في ذلكَ الزَّمان: ذَهَبَ يسوعُ من هُناك وجاءَ إِلى شاطِئِ بَحرِ الجَليل، فصَعِدَ الجَبَلَ وجلَسَ هُنالِكَ.
فأَتَت إِلَيه جُموعٌ كَثيرةٌ، ومعَهم عُرْجٌ وعُمْيٌ وكُسْحانٌ وخُرْسٌ وغَيرُهم كَثيرون، فطَرحُوهم عِندَ قَدَمَيه فشفاهم.
فَتَعَجَّبَ الجُموع، لَمَّا رأَوا الخُرسَ يَتَكَلَّمونَ، والكُسْحانَ يَصِحُّونَ، والعُرْجَ يَمشونَ مَشيًا سَوِيًّا، والعُميَ يُبصِرون. فَمَجَّدوا إِلهَ إِسرائيل.
فدَعا يسوعُ تَلاميذَه وقالَ لَهم: «أُشفِقُ على هذا الجَمْع، فإِنَّهم مُنذُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ يُلازِمونَني، ولَيسَ عِندَهُم ما يأكُلون. فلا أُريدُ أَن أَصرِفَهم صائمين، لِئَلاَّ تَخورَ قُواهُم في الطَّريق».
فقالَ لَه التَّلاميذ: «مِن أَينَ لَنا في مَكانٍ قَفْر، مِنَ الخُبزِ ما يُشبعُ مِثلَ هذا الجَمْع؟»،
فقالَ لَهم يسوع: «كَم رَغيفًا عِندَكُم؟» قالوا لَه: «سَبعَةٌ وبَعضُ سَمَكاتٍ صِغار».
فأَمَر الجَمْعَ بِالقُعودِ على الأَرض.
ثُمَّ أَخذَ الأَرغِفَةَ السَّبعَةَ والسَّمَكات، وشكَرَ وكسرَها وناوَلَها تَلاميذَه، والتَّلاميذُ ناوَلوها الجُموع.
فأَكَلوا كُلُّهم حتَّى شَبِعوا، ورَفعوا ما فَضَل مِنَ الكِسَر: سَبعَ سِلالٍ مُمتَلِئَة،
و كانَ الآكِلون أَربَعَةِ آلافِ رَجُل، ما عدا النِّساءَ وَ الأَولاد.
*
إذا ما قرأنا هذا الإنجيل على ضوء زمن المجيء، نرى فيه أكثر بكثير من أعجوبة تكثير الخبز. هذا الإنجيل يقول لنا أن يسوع يشفق على الجمع ويعبّر عن شفقته هذه! أن نحبّ يعني أن نكون قريبين من الآخرين. والله، في محبته لنا، يضحي قريبًا منا، يضحي الله معنا. شفقة يسوع في هذ الإنجيل تجسد شفقته نحو بشريتنا. شفقة الثالوث تلتفت نحونا، لا بنظرة عطف بعيدة، بل بعطف متجسد في يسوع المسيح. التأمل بهذا السر، بهذا الحب هو أكبر استعداد للاحتفال بعيد الميلاد. الخبز الذي يعطيه يسوع ليس خبزًا عاديًا، يسوع بالذات هو الخبز.