عشية افتتاح أعمال الجمعية العامة لسينودس الأساقفة في الفاتيكان حول العائلة نُظمت مساء السبت أمسية صلاة في ساحة القديس بطرس دعا إليها مجلس أساقفة إيطاليا وشارك فيها البابا فرنسيس الذي ألقى كلمة استهلها مشيرا إلى أن تجارب الحياة غالبا ما تحمل المؤمن على الابتعاد عن واجباته والانعزال والانطواء على ذاته وبالتالي يتهرب من المسؤوليات الملقاة على عاتقه. ولفت البابا إلى أن نعمة الله لا ترفع صوتها إنها تهمس همسا في أذن الإنسان وتبلغ الأشخاص المستعدين للإصغاء إلى نسمتها العليلة، مشيرا إلى أن نعمة الله تحث المؤمنين على الخروج من قوقعتهم والعودة إلى ساحات العالم، والشهادة لمحبة الله تجاه الإنسان، كي يؤمن العالم.
وذكّر البابا بعدها باللقاء الذي عُقد في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان لسنة خلت وتم خلاله استدعاء الروح القدس كي يتمكن آباء السينودس من الإصغاء والحوار مبقين الأعين موجهة نحو شخص يسوع، كلمة الآب والمعيار المطلوب لتفسير وتأويل كل شيء. ودعا البابا المؤمنين الحاضرين في الساحة الفاتيكانية إلى تكرار تلك الصلاة التي رُفعت منذ سنة، مذكرا الجميع بكلمات البطريرك أثيناغوراس الذي أكد أنه بدون الروح القدس يبقى الله بعيدا عنا ويبقى المسيح جزءا من الماضي والكنيسة تتحول إلى مجرد منظمة وتصبح السلطة تسلطا والرسالةُ حملة دعائية. ودعا البابا للصلاة على نية سينودس الأساقفة الذي يفتتح يوم الأحد جمعيته العامة كي يتمكن من قيادة الخبرة الزوجية والعائلية، ويثمن العائلة ويقترح ما تملكه الأسرة من أمور جميلة وطيبة ومقدسة. كما شدد البابا على ضرورة الصلاة كي يتمكن السينودس من معانقة الأوضاع الهشة التي تمتحن العائلة: كالفقر والحروب والأمراض والأحزان والعلاقات المجروحة بين الأشخاص الذين يعانون من مشاكل ومضايق وحقد وانقسامات.
هذا ثم أكد البابا فرنسيس أن كل عائلة تبقى على الدوام نورا في ظلمة هذا العالم، مذكرا أيضا بأن يسوع نفسه جاء وسط البشر بعد أن تجسد في رحم عائلة وبقى في كنفها طيلة ثلاثين سنة. وكانت أسرته تعيش في قرية نائية في إحدى ضواحي الإمبراطورية الرومانية. كما تطرق البابا إلى شارل دو فوكو الذي استشعر بالروحانية المنبعثة من الناصرة، فقد تخلى هذا المستكشف الكبير عن حياته العسكرية بعد أن أدهشه سر عائلة الناصرة المقدسة، وفهم هذا الرجل أنه لا يسعنا أن ننمو بمحبة الله دون أن نخدم العلاقات البشرية، لأننا نحب الله عندما نتعلّم كيف نحب الآخرين ونرتقي نحو الله عندما ننحني على الآخرين.
بعدها حث البابا فرنسيس المؤمنين على الاقتداء بمثل شارل دو فوكو والدخول في سر عائلة الناصرة وفي حياتها المخبأة والاعتيادية تماما كحياة العديد من الأسر في زماننا الحاضر بأفراحها وأتراحها. ولفت أيضا إلى أن العائلة تشكل فسحة للقداسة الإنجيلية التي تُحقق في الظروف الاعتيادية، في كنفها يُربى الأطفال على التعرف على مخطط الله لحياة كل شخص ومعانقة هذا المخطط بثقة. طلب البابا إلى المؤمنين عشية افتتاح أعمال الجمعية العامة لسينودس الأساقفة أن ينطلقوا مجددا من الناصرة كي لا يكتفي السينودس بالحديث عن العائلة بل يعرف كيف يتعلم من الأسرة ويستعد للإقرار دائما بكرامتها وقيمتها على الرغم من المتاعب والتناقضات التي يمكن أن تطبعها، مع التشديد أيضا على ضرورة أن تقترن العدالة بالرأفة.