يعترض البعض على صلوات السبحات كسبحة الوردية أو الرحمة الإلهية و سبحة الروح القدس … و ذلك لأن فيها تكرار؛ و يتحجج هذا البعض بآية ترد في إنجيل متى( 6: 7) فيها يوصي الرب : ”وحينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلا كالأمم، فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم.“
لكن الحقيقة هي أن الرب هنا ينتقد الذين يرددون كلاماً لا ينعكس في حياتهم واقع ملموس، لتبقى صلاتهم كلمات و طقوس يرددونها ترداد أجوف بلا معنى…. كفرض يتابهون أنهم أتموا به “تقواهم”…. إنما هو طبعاً ليس الحال مع الذين يتلون الصلوات المختلفة و ضمنها السبحات حينما يتلونها بنوع من التأمل واللّجاجة، محاولين عيش ما يرددونه من صلوات؛ سيما أن الكتاب المقدس نفسه يطالبنا، باللجاجة في الصلاة، كما أنه يشجعنا على التمتمة باسم الرب في كل آن….
حقاً ما يعيب الصلاة هو عدم صدقها، وليس التكرار!!!
إن الرب المسيح نفسه كرّر صلاته في بستان الزيتون: تقول آية متى ( 26: 44): ” فتركهم ومضى أيضاً وصلى ثالثاً قائلاً ذلك الكلام بعينه “!!! و لا ننسى أن في مزمور 136 الرائع في التسبيح المنعش للنفس تتكرر عبارة (لأن إلى الأبد رحمته) 26 مرة!! هذا لم يمنع أن يُدعى هذا المزمور ب “الهلليل العظيم”، وذلك من أجل طبيعته المُفرحة والتهليليّة التي تفتح باب الرجاء في مراحم الله و خلاصه!!
وأيضاً سفر الرؤيا يخبر بأن الملائكة في السماء لا تتوقف عن تكرار التسبيح : ” ولا تزال نهاراً وليلاً قائلة : قدوس قدوس قدوس الرب الإله القادر على كل شئ الذي كان والكائن والذي يأتي “(سفر الرؤيا 4 : 8).
من الجميل أن ندرك أن الصلاة هي كناية عن صلة مع الرب و مهما كانت الأساليب التي نعتمدها، أتحوي تكرار أم لا تحويه ،هي جيدة حين تعزز هذه الصلة…. يورد لنا لوقا الإنجيلي قصة صلاة إثنين:
واحد عشّار أخذ بإنسحاق القلب يكرر صلاة صغيرة قائلاً: ”أللهم أرحمني أنا الخاطئ “.
أما الآخر فكان فريسي و صلاته أمام الرب كانت مرتجلة. و لكن بحسب الكتاب الأول مضى الى بيته مبرراً بعكس الثاني صاحب القلب المتكبر… فعلّنا نذكر دائماً أن صلاتنا ليست بقائمة قواعد، نستثني منه التكرار لمجرد أنه تكرار…. إن صلاتنا هي علاقة: علاقة حبّ يتجلى فيها معنى الحياة في الله حيث هو محبب أن نكرر كلمات الحب و الحياة !!!
