Robert Cheaib - theologhia.com

ارميا النبي: الكلمة المرفوضة (2)

يقدم لنا الكتاب مقدمة صغيرة ومعبرة عن النبي ارميا. توضح لنا منذ البداية لماذا ارميا هو نبي الكلمة المرفوضة، او نبي الكلمة المرفوض. ارميا ابن حلقيا من كهنة عناتوت بأرض بنيامين (1/1). ارميا من عائلة كهنوتية مميزة من أهل عناتوت. وهي المنفى، […]

Share this Entry

يقدم لنا الكتاب مقدمة صغيرة ومعبرة عن النبي ارميا. توضح لنا منذ البداية لماذا ارميا هو نبي الكلمة المرفوضة، او نبي الكلمة المرفوض.
ارميا ابن حلقيا من كهنة عناتوت بأرض بنيامين (1/1). ارميا من عائلة كهنوتية مميزة من أهل عناتوت. وهي المنفى، الذي نفي فيه الكاهن ابياتار لأنه ساعد أدونيا على تولى العرش بعد داود ولكنه فشل. فتولى سليمان العرش ونفى ابياتار إلى عناتوت.
ابياتار الكاهن هو أيضا من نسل عالي الكاهن والذي وبخه الرب بشدة لان أبنائه كانوا يصنعوا الشر أمام خيمة الموعد (1 صم 2/22). لذلك عناتوت هي مكان نفي الكهنة الذي غضب الرب عليهم بسبب تحالفاتهم السياسية او تصرفاتهم الأخلاقية. ومنها يأتي ارميا النبي. هو من نسل عائلة كهنوتية، نستطيع القول، مشكوك فيها من كل الجوانب. تم حرمهم من الكهنوت وعزلهم.
والغريب، فعلا الغريب، ان الرب يدعو بالأخص هذا الشخص، بالرغم من أصله وتاريخه العائلي الغير لامع. ارميا المرفوض من شعبه ومن مجلس الكهنة بسبب عائلته واصله يدعوه الرب كي يواجه الشعب وسلطاته وكهنته. ألا يوجد شخص مناسب أكثر لهذه المهمة؟ شخص مقبول من الوسط؟ شخص من عائلة كهنوتية لم تخترقها الخطيئة كي يعلن التوبة بسلطان؟ شخص تربى بين أعمدة الهيكل منذ صغره كي يكون معروف ومحبوب من الجميع؟ لا يوجد؟ لا اعلم. ولكن ما اعلمه أن الرب اختار ارميا.
وبهذا يُصعب الرب دور ارميا قبل البداية. قبل ان يتكلم يضعه في موقع المرفوض. اختاره وهو ليس بمستحق، اختار من في عيني البشر وواقعيا غير كفء. غريب! ولكن لماذا؟ لان هذا هو الرب. فنان في خلق الحسن من العدم، خلق القداسة من عمق موت الخطيئة، لأنه رحيم، لأنه أب، نعم أب، لا يرفض أي من أبنائه.
ولكن لماذا ارميا بعينه؟ من اجل ارميا نفسه. من اجل شعبه. من اجلنا نحن اليوم، كي ندرك ان تاريخنا وماضينا لم يعد له سلطان على مستقبلنا واختياراتنا الآتية. فاليوم والغد هو بيدي الرب واستعدادنا، لم يعد مشروط بالأمس، بإحداث سابقة خير كانت ام شر. انتهت. يبقى الأثر أكيد. ولكن اثر مثل آثار جروح المسيح بعد قيامته، موجودة ولكنها لم تعد سبب للموت بل سبب كي نتعرف عليه. نعم ارميا هو كلمة رجاء لكل من هو محبوس وراء قضبان ماضيه، يبكي عليه فيبكيه، يصارع معه وإذا بهذا الماضي يأسره أكثر ويقتنيه.
لماذا ارميا بعينه؟ دعاه الرب غير مبالي بتعليقات الآخرين، (أتخيل إذا كان متواجد الفيس -بوك وقتها وتم تشير خبر “اختيار ارميا ابن حلقيا كنبي للرب وسط أورشليم” … اي تعليقات كنا سنجدها من الشعب والسلطات وكهنة الهيكل !!!!! ) نعم اختاره الرب غير مبالي بتعليقات الآخرين، وفي هذا تحرر من عبودية “ماذا يفكر الناس بنا؟ ماذا يقولون عنا؟” فنحيا حياة من اجل استعطاف حب وشفقة من حولنا، دون ان نحيا حياتنا او ما هو حلو لنا. نعم اختيار ارميا ابن حلقيا هو هدف صائب، به الرب قادر ان يجعل كل شيء جديد، وإن كان سيظل مرفوض….
ولكن ارميا تأتي دعوته في وقت مميز. كيف؟
هذا ما سنراه في المقالات القادمة – أيام مباركة

Share this Entry

الأب د. هاني باخوم

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير