“المشرّدون الذين يموتون بردًا في روما، راهبات الأم تريزا اللواتي قُتلن في اليمن، الأشخاص الذين يمرضون في “أرض النيران”… كل هذه العبارات ذكرها البابا فرنسيس اليوم في أثناء عظته الصباحية من دار القديسة مارتا بعد أن أمضى الأسبوع الفائت في أريتشيا يتأمّل في رياضته الروحية السنوية في زمن الصوم. استوحى البابا فرنسيس من القراءة الأولى من سفر دانيال التي تركّز على أننا وإن اضطررنا أن نسير في “وادي الظلام” فنحن لا نخاف السوء.
كم من وديان الظلام نمرّ فيها ونسأل أين أنت يا رب؟
قال البابا: “إنّ الرب يسير دائمًا معنا ويحبنا ولا يتركنا أبدًا”. إنما بالرغم من كل ذلك، التفت البابا إلى “وديان الظلام” التي نعيشها في زماننا الحاضر: “عندما ننظر إلى وديان الظلام والكثير من الأشخاص الذين يموتون جوعًا ومن الحرب… نرى العديد من الأطفال ذوي الحاجات الخاصة…. نسأل أهلنا: “ما هذا المرض؟” لا أحد يعلم! إنه مرض نادر. إنه ما نتسببه بأمورنا: فلنفكّر في الأمراض التي تسببها أرض النيران… عندما ترى كل ذلك، تسأل: ولكن أين هو الرب؟ أين أنت؟ هل تسير معي؟”
وتابع: “هل رأيت الراهبات الأربع اللواتي قُتلن؟ ولكن كنّ يخدمن بمحبة، ولقين حتفهنّ نتيجة الحقد؟ عندما ترى أنّ الأبواب توصد بوجه اللاجئين، نتركهم خارجًا في الهواء الطلق وفي البرد… ولكن يا رب أين أنت؟ لماذا يتعذّب هذا الطفل؟ لا أعلم لماذا إنما أنا أثق بالله!”
وسأل البابا: “كيف يمكنني أن أثق بك إن كنتُ أرى كل هذه الأمور؟ ويمكن لكل شخص منا أن يسأل: “كيف يسعني أن أثق بك؟” يوجد جواب واحد على كل تلك الأسئلة، لا يمكنني أن أفسّرها لأني أعجز عن ذلك. لماذا يتألّم طفل ما؟ لا أعلم: إنه لغز بالنسبة إليّ. أنا أرى يسوع المسيح يقول هذا في بستان الزيتون: يا رب أبعد عني هذه الكأس ولكن لتكن مشيئتك. إنه يوكل ذاته إلى مشيئة الآب. يسوع يعلم أنّه لم يتمّ كل شيء بعد في بستان الزيتون مع الموت والقلق إنما قال كلمته الأخيرة عندما كان على الصليب: “يا رب بين يديك أستودع روحي” ومات. أن أثق بالله الذي يسير معي ومع شعبه ومع الكنيسة: هذا هو الإيمان. أنا أثق به. لا أعلم: لا أعلم لماذا يحصل كل ذلك إنما أنا أسلّم ذاتي إليه”.
إنّ الشر ليس نهائيًا، الرب هو دائمًا معنا
وقال: “هذا هو تعليم يسوع: من يسلّم ذاته للرب، لن يخسر شيئًا. وهو يعلم إن سار في وادي ظلال الموت فسيعلم أنّ هذا الوضع ليس نهائيًا لأنّ الشر ليس نهائيًا لأنك معي، عصاك وعكازك هما يعزيانني. إنّ هذا الاطمئنان هو “نعمة” علينا أن نسألها من الرب: “يا رب، علّمني أن أستسلم بين يديك وأن أستسلم إلى مشيئتك حتى في أحلك الظروف وفي أكثر الأوقات ظلامًا، حتى في لحظة الموت”. سيكون من المفيد اليوم أن نفكّر في حياتنا في كل المشاكل التي نعانيها وأن نسأل الرب أن يمنحنا النعمة لنستسلم بين يديه”. وختم بهذه الصلاة: “يا رب أنا لا أفهمك. وهذه صلاة جميلة جدًا. إنما من دون أن أفهم أنا أستسلم بين يديك”.