Pixabay.com - CC0

أنت من تحبه نفسي. تأمل في نشيد الأناشيد (2)

الحب ليس فقط مشاعر وليس فقط قرار، هما حدود النهر ولكنهما ليسا النهر فالنهر يسير بينهما يتمايل مرة على هذا وأخرى على ذاك كي يستمر في السريان.

Share this Entry

من جديد نتوجه لنشيد الحب، لشعر الخلق، نشيد الأناشيد، الذي يخلق فينا ما نسمعه منه. يستغوينا فنستغوى، يأسرنا فنستسلم له ومعه أجد من تحبه نفسي.
يقول الكتاب أن سليمان الحكيم هو الكاتب، وان كان الجميع لا يتفقوا على ذلك. لكن يبقى السؤال لماذا تم نسبه إلى سليمان؟ كي يمنحه قوى؟ صحيح جدا. ولكن لماذا لم ينسبه لداود أو لأي شخص أخر. لماذا سليمان؟ لأنه هو رمز الحكمة. هل يريد الكاتب ان يربط الحكمة بالحب؟
كثير ما نعتقد أن الحب هو عبارة عن مشاعر. اشعر بانجذاب تجاه شخص، أتمتع في الجلوس معه و السماع إليه. يكفي أن أفكر فيه، هذا يكفيني. فالحب هو ما يحرك في مشاعر تجعلني بشكل أو بأخر أتفوق على ما أنا عليه فيدفعني للراحة، للمتعة. أحيانا يكفي أن يذكر اسم الشخص الذي نحبه فنشعر ببرودة تلك النسمة الساخنة التي تهب من القلب، وها هي توحدني تجاهه.
هذا مظهر وجانب من الحب. لكن ليس الحب كله. فالمشاعر قد تنقص في أوقات، لكن يبقى الحب.  إن أسمى  أنواع الحب هو حب الأم. عندما يقول الرب لشعبة انه أبدا لن ينساه: يستخدم صورة مستحيلة ويقول هل تنسى الأم رضيعها؟ وان نسيته أنا لن أنساك. فإذا كانت هذه هي صورة الحب التي نعرفها، فهل هي مشاعر وأحاسيس فقط؟ أي مشاعر لام تستيقظ يوميا في منتصف الليل كي تطعم ابنها، يوم وراء يوم؟ محطمة، متعبة وها هي دموعها تتساقط من الإجهاد وذراعيها تخذلها وفقط حضنها يمنع ابنها من السقوط، اي أحاسيس هناك؟ اي متعة؟ لا توجد ولكن يستمر الحب.
ونعتقد ايضا ان الحب قرار ويجب الالتزام به: فعل إرادة. انا أقرر ويجب على ان أحافظ عليه كي أكون مخلص. هذا حقيقي جداً ولكن ليس كل الحب. بطرس كان يحب المسيح بالفعل. ولكن في لحظة يجد نفسه ينكره. هل هناك بطرس لم يكن يحب المسيح؟ بالتأكيد لا. كان يحب المسيح، لكن كان ينقص شيء لهذا الحب فالحب ليس فقط قرار شخصي. لان الإرادة مثل المشاعر قد تغيب في لحظات ولكن يبقى الحب.
الحب ليس فقط مشاعر وليس فقط قرار، هما حدود النهر ولكنهما ليسا النهر فالنهر يسير بينهما يتمايل مرة على هذا وأخرى على ذاك كي يستمر في السريان .
كلمة حب باليونانية تعني “اجابيو”: “أجا” وتعني الكثير والوفير و “ابي” وتعني من والى و “ايو” الحالة. نعم هذا هو الحب هو حالة الوفرة المستمرة من شخص إلى أخر. هو هذا الكثير الدائم والذي لا ينقص مني إليك. هو كل ما لي وأسلمه لك. واهم ما عندي هو أنا هو حياتي. فالحب هو حياتي المستمرة لك في كل وقت. وقت المتعة أو وقت التعب، وقت الفرح او وقت الحزن، وقت أمانتك أو حتى خيانتك. وقت الإرادة القوية ووقت ضعفها. هذا هو الحب هو أن يمنح الشخص ذاته للآخر في كل وقت ولكل الوقت. هذا هو الحب الذي يتحدث عنه نشيد الأناشيد.
أحبائي هذا الحب هو ثمرة الروح القدس يقول بولس في رسالته إلى أهل غلاطية. والروح القدس هو عطية من الله فلنطلبها كي نتمكن من ان نحب وليس فقط ان نقرر أو ان نشعر.  نحن خلقنا على صورة الله الذي هو حب. فكياننا لا يتحقق وسعادتنا لا تتحقق إلا عندما نحب. أن نفهم هذا ونحيا هكذا اسمه: حكمة. كيف؟
الى مقالات قادمة… ايام مباركة…

Share this Entry

الأب د. هاني باخوم

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير