في مقابلته العامة مع المؤمنين يوم أمس استهلّ البابا كلمته وفق ما نقلته إذاعة الفايتكان بالقول: “لقد استمعنا يوم الأربعاء الماضي إلى مثل القاضي والأرملة، حول ضرورة المثابرة في الصّلاة. واليوم وبواسطة مثل آخر، يريد يسوع أن يعلّمنا ما هو الموقف الصحيح للصلاة ولطلب رحمة الآب: كيف ينبغي أن نصلّي، أي الموقف الصّحيح للصّلاة. إنّه مثل الفرّيسيّ والعشّار.” وتابع يقول: “يصعد الرجلان إلى الهيكل للصّلاة ولكنّهما يتصرّفان بشكلين مختلفين جدًّا، وينالان نتائج مُعاكسة. الفرّيسيّ يصلّي “منتصبًا” (الآية ۱۱) ويستعمل كلمات كثيرة. صلاته هي صلاة شكر موجّهة إلى الله ولكنّها في الواقع عرض لاستحقاقاته، بنوع من التّعالي تجاه “الناس الآخرين” الذين يصفهم بأنّهم “سَّرَّاقينَ وظالمِينَ وفاسقِين” على سبيل المثال – ويشير إلى الرّجل الذي كان هناك – “هذا الجابيّ” (الآية ۱۱). وهنا تكمن المشكلة: ذلك الفرّيسيّ يصلّي إلى الله ولكنّه في الواقع ينظر إلى نفسه؛ يصلّي إلى نفسه! وبدلاً من أن يضع الربّ نصب عينيه يضع مرآة. وبالرغم من أنّه في الهيكل فهو لا يشعر بضرورة الإنحناء أمام عظمة الله؛ يقف منتصبًا ويشعر بثقة بذاته كما ولو كان سيّد الهيكل!”
هنا سلط البابا الضوء على ما يلي: “هو يعدّد الأعمال الصالحة التي قام بها: إنّه كامل، يحافظ على الشّريعة أكثر ممّا ينبغي، يصوم “مرّتين في الأسبوع” ويؤدّي “عشر” كلّ ما يملك. بالتّالي، فالفرّيسيّ يُسرّ بمحافظته على الشّرائع أكثر من الصّلاة. ومع ذلك فمواقفه وكلماته بعيدة عن أسلوب تصرّف الله وكلماته، الذي يحبُّ جميع البشر ولا يحتقر الخطأة. فيما هذا الفرّيسيّ يحتقر الخطأة حتى عندما يشير إلى الرّجل الآخر الذي كان هناك. فذاك الفرّيسيّ، إذًا، الذي يعتقد نفسه بارًّا، يتجاهل الوصيّة الأهمّ: محبّة الله والقريب.”
هذا وأضاف فرنسيس وفق الإذاعة عينها قائلا: “لا يكفي إذًا أن نسأل أنفسنا كم نصلّي، وإنّما ينبغي علينا أن نسأل أنفسنا أيضًا كيف نصلّي لا بل كيف هو قلبنا: من المهمّ أن نتفحّصه لنقيِّم الأفكار والمشاعر وننتزع الغرور. ولكنّني أسألكم: هل يمكننا أن نصلّي بغرور؟ لا! ينبغي علينا أن نصلّي فقط أمام الله تمامًا كما نحن، لكنّ هذا الفرّيسيّ كان يصلّي بغرور. جميعنا يُؤخذ بجنون الإيقاع اليوميّ وغالبًا ما نصبح فريسة للمشاعر ومضطربين. من الضروريّ أن نتعلّم كيف نجد مجدّدًا المسيرة نحو قلبنا ونستعيد قيمة الحميميّة والصّمت لأنّ هناك يلتقي بنا الله ويكلّمنا.”
تابع البابا يقول بحسب المصدر عينه : “أمّا العشّار – أي الآخر – فيمثل في الهيكل بروح متواضع وتائب: “ووَقَفَ بَعيداً لا يُريدُ ولا أَن يَرَفعَ عَينَيهِ نَحوَ السَّماء، بل كانَ يَقرَعُ صَدرَه” (الآية ۱۳) وكانت صلاته قصيرة جدًّا، ولم تكن طويلة كصلاة الفرّيسيّ: “الَّلهُمَّ ارحَمني أَنا الخاطئ”. فقط لا غير. “الَّلهُمَّ ارحَمني أَنا الخاطئ”. إنّها صلاة جميلة، أليس كذلك؟ هل يمكننا أن نتلوها معًا ثلاث مرّات؟ لنردّدها: “الَّلهُمَّ ارحَمني أَنا الخاطئ، الَّلهُمَّ ارحَمني أَنا الخاطئ، الَّلهُمَّ ارحَمني أَنا الخاطئ”.”
وختم البابا تعليمه بالقول: “إن كانت صلاة المتكبّر لا تبلغ قلب الله، فتواضع البائس يشرّعه. إنّ الله يملك ضعفًا وهذا الضّعف هو تجاه المتواضعين، فأمام القلب المتواضع يفتح الله قلبه بالكامل. وهذا هو التّواضع الذي تعبّر عنه العذراء مريم في نشيد “تعظّم نفسي الربّ”: “لأَنَّه نَظَرَ إِلى أَمَتِه الوَضيعة… ورَحمَتُه مِن جيلٍ إِلى جيلٍ لِلذَّينَ يَتَقّونَه” (لوقا ۱، ٤٨. ٥٠). لتساعدنا هي بصفتها أمّنا، لنصلّي بقلب متواضع فنردّد مجدّدًا تلك الصّلاة الجّميلة: “الَّلهُمَّ ارحَمني أَنا الخاطئ”. ثلاث مرات: “الَّلهُمَّ ارحَمني أَنا الخاطئ، الَّلهُمَّ ارحَمني أَنا الخاطئ، الَّلهُمَّ ارحَمني أَنا الخاطئ”.”