Cain and Abel Offering Gifts

WIKIMEDIA COMMONS

أين أنت يا إنسان؟

آنية صراخ دم هابييل

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

اين أخاك يا قايين، صرخة وصلت حد السماء، ومازالت الدماء تخضم يدي هابيل، اين انت يا أدم، يا ابن البشر من شرقنا الجريح المتألم. صوت صرخة وصلت حد السماء ، متألما، شاكيا، باكيا، ليس من قسوة الموت وألم الجرح، بل من قساوة قلب الانسان، ابنه ، اقرب الناس اليه، وما جنت يداه من خراب وقتل في حياة أخيه.

المنطق الجديد في عصرنا، غريب، يدفعنا للسؤال : هل اصبحت هذه شريعتنا ودستورنا ، القوي يأكل الضعيف ، والكبير يعتدي على الصغير ، الغني لا يرى الفقير ، الرجل يتجبر على المرأة ، والابن يتطاول على ذويه. لا قانون يردع، ولا اخلاق تحكم ولا حوار يقود ، الكراهية والحسد والاستعلاء والكبرياء والخداع والطمع اعمت القلوب وزعزت المباديء والقيم. ايا انسان، تقف اليوم حائرا بينك وبين نفسك متسائلا، لربما تسأل اين وصلت بك الايام ؟ هل انت سعيد بما انجزت ؟هل انت راض عن غرس يديك؟

انت اليوم تملك الكثير من الارض ، المال والبترول والذهب، ولربما الفضاء، هنيئا لك يا انسان، فانعم بها وتلذذ ، لكن تأتي ساعة لا يعلمها الا الله ليذهب كل ما كنزته هباء ، فما الذي ستفعله حينها ؟ شرق متألم وهابيل يصرخ مستنجدا ، ينظر شمالا ليرى امة تتألم حولها دمار كبير ، وعالم من الاشباح، بلاد خالية من اهلها تصفر فيها الريح ، يبكي قلبه فيذرف دمعة ، فينظر شرقا، لعل الشمس في شروقها تشفع له عند اخيه قايين ،فيرى سيوفا حاقدة سوداء ترتفع الى السماء وكثير من دماء كشلال يسقي الارض الجدباء ، جثث في كل مكان تصرخ متضرعة وتسال الخلاص من السماء، اين الرحمة يا انسان أين انت ؟ انظر غربا يا هابيل، لعل اجراس الكنائس تشفع لك والمأذن تنادي لتنقذك ؟

نادي بصوتك يا هابيل ، لعل هناك من يسمع ؟ لا أحد يريد ان يسمع ، امهات وعائلات واولاد يعيشون في حسرة والم من دمار غزا ديارهم، فشردوا وقتلوا ولم يبقى احد يسمع صراخهم، حينها سكنت حناجرهم، الصراخ لا يفيد، فانت بصراخك.. افسدت الهدوء والسكينة ونزعت من الايام هدوئها وسعادتها .

لا تصرخ ، فأنت تفسد المكان وتزعج الأشباح. هابيل ، هابيل اصمد لا تمت ، فلا زالت هناك جولة اخيرة في قلب اخيك الانسان قايين ، فها هو تائه يعيش في صراع غير سعيد ، بدأ يعي ما اقترفته يداه ، بدأ يعرف ان السعادة والسلام والفرح لا تحققه المكاسب والاطماع . هابيل اسمع، ها هو يتراجع يأخذ خطوات العودة الى الواقع ، بدأ يضعف وتخور قواه ، قدماه بدأت لا تقوى على الاستمرار ، يتسائل ماذا يحصل لي ؟ اين انا ؟ واين انا ذاهب ؟

ضللت الطريق يا قايين وتهت عن الدرب ، عد الى اخيك الذي قتلته واطلب المغفرة لعل السماء تساعدك وتهديك ولعل السلام يعود الى قلبك. عد يا قايين ، لان الدرب الذي انت فيه، نفق لا نهاية له الا بئس المصير، عد يا قايين فصراخ اخيك احيا المكان ورائحة دمه تحملها الرياح لتهب في كل مكان، لن تستريح ولن تهنأ، وستبقى تائها في صحراء وسراب الحياة تبحث عن لا شيء، لتجد في النهاية لا شيء ، هناك يبقى الامل ، بأن تعود يا انسان، انسان.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير