عندما كان البابا فرنسيس كاهن رعية في الأرجنتين، قابل أمًا مع أطفالها تخلّى عنها زوجها. لم تكن تملك أي راتب ثابت. وعندما أصبحت عاطلة عن العمل، قررت أن تبيع جسدها لكي تعيل أولادها. في أثناء ذلك الوقت، كانت تزور الرعية المحلية التي حاولت أن تساعدها من خلال تأمين الطعام والمواد الأولية.
ذات يوم، في أثناء عطلة عيد الميلاد، أتت الأم وطلبت أن ترى كاهن الرعية، الأب خورخيه برغوليو آنذاك. لقد ظنّ أنها أتت لتشكره على الطعام الذي أرسلته الرعية إليها.
فسألها: “هل حصلت عليه؟” وفسّرت الأم: “نعم، نعم وأنا أشكرك على ذلك أيضًا إنما أتيت اليوم لأشكرك لأنك لم تتوقّف يومًا عن تسميتي “سيدة”. تذكّر البابا هذه القصة المؤثّرة في الفصل السادس من كتابه “اسم الله هو رحمة”، وهو كتاب صدر حديثًا وهو عبارة عن مقابلة قام بها الصحافي الإيطالي أندريا تورنيللي مع البابا فرنسيس ويقصد أن يبيّن “قلب فرنسيس ورؤيته”.
إنّ هذا الاختبار الذي حصل مع المرأة أثّر كثيرًا في البابا فرنسيس الذي قال بإنه علّمه معنى معاملة كل إنسان بكرامته لو مهما كانت الظروف. وصرّح في كتابه: “إنّ الاختبارات من هذا النوع تعلّمك أهمّية استقبال الناس بحفاوة وأن لا تجرح كرامتهم”. وتابع: “بالنسبة إليها، إنّ فكرة أن تابع كاهن الرعية بتسميتها “سيدة” ولو أنه على الأرجح يعلم كيف تتصرّف في حياتها في الأشهر التي توقّفت فيها عن العمل، كان ذلك جد مهم بالنسبة إليها وربما أكثر أهمية من المساعدة الحسيّة التي كان يقوم بها من أجلها”.
إنّ كتاب “إسم الله هو رحمة” الذي صدر في 12 كانون الثاني يسلّط الضوء بشكل عميق على نظرة الرحمة والغفران التي يتمتّع بها البابا فرنسيس وهو مؤلّف من تسعة فصول من أسئلة وأجوبة دارت بين البابا فرنسيس وتورنيللي.
كذلك بالإضافة إلى المواضيع الأخرى، يفسّر الكتاب الذي يتمحور حول الرحمة كلمات البابا فرنسيس “من أنا لأحكم” ويعبّر عن أفكاره حول الاعتراف ويعبّر عن أماله بيوبيل الرحمة وكيف ننفتح إلى رحمة الله. قال تورنيللي بأنّه أصدر هذا الكتاب بداعي الحشرية راغبًا أن يعرف أكثر عن نظرة البابا فرنسيس حول الرحمة والغفران. ومن بين القصص الأخرى التي تحدّث عنها البابا فرنسيس في أثناء المقابلة كمثل لقائه بالمرأة البغي، كشف عن الموضوع الأكثر أهمية بالنسبة إلى كل رجل وامرأة وهو لا يكمن بعدم السقوط بَل بالأحرى عن الوقوف من جديد.
وصرّح البابا في كتابه: “طالما نحن على قيد الحياة، يمكننا دائمًا أن نبدأ من جديد، كل ما علينا القيام به ترك يسوع يغمرنا ويسامحنا. يوجد دواء ويوجد شفاء. نحتاج الى القيام بخطوة صغيرة نحو الله أو على الأقل أن نكشف عن رغبتنا بذلك. فتحة صغيرة هي كافية”.