مسيحنا مختفٍ في هذا العالم ضمن أشخاص “إخوته الأصاغر” الذين نسب نفسه إليهم ، ونسبهم إلى نفسه ، وهم المهملون الذين أعوزهم الملجأ واللقمة والضرورات … لذلك وضع لأجلهم لائحة تحدد فئاتهم من معوزين وعريانين ومرضى ومتألمين ومسجونين ومتغربين … أولئك الذين أُغلقت أمامهم أبواب كثيرة ، لكنه فتح أمامهم باب ملكوته ونسبهم إليه ، وأوصى وأمر كنيسته أن تضعهم في أُولىَ اهتماماتها.
وفي صورة حكم الدينونة الأخير جعل كل من يخدم – المرضى والمحبوسين والغرباء والجائعين والعريانين – يكون قد فعل به “فبي فعلتم” ، أما أولئك الذين صموا آذانهم عن صراخ المساكين ، وطمسوا عيونهم وغضوا الطرف محتقرين الصغار ، سينالون جزاء الرفض “لم تطعموني … لم تسقوني … لم تأووني … لم تكسوني … لم تزوروني” ، لأن من يسعى للعنة تأتيه ، ومن لا يسر بالبركة ويسعى لنوالها تتباعد عنه.
كل من يحتقر الغلبان ويحابي أصحاب النفوذ ، مخدوع !! أما الذﻱ يعطي الأصاغر بسخاء ويكرمهم كشخص المسيح ، يفوز بالجعالة والأجرة السماوية . مهتمًا بلحمه وعظامه ، بجسده العريان الجائع الغريب والمشرد ، يصنع الرحمة والستر والصلاح . وقد أطعموا باسمه الجياع وكسوا العريان باسمه ، وسقوا العطشان باسمه، عندما أتى هو مختفيًا فيهم … ما رذلوه أو ردوه فارغًا محسورًا مكسور الخاطر.
عن معروفهم هو يجازيهم ، لأنهم قد بسطوا كفوفهم ومدوا أيديهم للسائلين ، وهم بهذا تلاقوا مع المسيح أينما وكلما وجدوه . فلنبحث عن مسيحنا وعن أنفسنا … وسنجدها في بيوت الفقراء وعشش المساكين وخيام اللاجئين وفي مناطق العشوائيات ، حيث الطرق والسياجات … كي نأتي بهم حتى يمتليء البيت ويصيروا ملء البيت ، في وليمة العرس .
ولنحذر ويحذر كل كاهن ولاوﻱ ، من أن يجتاز تاركًا هؤلاء الذين أُعطوا الأولوية الإلهية ، لأننا نخدم الرأس بخدمتنا للأعضاء ، فلو كنت أتمسك بالرأس لما تركت عني أعضاء الجسد ، وكل من يخدم الرأس (المسيح) السامرﻱ الصالح الحقيقي ، يتمسك أيضًا ويهتم بالكل ناميًا بالله من دون انقسام … حيث الكنيسة هي فندقنا وبيتنا الذﻱ يستقبل الكل ولا يرفض فيه أحد ، لأنها تجمع وتأوﻱ الجميع ، وكل من يصنع البر يصير مقبولاً عنده، وكل من فرق وأعطى المساكين بره يدوم إلى الأبد، وكل من اعتنى بهؤلاء فمهما أنفق “أكثر” فعند رجوع الديان سيوافيه.