Candles in the wind

Pixabay CC0

أين نحن من "شغف كونغار" بتحقيق الوحدة؟ (2)

الأب الدومينيكاني الرائد في الحوار المسكوني

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

كنا قد بدأنا يوم أمس بعرض مقالة للاهوتي الإكليزيولوجيا الدومينيكاني إيف ماري كونغار لمناسبة أسبوع الوحدة بين الكنائس. واليوم نتابع مع الداعم للحركة المسكونية في الفترة التي تلت مباشرة الحرب العالمية الثانية حين كانت الكنيسة في فرنسا تشهد مبادرات رعوية جديدة. عندئذٍ انكبّ كونغار من جديد على الكتابة والتعليم والبحث. وفي العام 1950، أصدر ما كان يُعتبَر بالعمل الأهم بعنوان “صح وخطأ إصلاح في الكنيسة” وفيه ركّز على الإصلاح الحقيقي الذي يجب أن تتصف به “أولوية المحبة”. وكان يطّلع إليه الكاردينال أنجيلو رونكالي الذي أصبح فيما بعد يُعرف بالبابا يوحنا الثالث والعشرين ودعا الى انعقاد مجلس لتجديد الكنيسة وإصلاحها.

وهنا سادت عقلية الشكّ تجاه “اللاهوت الجديد” الذي كان منتشرًا في الفاتيكان. أصدر البابا بيوس الثاني عشر رسالة بابوية بعنوان الجنس البشري حذّر فيها من الانحرافات اللاهوتية وأُحكم الطوق حول عنق اللاهوتيين الدومينيكان ومن بينهم كونغار الذي مُنع من نشر كتابه. وقال كونغار في هذا الصدد: “منذ بداية العام 1947 حتى أواخر العام 1956 لم أعرف شيئًا سوى سلسلة من التنديدات والتهديدات والتحذيرات والتدابير المقيّدة”.

ساهم رئيس أساقفة ستراسبورغ جان فيبير بإرجاع كونغار الى فرنسا وتحوّل بيته فيما بعد إلى دير للدومينيكان في ستراسبورغ. في صيف 1960، علم كونغار عند تصفّحه الجريدة بأنه قد تعيّن مستشارًا للجنة التحضيرية للمجلس المسكوني الذي تمّ الإعلان عنه مؤخرًا. كان يملك كونغار تأثيرًا على المخططات التحضيرية وتبيّن أنه تسيطر على اللجنة فئة تعتبر نفسها بأنها تعيد طرح تعليم البابا بشكل حديث.

في البداية، كان كونغار متشائمًا متخوّفًا من أن يقع المجلس فريسة كوريا تبحث عن السيطرة على العملية كلها. إنما ما لبث أن هدأ كونغار وتفاءل بالخير في خلال الدورة الأولى عندما تصرّف الأساقفة بشكل حاسم من أجل تحمّل مسؤولية المجلس.

تحفّظ كونغار كثيرًا عن عدم ذكر رأيه بالمشاركين في المجمع. وحده رئيس أساقفة كراكوفيا، البابا يوحنا بولس الثاني المستقبلي، كان ينظر إليه كونغار بطريقة جد إيجابية مشيرًا الى أنه يتحلّى “بقوة نبوية”. في الواقع، إنّ نظرة كونغار للكنيسة قد تبنّاها كثيرًا المجمع الفاتيكاني الثاني واضطلع بدور بالغ الأهمية في مراجعة الوثائق المجمعية بما فيها الدساتير حول الكنيسة والوحي؛ دستور الكنيسة في العالم المعاصر؛ المراسيم حول الحركة المسكونية والبعثات وخدمة وحياة الكهنة؛ هذا بالإضافة الى الإعلانات المتمحورة حول الديانات غير المسيحية والحرية الدينية.

قضى كونغار السنوات الأخيرة من حياته يتلقّى العناية التمريضية وقال في الفترة الأخيرة من حياته: “منسحبًا من الحياة العملية والنشيطة، أنا موحّد بالجسد السريّ للرب يسوع الذي لم أكفّ عن التحدّث عنه يومًا. أنا متّحد به ليل نهار، من خلال صلاة من تلقّى حصّته من العذاب. لدي وعي كبير لأبعاد الجسد السري. من خلال الروح القدس وفيه أنا حاضر لخاصّته الذين أعرفهم ومن لا أعرفهم. يبدو جليًا أنّ الحركة المسكونية تلعب دورًا في ذلك. إنها الشفاعة والتعزية والشكر بحسب مشيئة الرب”.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ألين كنعان إيليّا

ألين كنعان إيليا، مُترجمة ومديرة تحرير القسم العربي في وكالة زينيت. حائزة على شهادة تعليمية في الترجمة وعلى دبلوم دراسات عليا متخصّصة في الترجمة من الجامعة اللّبنانية. حائزة على شهادة الثقافة الدينية العُليا من معهد التثقيف الديني العالي. مُترجمة محلَّفة لدى المحاكم. تتقن اللّغة الإيطاليّة

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير