كشف البابا فرنسيس عن مدى عمق مبدأ الرحمة الذي لمس حياته وكيف جالت في خاطره فكرة اليوبيل الذي أطلقه في هذه السنة. في كتاب “اسم الله هو رحمة” الذي سيصدر يوم الثلاثاء، قال البابا فرنسيس بإنه “يمكن قراءة حياته” على ضوء قصة من العهد القديم للنبي حزقيال حيث كانت أورشليم مصوَّرة كامرأة باركها الله ثم أصبحت فيما بعد إلى بغيّ. إلاّ أنها لا تزال مكرَّمة ومسامَحة على ما فعلت.
قال البابا: “لقد قرأت هذه الصفحات وقلت: كل شيء هنا يبدو وكأنه موجّه إليّ”. إنّ النبي يتحدّث عن الخجل والخجل هو نعمة: فعندما يشعر أحد برحمة الله، يشعر بالخجل على ما قام به من خطايا”. في الواقع، “اسم الله هو رحمة” هو حصيلة مقابلة دارت بين البابا وأندريا تورنيلي، صحافي إيطالي ومنسّق موقع فاتيكان إنسايدر. وقد تم نشر هذا الكتاب في 86 بلدًا بحوالى 20 لغة يوم الثلاثاء. وحصل موقع ناشيونال كاثوليك ريبورتر على نسخة مسبقة من النص باللغة الإنكليزية.
أخبر البابا فرنسيس تورنيلي بأنّ فكرة سنة اليوبيل قد تواردت إلى ذهنه حتى قبل أن يصبح بابا في خلال اجتماع مع اللاهوتيين عندما كان لا يزال رئيس أساقفة بيونس آيرس. يومئذٍ، قال البابا: “كان يتمحور الموضوع حول ما يمكن البابا أن يقوم به حتى يقرّب الناس من بعضهم بعضًا؛ لقد اعترضتنا المشاكل وبدا بأن لا حلول لها. فاقترح واحد من المشاركين “سنة مقدّسة للغفران”.
ثم تابع البابا فرنسيس ليقول: “الإنسانية بحاجة إلى الرحمة والشفقة. لقد قال بيوس الثاني عشر منذ أكثر من نصف قرن بأنّ مأساة عصرنا قد فقدت معنى الخطيئة وخطورتها!” وأشار إلى أننا اليوم نتابع في هذا المسار من خلال اعتبار مرضنا وخطايانا بأنّها لن تُعالَج وهي من بين الأمور التي لا يمكن أن يُشفى الإنسان منها أو يُسامَح”. نحن نفتقد إلى الخبرة الملموسة للرحمة”.
كما وقال البابا بإنّ هشاشة عصرنا تكمن في هذا أيضًا: “نحن لا نؤمن بأنه يوجد فرصة للفداء؛ بيدٍ يمكن أن تنتشلنا نحو الأعلى؛ لعناق يخلّصنا ويسامحنا ويرفعنا… وأن يوقفنا من جديد على رجلينا. نحن بحاجة إلى الرحمة”.
وأردف البابا قائلاً: “إنّ محبة الله موجودة حتى لمن لا يستوعبون ذلك: ذاك الرجل وتلك المرأة وذاك الصبي وتلك الفتاة – كلهم محبوبون من الله، يحتاجون إلى البركة. فكونوا رؤوفين مع هؤلاء الأشخاص ولا تقصوهم. إنّ الناس يعانون. إن لم نظهر لهم محبة ورحمة الله، نبعدهم وربما لن يعودوا أبدًا. لذا احتضنوهم وكونوا شفوقين، حتى لو لا تستطيعون أن تسامحوهم. أعطوهم البركة على أيّ حال”.
ثم تحدّث البابا فرنسيس عن ابنة أخته التي تزوّجت من رجل زواجًا مدنيًا وقد كان متزوّجًا من قبل ولم يحصل على أي فسخ لزواجه. “هذا الرجل كان جد ملتزمًا حتى إنه في كل يوم أحد عندما يذهب إلى القداس، يتوجّه إلى كرسي الإعتراف ويقول للكاهن: “أنا أعلم أنه لا يمكنك أن تعطيني الحلّة إنما لقد أخطأت بقيامي هذا وذاك لذا أرجو منك أن تمنحني بركتك”. لقد كان بالفعل رجلاً ناضجًا روحيًا”.
ثم ختم البابا قائلاً: “من أجل اتباع مسار الرب، إنّ الكنيسة هي مدعوة لأن تصب رحمته على كل من يعترفون بأنفسهم بأنهم خطأة، على من يتحمّلون مسؤولية الشر الذي يرتكبونه ومن يحتاجون إلى المغفرة”. وصرّح قائلاً: “إنّ الكنيسة ليست موجودة لإدانة الناس بل لتأمين لقاء مع المحبة العميقة لرحمة الله”.