وجه قداسة البابا فرنسيس رسالة إلى عمدة تورينو السيد بييرو فاسّينو لمناسبة انعقاد المنتدى العالمي الثالث حول التنمية الاقتصادية المحلية في هذه المدينة الإيطالية من الثالث عشر وحتى السادس عشر من تشرين الأول أكتوبر. وقد حيّا الأب الأقدس المشاركين في الأعمال، وأشار لأهمية هذا اللقاء لتعزيز تطبيق أجندة 2030 وحماية البيئة وتنمية بشرية متكاملة، وذكّر بعدها ببعض الأفكار التي تطرق إليها في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن أهداف التنمية المستدامة التي تشكل رجاء للبشرية شريطة تعزيزها بالطريقة الملائمة. وأشار البابا فرنسيس إلى أن التطبيق الفعلي لأجندة 2030 ملح وضروري، وأضاف: يتطلّب تعدّد المشاكل وتعقيدها استخدام وسائل تقنية للقياس غير أن ذلك يتضمن خطرا مزدوجا: الاقتصار على الممارسة البيروقراطية في كتابة لوائح طويلة من النوايا الحسنة ـ مقاصد، أهداف ومؤشرات إحصائية ـ أو الاعتقاد بأن حلاًّ واحدا نظريا واستنتاجيا سيقدّم جوابا على كل التحديات…
أكد البابا فرنسيس في رسالته لمناسبة المنتدى العالمي الثالث حول التنمية الاقتصادية المحلية أن العمل السياسي والاقتصادي هو عمل متعقّل، يقوده مفهوم ثابت للعدالة ويأخذ دائما في الاعتبار أنه، قبل وأبعد من الخطط والبرامج، هناك نساء ورجال واقعيون، متساوون مع الحكام، يعيشون، يكافحون ويعانون، وينبغي أن يكونوا روّاد مصيرهم. ولفت الأب الأقدس إلى أن التنمية البشرية المتكاملة والممارسة الكاملة للكرامة البشرية لا يمكن فرضهما. ينبغي أن يتم بناؤهما وتحقيقهما من قبل كل واحد، كل عائلة، باتحاد مع باقي الكائنات البشرية وفي علاقة صحيحة مع كل البيئات التي ينمو فيها النشاط الاجتماعي الإنساني ـ أصدقاء، جماعات، قرى وبلديات، مدارس، شركات ونقابات، أقاليم وأمم…
ومن هذا المنظار، أضاف البابا فرنسيس: يبدو أن التنمية الاقتصادية المحلية هي الجواب الأكثر ملاءمة على التحديات التي يطرحها اقتصاد معولم وقاس في غالب الأحيان في نتائجه. وأشار الأب الأقدس إلى أن هذا المنتدى الثالث يبغي تقديم ومناقشة ممارسات واستراتيجيات متعلقة بالبيئة المحلية في المسارات العالمية للتنمية والتركيز على قدرة هذه الممارسات والاستراتيجيات كموارد أساسية، على كل المستويات، بما في ذلك الإقليمية، الوطنية والدولية. وتابع البابا فرنسيس مذكّرا بما قاله أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حول أن المقياس والمؤشر الأكثر سهولة وملاءمة لتحقيق الأجندة الجديدة للتنمية سيكون الحصول الفعلي، العملي والفوري، للجميع، على الخيور المادية والروحية الضرورية: مسكن خاص، عمل لائق مقابل أجر ملائم، غذاء كاف ومياه الشرب؛ الحرية الدينية، وبشكل عام، حرية الروح والتربية. وأكد البابا فرنسيس أن السبيل الوحيد لتحقيق هذه الأهداف بشكل فعلي ودائم هو العمل على صعيد محلي، وأشار إلى أنه ذكّر خلال لقاءاته مع الحركات الشعبية والتعاونيات الإيطالية بهذه الأفكار. وأشار البابا فرنسيس إلى أن المناقشات السياسية والاقتصادية العامة والخاصة ينبغي أن تتساءل حول كيفية إدماج المعايير الأخلاقية في النُظم والقرارات. وفي ختام رسالته لعمدة تورينو لمناسبة انعقاد المنتدى العالمي الثالث حول التنمية الاقتصادية المحلية، أمل قداسة البابا فرنسيس بأن تساعد هذه الأفكار في تقديم إسهام مفيد للنقاش والنشاطات المستقبلية للمنتدى من أجل تعزيز التنمية المحلية .