* * *
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء!
الأربعاء الماضي، مع الصوم وطقس رش الرماد، دخلنا في زمن الصوم. ولكن ما معنى “الدخول في الصوم”؟
يعني بدء زمن خاص من الصراع الروحي الذي يجعلنا نواجه الشر الحاضر في العالم، في كل منا وحولنا. يعني أن ننظر إلى الشر وجهًا لوجه وأن نحارب ضد نتائجه، وبوجه خاص ضد أسبابه، وصولاً إلى السبب الأولي الذي هو الشيطان. يعني ألا نلقي مشكلة الشر على عاتق الآخرين، على المجتمع أو الله، بل أن نعترف بمسؤولياتنا وأن نتحملها بشكل واعٍ.
في هذا الإطار، يبدو طارئًا بالنسبة لنا نحن المسيحيين نداء المسيح إلى أن يحمل كل منا “صليبه” وأن يتبعه بتواضع وثقة (راجع مت 16، 24). “الصليب”، مهما بلغ ثقله، ليس مرادفًا لبلوى ولمصيبة يجب تحاشيها بأي شكل كان، بل هي فرصة للسير في خطى يسوع ونوال القوة للصراع ضد الخطيئة والشر. الدخول في زمن الصوم يعني بالتالي تجديد الخيار الشخصي والجماعي لمواجهة الشر مع المسيح. درب الصليب هي الدرب الوحيد الذي يقود إلى انتصار الحب على البغض، المشاركة على الأنانية، السلام على العنف.
إذا ما نظرنا إلى زمن الصوم هكذا، لرأينا فيه مناسبة لالتزام تقشفي وروحي مرتكز على نعمة المسيح.
يصادف بدء الصوم هذه السنة الذكرى الـ 150 لظهورات لورد. بعد 4 سنوات من إعلان عقيدة الحبل بلا دنس من قبل الطوباوي بيوس التاسع، ظهرت مريم للمرة الأولى في 11 فبراير من عام 1858 لبرناديت سوبيروس في مغارة ماسابيي. تلت ذلك الظهور ظهورات أخرى رافقتها أحداث خارقة، وفي النهاية، ودعت العذراء الرائيةَ باللغة المحلية بالقول: “أنا الحبل بلا دنس”.
ما زالت رسالة السيدة تتضوع في لورد وتذكر بالكلمات التي قالها يسوع في مطلع رسالته العامة والتي نسمعها مرات عدة في أيام الصوم هذه: “توبوا وآمنوا بالإنجيل”، صلوا وقوموا بأعمال التوبة.
فلنقبل نداء مريم الذي يردد نداء المسيح ولنطلب إليها أن تنال لنا نعمة “الدخول” بإيمان في زمن الصوم، لنعيش زمن النعمة هذا بفرح داخلي والتزام سخي.
نوكل إلى العذراء المرضى أيضًا، ومن يعتني بهم بكثير من المحبة. فغدًا، بمناسبة عيد سيدة لورد، نحتفل باليوم العالمي للمريض. أحيي من كل قلبي الحجاج الذين سيجتمعون في بازيليك القديس بطرس مع الكاردينال لوزانو باراغين، رئيس المجلس الحبري للصحة. للأسف لن أستطيع أن ألتقي بهم لأنني أبدأ مساء اليوم الرياضات الروحية. ولكن بالصمت والاستجماع سأصلي من أجلهم ومن أجل جميع أجل حاجات الكنيسة والعالم. وأعبر منذ الآن عن شكري الصادق لمن سيذكرني أمام الرب.
* * *
نقله من الإيطالية إلى العربية روبير شعيب – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)
حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية – 2008.