شارك الباحث والمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور حمدي مراد، ومدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام الأب رفعت بدر في الاحتفال السنوي الذي أقامه اللقاء الإسلامي المسيحي حول مريم في لبنان، احتفالاً بعيد البشارة الذي يعتبر عيداً وطنياً في لبنان منذ عشرة أعوام.
وعرض الشيخ مراد والأب بدر في مداخلة مشتركة، التجربة الأردنية، وأشارا إلى أن الأردن بلد يتوحد كما لبنان، على كرامة السيدة العذراء، وكذلك على إكرام الرسل، مشيران إلى أن الأردن هو بلد العيش المشترك، فمنذ أعوام قليلة من الثورة العربية الكبرى، والتي يحتفل هذا العام بمئويتها، كان المسيحيون والمسلمون كتفاً إلى كتف، يسهمون في إنشاء إمارة الأردن، التي أصبحت فيما بعد وإلى اليوم المملكة الأردنية الهاشمية.
وفي أول مشاركة أردنية بهذا العيد، نقل المتحدثان “تحيات جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم والشعب الأردني، والأمنيات بالبشارة، وانتشار العيد في العالم العربي، وأن يصبح ليس فقط عيداً لبنانياً وطنياً، وإنما عيداً شرق أوسطي، عيداً يجتمع فيه مسلمو هذه المنطقة ومسيحيوها، من أجل إكرام مريم، الأم التي تجمع، والتي تدعو للسلام في كل هذه المنطقة، لا بل في أرجاء العالم أجمع”.
وأضافا إلى أن الأردن يزخر بالعديد من المواقع الدينية الإسلامية والمسيحية، لافتاً إلى أن التجاور في الحجر، هو تجاورٌ وإخاءٌ بين البشر، وهذا ما يميز الأردن، فمنذ ثمانينات القرن الماضي كان رائداً في الاستضافة والمشاركة في مؤتمرات الحوار الدينية والندوات الفكرية، وأشارا في هذا الميدان إلى المبادرات الأردنية، ومنها رسالة عمّان، وكلمة سواء، وأسبوع الوئام بين الأديان، والمنتدى الكاثوليكي الإسلامي الدائم والمؤتمر الدولي لمناقشة التحديات التي تواجه العرب المسيحيين.
بدوره، ألقى مفتي مدينة صيدا سليم سوسان كلمة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، لفت فيها إلى أن عيد البشارة يدعو الجميع إلى الخروج من الطائفية والمذهبية إلى الدين وسعته وسماحته وبره، ويؤكد أن المودة بين الأطراف في وطن واحد ومجتمع متنوع ليس تقاسماً للحصص وإنما مشاركة حقيقية للمسؤولية والمواطنية والانتماء.
وأكد أن المسلمين والمسيحيين قد عاشوا في الشرق بمحبة وسلام وازدهار جيلاً بعد جيل منذ اكثر من 1400 سنة، مشيراً إلى أن الشرق لن يكون شرقاً من دون هذا العيش المشترك الذي أرست قواعده الرسالات السماوية، وسيبقى هذا العيش ويستمر.
كما ألقى أمين عام اللقاء ناجي الخوري كلمة قال فيها: إنها السنة العاشرة لهذا الاحتفال السنوي المميز الذي جعل من عيد البشارة في لبنان عيداً وطنياً. لقد انطلق من هذا المكان بالذات، ليعم أرجاء الوطن. ومنذ ثلاث سنوات، خرج من ميناء لبنان، ليعم أرجاء المعمورة، ونحن نعمل بكل ما أوتينا، ليصبح هذا اليوم المبارك، يوماً عالمياً لحوار الأديان والثقافات. وفي ختام مداخلته وقف الحاضرون دقيقة صمت حداداً على أرواح ضحايا التفجيرات الإرهابية العديدة في العالم.
وشارك في النسخة العاشرة من الاحتفال لفيف من الشخصيات الدينية والمدنية، منهم ممثل البطريرك بشارة الراعي والمطران سمير مظلوم والسفير البابوي غبريللي كاتشا والأمين العام للقاء المريمي الشيخ د. محمد النقري ووزير الثقافة اللبناني روني عريجي. وتضمن ترانيم وموشحات تلتها فرق من جمعية المبرات الإسلامية، وجمعية “درب مريم”، وترنيمة قدمها المنتدى العالمي للأديان والإنسانية، وترانيم سريانية وأخرى لمبادرين من مدارس الصم والبكم. واختتم اللقاء بدعاء مشترك للسيدة العذراء تلاه رؤساء الوفود معاً، داعين للسلام والمحبة في العالم أجمع.