لِمَ ننقطع عن أكل اللحم؟ ما الرابط بين موت يسوع والانقطاع عن أكل اللحم؟ هل مِن خلفية تاريخية لذلك؟ كلّها أسئلة أجاب عليها الأب إدوارد ماكمارا، أستاذ ليتورجيا وعميد اللاهوت في جامعة ريجينا أبوستولوروم بحسب وكالة زينيت في القسم الإنكليزي. أشار إلى أنه لا بد من التمييز بين الصوم والقطاعة فالأول يقضي بتحديد كمية الأكل المسموح بها طيلة أيام زمن الصوم والثانية تنظّم نوعية الأكل. تحدّث الأب بشكل خاص عن العادات التقوية الخاصة بكل طقس. وأما عن تاريخ الامتناع عن الأكل فيعود إلى وقت بعيد وكان يُمارَس بشكل قاسٍ أكثر إنما مع تبدّل الأحوال والظروف أُعيد النظر بقانون الامتناع عن الأكل حتى لا يشكّل عبئًا على المؤمنين.
من هنا نفهم لمَ المرضى والفقراء كثيرًا أو من يعملون أعمالاً شاقة هم غير ملزمين بذلك. هذا فضلاً عن العادات وأسعار الطعام والمناخ التي كلّها تؤثّر في قانون القطاعة. فمثلاً، في بلدان مثل الولايات المتحدة وإيطاليا، يوصي الأساقفة بالقطاعة أيام الجمعة على مدار السنة وهي مفروضة بشكل خاص في أيام الصوم. وأما الأساقفة في المملكة المتحدة فلديهم قانونًا مشابهًا لذلك إنما منذ سنوات قليلة قرروا العودة إلى الممارسة التقليدية للقطاعة أيام الجمعة من السنة. إنّ القطاعة هي ضرورية بعد بلوغ عمر الأربعة عشرة عامًا ويُفرَض الصوم على من بلغوا الثمانية عشرة عامًا وصولاً إلى عمر التاسعة والخمسين وذلك بحسب ما نقله الأب إدوارد ماكمارا.
من ناحية أخرى، إنّ الكنائس الشرقية أكانت كاثوليكية أم أرثوذكسية فلديها قوانين صارمة للصيام والامتناع عن الأكل وكل مشتقات الحليب والبياض. وفي هذا السياق لا بدّ لنا من ذكر ما جاء في رسالة البطريرك الراعي لزمن الصوم المجيد: “الصوم الكبير ويوبيل سنة الرحمة مناسبتان تشكّلان “الزمن المقبول لدى الله: فالصوم الكبير زمن مميز في السنة يهيّىء المؤمنين للعبور الفصحي إلى حياة جديدة من خلال ثلاثة متكاملة: الصلاة وسماع الكلام الإلهي من أجل ترميم العلاقة الشخصية مع الله، والصيام والقطاعة من أجل ترويض الإرادة وترميم العلاقة مع الذات الإنسانية والمسيحية، وأعمال المحبة والرحمة من أجل ترميم علاقة الأخوّة والتضامن مع الفقراء والمتألّمين.
يوبيل سنة الرحمة يجعل من الصوم الكبير زمنًا قويًا للاحتفال برحمة الله، واختبارها وعيشها معه توبة وارتداد قلب، ومع الناس أفعال حنان وتضامن وغفران. وعبور الباب المقدس يرمز إلى رغبة في القلب والإرادة للبلوغ إلى الرحمة، والالتزام بأن نكون رحماء تجاه الآخرين كما الله هو رحوم معنا”.
وبالعودة إلى الأب إدوارد ماكمارا فتحدّث عن أبعاد الصوم التي تقضي بالولوج إلى الأسباب الأساسية وبعدم الاكتفاء بالقوانين السطحية. “أفليس الصوم الذي أفضله هو حل قيود الشر وفك قيود النير، وإطلاق المسحوقين أحرارًا؟ أليس هو أن تكسر للجائع خبزك، وأن تدخل المساكين التائهين بيتك؟ وإذا رأيت عريانًا أن تكسوه وألا تتغاضى عن لحمك؟”