Index

11/12/2018-19:42

ألين كنعان إيليّا

راهبة، 93 عامًا، تشارك مع البابا في القداس وتدلي بشهادتها

شاركت الراهبة أوسيليا بوليتا، 93 عامًا و70 عامًا راهبة، في القداس الإلهي اليوم في دار القديسة مارتا مع البابا فرنسيس. وقد ذكرت راهبة الحبل بها بلا دنس في لورد رسالة جمعيّتها مع اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية: “أريد أن أقابل من جديد هذه العائلات اليهودية التي استضفناها أثناء احتلال روما في ديرنا شارع سيستينا.

وأخبرت الراهبة الإيطالية: “أنا أتذكّر بشكل خاص أمًا ومعها ولديها: لقد ربطتنا صداقة معهم وكنا نشجّع بعضنا حتى نتخطّى معًا الخوف”.

تأسست جمعية الحبل بها بلا دنس في العام 1863 وهي تضمّ اليوم حوالى 115 راهبة يتكرّسن لاستقبال الحجاج في المزار المريمي وإلى تثقيف الشبيبة ومساعدة الناس المتألّمين في أوروبا والتشيلي والبرازيل والأرجنتين.

لقد عاشت الأخت أوسيليا في إيطاليا وبلجيكا وسويسرا وفرنسا: “على مدى أربعين عامًا في نيس، خدمت الأشخاص المسنين والمرضى من كلّ قلبي… واليوم تكمن مهمّتي بالصلاة: أنا أصلّي بنوع خاص وكل يوم على نيّة البابا وتطويب بيوس الثاني عشر وعلى نية الشبيبة حتى لا ييأسوا وأن يعيشوا دعوتهم حتى النهاية”.

ومن بين الأمور الأكثر عزيزة على قلب الراهبة هي بطاقتها الانتخابية مفسّرة: “لقد كانت المرّة الأولى التي يُسمح فيها للنساء أن يتوّجهن إلى أقلام الاقتراع ولم أفوّت هذه الفرصة التاريخية لأدلي بصوتي من أجل بنيان إيطاليا بعد الحرب”.

Print Friendly, PDF & Email

11/12/2018-19:27

ألين كنعان إيليّا

زمن المجيء هو زمن اكتشاف فراغاتنا

“زمن المجيء هو زمن التعرّف على الفراغات التي يجب أن نملأها في حياتنا، من خلال التخفيف من كبريائنا وإفساح المجال ليسوع عوض ذلك” إنها التغريدة التي نشرها البابا فرنسيس في 9 كانون الأول 2018، الأحد الثاني من زمن المجيء.

أُخذ هذا القول من صلاة التبشير الملائكي يوم 10 كانون الأول 2017 وفسّر البابا: “يمكن أن يكون الفراغ في حياتنا نتيجة عدم الصلاة أو الصلاة الخفيفة. إذًا إنّ زمن المجيء هو الوقت المناسب للصلاة بكثافة وإيلاء الحياة الروحية الأهمية اللازمة”.

وأضاف: “يمكن أن ينتج فراغ آخر وهو الافتقار إلى المحبّة تجاه القريب، بالأخص تجاه الأشخاص الذين هم بأكثر حاجة إلى المساعدة، ليس على المستوى المادي فحسب بل على المستوى الروحي أيضًا. نحن مدعوون لأن نكون أكثر تيقّظًا لحاجات الآخرين وأقرب إليهم”.

وحذّر البابا: “حيث يوجد الكبرياء والسيطرة، لا يستطيع الرب أن يدخل… علينا أن نكسر من كبريائنا وأن نتصرّف بلطف وتواضع: الإصغاء والتحدّث بوداعة والاستعداد لمجيء المخلّص الذي هو وديع ومتواضع القلب” (راجع متى 11: 29)

Print Friendly, PDF & Email

11/12/2018-19:12

ألين كنعان إيليّا

البابا: حنان الربّ يخلّصنا من التشاؤم الروحي

احتفل البابا فرنسيس اليوم بالقداس الإلهي في دار القديسة مارتا كالعادة، وعلّق على القراءة الأولى التي قدّمتها الليتورجيا (أش 40: 1 – 11) بحسب ما أوردت إذاعة الفاتيكان “عزّوا، عزّوا شعبي يقول إلهكم، خاطبوا قلب أورشليم ونادوها بأن قد تمّ تجنّدها وغُفر إثمها واستوفت من يد الربّ ضعفين عن جميع خطاياها”.

