ما يميّز الرسالة (خصوصًا في الفصل السادس) هو البُعد الشمولي لمرافقة الحالات الخاصة. الكثيرون ممَّن يعيشون شخصيًّا هذه الحالات يتذمّرون ويتأسّفون لأنّ رعاة الكنيسة لا يرافقونهم بشكل مؤاتٍ (مفضلين على سبيل المثال الأمانة للمبادئ القانونيّة على الحسّ الراعويّ). كأخصائيّ شؤون الزواج والعائلة، ما هي النصائح التي تقدّمها على ضوء الإرشاد الرسولي؟
– بما أنّ الكنيسة تدافع عن الحبّ وقدسيته وقدسيّة الحياة وعن الرباط الزوجيّ وديمومته كعلامة لنعمة الله ولقدرة الإنسان على الحبّ بجديّة، لا بدّ لها أن ترافق جميع الأزواج والعائلات لا سيّما المتعثّرين منهم. فالعمل الراعويّ يتطلّب أشخاصًا متمرّسين على “فنّ المرافقة” والتي تكون مستمرة ومطمئنة تحت عنوان “القدرة على التمييز”. فالمرافقة يجب أن تكون نابعة من المحبّة وعدم الإدانة لكي تؤتي ثمارها. فعندما تستقبل المرافقة المتعثّرين وتتفهّم الخلل والضعف، لا بدّ للمرافقين الإحاطة بهم وليس التمسّك فقط بالمبادئ القانونيّة والتوقف عندها، مع ضرورة الولوج إلى نيّة وقلب الثنائي المتعثّر.
إنّ التواصل مع الأشخاص المتعثّرين في علاقتهم الزوجيّة والعائليّة عليهم إمّا طلب المرافقة أو قبولها من قبل الرعاة والعمل معًا على تذليل الصعوبات. فالثقة والتكاشف والحوار والاتصال تساعد على الدخول في حالة من الوعي والإدراك. فالأشخاص مدعوّون لفتح قلوبهم وقبول بعض النصائح والإرشادات وتطبيقها من أجل تخطي معظم الحواجز التي تعيق العودة إلى السلام والطمأنينة.
إنّ الرعاة مدعوّون لمرافقة هؤلاء الأشخاص عن قرب وباهتمام كبير بالرغم من حالتهم المستعصية، لأنّهم أيضًا يشكّلون جسد المسيح السريّ. إنّنا نؤكّد بأنّ المرافقة يجب أن تكون قبل الزواج وبعده ولا تقتصر فقط على الأزواج المتعثّرين بل على معظم الأزواج، أقله في السنوات الأولى. فالمرافقة الفرديّة أو الانخراط في “الجماعات العيليّة” يُسهمان في المحافظة على الرباط المقدّس ونجاحه.
ما هي الخطوات الكنسيّة والراعويّة والعائليّة التي يجب القيام بها كي لا يبقى الإرشاد حبرًا على ورق؟
– أوّد أن أُلفت أنّ الإرشاد لا يقوم فقط على تقديم الحلول، وإنّما يباشر بعمليّة إستباقيّة ووقائيّة لتفادي وقوع الثنائيّ في الخلل أو الضعف. وهذا عندما يذكّر بالمبادئ والقيم والحبّ وإلى آخره. إنّ العمل الراعويّ من خلال تعليم الكنيسة وتوجّهاتها (أي الإرشاد الرسوليّ)، عليه القيام بالتنشئة للشباب الذي يتحضّر للزواج وأيضًا للمتزوّجين.
بالتأكيد المحاضرات والندوات وغيرها حول الإرشاد الرسوليّ تمكّن الرعاة والعائلات بنشر التوعية والتنشئة على الحبّ والتربية على الأخلاق والمبادئ. فالكنيسة تملك الوسائل والطرائق لنشر الإرشاد وتطبيقه. إنّ الإصغاء لكلمة الله من خلال الروح القدس، يساهم في بناء حياة روحيّة ومسيحيّة، لذا العمل الراعويّ يجهد في المساعدة لعيش الإنجيل والشهادة له في العائلات والمجتمع.
أخيرًا لا بدّ من تسليط الضوء على الزيجات الناجحة والعمل مع المجتمع المدنيّ لتحقيق الحبّ المبنيّ على التضحية الذي يقود الأشخاص إلى رفض الفرديّة والانعزال والتفرّد. فالعائلة المبنيّة على الحبّ تؤكّد كلام الإرشاد الرسوليّ وتحقّقه من خلال الشهادة وعيش الزواج الغير القابل للانحلال مُدعمًا بعمل الروح القدس وعيش الإنجيل وتطبيقه.
* * *
الأب نجيب بعقليني
- يحمل إفادة في اللاهوت العقائديّ، ودكتورا في اللاّهوت الراعويّ.
- أخصائي في راعويّة الزواج والعائلة.
- خدم عدّة رعايا كما عمل في الإدارة التربويّة والتعليم: نائب رئيس الجامعة الأنطونيّة، المدير الماليّ والإداريّ للجامعة الأنطونيّة، مدير الجامعة الأنطونيّة فرع زحلة والبقاع، رئيس مدرسة مار روكز الأنطونيّة رياق، مدير المعهد الأنطونيّ بعبدا.
- عمل في الحقل الراعويّ: إصدار كتب ومقالات، مقابلات وبرامج تلفزيونيّة وإذاعيّة، محاضرات وندوات.
- صدر له:
- الطريق إلى الزواج (بالعربيّة والفرنسيّة)
- حبّ واستمرار
- كي نبقى معًا
- لقاء وعهد
- المرأة والتّنمية
- الإعداد لسرّ الزواج في الكنيسة المارونيّة (بالعربيّة والفرنسيّة)