الثالث عشر من فبراير
روما، الأربعاء 13 فبراير 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الثالث عشر من فبراير للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
الرب سلام
في إعطائه سلامه لخاصّته، جلّ ما كان يقوم به يسوع هو وداعهم قبل الذهاب إلى ظلمة بستان الزيتون الداكنة… ولكن هذا السلام كان وداع يسوع الأخير قبل أن ينطلق في مسيرته على درب الصليب. هذا السلام كان أكثر من مجرّد كلام عادي. فلا يُعقَل أن يكون يسوع، وهو على طريقه إلى الصليب، قد تمنّى بطريقة سطحية لصحبه حياةً هنيئةً ومريحة في غيابه. ولا يُعقَل أيضاً، وهو على وشك أن يحمل الخلاص إلى العالم من خلال اختباره أقسى العذابات البشرية وأحلكها، أن يكون قد أراد لتلاميذه أن يعيشوا سلام النسيان. فالسلام الحقيقي ينبع من التحرر من الأكاذيب المريحة وقبول العذاب. أما الكبت فهوأكثر أسباب المرض العقلي شيوعاً، ولا يكون التعافي إلا في النزول إلى أعماق عذاب الحقيقة. غير أن العلماء النفسيين يعجزون عن إطلاعنا على ماهية هذه الحقيقة وعلى ما إذا كانت مجدية في نهاية الأمر. إن العبارتين الليتورجيتين: “الرب معكم” و”السلام معكم” متساويتان يمكن استخدام أياً منهما دونما تمييز بينهما، وذلك لسبب وجيه. فالرب نفسه سلام. وهو لم يلجأ فقط إلى الكلمات عندما ودّع صحبه. هو الذي تعذّب على الصليب وتغلّب على الكذب وعلى البغض المتأصل في الجنس البشري، كان السلام بذاته. هو نفسه انتصر على الصليب وهو في إعطاء سلامه لم يعطِ شيئاً وحسب، بل أعطى ذاته. إن الرب يعطي نفسه لخاصّته ذبيحة سلام. وهو يضع نفسه بين أيديهم… لذا علينا أن نسأله أن يعلّمنا كيف نحتفل بالإفخارستيا بصدق وكيف نستقبل الحقيقة التي هي الحبّ ونصير، من خلاله، أبناء سلام.