ألا تناقض رحمة الله عدله؟ إليكم جواب واعظ الدار الرسولية

«هذا كله من الله الذي صالحنا بالمسيح وأعطانا خدمة المصالحة، ذلك بأن الله كان في المسيح مصالحا للعالم وغير محاسب لهم على زلاتهم، ومستودعا إيانا كلمة المصالحة. فنحن سفراء في سبيل المسيح وكأن الله يعظ بألسنتنا. فنسألكم باسم المسيح أن تدعوا الله […]

Share this Entry

«هذا كله من الله الذي صالحنا بالمسيح وأعطانا خدمة المصالحة، ذلك بأن الله كان في المسيح مصالحا للعالم وغير محاسب لهم على زلاتهم، ومستودعا إيانا كلمة المصالحة. فنحن سفراء في سبيل المسيح وكأن الله يعظ بألسنتنا. فنسألكم باسم المسيح أن تدعوا الله يصالحكم.ذاك الذي لم يعرف الخطيئة جعله الله خطيئة من أجلنا كيما نصير فيه بر الله. ولما كنا نعمل مع الله، فإننا نناشدكم ألا تنالوا نعمة الله لغير فائدة. فإنه يقول: ’في وقت القبول استجبتك، وفي يوم الخلاص أغثتك‘ . فها هوذا الآن وقت القبول الحسن، وها هوذا الآن يوم الخلاص».
بهذه الآيات افتتح الأب رانييرو كانتالامسا تأمله تأمل الجمعة العظيمة بحضرة البابا في بازيليك القديس بطرس بعد ظهر اليوم، مشيرًا إلى أن المصالحة التي يدعو إليها الرسول ليست “المصالحة التاريخية” التي تمت على الصليب، ولا حتى “المصالحة الأسرارية” التي تتم مع سر العماد وسر المصالحة، بل هي “المصالحة الوجودية والشخصية التي يجب أن تتم في الحاضر”. يوم الخلاص هو اليوم، هو في سنة الرحمة التي نعيشها.
ولكن ما معنى الحديث عن مصالحة وجودية ونفسية مع الله؟
لعل أكثر أسباب ابتعاد الإنسان المعاصر عن الله هي صورة الله المشوهة في ذهنه. فلكي نكتشف أية صورة لله كامنة في اللاوعي الجماعي، يكفي أن ننظر إلى الأفكار، العواطف، وإلى ردات الفعل التي تتولد فينا عندما نصل إلى طلبة “لتكن مشيئتك” في الصلاة الربية.
وكأن فمن يقول هذه الطلبة ينحني مستسلمًا ومستعدًا للأسوأ. فبشكل لا وعي، نربط إرادة الله بأمر غير مرغوب ومؤلم. كما ولو كان الله عدو كل عيد وفرحة ولذة.
ننظر إلى الله كالكائن الأسمى، رب الزمن والتاريخ، ككائن يسن القوانين ويفرضها على الأفراد من الخارج، بدل أن ننظر إليه كإرادة حب تريد سعادة الإنسان مصادقًا على كلمات جان بول سارتر: “حيث يولد الله يموت الإنسان”.
سنة الرحمة هي الفرصة الذهبية لنعيد صورة الله الكتابية الحقة إلى المحور، حيث الله لا يقوم بأعمال رحمة وحسب، بل هو رحمة بجوهره.
فقط في الثالوث الأقدس حب الله ليس رحمة. فمحبة الآب للابن ليست تنازلاً أو رحمة، بل هي ضرورة. حبه للابن هو جوهر هويته الأبوية. ولكن عندما يخلق الله الإنسان، فمحبته نحو الإنسان هي نعمة ورحمة. وخطيئة الإنسان لا تبدّل طبيعة هذا الحب. فهذا الحب الموهوب يضحي حبًا غافرًا للخطايا. «إني ربيت بنين وكبرتهم لكنهم تمردوا علي» (أش 1، 2).
ماذا عن عدالة الله؟
غالبًا ما نظن أن العدالة الإلهية هي عدالة دنيوية، عدالة توزيعية وعدالة دينونة. ولكن الكتاب المقدس يكشف لنا أن عدالة الله هي عدالة تجعلنا أبرارًا. يكتب القديس بولس: «فلما ظهرت عدالة الله مخلصنا ومحبته للبشر، لم ينظر إلى أعمال بر عملناها نحن، بل على قدر رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني والتجديد من الروح القدس الذي أفاضه علينا وافرا بيسوع المسيح مخلصنا، حتى نبرر بنعمته فنصير، بحسب الرجاء، ورثة الحياة الأبدية» (تي 3، 4-7). وأيضًا: «ولكن الله الواسع الرحمة، لحبه الشديد الذي أحبنا به، مع أننا كنا أمواتا بزلاتنا، أحيانا مع المسيح ’بالنعمة نلتم الخلاص‘ وأقامنا معه وأجلسنا معه في السموات في المسيح يسوع» (أف 2، 4 – 6).
فعندما نتحدث عن اعتلان عدالة الله، نتحدث عن صلاحه ولطفه وطيبته روحمته. عدالة الله لا تناقض رحمته، بل تتكون منها.
وشرح الأب كانتالامسا أن «ما يناقض الرحمة ليس العدالة، بل رغبة الانتقام. يسوع لم يقم تعارضًا بين الرحمة والعدالة، بل بين الرحمة وقانون الانتقام ’العين بالعين والسن بالسن‘. فمن خلال غفران الخطايا، لا يتخلى الله عن العدالة، بل عن الانتقام؛ لا يريد موت الخاطئ بل أن يتوب ويحيا (راجع حز 18، 23)».

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير