن مقتنعون بجوهر العلاقات في الكنيسة، وساهرون لتكون العلاقات التي أُعطيت لنا، والتي أُوكلت إلى مسؤوليتنا الخلّاقة، لتكون دائمًا تعبيرًا عن مجانية رحمة الله، ولهذا فهي أكيدة ومسؤولة.

إخوتي وأخواتي، نسير في هذه المسيرة، ونعلَم أنّنا مدعوّون إلى أن نتأمّل في نور شمسنا، التي هي المسيح، ونحن مثل قمر باهت يحمل بأمانة وفرح رسالتنا وهي أن نكون للعالم السّرّ والعلامة لذلك النّور، الذي لا يستمد النّور منّا.

الجمعيّة العامّة العاديّة السّادسة عشرة لسينودس الأساقفة، التي وصلت الآن إلى الجلسة الثّانية، تمثّل بشكل أصيل هذا ”السّير معًا“ لشعب الله.

 الإلهام الذي قبله البابا القدّيس بولس السّادس، عندما أنشأ سينودس الأساقفة في سنة 1965، كان مثمرًا جدًّا. ففي السّتين سنة التي مرّت منذ ذلك الحين، تعلَّمنا أن نرى في سينودس الأساقفة كيانًا جماعيًّا وسيمفونيًّا قادرًا على أن يسند مسيرة الكنيسة الكاثوليكيّة ورسالتها، ويساعد أسقف روما بفعاليّة في خدمته للشّركة والوَحدة بين جميع الكنائس والكنيسة بأكملها.

كان القدّيس بولس السّادس يدرك جيِّدًا أنّ “هذا السّينودس، كأيّ مؤسّسة بشريّة، مع مرور الوقت يمكن تحسينه” (Apostolica Sollicitudo). وقد أراد الدّستور الرّسوليّ،Episcopalis communio ، الاستفادة من خبرة الجمعيّات السّينودية المختلفة (العادية، والاستثنائية، والخاصّة)، فرأى في الجمعيّة السّينوديّة هيئة فاعلة وليس مجرّد حدث.

المسيرة السّينوديّة هي أيضًا مسيرة للتعلُّم، تتعلَّم الكنيسة منها أن تعرف نفسها بصورة أفضل، وتحدِّد طرق العمل الرّعوي الأكثر ملاءمة للرسالة التي أوكلها إليها ربّها. مسيرة التعلُّم هذه تشمل أيضًا طرق ممارسة خدمة الرّعاة، وخاصّة الأساقفة.

عندما قررت دعوة عدد كبير من العلمانيين والمكرسين (رجالًا ونساءً)، والشّمامسة والكهنة، كأعضاء كاملين في هذه الجمعيّة السّادسة عشرة، طوّرت ما كان مخطّطًا له جزئيًا في الجمعيّات السّابقة، وفعلت ذلك انسجامًا مع المفهوم لخدمة الأسقفيّة التي عبَّر عنها المجمع الفاتيكاني الثّاني: الأسقف، الذي هو المبدأ والأساس المرئي لوَحدة الكنيسة الخاصّة، لا يمكنه أن يعيش خدمته إلّا في شعب الله، ومع شعب الله، يتقدَّم الجزء من شعب الله الذي أوكِل إليه، أو يكون في وسطه، أو يتبعه. هذا المفهوم الشّامل للخدمة الأسقفيّة يتطلّب أن يظهر ويكون واضحًا، مع تجنُّب خطرَين: الأوّل هو التّجريد الذّهني الذي ينسى الطّابع العمليّ الخصب للأماكن والعلاقات، وقيمة كلّ شخص. والخطر الثّاني هو بكسر الشّركة والوَحدة بالمعارضة بين السُّلطة وبين المؤمنين العلمانيين. لا نريد بالطّبع أن نستبدل فئة بأخرى، بناءً على الشّعار: ”الآن دورنا!“. بل يُطلب منّا أن نتدرّب معًا في فنّ سيمفوني، وفي تكوين يشمل الجميع في خدمة رحمة الله، وفقًا للخدمات والمواهب المختلفة التي يجب على الأسقف أن يعرفها ويعزّزها.

السّير معًا، جميعًا، هو عمليّة تتجدّد فيها الكنيسة باستمرار، مطيعةً لعمل الرّوح القدس، وحساسة لعلامات الأزمنة (فرح ورجاء 4)، فتتجدّد باستمرار وتعمل على اكتمال خدمتها الأسراريّة، لتكون شاهدة صادقة للرسالة التي دُعيت إليها، ولتجمع جميع شعوب الأرض في الشّعب الواحد المنتظر في النّهاية، عندما يُجلِسُنا الله على المائدة التي أعدّها لنا (راجع أشعيا 25، 6-10).

تكوين هذه الجمعيّة السّادسة عشرة هو إذن أكثر من مجرّد حدث عارض. إنّها تعبِّر عن طريقة لممارسة الخدمة الأسقفيّة يتماشى مع تقليد الكنائس الحيّ ومع تعليم المجمع الفاتيكاني الثّاني: لا يمكن للأسقف، مثل أيّ مسيحيّ آخر، أن ينظر إلى نفسه ”بدون الآخر“. وكما أنّه لا يمكن لأحد أن يُخلِّص نفسه وحده، فإنّ إعلان الخلاص يحتاج إلى الجميع، يجب أن يكون إصغاء إلى الجميع.

إن وجود أعضاء غير أساقفة في جمعيّة سينودس الأساقفة لا يقلّل من البعد ”الأسقفي“ للجمعيّة. ولا يضع أيّ قيود أو استثناءات على السّلطة الخاصّة بكلّ أسقف وعلى المجمع الأسقفي. بل يشير إلى الشّكل الذي يجب أن تتخذه ممارسة السّلطة الأسقفيّة في كنيسة واعية لكونها في الأساس علاقة، ومن ثمّ فهي سينوديّة. العلاقة مع المسيح وبين الجميع في المسيح، – الذين هم موجودون الآن، والذين لم يأتوا بعد لكنّ الآب ينتظرهم – تحقِّق جوهر الكنيسة وصورتها في كلّ زمان.

سيتعيَّن تحديد أشكال مختلفة من ممارسة الخدمة الأسقفيّة ”الجماعيّة“ و”السينوديّة“ (في الكنائس الخاصّة، وفي تجمعات الكنائس، وفي الكنيسة ككلّ)، في الأوقات المناسبة، مع احترام دائم لإيماننا التّقليدي والتّقليد الحيّ، ومع الاستجابة دائمًا لما يطلبه الرّوح من الكنائس في هذا الزّمن الخاص وفي السّياقات المختلفة التي تعيشها. ولا ننسَ أنّ الرّوح هو الانسجام. لنفكِّر في صباح يوم العنصرة: لقد كان فيه اضطرابًا فظيعًا، لكنّ الرّوح أقام الانسجام في هذه الفوضى. لا ننسَ أنّ الرّوح هو الانسجام: إنّه ليس انسجامًا متطوّرًا أو فكريًا؛ بل هو كلّ شيء، هو انسجام في الحياة.

الرّوح القدس هو الذي يجعل الكنيسة أمينة باستمرار لرسالة الرّب يسوع المسيح، وتصغي باستمرار إلى كلمته. الرّوح يقود التّلاميذ إلى الحقّ الكامل (راجع يوحنّا 16، 13). وهو يقودنا أيضًا، نحن المجتمعين في الرّوح القدس في هذه الجمعيّة، لتقديم جواب، بعد ثلاث سنوات من المسيرة، على السّؤال: ”كيف نكون كنيسة سينوديّة مُرسَلَة؟“.

بقلوب مليئة بالرّجاء والشّكر، ونحن واعون للمهمّة الصّعبة التي أوكِلَت إلينا، أتمنّى للجميع أن تفتحوا نفوسكم وتكونوا مستعدِّين لعمل الرّوح القدس، مرشدنا الآمين، وعزائنا. شكرًا.

*******

 جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024

[1] Cfr Macario Alessandrino,  Om. 18, 7-11:  PG 34, 639-642.


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post البابا: الله لا يتعب، لأنّ حبَّه لا يتعب appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا يسأل المغفرة عن 7 خطايا ارتكبتها الكنيسة https://ar.zenit.org/2024/10/02/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d9%8a%d8%b3%d8%a3%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ba%d9%81%d8%b1%d8%a9-%d8%b9%d9%86-7-%d8%ae%d8%b7%d8%a7%d9%8a%d8%a7-%d8%a7%d8%b1%d8%aa%d9%83%d8%a8%d8%aa%d9%87%d8%a7/ Wed, 02 Oct 2024 17:57:53 +0000 https://ar.zenit.org/?p=74290 سهرة توبة في مساء يوم الثلاثاء 1 تشرين الأوّل

The post البابا يسأل المغفرة عن 7 خطايا ارتكبتها الكنيسة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
انطلقت الدورة الثانية لسينودس الأساقفة في روما يوم الأربعاء 2 تشرين الأوّل 2024. وبعد يومين من الإعداد الروحي، شارك الأعضاء الـ 386 مساء أمس، في كاتدرائية القديس بطرس في روما، في رتبة توبة مميّزة بحسب ما ذكرت آن فان ميريس من القسم الفرنسي لوكالة زينيت.

وقد طلب البابا خلال تلك الأمسية، المفتوح أمام الجميع وبالأخصّ الشباب منهم، المغفرة عن خطايا الكنيسة الكاثوليكية. إذ بعد ثلاث شهادات أدلوها ضحايا الاستغلال والحرب واللامبالاة تجاه الهجرة، قام العديد من الكرادلة بتسمية الخطايا بدقة وأعربوا عن طلبات المغفرة التي كتبها البابا بنفسه.

تم تحديد الخطايا السبع للكنيسة كالتالي: الافتقار إلى الشجاعة في البحث عن السلام بين الأمم، وعدم احترام الخليقة، وانتهاك كرامة الشعوب الأصلية والمهاجرين، والإساءة على جميع أنواعها، عدم احترام كرامة المرأة، وغرور الكنيسة التي تهمل أفقر الناس في المجتمع، وأخيراً التلقين والسلطة داخل الكنيسة. وتساءل البابا أثناء الأمسية، حيث كان يوجد أيضًا دعوة إلى الاقتراب من سرّ الاعتراف: “كيف عسانا نكون صادقين في الرسالة إذا لم نعترف بأخطائنا وإذا لم ننحدر إلى شفاء الجراح التي سببتها خطايانا؟” “شفاء الجروحات يبدأ بالاعتراف بالخطيئة التي ارتكبناها (…). وكيف عسانا نكون كنيسة سينودسية بدون مصالحة؟”

 ثم توجه البابا إلى الشباب الذين يحتاجون إلى شهادة حقيقية من الكنيسة، وطلب منهم المغفرة على عدم الشهادة بصدق. ثم تحدث عن الثقة التي يستطيع الاعتراف أن يعيدها بعمق، خاصة في بداية جمعية السينودس.

واختتم أخيرًا بصلاة الدعاء هذه: “أيها الآب، نحن مجتمعون هنا ونعلم أننا بحاجة إلى نظرتك المحبة. أيدينا فارغة، لا يمكننا أن نتلقى إلا ما يمكنك أن تقدمه لنا. نسألك المغفرة عن جميع ذنوبنا، وساعدنا على تصحيح صورة وجهك التي شوهناها بقلّة أمانتنا. ولنطلب المغفرة، بكل خجل، ممن أذته خطيئتنا”.

The post البابا يسأل المغفرة عن 7 خطايا ارتكبتها الكنيسة appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
البابا يتأمّل بثلاث صُوَر: الصّوت، والملجأ، والطّفل https://ar.zenit.org/2024/10/02/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d9%8a%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%91%d9%84-%d8%a8%d8%ab%d9%84%d8%a7%d8%ab-%d8%b5%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%91%d9%88%d8%aa%d8%8c-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%84/ Wed, 02 Oct 2024 14:12:05 +0000 https://ar.zenit.org/?p=74281 عظة القداس الإلهي في افتتاح الجمعيّة العامّة العاديّة لسينودس الأساقفة

The post البابا يتأمّل بثلاث صُوَر: الصّوت، والملجأ، والطّفل appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>

نحتفل اليوم بالتّذكار الليتورجيّ للملائكة الحرّاس القدّيسين، ونفتح من جديد الاجتماع العام لسينودس الأساقفة. وبالإصغاء إلى ما تقدِّمُه لنا كلمة الله، يمكنُنا أن نستلهم ثلاث صُوَر لتأمُّلنا: الصّوت، والملجأ، والطّفل.

أوّلًا، الصّوت. في المسيرة نحو أرض الميعاد، أوصى الله الشّعب بأن يصغي إلى ”صوت الملاك“ الذي أرسله (راجع خروج 23، 20-22). إنّها صورة تمسُّنا من قريب، لأنّ السّينودس هو أيضًا مسيرة، حيث يضع الله في أيدينا تاريخ وأحلام وآمال شعب كبير: أخوات وإخوة منتشرين في كلّ أنحاء العالم، يحرّكهم إيماننا نفسه ورغبتهم في القدّاسة، حتّى نحاول معهم ومن أجلهم أن نفهم الطّريق الذي يجب أن نسلكه لنصل إلى حيث يريدنا الله أن نكون. لكن كيف يمكننا أن نصغي إلى ”صوت الملاك“؟

إحدى الطّرق هي بالتّأكيد أن نقترب باحترام وانتباه، وفي الصّلاة وعلى ضوء كلمة الله، من جميع المساهمات التي تمّ جمعها خلال هذه السّنوات الثّلاث من العمل، والمشاركة، والنّقاش، والمجهود الصّابر لتنقية العقل والقلب. إنّها، بمساعدة الرّوح القدس، الإصغاء وفهم الأصوات، أي الأفكار والتوقعات والمقترحات، لنميِّز معًا صوت الله الذي يتكلّم إلى الكنيسة (cfr Renato Corti, Quale prete?, Appunti inediti). كما ذكرنا مرارًا، نحن لسنا برلمانًا، بل نحن مكان للإصغاء في الشّركة والوَحدة، وكما يقول القدّيس غريغوريوس الكبير، ما يملكه الواحد منّا جزئيًا، يملكه الآخر كاملًا، وعلى الرّغم من أنّ البعض لديهم مواهب خاصّة، إلّا أنّ كلّ شيء هو ملك الإخوة في ”محبّة الرّوح“ (راجع عظات في الأناجيل، XXXXIV).

لكي يحدث هذا، هناك شرط، وهو أن نتحرّر من ما يمكن أن يمنع، فينا وبيننا، ”محبّة الرّوح“ من خلق التّناغم في التّنوع. الذين لا يستطيعون أن يسمعوا صوت الله هم الذين يتصرّفون بتعالٍ ويدّعون أنّ لديهم امتيازًا خاصًّا بهم دون غيرهم (راجع مرقس 9، 38-39). يجب أن نَقبَلَ كلّ كلمة بشكر وبساطة، لتكون صدىً لما منحه الله لخير الإخوة (راجع متّى 10، 7-8). عمليًّا، لنتجنَّب تحويل مساهماتنا إلى نقاط عناد ندافع عنها أو أجندات نفرضها، بل لنقدِّمها عطايا للمشاركة، ولنكُنْ مستعدّين أيضًا أن نضحّي بما هو خاصّ بنا، إن كان ذلك يساعد على أن نَلِدَ شيئًا جديدًا معًا حسب مخطّط الله. وإلّا سننتهي بحوارات بين الصّمّ، حيث يحاول كلّ واحد أن ”يسحب الماء إلى طاحونته“ دون أن يصغي إلى الآخرين، ودون أن يصغي بشكل خاصّ إلى صوت الله.

الحلول للمشاكل التي نواجهها ليست لدينا نحن، بل لديه هو (راجع يوحنا 14، 6)، ولنتذكّر أنّ السّير في البرّيّة لا مزاح فيه: إن لم ننتبه إلى الدّليل، واعتمدنا على أنفسنا، فقد نموت جوعًا وعطشًا، وقد نجرّ معنا الآخرين. لنصغِ إذن إلى صوت الله وملاكه، إن أردنا حقًّا أن نواصل مسيرتنا بأمان، بالرّغم من الحدود والصّعاب (راجع مزمور 23، 4).

وهذا يقودنا إلى الصّورة الثّانية: الملجأ. الرّمز هنا هو الأجنحة التي تحمي: “يُظَلِّلُكَ بِريشِه” (مزمور 91، 4). الأجنحة هي أدوات لها قدرة، تقدر أن ترفع الجسد عن الأرض بقوّة حركتها. ومع ذلك، ومع قوّتها، يمكن أن تنزل وتنضمّ فتصير درعًا وعشًّا دافئًا للصّغار، المحتاجين إلى الدّفء والحماية.

