ندوة حول " التثقيف والإيجابيات البيئية" في المركز الكاثوليكي للإعلام 17 آذار 2016

عقدت ظهر اليوم ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام حول “التثقيف والإيجابيات البيئية”. شارك فيها مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده أبو كسم، الرائد البيئي د. بديع أبو جوده، فضيلة الشيخ القاضي الدكتور يحيى الرافعي، رئيس […]

Share this Entry

عقدت ظهر اليوم ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام حول “التثقيف والإيجابيات البيئية”. شارك فيها مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده أبو كسم، الرائد البيئي د. بديع أبو جوده، فضيلة الشيخ القاضي الدكتور يحيى الرافعي، رئيس مجلس أمناء تجمّع البيوتات الثقافية في لبنان البروفسور جورج طربيه، والمؤرخ فارس الغول، وحضرها عدد كبير من الشخصيات والفعاليات والإعلاميين والمهتمين.
ابو كسم
بداية رحب الخوري عبده أبو كسم بالحضور باسم رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر وقال:
“تندرج هذه الندوة في إطار التوعيّة على أهمية التثقيف البيئي بمعنى المحافظة على البيئة كونها عطية من عطايا الله الموضوعة في خدمة الإنسان، إذن المحافظة على البيئة والإهتمام بها، ينبع من صلب إيماننا بعطايا الله ومواهبه، ويستوجب منا الشكر له سبحانه وتعالى، والشكر يكمن في الإهتمام ببيئة نظيفة تليق بالخالق، بيئة من دون تلوث، بيئة من دون نفايات، بيئة صديقة للإنسان، فقداسة البابا فرنسيس، أصدر بالإمس وثيقة بابوية، كناية عن إرشاد رسولي تحت عنوان “كن مسبحاً” يشدّد فيها على احترام البيئة، كونها عطية من الله”.
تابع “إن الدكتور بديع أبو جوده، من أبرز الروّاد الذين لامسوا أهمية الحفاظ على البيئة والإفادة منها، حمل المشعل باكراً، وسار في طرقات المدينة، ينادي، وقلة هم الذين استجابوا، رفع الصوت عالياً على المنابر، وألّف الكتب ودبّج المقالات، وأقام النشاطات البيئية، علّه يضيء شمعة تنير ولا تحرق.”
أضاف “وإننا وفي خضّم أزمة النفايات، التي أصبحت تطوّق بيوتنا وتسبح في شوارعنا، ونستنشق روائحها، أصبحنا ويا للإسف نحلم ببيئةٍ خالية من النفايات فقط متناسين ما تخلّفه الحرائق والإنبعاثات الكربونيّة من السيارات والمعامل وسواها من ضررٍ على البيئة وعلى صحة الإنسان.”
وختم بالقول “نحن مدعوون اليوم إلى الوقوف جنباً إلى جنب من أجل إنقاذ البيئة في لبنان، فالصمت أكبر جريمة نرتكبها بحق إنساننا وبحق أولادنا وبحق مجتمعنا وبحق وطننا، ولتجار النفايات نقول كفّوا عن تقاسم الجبنة، فصحّة الوطن والشعب فوق كل اعتبار.”
طربية
ثم كانت كلمة البروفسور جورج طربيه جاء فيها:
“حين أرانا الرائد البيئي الزميل الدكتور بديع أبو جوده، صور اليوم البيئي العالمي الأول، السنة 1962، مَن منا لم يتمنّ لو أنه كان في عداد اولئك الناشطين البيئيين البررة الذين هبّوا هبّة الرجل الواحد، حماية لساحل المتن الشمالي، وصوناً لبيئته من المشوّهات والملوثات.
والحق أن اولئك الفعلة القلائل الذين يحتفظ رائدنا البيئي بصورهم، منهم من غيبته ريح الموت عبر السنوات الاربع والخمسين التي عبرت كلمح البصر، ومنهم ما يزال يكافح بيننا، أطال الله عمره، فأين نحن اليوم ووجه طبيعتنا اللبنانية الملكي الملائكي، يشوهه جُدرى النفايات وأسيد المحارق، ساحلاً وجبلاً، أين جبل الأرز التوراتي الذي يزفر أريج المر واللبنان والثلج البهي النقي، من جبال النفايات تنشر الموبقات والأوبئة من دون حسيب أو رقيب.
نعم، قد يكون الكثيرون منا غابوا عن الصورة البيئية العالمية البكر، لكني ممّن يزعمون أن الوجوه تتعدّد، لكن الروح واحدة، فالأوطان والمجتمعات هي روحها أولاً وقبل كل شيء. وهذه الروح هي التي تجدّد ولادات طائر الفنيق عبر الأجيال. هذه الروح كانت السنة 1962 ولم تزل قائمة عبر أشكال الحراك الشعبي البّناء المختلفلة. إنها “روح الجماعة” كما اسماها ابن خلدون يوماً وسماها الفرنسيون والأنكلير في قواميسهم “Esprit de corps”. إنها روح العصبية التي تشد العصب وتجمع وتبني وترفع المداميك. من هنا هي بناءة على الصعد كافة بعكس نقيضها التعصب الأعمى المغلق المجرم الهدّام.
فتحية إليك أيتها الروح الملهمة المحيية التي لا تشيخ، وسلام عليكم يا فتية الوطن ومجددي دمه في مواجهه دُماه السياسية الضريرة الدامية الشمطاء. وألف تحية لك يا ابن جل الديب، الرائد البيئي الحبيب الدكتور بديع أبو جوده، وعقيلتك رفيقة الدرب العزيزة في السرّاء والضراء. باسم مجلس أمناء تجمع البيوتات الثقافية، أكبر تجمع ثقافي في لبنان أحييكم مكبراً فيكم تلك الإرادة الصنّينية القاهرة، وتلك الروح الوطنية الجامعة السمحاء، وفقكم الله جميعاً وأبقاكم للوطن سنداً، والساحل المتني فخراً والأجيال مثلاً ومثالاً لن تمحوه الأيام.”
الغول
وبدوره المؤرخ فارس الغول تحدث عن د.بديع ابو جودة “مسيرة عطاء ومسار ابداع” فقال:
“كان الحدث ، الحدث…! لمّا أقام د. ابو جوده يوم النظافة في ساحل المتن الشمالي الجمعة 29 حزيران 1962 ،بمشاركة بلديات المتن الشمالي وبرج حمود وقائمقامية المتن والصليب الاحمر اللبناني،وطلاب المدارس والجامعات وفعاليات المنطقة، فكان النهار البيئي الطويل والمشهود له ليسجّل الخطوة الاولى في بناء عالم البيئة ، وعلمه الحديث اقله في الشرق .”
والاهم من الحدث نفسه ذلك الكتيّب البيئي “يوم البيئة” الذي ارفقه بالتزامن مع يوم النظافة، وتضمن الكتيّب ، صوراً عديدة مختارة وكلمات و توجيهات في الارشاد الصحي والبيئي.” تابع “يوم البيئة هذا، كان يوماً مشهوداً في تاريخ لبنان، تناولته وسائل الاعلام كافة من مرئية ومسموعة و مكتوبة سيّما محطة الاذاعة البريطانية. بعدها أصدرعدداً من الكتب حول البيئة نذكر منها “البيئة والحياة”، “يوم البيئة الاول” ، “البيئة رسماً و تعليقاً”، بلغات ثلاث العربية والفرنسية والانكليزية .الى جانب عدد من المجلات المدرسية والمقالات، تناولت البيئة السليمة والمحافظة عليها ، لأن البيئة في نظرنا جميعا ً تهمنا كلنا وبها يرتبط مصير الجنس البشري.”
أضاف “وقد ابتكر أبو جوده درع البيئة الذي يرمز الى اليوم الحدث ، يكرم من خلاله المُجلين والبارزين في المجتمع. فالمحافظة على البيئة ورعايتها ، يشكّل بعمق ، المفهوم المشرق والمشرّف للإنتماء الى الوطن والى الانسانية المؤمنة بقيم المجتمع وقيمة جوهر الله في الانسان ، باحترام كوكبنا الارضي .”
وقال “نجد عند أبو جوده ادب السلوك بالعربية و الفرنسية، ادب المناسبات كتباً في الأدب والتربية والاعلام، كما في التاريخ والايمان والدين. قديسون من تربتنا: الحرديني ، اسطفان نعمه ، يعقوب الكبوشي ، حيث نتلمس في هذه الكتب جوهر المحبة والايمان وسر القداسة. بالإضافة الى المهرجانات العديدة التي تمّت في الجودة برعاية رؤساء الجمهورية ، نذكر منها على سبيل المثال : مهرجان المتن الشامل الاول 1966، مهرجان المتن الشامل الثاني 1974 ، مهرجان المتن الشامل الثالث 1990”.
وختم بالقول “اعمال كثيرة وانجازات هامة ومواقف مشرّفة ، انجزها الدكتور ابو جودة اشاد بها كبار الرجال في العالم، في مقدمهم امين عام الامم المتحدة بطرس غالي ، البابا يوحنا بولس الثاني ، واخيراً البابا فرنسيس. الى جانب رؤساء جمهورية و حكومة و وزراء ورجال دين وفكر وسياسة من لبنان، اثنوا على جهوده .الى جانب عدد من الاوسمة من بعض رؤساء الجمهورية وتكريمات من عدد من الجامعات و الجمعيات.”
الشيخ رافعي
كلمة فضيلة القاضي الدكتور الشيخ يحيي الرافعي جاء فيها:
“كان أهل الوطن الصغير في مساحته الكبير في رسالته سباقاً في كثير من الأمور منذ الحروف الأولى، ويجب أن يبقى كذلك. كان رأس ماله بأهله ومواطنية المميزين بعقولهم وثقافتهم ومقدرتهم الذين عرفوا كيفيه استغلاله منذ القدم، استغلال ما فيه من نعم خلقها الله وخصصها فيه براً وبحراً وجواً وجبالاً وأودية وجعله مقصداً وموئلاً لكل الناس الذين ينشدون الراحة والصحة والأمن والهدوء والسلام. من أجل بيئته الصالحة النظيفة النقيّة من كل أنواع التلوث المادي والمعنوي…
إذا معنى البيئة هو الوسط الذي يعيش فيه الإنسان. إذا تربى الطفل في بيئة اجتماعية صالحة يصبح وينشأ موطناً صالحاً. ولقد دعت جميع الأديان السماوية للمحافظة على البيئة لأنها تصب في مصلحة الإنسان والمجتمع.
وأرسى الإسلام خاصة الأسس والقواعد والمبادىء التي تضبط وتقنن علاقة الإنسان ببيئته لتحقيق التوازن بين متطلبات الإنسان من مأكل ومشرب ووقود ومسكن ومتطلبات البيئة في نفس الوقت لأنها ضروة للإنسان والمجتمع. والجدير بالذكر أن قضية البيئة وما تعانيه من تدهور وإستنزاف وسوء استخدام أصبحت من القضايا الملحة في عالمنا المعاصر بعد ظهور مشكلات بيئية لا طاقة للبشرية بها وأغلبها من صنع الإنسان.
لقد جعل الله الإنسان خليقة في الأرض وليس مالكاً لها وهو مسؤول ووصي عليها لا يتصرف فيها بأنانية ويدمرها لأجل مصالحه الذاتية المؤقتة كما نشاهد اليوم في بلدنا الحبيب لبنان. وكان من مفروض علينا جميعاً أن نتصرف في الارض تصرف الأمين والمسؤول عنها وأن نتعامل معها برفق وأسلوب رشيد من أجل مستقبله ومستقبل الأجيال القادمة. فهل نتعظ ونرجع عن إفساد البيئة؟ ونحارب التلوث المعنوي أولاً لأنه الأساس والأخطر على البيئة من كل الأنواع الأخرى مما يستوجب إهتماماً خاصاً من كل الجهات المعنية الرسمية وغير الرسمية. وأكثر ما نحتاج إليه هو تربية بيئية تطبيقية لا نظرية أو دعائية وكان السبّاق إليها د. بديع أبو جوده من 1962 قبل إعلان الأمم المتحدة لليوم البيئي الأول في العالم 1972 ويجب أن نتذكر في هذه المناسبة أن المؤتمر البيئي العالمي الذي عقدته سنة 1992 في البرازيل اجتمع فيه 30 ألف مشارك ومئة زعيم عالمي ليواجهوا حقائق رهيبة من التلوث الذي صنعه الإنسان، العالم اليوم في قلبها ولبناننا الحبيب غاطس فيها لا خلاص لنا إلا بتحسين البيئة المعنوية القيادية.”
أختم بمقولة ” يقولون حب الوطن من الإيمان، هذا لبنان بيتنا، نريد العيش فيه “بمحبة وشراكة” مثل ما قال صديقي البطريرك بشارة الراعي، وكما قال قداسة البابا يوحنا بولس الثاني لبنان أكبر من وطن إنه “رسالة”، ويجب أن يعلم الجميع أن لا أحد يستطيع أن يلغي أحداً، وعلينا الصمود “.
أبو جوده
ثم تحدث الدكتور بديع أبو جوده فقال: “البيئة أمانة في اعناقنا وأنا مؤمن بهذه الامانة وحريص على تطبيقها. لذلك سخرت عمراً لخدمة “القضية الخضراء” وقد استبقت برنامج يوم البيئة العالمي 5 حزيران 1972 في ستوكهولم بعشر سنوات، واليوم البيئي العالمي الاول في لبنان 29 حزيران 1962، وتبعه كرنفال بيئي.”
تابع “ولكن اليوم تبدو البيئة الحلقة الاضعف في الساحة اللبنانية غاباته الكثيفة, اخضراره ينخر فيها الانقراض, يحل ضيفاً ثقيلاً التصحر، يحدثوننا عن مياهه المصابة بالتلوث، بدأت الامراض تشق طريقها الى الاجسام من جبال القمامة المكدسة … في اختصار واقعنا البيئي لا نحسد عليه. واتت ازمة النفايات في لبنان لتضاعف معضلات البئية. مع العلم بان النفايات مصدر طاقة متجددة يضاف الى الشمس والرياح والجاذبية والامواج والانهار.”
أضاف “ومن الحلول التي نقترحها فضلاً عن الحل التقليدي اعادة تصنيع كل مادة على حدة:
– الطريقة الأولى الحرق وبه تتحول النفايات النفايات الصلبة الى رماد مع استرجاع الطاقة يخفض حجمها الى 96 بالمئة ويخفف وزنها الى 75%
– الطريقة الثانية الانحلال الحراري، في غياب الاوكسيجين وتفكك المواد العضوية الغنية بالكربون فننتج منها فحماً صلباً بنسبة 35% وزيتاً سائلاً بنسبة 40% وغازاً اصطناعياً بنسبة ما يقارب الـ 10%.
– والطريقة الثالثة بتحويلها الى غاز اصطناعي وقد يتم ذلك باستعمال المحارق التكنولوجية الحديثة، وقد تُحوَّل ايضاً الى اسمدة عضوية لتحسين خصوبة التربة، او البيوغاز، الغاز الحيوي واستعماله في محركات الاحتراق الداخلي وتوليد الكهرباء والحرارة.”
ورأى أنه “حان لنا ان نثقف اجيالنا بأننا لا نمتلك هواء غرفتنا ولا خضرة اشجارها ولا حتى المياه التي تجري في شراييننا، ولا الطاقة التي تتفجر في ابداننا واننا مسؤولون عن ثقب الاوزون. وارتفاع درجة الحرارة والامطار الحمضية وتلوث الرياح والمياه والبحار. واستحداث المحيمات وتشجيع اصحاب الاراضي غير المزروعة بتقديم لهم غرسات وحبوب وبعض الاسمدة وبعدها وضع ضريبة على كل صاحب ارض قاحلة.”
تابع “ومن الضروري ايضاً ادخال برنامج بيئي الى المنهج التربوي، وقد ادخل، بحيث نحبب إليهم الطبيعة وحيوانها وتربتها ونشجع التشجير واعادة تصنيع ما نخلّفه من نفايات والحد من نهب الارض. وعلينا دائماً طرح مشاريع اساسية حفاظاً على البيئة على كامل الاراضي اللبنانية. لان البيئة وحدها ما زالت تجمع بين اللبنانيين الذين كلما اختلفوا “فشوا خلقهن بالبيئة” وأحرقوا الدواليب، وتنشقوا رائحتها، ولم تسود إلا جبهاهم”.
وختم بالقول” “سأبقى وفياً للبيئة حتى الرمق الاخير”.

Share this Entry

فيوليت حنين مستريح

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير