إنّ الأب أنطونيو سبادارو كاهن إيطالي يسوعي مقرّب من البابا فرنسيس، يعمل كناشر لمجلّة “الثقافة الكاثوليكية” التي تصدر كلّ شهرين، والتي كان البابا بيوس التاسع قد أسّسها سنة 1850. كما وأنّ الأب سبادارو مؤلّف وضع العديد من الكتب المهمّة والمقالات حول البابا فرنسيس الذي قابله خلال مناسبات مختلفة وعمل معه عن كثب.
وفي الصيف الماضي، بدأ الأب سبادارو بالعمل مع مطبعة “لويولا” في شيكاغو على مشروع يقضي بإرسال جملة “إن استطعت طرح سؤال على البابا فرنسيس، فماذا سيكون؟” لأولاد تمّ جمعهم من حول العالم، بدءاً من المؤسسات التعليمية اليسوعية والرعايا، وصولاً إلى شبكة خاصّة باليسوعيين وأصدقائهم تصل إلى الصين والأرجنتين وبلجيكا وألبانيا وأفريقيا وأستراليا، حتّى إلى مخيّمات اللاجئين السوريين . فتلقّت “لويولا” 260 رسالة من 26 بلداً بـ14 لغة، حملها الأب سبادارو إلى الحبر الأعظم ليختار منها 30 سؤالاً، بهدف جمع الأسئلة والأجوبة في كتاب “عزيزي البابا فرنسيس: البابا يجيب على رسائل من حول العالم”، نُشر في الأوّل من شهر آذار.
وبحسب مقابلة أجراها الأب شون سالاي اليسوعي مع الأب أنطونيو سبادارو، أدّت إلى إعداده المقال الذي نشره موقع americamagazine.org الإلكتروني، سنطّلع على تفاصيل الفكرة خلف الكتاب، وعلى أبرز ما جاء فيه، كما على آراء مختلفة متعلّقة بالكاهن، ضمن مقالين منفصلين.
يقول الأب سبادارو إنّ مطبعة “لويولا” هي التي كانت خلف فكرة الكتاب، إذ اتّصل به مسؤول طالباً لقاءه في روما. فوافق الكاهن وتمكّن بعد ذلك من مخاطبة البابا الذي وافق بدوره مباشرة بعد سماعه الاقتراح. أمّا عن القرّاء المتوقّع جذبهم فيقول الكاهن إنّ الكتاب الذي يضمّ أسئلة لاهوتيّة وأخرى عن الحياة والموت، موجّه للجميع، وليس للأطفال فقط. فالكتاب الذي يخاطب الأولاد يجذب الراشدين أيضاً لسهولة اللغة فيه، ولعمق أفكاره وبساطتها في الوقت نفسه. ويؤكّد البابا فرنسيس على ذلك مشيراً إلى أنّ الأولاد يطرحون أسئلة بغاية الصعوبة، كسؤال راين من كندا: “ماذا كان الله يفعل قبل خلق العالم؟”
وفي هذا السياق، يقول الأب سبادارو إنّ الحبر الأعظم يخاطب أشخاصاً من كلّ الأعمار. لكن عندما يتعلّق الأمر بالأولاد، يدخل صلب الموضوع مباشرة. فالأولاد لا يضعون حدوداً، بل تكون أسئلتهم مباشرة ودقيقة وواضحة، لذا لا يمكن إجابتهم بمبادىء تجريديّة، بل ببساطة ووضوح يرافقهما عطف، سيّما وأنّ الحبر الأعظم يُظهر نفسه كأب، وقد أكّد أنّه يحبّ أن يكون والداً. من هنا، فهو يعتمد الأبوّة والصراحة في أجوبته.
من ناحية أخرى، وخلال لقاء سبادارو بالأب الأقدس للعمل على الأجوبة، وصف الكاهن البابا قائلاً إنّه كان ينظر في الفضاء ويحاول تخيّل الولد الذي طرح عليه السؤال، فرأى سبادارو الاهتمام والحنان على وجهه. كما وأنّ البابا كان يُعير أهمية كبرى للرسمات التي أنجزها الأولاد، إلى درجة أنّ سبادارو أدرك أنّ الأب الأقدس أجاب الأولاد وكأنّهم كانوا أمامه. وأكّد الكاهن اليسوعي أنّه يشعر بتعلّقه بهذا الكتاب أكثر من غيره لأنه عرف كم يحبّ الحبر الأعظم أن يطرح عليه الأولاد أسئلة. ولعلّ السؤال الأبرز هو من ويليام من الولايات المتّحدة: “لو استطعت اجتراح معجزة، ماذا ستكون؟” وبما أنّ البابا يأخذ كلّ ولد على محمل الجدّ، أجاب: “كنت لأشفي الأولاد، كنت لأشفي كلّ ولد”!