Robert Cheaib - Theologhia.com

هل كان موت يسوع ذبيحة ؟

ليس موت يسوع ذبيحة شخصيّة ، أو فعلا من أفعال العبادة ؛ بل كان ، بالعكس ، في نظر السلطات اليهوديّة ، تنفيذ حكم على مسيح كاذب سعى إلى تضليل الشعب ، ولم ينقذه الله من عذاب الصليب . ومع ذلك ، […]

Share this Entry

ليس موت يسوع ذبيحة شخصيّة ، أو فعلا من أفعال العبادة ؛ بل كان ، بالعكس ، في نظر السلطات اليهوديّة ، تنفيذ حكم على مسيح كاذب سعى إلى تضليل الشعب ، ولم ينقذه الله من عذاب الصليب . ومع ذلك ، تؤكّد الرسالة إلى العبرانيّين ، بأنّ ذبيحة المسيح تحلّ ، وبشكل نهائيّ ، محلّ كل ذبائح الهيكل . فماذا تعني كلمة ” ذبيحة ” ؟
الذبيحة التي ترضي الله
كانت ذبائح الحيوانات ، في العهد القديم ، كما في كثير من الديانات ، طقوســـًا يبحثُ الإنسان من خلالها إلى الإتحاد بالله ، وعيش علاقة طيّبة معه . والمقرّب ، حين يضحّي بحياة حيوان ويتخلّى عن خير كان بحوزته ، يعبّر عن رغبته في الخضوع لله ، وفي تقدمة ذاته له . وكان بوسع هذا المعنى للذبيحة أن يتعرّض للتشويه : إذ كان بالإمكان أن تتغلّب العلامة ، أي الطقس ، على الحقيقة الداخليّة. فَلَكم اعتقد البشر أنّهم يرضون الله حين كانوا يضحّون له بالحيوانات ، كما لو كان ينتظر ذلك ! (وهذه العادة الوسواسيّة نراها اليوم عند الكثيرين في عالمنا ). قالها أنبياء العهد القديم بوضوح ، حين شجبوا  تلك الليتورجيّات المهيبة والكاذبة معًا ، والتي لا صلة لها بالحياة الواقعيّة : ” فإنّما أريد رحمة ً لا ذبيحة ، معرفة الله أكثر من المحرقات ” (هو 6 : 6 ؛ مز 50 : 7 – 23)
حياة كلّها معطاءة
كان موت يسوع ، كما كانت حياته كلّها ، في خطّ الذبيحة الحقّة : فلسنا بصدد تقدمة حيوانات في الهيكل ، وإنما بازاء الواقع اليوميّ ، الأمانة على العهد ، وممارسة الكلمات العشر . لقد طبّق المؤلّف على يسوع المزمور 40 : ” لم تشأ ذبيحة ولا قربانا ، لكنّك أعددتَ لي جسدًا ، لم ترض المحرقات ولا الذبائح عن الخطايا ، فقلتُ حينئذ : هائنذا آت ٍ ، اللهمّ ، لإعمل بمشيئتك ” (10 : 5 – 7) . فمنذ الآن ، ليس المهمّ في الذبيحة الدم المسفوك ، بل الحبّ المعاش والمبذول . وهكذا تبدو حياة المسيح برمّتها ” ذبيحة ” ، وليس فقط ساعات الآلام . ذلك أن كيانه كلّه هو فعل حبّ ، وخدمة للاخوة وتكريسٌ للربّ . إنه وجود – من أجل – الآخر .
ليس موت يسوع ، موتَ شهيد ٍ من ألوف الشهداء حسب ؛ إنما هو موت فريد ، لانه موت ابن الله . ذلك أنّ حياته كلها كانت عطاءً حرّا ، في حبّ كامل غير مشروط : حبّ الله الذي عاشه الإنسان يسوع ، وفيما كان ينبغي أن تتجدّد ذبائح الحيوانات كل يوم – ولن تكون سوى محاولات للحصول على الغفران الإلهيّ – تميّزت ذبيحة المسيح بكونها فريدة وفعّالة بشكل تامّ ونهائيّ . فلقد كانت حياته ، كما كان موته ، أساسا لعبادة جديدة ” مرّة واحدة” . تلك هي العبادة الروحيّة التي دُعي كل المعمّدين للإشتراك فيها . بهذا الشكل ، ناشدَ المؤلّف في نهاية رسالته : ” لا تنسوا الإحسان والمشاركة ، فإنّ الله يرتضي مثل هذه الذبائح ” (عبرانيّين 13 :16).
” ” أيّها المسيح المصلوب والمنتصر، إن درب الآلام هي خلاصة حياتك ورمزُ طاعتك لمشيئة الآب وانجاز لمحبتك اللامتناهية حيالنا نحن الخطأة وعربون رسالتك والتحقيق النهائي للوحي وتاريخ الخلاص. إن ثقل صليبك يحررنا من كل أعبائنا. من خلال طاعتك لمشيئة الآب ندرك عصياننا وتمردنا. نرى فيك، يا من تعرضت للخيانة والصلب من قبل خاصتك وأحبائك، خيانتنا اليومية وعدم أمانتنا الاعتيادية. في براءتك، أيها الحمل المذبوح، نرى ذنوبنا. في وجهك الذي تعرض للصفع والبصق والتشويه نرى وحشية خطايانا.
في قسوة آلامك نرى وحشية قلبنا وأعمالنا. في شعورك بأنك متروك نرى كل المتروكين من قبل أقربائهم ومجتمعهم، والمفتقرين إلى الرعاية والتعاضد. في جسدك المعذب والمشوه والمقدم كتضحية نرى أجساد أخوتنا المتروكين على الطرقات، المشوهين بدافع إهمالنا ولامبالاتنا. في عطشك يا رب، نرى عطش أبيك الرحوم الذي شاء من خلالك أن يعانق الإنسانية ويغفر لها ويعتقها. فيك أيها الحب الإلهي نرى اليوم أيضا أخوتنا من يُضطهدون وتُقطع رؤوسهم ويصلبون من أجل إيمانهم بك، أمام أعيننا وغالبا وسط صمتنا المتآمر “” (البابا فرنسيس) .
المراجع
قراءة في العهد الجديد ،أعمال الرسل – الرسائل – الرؤيا (مجموعة من الإختصاصيّين)
كلمة البابا بعد الاحتفال برتبة درب الصليب مساء الجمعة العظيمة 4 – 4 – 2015

Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير