البطريرك لحام: طريق القيامة .طريق القدس! طريق دمشق!

ترأس بطريرك انطاكية وسائر المشرق والاسكندرية واورشليم للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام قداس الفصح في كاتدرائية سيدة النياح_دمشق وسط حضور شعبي، بمشاركة الآباء الكهنة وحضور من مختلف الطوائف المسيحية وغير المسيحية في سوريا. وبعد تلاوة الانجيل المقدس، ألقى غبطته عظة جاء […]

Share this Entry

ترأس بطريرك انطاكية وسائر المشرق والاسكندرية واورشليم للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام قداس الفصح في كاتدرائية سيدة النياح_دمشق وسط حضور شعبي، بمشاركة الآباء الكهنة وحضور من مختلف الطوائف المسيحية وغير المسيحية في سوريا. وبعد تلاوة الانجيل المقدس، ألقى غبطته عظة جاء فيها:”
طريق القيامة .طريق القدس! طريق دمشق!
الفصح هو طريق وعبور
الفصح هو عبور، هو طريق الحياة. الفصح، العيد الأساسيَّ في اليهوديَّة وفي المسيحيَّة، هو الطريق! هو ذكرى طريق الشعوب إلى الحريَّة، إلى الحياة! يقول بولس الرسول: “ليس لنا ههنا مدينة باقية، بل ننتظر المدينة التي الله بانيها” (عبرانين 13: 14)
يسوع سار على طرقات فلسطين مع تلاميذه، مع الشعوب الفقيرة التي كانت تأتي إليه، وتتبعه… ويسير مع إنسانِ اليوم. الإلهُ بعينه الذي سار على طريق شعب العهد القديم، هو عيُنه المسيحُ الطريق، والذي سار مع لوقا وكلاوبا على طريق عمواص، هو نفسه يسيرُ معنا اليوم. يسوع نفسه الذي ظهر لشاول (بولس) على طريق دمشق، هو نفسه يسير معنا اليوم. وكما غيَّر شاول إلى بولس، هو يسير معنا على درب القيامة، درب الحياة الجديدة.
المسيح القائم على طريق دمشق
المسيح على طريق دمشق، ليلاقي شاول المضطهِد، لكي يغيِّر مسرى طريقه وفكره، ورؤيته، وحياته… والتقى شاولُ المسيحَ القائم من بين الأموات، على طريق دمشق، تمامًا كما التقى به التلميذان لوقا وكلاوبا على الطريق في فلسطين. طريق فلسطين هي طريق دمشق، وطريق دمشق هي طريق فلسطين، وطريق القدس.
والله يسير، ويريد أن يسير على طرق جميع النَّاس، كلِّ النَّاس، وكلِّ إنسان. لأنَّه هو المنيرُ لكلِّ إنسان أتٍ إلى العالم. حتى الذين ليسوا على طريق يسوع، ولا يعرفون يسوع، ولا يعرفون أنَّه الطَّريق، فهو
طريق القدس: طريق القيامة
كلُّنا بحاجة إلى طريق القدس، وأن نلتقي المسيح على طريق القدس، وكذلك على طريق دمشق! فطريق دمشق، وطريق القدس هما طريقُ القيامة. وكلّنا نحتاج إلى هذا اللِّقاء مع المسيح القائم من بين الأموات، سواء على طريق القدس، أو على طريق دمشق، وعلى كلِّ طرقات ودروب حياتنا.
اليوم وأمام مآسي شعوب بلادنا المشرقيَّة، لاسيَّما في سوريَّة والعراق، نحن كلُّنا نسيرُ على درب الجلجلة، درب الصليب… ولكن كما أنَّ دربَ الصليب انتهى بالجلجلة، والقيامة، هكذا نصلِّي لكي نصل من خلال درب الصليب في سوريَّة خاصَّة إلى أفراح القيامة.
وبهذا المعنى قال قداسة البابا فرنسيس أثناء زيارته، وحجِّه إلى الأردن (24 آيار 2014): “هناك مفتاحان للسلام في المنطقة وفي العالم: حلٌّ توافقيٌّ شاملٌ للأزمة في سورية. والعدالةُ للفلسطينيين”. وهكذا ربط قداسته طريق القدس بطريق دمشق… فأصبحت اليوم طريق دمشق هي الطريق لسلام العالم، السلام لبلادنا وللعالم أجمع!
طريق دمشق: طريق السلام
واليوم نشعر أنَّ طريق القيامة يمرُّ بدمشق وسوريَّة، ومنها إلى الشرق، وإلى العالم بأسره. بأسفٍ وبعد خمس سنواتٍ من العنفِ، والحربِ، والدَّمارِ، والدِّماءِ، يكتشف العالم طريق دمشق، وطريق القدس، وطريق فلسطين. طرقاتٌ مترابطة! إنَّها طرقاتٌ أكثرُ أهميَّة من طريق الحرير، وطريق البترول، وطريق الغاز، وطريق المصالح. إنَّها طريقُ الإيمان، والقيم الإيمانيٍّة، والحضارة، والتراث. طريقُ شاول! طريقُ بولس ابن دمشق الروحيِّ! وطريقُ القيامة!
إنَّنا أيادٍ ضارعة لكي يكتشف العالم هذه الحقيقة، الروحيَّة الإيمانيَّة، وليس السياسيَّة، أنَّ طريق السلام هي طريق دمشق! وأنَّ طريق القيامة للشعب السوريِّ، ولشعوب المنطقة هو دمشق! وطريق القيامة للعالم بأسره هو طريق دمشق! طريق بولس! طريق القيامة! طريق الحياة! طريق المحبَّة! طريق السلام!
 دول العالم كلُّها على الطريق معًا!           
معًا على الطريق! هذا هو واقع حياتنا كبشرٍ على هذه الارض. كلُّنا على دروب الحياة سائرون معًا! والعِبرَة أن نسيرَ مع الله، ومع إخوتنا البشر، ولأجل إخوتنا البشر، لكي تكون لهم الحياةُ، وتكونَ لهم أفضل. هذا ما قاله القديس البابا يوحنا بولس الثاني: “إنَّ جوهر الإنسان أن يكون مع ولأجل” (رسالة السلام 2005). ما أجمل أن نسير معًا: الله معنا، ونحن مع الله، ونحن مع إخوتنا البشر.
كم نحتاج إلى هذا السير معًا، لأجل بناء عالمٍ أفضل، يسود فيه العدل، والمحبَّة، والسلام، والاحترام المتبادل، والتضامن، والتعاضد، والتآخي، والتواصل، والخدمة، والكرم، والسخاء، والعطاء… لكي نبني معًا عالم المحبَّة، وحضارةَ المحبَّة.
جمال الإنجيل… قوة الإنجيل…
هذه هي القيامة الحقيقيَّة: المسيح قام! والرسل قاموا! بولس قام! ومسيحيُّوا دمشق أصبحوا أبناء القيامة، وهو حسب التقليد اللَّقب الذي أُطلِقَ على مسيحييِّ المشرق عمومًا.
حقًا إنَّ المسيحيَّة الشرقيَّة هي ثمرة لقاء المسيح القائم على الطريق، طريق عمَّاوص، طريق القدس، طريق دمشق، طريق انطاكيا، ومنها إلى طريق آسيا، واليونان، ومكدونية وأخيرًا إلى طريق روما، والغرب بأسره.
المسيح يسير على دربكَ، معكَ، إلى جانبكَ، ألا اكتشفتَه؟ ألا شعرتَ بقربه؟ إنَّه قام لأجلِكَ، ويريد أن يشركَكَ بقيامته، ويصبحَ طريقُكَ طريقَ حياةٍ، وأملٍ ورجاء، وفرحٍ، وتفاؤلٍ، وشجاعةٍ، وإقدام.
أُخرجوا يا مؤمنون إلى استقبال القيامة! هكذا تدعونا صلواتنا الطقسيَّة، هذا هو أملنا لبلادنا المشرقيَّة المتألِّمة السائرة على درب صليبٍ مؤلمٍ دامٍ. لاسيَّما في العراق، في سوريَّة، في فلسطين، في لبنان، ومصر، وليبيا، واليمن، إلى هذه البلاد جميعًا نزُفُّ فرح القيامة!
المسيحُ ولدَ في فلسطين! والمسيحيَّة ولدَت في سوريَّة، في بلادنا المشرقيَّة. ولدَت المسيحيَّة على الطريق، على الصليب، وانتشرت بالقيامة! إنَّها بشرى القيامة لكلِّ الناس! القيامة كانت الكلمةَ الفصلَ في انتشار المسيحيَّة كما يقول بولس الرسول: “وإنْ كانَ المسيح لم يقمْ، فتبشيرُنا باطلٌ، وإيمانكم أيضا باطل. بل نكون عندئذ شهودَ زورٍ على الله، لأنَّنا شهدنا على الله أنَّه قد أقام المسيح وهو لم يُقِمْهُ، هذا إن صح أنَّ الأموات لا يقومون.  فإذا كان الأموات لا يقومون، فالمسيح لم يقمْ أيضًا. وإذا لم يكن المسيح قد قام، فإيمانكم باطل ولا تزالون بعدُ في خطاياكم” (1كو 15: 14- 17)
ليكن يسوع معكَ، وعلى طريقكَ! خاطبْه بالتوِّيتِر، وفايَبر، وفيسْ بوك! كلُّ الطرق معه على الطريق! أدعوكم ألاَّ تكتفوا بالأصدقاء والحبايب في الفيس بوك، بل ليكن يسوع دائمًا معكم. اعملوا مشاركة(share)  مع يسوع! واعملوا له ليك (like)!
معايدة!
بهذه الآمال والآفاق، آفاق وآمال القيامة، أُنهي هذه الرِّسالة، وأقدِّم التهاني لكلِّ من يقرأها. وبخاصَّة لإخوتي السادة الأساقفة الموقَّرين، ولإخوتي، وأبنائي، وبناتي من الكهنة، والرُّهبان، والرَّاهبات، وجميع أبناء وبنات كنيسة الرُّوم الملكيِّين الكاثوليك في مشرقنا العربيِّ، مَهدِ المسيحيَّة، أرض القيامة، وفي العالم أجمع، وإلى جميع المواطنين!  ولنبقَ نحافظُ على لقبِ الآباء والأجداد، فنكون حقًا أبناء القيامة، وأبناء الحياة، وأبناء النهار، وأبناء النور.
ونرفع الدُّعاء إلى المخلِّص القائم من بين الأموات، هو إلهُ السلام، أن يدخل إلى كلِّ بيت، وإلى كلِّ مدينة، وإلى كلِّ قلبٍ متألِّم، وإلى كلِّ جبهة قتال، وإلى كلِّ معقل وخندق قتال، ونفق إرهابي، ويقول للجميع كما قال لتلاميذه بعد القيامة: السلام لكم! أنا هو الطريق إلى السلام! أنا الطريق إلى الحق! أنا الطريق إلى الحياة! لا تخافوا أنا معكم إلى انقضاء الدهر!
وكل عام وأنتم بخير!
المسيح قام! حقًا قام!
 

Share this Entry

الراهب بولس رزق الفرنسيسكاني

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير