قال كونفوشيوس” أنا لستُ حزيناً لان الناس لا تعرفني، ولكنني حزين لأني لا أعرفهم”.
تبقى حياة إنساننا مُتناقضة وغامضة بعض الشيء. لأنهُ على الرغم من اختلاطك بمُختلف شرائح المجتمع إلا أنك لا تستطيع أن تعرفهم حق المعرفة أو تعرف كل ما يدور في خلجاتهم وخبايا فكرهم. لا تستطيع أن تعرفهم على حقيقتهم حتى وإن كان بينك وبينهم صداقة او قرابة. حتى أنت نفسك مرات كثيرة لا تستطيع فهم ذاتك أو تفسير ما يدور فيها! لأن الإنسان يبقى لغزا مفتاحه ضائع كلما حاولت الدخول إلى أعماق أعماقهِ اكتشفت الأكثر والأكثر واحترت في طريقة التعامل معه.
وخصوصا في زماننا المتذبذب هذا، الذي اصبح الغموض يعتكفه ويسيره على نهج لم نعهده من قبل! نعم هكذا أصبح الوضع وهكذا سار الحال ، بسبب الإنسان الذي أصبح أسير نفسه وواقعه ومجتمعه، يفعل ما يرغم عليه ويريد ما لا يقدر عليه ويبحث عما ليس أمام ناظره.. فقط من أجل أن يمضي فيه ويا ليته مضى ودعى الأخرون يفعلون ذلك …. ولكن؟! أنه يريد بلا إرادة ويسعى بدون هدف ويحاول بدون أن يخطط ويقول بدون أن يفهم ويستوعب!
باتت الحياة مواقف مُتباينة يمر الفرد بها … موقف يسعده … موقف يحزنه … موقف يبكيه … موقف يبقيه صامتا إزاء صدمته به. وكم من موقف جارح يتلقاه، أو مُسيء يصادفه ويضعه أو الأصح يجبره أن يردّ هذا الموقف أو هذه الاهانة بالإهانةِ، وأحيانا يدفعه للتعامل مع هذا الموقف الدخول في نقاش طويل عقيم .. فارغ بدون معنى! أو في ردود تخرج عن آداب الحوار والاحترام لأن هذا الآخر هو من دفعه واستفزه ولكن مع ذلك نقول العاقل في النهاية هو من يُدرك قيمة عقلهُ وقيمة نفسه ويحترمها.
الحياة مهما مرتْ بك أو مررت بها ألا انك ستشاهد من الناس ألوان وأشكال يصعب استيعاب ما يدور في داخلهم ويصعب إدراك ردة فعلهم باختلاف المواقف.
إنساننا يحاول أن يخلق عالم فريد من صنعه، عالم فيه التجرد والمجرد.
إنساننا الذي زادّ فيهِ مع احترامي للبعض الخبث بينهم والمكر والكذب والنفاق، لدرجة لا تستطيع أن تفرق فيما إذا كان شريرا أو خيرا كون العقل يفكر بشيء والقلب يضمّر كل دفين وشرير واللسان ينطق بما يشاء.
إنساننا الذي يلوح لكل ما في الحياة بالوداع.
إنساننا الذي بيده ممحاة محاولا بها أن يخفي كل جميل من أجل القبيح الذي يتملكه.
إنساننا الذي يقول أنا فقط وليس هناك آخر محاولا أن ينافس نفسه ويوصلها إلى مرحلة لا يستطيع الرجوع عنها.
إنساننا الذي يحاول أن يهمش الحياة من أجل حياة لا بقاء لها.
إنساننا بدون تكلف يصنع الاستغناء والاحتياج في نفسه أولا ومن ثم في الآخرين.
إنساننا هذا الذي يشاركنا عالمنا، تكاد الدهشة تأخذنا عندما نرى إلى أي مدى أصبح اسير نفسه .. نفسًا لا يستطيع عبور ما يتملكها ولا يقدر أن ينفك مما يكبلها!
إنساننا الذي غالبا ما يميل إلى ممارسة الخطأ على الرغم من إدراكه لذلك.
إنساننا الذي اصبح يعيش التشيؤ ويسعى إلى التغيب والتمرد.
إنساننا الذي احترنا في وصف فعله الغريب وتفسير فكره ؟!
دائما يجب أخذ الحذر في الدنيا لان إنسان اليوم ليس مثل إنسان الأمس ولن يكون مثل إنسان الغد، أنه يحاول بكل الطرق أن يدفع الآخر ويوقعه في الخطأ! غير مُبالي ألا بمصلحتهِ وذاتهِ الأنانية. فكيف تصلح وتصحح يا إنسان لو أخطأت بحق الآخرين؟!
ودائما يجب النظر إلى فعل الإنسان وليس إلى قوله لأنه بمجرد أن يدير ظهره لك، سوف ينسى كل ما نطق به وسينفيه، كونه ليس له قدرة على صنع طريقه، فكيف بالأحرى بالآخر نظيره؟!