Jim Forrest - Flickr - CC BY NC ND

"الرحمة على مثال السامري الصالح" (لوقا 10\ 25-37)

كثيراً ما نتكلم عن أعمال الرحمة ونتساءل: هل ما نقوم به هو عمل رحمة أو لا؟  كيف يمكننا عيش الرحمة في حياتنا اليومية؟ كيف يمكننا أن نكون “إنسان محبّ على صورة الله”؟ تعالوا نتأمل بمثل السامري الصالح الذي ساعد “الإنسان المجروح”! “رآه […]

Share this Entry

كثيراً ما نتكلم عن أعمال الرحمة ونتساءل: هل ما نقوم به هو عمل رحمة أو لا؟  كيف يمكننا عيش الرحمة في حياتنا اليومية؟ كيف يمكننا أن نكون “إنسان محبّ على صورة الله”؟
تعالوا نتأمل بمثل السامري الصالح الذي ساعد “الإنسان المجروح”!
“رآه وأشفق عليه” (لوقا 10\33)، المبدأ الأول في عمل الرحمة هو النظر بالقلب وليس بالعقل. نظرة العقل تحلّل من هو الإنسان أمامها، صديق أم عدو، أسود أو أبيض، غني أو فقير، …. وصفات عديدة تضعها على المجروح لتقرر إذا تساعده أم لا. أما نظرة القلب، ترى فقط أمامها “إنسان على صورة الله ومثاله مجروح ومتألم”، نعم، ليس هناك صفة ما، يمكن أن تقلّل من كونه إنسان ويكفي أن يكون إنسان لكي يستحق المحبة. السامري الصالح لم يقول هذا عدو بل قال هذا إنسان فهيا إلى المساعدة. هنا يكون “السامري” قد شارك “المجروح والمتألم” من حبّه.
“دنا منه” (لوقا 10\34)، المبدأ الثاني في عمل الرحمة الدخول إلى واقع المتألم والمحتاج، لا يكفي القول “حرام”. لا يكفي النظر عن بعد والقول “حرام”، والصراخ إلى الله ليساعده، الله قد رآه من خلال عيني “السامري” وكمّل عمله من خلال يديه، فدخل إلى واقع “المتألم والمجروح”. الله والإنسان “المجروح المتألم” لا يحتاجان  إلى الكلام والصلوات فقط، بل يريدان أن ترجمتها بأفعال. هنا “السامري” شارك “المجروح والمتألم” من وقته.
“وأخذ يضمد جراحه ويمسحها بالزيت والخمر”(لوقا 10\34)، المبدأ الثالث في عمل الرحمة، بعد رؤيته كإنسان على صورة الله ومثاله والدخول إلى واقعه، الآن حان البحث عن كيفيّة فصل “المجروح والمتألم” عن خطر الموت حتى لو اضطرَّ “السامري” أن يضع من ماله، من ممتلكاته، من حاجته. هنا “السامري” قد شارك “المجروح والمتألم” من ماديته.
“فوضعه على دابته”(لوقا 10\34)، من بعد ما كان “السامري” مرتاح على دابته، اصبح الإنسان المتألم هو المرتاح، وعلى “السامري” أن يتحمل الآلام، آلام المشي، وتعب السفر و… وهذا المبدأ الرابع. هنا “السامري” شارك”المجروح والمتألم” من راحته.
“وقال لصاحب الفندق مهما أنفقت من زيادة أؤديه لك”(لوقا 10\35)، المبدأ الخامس عمل الرحمة لا ينتهي أبداً، البقاء دائماً على إستعداد لتلبية نداء هذا “المجروح والمتألم” مرّة أخرى من جديد، “فالسامري” جاهز من جديد لكي يشارك بحبه، ووقته، وماديته، وراحته.
في عمل الرحمة شارك “السامري” بحياته، فأصبح “المجروح والمـتألم” قريب له، من عائلته.
هذا هو كمال عمل المحبة، لماذا؟ لأن هذ ما قام به يسوع من عمل رحمة مع الإنسانية، هو عاش هذا المبادئ الخمسة ودعا البشرية لتتشبّه به: “أحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم” “)يو13/34).
كيف قام بها؟؟
رآى الإنسانية متألمة، مجروحة، رازحة تحت ثقل الموت والخطيئة، فنظر إليها وأشفق عليها، نظر إليها نظرة القلب، لم يقل هذا إنسان من تراب لا يستحق، هذا الإنسان قد خان العهد مرات عديدة، هذا الإنسان مجبول بالخطية، كلا، قال هذا الإنسان الذي يحبه قلبي جداً، هذا الذي جبلته على صورتي ومثالي.
فدنا منا، نعم تجسّد في تاريخ البشرية وواقعها، ترك كل مجده وغناه وعرشه، ونزل إلى أعماق واقع البشرية فصار إنساناً مثلها.
وأخذ يضمّد الجراح الجسدية فشفى المرضى، والجراح الروحية فغفر الخطايا، لم يهمه التعب والكد والسهر والركض، كان همّه “الخلاص”.
فحمل الصليب عن البشرية لكي هي ترتاح، حمل خطايا البشرية لكي هي تتقدس، مات عنها، قدم أغلى ما يملك من ماديته جسده وروحه.
صحيح صعد إلى السماء، ولكنه مازال اليوم منكبّ في نجدة البشريّة على الدوام.
فلا نخجل بأن نحب مثل من أحبنا أكثر من ذاته، يسوع المسيح.

Share this Entry

الخوري سامر الياس

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير