روما، الأحد 10 فبراير 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم العاشر من فبراير للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
الخطيئة الأصلية
ما الذي تعنيه الخطيئة الأصلية عندما نفسّرها على وجه الصحة؟ يجدر التركيز مجدداً على أن لا إنسان، رجلاً أو امرأة، منغلق على نفسه وأن أحداً لا يستطيع العيش من نفسه أو لنفسه وحسب. فنحن نتلقى حياتنا لا لحظة ولادتنا وحسب، بل كل يوم، من خارج ذواتنا –من آخرين ليسوا نحن ولكنهم مع ذلك وبطريقة ما يمتّون لنا بصلة. فذات الإنسان ليست في داخله وحسب، بل أيضاً خارجه: فهو يحيا في من يحبّ، وفي من يحبّونه ولمن يكونون “حاضرين” لهم. فالإنسان كائن تواصلي بامتياز وهو لا يملك حياته – ذاته- إلا من خلال التواصل مع الآخرين. فأنا في عزلتي لستُ ذاتي، ولكني أصبح ذاتي في الآخر ومعه. فأن أكون إنساناً حقاً يفترض أن أعيش صلة المحبة، فأحيا من الآخر ولأجله. ولكن الخطيئة تعني المسّ بهذه القابلية للتواصل. الخطيئة رفض لعيش التواصل لأنها تريد أن تصنع من الإنسان إلهاً. الخطيئة فقدان للعلاقات وتعكير لها، لذلك فهي لا تقتصر على الفرد. فحين أدمّر علاقة ما، فهذا الحدث –الخطيئة- يصيب الشخص الآخر المعنيّ بالعلاقة أيضاً. وبالتالي، فالخطيئة هي دائماً ضرر يصيب الآخر، ويبدّل العالم ويتسبب بدماره… ومنذ اللحظة التي يبدأ فيها الشخص وجوده البشري، وهي لحظة حسنة، تراه يقف في حضور عالم تتآكله الخطية. وكل منّا يجد نفسه أمام حالة تكون قابلية التواصل فيها قد تعرضت للأذى. وبالتالي، فكل شخص متأذٍ منذ البداية في العلاقات ولا يتعاطى معها كما يفترض به أن يفعل. فالخطيئة تلاحق الإنسان والإنسان يستسلم للخطيئة.