وفسّر بأننا نتحدّث عن عزاء الخلاص والبشرى السارّة بأننا خُلّصنا إنما نحن لا نريد أن نخاطر ونقاوم التعزية كما لو أننا نشعر بالأمان في الأمواج المضطربة للمشاكل”. نحن نراهن على الخراب والمشاكل والهزيمة… نحن مرتبطون بهذا التشاؤم الروحي”.

وتساءل البابا: “ولكن كيف يعزّي الربّ؟ من خلال الحنان. إنها لغة لا يعرفها أنبياء السوء: الحنان. إنها كلمة محتها الشوائب التي تبعدنا عن الربّ: الرذائل الدينية، رذائل المسيحيين الذين لا يريدون أن يتحرّكوا وهم فاترون… الحنان يخيف إنما هو أسلوب الربّ بتعزية الرب… الحنان يعزّي”.

وأصرّ البابا على أنّ الحالة الاعتيادية للمسيحي يجب أن تكون التعزية. حتى في الأوقات الصعبة: كان الشهداء يدخلون إلى الكوليزيه ينشدون؛ شهداء اليوم – أنا أفكّر في العمّال الشجعان الأقباط الذين ذُبحوا على شاطئ ليبيا وكانوا يقولون: “يسوع، يسوع!”: توجد هنا تعزية؛ فرح في أثناء الاستشهاد”.

وشدد على أنّ العزاء هو يختلف عن التفاؤل: يمكننا أن نرى التعزية في الأشخاص المشرقين والإيجابيين. في أوقات الألم، لا يمكن للمسيحي أن يفقد السلام لأنّه عطية من الربّ”.

ودعا البابا إلى الصلاة في الختام قائلاً: “لنستعدّ للميلاد على الأقلّ من خلال السلام: سلام القلب، سلام حضورك، السلام الذي يُعبَّر عنه من خلال العناق. أنا لهذه الدرجة خاطئ… إنما ماذا يقول إنجيل اليوم؟ ليعزِّ الربّ مثل الراعي، إن تاه أحد غنمه، يذهب ليبحث عنه تمامًا مثل الرجل الذي يملك مائة خروف فيتركها ليبحث عن الخروف الضائع. هكذا يفعل الربّ معنا. لا أريد السلام، أنا أقاوم السلام والتعزية… إنما هو على الباب. هو يقرع الباب حتى نفتح له قلبنا ليعزّينا ويشعرنا بالارتياح. وهو يقوم بذلك بلطف: هو يقرع بحنان”.

Print Friendly, PDF & Email

11/12/2018-06:06

أنطوانيت نمّور

نحن أبناء البريئة من الخطيئة الأصليّة

“إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ” (رو 3: 23).
يستعمل البعض هذه الآية ليجزم بعدم صوابية “عقيدة الحبل بلا دنس” المريمية.
في الواقع، هذه الآية ليست بصدد مشادة حول براءة مريم من الخطيئة الأصلية، ولكن حول “حالة تصنيف” اليهود والوثنين أمام الله. الرسول بولس كان يكتب الى مجتمع روماني مختلط بين جذور يهودية و أخرى وثنية، وكان هذا المجتمع يناقش سؤال في غير محله:
هل مَن هم من جذور يهودية هم أقرب إلى الله من الآتين من جذور وثنية ؟؟؟

في الحقيقة “من المفضّل عند الله” كانت مسألة مغرية حتى عند الرسل. ألم يتشاجر هؤلاء حول من كان الأعظم في ملكوت الله (لوقا 22:24)؟؟؟؟
يلفت الكاتب الكاثوليكي “شيا” أن مسيحيي اليوم ليسوا بأفضل: لا يزال لدينا اسئلة مشابهة و لو أن في طيّتها لا نستخدم مسألة العرق أو الأصل الإثني باعتبارها العامل الحاسم في تحويلنا “المفضلين عند الله”! هو محق فكم تتعدد لدينا أساليبنا في التركيز على من هو أتقى ونطرح أولويتنا في القبض على المعرفة معتبرين أنّ أجوبتنا هي الأصحّ والأدقّ ونقارن فيما بيننا حتى فيما يتعلّق بالأعمال الخيرية!!! تبدو مسألة التصنيف هذه متجذرة بعمق في النفس البشرية…. ويشبّه صديقنا الكاتب مسألة “من المفضل عند الله ؟؟؟” بقلق مجموعة من مرضى سرطان مميت قلقين من حالته “مميتة أقل” من غيره!!!
(الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله) توضح حاجة “الجميع” الى المخلّص: وهذا لا يتناقض مع العقيدة المريمية. فمريم كانت بحاجة إلى الفداء وقد افتديت فعلاً بنعمة المسيح لكن بشكل خاص و نستطيع أن نقول مسبق و” كانت العلة الغائية للحبل بمريم البريء من الدنس هي أمومتها الإلهية”.
القديس بولس، الذي كان يعرف المزامير جيداً كان يذكّر مجموعة روما المتناحرة بالمزمور الرابع عشر (كلهم قد حادوا جميعًا وفسدوا معًا وليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد). و لكن بولس كان يعرف أيضاً أن المرنم داوود في مزموره الثامن عشر يتغنى بالرب الذي يجازيه على “برّه” (يجازيني الرب مثل بري، مثل طهارة يدي يكافئني…) فهل يناقض كاتب المزامير نفسه؟!طبعاً لا!! و لكن بولس كان يعرف الكتاب ويدري أنه لا يجب أن تُقرأ الأمور بشكل حرفي أو مجتزء. جدير بالذكر أن قراءة حرفية لآية الرسالة الى أهل روما تجعل من يسوع “إبن الإنسان” الكامل من الأثمة: منطق يناقض الحقيقة التعليم و مضمون الرسالة نفسها!
أن في نعمة حواء الجديدة مريم في براءتها من الخطيئة الأصلية من تكوينها تتألق محبة الله لها و لنا جميعاً معاً … و مع البابا فرنسيس في صلاته في عيد سلطانة الحبل بلا دنس نردد :
” أن نعلم، أنك يا أمنا، خالية تماماً من الخطيئة، هو عزاء كبير لنا. أن نعلم أن الشر لا سلطان له عليك… هذا يملؤنا بالأمل والقوة في نضالنا اليومي ضد تهديدات الشرير… وعلى الرغم من أننا خطأة، نحن ما زلنا أبناءك، أبناء البريئة من دنس الخطيئة، ومدعوون إلى القداسة التي تضيء فيك بنعمة الله منذ البداية… فلتحرر قوة محبة الله التي حفظتك من الخطيئة الأصلية، الإنسانية من كل شكل من أشكال العبودية الروحية والمادية، ولينتصر مخطط الرب الخلاصي في كل القلوب وفي التاريخ….”

Print Friendly, PDF & Email

11/12/2018-05:59

أنطوانيت نمّور

عندما يموت الجوع ويتعزّى الموجوع

أمس كان العاشر من كانون الاول وكان يوافق الذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. حديث كثير عن كرامة الإنسان و حقوقه… و في المقلب التطبيقي تجاهل صارخ لكل تلك!!
أمس،على وقع أنين جوع شعوب منسية في لائحة تحصيل أدنى حقوق الإنسانية تجمّدت مواثيق الأمم المتحدة ولا يُسجل حراك فمصلحة ” البعض النافذ” لا تقتضي ذلك!

أندرك أنه فيما بعض من البشر يموتون من التخمة أكثر من مليون طفل يموتون في أرجاء اليمن اليوم. قد يفقد اليمن جيلا بأكمله إن لم يتم وضع حد لهذه المعاناة. في وثائقي غطت فيه أوضاع البلد المنكوب تخبرنا نوال المقحفي عن شعيب، ابن الأربعة أعوام الذي اقترض جده من الجيران لكي يسافر به ويحضره إلى المستشفى الرئيسي في الحديدة بسبب معاناته من الحمى والإسهال. لكن المستشفى يكافح من أجل التكيف؛ فبين الضربات الجوية وانقطاع الكهرباء ونقص الإمدادات يتعرقل توفير الرعاية والعناية المطلوبة. لذلك اضطر الأطباء إلى إخبار الجد أنه ليس بوسعهم مساعدته لأن المضادات الحيوية المتوفرة لديهم لا تعالج نوع البكتيريا الذي لديه. ومع استلقاء شعيب على السرير في المستشفى، أخذ جسده يبرد بمرور الوقت… و ها هو جده يمسك بيديه ناحبًا. توفي شعيب بعد ساعة.

يقول دانتي في وصفه “الجحيم” أنّ معظم قاطنيه ليسوا بمتمردين بقدر ما هم “لامبالين”… عاشوا فقط لذواتهم و لذاتهم…. كم هو مفيد اليوم أن تدخل كلمات ‘العربية الصغيرة ‘ (القديسة مريم ليسوع المصلوب) في أذهان و قلوب قساة القلوب.”عندما تصنع سماء لأخيك فهي تكون لك” !! تساعدنا هذه المقاربة لنرتقي فإن في حكمتها ترياق يعالج “لامبالاة” قاتلة ويحفظ حقوق منسيّة أو تُطبق بإنتقائية في اللعبة التي يديرها “الكبار” على كرتنا الأرضية ..

أمام واحدة من أسوأ كوارث تمر بالإنسانية في العالم اليوم نذكر خبرة للأم تريزا، تقول :
” في إحدى الأمسيات، عندما كنتُ طفلة صغيرة، جاء أحدهم إلى بيتنا وأخبرنا عن عائلة هندوسية فقيرة عندها ثمانية أولاد لم يأكلوا شيئاً منذ أيام . أخذت صحناً من الطعام وذهبت إلى تلك العائلة فرأيت الجوع في عيون الأطفال. إلا أنَّ الأم أخذت الصحن شاكرة فوضعت نصف ما فيه من طعام في صحن آخر وخرجت لتعود بعد قليل والصحن فارغ. فسألتها ما فعلت بالطعام فقالت وهي تُشير إلى باب جيرانهم المسلمين: “وهم أيضاً لم يأكلوا مثلنا منذ أيام.” فرجعت إلى بيتي وقد تعلمت الكثير… وتضيف الأم القديسة:
“تسألوني متى ينتهي الجوع في العالم؛ وأنا أجيبكم: عندما نبدأ، أنت وأنا، بتقاسم ما هو موجود”.
أصابت القديسة! فالطمع أورث سياسات ملتوية يموت جوعاً بسببها اليوم ملايين من البشر…. وفيما الميلاد يقترب ونتأمل بالرب الذي تواضع وشاء أن يشاركنا الإنسانية عارضاً علينا مشاركته بنوته الإلهية: نصلي، أن نقبل العرض ونمتهن المشاركة في كل خيرات الأرض فيموت الجوع ويتعزى الموجوع!!

Print Friendly, PDF & Email

11/12/2018-05:54

جيزل فرح طربيه

تسلّل العصر الجديد في الكنيسة – 15

“يا تيموتاوس، إحفظ الوديعة، مُعرضًا عن الكلام الباطل الدنس، ومخالفات العلم الكاذب الذي إذ تظاهر به قومٌ  زاغوا من جهة الإيمان” (1تم6/ 20)

لقد نجح العصر الجديد في التسلّل تقريبًا إلى كلّ نواحي الحياة اليومية ومن خلالها إلى بعض أفكار وممارسات المؤمنين إكليروسًا وعلمانيين. نشهد هذا التسلّل في وسائل الإعلام المرئي المسموع والمكتوب، في مواقع التواصل الإجتماعي و الإنترنت، في الأدب والتلفزيون والمسرح والسينما، في العلوم (خصوصًا في مجاليْ الطب وعلم النفس غير الكلاسيكي) و الفنون مثل الرسم والنحت والرقص التعبيري وحتى في تصميم الأزياء، في الجامعات ومراكز التدريب والنوادي الرياضية وما شابهها.

مثلاً نجد ازدهاراً لم يسبق له مثيل، لنوادي رياضية تروّج  لليوغا وتدريبات على التنفّس يطلقون عليها تسميات علمية مركّبة وغريبة مأخوذة عن البراناياما (تداريب التنفّس في اليوغا) مثلًا “التنفّس الإنفعالي  المحرّر Emotional liberation breathing  على أنّها من الطرق العلمية الفعّالة في علاج الكثير من الأمراض. وفي الوقت نفسه تروّج فيها المعالجات البديلة المتنوّعة )هي من تقنيات العصر الجديد)، مثل العلاج بأحجار الكريستالCrystal Therapy والزيوت العطريةAromatic oil Therapy  وأزهار باخBach’s flowers ، علاجات الطاقة كالريكيReiki  والبرانيك هيلينغPranic Healing  وجلسات غيبية لكشف الطالع بواسطةكارت التاروTarot cards  ودورات ما يسمّى بالتنويم الذاتيAuto Hypnose والتنويم الموّجهHypnose dirigée  الخ[1].

أيضاً نقرأ إعلانات كثيرة عن محاضرات في العلوم الباطنية والقدرات العقلية والفكرية الدفينة والتنمية البشرية، يحييها مدرّبون على الحياة Life Coach  ومعالجون بالتنويم الإيحائي، تدعو إليها أو ترعاها في بعض الأحيان، ويا للأسف، جامعات ومعاهد مسيحية. وتنتشر حديثًا محترفات وورشات عمل للزخرفة ورسم “الماندلا”Mandala وهي أداة بوذية للتأمّل الموّجه من أجل الحصول على السلام والإسترخاء والإتزان [2]، وتلقى موضة الأندروجينية أو الخنثية Androginy رواجًا كبيرًا (موضة في الأزياء للذكور والإناث على السواء بما أنّ في الإنسان عنصريْ الذكورة والأنوثة معًا).

 لقد نجح العصر الجديد في إدخال تقنيات إلى العلوم خصوصًا في مجاليْ الطب العام والطبّ النفسي، مستوحاة بأغلبها من ديانات الشرق الأقصى وفرضيات فلسفية غير علمية. على أثر ذلك إنتحل أشخاصٌ كثيرون صفة الطب والعلاج النفسي أو ابتدع بعض الأطباء الكلاسيكيون معالجات مستحدثة تجد إقبالاً لدى الناس الذين سئموا أو يئسوا من الطب الكلاسيكي. تجد مثلاً محاضرات على الإنترنت يلقيها أطباء في الجهاز العصبي Neurologist أو معالجين نفسيينPsychiatrist  لهم مراكز مرموقة في جامعات مهمّة في أميركا وأوروبا (وقد يدّعي بعضهم أنّ لديهم شهادات اختصاص ولكنّها من جامعات غير معترف بها في بلد المنشأ) أو تروّج لعلاجات تقليدية إيزوتيريكية أرواحية يطلقون عليها تسميات عديدة كالطبّ التكاملي والكُليانيIntegrative and Holistic Medicine الخ… تدرّ عليهم أرباحًا طائلة يدعمونها بإحصاءات ورسومات ودراسات غير موضوعية ومنحازة.

مؤخرًا وخلال أبحاثي الدائمة في موضوع العصر الجديد وتسللّاته، وجدتُ مركزاً للطبّ التكاملي تابع لجامعة مرموقة في الولايات المتحدة يتكلّم عن فوائد التأمّل الشرقي الآسيوي ويدعمه بصورٍ بيانية وإحصائيات الخ… فقمتُ ببحثٍ عنه على الإنترنت ووجدتُ أنّ مديرته أخصائية في العلاج النفسي حاصلة على دبلوم غي الدراسات العليا والمركز يروّج لعلاجات بديلة يعتمدها العصر الجديد مثل: اليوغا، وخز الإبر الصينيAcupuncture  والطبّ الصينيChinese Medicine، الأيورفيداAyureveda ، التغذية الحيوية الإرتجاعية Biofeedback، التخيّل الذاتي الموّجهGuided self Visualization ، العلاجات اليدوية مثل تقويم العامود الفقريOstheopathy وغيرها، علاج نفسي متكاملIntegrative psychiatry and psychotherapy، تغذية متكاملةIntegrative nutrition  … وفي تعريفهم عن هذه العلاجات يقولون  أنّها كُليانيةHolistic  يعني أنّها  تطال الجسد والنفس والروح معًا. وترتكز على خلطة من عدّة فلسفاتBlending multiple philosophies . نستنتج أنّ الطبيب يعالج إنطلاقًا من اعتقاداته الإيمانية وليس على أساس حقائق ومعطيات طبية علمية موثوقة بحسب المنهجية العلمية.

 والأمر نفسه يحصل في علم النفس فنرى تسميات جديدة مثل: علم النفس التكامليIntegrative psychology  وعلم النفس عبر الشخصي Transpersonal psychology  وعلم النفس الإيجابيPositive psychology  و الإنساني وغيرها.

كلّ هذه الممارسات والعلاجات البديلة،كما شرحنا سابقًا، يرتكز أغلبها على محاور أساسية من تعاليم العصر الجديد منها: العلوم الباطنية les sciences Esoteriques  ( التيوزوفية، الأنتروبوزوفية،..)/

الخفائيةOccultisme  و الممارسات الغيبية وصوفية الشرق الأقصى/

علم النفس المروْحن وغير الكلاسيكي وتفعيل القدرات العقلية/ العلوم الزائفة المستوحاة من معتقدات قديمة والتكنولوجيا كوحي/ مذهب المتعةHedonisme /  نظرية التطوّر الداروينية الملحدة/ الحلولية والتقمّص والطاقة الكونية/ الأنانية والفردانية والتمحور حول الذات/ التواصل مع أرواح مرشدة (الأرواحية)Channeling  والعوالم الماورائية.  نتذكّر هنا ما حذّر منه الرسول بولس تلميذه تيموتاوس قائلاً: “ولكنّ الروح يقول صريحًا” إنّه في الأزمنة الأخيرة يرتدّ قومٌ عن الإيمان، تابعين أرواحًا مضلّة وتعاليم شياطين، في رياء أقوالٍ كاذبة موسومة ضمائرهم، مانعين عن الزواج، وآمرين أن يمتنع عن أطعمة قد خلقها الله لتتناول بالشكر من المؤمنين وعارفي الحق”(1تم4/ 1و2).

علوم حقيقية أم علوم كاذبة ؟

لعقود طويلة حرّض عدوّ الخير العلماء على تنوّعهم، لينتقدوا الكنيسة ويتهمّوها بالرجعية وبالعدائية للعلوم. مع العلم أنّ الكنيسة قد سبق وأعلنت تأييدها للعلوم في تعاليمها وإرشاداتها وأكّدت أنّ العلم والإيمان ليسا في تناقض بل على العكس هما يسيران في نفس الإتجاه[3]. وكان أغلب هؤلاء المنتقدين من الملحدين واللاأدريين أو من تيار الأنسنة وعصر الأنوار. ومؤخراً هم من أتباع العصر الجديد الذين يعلّمون أنّ العقائد الإيمانية يمكن أن تتغيّر مع تقدّم العلوم والتكنولوجيا والإكتشافات العلمية.

 إنّ العلوم التي يروّج لها العصر الجديد، علومٌ كاذبة مستوحاة بأغلبيتها من عقائد هندوسية وبوذية وطاوية. يتكلّمون مثلاً عن “العلم الفيدي”Vedic Science  ويروّجون للتأمّل التجاوزي ويستشهدون بنظريات من طب الجهاز العصبي أو الدماغي أو يستعملون نظريات صحيحة من فيزياء الكم متداولة في الوسط العلمي، لكنّهم يقتطعون منها ما يشاؤون أو يضعونها في سياقٍ مختلف تمامًا عن سياقها العلمي ويفسّرونها بحسب أمزجتهم ولخدمة مصالحهم. سنشرح في مقالات لاحقة ماهية المنهجية العلمية وكيف نميّز بين العلم الحقيقي والعلم الزائف.

لماذا نتطرّق الى هذا الموضوع؟ وما هي علاقته بالكنيسة؟

نشهد في السنوات الأخيرة لجوء بعض الكهنة والإكليروس أكثر فأكثر، لعلم النفس في تفسير الوحي الكتابي، كما نشهد إنتشارًا لعلم النفس وبعض التقنيات النفسية البديلة في الإرشاد الروحي والرياضات الروحية وما يسمّى بالدورات النفسية الروحيةSessions psycho spirituelles  التي ازدهرت مؤخّرًا بشكل غير مسبوق. لذلك يُخشى أن تتسلّل تقنيات العلوم النفسية المزيّفة والبديلة في الكنيسة، بإيحاء من العصر الجديد، فيعتبرها الإكليروس والعلمانيون كعلاج نفسي فعّال يمكن الركون إليه لمساعدة المؤمنين في حلّ مشاكلهم.

هذا ما حصل بالفعل خلال السنوات الأخيرة، في بعض الرعايا الكاثوليكية في أوروبا ومن بينها  فرنسا تحديدًا. يمكننا الإضطلاع على خبرات من سبق وتأذّوا من هذا التسلّل، من خلال شهادة شهود وتقارير لجان حول إشكاليات تداخل النفسي بالروحي[4]. منها “الكتاب الأسود”Le Livre noir  حول تجاوزات الدورات النفسية الروحية[5] والتجاوزات الممكنة لما يسمى بالتدريب Coaching[6] والتنمية البشرية[7] وغيرها.

تقنيات تأملية بتسمياتٍ علمية !

اتّصل بي أحد الأطباء المتخصّصين في الجهاز العصبيNeurologist  وسألني إذا كنتُ أعرف شيئًا عن تقنية جديدة في علم النفس اسمها MBSR فأجبته بالنفي. ثم قمتُ ببحثٍ قصير على الإنترنت فتبّين لي أنها اختزال لتقنية اسمها Minfulness Based Stress Reduction  أيّ ما معناه: الحدّ من التوّتر بواسطة تقنية الوعي الكاملMindfulness . هو مصطلح جديد يروّج له بعض المعالجين النفسيين وهو مأخوذ عن التأمّل البوذي (لهذه التقنيات إشكاليات كثيرة سنتكلّم عنها لاحقًا). واتضح لي أنّ من بدأ بالترويج لMBSR  شخص اسمه “جون كابات زين”Jhon Kabat Zin  وهو من الناشطين والمسؤولين في مركز إيسالن Esalen في كاليفورنيا وهو من أهمّ مراكز العصر الجديد، الذي أطلق ما يُعرف بتنمية القدرات البشرية   Développement du potentiel humain  وكلّ التقنيات والمعالجات البديلة المنسوبة للعصر الجديد.

(Rebirth, biofeedback, channeling, positive thinking, law of attraction, hypnosis, self visualization,…)

إذن MBSR, Mindfulness التي بدأ يتكلّم عنها بعض المعالجين النفسيين مؤخرًا وبدأ الترويج لها في بعض المراكز الإكليريكية، ليست سوى نوع من أنواع اليوغا التي يتمّ فيها تعديل مستويات الوعي وتعليق قوى النفس والتخدير وتغييب الأنا حتى ذوبانها كليًا! (هذه تتناقض مع مبدأ الإرادة الحرّة والخيار الواعي الحرّ في المسيحية).

هذه التقنية تطرح إشكاليات عديدة ولها من دون أدنى شك، تداعيات وآثار جانبية سلبية على كلّ المستويات بالرغم من أنّها في الظاهر تخفّف بعضًا من الآلام النفسية والجسدية لدى المرضى، خصوصًا لدى الذين يعانون من أمراض مزمنة ومستعصية.

لمجد المسيح.

(يتبع)

[1] لمعرفة المزيد عن هذه البدائل الطبية مراجعة كتاب: “الطب البديل من وجهة نظر الايمان المسيحي”، جيزل فرح طربيه، منشورات دار المشرق وكتاب: “حقيقة البدائل الطبية بحسب تعليم الكنيسة”، جيزل فرح طربيه، توزيع المكتبة البوليسية.

[2] الماندلا كلمة سنسكريتية تعني دائرة أو بيئة أو محيط او مجموعة. للتعبير عن صورة الكون الماورائي. وهي رموز تستعمل في احتفالات طقسية لعبادة اللآلهة الهندوسية والبوذية .

[3] ما أكد عليه المجمع الفاتيكاني الاول (دستور عقائدي ابن الله) والمجمع الفاتيكاني الثاني (36، فقرة 2). أنظر أيضًا بند 159 من التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية

[4] http://pncds72.free.fr/402_debats_psychospirituel.php

https://www.ccmm.asso.fr/psycho-spirituel-la-lente-prise-de-conscience-des-eveques/

https://www.ccmm.asso.fr/groupe-de-reflexion-spirituel-et-psychologie/

[5] https://www.ccmm.asso.fr/produit/detournement-de-meninges-le-livre-noir-de-lemprise-psycho-spirituelle/

[6] https://www.ccmm.asso.fr/le-coaching-une-nebuleuse-en-proie-a-des-derives/

[7]https://www.derivessectes.gouv.fr/sites/default/files/publications/francais/guide_deceler_derives_sectaires_formation_professionnelle_complet_v2_0.pdf

Print Friendly, PDF & Email