تقدم لنا القراءات الكتابية اليوم موضوع الخدمة وتدعونا لاتباع يسوع في درب التواضع والصليب. النبي أشعيا يقدم لنا ملامح صورة خادم يهوه ورسالته الخلاصية. نحن بصدد شخصية لا تتبجح بسلاسة شهيرة، شخص يقوم بعمل الرب في خدمة متواضعة ومن خلال تألمه. رسالته تتحقق خلال آلامه وتساعده على فهم المتألمين وعلى حمل وقر خطايا الآخرين والتفكير عنها.
يسوع هو “خادم الرب” وحياته وموته كانتا خدمة مستمرة وأضحتا سبيل مصالحة مع الله. في موته وقيامته تمت نبوءات خادم الرب في أشعيا. وإنجيل متى يقدم لنا نقاش يسوع مع ابني زبدى الذين أرادا مواضع فخر وإكرام في ملكوت الرب. الإطار الذي يسيران فيه ما زال ملوثًا بأحلام أرضية وباطلة، ولذا يهز يسوع ضمانات التلاميذ إذ يسمي مسيرته على هذه الأرض باسم كأس ألم: “الكأس الذي أشربه ستشربانه”. بصورة الكأس، يضمن للاثنين أن يكونا متحدين به في مصير آلامه، ولكنه لا يضمن لهما مجالس الشرف.
جواب يسوع هو دعوة لاتباعه في سبيل الخدمة والحب وتجنب التجربة الأرضية المتمثلة بالرغبة بالتقدم على الآخرين وترؤوسهم. يسوع يبين ما هي السلطة الحقة، هي سلطة الخدمة. يسوع يدعونا لتغيير عقليتنا. “تعلمونَ أَنَّ ٱلَّذينَ يُعَدّونَ رُؤَساءَ ٱلأُمَمِ يَسودونَها، وَأَنَّ أَكابِرَها يَتَسَلَّطونَ عَلَيها. فَلَيسَ ٱلأَمرُ فيكُم كَذَلِك. بَل مَن أَرادَ أَن يَكونَ كَبيرًا فيكُم، فَليَكُن لَكُم خادِمًا. وَمَن أَرادَ أَن يَكونَ ٱلأَوَّلَ فيكُم، فَليَكُن لِأَجمَعِكُم عَبدًا.“.
وبعد أن تحدث عن النموذج، قدم نفسه كمثال لهذا النموذج لِأَنَّ “ٱبنَ ٱلإِنسانِ لَم يَأتِ لِيُخدَم، بَل لِيَخدُمَ وَيَفدِيَ بِنَفسِهِ جَماعَةَ ٱلنّاس”.
في التقليد الكتابي، ابن الإنسان هو من يتلقى من الله السلطان، المجد والملك. يسوع يملأ هذه الصور بمعنى جديد. فهو يملك السلطان كونه خادم، المجد كونه قادر أن ينحني، السلطان الملكي كونه قادر على هبة حياته بالكامل. فهو بآلامه وموته يأخذ يسوع المكان الأخير ويصل إلى السمو الأعظم من خلال الخدمة ويقدم ذلك لكنيسته.
وتحدث البابا عن ميزات الطوباويين الذين تُعلن قداستهم اليوم التي تطبعهم بسمات المسيح. وقال في هذا الصدد أن القديس فينشنسو غرسوي كانا كاهنًا غيورًا ساهرًا على حاجات رعيته، مكرسًا انتباهًا خاصًا للشباب والضعفاء.
القديسة مريم للحبل بلا دنس نهلت من منبع الصلاة والتأمل عاشت شخصيًا بتواضع كبير في خدمة الأخيرين، بانتباه خاص على أبناء الفقراء والمرضى.
القديسان الزوجان لويس مارتان وماري زيلي غيران عاشا الخدمة المسيحية في العائلة وبنيا يومًا بعد يوم مناخًا مليئًا بالإيمان وبالحب وفي هذا الجو نمت دعوات بناتهما، ومن بينها دعوة القديسة تريز الطفل يسوع.
فلتشجعنا شهادة هؤلاء القديسين لكي نثبت في درب الخدمة الفرحة للإخوة.