titulus crucis - wikimedia commons

الكتابة فوق الصليب " يسوع الناصريّ ملكُ اليهود ". هل هي كتابة نصر أم إخفاق ؟!

يبدو الأمر ثانويّا ، لا أهميّة له – فالمعضلة الحقيقيّة هي أن يموت إنسان ظلمًا على الصليب ، ومع ذلك فإن له ، في نظرة يوحنا ، معنى خاصّا . يقول الكاردينال  كارلو مارتيني : يمثّل بيلاطس السلطة العليا في ذلك الزمان […]

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

يبدو الأمر ثانويّا ، لا أهميّة له – فالمعضلة الحقيقيّة هي أن يموت إنسان ظلمًا على الصليب ، ومع ذلك فإن له ، في نظرة يوحنا ، معنى خاصّا . يقول الكاردينال  كارلو مارتيني : يمثّل بيلاطس السلطة العليا في ذلك الزمان ، على الصعيدين المدنيّ والعسكريّ ،  وكان بوسعه أن يجري ما يعتبره عدلا ، حسب حكمه الشرعيّ الذي يتمتّع  بتخويل .
هناك توضيح مهمّ : لقد جاءت الكتابة التي وضعت فوق رأس يسوع ، باللغات العبريّة واللاتينيّة واليونانيّة . فالعبريّة هي الآراميّة لغة الكتاب المقدّس ؛ واللاتينيّة هي لغة السلطة الرومانيّة المحتلّة ، أما اليونانيّة ، فهي لغة المخاطبات الثقافيّة والتجارية … فماذا تعني هذه الكتابة ؟
يقول الاب دوناسيان ملا اليسوعيّ : إن الكتابة ، في نظر يوحنا ، تعبّر عن حقيقة الحدث العميقة . ” إنها تعلن الشرف ، والجلالة ، ومجد ذاك الذي حُكم عليه بالموت ، وعُلق على الصليب وقد بقي ، رغم ذلك ، ملك اليهود ، ملك الملوك  . فشعارات المسيح ، المرتفعة على الصليبْ ، تطغي ، إذا صحّ التعبير ، على الصليب نفسه ” .
إلاّ أنّ رؤساء الكهنة استاءوا : فهم يرون في هذا النصّ إهانة للشعب الذي يعتبر نفسه مهانا في شخص يسوع (انه ملكهم ، وينتهي به الأمر على الصليبْ ! )  . لكن بيلاطس الذي كان قد بدا على جانب كبير من الخوف والتأرجح والتردّد ، هوّذا يجيب ، بعزم ، أولئك الذين يحتجّون : ” ما كُتب قد كُتب !  . ويرى يوحنا ، في العنوان الممنوح ليسوع ، كلامًا نبويّا حقيقيّا ، وإعلانا ملوكيّا .
ونقول ، مع الكاردينال كارلو مارتينيّ :  إنّ الحقيقة العميقة التي تنطوي على هذا المشهد هي بالضبط ” الملوكيّة المشيحانيّة للكلمة المتجسّد ” . فيسوع هو المسيح الذي كان اسرائيل ينتظره ؛ وعلى الصليب ، أظهر سيادته ، حسب تفسير القديس يوستينس ، وقد تبنّته الليترجيّا : ألربّ يملك بالصليب ، اعترفت السلطة العليا المعاصرة بهذه السيادة .
هكذا تبدو رسالة يوحنا مفارَقة . فحينما نقرأ روايات الآلام ونتأمّل فيها ، نفكّر دومًا في العذراء مريم التي سمعت الملاك يقول لها  : “سيكون عظيمًا وابن العليّ يدعى ، ويوليه الربّ الإله عرش أبيه داود ، ويملك على بيت يعقوب أبد الدهور ، ولن يكون لملكه نهاية ” (لوقا 1 : 31 – 42) .
فالكتابة هي ، إذن ، كتابة النصر ، ونحن مدعوّون إلى فهم الصلب – وهو ، بشريّا ، إخفاق تامّ – كونه في الحقيقة ، الإكتمال الظافر لمصير يسوع .

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير