أميون، الجمعة13يونيو2012 (ZENIT.ORG) .-جريدة النهار-نجمة سهل الكورة التي يتلاقى فيها التاريخ مع نفسه، تحمل في طيات أحيائها القديمة وكنائسها خفايا تاريخية غابت عن عيون الناس وحضرت في عيون أهلها.
تحضن أميون كنيسة النبي القديس يوحنا المعمدان، التي بنيت على الشير الصخري. هذا الشير الذي شهد اكتشافاً اثرياً للفنان نقولا العجيمي والمتمثل ببروز نقوش وطيور ضخمة على واجهته الخارجية اضافة الى اكتشاف رسوم وكتابات داخل الشير.
وفقاً لكتيّب صادر عن بلدية أميون، ان هذه الكنيسة، التي تعود الى الحقبة المملوكية، بنيت على طراز عقد، وتعلوها قبة على شكل قرميد مثمن الاضلاع، وفي اسفل كل منها نافذة.ولهذه الكنيسة ميزات عدة:أولاً تحوي55أيقونة، منها ما يعود الى القرن الثامن عشر، كما انها الكنيسة الوحيدة في أميون التي تتنوع فيها الايقونات ما بين الملكية البزنطية والملكية اليونانية الحديثة والغربيّة، وكذلك تمّ احصاء حوالى ست مدارس فنية لتصوير الايقونات في هذه الكنيسة.
الشير الصخري
أما الشير الصخري الذي بنيت عليه الكنيسة، فقد أثبت انه معقل لخفايا تاريخية. كثر يتساءلون عن معنى كلمة الشير، هي تعني الجرف الصخري الشاهق والذي ينطبق في شكل كامل على شير أميون. لكن اكثر ما يميز هذا المكان هو 26 تجويفاً صغيراً محفوراً في واجهة السفح المقعرّ للشير، هي عبارة عن مدافن تعود الى الحقبة الرومانية.
ووفقاً للبلدية إن هذه الفتحات او التجويفات، تمثّل نوافذ للغرف المحفورة في الصخر والبالغ عددها 26 نافذة. أما الغرف فبعضها متصل ببعض، والبعض الاخر منفرد، كما ان عملية التنقل في ما بينها تتم عبر فتحات لا يتعدى قطر بعضها 40 سم.
واظهرت دراسة حديثة للعجيمي وجود نقوش ورسوم ورموز بالالوان داخل هذه الغرف، وبعض تلك الرسوم شبيه بالرسوم البدائية لدى شعوب ما قبل التاريخ (أي أقدم من 0003 سنة قبل الميلاد، وربما أكثر بكثير)؛ وبعض النقوش الأخرى تمثل رؤوساً بشرية تعتمد نمطين فنّيين مختلفين، شبيهين بـ”النمط الفرعوني والنمط الرافد”، وفق العجيمي.
ويقول “دخلت هذه الغرف -الكهوف مرتين في العام 2008 و2011 بدعم من بلدية أميون التي اعتبرت ان دراسة كهذه ستعود بالمنفعة على البلدة بأكملها”. ففي المرة الاولى لدخوله الغرف، في العام 2008، اكتشف رسوماً بدائية في داخله وتحتوي على الالوان، علماً أن الواجهة الخارجية للصخر تبدو محروقة اللون. ووجد ايضاً ثلاثة نماذج من الفخار: أبيض، أحمر، أسود محمر.
وفي المرة الثانية في العام 2011 دخل العجيمي الى المجموعة المؤلفة من 10 غرف، والتي يسهل التنقل بينها لدراستها دراسة تفصيلية، وخصوصاً الاشياء المرسومة على الجدران. وقد وجد على حائط احدى الغرف “بنك” محفور بالصخر، ويوجد فوقه على الحائط نوع من الاشكال التي رسمت او كتبت ببصمة اليد. ويذكر ان هذه هي المرة الاولى التي يتم اكتشاف كتابة باستخدام بصمة اليد”.
لكن وفقاً للبلدية فان أهم اكتشاف اثري قام به العجيمي هو اكتشاف نقوش بشرية وطيور ضخمة أثناء تشريحه فنيا للواجهة الخارجية للشير الصخري. ويقول العجيمي ان كبار السن في أميون كانوا يرون أن هناك نسراً كبيراً على الشير الصخري. وأثناء تشريحه الواجهة الخارجية للشير استطاع رؤية نوذج للنسر الذي تكلم عنه الكبار في السن على الجهة اليسرى من الشير.
وعلى ضوء اكتشافه النسر قرّر العجيمي التعمق اكثر في الواجهة الصخرية، مستنداً الى معلوماته ان الشعوب القديمة كانت تتخذ اعلى نقطة وتعتمدها في الرسم. فاتبع الطريقة المذكورة وأخذ اعلى نقطة من الشير الصخري للكنيسة، وتدرج بخط مستقيم فبانت نقوش مدمرة أو مشوهة لرجل لديه لحية ويحمل عصا بيده وسط الشير. وكان هذا أول اكتشاف بعد النسر.
وباستخدام الطريقة ذاتها اكتشف العجيمي على الجهة اليمنى من الشير نسراً لديه رقبة طويلة من المرجح ان يكون أحد النماذج النادرة لطائر الفينيق في لبنان.
يذكر ان العجيمي وثقّ ما رآه داخل هذه الكهوف بالصور، وقدّم ملفاً عن هذه الاكتشافات باسم بلدية أميون الى المسؤولة عن منطقة الشمال في المديرية العامة للآثار سمر كرم، الا انه لم يلقَ رداً حتى الساعة.
موقف البلدية
من جهته، أكدّ رئيس المجلس البلدي في أميون جرجي بركات “اننا على اتصال بجامعة البلمند والسفارة الروسية للكشف على الاثار المطمورة في اميون، عقب اكتشافات الفنان نقولا العجيمي”. كما اعرب عن فقدانه الامل بأن تبدي مديرية الاثار اهتماما بهذه الاكتشافات بعد تسلمها الملف وعدم تلقي اي ردّ.
وقال انه “لا مانع لدى المجلس البلدي والكنائس من أن يتم اعتماد هذه الاماكن مقاصد للسيّاح، لكن قيام مديرية الاثار بوضع اشارة على هذه الاملاك وعلى المناطق الاثرية يمنع أياً كان من التصرف بهذه الاماكن الاّ بموافقتها”، معتبراً ان تصرّف مديرية الاثار عبارة عن تكبيل لموضوع البحث عن هذه الآثار.
واعلن عن توقيع عقد مع البولونيين قربيا للكشف على كنيسة مار فوقا وترميمها واكتشاف4أو5كنائس عقب موافقة مديرية الاثار ووزارة الثقافة على طلب البولونيين، مما قد يسهل موضوع التنقيب امام البلدية.