هذا رمز لما يصنعه الله لنا، لكنّه أيضًا مثال علينا أن نتبعه، وخصوصًا في هذا الوقت المجمعيّ. أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، يوجد بيننا أشخاص كثيرون أقوياء، ومؤهّلون، وقادرون على أن يرتفعوا إلى فوق بحركات تأمّلاتهم النّشطة وحدسهم العبقري. كلّ ذلك هو غِنى يحفّزنا، ويدفعنا، ويجبرنا أحيانًا على أن نفكّر بطريقة أكثر انفتاحًا وأن نستمرّ في التّقدّم بحزم، ويساعدنا أيضًا على أن نبقى ثابتين راسخين في الإيمان أمام التّحدّيات والصّعاب. ولكنّها عطيّة يجب أن ننخفض بها، في الوقت المناسب، فنُرخي عضلاتنا وننحني، لكي نقدّم بعضنا لبعض مثل عناق دافئٍ ومكان للحماية، لنكون، كما قال القدّيس بولس السّادس، “بيتًا […] للإخوة، وورشة عمل مكثّفة، وعلّيّة متَّقدة بالرّوحانيّة” (كلمة إلى مجلس رئاسة مجلس الأساقفة الإيطاليّ، 9 أيّار/مايو 1974).

كلّ واحد منّا، هنا، سيشعر بأنّه حرّ في التّعبير عن نفسه بشكل عفويّ وبحرّيّة، بقدر ما يشعر بوجود أصدقاء حوله يحبّونه ويحترمونه ويقدّرونه ويرغبون في سماع ما يقول.

وبالنّسبة لنا، هذا الأمر ليس مجرّد تقنيّة ”لتسهيل“ الحوار أو ديناميكيّة التّواصل الجماعيّ: فالعناق والحماية والرّعاية هم في الواقع جزء من طبيعة الكنيسة نفسها. الكنيسة بحكم دعوتها هي مكان يستقبل ويجمع، حيث “المحبّة الجماعيّة تتطلّب انسجامًا تامًّا، ومنه تنبثق قوّتها الأخلاقيّة، وجمالها الرّوحي، وطبيعتها المثاليّة” (المرجع نفسه). هذه الكلمة مهمّة جدًّا، ”الانسجام“. لا توجد أغلبيّة ولا أقلّيّة. يمكن أن تكون هذه خطوة أولى. ما يهمّ، وما هو أساسيّ هو الانسجام، الانسجام الذي لا يمكن أن يصنعه إلّا الرّوح القدس. إنّه المعلّم في الانسجام، الذي باختلافات كثيرة، يقدر أن يخلق صوتًا واحدًا، بأصوات مختلفة كثيرة. لنفكّر في صباح يوم العنصرة، كيف أنشأ الرّوح القدس ذلك الانسجام في الاختلافات. الكنيسة بحاجة إلى ”أماكن مسالمة ومنفتحة“، يجب خلقها في القلوب أوّلًا، حيث يشعر كلّ واحد بأنّه مقبول مثل الابن بين ذراعي أمّه (راجع أشعيا 49، 15. ​​66، 13) ومثل الطّفل الذي ​​يرفعه والده إلى وجنته (راجع هوشع 11، 4. مزمور 103، 13).

ونصل هكذا إلى الصّورة الثّالثة: الطّفل. يسوع نفسه، في الإنجيل، ”وضع الطّفل في الوسط“، وأظهره للتّلاميذ، ودعاهم إلى أن يتوبوا ويصيروا صغارًا مثله. سأله التّلاميذ من تُراه الأكبر في ملكوت السّموات: فأجابهم وشجّعهم على أن يصيروا صغارًا مثل الأطفال. ليس ذلك فقط: أضاف أيضًا أنّ من قبل طفلًا باسمه، فقد قبله هو (راجع متّى 18، 1-5).

وبالنّسبة لنا، هذا التّناقض أساسيّ. فالسّينودس، بسبب أهمّيّته، يطلب منّا بمعنى ما أن نكون ”كبارًا“ – في عقلنا، وفي قلبنا، وفي رؤيتنا – لأنّ القضايا التي نتناولها ”كبيرة“ وحسّاسة، والسّياقات المدرجة فيها واسعة وشاملة. ولهذا السّبب بالتّحديد، لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بأن نُبعد نظرنا عن الطّفل، الذي يضعه يسوع باستمرار في وسط لقاءاتنا وعلى طاولات عملنا، ليذكّرنا بأنّ الطّريقة الوحيدة لنكون ”على مُستوى“ المهمّة التي أوكلها إلينا، هي أن ننحني ونصير صغارًا وأن نقبل بعضنا بعضًا مثل الأطفال، وبتواضع.

لنتذكّر أنّ الله عندما صار صغيرًا “أظهر لنا ما هو الكبر الحقيقيّ، وما معنى أن يكون الله” (البابا بنديكتس السّادس عشر، عظة في عمّاد الرّبّ يسوع، 11 كانون الثّاني/يناير 2009). وليس من قبيل الصّدفة أنّ يسوع قال إنّ ملائكة الأطفال ” يُشاهِدونَ أَبَدًا وَجهَ أَبي الَّذي في السَّمَوات” (متّى 18، 10): أي أنّهم بمثابة ”تلسكوب“ يشاهدون محبّة الآب.

أيّها الإخوة والأخوات، لنستأنف هذه المسيرة الكنسيّة بنظرة موجّهة نحو العالم، لأنّ الجماعة المسيحيّة هي دائمًا في خدمة الإنسانيّة، لإعلان فرح الإنجيل للجميع. نحن بحاجة إلى ذلك، خاصّة في هذا الوقت المأساوي من تاريخنا، حيث تستمرّ رياح الحرب ونيران العنف في زعزعة شعوب وأمم بأكملها.

لطلب شفاعة سيِّدتنا مريم العذراء كلّية القداسة من أجل عطيّة السّلام، سأتوجَّه الأحد المقبل إلى بازيليكا القدّيسة مريم الكبرى، حيث سأتلو صلاة المسبحة الورديّة المقدّسة وأوجّه لمريم العذراء نداءً من قلبي، وإن أمكن، أطلب منكم أيضًا، أنتم أعضاء السّينودس، أن تنضمّوا إليّ في تلك المناسبة.

وفي اليوم التّالي، 7 تشرين الأوّل/أكتوبر، أطلب من الجميع أن يعيشوا يومًا من الصّلاة والصّوم من أجل السّلام في العالم.

لِنَسِرْ معًا. ولنُصغِ إلى الرّبّ يسوع. ولنَسمَحْ لنسمة الرّوح القدس بأن تقودنا.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

The post البابا يتأمّل بثلاث صُوَر: الصّوت، والملجأ، والطّفل appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
الفاتيكان ينشر “أداة العمل”، الوثيقة السينودسية https://ar.zenit.org/2024/07/11/%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%a7%d8%aa%d9%8a%d9%83%d8%a7%d9%86-%d9%8a%d9%86%d8%b4%d8%b1-%d8%a3%d8%af%d8%a7%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d9%84%d8%8c-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%ab%d9%8a%d9%82%d8%a9-%d8%a7/ Thu, 11 Jul 2024 11:11:49 +0000 https://ar.zenit.org/?p=73317 استعدادًا للدورة الثانية من السينودس حول السينودسية

The post الفاتيكان ينشر “أداة العمل”، الوثيقة السينودسية appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
نشر الفاتيكان يوم الثلاثاء 9 تموز 2024 وثيقة عن أداة العمل المخصصة لأعضاء الدورة الثانية للسينودس حول السينودسية التي ستنعقد في روما في شهر تشرين الأول المقبل. تشكّل هذه الوثيقة “أداة ثمينة للمجموعات الفردية على المستوى الأبرشي والوطني الذين يرغبون مواصلة التفكير والتمييز حول كيفية السير معًا ككنيسة وتنفيذ المبادرات الكنسيّة”.

تلخّص أداة العمل التي تتألّف من 32 صفحة أعمال الكنيسة المحليّة حول عنوان: “كيف يمكن أن تكون الكنيسة السينودسية في الرسالة؟” وصل 114 تقريرًا إلى الفاتيكان، من بينها 108 من المجالس الأسقفية و9 من الكنائس الشرقية الكاثوليكية. أما التقارير الأخرى فأتت من مجموعات كنسيّة أخرى من قارات عديدة. من هنا، تمّ تشكيل لجنة من الخبراء القانونيين لدعم عمل اللاهوتيين الذين اجتمعوا في روما في الأوّل من شهر حزيران بهدف جمع الأعمال. تمّ إرسال نسخة أولى إلى 70 شخصًا يمثّل شعب الله في العالم (كهنة، مكرّسين وعلمانيين، ممثّلين عن الفعاليات الكنسية ولاهوتيين، ممثلين رعويين وعدد لا بأس به من الكهنة).

