فقط من اختبر سكنى الثالوث الأقدس في النفس يستطيع أن يشرح ما يعني الإيمان بالثالوث الأقدس. إليزابيت كاتز، كانت شابة في مطلع القرن العشرين، اكتشفت أن دعوتها هي تحقيق معنى اسمها (الاسم العبري يعني بيت الله). لهذا السبب، عندما قررت دخول الكرمل في ديجون، اختارت اسم “أليزابيت (أليصابات) الثالوث”. كان هذا الاسم أكثر من تسمية تقوية، كان مشروع حياة: أن تضحي أليزابيت سكنى الثالوث وتعيش حياةً تمجد الثالوث الأقدس.
في إحدى رسائلها تكتب المتصوفة الفرنسية: “إن كل جهادي الروحي يتمثل بالدخول إلى ذاتي والغوص في الثالوث القائم فيّ”.
وتتحدث مصلحة الكرمل، القديسة تريزا الآفيلية، عن سكنى الله في عمق النفس فتخبر عن بعض أبعاد خبرة صوفية: “تصورت لي النفس وكأنها اسفنجة متشربة من اللاهوت، وإذا بها تعيش طوباوية عميقة تنبع من حضور الأقانيم الثلاثة في ذاتها”.
إن حضور الله فينا، وانحداره صوبنا، هو مدعاة دهشة كبيرة. العديد من آباء الصحراء الشرقيين كانوا يعتبرون الصلاة كفعل دهشة أمام حضور الله وانحداره في النفس. كيف لي أن يأتي ربي إلي؟!
أن نكون حاضرين بتتيم للحب الحاضر فينا، هذه صلاة! الصلاة هي حضور للحاضر بشكل مطلق. الصلاة هي دخول في صلاة وتواصل الله الثالوث، في تبادل الحب بين الأقانيم الإلهية، هي فتح عيوننا على واقع أننا سكنى الله، على أننا موضع حبروه، على أن قلبنا هو تلك الوليمة التي يجلس حولها الآب والابن والروح القدس.
ولكن لا يكفي أن ندرك ان النفس هي سُكنى الثالوث، يجب أن نوقن أن الثالوث هو أيضًا سُكنى النفس. يحقق الله فينا ومعنى رقصة الثالوث التي تحدثنا عنها سابقًا.
تكتب إليزابيت: “الثالوث الأقدس: هوذا سكنانا، ملاذنا، بيتنا الأبوي، الذي لا يجب أن نبتعد عنه”.
لقد أدرك بعمق جبران خليل جبران معنى العيش في محبة الله عندما قال: “إذا أحببت، لا تقل: الله في قلبي، بل قل: أنا في قلب الله”.
أن نعيش في الثالوث، أن نعيش الثالوث، يعني أن نسمح لتيار الحياة الإلهية أن يحملنا، أن يحولنا وأن يجعلنا واحدًا في المحبة مع الله المحبة.