أَمَّا ميلادُ يسوعَ المسيح، فَهَكذا كان: لَمّا كانَت مَريمُ أُمُّهُ مَخْطوبةً لِيُوسُف، وُجِدَت قَبلَ أَن يَتَساكنا حامِلاً مِنَ الرُّوحِ القُدُس.
وكان يُوسُفُ زَوجُها بارًا، فَلَمْ يُرِدْ أَن يَشهَرَ أَمْرَها، فعزَمَ على أَن يُطلِّقَها سِرًّا.
وما نَوى ذلك، حتَّى تراءَى له مَلاكُ الرَّبِّ في الحُلمِ وقالَ له: «يا يُوسُفَ ابنَ داود، لا تَخَفْ أَن تَأتِيَ بِامرَأَتِكَ مَريمَ إِلى بَيتِكَ. إِنَّ الَّذي كُوِّنَ فيها هوَ مِنَ الرُّوحِ القُدُس؛
وستَلِدُ ابنًا فسَمِّهِ يسوع، لأَنَّه هوَ الَّذي يُخَلِّصُ شَعبَه مِن خَطاياهم».
وكانَ هذا كُلُّه لِيَتِمَّ ما قالَ الرَّبُّ على لِسانِ النَّبِيّ:
«ها إِنَّ العَذراءَ تَحْمِلُ فتَلِدُ ابنًا يُسمُّونَه عِمَّانوئيل أَيِ “اللهُ معَنا“».
فلمَّا قامَ يُوسُفُ مِنَ النَّوم، فَعلَ كَما أَمرَه مَلاكُ الرَّبِّ، فأَتى بِامرَأَتِه إِلى بَيتِه.
*
“وكان يُوسُفُ زَوجُها بارًا، فَلَمْ يُرِدْ أَن يَشهَرَ أَمْرَها، فعزَمَ على أَن يُطلِّقَها سِرًّا”. ظاهريًا، عصى يوسف الشريعة التي تأمر في هذه الأحوال برجم الزانية (راجع تث 22، 20). ولكن في العمق، قام يوسف بتطبيق قلب الشريعة وجوهر العدالة الإلهية التي ليست عدالة ترهيب وحكم، بل هي عدالة الرحمة المبرّرة. كان يوسف بارًا، ولذا لم يكن يستطيع أن يعطي اسمه قانونيًا لمن كان يظن حينها أنه ابن زنى، ولكنه أظهر أنه بار بحسب قلب الله لأن عدالته لم تكن حاملة للموت، بل للحياة. نتعلم من هذه الحادثة الدرس الكبير حول ترابط العدالة بالرحمة والتي يلخصها دوستويفسكي سلبيًا هكذا: “لا يعرفون الرحمة، يعرفون العدالة فقط. لهذا ليسوا بعادلين”. يوسف كان يعرف الرحمة، ولهذا رحمه الرب وأنار شكوكه وجعله أبًا بالتبني لرب الحياة.