بعد أن ذكرنا في مقالة سابقة عن التأمل السادس الذي ترأّسه الأب رونكي مرشد الرياضة الروحية للبابا فرنسيس وأعضاء الكوريا الرومانية، نأتي في هذه المقالة إلى عرض القسم الثاني الذي تحدّث عنه بعد أن دعا الكنيسة إلى عيش الشفافية ليؤكّد في هذا القسم على الحاجة إلى المشاركة للتكثير. وكان قد انطلق من معجزة تكثير الخبز والسمكتين مركّزًا على سؤال “كم رغيفًا عندكم؟” (متى 15: 34؛ مرقس 6: 38).
المشاركة للتكثير
“إن كنتم شفافين فأنتم صادقون. وعندما تكونون صادقين فأنتم أحرار”. لاحظ الأب رونكي أنّ يسوع لم يسمح لأي شخص أن يذهب “ليبتاع” له شيئًا ولم يدخل يومًا إلى قصور السلطة إلا كَسجين”. وفسّر أنّ منطق يسوع يكمن في العطاء وليس في الاكتناز. وقال إنّ فعل “أن تحبّ” في الإنجيل يُترجَم إلى “أن تعطي”. تبيّن لنا معجزة تكثير الأرغفة والسمكتين أنّ يسوع غير معنيّ بكمية الخبز؛ ما يهمّه هو أن يتقاسم الخبز.
وتابع ودائمًا بحسب إذاعة الفاتيكان في القسم الإنكليزي: “بحسب القاعدة الإلهية السريّة: عندما يتحوّل خبزي إلى خبزنا عندئذٍ القليل يصبح كثيرًا. يبدأ الجوع عندما أحتفظ بخبزي لنفسي، عندما يتمسّك الغرب الشبعان بخبزه وبسمكته وبكل ما يملك… يمكننا أن نطعم الأرض كلها فيوجد ما يكفي من الخبز. لا حاجة لتكثيره بل سيكون كافيًا لو نقوم بتوزيعه بدءًا من ذاتنا. لا نحتاج إلى تكثير بل علينا أن ننتصر على غوليات الأنانية وعلى هدر الطعام والاكتناز”.
“إنّ جوع الآخرين له حقوق عليّ”
تابع الأب رونكي ليقول مقتبسًا من إنجيل القديس لوقا: “أعطوا تُعطوا: ستُعطَون في أحضانكم كيلاً حسنًا مركومًا مهزهزًا طافحًا، لأنه يُكال لكم بما تكيلون” (لوقا 6: 38)… والسؤال الأخير الذي طرحه الأب رونكي: هل أعطيتم الحياة القليل أم الكثير؟ إنّ الحياة تعتمد على ذلك وليس على ما تملكون. إنّ خمسة أرغفة كافية لتغيير العالم”
وختم الأب رونكي قائلاً بأنّ أعجوبة تكثير الخمسة أرغفة والسمكتين وفيها تضع الكنيسة الناشئة بين أيدي المسيح الذي لم يقم بأي حسابات ولم ينتظر أي شيء بالمقابل من عشائه الأخير، تبيّن لنا أن نقطة في المحيط يمكن أن تعطي معنى وأملاً في الحياة”.