روما، 1 فبراير 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل الأول من فبراير للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".
كائنات تصبو نحو الآخر
إن جوهر الصورة يكمن في أنها تمثل أمراً. فمتى نظرتُ إليها، رأيتُ، على سبيل المثال، الشخص الذي تمثله أو معالم طبيعية أو ما سوى ذلك. إنها تدلّ على ما يتجاوزها. فميزة الصورة ليست أن تقتصر على ما يكوّنها –من زيت وقماشة وإطار على سبيل المثال. فطبيعتها كصورة تكمن في أنها تتعدى كونها مجرّد صورة لتُظهر ما ليست عليه في ذاتها. وعليه، فصورة الله تعني أول ما تعني أن البشر لا يمكن أن ينغلقوا على أنفسهم. فهم يخونون أنفسهم إن حاولوا ذلك. فأن يكون المرء صورة الله تفترض فعل تواصل هو دينامية تجعل الشخص البشري ينطلق في مسيرة تقوده نحو ذلك الآخر المختلف كلياً. وذلك يعني الإستعداد للتواصل، وهو الإستعداد البشري للقاء الله. ونتيجةً لذلك، يكتسب البشر عمقاً إنسانياً أكبر عندما يخرجون من أنفسهم ويصبحون قادرين على التكلم مع الله ببساطة وعفوية لا مكان فيها للكلفة. بالفعل، إن الجواب على السؤال حول ما يميّز الإنسان عن الحيوان، وما يميّز بالتحديد الأشخاص البشريين، جاء أنهم كائنات منحهم الله قدرة على التفكير والصلاة. وهم يصبحون أنفسهم بشكل أعمق عندما يكتشفون ما يربطهم بخالقهم. لذا، فإن صورة الله تعني أيضاّ أن الأشخاص البشريين هم كائنات الكلمة والمحبة، كائنات في نزعة تحركهم صوب "آخر"، يميلون إلى أن يهبوا أنفسهم إلى هذا "الآخر" ولا يسترجعون أنفسهم حقاً إلا من خلال بذل ذاتهم بشكل كلّيّ.