تتألّف أداة العمل من 5 أقسام وهي تتناول بشكل أساسيّ أسس السينودسية وفهمها، بالإضافة إلى مساهمة كلّ المعمَّدين في رسالة الكنيسة. إنها تتطرّق إلى موضوع العلاقات – مع الله الآب، بين الإخوة والأخوات، وبين الكنائس – الإصغاء والحوار من أجل اتحاد أكبر، التمييز الكنسيّ، وطريقة ممارسة المسؤولية “الشفافة”.

إنّ أداة العمل هذه تدعونا لكي نفكّر في أسلوبنا حتى نكون كنيسة سينودسية رسولية، والالتزام بإصغاء وحوار عميقين، وعيش المسؤولية المشتركة على ضوء ديناميكية دعوتنا عند العماد، على صعيد شخصي أم جماعيّ، وتحويل الهياكل والعمليات للسماح للجميع في المشاركة وتقاسم المواهب الذي يفيضها الروح القدس على الجميع من أجل الخير العام وممارسة القوّة والسلطة كخدمة. إنّ كلّ جانب من هذه الجوانب هو خدمة مقدّمة إلى الكنيسة وفرصة لشفاء الجروحات الأكثر عمقًا في عصرنا.

The post الفاتيكان ينشر “أداة العمل”، الوثيقة السينودسية appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
تنشئة عبر الانترنت للاستعداد للدورة الثانية من السينودس https://ar.zenit.org/2024/02/21/%d8%aa%d9%86%d8%b4%d8%a6%d8%a9-%d8%b9%d8%a8%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d8%aa%d8%b1%d9%86%d8%aa-%d9%84%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%b9%d8%af%d8%a7%d8%af-%d9%84%d9%84%d8%af%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d8%a7/ Wed, 21 Feb 2024 11:20:06 +0000 https://ar.zenit.org/?p=71355 دورة بست لغات تبدأ في 2 آذار

The post تنشئة عبر الانترنت للاستعداد للدورة الثانية من السينودس appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>
سيتمّ تقديم دورة عبر القارات تحت عنوان “نحو كنيسة سينودسية” من 2 آذار حتى 15 منه في العام 2024 وستفسح المجال أمام المشاركين بالتحضير للدورة الثانية للسينودس حول السينودسية التي ستنعقد من 2 تشرين الأوّل حتى 27 منه في روما.

إنها الدورة التدريبية الثالثة للقارات عبر الانترنت التي تقدّمها الكنيسة الكاثوليكية وستترجم إلى 6 لغات: الإنكليزية والإسبانية والبرتغالية والفرنسية والإيطالية والبولندية والألمانية. سيستخدم البرنامج منصة رقمية أنشأها قسم “التنشئة الدائمة” في كلية اللاهوت والرعاية الرعوية في بوسطن، الولايات المتحدة. وسيتم تسجيل مقاطع فيديو الخاصة بالمؤتمر، وجميعها مجانية ومسجَّلة مسبقًا ومتوافرة في أي وقت طوال شهر آذار.

سيقدّم الكاردينال جان كلود هوليريش، رئيس أساقفة اللوكسمبورغ هذه الدورة عبر الانترنت، وسيتنوّع المتحدّثون مثل الكاهن اللاهوتي الكندي جيل روتييه، الكاهن اللاهوتي البلجيكي ألفونس بوراس، الراهبة الفرنسية نتالي بيكار والأخ ألويس، المرشد السابق لتيزيه.

ستسمح الدورة الثانية من السينودس لكل المشاركين بمواصلة أعمالهم وتعميق بعض المواضيع كان قد تم التداول فيها في شهر تشرين الأول الفائت. هذا يفرض عمليّة تمييز وتنشئة ومن المتوقّع أنه في خلال الدورتين السابقتين لبرنامج الدورات التدريبية الدولية عبر الانترنت، تلقى حوالى 100 ألف راهب وراهبة وأسقف وعلماني وكاهن تنشئة من مختلف القارات.

The post تنشئة عبر الانترنت للاستعداد للدورة الثانية من السينودس appeared first on ZENIT - Arabic.

]]>