نعرض لكم مقالتين للاهوتي الإكليزيولوجيا الدومينيكاني إيف ماري كونغار بين اليوم والغد وكان قد قدّم الزميل الدكتور روبير شعيب أكثر من مرّة ضمن سلسلة من خواطر كنسية رأي الأب الدومينيكاني في الكنيسة. واليوم، ولمناسبة أسبوع الوحدة بين الكنائس، سنتابع مع الداعم للحركة المسكونية، الذي كان رائدًا في القرن العشرين في الحوار المسكوني الكاثوليكي وواحدًا من من المساهمين الأكثر تأثيرًا لانعقاد المجمع الفاتيكاني الثاني. اعترف البابا يوحنا بولس الثاني بخدمته اللامتناهية للكنيسة عندما عيّنه كاردينالاً بفترة قصيرة سبقت وفاته عام 1995 عن عمر ناهز الواحد والتسعين وذلك بحسب ما ذكر موقع americamagazine.org.
في آب 1914، التهبت كنيسة كونغار في سيدان في فرنسا بنيران قنبلة رُميت عليها. اختبر دعوته للكهنوت عندما كان صغير السن. طُبعت لقاءاته المسكونية بالصداقات التي أنشأها مع الأطفال البروتستانت واليهود. على عمر الثالثة عشر، قام بمناقشات لاهوتية حول معنى القداس مع ابن القس البروتستانتي.
بعد أن انخرط في الرهبنة الدومينيكانية عام 1925، تابع كونغار تنشئته في لو سولشوار ثم في بلجيكا حيث كان ينتمي إلى جماعة رائدة تحت إدارة الراهب الدومينيكاني ماري دومينيك شينو. كتب ذات مرة: “شعرت بدعوتي الإكليزيولوجية والمسكونية عامي 1929 و1930. وفي خلال رياضة سبقت سيامته وبينما كان يتأمّل بصلاة يسوع الكهنوتية (يوحنا 17)، شعر كونغار بأنه مدعو ليكرّس عمله في الحياة لتحقيق الوحدة بين المسيحيين. قبل انعقاد المجمع الفاتيكاني الثاني، كان الموقف الرسمي للكاثوليك بشأن المسيحيين بأنهم “زنادقة” و”منقسمون”، وعليه، يجب أن يعترفوا بأخطائهم وأن يعودوا الى الكنيسة الأم.
أصبح كونغار مقتنعًا بأنّ الكنيسة الرومانية الكاثوليكية عليها أن تجددها فهمها لذاتها: “أيها الرب إلهي، أنت من جعلتني أفهم منذ عامي 1929 و1930 بأنّ الكنيسة إن غيّرت وجهها، وإن افترضت ببساطة وجهها الحقيقي، إن كانت ببساطة الكنيسة، لكان كل شيء ممكنًا على درب الوحدة”.
إنّ تحقيقاته التاريخية التي لم تعرف الكلل والتي ترافقت مع لقاءاته الشخصية المتكررة مع البروتستانت والأرثوذكس، أثمرت كثيرًا. عام 1937، أصدر أوّل عمل له مرتكز على أساس المسكونية الكاثوليكية وفي الوقت نفسه أيضًا، أصدر سلسلة من المنشورات تحت عنوان الواحد القدوس وكانت تهدف كلها الى وضع الأسس اللاهوتية لتحقيق الوحدة بين المسيحيين.
عندما سُجِن كونغار على يد الألمان في أثناء الحرب العالمية الثانية رأى ذلك نعمة أخرى أُغدِقت عليه: فسعى إلى إنشاء صداقات مع زملائه السجناء المنحدرين من خلفيات متعددة. وبكونه ضابط فرنسي، سُجن كونغار طوال فترة الحرب. وبعد محاولات متكررة للهرب، حُجز لمدة 18 شهرًا في حصون كولديتز ولوبيخ. وهناك، تحفّظ كونغار عن مقاومته للنازية من خلال عقد مؤتمرات ومحادثات غير رسمية. عندما كان في السجن، شعر بالاستياء عندما علم بأنّ روما قد اتخذت اجراءات صارمة بحق لوسولشوار وبأنّ شينو أُطيح به. وكتب آنذاك: “مقاومتي تكمن بعدم التخلّي أبدًا عن خدمتي للحق”.
– يتبع –