Coalition Forces respond to a car bombing in South Baghdad

WIKIMEDIA COMMONS

قصة الكاهن العراقي الذي غفر لمعذّبيه! (1)

شهادة حياة مؤثّرة

Share this Entry

عام 1998، سيم شاب عراقي كاهنًا على مذابح الرب يُدعى دوغلاس البازي في احتفال كبير وفرِح. تسعة أعوام مضت ليجد الكاهن نفسه مقيّدًا على كرسي، ممروغًا بالعرق والدم. بدأ الاجتياح العراقي في نيسان 2003 وأُطيح بصدام حسين إنما ذاك التدخّل الذي حصل ولّد موجة من العنف الطائفي مع جماعات سنية وشيعية تبحث عن إنهاء بعضها الآخر. وقد رأى المجاهدون الاجتياح الأمريكي وكأنّه حملة صليبية يعاونه المسيحيون العراقيون. وما لبثت أن ازداد اضطهاد المسيحيين يومًا بعد يوم وكان الأب البازي وهو عضو في الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية يعمل بجهد من أجل مساعدة شعبه على تخطي مسألة الهجوم على الكنائس والاختطاف والقتل العشوائي. كان يتوجّه بدراجته إلى الشوارع الضيّقة والمهجورة في بغداد حتى يوصل الأدوية لكلّ السكان. ولم ينسَ أن ينشىء مدرسة للأولاد المسيحيين والمسلمين.

وقد أخبر الأب البازي مؤخرًا: “كنت أرتاد المساجد وألتقي الإمامات وأستمتع بالحديث معهم. حتى إنّ بعض المسلمين ممّن أعرفهم كانوا يحتفظون بصورة لي أسلّم فيها الشهادة لأولادهم ويقولون “إنّ أولادنا يستلمون شهاداتهم من البابا”.

كانت الحياة اليومية بغاية الخطورة وقد نجا الأب البازي من طلقة نارية في رجليه ومن ثلاثة انفجارات، واحد منها في كنيسته. وذكّر: “بكوني كاهن يعيش في بغداد، نشعر أحيانًا وكأننا سنخرج ولن نعود من جديد. وكأنّنا نأخذ تذكرة في اتجاه واحد”. كانت تضمّ رعيته حوالى 2500 عائلة في التسعينيات ليصل عددها إلى 300 شخص.

يوم الأحد 17 تشرين الثاني 2007، وبعد أن أنهى الأب البازي الاحتفال بالقداس الإلهي، قرر أن يلبّي دعوة بعض الأصدقاء. فجأة، توقّفت سيارتان وحاصرتا سيارته وأجبروه على الترجّل منها. هرع رجال ملثمون وجرّوه خارجًا ليضعوه في صندوق السيارة. وقال الأب البازي مخبرًا عن موقفه في ذلك الوقت: “توقّفت السيارة بعد حين وسحبوني من الصندوق وعصبوا عينيّ. ثم وُضعتُ في غرفة خارج المنزل وشعرت بركبة أحدهم تلمس وجهي. كان أنفي مكسورًا وينزف دمًا. وكان قلبي يتخبّط بين ضلوعي وكأنها خرجت من مكانها”.

وصل واحد من خاطفيّ ليمسح أنفي المنزوف وحذّرني من عدم فتح عينيّ وإلاّ فسوف يطلق النار عليّ”. وتابع الأب ليقول: “حاولوا أن يوهموني بأنّه يوجد قضية خاطئة في تحديد الهوية وبأنهم سوف يطلقون سراحي قريبًا”. وما لبث أن أمضى تسعة أيام يعاني العذاب والألم بين أيدي جلاّديه.

هذا وسأل واحد من الخاطفين إن كان بإمكانهم الاتصال بالكنيسة وطلب فدية من أجل إطلاق سراحه. قال واحد منهم: “كم تعتقد سيدفع شعبك من أجل إخراجك من هنا؟ مليون دولار؟” فأجبته: أنا لست رئيس الوزراء. أنا كاهن عادي. لا تتأمّل كثيرًا. ثم عليك أن تنتظر أيامًا قليلة قبل إجراء المكالمة: ستكون أكثر مهنيًا”. فتمتم معلّقًا بسخرية: “عادة، عندما نختطف أحدًا هنا يدافع عن حياته إنما أنت لا يبدو أنك تهتمّ للأمر”.

ثم يخبر الأب البازي: “بعد أن حُرمت من الماء لأيام عديدة بدأت أهلوس ورأيت أمي وأختي والعديد من الناس يمرّون ويسألون: “هل ترغب بالشرب أبتِ؟” وسرعان ما أتى الخاطفون بعد أيام وأعطوني ماءً لأشرب”.

ويتابع الأب ليقول: “كنت أحيانًا كثيرة عدائيًا معهم فكنتُ أقول: “إن كنتم رجالاً تضعون رصاصة في المسدس وتقتلوني”. فكانوا ينهالون عليّ بالضرب عوض ذلك ويسألون “ألا تخاف من الموت؟ وكنتُ أجيب: “الموت بالنسبة إليّ هو مجرّد البداية”.

  •  – يتبع –
Share this Entry

ألين كنعان إيليّا

ألين كنعان إيليا، مُترجمة ومديرة تحرير القسم العربي في وكالة زينيت. حائزة على شهادة تعليمية في الترجمة وعلى دبلوم دراسات عليا متخصّصة في الترجمة من الجامعة اللّبنانية. حائزة على شهادة الثقافة الدينية العُليا من معهد التثقيف الديني العالي. مُترجمة محلَّفة لدى المحاكم. تتقن اللّغة الإيطاليّة

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير