روما، الخميس 28 فبراير 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الثامن والعشرين من فبراير للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".
المسامحة كإعادة اعتبار للحقيقة
إنّ يسوع يوافق مع الجميع على الأمور كافة، ويسوع من دون غضبه المقدس، ومن دون الحقيقة بقساوتها والحب الصادق الحقيقي ليس يسوع الذي نعرف والذي يصفه الكتاب المقدس، بل مجرد رسم كاريكاتوري مثير للشفقة. ومفهوم إنجيل لا يفلح في نقل حقيقة غضب الله لا علاقة له بإنجيل الكتاب المقدس. فالمسامحة الحقيقية مسألة مختلفة تمام الإختلاف عن التساهل الواهن. فالمسامحة متطلّبة وتحتاج إلى توافر طرفين، أحدهما الشخص الذي يسامح والآخر الذي يُسامَح، يقومان بما يقومان به بكل عقلهما وقلبهما. أما يسوع يعاقب على كل شيء فهو يسوع من دون الصليب، لأنه لن يحتاج إذذاك عذاب الصليب ليخلّص البشرية. في الواقع، ثمة توجّه متزايد إلى نفي مفهوم الصليب من اللاهوت ليُصار إلى إعادة تفسيره كمجرد سوء طالع مزعج أو كحدث سياسي بحت. وأما الصليب كرمز للمصالحة ووسيلة مسامحة وخلاص، فهو يتعارض مع نمط تفكير حديث معيّن. ففقط عندما تُفهَم العلاقة بين الحقيقة والمحبة حق المعرفة يمكن فهم الصليب بمعناه اللاهوتي الحق. فالمسامحة متّصلة بالحقيقة. لذا، فهي تفترض صليب الإبن وارتدادنا. والمسامحة، في الحقيقة، هي إعادة اعتبار للحقيقة، وتجديد الذات، والإنتصار على الأباطيل المتربصة في كل خطيئة؛ والخطيئة هي بطبيعتها ابتعاد عن حقيقة طبيعة الذات وبالتالي، عن حقيقة إله الخلق.